الساعة

اثر الشركات متعددة الجنسيات على الدول المضيفة

19/01/2012

مركز الرأي للدراسات

اعداد : محمدخير جروان

كانون الثاني 2012

يعرف الميزان التجاري على انه الفرق بين حجم الصادرات وحجم الواردات إلى الدولة , فإذا ارتفعت الصادرات فان هذا بعد ايجابي لصادرات الدولة , أما إذا ارتفعت الصادرات فهذا يؤدي إلى عجز الميزان التجاري للدولة

الشركات متعددة الجنسيات كأحد آليات العولمة الاقتصادية , ساهمت بشكل كبير في عملية تآكل مفهوم السيادة , وذلك نظرا لطبيعة عملها , التي تتخطى الحدود القومية للدول


تتناول هذه الدراسة تأثير الشركات متعددة الجنسيات على الأقطار المضيفة , وتنقسم إلى جزئيين , فالجزء الأول يعالج الآثار الاقتصادية لهذه الشركات , بينما يعالج الجزء الثاني الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشركات داخل الدول المضيفة .

الجزء الأول : الآثار الاقتصادية للشركات متعددة الجنسيات على الدول المضيفة

المطلب الأول : الشركات متعدد الجنسيات والدولة المضيفة

أولا : الشركات وسيادة الدولة

عندما تم تأسيس الدول القومية , أصبحت دول المدن والإقطاعية التي سبقتها عقبة أمام التقدم , وذلك بسبب عدم قدرتها على استيعاب حجم العمليات المطلوبة من قبل الثورة الصناعية , ولذلك تم تأسيس الدولة القومية وتكييفها لتتماشى مع التكنولوجيا الصناعية الجديدة , والطرق , وسكك الحديد والقنوات , حيث كانت الدولة القومية مؤسسة تقدمية , أما الآن مع إصرار الدولة القومية على السيادة الكاملة على الأقل في بعض الجوانب , فإنها تقف عقبة أمام التطور , وقد برزت في القرن العشرين عدة ملاحظات على مفهوم السيادة وفروعها , فالدولة القومية التي عشقتها أوروبا خلال السنوات المائتين والخمسين الماضية لم تعد موجودة , وعفا عليها الزمن .

فالعولمة تعني الترابط الفوري في مختلف أنحاء العالم تقريبا من عدد متزايد من جوانب الحياة الاقتصادية والثقافية , وان المكونات الأساسية لهذا التغيير في حياتنا يكون على النحو الآتي : فبالإضافة إلى الترابط الاقتصادي ( التجارة والتمويل والاستثمار .. ) هناك الترابط التعليمي . والتكنولوجي , والأيديولوجي , والثقافي , فضلا عن الجوانب الايكولوجية والبيئية والقانونية والعسكرية , التي يتم نشرها بسرعة في جميع أنحاء العالم , ويمكن الآن أن تنتقل الأموال والسلع وصور الناس والرياضة والديانات والأسلحة والمخدرات , بسرعة عبر الحدود الدولية .

ويقول ( streeten ) انه في السنوات الأولى من القرن العشرين – خلال عصر الإمبراطوريات – كان العالم أكثر اتصالا , ولكن في الوقت نفسه , كان هناك قيود على نقل التكنولوجيا التي تسرع عملية الاعتماد المتبادل , ففي ذلك الوقت كان هناك أهمية كبرى للسفراء في الدول , لكن اليوم هذه الأهمية تناقصت كثيرا بفضل التقدم السريع والمستمر لوسائل الاتصالات العالمية , هذا بالإضافة إلى أن هناك متغيرات أخرى غيرت من مفهوم السيادة التقليدي في ظل العولمة كالايدز , والتجارة , والإرهاب , والاتصالات , والبيئة , وكل هذه المؤشرات تعد بعدا في عملية التغيير ذاتها , ولكن هذه العملية المعولمة بحد ذاتها تشكل التحدي الأكبر لنموذج الدول التقليدي بعد وستفاليا .

وان الشركات متعددة الجنسيات كأحد آليات العولمة الاقتصادية , ساهمت بشكل كبير في عملية تآكل مفهوم السيادة , وذلك نظرا لطبيعة عملها , التي تتخطى الحدود القومية للدول , فهذه الشركات تساهم في 75 % من التبادل التجاري العالمي , وان ثلث هذه التجارة هي تجارة داخلية بين الشركات وفروعها , ويمكننا التكهن أيضا الآثار المترتبة على إدراج الخدمات والزراعة والإعانات الحكومية ضمن منظمة التجارة العالمية , فبالنسبة لإنهاء الإعانات الحكومية سيكون لها آثار وخيمة على المجتمعات الزراعية الصغيرة في أجزاء كثيرة من أوروبا , وبالتالي نلاحظ مدى التأثير على سيادة الدولة , وعليه نلاحظ أن الدولة تتقلص لصالح شركات كبيرة تنمو, وتنمو معها خصخصة المزيد والمزيد من مرافق الدولة , وهنا يبرز التساؤل : ما هي الآثار المترتبة على وجود القوة الاقتصادية الهائلة للشركات متعددة الجنسيات على سيادة الدول ؟ , وأين تنتمي هذه الشركات ؟ .

ثانيا : الحوافز التي تقدمها الدول المضيفة

تقوم الدول المضيفة بتقديم حوافز للشركات متعددة الجنسيات من اجل تشجيعها على العمل داخلها , وتشمل الإعفاءات الضريبية أو تخفيض الرسوم الجمركية , أو السياسات التحررية من اجل تدفق الأرباح المحولة إلى الدولة الأم , وان مثل هذه الحوافز تمثل ادخارات مالية للشركات متعددة الجنسيات , وتزيد العائد المالي المتوقع للشركة التي تأخذ في اعتبارها التوطن في الدولة المقدمة لهذا الحوافز , وان هناك تنوع في تقديم هذه الحوافز , وتشجع كثير من الدول كل أنواع الاستثمار الأجنبي , بينما تُقصر الدول الأخرى الحوافز على أنواع معينة من النشاط الاقتصادي , ومن الأمثلة على هذا النوع هو قيام البرازيل في الخمسينات بإنشاء صناعة سيارات محلية عن طريق جذب الاستثمار الأجنبي المباشر , حيث خفضت الضرائب على الآلات والمعدات التي كانت تحتاجها في إنتاج السيارات .

المطلب الثاني : الآثار الاقتصادية للـ ( MNC ) على الدول المضيفة .

أولا : الأثر على التنمية الاقتصادية .

لقد دار جدل حول دور الشركات في تنمية البلدان النامية , وهناك نظرة سلبية من اليسار " النيوماركسية " , وان هذه النظرة تستند جزئيا على التجارب السلبية في أواخر الستينات والسبعينات من القرن الماضي , ومن ذلك التأثير على القرارات السياسية , والأجور , والظروف الاجتماعية " استغلال الفقراء " .. , لكن في السنوات الأخيرة بدأت تظهر نظرة ايجابية لتأثير الشركات متعددة الجنسيات في تنمية الدول المضيفة , فال ( MNC ) تقدم مساهمة ايجابية في النمو الاقتصادي من خلال ترجمة المعرفة النظرية إلى نتائج عملية عن طريق الاستخدام الصحيح لإنتاجها وخدماتها , وتوفير إمكانية الحصول على التكنولوجيا وإدارة المعرفة من خلال البحث والتطوير والتسويق والتمويل , بالإضافة إلى الاستثمار والعمالة , وتوفير التدريب في جميع المجالات وعلى جميع المستويات الهرمية , وان استفادة البلدان النامية من فوائد الشركات يتوقف على :
طبيعة الهيكل الصناعي .
الظروف التنظيمية والمالية .
نظام الاعتماد القانوني .
توفر البنية التحتية .

وعلى الرغم من ذلك هناك تضارب في المصالح قد ينشأ بين الشركات متعددة الجنسيات التي تسعى إلى الربح , وتحقيق معدل مقبول من العائد على رأس المال المستثمر , والحصول على حصة من السوق , وضمان قدرتها على التنافسية على المدى الطويل , وذلك بدلا من دعم أهداف البلد المضيف للتنمية الاقتصادية وهذا يؤدي إلى تباين وجهات النظر بين الطرفين في عدة مواضيع :

العودة بالأرباح إلى الشركة الأم
حيث تقوم الروع في الدول المضيفة بنقل الأرباح من البلد المضيف إلى مقر الشركة الأم , من اجل المساهمة في التكاليف التي تكبدتها الشركة , مثل البحوث .. , وتنظر البلدان المضيفة إلى مثل هذا الإجراء على انه استنزاف للنقد أو الصرف الأجنبي المحدود , ويشكل عبء على ميزان المدفوعات .

براءات الاختراع

وهي التي تحمي نتائج بحوث الشركات , وان نقل رسوم البراءات و التراخيص قد يؤدي إلى صراعات لان الدول النامية تفضل خفض سعر المنتجات المقلدة , مثل الأدوية .
– أن سياسات البحوث والتوجهات الإستراتيجية قد لا تتطابق مع مصالح البلدان النامية واحتياجاتها .
– من حيث جودة الخدمات والمنتجات وتباينها بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية .
– من حيث سلامة الإنتاج وحماية البيئة :
حيث تستخدم الشركات متعددة الجنسيات معايير ازدواجية في هذه المجالات .

ثانيا : اثر ( MNC ) على الشركات المحلية " الحوافز , التكنولوجيا " .

يجادل ( Brouthers ) بان الدول المضيفة يكمن أن تأخذ قرارات في غير صالح الشركات المحلية في عملية تفاوضها مع الشركات متعددة الجنسيات , ويمكن أن تتجاوز آثار السياسات التي تنظم عمل ( MNC ) داخل الدول المضيفة الاتفاق الذي ابرم بين الطرفين , ومن هذه السياسات على وجه الخصوص الإصلاحات الاقتصادية التي تضعها الحكومات لتشجيع الخصخصة , ويكون لها تأثير سلبي على عمل الشركات المحلية , ومثال ذلك : يمكن أن تؤدي الحوافز الضريبية الممنوحة للشركات متعددة الجنسيات إلى آثار سلبية على رجال الأعمال المحليين الذين لا يستفيدون من هذه السياسات .
وان الحجة الرئيسية هنا هي أن البلدان التي تفتح أبوابها أمام تدفقات رؤوس الأموال يترتب عليها تكاليف اقتصادية , تتمثل في أن قوة الشركات متعددة الجنسيات تؤدي إلى أضعاف وتوقف المشاريع الرائدة محليا , وعليه فان جميع الشركات المملوكة للدولة قد لا تستطيع الاستفادة من عملية الخصخصة , وخصوصا تلك الشركات التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الدعم الحكومي .

فعلى سبيل المثال , بعد سقوط جدار برلين في عام 1989 , انتقلت شركة الكوكا كولا بسرعة في أسواق أوروبا الوسطى والشرقية , وكانت هذه الدول تمر بمرحلة انتقالية نحو السوق الحر , وقد أصبحت شركة الكوك الشركة المهيمنة وصاحبة اكبر الأرباح في مجال بيع المشروبات الغازية , وهذا اجبر الشركات الخاصة المحلية والشركات الصغيرة في هذا المجال على تصفية عملياتها .

وان هذه الجوانب السلبية للحوافز التي تقدم للـ ( MNC ) تقابلها جوانب ايجابية على الشركات المحلية من خلال عملية نقل التكنولوجيا التي تقوم بها ( MNC ) في البلدان المضيفة , ولا بد من الإشارة إلى أن عملية نقل التكنولوجيا إلى البلد المضيف تتوقف على عدة عوامل أهمها : وجود إطار قانوني يحمي الملكية الفكرية , ويساهم في خلق بيئة مناسبة لنقل التكنولوجيا ويساهم في خلق بيئة مناسبة لنقل التكنولوجيا دون الخوف من نشر هذه التكنولوجيا بطريقة غير شرعية , أو استفادة الشركات المنافسة منها , , وان توفر مثل ذلك يساعد الشركات على نقل التكنولوجيا وزيادة قدرتها التنافسية في السوق المحلية , وان بعض الدول اعتمدت تقديم تسهيلات للشركات متعددة الجنسيات التي تستثمر في الصناعات ذات الطابع التكنولوجي , بغرض تشجيع دفع التكنولوجيا , وان هناك عوامل تؤثر في القرار الذي تتخذه الشركات متعددة الجنسيات لنقل التكنولوجيا إلى الدول المضيفة , حيث إن هذه الشركات لا ترغب في نقل كل أنواع التكنولوجيا , , كما أن الظروف الاقتصادية في البلد المضيف وخاصة مستوى التنمية البشرية , وتوفر الأيدي العاملة والمدراء الأكفاء , تلعب هي الأخرى دورا في نوعية التكنولوجيا التي يمكن أن تنقلها هذه الشركات من دولة المقر إلى البلد المضيف .

ويمكن القول أن هناك اثر ايجابي للشركات متعددة الجنسيات فيما يتعلق بنقل التكنولوجيا على شركات البلد المضيف , وتشير إحدى الدراسات إلى أن استفادة الشركات المحلية من التكنولوجيا المتوفرة لدى ( MNC ) تأخذ عدة أشكال , فهي تكون أما عن طريق المنافسة , حيث تجبر الشركات المحلية على تحسين قدرتها التنافسية باستخدام تكنولوجيا حديثة , أو توظيف عمال سبق وان عملوا في الشركات متعددة الجنسيات , أو عن طريق علاقات الإنتاج , وترتبط مدى ايجابية نقل التكنولوجيا على الشركات المحلية بعدة عوامل :

مدى استعداد الشركات متعددة الجنسيات لتكوين علاقات تبادلية مع الشركات المحلية , بما في ذلك مساعدتها على تطوير قراءتها التقنية .
قدرة الشركات المحلية على استيعاب هذه التكنولوجيا , أي مدى قدرتها الذاتية على الاستفادة .
حجم الشركة المحلية .
تتوقف مدى استفادة الشركة المحلية من التكنولوجيا المنقولة على المجال الرئيسي الذي تعمل فيه .

ثالثا : اثر ( MNC ) على ميزان المدفوعات

يعرف ميزان المدفوعات بأنه تقدير مالي لجميع المعاملات التجارية والمالية التي تتم بين الدولة والعالم الخارجي خلال فترة زمنية معينة غالبا ما تكون سنة , ويقوم إعداد ميزان المدفوعات على مبدأ القيد المزدوج , أي جانب ( دائن ) وهو ايجابي تندرج تحته كافة المعاملات التي تحصل الدولة من خلالها على إيرادات من العالم الخارجي , وجانب ( مدين ) وهو سلبي ويندرج تحته كافة المعاملات التي تؤدي الدولة من خلالها مدفوعات مع العالم الخارجي , وتكمن أهمية ميزان المدفوعات بأنه يعكس قوة الاقتصاد الوطني , ويحدد سعر صرف العملة من خلال ظروف العرض والطلب , ويعكس مدى تطور البنيان الصناعي للدولة .
وعندما تقوم الشركة بإنشاء فرع لها داخل دولة معينة يمكن أن تؤثر على ميزان المدفوعات لهذا البلد المضيف , وهذه التأثيرات مختلفة , ويمكن أن تعزز أو تضعف وضع ميزان مدفوعات هذا البلد , فالاستثمار المباشر المصاحب لإنشاء الفرع له اثر دائن في ميزان مدفوعات الدولة المضيفة نظرا للإيرادات التي تدخل على الدولة من اجل إنشاء هذا الفرع , ولكن من ناحية أخرى يمكن تلخيص عدة آثار سلبية على ميزان مدفوعات الدولة المضيفة بسبب وجود فروع لشركات متعددة الجنسيات فيها وهي :
تحويل الأرباح من الفروع إلى الشركة الأم .

إعادة الموظفين الأجانب مداخليهم إلى دولهم

مدفوعات ترتبط بالملكية الفكرية أو رسوم الترخيص والتي ترتبط باستخدام الفرع للتكنولوجيا أو العمليات الإنتاجية , أو العلامات التجارية .
آثار ترتبط بالسعر التحويلي :
حيت أن قيام الفرع تسعير صادراته إلى الشركة الأم بسعر أدنى من السعر المألوف , أو إذا قامت الشركة الأم بتسعير صادراتها إلى الشركة الفرع بسعر أعلى من السعر المألوف , والتي تعتبر واردات إلى الدولة , فان وضع ميزان المدفوعات في الدولة المضيفة سيتدهور .

رابعا : اثر ( MNC ) على الميزان التجاري

يعرف الميزان التجاري على انه الفرق بين حجم الصادرات وحجم الواردات إلى الدولة , فإذا ارتفعت الصادرات فان هذا بعد ايجابي لصادرات الدولة , أما إذا ارتفعت الصادرات فهذا يؤدي إلى عجز الميزان التجاري للدولة , وقد تؤدي الشركات متعددة الجنسيات إلى " اثر ايجابي على قاعدة الموارد القومية إذا كانت تحقق أثرا فائضا على الميزان التجاري وتدفع شروط التجارة لصالح الدول المضيفة , كما إنها تؤدي إلى اثر سلبي على قاعدة الموارد إذا كانت عملياتها التجارية تحقق عجزا , أو تهبط بشروط التجارة , ويمكن ذكر بعض العوامل التي تؤدي الى آثار سلبية على الميزان التجاري للدولة المضيفة ( MNC ) وهي :

1 – ان نمط الاستهلاك الغربي الذي تخلقه هذه الشركات يميل عادة إلى تعزيز الاستيراد .
2- خلق منتجات جديدة في السوق المحلي , ويعتبر الاستيراد ضروري لتسيير هذه المشروعات .
3 – إحلال منتجات جديدة لإشباع حاجات قائمة كانت تلبى بواسطة إنتاج محلي .

ومن ناحية أخرى يتوقع آثار ايجابية للشركات متعددة الجنسيات على الميزان التجاري للدول المضيفة , وهي الدول التي تسمى " منصات التصدير " , وهي عددها قليل , وتجنح الشركات فيها إلى زيادة صادراتها .

وبصورة عامة فان تأثير MNC على الميزان التجاري ليس عملية تلقائية بل يتوقف على عدة عوامل :
سياسة الاقتصاد الكلي للدولة لأنها تؤثر على نوعية الاستثمار وأنشطة الشركات متعددة الجنسية .
أن الدول التي تتبنى سياسة اقتصادية تعتمد على تشجيع الصادرات تقوم بدور ايجابي في فتح المجال لأنشطة الشركات التي تؤدي إلى تنفيذ هذه السياسة .
نوعية الأنشطة الاقتصادية والصناعية التي تنشط بها الشركات متعددة الجنسيات .
دور الدولة في العملية الإنتاجية العالمية وموقعها يلعب دورا مهما في تحديد الاستثمار الأجنبي المباشر على الميزان التجاري .

خامسا : اثر ( MNC ) على البطالة وخلق فرص العمل

عموما يكون لإنشاء MNC فرع لها في الخارج أثرا ايجابيا على الدول المضيفة , فإنشاء الفروع داخل هذه الدول يؤدي إلى رفع مستويات التوظف , ويساهم في تخفيض معدلات البطالة , فالمشروعات التي تقوم بها الشركات متعددة الجنسيات سوف تؤدي إلى زيادة فرص العمل , وذلك على اعتبار إن معدلات البطالة وخلق فرص العمل ستكون أسوأ في حال عدم إنشاء الفروع .

حيث تتميز MNC بمقدرتها على توفير فرص العمل عن طريق شركاتها التابعة في الدول المضيفة , كما أنها تتميز بارتفاع قيمة الأجور التي تقدمها للعاملين لديها , وهذا ما يؤدي إلى انخفاض البطالة , وزيادة القدرة الشرائية , وخفض مستوى الفقر , وهناك أسلوبين لمساهمة الشركة في خلق فرص العمل , فالأول هو طريقه مباشرة عندما يكون استثمار الشركات هو استثمار في مشاريع اقتصادية , والثاني هو غير مباشر , وهو ناتج عن العلاقات الاقتصادية والإنتاجية بين الفروع الأجنبية والشركات المحلية , ففي عام 1997 ساهمت MNC في خلق 26 مليون فرصة عمل مباشرة و41,6 مليون فرصة عمل غير مباشرة في الدول النامية , وذلك لان من أهداف الشركات المتعددة الجنسيات لإقامة فروع لها في الدول المضيفة هو كلفة العمالة الرخيصة , ولكن إن توزيع فرص العمل بين الدول المضيفة ليس عادلا , وهذا يتوقف على عدة شروط :

توفر الأيدي العاملة المدربة القادرة على استيعاب التكنولوجيا الحديثة التي تدخل في الإنتاج الصناعي .
توفر القوانين التي تتعلق في العمل والتي تعطي مرونة للشركات في عمليتي توظيف وتسريح العمال .
توفر بنية تحتية حديثة تسهل خفض تكاليف الإنتاج وفي مقدمتها الاتصالات والمواصلات .
هناك بعض الأنشطة لها طابع يتطلب عمالة أكثر من أنشطة أخرى , فقطاع النفط لا يتطلب وجود عمالة كبيرة , بينما هناك أنشطة أخرى تتطلب عمالة كبيرة .

إذا كان هدف الشركة خدمة السوق المحلية فهذا يكون تأثيره على العمالة قليل , إما إذا كان هدف الشركة التصدير فهذا يكون تأثيره كبير من ناحية خلق فرص العمل .