الساعة

الاصلاحات الدستورية .. تلبي الطموحات وتؤسس لمرحلة جديدة

29/09/2011

مركز الرأي للدراسات

اعداد : د. خالد يوسف الزعبي

ايلول 2011

لقد استطاع النظام السياسي الأردني أن ينمو ويتطور بشكل سريع خلال السنوات الماضية منذ تأسيسه وحتى الآن رغم الظروف الصعبة التي واجهته ومحاولة تحجيم دوره السياسي على الساحة العربية والدولية، حتى أن البعض كان يحارب قيام الدولة الأردنية، بحجة أنه لا يوجد مقومات لقيام هذه الدولة»1»
أن الدعوة منا، كانت لغاية الإصلاح في النظام السياسي والقانوني الأردني ولتصحيح المسيرة الديمقراطية والبرلمانية والتعددية السياسية والحزبية، والفصل بين السلطات الدستورية الثلاث التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، واستقلال كل سلطة في عملها عن الآخر، لكن تعاونهما مع بعضهم أمراً ضرورياً في خدمة الوطن والمواطن. حيث لا تستطيع سلطة بمفردها لوحدها أن تعمل ضمن إطار الدولة.

المعارضة السياسية

وحقيقة أن هذه التعديلات الدستورية قد عالجت كافة المطالب التي ينادي بها الشعب الأردني والطبقات المثقفة سياسياً ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والنقابات المهنية، والمختصين من رجال القانون ودكاترة القانون في الجامعات الأردنية ومن المعارضة السياسية الأردنية ومنها بعض الأحزاب السياسية الإسلامية والقومية واليسارية وفئة من الشباب التي لا زالت تنادي وتطمح بإجراء و/أو إدخال بعض الاصلاحات السياسية على الدستور الأردني، ومن أهم مطالبها بأن يتم تكليف الحزب السياسي الذي يحصل على الأكثرية في مقاعد مجلس النواب أو البرلمان الأردني، رئاسة الحكومة و/أو تكليف صاحب أكبر ائتلاف بتشكيل الحكومة وهناك بعض المطالب التي قد تكون المعارضة على حق بها وهي تعمل من خلال الحراك الشعبي بالضغط على البرلمان لإجراء تلك التعديلات الدستورية عليها وأدخلها ولإثبات أن الشعب مصدر السلطات وتنادي المعارضة بأن يتم انتخاب مجلس الأعيان أو يتم تسميته بالمجلس الاستشاري وليس بالتعيين وأنا ضد هذا الاقتراح.

ونرى أن هذه فرصة تاريخية لتعديل بعض أحكام الدستور بحيث تصبح نصوص الدستور عامة ثابتة غير قابلة للاختراق أو التجاوز أو التفسير أو التأويل على أحكامه، انطلاقاً من القاعدة العامة التي تنص ((لا ينكر تغيير الأحكام بتغير الأزمان)) وكذلك القاعدة((ما كان صالح للعمل في السابق قد لا يصلح للمستقبل وذلك بسبب التطور السريع إلا بعد التعديل والتغيير. وأنا أؤمن بأن الدستور الأردني هو القانون الأساسي الأول(2)، وهو من وضع البشر والقانون وضعي ومن السنة أن يتم إدخال التعديلات عليه أو تغير البعض منها بما يحقق مصلحة الشعب الأردني والتطور العلمي والتكنولوجي والقانوني والسياسي، وهذا المطلب ليس عيباً ولا حراماً ولا (خطاً أحمراً) كما يزعم البعض ما دام أن الإصلاح السياسي والتعديل الدستوري لا يضر بمصلحة الوطن والمواطن ولا بأركان النظام السياسي في الأردن.

لأننا نؤمن بالبناء الدستوري وتطوير الحياة الديمقراطية في الأردن ولأن الحديث عن الدستور الأردني وتطويره وتحديثه باعتباره القانون الأساسي في الدفاع عن الحقوق والحريات العامة للمواطنين والذي يرسم الحياة البرلمانية ونحن نؤمن بأن الأفراد التي تعيش على الأرض الأردنية هي عبارة جماعات وعشائر وبدور حل استقرت على هذه الأرض وكانت تتشكل من كافة الأقطار العربية مما دفع البعض بتسميتها (بالمملكة العربية الديمقراطية الأردنية)) لكونها ضمت الجنسيات متعددة من أبناء الوطن العربي، فالدولة إذا هي (مجموعة متجانسة من الأفراد تعيش على وجه الدوام في إقليم معين وتخضع لسلطة عامة منظمة))»3»
ومن خلال اطلاعي على كافة التعديلات الدستورية وعلى المواد والنصوص التي جرى عليها التعديل والإضافة، فإنني وجدّتُ أنها قد جاءت ضمن دراسة معمقة، تلبي طموحات الجميع وكانت ضرورية وأن هذه التعديلات الدستورية، قد جاءت ضمن دراسات معمقة لبعض المختصين ورجال القانون من خلال مساهماتهم الخطية والشفهية التي قدمت إلى اللجنة الملكية التي استفادت منه كثيراً، وأجزم أن التعديلات وبعد الاطلاع عليها ودراساتها في نصوص الدستور المقترح مادة مادة وفقرة فقرة ، أنها تشكل نقلة نوعية ونهضة تاريخية وسياسية في الدستور الأردني في عهد الملك عبد الله الثاني وتسجل له أولاً باعتباره رائد الإصلاح والمحرك له وقائده، وتسجيل اللجنة الملكية شجاعتها وجرئتها في وضع يدها على الخلل بوضع النص الدستوري المقترح وآخذها بمطالب الشعب الأردني والمعارضة السياسية وتحقيق أهدافها.

أهم المقترحات والتعديلات الدستورية

فإن أهم المقترحات والتعديلات الدستورية بنظري وجوهرها الآتية:-

إنشاء المحكمة الدستورية

إنشاء لجنة للإشراف على الانتخابات البرلمانية مستقلة.
ترسيخ التوازن بين السلطات (الحكومة ومجلس النواب) عبر ربط حَّل مجلس النواب باستقالة الحكومة خلال أسبوع واحد وفوراً.
وقف إصدار القوانين المؤقتة من قبل الحكومة إلا في حالات محددة فقط حالة الكوارث الطبيعية وحالة الحرب وحالة النفقات المالية والموازنة وبشرط أن يكون المجلس منحلاً وأن لا تحتمل التأجيل.
محاكمة الوزراء من قبل القضاء والمحاكم المختصة وليس أمام مجلس النواب.
تقديم الطعون بصحة النيابة والنواب لدى المحاكم النظامية وليس إلى مجلس النواب نفسه.
خفض سن الترشيح إلى (25) سنة دعماً للشباب.
دعم العمل الحزبي والسياسي والنقابي لأنها مكونات أساسية ورافعة لتدعيم الأحزاب السياسية والتعددية السياسية وترسيخ ثقافة تداول السلطة عبر الحزب الذي يحصل على أكثر المقاعد في مجلس النواب عرفاً باستلام رئاسة الحكومة.
ترسيخ مبدأ استقلال القضاء والسلطة القضائية كسلطة مستقلة.
محكمة أمن الدولة تقليص اختصاصاتها وصلاحياتها واختصار اختصاصها على جرائم الخيانة العظمى والتجسس والإرهاب وأنا مع إضافة اختصاص المخدرات، لأنه بعكس ذلك سوف تغلق هذه المحكمة لانه لا يوجد بها سوى عدد قليل جداً من القضايا( تجسس وإرهاب وخيانة) وقد لا تتجاوز عدد أصابع اليدين.
احترام الحرية الشخصية وتعزيز دور الأسرة والطفل والشيخوخة والتعليم.
تعزيز دورة مجلس النواب بالتشريع والرقابة وزيادة المدة للدورة من (4) أشهر إلى (6) أشهر.

موقف الدول الأوروبية وأميركا

لقد رحبت الدول الأوربية وأمريكا بهذه التعديلات الدستورية والإصلاح السياسي في الأردن وتم اعتبارها خطوة للأمام نحو الديمقراطية وإعطاء الشعب حقوقه الدستورية، وأن احترام التعديلات الدستورية التي جاءت بها اللجنة الملكية أمراً ضرورياً خاصة وأنها تؤسس لمرحلة ديمقراطية وسياسية جديدة وتعزز مبدأ فصل السلطات واحترام حرية الرأي والتعبير والمشاركة الفاعلة من قبل الشعب في صنع الاستقرار والمستقبل واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، ونحن مع النقد البناء وتقديم الملاحظات والاقتراحات من قبل الغير لإدخال التعديلات الجوهرية على نصوص الدستور.

اللجنة القانونية لمجلس النواب

ومن خلال اطلاعي على بعض ما قدم من مذكرات جديدة وخاصة إلى اللجنة القانونية بمجلس النواب فإنني لم أرى تعديلاً جوهرياً سوى إضافات بسيطة لا ترقى إلى مستوى ما قدم من اللجنة الملكية ولم تكن سوى (كحلة في العين) وقد تكون غير ضرورية لا في المعنى أو المضمون أو الجمال سوى إثبات وجود للبعض.
إن الاقتراحات من قبل اللجنة القانونية في مجلس النواب بإلغاء محكمة العدل العليا وإلغاء محكمة أمن الدولة في غير محله فأنا ضد تلك الاقتراحين للحاجة والضرورة لتلك المحاكم، أما باقي الاقتراحات مثل الثقة للحكومة أو الحجب (النصف+1) وتقديم طرح الثقة من قبل عشرة أعضاء بحجب الثقة فهي جيدة باستثناء الطعن لمحكمة الاستئناف في صحة النيابة، فإنا ضده لأن الأصل أن يقدم إلى محكمة البداية حتى ينسجم مع قانون الانتخاب، فالاقتراح المقدم من اللجنة الدستورية أفضل وحتى يكتسب مرحلة طعن أخرى أسوة باحترام قواعد المحاكمة العادلة والضمانات.

نؤسس لمرحلة جديدة

في هذه الإصلاحات الدستورية والديمقراطية والتعددية السياسية لأن علينا أن نؤسس لمرحلة جديد سياسية في الأردن وأن نسعى لاستكمال البناء الدستوري والديمقراطي والبرلماني في إنضاج قانون الانتخاب وقانون الأحزاب السياسية، وأن تتقدم بهما لمجلس النواب بعد استكمال مناقشة الإصلاحات الدستورية والتعديلات عليه خاصة بعد أن أعلن جلالة الملك عبد الله عن الانتخابات البلدية هذا العام وعن الانتخابات النيابية العام القادم 2012 .
وهذا يتطلب من الجميع حراكاً شعبياً وحزبياً وسياسياً لإخراج برلمان قوي من الأحزاب السياسية أو الكتل السياسية وترسيخ عرف دستوري وبرلماني أن الأغلبية البرلمانية هي التي تشكل الحكومة، مع إنني ضد أن تكون الحكومة كاملة من النواب، فأنا مع فصل النيابة عن الحكومة، حتى تتم المحاسبة والمراقبة على أعمال الحكومة من قبل مجلس النواب، و/أو تكون مناصفة من داخل البرلمان ومن خارجه.