الساعة

ملاحظات على اسس القبول للطلبة في الجامعات الاردنية الرسمية

27/08/2011

مركز الرأي للدراسات

اعداد : حسني عايش

اب 2011

في هذه القراءة يضع المركز بين يدي القاريء والمسؤول مجموعة من الافكار والتي تتعلق بأسس القبول في الجامعات في هذا الوقت تحديدا الذي تتركز فيه الانظار على قائمة القبول التي يتوقع ان تصدر خلال ايام ويعرض المركز هذه الافكار بهدف تحقيق الفائدة للجميع علما ان هذه الافكار كانت قد اودعت مذكرة كان الاستاذ حسني عايش قد قدمها لمجلس التعليم العالي عندما كان عضواً فيه منتقداً ومفنداً كثيراً من الأسس المعتمدة لقبول الطلبة في الجامعات الاردنية الرسمية.
المحرر

1- نتائج امتحان الثانوية العامة الأردنية او ما يعادلها هي المعيار المعلن الأعدل المعتمد- رسمياً - لقبول الطلبة تنافسياً في الجامعات الأردنية الرسمية.

2- غير أنه بمجرد ظهور نتائج هذا الامتحان يتم تجاوزها بأكثر من ثلاثين حصة أو استثناء وكوتا وقائمة، مما يعني عدم الاعتراف ب أو رفض نتائج هذا الامتحان رسمياً. فحسب هذه الأسس يحصل نحو 63% من الطلبة المتقدمين للقبول في الجامعات الرسمية على مقاعدهم بالمحاصصة، أي بالكوتات والاستثناءات والقوائم، ويحصل 37% منهم تقريباً على مقاعدهم بالمعدل في الامتحان. وهكذا تتحول الجامعات الحكومية إلى نوعين من الجامعات: جامعات تقبل طلبة المحاصصة والاستثناءات والقوائم، وجامعات تقبل بالتنافس في التعليم الموازي.

03- مجمل هذه الأسس (السنوية) مخالف مبادئ حقوق الإنسان التي يلتزم بها الأردن، كما يتجلى بانشاء المركز الوطني لحقوق الإنسان، وديوان المظالم... ويجعل القبول في الجامعات الرسمية عسيراً على بقية الناس الذين لا تشملهم هذه الأسس على الرغم من تجاوز معدلاتهم معدلات الذين يقبلون بموجبها.

4- وفي ذلك خفض لمستوى التعليم العالي سنة وراء أخرى، إلى مستوى أضعف الطلبة في قافلة المقبولين.

5- لا تحل مشكلة الطلبة التي صيغت هذه الأسس لتوفير فرص لقبولهم في الجامعات بهذه الطريقة اللاحقة، وإنما تحل مسبقاً في مدارسهم التابعة لوزارة التربية والتعليم المسؤولة عن تعلمهم سنة وراء أخرى. والتي يجب أن تعمل كل ما يمكن أو ما يلزم: تربوياً، وغذائياً، واجتماعياً، وإدارياً... لإنتشال المحرومين منهم من التعليم الجيد، والأخذ بيدهم أولاً بأول لينافسوا بقوة وليلتحقوا بالتعليم العالي عن جدارة ويكونوا فخورين بأنفسهم ومدارسهم. وبهذه المناسبة أنوه بالدور العظيم الذي تقوم به الملكة في دعم المدرسة وتحفيزها وتطويرها بمبادرات مثل مبادرة «مدرستي»، وجوائز التميز للمعلمين والمديرين ودورات لرفع مستواهم التربوي...
لعل التسيب الإداري في المدارس أحد الأسباب الأخرى المهمة لتدهور سوية التعليم. وتغطي عليه وتمرره أسس القبول بالمحاصصة أو الكوتات والاستثناءات والقوائم، وإلا فإن مساءلة فاعله قادرة على رفع السوية. إن مثل أو مثال « مدرسة جسر الشيخ حسين الثانوية الشاملة للبنات» في الأغوار الشمالية واضح وحاسم، فالمدرسة المصنفة في أفقر مناطق الممكة حققت العديد من الإنجازات في العام 2007 بمديرة جادة وملتزمة (السيدة فاطمة خاشوق)، فقد حصلت على المركز الأول في مسابقة الحدائق المدرسية على مستوى المملكة، والمركز الأول في جائزة المسابقة الوطنية الرابعة للروبوت التعليمي على مستوى الأردن والوطن العربي؛ والمستوى الأول في المقالة الأدبية على مستوى اللواء والمركز الثالث في المقالة الأدبية على مستوى إقليم الشمال. لقد تصدت المديرة فاطمة خاشوق للاهمال التعليمي والتقصير الإداري في المدرسة، ووضعت المدرسة على السكة الصحيحة (الغد في 4/2/2010).

6 - إننا بأسس القبول هذه نرفع المسؤولية عن وزارة التربية والتعليم بمستوياتها المختلفة، ونبقي الوضع المتردي في كثير من مدارسها على حاله او نجعله يتردى سنة بعد أخرى. وبذلك لا تنشأ لديها دافعية أو حافز لتطوير التعليم العام: قاعدة التعليم العالي وأساسه. من هناك... من المقدمات والاسباب يجب أن نبدأ لا من هنا. من النهايات والنتائج .

7 - والحقيقة العارية أن كثيراً من مدارس الطلبة هؤلاء أفضل بناءً ومرافق وتجهيزاتٍ وخلفية اجتماعية من مدارس الطلبة (الأكثر؟) حظاً في شرق عمان والرصيفة، والزرقاء المستأجرة أو ذات الفترتين. كما أن مؤهلات المعلمين والمعلمات فيها متماثلة. إنها جامعية. لعل سبب ضعف طلبة تلك المدارس في دروسهم عائد - في جزء كبير منه - إلى أسس القبول نفسها التي تلحقهم بالتعليم العالي ضعافاً فيظلون ضعافاً لأن من يلتحق بالجامعة آمن. لا تشخص نقاط ضعفهم ولا تستدرك فيبقون ضعافاً، ثم يعودون معلمين ومعلمات إلى المدارس التي جاءوا منها وهكذا. إن أسس القبول السنوية هذه تقول للمدارس: هذه بضاعتكم ردت إليكم. وهكذا يدور التعليم كله في حلقة مفرغة لأن نتاجات نظام فرعي فيه تصبح مدخلات نظام فرعي آخر وبالعكس. وهكذا على الدوام.

8- لعل أسس القبول هذه أحد أهم أسباب العنف الجامعي كما تفيد بعض الدراسات.

9- كما أنها تضعف الانتماء والولاء عند كثير من الطلبة الذي لم يقبلوا في التخصصات التي رغبوا فيها، لأن مقاعدهم أعطيت لغيرهم من ذوي معدلات أدنى. كما توسع الهوة بين فئات المجتمع لأنه يوجد رابحون وخاسرون بالجملة والمفرّق. أما الذين يفوزون بالمقاعد بالمحاصصة أي بالكوتا والاستثناء والقوائم فيرون أنه يمكن - بل مسموح - الاعتداء على الحق العام والخاص والتصرف بهما في وضح النهار.

10- لو كانت حصة أو كوتا الرياضة والفنون والموسيقى مفيدة حقاً للوطن، لرأينا أثرها في انجازات رياضية وفنية وموسيقية مثيرة في الجامعات والمدارس. ولكنها لا تحدث فرقاً يذكر بل تظل مجرد وسيلة للقبول في كليات أخرى غير مناظرة للكليات التي يجب أن يلتحقوا بها (كما يُتوقع). وعليه يجب قبول طلبة هذه الموضوعات في غير الكليات المناظرة لها تنافسياً فقط.

11- يحصل أبناؤنا وبناتنا الذين ينجحون في الامتحانات الأجنبية الموازية تنافسياً على المقاعد في التخصصات التي يرغبون فيها في الجامعات الأجنبية كل حسب معدله، أي أنه لا يفرّق بينهم وبين أبناء وبنات بلاد تلك الجامعات في القبول.

12- ما بقيت هذه الأسس قائمة ومعمولاً بها فإنها تتوسع باضطراد، فتقل نسبة المقبولين تنافسياً سنة بعد أخرى، لابتزاز بعض الأفراد المتنفذين والجماعات الضاغطة... للمراجع، للمزيد منها. المثل يقول: إقطع عادة ولا تجرى عادة.»

13- لقد كانت المحاصصة أو الكوتات والاستثناءات والقوائم معمولاً بها في الاتحاد السوفييتي وكتلته، وعدد من البلدان العربية الديكتاتورية... فماذا كانت النتيجة على كل صعيد؟؟! لقد كانت مدّمرة.

14- غير أنه يمكن حل المشكلة على نحو آخر بالإضافة إلى ما جاء في البندين الخامس والسادس وبصورة مقبولة إذا جعلنا قبول الجميع تنافسياً، وقلنا: إن الطلبة الذين يقبلون بموجب المحاصصة أو الكوتات والاستثناءات والقوائم سيحصلون على بعثات كاملة الأوصاف في حالة قبولهم تنافسياً. ويمكن أن ينشأ صندوق خاص لتغطية كلفة هذه البعثات.

15- أو حلها على نحو ثالث من مثل قبول جميع الطلبة الراغبين في التعليم العالي في السنة الأولى في الجامعات وكليات المجتمع جميعاً، لإذاقة الجميع طعم التعليم الجامعي، و-استدراك الضعاف منهم بمساقات خاصة، ثم عقد امتحان قبول جامعي لهم يوزعون بموجبه على التخصصات التي يرغبون فيها.

16- لا تخدم هذه الأسس في نهاية التحليل المصلحة العليا للأردن، ولا تقدر على تكوين قادة المستقبل القادرين على مواجهة التحديات والأخطار الكثر التي تحيط به. وأعتقد أن الطالب الجامعي شبه الأمي الذي ذكره الأستاذ الدكتور سعيد التل - عضو المجلس - في جلسة سابقة الذي يرغب في نيل درجة الماجسير أحد الذين التحقوا بالجامعة وحصلوا على البكالوريوس بأحد هذه الأسس. ولسوف يجد جامعة أردنية تقبله للحصول على الماجستير والدكتوراة وسيحصل عليهما، ويعود إلينا أستاذاً في أحدها أو يصبح مسؤولاً تربوياً كبيراً عن التعليم؛ فلنواجه الحقيقة إذن، ولنتحدث بصراحة، فالأردن القوي المتحد خير للجميع وأبقى.

17- العدل هو أساس الملك، وأفضل النوايا قد تأتي بأسوأ النتائج، وأقصر الطرق ليست - دائماً - أسلم الطرق.

في ضوء هذه الملاحظات فإنني أتحفظ على كثير من هذه الأسسس ولا أوافق عليها.
مع الاحترام