مركز الرأي للدراسات
إعداد: صلاح التل
تموز 2012
«لو امتلكنا تل أبيب ويافا وحيفا وعكا واللد والرملة وكافة فلسطين بدون القدس لا يوجد شيء اسمه إسرائيل. بالقدس وحدها وبدون أية مدينة أخرى أستطيع إعلان قيام دولة إسرائيل».
ديفيد بن غوريون
تعتبر معركة القدس 28 أيار 1948 أهم وأبرز معركة في تاريخ العرب الحديث الذي استطاع فيها الجيش الأردني الباسل الحفاظ عليها وعلى عروبتها. فعندما أقرت الأمم المتحدة قرار التقسيم ومن ضمنه القدس دولية رفضها العرب وبعد الاضطرابات وحرب التفجيرات التي شهدتها فلسطين أعلن بن غوريون قيام دولة اسرائيل لتعلن الدول العربية الحرب وتدخل فلسطين ويصبح هدف اليهود الاستيلاء على القدس بعد أن أصبحت الحرب مفتوحة.
ولما كانت غالبية الأجيال في الأردن تسمع عنها ولا تعرف التفاصيل ستبين الدراسة دور جلالة الملك عبد الله الأول الشجاع بدخول الجيش العربي وعملية التسليم ثم نتائج المعركة وعن أيام الحرب والخطط الحربية والمعارك البطولية ومن ضمنها التحام المناضلين العرب مع الجنود الأردنيين البواسل للحفاظ على هذا النصر التاريخي العظيم، كما رواها القائد عبد الله التل بيومياته.
تم توثيق هذه الأحداث من قبل شهود عيان وقادة ميدانيين ومؤرخين مع الصور والبراهين.
إذهب وأنقذ القدس
في منتصف ليلة 17/5/1948 هرع وفد من شخصيات القدس إلى مبنى مركز بوليس أريحا حيث كان ينام عبد الله التل وهم يصرخون: أين ابن النبي – يقصدون الملك عبد الله؟ إن القدس على وشك السقوط. فقفز الضابط الذي فتح كفار عصيون من فراشه وشاهد أحد زائريه يبكي، وجميع أعضاء الوفد يرتجفون. قالوا لعبد الله التل أن القدس في حالة مرعبة، المتطوعون الذين يدافعون عنها منهكون وعتادهم قد نفذ وسكانها في حالة ذعر ورعب، فطلب التل من مراسل أن يحضر لهم القهوة ، وحثهم على الإسراع إلى عمان، ورفع سماعة هاتفه وأبلغ القصر الملكي في عمان بأن الوفد في طريقه لمقابلة جلالة الملك.
وعلى أحد تلال عمان السبعة، نهض الملك عبد الله من نومه في الساعة الرابعة من صباح يوم الاثنين 17/5/1948 ، واستدار إلى سجادة الصلاة القريبة من فراشه، واتجه نحو القبلة وأخذ يصلي لربه الصلاة التي اعتاد أن يؤديها فجر كل يوم. ولكنه لم يستطع أن يتم الصلاة وحيدا، ذلك اليوم، إذ أن هزاع المجالي أحد كبار الموظفين في قصره، دخل إلى حجرة نوم الملك يحمل رسالة مستعجلة ، لقد تلقى قبل لحظات محادثة هاتفية من أحمد حلمي باشا في القدس، كان أحمد حلمي يرجو جلالة الملك وهو يبكي أن يرسل الجيش العربي وأن يتدخل لمساعدة أهل القدس وإنقاذها من سقوط محقق، تلك كانت المحادثة الثانية التي تلقاها هزاع المجالي تلك الليلة من أحمد حلمي باشا، وكانت المحادثتان ذروة سلسلة من الاستغاثات التي انصبت على مسامع جلالة الملك عبد الله خلال الأربع وعشرين ساعة المنصرمة: وكان جلالة الملك يسأل نفسه: « ما هي الفائدة من أفضل جيش في العالم العربي، إذا لم يهب جنوده للدفاع عن ثالث مدينة في الإسلام؟».
فقد أصبح جلالة الملك عبد الله مقتنعا بأن الموقف أصبح من الخطورة بحيث لا بد له من المجازفة، إن اليهود لا يريدون تهديد القدس بل الاستيلاء عليها، وعن قصد وتصميم عمد إلى تجاهل قيادة جيشه « البريطانية» وأعطى تعليماته إلى عربي مثله تدفعه عواطفه للعمل فورا. فطلب جلالته عبد الله التل على الهاتف وقال له: يُبا، قابلت القادة الفلسطينيين الذين أرسلتهم لي، إننا لا نستطيع الانتظار أكثر مما انتظرنا ، اذهب وأنقذ القدس».
الملك عبد الله يشجع عبد الله التل ويتصل به يوميا
سلك جلالته في معركة القدس القديمة المسلك الذي ينتظره كل إنسان من عربي هاشمي لا بد أن يثور للكرامة وتدفعه الحمية الكامنة للقيام بواجبه تجاه العرب والمسلمين. وكما أن عبد الله التل لن ينسى الليالي السود والساعات المريرة التي قضاها في معركة القدس فإنه لن ينسى معها قلق الملك واتصال جلالته به يوميا. وكان جلالته يعرف أن عبد الله التل لا ينام الليل، فكان يكلمه هاتفيا في أوقات مختلفة من الليل مما أكد لعبد الله التل أن جلالته لا ينام كذلك، وفي كل مرة كان جلالته يشجع التل ويدعو له بالتوفيق.
ويذكر التل جيدا حينما أخبر جلالته عن نسف قدس الأقداس مساء 27/5/1948 وما كان من تعنت اليهود وصلفهم إذ قال جلالته له: « أريدك يا عبد الله أن تدعوني لصلاة الجمعة غدا في القدس». وفهم التل ما يقصده جلالته فأصدر أوامره بتشديد الضغط على اليهود في تلك الليلة وتوقع أن الحي اليهودي لا بد وأن يستسلم غدا الجمعة في 28/5/1948 . وقد كان ما توقعه التل من استسلام الحي بأيدي القوات الأردنية ، ولكنه لم يدع جلالة الملك للصلاة في القدس لأنه خاف أن يمسسه سوء والمعركة في أوج شدتها.
وقد توثقت عرى المحبة بين الملك وعبد الله التل نتيجة تلك الاتصالات الهاتفية في أحرج فترة تمر بالجيش العربي الأردني وبالقدس الشريف وصار جلالته يثني عليه كلما ذكر اسمه أمامه.
سقوط الحي اليهودي وعملية التسليم
كانت ليلة 27-28/5/1948 أشد الليالي التي مرت على اليهود في القدس مرارة، ففيها استمرت المدرعات ومدافع الهاون في قصفها المتقطع، وفيها ضيق الجنود والمناضلون الخناق على المدافعين من اليهود، ولم تبزغ شمس الجمعة 28/5/1948 حتى بدا الحي وكأنه مغطى بسحابة سوداء، هي سحابة الموت وظلها الدمار والخراب والكآبة. وفي تمام الساعة العاشرة شاهد الجنود شخصين من رجال الدين اليهودي يتقدمان نحوهم رافعين علما أبيض، فاقتادهما الجنود إلى قيادة تلك المنطقة في دير الأرمن، وحينما وصلا إلى الرئيس محمود موسى عبيدات طلبا إليه أن يسهل لهما الاجتماع بعبد الله التل لأن يهود الحي قد انتدبوهما للمفاوضة من أجل التسليم.
فاتصل الرئيس محمود بعبد الله التل رجلين مسنين أحدهما يتكلم العربية والآخر لا يعرفها لأنه بولوني ، وفهم التل منهما أنهما الحاخامان المسؤولان في القدس. وكان الأول يمسح الدم عن صدغه من جرح أصابه، فأمر التل بإسعافه قبل أن يسمع منه، وبعد أن اطمأن الحاخام وهدأ روعه، سمح له التل بالكلام ، فقال بصوت خافت مرتجف أنهما أرسلا من قبل اليهود المحاربين في الحي وغير المحاربين، لعرض أمر تسليم الحي للجيش العربي. وقال الحاخام أنه عندما يوافق عبد الله التل على المبدأ فإن الحاخام سيعود إلى الحي ليدعو وفد المفاوضة العسكري لأن إيفاده هو وزميله لم يكن إلا للاطمئنان إلى موفقتنا على المبدأ، ثم قال الحاخام أنه سيترك زميله حتى يعود الوفد العسكري. فقبل التل ذلك، ووافق على مبدأ التسليم، وترك الحاخام يعود إلى الحي اليهودي ومعه حرس كاف من الجيش العربي لئلا يتعرض له أحد في الطريق فيحول دون وصوله إلى قومه، أما الحاخام البولوني فقد بقي بين ضباط الجيش العربي يقرأ التوراة باهتمام زائد، فقال الضباط لبعضهم عن الحاخام إما أنه خائف وشجع نفسه بالقراءة ليظهر لهم تدينه، وإما ماكر لئيم يدعو إلهه أن ينتقم منهم ... ولم يطل تفرس الضبا ط الأردنيين في وجه الحاخام والحديث عنه لأن وفد المفاوضة اليهودي قد وصل خلال ربع ساعة فقط.
الوفد العسكري اليهودي
وحينما أقبل الجنود ومعهم اليهود انتقل الفريقان إلى غرفة مهجورة في حي الأرمن، وقبل أن يسمح لهم عبد الله التل بالجلوس قدم أحدهم مسدسه فعرف التل أنه قائد الهاجناه في الحي اليهودي واسمه موشه روزنك.
ثم قدم العضو الثاني نفسه وكان مختار الحي واسمه الأدون مردخاي فون جارتن ومعه ابنتاه الممرضتان ، فأمر عبد الله التل بإخراجهما من الغرفة ولم يبق في الغرفة سواه والرئيس محمود موسى والرئيس فاضل العبد الله الخصاونة واليهوديان: قائد اليهود ومختار الحي، ومعهما شاويش يهودي، وعندما بدأ الحديث طلب الوفد اليهودي من عبد الله التل إحضار مندوب الصليب الأحمر ليشهد كل ما يقع بين الطرفين من اتفاق وتسليم.
فأرسل التل في طلب مندوب الصليب الأحمر فلم يجده في القدس، عندها عرض التل على الوفد اليهودي إحضار السنيور اسكراتي الذي كان يقيم في القدس كمندوب عن الأمم المتحدة من أجل بلدية القدس ، فوافق الوفد اليهودي وتم استدعاء السنيور أسكراتي وحضر. وبحضوره بدأ القائد اليهودي ويساعده المختار بتقديم استرحامات كثيرة للسماح بإخراج جميع سكان الحي إلى الأحياء اليهودية، ثم طلبا إيقاف الرمي طالما أن عملية التسليم قد بدأت. وبعد جدال دام ثلاث ساعات لم يتزحزح عبد الله التل وزملاؤه عن الشروط التي فرضوها منذ اللحظة الأولى وهي: تسلم السلاح والذخائر، وأخذ المحاربين والقادرين على حمل السلاح أسرى حرب، احتلال الحي اليهودي ثم تسليم النساء والأطفال والمرضى والجرحى ممن كانت جراحهم خطيرة إلى اليهود بواسطة الصليب الأحمر، فاضطر اليهود أخيرا إلى الموافقة على الشروط ونظمت وثيقة التسليم باللغتين العربية والإنجليزية، ووقعها عن الجيش العربي عبد الله التل ووقعها عن اليهود قائدهم موشه رزنك كما هي موضحة بالصورة المرفقة.
عملية التسليم – ساعات خالدات
كان أول عمل قام به عبد الله التل بعد توقيع وثيقة التسليم أن أمر بوقف الرمي ومنع التجول، ليتمكن من إنجاز عملية التسليم قبل حلول الظلام. ثم أمر التل القائد اليهودي والمختار أن يجمعا جميع سكان الحي في حاكورة الإشكناز التي تتوسط الحي اليهودي، ونشر التل الجنود والمناضلين على أطراف المنطقة خشية هجوم الناس على الحي للانتقام من اليهود. وفي أقل من نصف ساعة كان السلاح قد جمع في إحدى الغرف ، واحتشد اليهود وكان عددهم حوالي 1500 في الحاكورة وكأنهم في يوم الحشر.
وحينما أقبل التل وضباطه على اليهود المحتشدين في الحاكورة وجدهم في حالة يرثى لها من شدة الخوف، حتى أنهم كانوا يلتفون حول بعضهم كالأغنام ظنا منهم بأن الرشاشات ستفتح حممها فجأة فتبيدهم انتقاما لدير ياسين التي عرفوا عنها الشيء الكثير. ولما كان التل قد قرر بنفسه أن يحافظ على شرف الجندي المحارب، وأن يحول دون نزول العرب إلى مستوى اليهود الأخلاقي، فقد أمر الضباط والجنود أن يسلكوا كما عهدهم، ففعلوا، تدفعهم الحمية العربية والشهامة الموروثة ، وسطروا في ذلك اليوم صفحة بيضاء في تاريخ العرب الحافل بالشهامة والفروسية، فانتشر الضباط والجنود العرب بين اليهود لإتمام عملية الفرز التي أرمهم بها قائدهم وهي إخراج المحاربين ومن هم في سن الجندية وجعلهم صفا واحدا، فأتموا ذلك بهدوء ولين، فذهل اليهود وكأنهم يحلمون ، ولا سيما حينما أخذ الجنود الأردنيون يقدمون السجائر والماء إلى النساء والأطفال والشيوخ، ثم انتقل التل ورفاقه إلى المستشفى اليهودي وطمأن الأطباء اليهود على مرضاهم وجرحاهم وأمر بنقل جميع من في المستشفى إلى قاعة كبيرة في دير الأرمن تمهيدا لتسليم من كانت جراحهم خطيرة إلى اليهود بواسطة الصليب الأحمر، ونقل الباقين إلى عمان.
وبعد إتمام عملية فصل المدنيين عن المحاربين، أمر عبد لله التل بفتح باب النبي داوود وسمح للنساء والأطفال والشيوخ ورجال الدين بالمرور إلى الأحياء اليهودية في القدس الجديدة، وقد تمت العملية تحت إشراف مندوبي الصليب الأحمر، الذين حضروا فيما بعد، والسنيور اسكراتي الذي بقي مع عبد الله التل حتى انتهاء كل شيء، وقد سلك الجنود العرب مسلكا أدهش أولئك الأجانب الذين شهدوا للجيش العربي من شهامة ومحافظة على الشرف العسكري لم يروه في حياتهم، فق كان الجنود يساعدون العجزة من اليهود على حمل أمتعتهم لإخراجها معهم، وقد كانوا يحملون الكثيرين من الشيوخ والعجائز على ظهورهم من الحي اليهودي حتى أنه لم ترد إلى التل شكاية واحدة عن أي جندي أو مناضل، وقد استمرت عملية إخراج اليهود حتى الساعة التاسعة ليلا، وكانت طريقهم إلى الأحياء اليهودية الخارجية تمر من النبي داوود (ويمين موشه).
أما الأسرى وعددهم (340) فقد احتفظ بهم الجيش الأردني تلك الليلة في قشلاق البوليس – النظارة- ثم تم نقلهم إلى عمان في الصباح الباكر حيث ألحقوا بمعسكر الأسرى في المفرق. وأما المرضى الذين قرر الأطباء العرب أن جراحهم خطيرة، فقد سمح عبد الله التل بنقلهم إلى الأحياء اليهودية في القدس الجديدة بواسطة الصليب الأحمر ومعهم أطباؤهم الثلاثة وهم : (لوفر وبيرز وهلدا) وآخر اسمه ريس أن سافر مع الأسرى إلى المفرق، وبقي عندهم بضعة أسابيع ثم أيعد إلى القدس وسلمه مندوب الصليب الأحمر لليهود.
نتائج معركة القدس القديمة
أورد عبد الله التل رأيه عن معركة القدس ونتائجها في مذكراته عن حرب فلسطين وكانت كما يلي:
كانت تلك أهم معركة خاضتها الجيوش العربية في حرب فلسطين لأنها أتت بنصر تاريخي لا تنمحي آثاره، فقد كانت السبب في بقاء القدس القديمة وما جاورها من الأحياء في بيد العرب حتى عام 1967م.
• قتل في تلك المعركة ما يزيد على (370) يهودي من المحاربين المتعصبين بينهم (136) من عصابة الأرغون، وجرح ( 180) وجدهم الجيش العربي في المستشفى وكانت جراح نصفهم خطيرة.
• أخذ الجيش العربي من اليهود (340) أسيراً وهم العدد المماثل تقريبا لما أخذه الجيش العربي من مستعمرة كفار عصيون، وبذا يكون جميع الأسرى اليهود لدى الجيش العربي – وهم المجموعة الوحيدة لدى الجيوش العربية التي أخذت في معركتين فقط - هما كفار عصيون والقدس وكلاهما بقيادة عبد الله التل.
• طُهرت القدس المقدسة من اليهود ولم يبق بها يهودي واحد، وذلك لأول مرة منذ أكثر من ألف عام.
• ظهر أن اليهود المتعصبين يقاومون كثيرا ويحسنون الدفاع، وقد صبر يهود القدس القديمة واحتملوا مرارة الحرب إلى درجة لا تطاق.
• ثبت أن معاملة الأردنيين الحسنة لليهود عند التسليم وعدم ذبحهم كما كان يرغب بعض المتحمسين العرب قد كانت في محلها، وماذا يكون الفرق بين العرب واليهود لو قلدناهم فيما يعملون؟ ثم ماذا ستكون النتيجة عند احتلالهم اللد والرملة لو أن الجيش العربي اقترف في القدس بعض الفظائع معهم.
• حطمت تلك المعركة وما أنتجته من نصر ساحق كبرياء اليهود وأذلتهم إذلالا كبيرا، وأدخلت الرهبة والرعب في قلوبهم – إلى حين، لأنهم توقعوا لمائة ألف يهودي في القدس الجديدة نفس المصير الذي لاقاه أخوانهم في القدس القديمة، وقد اعتبرت تلك الهزيمة أكبر ضربة لليهود، وخاصة من الناحية المعنوية إذ أبعدتهم عن المبكى وعن الحي اليهودي لأول مرة منذ خمسة عشر قرنا.
• حققت تلك المعركة ثلثي أسباب النصر في القدس كلها لولا السياسة التي رسمها الانجليز ونفذها كلوب بحذافيرها ، تلك السياسة التي حالت دون وضع خطة موحدة معينة لاحتلال القدس الجديدة وأصرت على ترك عبد الله التل وحيدا في الميدان يقاتل في ظروف صعبة جدا.
• رفعت تلك المعركة معنويات العرب في مختلف الأقطار العربية إلى مستوى أعلى، وأذاقت الجيش العربي طعم النصر، فاشتدت العزائم وشحذت الهمم، ولكن دون جدوى، لأن العوامل الدولية التي سيرت الحرب حالت دون تحقيق مزيد من النصر.
• تعرف الجيش العربي في هذه المعركة بأسلحة اليهود وأغلبها من الرشاشات والبنادق الألمانية، وبها قليل من البرنات الانجليزية ، وقد وزع التل الغنائم على الجنود بموافقة الملك عبد الله وخاصة البنادق الألمانية التي لا يستعملها الجيش العربي، كما زودت فرقة التدمير بالرشاشات الألمانية والرشاشات الستن، وزاد ما صودر من اليهود على (600) قطعة بعد أن استطاعوا إتلاف بعض أسلحتهم وإخفاءها في أحد أبار الحي قبل التسليم، أما الذخيرة فلم يعثر عبد الله التل على كمية ذات شأن وقد كان بإمكانهم إخفاؤها في الأقبية والسراديب.
• كان لهذه المعركة نتائج خطيرة بعيدة المدى، فقد حفظت القدس المقدس عربية وجعلت منها من الوجهة الحربية دعامة للجناحين ، الجناح الأيمن نابلس والجناح الأيسر منطقة الخليل، ولولا معركة القدس القديمة لما بقيت الضفة الغربية بأيدي العرب إذ لو أن القلب وهو القدس سقط – لا سمح الله – فإن اليهود ينزلون إلى أريحا في وادي الأردن ويقطعون اتصال الأردن بالضفة الغربية وتنهار الجبهة كلها.
• كانت خسائر الجيش الأردني في معركة الحي اليهودي طفيفة جدا فقد بلغت (34) شهيدا من جنود الجيش وعشرة من المناضلين، أما الجرحى فقد كانوا (45) جنديا.