17/11/2011
مركز الرأي للدراسات
اعداد : احمد ذيبان
17/11/2011
واجهت الجامعة العربية، خلال العام الحالي، أكبر تحديات منذ بداية الالفية الثالثة،تتعلق بكيفية التعاطي مع أزمات داخلية خطيرة، في غير بلد عربي اعضاء في الجامعة،وربما كان مبررا ان تتسم مواقف الجامعة ازاء تلك الازمات، بالحذر والتردد والحيرة، ذلك ان ما يجري هو صراع داخلي بين طرفين، الاول نظم حاكمة هي وفقا لميثاق الجامعة « الممثل الشرعي» لشعوبها، والطرف الاخر يتمثل في ثورات وانتفاضات شعبية ضد تلك النظم، كما حصل في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا،اذ استمرت مواقف الجامعة في حالتي تونس ومصر مرتبكة تراقب ما ستسفر عنه المواجهة، الى ان حسم الامر برحيل النظامين الحاكمين في البلدين، حيث اصبح من السهل على الجامعة، اعلان موقف مؤيد للواقع الجديد في تونس ومصر، وبدء عملية بناء نظام سياسي جديد يلبي مصالح الشعبين.
وعلى نفس الطريق سارت الجامعة، بشأن أزمة اليمن التي لم تحسم حتى الان، بعد مرور أكثر من ثمانية اشهر على انطلاق الثورة، واكتفت الجامعة باصدار تصريحات وبيانات عامة تدعو لوقف العنف والحوار والاصلاح، دون ان تتخذ موقفا حاسما الى جانب الشعب اليمني، لكن اللافت والمفاجيء ان الجامعة العربية، اتخذت موقفا مختلفا بشأن الأزمة الليبية، اذ انها منذ البداية ادانت لجوء نظام القذافي للقوة الغاشمة، ضد المحتجين والمدنيين العزل،مستخدما الطائرات المقاتلة والاسلحة الثقيلة، وقررت تعليق مشاركة النظام الليبي في مختلف انشطة الجامعة، مستندة الى حقيقة ان سلوك نظام القذافي ضد شعبه، وصل الى درجة ارتكاب مجازر وجرائم ابادة جماعية، وعليه تطور الموقف في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية بتاريخ» 22 شباط 2011» الى مرحلة متقدمة، بنزع الشرعية العربية عن نظام القذافي، وفتح قنوات اتصال مع المعارضة ممثلة بالمجلس الوطني الانتقالي الذي شكله الثوار، وتقديم طلب عربي الى مجلس الامن الدولي، لفرض حظر جوي على ليبيا، تحت عنوان حماية المدنيين ومنع طائرات القذافي من مواصلة قصف المنشات وقتل المواطنين العزل، وكان الأحرى ان يقوم العرب انفسهم بحماية المدنيين الليبيين، وتقديم دعم لوجستي للمدن والمناطق التي تتعرض للقصف لتجنب التدخل الخارجي، وما ينطوي عليه من مخاوف واحتمالات مجهولة،لكن العمل العربي المشترك، لم يتطور سياسيا الى هذه المرحلة من التدخل،ولا تتوفر الامكانيات واليات العمل اللازمة لمثل هذه الخطوة، كما ان دول الجوار وخاصة مصر وتونس تواجهان ظروفا استثنائية، وتمران بمرحلة انتقالية، واولويتهما اعادة الاستقرار والامن، وبناء نظام سياسي جديد .
تعليق العضوية يتطلب الإجماع
هذا الموقف المتقدم للجامعة العربية أثار دهشة المراقبين، ذلك ان تركيبة الجامعة والية اتخاذ القرارات فيها تقوم على التوافق والاجماع، وقرار بمستوى تعليق عضوية دولة عضو فيها، ينحاز الى الاحتجاجات الشعبية ضد نظام القذافي
- وهو بالمناسبة الرئيس الدوري للقمة العربية - كان مفاجئا واثار العديد من الاسئلة بشان القوة الدافعة للجامعة، فتعليق العضوية يتطلب حسب ميثاق الجامعة الى الاجماع وهو ما لم يحصل اذ اتخذ القرار بالأغلبية، لكن ينبغي ملاحظة ان ما شجع المجلس الوزاري العربي على تعليق عضوية ليبيا، ان نظام القذافي كان شاذا في سياساته وتصرفاته المتناقضة والغريبة،وطالما كان نظامه مستفزا وعبئا على العمل العربي المشترك،ولا احد من زملائه الحكام يأسف عليه .
وكانت المفاجأة الاكبر، قرار الجامعة بتعليق عضوية سوريا يوم «14 تشرين الثاني 2011»، بعد مماطلة النظام السوري في تنفيذ مبادرة الجامعة، التي تطالبه بوقف قتل المدنيين والاستجابة لمطالبات شعبه بالاصلاح والحرية،وهو ايضا قرار مخالف من الناحية النظرية للميثاق حيث لم يتخذ بالاجماع، اذ حصل القرار على تأييد «19 صوتا» ومعارضة صوتين»لبنان واليمن «،وفي هذه الحالة لا يحسب صوت الدولة المستهدفة بالقرار»سوريا» .ومن الواضح ان ثمة العديد من العناصر التي شجعت الجامعة على اتخاذ هذا القرار، رغم ان بعض المراقبين رأى فيه مغامرة وبداية لتدويل الازمة السورية وربما عسكرتها، وبين هذه العناصر امعان النظام السوري في قمع الاحتجاجات واستخدام قوة الجيش ومختلف الاجهزة الامنية بلا رحمة ضد المدنيين،واستهتاره بردود الفعل العربية والدولية المنددة والدعوات للاحتكام للعقل واجراء اصلاحات، وتزايد عزلته اقليميا ودوليا، وثانيا صمود الشعب السوري المدهش في مواجهة قمع النظام ومواصلة الاحتجاجات السلمية، ثم نجاح الجهد العربي في الاسهام باسقاط نظام القذافي، رغم تلوث الثورة الليبية بالتدخل العسكري لحلف شمال الاطلسي .
كان قرار تعليق عضوية سوريا صادما لنظام الاسد،وجاءت ردود الفعل الاولية متوترة تضمنت كيل الشتائم للجامعة والعمل العربي المشترك،واعتبرت دمشق القرار غير قانوني ومخالف للميثاق،ولا جدال في ذلك اذا احتكمنا لما هو مكتوب على الورق، بعيدا عن التحديات الهائلة التي تفرضه المعطيات على الارض،لكن من المفيد التذكير بان تدخل النظام السوري العسكري في لبنان عام 1976، كان بقرار من الجامعة لكنه ليس بالاجماع ايضا !.وكانت مشاركة سوريا في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة الاميركية، لشن الحرب على العراق عام 1991، بناء على قرار من مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة التي ترأسها الرئيس المصري السابق حسني مبارك،لكنه لم يكن قرارا بالاجماع !.
كانت الحالة الوحيدة التي اتخذت فيها الجامعة العربية، قرارا بتعليق عضوية احد اعضائها عام 1979،عندما علقت عضوية مصر بعد توقيع نظام السادات اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل،وتم نقل مقر الجامعة من القاهرة الى تونس، كما تم انتخاب امين عام جديد غير مصري لاول مرة من بلد المقر الجديد هو «الشاذلي القليبي» قبل ان تعود عضوية مصر للجامعة عام 1989 ثم يعود مقرها الى القاهرة، وينتخب امين عام مصري جديد .
تطور التفكير السياسي العربي
لا شك ان نموذج تعليق الجامعة عضوية ليبيا وسوريا، تطور لافت في مستوى التفكير السياسي في العمل العربي المشترك،اذ ان القرارين يشكلان في الحقيقة دعما غير مسبوق لارادة الشعوب ضد انظمة قمعية، رغم ما قد يقال من ازدواجية للمعايير في التعاطي مع الاحتجاجات الشعبية في البلدان العربية، ومطالب الشعوب بالاصلاح والديمقراطية والتخلص من الاستبداد ومكافحة الفساد، فموازين القوى داخل منظومة الجامعة تهيمن على قراراتها، وعليه يمكن ملاحظة ان الجامعة، ليست متحمسة للتدخل في الشأن اليمني رغم خطورة الازمة والحاجة الماسة للتدخل، فموقع اليمن استراتيجي بالنسبة للمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي،وتعتبر ان اي تدخل خارجي ينطوي على حساسية بالغة، وهناك مبادرة خليجية مطروحة لمعالجة الملف اليمني، تراوح مكانها منذ اشهر طويلة .
، وفي كل الاحوال فان ما اقدمت عليه الجامعة، في التعاطي مع الملفين الليبي والسوري تطور غير مسبوق لجهة البناء عليه لاجراء اصلاحات جدية في الجامعة، كواجهة للعمل العربي المشترك، الذي تعرض خلال العقود الماضية، لنكسات وتراجع نتيجة للانقسامات والازمات والتحديات الداخلية والخارجية التي واجهت الامة العربية، الامر الذي انعكس بمزيد من الاحباط في وجدان المواطنين العرب، ولا شك ان ذلك كان نتيجة لضعف الارادة السياسية لدى الدول الاعضاء،التي هي من يقرر سياسات الجامعة واستراتيجيات العمل المشترك، اما الامانة العامة واجهزتها والمنظمات التابعة لها فلا تصنع سياسات، بل هي ادوات تنفيذية، تتحمل مسؤولية المتابعة والعمل بشفافية واخلاص، والتنبيه الى متطلبات نجاح المبادرات والمشاريع المشتركة .
ولا بد من التاكيد ان التغيرات العاصفة التي يحدثها الربيع العربي، قد خلقت بيئة سياسية وثقافية جديدة تجاوزت اساليب العمل العربي المشترك البالية، التي هي من مخلفات انظمة الاستبداد والفساد، والتغيير الذي يحدث سواء على صعيد اسقاط انظمة ونشوء غيرها، او لجهة استجابة بقية الانظمة لاستحقاقات الاصلاح وبناء انظمة ديمقراطية تعزيز المشاركة الشعبية في الحكم، يفرض ضرورة الاستجابة للتحديات الجديدة، واحداث نقلة نوعية في ميثاق الجامعة واليات العمل العربي المشترك، بما يتوافق مع الحالة الجديدة ويستجيب لارادة الشعوب ومطالبها بالاصلاح الشامل .
بين الجامعة والاتحاد الأوروبي
كيف يمكن لموقف الجامعة الحازم من الحالتين الليبية والسورية، بالانحياز الى جانب الشعب ضد نظم ظالمة، ان يكون منطلقا لعملية اصلاح لمنظومة العمل العربي المشترك، التي طال انتظارها وظلت تراوح مكانها لفترة طويلة ؟ الى درجة ان العديد من المواطنين العرب، وصلوا الى مرحلة اليأس من امكانية تفعيل العربي المشترك، بما ينعكس على الجميع ايجابيا، خاصة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، فيما يراقب الكثيرون بمرارة النجاحات التي حققها الاتحاد الاوروبي، في تعزيز التعاون بين دوله الى درجة تثير الغيرة، وبين حصاد الجامعة التي سبق تأسيسها الاتحاد الاوروبي باكثر من 47 عاما ؟.
تأسس الاتحاد الاوروبي، بناء على «معاهدة ماستريخت» الموقعة عام 1992،مع ان العديد من افكاره موجودة منذ خمسينات القرن الماضي،بينما اعلن عن تأسيس الجامعة العربية عام 1945،والاتحاد الاوروبي ليس فيدراليا، لكن من اهم مبادئه نقل صلاحيات الدول القومية، الى المؤسسات الدولية الاوروبية، وتبقى هذه المؤسسات محكومة بمقدار الصلاحيات الممنوحة من كل دولة على حدة، وهو نظام سياسي فريد من نوعه في العالم، واهم انجازات الاتحاد الاوروبي اقامة سوق موحد، ذو عملة واحدة هي «اليورو»، الذي تبنت استخدامه 17 دولة، من اصل 27 اعضاء الاتحاد، كما ان للاتحاد سياسة زراعية مشتركة وسياسة صيد موحدة .ويعتمد الاتحاد في بنيته التنظيمية على ثلاثة اجهزة ادارية هي « مجلس الاتحاد الاوروبي،المفوضية الاوروبية،والبرلمان الاوروبي»،وهي مؤسسات فاعلة وليست شكلية كما هو حال بعض مؤسسات العمل العربي المشترك،واحد ابرز انجازات الاتحاد الاوروبي «اتفاقية شينغن «، التي وقعت عام 2005في بلدة تحمل نفس الاسم في لكسمبورغ،وقد أزالت تلك الاتفاقية الحدود بين 22 دولة اوروبية بالكامل، وتسمح لمواطني هذه الدول والمقيمين فيها من الاجانب، بالسفر منها واليها دون قيد او شرط، وتيسر السفر لكل من يريد زيارة اي من تلك البلدان، حيث يكتفي باصدار تأشيرة شينغن واحدة، تمكنه من التنقل بين جميع الدول الموقعة على الاتفاقية بحرية، واين نحن العرب من ذلك، حيث يتطلب التنقل بين الدول الاعضاء في الجامعة اجراءات مرهقة أمنية وادارية، للحصول على التأشيرة ..الى الانتظار طويلا للتحقق من الشخصية، على الحدود والمعابر البرية والجوية والبحرية ؟.
واذا شئنا المقارنة، فان ثمة اختلافا كبيرا بين شروط العضوية، في كل من الجامعة العربية، والاتحاد الاوروبي، فاهم شروط الانضمام للاتحاد، ان تتمتع الدولة المرشحة بمؤسسات مستقلة، تضمن الديمقراطية ودولة القانون، وان تحترم حقوق الانسان وحقوق الاقليات، ووجود نظام اقتصادي فعال يعتمد على اقتصاد السوق، وقادر على التعامل مع المنافسة الموجودة ضمن الاتحاد، وان تقوم الدولة المرشحة بتعديل تشريعاتها وقوانينها بما يتناسب مع التشريعات والقوانين الاوروبية، التي تم وضعها وتبنيها منذ تأسيس الاتحاد.وهي بالتأكيد شروط صارمة، ولذلك فان صعوبات جمة لا تزال تواجه انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي،رغم انها قدمت طلبا رسميا للانضمام منذ عام 1987،وهنا تلعب السياسة دورا في تأخير قبول عضوية تركيا، كونها دولة اسلامية تعترض على انضمامها العديد من الدول الاوروبية بينها فرنسا، بالاضافة الى انها دولة كبيرة تضم 72 مليون نسمة، ما يجعلها في حال قبول عضويتها ثاني اكبر دولة في الاتاحد بعد المانيا، وذلك يؤثر سياسيا على قوة نفوذها وتاثيرها في القرارات الاوروبية .وعلى المستوى الاقتصادي يتوقع البعض ان انضمام تركيا سوف يدفع بعدد كبير من المهاجرين الاتراك، الى بعض دول الاتحاد للبحث عن فرص عمل فيها، الامر الذي قد يزيد معدلات البطالة .
والحالة مختلفة بالنسبة للعضوية في الجامعة العربية،حيث الشروط سهلة، اهمها ان تكون الدولة «عربية ومستقلة»، وقد بلغ عدد الدول الاعضاء الان 22 دولة، وبطبيعة الحال اصبحت العضوية حقا مكتسبا، ولم يعد ثمة حاجة للمزيد خاصة وان المرشحين للانضمام، لا يشكلون اضافة نوعية،بل يحملون معهم اعباء جديدة تثقل العمل العربي المشترك، فهناك مساع لانضمام تشاد وارتيريا، والامين العام السابق عمرو موسى كان متحمسا لذلك، لكونهما من دول الجوار و»العربية» معتمدة هناك لغة رسمية، ولا يستبعد ان تفكر دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن الشمال بطلب انضمام للجامعة .
قرارت الجامعة تتخذ بالإجماع وملزمة لمن يقبلها
المهم هو كيف يمكن تفعيل ميثاق الجامعة ؟ بعض القرارات تتخذ بالاجماع، وهي ملزمة لمن يقبلها، و نطمح بان يتم تطوير الميثاق واليات العمل المشترك، من خلال وضع معايير وشروط مقبولة يتم الالتزام بها، تأخذ بالحسبان مصالح الشعوب، التي كانت الدافع الرئيسي وراء قرار مجلس الجامعة بشأن الازمة الليبية ومن ثم الازمة السورية، عندما ظهر جليا ان النظامين، يشكلان خطرا جديا على شعبيهما، رغم ان الميثاق ينص على ان تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة، نظام الحكم القائم في دول الجامعة الاخرى، وتعتبره حقا من حقوق تلك الدول، وتتعهد بان لا تقوم بعمل يرمي الى تغيير تلك النظم، وتعاطي الجامعة بشان ليبيا وسوريا مخالف نظريا للميثاق، لكن التحديات الميدانية التي فرضتها الثورات الشعبية تجاوزته، وهو يعد نقلة نوعية في التفكير السياسي باتجاه تطوير العمل المشترك، وتجاوز بعض القيود الواردة في الميثاق، الذي يحدد مهمات مجلس الجامعة، بتوثيق الصلات بين الدول وتنسيق خططها السياسية، وصيانة استقلالها وسيادتها من كل اعتداء عليها بالوسائل الممكنة، والتوسط بينها لفض النزاعات .وتعزيز التعاون في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مثل التبادل التجاري والجمارك والعملة وامور الزراعة والصناعة، والشؤون الصحية والمواصلات، وشؤون الجنسية والجوازات والتأشيرات، وتنفيذ الاحكام وتسليم المجرمين.
ليس المطلوب، حرق المراحل في اصلاح الجامعة، والتفكير باعتماد معايير للتعامل مع الدول الاعضاء مشابهة لمعايير الاتحاد الاوروبي، قد لا تكون واقعية في الظروف الراهنة،لكن على سبيل المثال ليس هناك ما يمنع من تطوير الميثاق، واعتماد صيغة مرنة لاتخاذ القرارت لا تشترط الاجماع، و يمكن اقامة صندوق عربي للتنمية يقدم مساعدات او قروض بشروط، للدول التي تواجه ازمات اقتصادية واجتماعية، بهدف ضمان استقرارها، وبين هذه الشروط، التأكد من انتهاج الدولة المعنية اساليب شفافة ونزيهة في انفاق المساعدات او القروض، لكي لا يبتلعها غول الفساد، وان تلتزم الحكومات باحترام حقوق الانسان، وفي مقدمتها حرية المشاركة في الحكم، على اساس التعددية دون اقصاء أي طرف .
هناك اجماع على ترهل النظام العربي، ومن نتائجه الطبيعية ضعف الجامعة،وقد جرت نقاشات واسعة وطرحت افكار ومبادرات عديدة خلال السنوات الماضية، لاصلاح الجامعة وتطوير اليات عملها، واشبعت بحثا في مؤتمرات القمة السنوية والاجتماعات الوزارية لكنها لم تر النور، وربما تكون الظروف الراهنة التي كشفت الكثير من العيوب، مواتية لاعادة الاعتبار للجامعة، والاتفاق على برنامج عملي ومتدرج للاصلاح،بدون القفز باتجاه تحقيق الوحدة العربية، او تحويل الجامعة الى اتحاد فيدرالي، وان كان ذلك طموحا،لكن التحديات تتفاقم، ومن المفارقات ان قمة طرابلس الخماسية، التي عقدت اواخر حزيران عام 2010 برئاسة العقيد الراحل معمر القذافي عندما كان في الحكم، أوصت بتطوير تدريجي لمنظومة العمل العربي المشترك،واعادة هيكلة النظام العربي خلال خمس سنوات، مثل عقد القمة العربية مرتين في العام،»عادية وتشاورية»وقمم نوعية اقتصادية واجتماعية وتنموية وثقافية،وانشاء مجلس تنفيذي على مستوى رؤساء الحكومات او من في حكمهم، للاشراف على تنفيذ قرارات القمة، وتفعيل النظام السياسي لمجلس السلم والامن العربي،واقامة مجلس لوزراء الاقتصاد والتجارة، واقرار النظام الاساسي للبرلمان العربي الدائم .
المهمة ممكنة، اذا توفرت الارادة السياسية،وهناك نموذج عربي حقق قدرا كبيرا من النجاح، هو مجلس التعاون الخليجي، واذا وصلت عملية تطوير الجامعة العربية، خلال خمس سنوات الى مستوى اداء « التعاون الخليجي « اليوم فذلك أمر جيد .