14/05/2011

مركز الرأي للدراسات
اعداد : المستشار محمد سامي ابو غوش
ايار 2011
كيف يعرف الاقتصاديون تخصصهم ؟ ففكرة إنشــاء المنتدى الاقتصادي العالمى "دافوس" تعود إلى عام 1970، حين وجه كلاوس شواب "وهو أستاذ جامعى سويسري متخصص فى إدارة الأعمال"، الدعوة لمديرى المؤسسات الأوروبية لاجتماع غير رسمي فى مدينة دافوس بســويسرا فى كانون الثاني 1971، كمحــاولة لمواجهة المشــروعات والشركات الأوروبية لتحديات السوق الاقتصادية العالمية.
واليوم ربما كان هذا الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي والذي يحضره كبار رجال الأعمال، وقادة سياسيون، ونخبة من المثقفين والصحفين من كل أنحاء العالم و يعقد أيضا عدد من الإجتماعات الإقليمية طول العام. الاشهر في العالم أجمع كما لو كانت ببساطة "دافوس". أكثر بكثير من مجرد لقاء لزعماء العالم لبحث في العديد من المجالات الاقتصادية في منتجع التزلج السويسري، ولكن هذا الاجتماع السنوي خطط له ان يسهل النظر في أنظمة العالم الاقتصادية ويسهل على دول المشاركة فيه استكشاف الاستراتيجيات والحلول الاقتصادية وليس السياسية التي لها آثار سلبية على إقتصاديات تلك المجموعة.
فلأكثر من أربعة عقود والاجتماع السنوي لقادة الدول الصناعية والحكومية المتنفذه والأوساط الأكاديمية، والمجتمع المدني ووسائل الإعلام كان أكثر من منصة خطابات لا مثيل لها , انما كان جدول أعمال عالمي لايجاد الحلول السياسية لتحفيز الاقتصاد العالمي في بداية كل عام ولايجاد معايير مشتركة للواقع الجديد الذي يعكس حقيقة أننا نعيش في عالم يزداد تعقيدا وترابطا ولكن أيضا يعاني من تآكل القيم والمبادئ المشتركة للدول المتقدمة. ومثال بسيط على ذلك فقد عانت المجتمعات العربية منذ عشرات السنين من وطأة التناقضات والمراهقات التي تغذي الصراع السياسي والاقتصادي العربي بحيث تتغير مفاهيم الملكية والحرية من شكل إلى آخر.
النظام الاقتصادي الاسلامي
‚ و بهذا يجري تفسير أطوار السياسية العربية التاريخية ممثلة في الانتقال من نمط بدائي إلى آخر عبودي الى الإقطاعي، والرأسمالي، والشيوعي والقومي والعرقي وانني اتحدى ان تجد مواطنا عربيا عاديا يفهم الفرق فيما بين تلك الانماط لذلك ترغب الشعوب العربية حاليا بتطبيق النظام الاقتصادي الاسلامي و يفسر علماء الدين علم الاقتصاد على انه علم التوسط والاعتدال بما لا يتصادم مع ثوابت القرآن والسنة والقواعد الكلية فيما يأتيه الناس من نشاط الكسب والإنفاق‚ أي هو علم بيان السلوك الاٌقتصادي السوي الذي غايته النجاة من آفات الدنيا والآخرة‚ وهو ما لا يمكن أن يكون إلا إذا استظل التفكير البشري في ذلك بمنطوق الشرع ومفهومه وكلياته‚ واعتبار الخروج عنه إلى ما يخالفه باطلا لا يفضي إلا إلى باطل.اذن لا يمكن للنظام الاقتصادي الاسلامي ان يتفق مع اية نظام اقتصادي اخر لانه لا يوجد تعريف يُمجمع عليه الاقتصاديين قاطبة‚ بل القاعدة العامه هي الاختلاف سواء من تيار فكري إلى آخر أو داخل نطاق التيار الفكري الواحد او في تفسير مبادئ الاقتصاد والسياسيه بما يتفق مع العقيدة.
لقد كان النمو العالمي في عام 2010 ما يقرب من 9 ? في بعض الدول دون غيرها، ولنأخذ الهند والصين مثالا فقد أصبحت كلتا الدولتين اللتان تتبعان نظام إقتصادي خليط ما بين الراسمالي والشيوعي نموذجا للاقتصاد الآخذ في التوسع بسرعة في سياق مجتمع منفتح وديمقراطي في الهند و شيوعي متسلط في الصين والتحدي الأكبر هو ضمان أن يكون النمو شاملا ومستديما وكلتا الدولتين ايضا عضو في المنتدى الاقتصادي العالمي والذي ويُعد أحد المنابر التى تتبنى العولمة فكيف لهذا الخليط من المبادئ ان يحقق نموا على اختلافها وهذا ما لايمكن تفسيره الا بالاقتصاد مختلط أو الاقتصاد المتوازن هو الاقتصاد الذي يتضمن مجموعة متنوعة من سيطرة القطاع الخاص والعام، مما يعكس خصائص كل من الرأسمالية والاشتراكية يمكن وصفها معظم الاقتصادات المختلطة واقتصادات السوق مع الرقابة التنظيمية القوية، بالإضافة إلى وجود مجموعة متنوعة من الجوانب التي ترعاها الحكومة فالاجتماع الذي يعقده المنتدى يجمع اقطاب الارض من شتى المبادئ المختلفة لايجاد حلول لمبادئ اقتصادية متنافره فالتعريف الاسلامي لمفهوم الاقتصاد يختلف عن التعريف الماركسي وعنه الليبرالي فكيف يمكن تفسير المفسر في المبادئ ؟ فلا يمكن لهذا اللقاء السنوى لرؤساء دول ووزراء وأعضاء برلمانات وإعلاميين وأكاديميين، بالإضافة إلى شركات دولية عابرة للقارات، وممثلى المنظمات غير الحكومية ان يكون اقتصاديا فالحل السياسي المبني على المصالح العليا للدول الكبرى هو البداية في كل شي ومسك الختام لاي اجتماعات ولهذا تكون المؤتمرات الدولية لتكوين تصورات مشتركة حول القضايا السياسيه الدولية والإقليمية الأساسية المطروحة على جدول الأعمال فى كل عام ,فعلى مستوى المؤتمرات السنوية أو الجلسات الاستثنائية "غير العادية"، وهى جلسات شكلت ظاهرة جديدة لانعقاد المنتدى خارج مقره الأصلى سويسرا ولمدة أربعة مرات ( المرة الأولى فى نيويورك "إجتماع سنوى عادي" وذلك للتضامن معها عقب أحداث سبتمبر، ثم ثلاث مرات فى الأردن "استثنائية"
ومثال اخر على الاجتماعات الاقتصادية ذات النكهه السياسيه فقداجتمعت ابرز دول اوروبا واسيا في بروكسل في قمة استغرقت يومين طغى عليها الخلافات التجارية واصلاح صندوق النقد الدولي شكلا على خلفية ازمة دبلوماسية سياسيه دائمة بين بكين وطوكيو. ولم يتضمن الجدول الرسمي لاعمال القمة مسالة سعر صرف العملة الصينية فقد كان هذا هو الشرط الاول لبكين لحضور القمة وهو من المحرمات بالنسبة لبكين، الا ان التوقعات تشير الى ان هذا الموضوع قد احتل حيزا من محادثات رؤساء الدول والحكومات او الممثلين عن 46 بلدا اجتمعوا في العاصمة البلجيكية لممارسة ضغط على الاقل في الكواليس على البلدان الاسيوية خصوصا الصين، لحملها على الكف عن التلاعب بقيمة نقدها بهدف دعم صادراتها وافساح المجال امام الشركات الاوروبية للاستثمار في بلدانها.
السياسات الاقتصادية
وفي السياق نفسه فقد تعهد المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في جلسة الواحد والعشرين من شباط هذا العام بمنع حدوث تقلبات عنيفة في الاقتصاد وعدم تدخل اية قوى خارجية في سعر صرف العمله الصينيه ، وحذر من أن الوضع الاقتصادي عام 2011 سيكون معقدا كما قرر المكتب السياسي خلال اجتماع عقد برئاسة الرئيس الصيني هو جين تاو ، والذي هو أيضا أمين عام اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ، أن الصين يتعين أن تحافظ على استقرار وثبات سياسات الاقتصاد الكلي ، مع تحسين دقة ، ومرونة ، وفعالية هذه السياسات وأن الصين ستواصل تطبيق سياسة مالية نشطة ، وسياسة نقدية حكيمة ، فيما تحاول الموازنة بين النمو الإقتصادي المطرد ، وإعادة الهيكلة الاقتصادية ، والسيطرة على توقعات التضخم.فيما اكد رئيس الوزراء الصيني ون جياباو والذي كان بلا شك نجم القمة الذي يزور بروكسل في اطار جولة في اوروبا، في حديث لشبكة سي ان ان الاخبارية الامريكية ان "الصين لا تسعى الى تحقيق فائض في الميزان التجاري باي ثمن". وعلى العكس فقد شن هجوما مضادا من اليونان حيث طالب اوروبا بالكف عن اعتماد اي سياسة "حمائية" بواسطة تدابير مكافحة التلاعب بقيمة النقد. في حين دعا المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس القوى الاقتصادية العالمية الكبرى الى التعاون لتفادي "حرب عملات" والتي تمنع الاقتصاد العالمي من النهوض حسب تقديره. وتخشى اوروبا من تهميشها بفعل حلف اقتصادي صيني-اميركي يبدو في الافق فقد ابدى رئيس الوزاء الصيني حرصا على توجيه رسالة مطمئنة عندما قال "انا على قناعة بان اوروبا قوية تلعب دورا لا يمكن استبداله وانه لا يوجد صراع مصالح بين الاتحاد الاوروبي والصين بل تكامل بين الجانبين، وان الصين ستعمل على مواصلة انفتاحها" على اوروبا"، مبديا استعداده للمساهمة في استقرار اليورو.
في المقابل هناك نية من قبل الدول الاسيوية المشاركة في مجموعة الحوار بين اسيا واوروبا "اسيم" بغرض دفع الدول الاوروبية على توسيع المشاركة الاسيوية في الهيئة القيادية لصندوق النقد الدولي، في حين تعقد الجمعية العامة لهذه المؤسسة النقدية اجتماعها السنوي وقد اعرب الاتحاد الاوروبي عن استعداده للتنازل عن اثنين من مقاعده في صندوق النقد الدولي لصالح الدول الاسيوية. وهذا اللقاء والذي يعد القناة الرئيسة للحوار المتعدد الأطراف بين آسيا واوروبا منذ عام 1996 وهم أعضاء الاتحاد الاوروبي 27 والدول 10 العشرة الأعضاء في منظمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) اضافة الى الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وباكستان ومنغوليا. وروسيا (العضو المنضم اخيرا الى المجموعة) واستراليا ونيوزيلندا.
اما فيما يخص الشرق الاوسط فقد اعلن المنتدى الاقتصادي العالمي أن اجتماعه السادس حول الشرق الأوسط سيُعقد في الفترة ما بين 21 - 23 تشرين الأول المقبل في منطقة البحر الميت تحت شعار "الإبداع والتغيير: ونحو شرق أوسط متجدد" ويأتي إعلان الموعد الجديد لانعقاد المنتدى في شهر تشرين الأول من العام الحالي، بدلا من أيار (مايو) المقبل بهدف اعطاء وقت كاف للخارطة السياسية لتكون اكثر وضوحا بعد تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين فالوضع ضبابي والرؤية غير واضحة في ظل الثورات المفاجئة للشعوب العربية وبالطبع بعد الاتفاق مع الأردن، البلد المضيف للاجتماع السادس للمنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط، بناء على طلب الفقهاء السياسين المشاركين لإتاحة الفرصة أمام أكبر عدد من قيادات وشخصيات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط والعالم للمشاركة في حوارات المنتدى وجلساته فالغرض سياسي اكثر منه اقتصادي بغرض الاملاءات السياسية بديمقراطية اقتصادية تلائم المناخ والمزاج الاستعماري للدول الكبرى ، وليس كما اشيع عن دراسة أفضل الخيارات الممكنة لتعظيم الفائدة المرجوة من أعمال المنتدى، في ضوء التطورات التي شهدتها المنطقة مؤخراً.
المنتدى والسياسة الاقتصادية
لقد تطور المنتدى حتى وصل إلى الشكل العالمى بعد أن تجاوز رسالته الاقتصادية المحدودة ، وهو ما دفع مؤسسه كلاوس شواب فى عام 1987 إلى تغيير أسمه إلى المنتدى الاقتصادى العالمى "World Economic Forum"، والذى أصبح منذ ذلك التاريخ يتمتع بصفة استشارية فى المجلس الاقتصادى والاجتماعى للأمم المتحدة , واصبح اداة بيد الدول الكبرى للسيطرة على العالم الذي اصبح ميدان سباق للتسلح وللصراع السياسي و الاقتصادي والايدلوجيات ومنذ ان تاسست معظم المنظمات العالمية مثل الامم المتحدة و صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية و البنك الدولي وغيرها وجميع منافع تلك المنظمات تعود بالخير والعافية على الدول المتقدمة سواء كانت صناعية او اقتصادية و بالعكس تعود بالخراب والحروب على الدول الفقيره والصغيره . لقد كان المنتدى متخصصا في إدارة الأعمال والمؤسسات، ثم توسعت الأنشطة لتضم أهم مواضيع الساعة ومتطلبات المستقبل في النواحي الاقتصادية والسياسية والعلمية، وتعتمد الهيئة المنظمة للملتقى سياسة انتقائية للغاية في اختيار الشخصيات التي يقع استدعاؤها في كل دورة.. ويتم الحجز لحضوره قبل عام على الأقل اما الأعضاء فيبلغ عددهم حوالي 1000 عضو يمثلون أكبر شركات اقتصادية على مستوى العالم المشاركون وهم المسئولون السياسيون في الدول المؤثرة عالميا وبعض الممثلين لجماعات المجتمع المدني من أحزاب وغيرهم من المهتمين بالشأن الاقتصادي العالمي .
ان منظومة الثوابت والمبادئ السياسية الغربية المرتبطة بالمجموعات الاقتصادية أو السياسية أو العرقية العالمية, ما هي الا منظومة تعبر عن المصالح الواعية لتلك المجموعات -بهذا المقدار أو ذاك- ولبعض اعضاء حلف شمال الاطلسي والنادي الاقتصادي لمجموعة الدول الثمانية فقط وشعارهم " الفكرة العظيمة " - ستمر السنين والسنين، وفي النهاية ستكون الأرض لنا - على شكل نزعة مضادة للتاريخ, ومقاومة للتغير, ومفككة للمجموعات الاقتصاديه والسياسيه الاخرى وبمعنى اخر ان الايديولوجيا الاقتصادية هي من اشكال التبلور النظري لشكل من أشكال الوعي الزائف للمواطن الغربي فبالنهاية هي ارقام لانهائية في حسابات الشركات والاثرياء في العالم والقاسم المشترك بين جميع الايدولوجيات الاقتصادية أنها تطرح علاقة مركبة بين الواقع والزائف وتحاول تسويغه وتسويقة على انه مصالح دول وفي الواقع ما هو الا مصالح فئات نافذه فالمصالح الاقتصادية لدوله ليست مجرد واقع مادي بل هي واقع إجتماعي وعقائدي روحاني يجب يلبي تطلعات وآمال تلك الشعوب.
لا يمكن تحديد موعد لبداية التفكير بالوحدة الاقتصادية العربية فهي تشبة الوحدة القومية والوطنية التي تعتمد على أفعال رمزية مثل: تحيّة واحترام العلم، النشيد الوطني، المشاركة في التجمع الجماهيري والروح المعنوية ومشيئة العيش المشترك ووحدة المصير والدفاع العربي المشترك وكذلك الوعود الاقتصادية الزائفه والارقام الرمزية للانجازات الاقتصادية العربية فهي مجرد مثاليات ورمزيات بجانب التراث والتاريخ فالارقام التي تم الاعلان عن تحقيقها كمكاسب شعوب خلال الاربعين عام الماضية تبين انها ارقام في حسابات الزعماء الذين كانوا يطلقون الشعارات القومية خصوصا في فترة الستينات والسبعينات من القرن العشرين والدعوة للإنصهار في كتلة ذات سياسة خارجية موحدة، وذات ثقل اقتصادي كبير يقوم على التكامل الاقتصادي والعملة الموحدة وحرية انتقال الأفراد والبضائع بين الأقطار المختلفة وبينما تزداد الملايين في البنوك يزداد عدد الفقراء في تلك الدول ,لقد تماسك الزعماء اقتصاديا وتفككت الشعوب من الفقر والبطالة والاحباط والملل. فقد تبنت معظم الأنظمة العربية بعد اتفاقيات كامب ديفيد شعارات تمجد الانتماء القطري وتضعه في مقدمة الأولويات. وازداد هذا الشعار ظهوراً بعد الفشل الذريع الذي منيت به الأنظمة على صعد التنمية والاقتصاد وزيادة البطالة ومشاكل التعليم والصحة، فأصبحت (الأنظمة) تنمي مشاعر التفرقة وتقيم الجدران بين قطر وآخر فاين نحن من المنتديات الدولية والمنظمات الاقتصادية والسياسية العالمية.