جذورالفكر الاقتصادي الراسمالي هل الحاضر صورة الماضي؟

26/12/2011

مركز الرأي للدراسات

اعداد : محمد سامي ابوغوش

كانون الاول 2011



بحسب الكتب التاريخية كانت أوروبا محكومة بنظام الإمبراطورية الرومانية الذي ورٍّثها النظام الإقطاعي منذ القرن الاول ولغاية بداية القرن الرابع عشرتقريباً ثم ظهر نظام الطبقة البورجوازية ما بين القرن الرابع عشر والسادس عشر وما تلتها من مرحلة الحملات الصليبية والإِستعمارية والاكتشافات وبشكل متداخل معها ومتكامل ثم تدريجيا دخلت اوروبا مرحلة النظام الرأسمالي ومنذ بداية القرن السادس عشر فقامت الرأسمالية الكلاسيكية في جذورها على شيء من فلسفة الرومان القديمة ,وهي الحضارة التي انبثقت عن مجتمع زراعي صغير في شبه الجزيرة الإيطالية في بداية القرن العاشر قبل الميلاد والذي يظهر ذلك جلياً في رغبتها في امتلاك القوة وبسط النفوذ والسيطرة على العالم تحولت الحضارة الرومانية عبر تاريخها من الحكم الملكي إلى حكم القلة الجمهوري إلى امبراطورية الاستبدادية على نحو متزايد. ويعتبر بعض الاقتصاديين مثل بيتر تيمن أن الامبراطورية الرومانية كان لها اقتصاد تجارى، بدرجة مماثلة للممارسات الرأسمالية في القرن ال17 في هولندا والقرن ال18 في إنجلتراولذلك تعتبرالرأسمالية هي ثمرة للتطور الصناعي والنقلة النوعية في وسائل الإنتاج المختلفة منذ بداية العصر الروماني الإقطاعي وحتى الثورة الصناعية, فقد تطورت الراسمالية واكتسبت أفكاراً ومبادئ مختلفة تصب نحو تعزيز الملكية الفردية والدعوة إلى الحرية ثم دعمتها الوسائل المتطورة في الثورة الصناعية والتي كانت ظهور الرأسمالية فيها كأحد التبعات التي قامت في الأصل على أفكار المذهب الحر صاحب فكرة فصل الدين كلياً عن الحياة وآمنت اوروبا بكل ما هو جديد .

الحرية الرأسمالية

لقد ذاق العلم بسببه ويلات كثيرة نتيجة إصراره على كون المنفعة واللذة هما أقصى ما يمكن تحقيقه من السعادة للإنسان وما تزال الرأسمالية تمارس ضغوطها وتتدخل سياسيا واجتماعيا وثقافيا وترمي بثقلها على مختلف شعوب الأرض بهدف توسيع فكرة الراسمالية فظهرت أولاً الدعوة إلى الحرية الرأسمالية وتتبنى الدفاع عنها، لكن الحرية السياسية تحولت إلى حرية أخلاقية واجتماعية وانحلال اخلاقي وكذلك الدعوة إلى إنشاء القوميات اللادينية والدعوة إلى تقليص ظل البابا الروحي كما فعلت في افغانستان مثلا فقد ادخلت الافلام الخلاعية باحتفال مهيب بعد هزيمة طالبان واستبدت القيم الاسلام الانسانية بقيم منحله وثنية .

اما فرنسوا كنزني الفرنسي فقد اسس (المذهب الطبيعي) احد ركائز الفكر الراسمالي فقد كان يعمل طبيبا في بلاط الملك لويس الخامس عشر، لكنه اهتم بالاقتصاد فقام بنشر مقالين عن الفلاحين وعن الجنوب في عام 1756، ثم أصدر في سنة 1758م الجدول الاقتصادي Tableau Economique وشبَّه فيه تداول المال داخل الجماعة بالدورة الدموية. وقد قال (الكونت دي ميرابو) حينذاك عن هذا الجدول بأنه: "يوجد في العالم ثلاثة اختراعات عظيمة هي الكتابة والنقود والجدول الاقتصادي" ويعرف الكونت على انه ثوري فرنسي، وكاتب، وصحفي، ودبلوماسي، وسياسي، وماسوني. وكذلك كان خطيبًا شعبيًا ورجل دولة. خلال الثورة الفرنسية كان ميالاً لنظام ملكي دستوري مبني على نموذج المملكة المتحدة. أدار مفاوضات سرية فاشلة مع النظام الملكي الفرنسي في محاولة للتوفيق بينه وبين الثورة , اما (جول لوك) والذي عاش ما بين 1632 – 1704م فقد صاغ النظرية الطبيعية الحرة حيث يقول عن الملكية الفردية: "وهذه الملكية حق من حقوق الطبيعة وغريزة تنشأ مع نشأة الإنسان، فليس لأحد أن يعارض هذه الغريزة" ولا ننسى بان الثروة الصناعية مهدت بتحولاتها العميقة في مختلف المجالات للإزدهار الرأسمالي الأوربي خلال القرن 19 وبما ان الرأسمالية نظام اقتصادي واجتماعي يقوم على الملكية الفردية لوسائل الإنتاج وحرية المبادرة والتنافس في عدة اختراعات تقنية تمثلت في صناعة النسيج والتعدين والفولاذ والطاقة والصناعة الكيميائية والمواصلات. مما ساهم في رفع إنتاج الفحم والصلب وظهور عدة مناطق صناعية كبرى خاصة في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا.

اما المذهب الكلاسيكي فقد كانت لأفكارة وآراء التي تولدت نتيجة للثورة الصناعية في أوروبا دور بارز في تحديد ملامح الرأسمالية والتي تبلورت أفكارها على أيدي عدد من المفكرين من أبرزهم (آدم سميث) وهو أشهر الكلاسيكيين على الإطلاق، ولد في اسكوتلنده، ودرس الفلسفة، وكان أستاذاً لعلم المنطق في جامعة جلاسجو. سافر إلى فرنسا سنة 1766م والتقى هناك بأصحاب (المذهب الحر). وفي سنة 1776م أصدر كتاب بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم هذا الكتاب الذي قال عنه أدمون برك النقاد و رجل الدولة ألايرلندي والمؤلف: "إنه أعظم مؤلف خطه قلم إنسان" وكذلك (دافيد ريكاردو) إنجليزى الجنسية ومن أسرة يهودية تنحدر من هولندا. كان والده يعمل سمسارا في سوق الاوراق المالية. والتحق ريكاردو بالعمل مع والده وهو في الخامسة عشر من العمر. وبسبب زواجه من مسيحية طرده والده من العمل , قام بشرح قوانين توزيع الدخل في الاقتصاد الرأسمالي، وله النظرية المعروفة باسم (قانون تناقص الغلة) ويقال بأنه كان ذا اتجاه فلسفي ممتزج بالدوافع الأخلاقية لقوله: "إن أي عمل يعتبر منافياً للأخلاق ما لم يصدر عن شعور بالمحبة للآخرين"

اما (جون استيوارت مل) فيعدُّ حلقة اتصال بين المذهب الفردي والمذهب الاشتراكي فقد نشر سنة 1836م كتابه مبادىء الاقتصاد السياسي.وكذلك اللورد كينز صاحب النظرية التي عرفت باسمه التي تدور حول البطالة والتشغيل وقد تجاوزت غيرها من النظريات إذ يرجع إليه الفضل في تحقيق التشغيل الكامل للقوة العاملة في المجتمع الرأسمالي. وقد ذكر نظريته هذه ضمن كتابه النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقود الذي نشره سنة 1936م.وكذلك دافيد هيوم صاحب نظرية النفعية Pragmatism التي وضعها بشكل متكامل والتي تقول بأن "الملكية الخاصة تقليد اتبعه الناس وينبغي عليهم أن يتبعوه لأن في ذلك منفعتهم" وكذلك ( أدمون برك) من المدافعين عن الملكية الخاصة على أساس النظرية التاريخية أو نظرية تقادم الملكية ومن الانظمة المثيرة للاهتمام نظام الكارتل Cartel System الذي يعني اتفاق الشركات الكبيرة على اقتسام السوق العالمية فيما بينها مما يعطيها فرصة احتكار هذه الأسواق وابتزاز الأهالي بحرية تامة. وقد انتشر هذا المذهب في ألمانيا واليابان اما نظام الترست Trust System والذي يعني تكون شركة من الشركات المتنافسة لتكون أقدر في الإنتاج وأقوى في التحكم والسيطرة على السوق. كانت إنجلترا حتى سنة 1875م من أكبر البلاد الرأسمالية تقدماً. ولكن في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ظهرت كل من الولايات المتحدة وألمانيا، وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت اليابان.

قواعد النموذج الراسمالي

واليوم فقواعد النموذج الراسمالي لا تحددها الدولة فقط ، بل تمليها المشاريع العملاقة وأسواق المال ففي الثلاثين عاماً المنصرمة عكفت الدولة ومعها السياسيون المنتخبون وفق لعبة القواعد الديمقراطية على التدخل في اقتصاد السوق تاركة قوى السوق تصول وتجول بالنحو الذي يطيب لها، أي أن الدولة والسياسيين تركوا الاقتصاد الوطني توجهه حفنة رجال تهيمن على الشركات العملاقة والمصارف ولا تتمتع بأي شرعية ديمقراطية , وقد أقر غرينسبان الرئيس السابق للمصرف المركزي الأمريكي عام 2007 "إن النمو كان في مصلحة الفئات ذات الدخول العالية في المقام الأول، أما العمال الذين يحصلون على دخول لا تزيد على المتوسط المتعارف عليه فإنهم في وضع لا يحسدون عليه أبداً. إن هذه الظاهرة يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية عظيمة", وقال واكسمان عضو الكونغرس الأمريكي خلال استجواب الأطراف ذات الصلة بالرواتب الخيالية التي يحصل عليها رؤساء وكبار موظفي الشركات: "توجد في بلادنا حقيقتان مختلفتان: فأغلب الأمريكيين يعيشون في عالم لا يبشرهم بمستقبل اقتصادي مأمون ولا ينطوي، بالنسبة إليهم، على بوادر تمن بالغبطة، بل على إحباط وخيبة أمل. أما قادة مشاريع وشركات بلادنا، فإنهم يعيشون في ظل قواعد وشروط تختلف اختلافاً تاماً على ما يبدو". ولايزال هناك سياسيون يدافعون عن هذا التفاوت الكبير في الدخول. وينتمي أغلب هؤلاء إلى المحافظين. فهم يؤكدون أن هذه الرواتب الخيالية جزء من الاقتصاد الحر. غير أن الجدل أخذ يزداد حدة في الولايات المتحدة، اليوم، حول مدى التفاوت الذي يمكن للمجتمع أن يرضى عنه. وقد تساءل (روبرت شيلر) وهو احد أشهر الاقتصاديين في العالم "أنريد الانتظار إلى أن يؤدي التفاوت الاجتماعي إلى اندلاع حروب أهلية؟" وقد حذر روبرت شيلر أستاذ الاقتصاد في عام 2007 وهو من جامعة "يال" ومؤلف كتاب «حماسة غير عقلانية» أن فقاعات التضارب المحتملة في البورصات وخاصة أسواق الأسهم والعقارات والنفط من شأنها أن تتسبّب في عدم استقرار الاقتصاد العالمي. وقال: "ربما لدينا بعض الثقة في نمو الاقتصاد العالمي."

جاءت فكرة التوسع العظيم في الإنتاج في اوروبا في القرن الثامن عشر فبدأت الإمبريالية بالظهور اكثر من خلال وجود شركات إحتكارية استعمارية والتي تسعى للسيطرة على العالم فبدأت الحملات العسكرية مثل الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 والحملة الفرنسية على بلاد الشام وهدف قوات تلك الحملة الفرنسية احتلال مصر وبلاد الشام بهدف السيطرة على الطريق التجارية للهند ورفع شأن فرنسا كدولة عظمى واستعمارية في أوروبا.تحت مسميات واهية كالحرية ونشر الديمقراطية وحقوق الانسان ولحملة نابليون على مصر وفلسطين فيما بعد عدة أسباب, منها ما يتعلق بفرنسا و بالوضع الدولي والمصالح التجارية والسيادة على المناطق الغنية والاستراتيجية وأطماع فرنسا الاستعمارية بفرض سيادتها وسيطرتها على الطريق التجارية القصيرة بين البحر المتوسط والهند والتي تمر بالشرق الأوسط وكانت مصر تعتبر أغنى ولايات وأجزاء الامبراطورية العثمانية من ناحية اقتصادية وتجارية, عدا عن كونها مركزًا استراتيجيًا وتجاريًا مُهمًا ومصدرًا للمنتوجات الزراعية بسبب خصوبة أراضيها وإمكانية استغلالها لإنتاج المحاصيل الزراعية في المستقبل والبحث عن فتح أسواق جديدة لتصريف البضائع الفرنسية والسلع المصنعة من فرنسا وكذلك الامر بالنسبة للحملة الفرنسية على الجزائر عام 1830 , مثال اخر على ذلك الحملة الصليبية الأولى وهي الحملة التي أطلقها البابا أوربانوس الثاني سنة 1095 في كليرمونت جنوب فرنسا لتخليص القدس وعموم الأرض المقدسة من يد المسلمين وأرجاعها للسيطرة المسيحية تألفت الحملة من 4 جيوش أقطاعية.

واليوم تؤمن الأنظمة الغربية وبعض دول العالم بالفكر الليبرالي وهو انتهاج الرأسمالية كاقتصاد والديمقراطية كسياسة وتطمح الدول الراسمالية الكبرى من وراء ذلك السيطرة على العالم وتغير مناهجهم الاقتصادية والسياسية بما يتماشى من الفكر الليبرالي المتحرر وبما يسمح بتدفق المواد الاولية للصناعة والطاقة لتكون حكرا لهم دون البشرية ، وتعتبر المقولة الفرنسية عن الحرية الاقتصادية لكل فرد بالمبدأ المشهور (دعه يعمل دعه يمر) وهي الشعار المثالي للرأسمالية التي تعمل على حرية التجارة ونقل البضائع والسلع بين البلدان ودون قيود جمركية، فهل سيتبلور اقتصاد سوق قائم على مبادئ العدالة الاجتماعية؟

كانت الشيوعية بتمسكها المفرط بالحد من الملكية والتي بنظرها السبب الرئيسي لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان كرد فعل على التوسع المفرط في الملكية داخل النظام الرأسمالي المنقسم لطبقتين الأولى ثرية وبرجوازية والأخرى فقيرة وعاملة تسكن بين حواجز التاريخ تلعنها الفتنة الطائفية وتطاردها الجريمة والجنون ,اصطلح عليها كارل ماركس بـ (البروليتاريـا) وهو الفيلسوفً ألماني والسياسي المخضرم بالاضافة الى كونة صحفيا ومنظّر اجتماعي. قام بتأليف العديد من المؤلفات إلا أن نظريته المتعلقة بالرأسمالية وتعارضها مع مبدأ اجور العمال هو ما أكسبه شهرة عالمية.لذلك يعتبر مؤسس الفلسفة الماركسية، ويعتبر مع صديقه فريدريك إنجلز المنظرين الرسميين الأساسيين للفكر الشيوعي.

اذن الرأسمالية نظم اقتصادية ذو فلسفة وضعية اجتماعية وسياسية يقوم على أساس تنمية الملكية الفردية والمحافظة تعزز الملكية الفردية، ولكنها تقلص الملكية العامة ، ومتوسعاً في مفهوم الحرية فقد تطوربشكل تدريجي من النظام الاقطاعي فالبرجوازي ثم الراسمالي ، وقد سمي بنظام (التَمَوّل) في اصطلاح النظام الاقتصادي الحالي حيث تكون فيه وسائل الإنتاج بشكل عام مملوكة ملكية خاصة أو مملوكة لشركات، وحيث يكون التوزيع، والإنتاج وتحديد الأسعار محكوم بالسوق الحر والعرض والطلب، ويوصف دور الحكومة فيه على انه دور رقابي فقط ويحق للملاك آن يحتفظوا بالأرباح أو يعيدو استثمارها بما يسمح به النظام الاقتصادي والسياسي لاي دولة وتزداد أهمية مفهوم الملكية الفردية في الموارد النادرة حيث يفتح السوق المنافسة الصرفة بين الأفراد لإستغلالها بكفائة ولكن هذا المفهوم يعتبر نسبي وليس مطلقا ففي عام 1932م باشرت الدولة تدخلها بشكل أكبر في إنجلترا، وفي الولايات المتحدة زاد تدخل الدولة ابتداء من سنة 1933م، وفي ألمانيا بدءاً من العهد النازي وذلك في سبيل المحافظة على استمرارية النظام الرأسمالي, لقد تمثل تدخل الدولة في المواصلات والتعليم ورعاية حقوق المواطنين وسن القوانين ذات الصبغة الاجتماعية، كالضمان الاجتماعي والشيخوخة والبطالة والعجز والرعاية الصحية وتحسين الخدمات ورفع مستوى المعيشة. - لقد توجهت الرأسمالية هذا التوجه الإِصلاحي الجزئي بسبب ظهور العمال كقوة انتخابية في البلدان الديمقراطية وبسبب لجان حقوق الإِنسان، ولوقف المد الشيوعي الذي يتظاهر بنصرة العمال ويدعي الدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم ولكن ما يحدث حاليا في الدول الراسمالية وبخاصة الولايات المتحدة من احتجاجات ومظاهرات ضد الجشع والطمع ودعم الحكومات للطبقة الثرية وارتفاع مستوى الفقر يعكس مدى عدم مصداقية الحكومات في تطبيق النظام الراسمالي واليوم في العالم العربي بما يسمى الربيع العربي او الثورات العربية هنا استذكر قول (كارل ماركس) حين قال " كل الثورات أثبتت شيئاً واحداً حتى الآن، ألا وهو أن كل شيء يتغير إلا الإنسان " ويعتبر تطور الرأسمالية من عدم الاهتمام بالقوانين الأخلاقية إلى الدعوه لها والحرص على حقوق العمال،وإلى توزيع أكثر عدلا للثروات بسبب ظهور حركات واصوات داخل تلك الدول تطالب بحقوقها.

اما الاقتصادي البريطاني (جون كينيث) الخبير الاقتصادي الليبرالي ومؤلف كتاب "مجتمع الوفرة" قد جاء بنظريته الاقتصادية المنسوبة اليه في منتصف الثلاثينات إقترح فيها "ان الاقتصاد الرأسمالي غير قادر على حل مشاكله بنفسه كما في النظرية الكلاسيكية" ، بل ان هناك اوقات كساد اقتصادي (كالكساد الاقتصادي في أمريكا في الثلاثينات والحالي) تحتم على الحكومة بأن تحفز الاقتصاد. توصف نظريته التي يتبعها كبار الرأسماليين كأمريكا- بأنها وضعت الرأسمالية اقرب إلى الاشتراكية.وضع (جون كينيث) برنامج المجتمع العظيم الذي طرحه الرئيس (ليندن جونسون) حين كتب خطابا رئاسيا مهما حدد فيه اهداف البرنامج، ولكنه اختلف مع جونسون لاحقا بسبب حرب فيتنام. وكان من المعروف عن جون دعواته للحكومة لأن تلعب دورا فعالا في حل المشكلات الاجتماعية. وألف اشهر كتبه «مجتمع الوفرة» عام 1958، ذكر فيه "ان الولايات المتحدة أضحت غنية بالسلع الاستهلاكية ولكنها فقيرة من حيث الخدمات الاجتماعية" وهذا الاهمال على مدى الاربعين سنة الماضية من قبل حكومات العالم وبخاصة الفقيرة والنامية وكذلك الدول الراسمالية يجعلني اقول إذا أردت أن تكون تافهاً، فما عليك إلا أن تدير ظهرك لهموم الآخرين , وخلال تلك الفترات ظهر فريق من النقاد الاقتصاديين من منظري النظام الراسمالي خصوصا بعد أزمة الرهن العقاري الامريكي لسنة 2007، إذ صرح مدير البنك الفيدرالي الأمريكي (آلان جرينسبان) سنة 2008 أمام اللجنة الأمريكية لمراقبة العمل الحكومي "أنه وجد شرخا في الإديولوجية الراسمالية التي يؤمن به ", وهذا ما قالة كارل ماركس سابقا " ان النظام الرأسمالي يحمل في داخله مكونات تدميره". ومهما اختلفت الأجوبة حول أسباب الانهيار فإن ثمة حقيقة لا اختلاف عليها أبداً وهي أن العصر الذهبي، الذي تمتعت به البلدان الصناعية الغربية منذ الثمانيات القرن الماضي، قد صارت في ذمة التاريخ.

أن أسعار النفط العالية تمثـّل مخاوف حقيقية للاقتصاد العالمي، لا سيما وأن الأسعار تبقى مرتفعة دائماً أو قريبة من ذلك. وبالرغم من أن النفط يعتبر جزءاً صغيراً من الاقتصاد العالمي، إلا أن هذا التأثير المتناقص يظل مبالغ فيه، ولا تزال أسعار النفط العالية تهدّد النمو العالمي , وينتظر الاقتصاد العالمي مرحلة صعبة بينما تحقق أسواق الأسهم في الصين والبرازيل والهند قفزات دراماتيكية. ويمكن للعوائد المتنامية في هذه البلدان الثلاثة تفسير هذه التوجهات بشكل جزئي، اما المساهم الأبرز في هذه الضغوطات المحفوفة بالمخاطرالوضع الماساوي للولايات المتحدة اوروبا ، إذ من شأنها أن تتحوّل إلى ما قد يُنظر إليه بفقاعة ديون الاصول السيادية للدول الغنية وبالتالي الركود العالمي .