مركز الرأي للدراسات
اعداد : المرصد الاقتصادي/ الجامعة الاردنية
1/2009
يرتبط مفهوم الأزمة المالية بما تحدثه حركات رؤوس الأموال عبر الدول من حالات عدم الاستقرار المالي والاقتصادي في الأجل القصير. ولعل انفجار فقاعة العقارات الحالية وما نتج عنها من اضطرابات في أسواق المال والعقارات خير مثال على ذلك. ويلعب طلب المستثمرين والمضاربين على الأصول المالية والنقدية دورا هاما في ظهور الفقاعة وتضخمها إلى حد يفوق الحجم المعقول، مما يؤدي في النهاية إلى انفجارها وظهور ما يعرف بالأزمة المالية. ومن الجدير بالذكر أن بروز الأزمة المالية في أعقاب انفجار الفقاعة لا يعدو إلا عارضا أوليا لا يلبث أن يتفاعل محليا ودوليا وتمتد آثاره إلى كافة المناحي الاقتصادية الحقيقية. وقد ساهمت العولمة الاقتصادية وما رافقها من انفتاح وتحرر اقتصادي إضافة إلى التطورات التكنولوجية في مجالات الاتصال والنقل والوسائط المتعددة والمشتقات المالية الحديثة في ظهور تدفقات مالية ومصرفية ضخمة الحجم وسريعة الحركة بشكل غير مسبوق. وقد رافق ذلك إقبال غير مسبوق من قبل المستهلكين في دول العالم الغنية وخاصة أمريكا وأوروبا على شراء السلع الاستهلاكية المعمرة والتفاخرية كالأثاث والتجهيزات المنزلية والسيارات واليخوت مستفيدين من وفرة الائتمان السهل، الأمر الذي ضاعف من قيمة التسهيلات الائتمانية الممنوحة وأدى الى زيادة احتمالية ظهور الفقاعات وسرعة تضخمها ثم انفجارها وقد حاول هذا التقرير الذي اعده المرصد الاقتصادي في الجامعة الاردنية وينشر بالتعاون مع مركز الرأي للدراسات تسليط الضوء على التأثيرات المتوقعة من جراء التقلبات المالية على اسواق الدول النامية مع التركيز على قراءة اداء الاقتصاد الاردني والوقوف على الآثار المتوقعة للأزمة المالية عليه.
آثار وامتدادات الأزمة المالية
في أعقاب انفجار أي فقاعة مالية أو نقدية تتضرر بداية ومباشرة المصارف والشركات المالية الدائنة نظرا لعجز الأفراد المقترضين عن سداد قروضهم، وتهبط قيم ألأسهم والأصول المالية وتتراجع ألأرباح وتتفشى حالات الإفلاس. وينتج عن ذلك حالة عامة من الذعر في الأوساط المالية والمصرفية يؤدى إلى تردد البنوك ومؤسسات الإقراض في منح الائتمان سواء للمؤسسات بما فيها البنوك أو للأفراد. وقد ينتج عن ذلك نقصا حادا في السيولة والائتمان المتاح للاستهلاك والاستثمار وينعكس في النهاية على كافة القطاعات الاقتصادية وخاصة العقارية منها.
من ناحية أخرى، فان الانهيارات المالية وما يتبعها من تباطؤ اقتصادي ونقص في السيولة وتراجع في قيم أصول المؤسسات المالية، يخلق توقعات تشاؤمية لدى المستثمرين والمضاربين في الأسواق المالية والحقيقية على حد سواء. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى موجات متصاعدة وغير منتظمة من البيع في الأسواق المالية والنقدية والأصول المختلفة والى تراجع مستمر في أسعار ألأسهم في البورصات وتآكل كبير في قيم الأصول المالية والحقيقية. ولا يقتصر أثر الأزمة المالية على القطاع المالي والنقدي وإنما يتعداه للأسواق الحقيقية من خلال ما ينتج عنه من تراجع عام في الاستهلاك والاستثمار والدخل والإنتاج وتفشي لمشكلتي الفقر والبطالة.
العولمة واليات نقل الأزمة
تعززت عولمة الاقتصاديات الدولية في أعقاب الحرب العالمية الثانية وظهور منظمة الجات لتحرير التدفقات التجارية الدولية، وما رافق ذلك من تقدم تقني في مجالات الاتصالات والنقل والشبكات الالكترونية وظهور ما يعرف بالمشتقات المالية financial derivatives الجديدة والمعقدة*، الأمر الذي أدى إلى مضاعفة حجم وسرعة تدفقات الأصول المالية (إضافة إلى تدفق السلع والخدمات وعوامل الإنتاج) بين دول العالم إلى مستويات غير مسبوقة فاقت سرعة التطورات في التشريعات والأنظمة اللازمة لتنظيم هذه التدفقات. كل ذلك أدى إلى زيادة التشابك والتداخل بين دول وأقاليم العالم وجعله يبدو كقرية صغيرة إذا ما وقع حدث في أي جزء منه اثر بشكل مباشر وفوري على كافة أجزائه الأخرى. وقد ساهمت ظاهرة العولمة والانفتاح في زيادة حجم التبادل التجاري الدولي والاستثمارات الدولية بشقيها الحقيقي والمالي الأمر الذي ساهم في زيادة معدلات النمو الاقتصادي وانعكس ايجابيا على رفع مستويات المعيشة وان بدرجات متفاوتة لمعظم دول العالم.
من ناحية أخرى فان التدفقات الهائلة للاستثمارات المالية الدولية واتسامها بالتركز مع نمو ظاهرة المؤسسات المالية الضخمة عابرة الحدود والنقص في وسائل الرقابة والتنظيم regulation ، قد ساهم في ظهور اختلالات غير متوقعة في أسواق المال من فترة لأخرى سرعان ما تنتشر آثارها لمعظم أجزاء العالم. وعلى وجه التحديد فان أي خلل مالي أو اقتصادي في احد الأسواق الدولية الرئيسية كالسوق الامريكي الذي يلعب دور القائد للأسواق العالمية نظرا لأنه يشكل حوالي ثلث حجم السوق المالي العالمي، سيؤدي الى اختلالات موازية في الأسواق العالمية الأخرى ما تلبث أن تتحول إلى أزمة مالية واقتصادية عالمية خارجة عن نطاق سيطرة أي دولة من دول العالم منفردة. ولعل أزمة الرهن العقاري الحالية تمثل خير مثال على ذلك، فعلى إثر هبوط قيم الأسهم في ول ستريت انخفض المؤشر العام لقيم الأسهم في فرانكفورت وباريس ولندن ومدريد وطوكيو وشنغهاي وساوباولو والرياض ودبي و بيروت وعمان والقاهرة وان كان بنسب متفاوتة. وانتقلت عدوى الأزمة الأميركية إلى جميع أنحاء العالم مع ملاحظة أن نسبة التراجع لم تكن على وتيرة واحدة ولم تقتصر فقط على أسهم الشركات العقارية وإنما تعدتها إلى شركات تعمل في مختلف النشاطات الاقتصادية.
آليات نقل الأثر
السؤال الهام هنا يتمحور حول كيفية انتقال أعراض ألازمة إلى قطاعات اقتصادية أخرى من جهة والى دول أخرى من جهة أخرى؟ الإحاطة بحجم وتطورات الأزمة المالية يقتضي التعرض ولو بشكل سريع للآليات المحلية والدولية في ظل العولمة والتي من خلالها يتم نقل الأزمة وآثارها المختلفة: 1- آلية أسعار الأصول المالية: في ظل العولمة كما اشرنا سابقا فان حركة الأموال بين الدول قد تحررت وتضاعف حجمها عشرات المرات خلا العقود الخمسة الأخيرة. وبالتالي فان تدفقها إلى داخل أو خارج دولة أو إقليم ما بحثا عن الأرباح بهذه الأحجام الضخمة يمكن أن يخلق حالات اختلال سوقي يترتب عليها تغيرات حادة في أسعار الأسهم والسندات والفوائد. فعلى سيل المثال فان تدفق أموال المضاربة والاستثمار بأحجام كبيرة إلى سوق دولة أو إقليم ما سيخفض أسعار الفوائد ويرفع أسعار الأسهم والأصول المالية الأخرى بشكل حاد ويزيد بشكل كبير من أرباح المضاربين في أسواق المال. من ناحية أخرى فان انخفاض أسعار الفوائد سينقل هذا الأثر المالي أو النقدي إلى الاقتصاد الحقيقي من خلال قناتين رئيسيتين: أ- قناة الاستثمار: ستشجع أسعار الفائدة المنخفضة المستثمرين في كافة القطاعات الاقتصادية بما فيها الشركات العقارية وغير العقارية إلى زيادة استثماراتهم مستفيدين من رخص الائتمان، وكما هو معلوم في الاقتصاد فان هذا التوسع الاستثماري يؤدي وفقا لمبدأ المضاعف الاستثماري الكينزي إلى زيادات اكبر حجما في الدخل والإنتاج وبالتالي رفع مستوى التوظيف وتقليص معدلات البطالة.
ب- قناة الاستهلاك: انخفاض أسعار الفوائد سيشجع المستهلين على الإقبال على شراء السلع الاستهلاكية خاصة المعمرة منها كالمنازل والأثاث والسيارات والسلع الكهربائية والالكترونية مستفيدين من انخفاض كلفة تمويل مشترياتهم (أسعار الفوائد). ومرة أخرى فان هذا التوسع الاستهلاكي سيؤدي إلى زيادة مضاعفة وفقا لمبدأ المضاعف الاستهلاكي الكينزي في كل من الإنتاج والدخل وبالتالي رفع مستوى التوظيف وتقليص البطالة. ويلاحظ أن هذين الأثرين معا سيؤديان إلى تسارع عجلة النشاط الاقتصادي وخلق حالة من الرواج والتوسع في كافة القطاعات الاقتصادية.
ويمكن اعتبار ذلك مشابها لما حدث للاقتصاد الأمريكي خلال السنوات القليلة الأخيرة السابقة لمرحلة التراجع والانهيار. حيث تدفقت رؤوس الأموال الأوروبية والآسيوية والشرق أوسطية إلى السوق الأمريكي من خلال المصارف وصناديق الاستثمار، للاستفادة من فرص الاستثمار المالية الواعدة عالية المردود، حيث ضخت هذه الأموال الهائلة في السوق الأمريكي لتمويل الإنفاق الهائل لهذا الاقتصاد بقطاعيه الخاص والعام. على صعيد القطاع الخاص استخدمت نسبة كبيرة من هذه الأموال لتمويل النفقات الاستهلاكية كشراء الفلل والقصور والسيارات الفارهة والقوارب واليخوت والطائرات الخاصة وأجهزة الترفيه والتسلية ...الخ . من ناحية أخرى فان تهافت مدراء البنوك والمؤسسات العقارية وشركات التامين على جني الأرباح والمكافآت قد يدفعهم إلى التنافس في منح التسهيلات الائتمانية لجميع الأفراد الراغبين دون التمحيص أو التأكد من جدارتهم الائتمانية. أما على صعيد القطاع العام فان التوسع في الإنفاق غير المسبوق للإدارة الأمريكية الحالية وخاصة في المجالات العسكرية لتمويل الحروب الأمريكية في أفغانستان والعراق والصومال ولبنان وفلسطين وغيرها، إضافة الى برامج غزو الفضاء وحرب النجوم قد ساهم في رفع المديونية العامة إلى مستويات خطرة وغير مسبوقة.
على صعيد آخر فان التكيفات في أسعار الفائدة الأمريكية تؤدي إلى تغيرات موازية في أسعار الفوائد الأجنبية من خلال ما يعرف بالية تعادل أسعار الفوائد الدولية international interest parity. وتتضمن هذه الآلية بالنسبة للدول التي تثبت عملتها مقابل الدولار بان تقوم بتعديل أسعار فائدتها المحلية بنسب معادلة لتغيرات الفوائد الأمريكية مما يفقدها استقلالية سياستها النقدية.
2- آلية أسعار الصرف الأجنبي: تركت أسعار الصرف الأجنبي منذ انتهاء نظام برتن وودز عام 1971 دون أي غطاء من الذهب، وأعطيت الدول في النظام النقدي الجديد حرية تعويم أو إدارة أو تثبيت عملتها مقابل عملة دولية رئيسية أو سلة من العملات الرئيسية. ولجأت معظم الدول المتقدمة في أعقاب فترة وجيزة من التعويم الحر تميزت بعدم الاستقرار في أسعار الصرف الأجنبي، إلى نظام التعويم المدار managed or dirty floating الذي يسمح لسلطاتها النقدية بالتدخل المحدود في أسواق صرفها للحيلولة دون حدوث تغيرات كبيرة في أسعار صرفها. في المقابل فان غالبية الدول النامية بما فيها عدد كبير من الدول العربية قد اختارت تثبيت أسعار صرف عملتها مع الدولار الأمريكي بشكل رئيسي، الأمر الذي ربط مستويات التضخم وأسعار الفوائد فيها مع تلك السائدة في السوق الأمريكي. من ناحية أخرى فقد حافظ الدولار الأمريكي على دوره كعملة رئيسية للمدفوعات الدولية في النظام النقدي الجديد، مما أعطى أمريكيا ميزة رئيسية كونها الدولة الوحيدة في العالم التي لا تحتاج إلى بناء احتياطياتها من النقد الأجنبي (بعد وقف التحويل للذهب)، مما أعطى سلطاتها النقدية حرية كبيرة فيما يتعلق بسياساتها النقدية وخاصة التوسعية منها، حيث أن الكلفة الوحيدة لذلك هو كلفة الورق وطباعته. والاعتقاد السائد أن الولايات المتحدة قد استغلت هذه الميزة وبالغت كثيرا في الإصدار النقدي وطباعة الدولارات دون حسيب أو رقيب وخاصة في الفترة السابقة لظهور الأزمة المالية الراهنة، وذلك لتمويل التوسع الهائل في النفقات العامة نتيجة لتورطها في حروب عديدة كما سبقت الإشارة إليه، الأمر الذي ساهم في زيادة المديونية العامة من جهة والى تراجع مستمر في قيمة الدولار الأمريكي مقابل العملات الدولية الرئيسية وخاصة اليورو والين الياباني. وبالطبع ففي كل مرة يتراجع فيها الدولار مقابل العملات العملات الأخرى الرئيسية يعني خسارة نقدية للاستثمارات المالية بالدولار سواء في الولايات المتحدة أم خارجها وسواء كانت تعود ملكيتها لمستثمرين أمريكيين أم أجانب . وتمتد هذه الخسارة أيضاً وبنفس النسبة تقريبا إلى الدول التي تثبت قيم عملاتها المحلية مع الدولار الأمريكي. وعلى هذا الأساس فان أية أزمة مالية في الولايات المتحدة تقود إلى سحب استثمارات من هذه الأقطار لتتوطن في دول أخرى ذات عملات معومة كأوروبا وبلدان جنوب شرق آسيا و/ أو لتعويض النقص في السيولة الناجم عن الخسائر المتحققة في هذه الدول.
آلية أسعار السلع
إضافة إلى تدفقات الأموال والأصول بين الدول فان التحرير التجاري المصاحب لتعزز ظاهرة العولمة قد أدى إلى مضاعفة حجم التجارة الدولية في السلع والخدمات. وتعتبر السوق الأمريكي من اكبر الأسواق العالمية من حيث الجم والقوة الشرائية حيث تقدر الانكتاد مستوردات الولايات المتحدة بما يقارب 20 في المائة من إجمالي المستوردات العالمية UNCTAD website)). وهذا يوفر آلية ثالثة لنقل تغيرات أسعار السلع المتاجر فيها دوليا من خلا ل ما يسمى في الاقتصاد بمبدأ تعادل القوة الشرائية (PPP) purchasing power parity. وتعمل هذه الآلية باتجاهين: فيمكن للولايات المتحدة أن تستورد التضخم من خلال الصادرات القادمة لها من الخارج، ويمكن له أيضا أن تصدر التضخم من خلال ما تستورده الدول الأخرى من السوق الأمريكي. فعلى سبيل المثال ساهم ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة قبيل انفجار الفقاعة العقارية في رفع معدلات التضخم الأمريكية مما أضاف أعباء إضافية على الأفراد المستهلكين والمقترضين، ولزيادة الأمور سوءا فقد تزامن ذلك مع سياسة رفع أسعار الفوائد الذي انتهجته السلطة النقدية الأمريكية لمواجهة الضغوط على الدولار وكذلك الضغوط التضخمية. الأمر الذي أدى في النهاية إلى عجز الأفراد عن السداد وانفجار الفقاعة الائتمانية أو العقارية.
4- آلية التوقعات: تقوم الوحدات الاقتصادية المختلفة وخاصة المستثمرين والمضاربين بالتوقع حول المستقبل عند اتخاذ قراراتها، وتتأثر توقعاتها بعوامل اقتصادية ونفسية معقدة الأمر الذي يجعلها ذات طبيعة غير منتظمة ولا تستند بالضرورة إلى المنطق أو الرشد الاقتصادي. ويصنف الاقتصاديون التوقعات إلى توقعات متفائلة أو توقعات متشائمة. فإذا تفاءل المستثمرون أو المضاربون حول المستقبل فإنهم يقومون بالتوسع في استثماراتهم ومضارباتهم الآن مما يميل إلى إيجاد مزيد من التوسع وتسارع العجلة الاقتصادية. أما في حالة التشاؤم فيحجمون عن الاستثمار أو إبرام الصفقات مما يؤدي إلى آثار انكماشية مضاعفة. ونظرا للطبيعة المعقدة لهذه التوقعات فان أحدا لا يستطيع التنبؤ باتجاهها. على صعيد الأزمة المالية الحديثة تلعب التوقعات دورا كبيرا وتساهم في تفاقم الأزمة: فانفجار الفقاعة العقارية قد اوجد حالة من التوقعات التشاؤمية حول التطورات الاقتصادية المستقبلية الأمر الذي دفع المستثمرين إلى الإحجام عن الاستثمارات الجديدة أو تقليصها على الأقل، ودفع البنوك إلى الإحجام عن الإقراض سواء فيما بينها أو للأفراد خوفا من النقص في السيولة لديها مما ساهم بالضغط للأعلى على معدلات الفوائد وخلق شحا في السيولة. من جهة أخرى فان التوقعات المتشائمة قد أدت إلى موجة من الهلع في أوساط الأفراد العاديين والمضاربين ودفعتهم إلى الإقبال الشديد على بيع الأسهم وغيرها من الأصول لتجنب الخسائر المحتملة الأمر الذي أدى بدوره إلى مزيد من الانهيار والتراجع الاقتصادي.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الآليات لا تعمل بشكل منفصل عن بعضها البعض بل تتفاعل بشكل آني فيما بينها. فالضغوط الانكماشية أو التضخمية في السوق الأمريكي سواء كان مصدرها محليا أم مستوردا ستميل إما لتغيير قيمة الدولار مقابل العملات الدولية الرئيسية و/أو تكيف أسعار الفوائد مما يؤدي إلى آثار معززة ومضاعفة على الاقتصاد الأمريكي والذي بدوره ينشر هذه الآثار من خلال القنوات المذكورة أعلاه إلى بقية أنحاء العالم ولكن بدرجات متفاوتة وذلك اعتمادا على درجة انفتاحها ومدى ارتباط أسواقها بالسوق الأمريكي وطبيعة استجابة صانعي السياسات فيها. إضافة إلى ذلك فان التوقعات التشاؤمية محليا ستؤدي إلى مضاعفة هذه الضغوط في الأسواق المحلية وتساهم أيضا من خلال وسائل نقل المعلومة المتعددة والسريعة في نقل العدوى للأسواق الأجنبية. مثل هذه التفاعلات السريعة والمتصاعدة والعالمية بطبيعتها قد تتطور إلى ديناميكية خطرة تهز الثقة العالمية في المؤسسات المالية والنقدية وحتى في النظام المالي والنقدي الدولي برمته كما هو حاصل الآن.
الآثار المتوقعة للازمة على الدول النامية
بعد هذا العرض الموجز لآليات نقل الأثر دوليا يمكن الآن استخدامها لتوضيح وتحليل الآثار المتوقعة على الدول النامية بشكل عام والدول العربية بشكل خاص. وسيقتصر التحليل هنا على الاتجاهات العامة دون التطرق إلى الآثار الكمية المحددة بالنسبة لكل دولة أو إقليم لان ذلك يعتمد على توفر المعلومات والبيانات الكمية الأمر الذي يتطلب دراسة كمية متخصصة وخارج عن نطاق الدراسة الحالية.
كما أوضحنا سابقا فقد أدت الممارسات الخاطئة من قبل المؤسسات المالية والمصرفية والعقارية الخاصة وبغياب التنظيم والرقابة الحكومية إلى توسع غير مسبوق في حجم الائتمان وتضخم هائل في الكتلة المالية والنقدية أدى في النهاية إلى انفجار ما يعرف بفقاعة الرهن العقاري. وقد أدى ذلك إلى آثار مركبة على الاقتصاد الأمريكي بشقيه النقدي والحقيقي. فعلى الصعيد النقدي والمالي تآكلت قيم الأصول المالية وتراجعت أسعار الأسهم وعجزت بعض البنوك والشركات الاستثمارية وشركات التامين عن الوفاء بالتزاماتها مما أدى إلى تفشي ظاهرة الافلاسات وتسريح العمالة. وقد ساهم ذلك في إيجاد بيئة من التوقعات التشاؤمية انعكست في موجات من المضاربات المالية أدت إلى مزيد من التراجع في أسعار الأسهم والى تردد البنوك ومؤسسات الإقراض الأخرى عن الإقراض وتقديم التسهيلات الائتمانية، مما خلق شحا غير مسبوق في السيولة وحالة من الهلع والارتباك دفعت العديد من المؤسسات والأفراد إلى تسييل متهور وسريع لأصولهم والى سحوبات مالية ضخمة من النظام المصرفي. أما على صعيد الاقتصاد الحقيقي فقد أدى شح السيولة والتوقعات المتشائمة إلى إحجام المستثمرين في القطاعات الحقيقية وخاصة العقارية والصناعية عن الاستثمار، إضافة إلى ذلك فقد تراجع الإنفاق الاستهلاكي وخاصة في مجالات السلع المعمرة والعقارية والسلع الكمالية مما ولد ضغوطا انكماشية مزدوجة على الاقتصاد الأميركي. وقد ساهمت هذه التطورات المالية والحقيقية في تفاقم المشاكل الاقتصادية الكلية المزمنة التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي أصلا كارتفاع المديونية بشقيها العام والخاص، وارتفاع العجز التجاري وعجز الموازنة العامة إلى مستويات غير مسبوقة. كما وارتفعت معدلات البطالة وان بشكل محدود حتى الآن.
التبعية للاقتصاد الأمريكي
وسرعة انتقال العدوى
كما رأينا أعلاه فان الاقتصاد الأمريكي يلعب دورا محوريا في الاقتصاد العالمي سواء على الصعيد المالي النقدي أو على الصعيد الفعاليات الاقتصادية الحقيقية. فإضافة إلى كون الدولار العملة الرئيسية على الصعيد الدولي فان الاقتصاد الأمريكي هو الأول أيضا من حيث حجم الإنتاج والاستهلاك والاستيراد عالميا ، مما يعني أن دخوله في حالة ركود سيقود تراجعا في اقتصاديات كافة الأقاليم والدول الأخرى وان بدرجات متفاوتة. وكما رأينا سابقا فان قنوات نقل الأثر المتعددة ستعمل على تحويل الأزمة المالية والنقدية إلى كافة القطاعات الاقتصادية الحقيقية من جهة والى اقتصاديات الدول الأخرى من جهة أخرى. وحيث أن مصطلح الركود الاقتصادي يشير الى تباطؤ في مستوى النشاط الاقتصادي الحقيقي وليس المالي او النقدي فان التركيز في هذه الدراسة سينصب على التشابكات بين مستويات النشط الحقيقي للاقتصاديات العالمية الرئيسية مع مستوى النشاط الحقيقي للاقتصاد الأمريكي. وسيساعد قياس درجة التشابكات هذه على فهم الدور المحوري للاقتصاد الأمريكي في توجيه الاقتصاديات العالمية، إضافة إلى توضيح سرعة ودرجة تأثر هذه الاقتصاديات المختلفة بمستوى النشاط الاقتصادي الأمريكي.
وفقا لسكرتاريا منظمة التجارة العالمية WTO Secretariatفان الولايات المتحدة الأمريكية تحتل المرتبة الأولى على صعيد التجارة الدولية حيث تصل حصتها إلى حوالي خمس (19%) المستوردات السلعية العالمية لعام 2007، كما أنها الأولى على صعيد صادرات الخدمات التجارية حيث تصل مساهمتها الى حوالي 14% من تجارة الخدمات التجارية العالمية.
سيستخدم الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة (الحقيقي) للولايات المتحدة وللمجموعات الدولية الرئيسية (مجموعة الدول الصناعية السبع G7، ومجموعة الدول النامية والصاعدة developing and emerging ، ومجموعة دول الشرق الأوسط middle east countries . إضافة إلى ذلك ونظرا للعلاقة الخاصة بين الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد الأردني حيث يرتبط الأردن باتفاقيات اقتصادية هامة مع أمريكيا على شكل اتفاقية منطقة التجارة الحرة واتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة إضافة إلى تثبيت قيمة الدينار الأردني مقابل الدولار الأمريكي، سيتم أيضا قياس درجة الترابط الحقيقي بين الاقتصاديين بهدف استقصاء مدى تأثر الأردن بحالة الركود الاقتصادي الأمريكي. وحيث أن التغيرات في مستوى النشاط الحقيقي هي التي تشير إلى الركود أو التوسع وليس مستوى النشاط نفسه فستستخدم معدلات النمو الحقيقية real growth rates للدول او الكتل الاقتصادية المذكورة وهي كالتالي: USRGROWTH لأمريكا و G7RGROWTH لمجموعة الدول الصناعية السبع و DEVEMRGROWTH لمجموعة الدول النامية والصاعدة و ا MERGROWTH لمجموعة دول الشرق الأوسط و JORRGROWTH للأردن.
واستخدمت الدراسة بيانات مأخوذة من صندوق النقد الدولي IFS للفترة 1980-2008 للمتغيرات المذكورة IMFر8002) ) . الجدول رقم (1) يوضح معلمات عينة الدراسية الأساسية. ويلاحظ ان مجموعة الدول النامية والصاعدة قد حققت أعلى متوسط نمو خلال الفترة (3ر4%) تلتها مجموعة دول الشرق الأوسط (6ر3%) ثم أمريكا (85ر2%) وأخيرا مجموعة الدول الصناعية السبع (49ر2%). وتنعكس الصورة على صعيد مؤشر استقرار مستوى النشاط الاقتصادي حيث جاءت في المقدمة مجموعة الدول الصناعية السبع (لها اقل تباين 4ر1) ثم أمريكا بتباين 26ر3 ثم مجموعة الدول النامية والصاعدة بتباين 38ر3 وأخيرا مجموعة دول الشرق الأوسط بأعلى تباين 37ر7.
وتشير هذه النتائج إلى اختلاف واضح في معدلات النمو ودرجة استقرار النشاط الاقتصادي بين دول وأقاليم العالم المختلفة. ويشير تباين إقليم الشرق الأوسط الكبير مقارنة مع بقية الأقاليم الأخرى إلى أن ذبذبات وأزمات الإقليم مختلفة وقد تعود إلى عناصر استقرار محلية وإقليمية أكثر منها عالمية.
العولمة الاقتصادية
تشير نتائج التقدير إلى أن مستويات النشاط الاقتصادي لكافة الأقاليم أو الدول تتأثر طرديا بمستوى النشاط الاقتصادي الحقيقي الأمريكي مما يؤكد فرضية القيادة الاقتصادية الذي يلعبه الاقتصاد الأمريكي. من ناحية أخرى فان هذه العلاقات الطردية جاءت غير معنوية إحصائيا بالنسبة لإقليم الشرق الأوسط وبالنسبة للأردن على وجه التحديد، مما يعني أن مستوى النشاط الاقتصادي الحقيقي في هذا الإقليم ودوله لا تتأثر كثيرا بمستوى النشاط الاقتصادي الحقيقي الأمريكي. بالطبع فان هذه النتيجة لا تنفي إمكانية تأثر اقتصاديات دول هذا الإقليم على الصعيدين المالي والنقدي. في المقابل فان العلاقات التشابكية قوية وذات دلالة إحصائية مع مجموعة الدول الصناعية السبع ومع مجموعة الدول النامية والصاعدة على التوالي. ويلاحظ أن مستوى النشاط الحقيقي لمجموعة الدول الصناعية السبع يتأثر بشكل فوري وبدرجة أقوى نسبيا بالتغيرات في مستوى النشاط الاقتصادي الأمريكي، وعلى وجه التحديد فان تراجع الاقتصادي الأمريكي بنسبة 1% مثلا سيعني تراجعا في النشاط الاقتصادي لهذه المجموعة بنسبة 54ر0 % (أي النصف تقريبا). بالمقابل فان نفس الركود أو التراجع الأمريكي المذكور سيقود إلى ركود ولكن بدرجة اضعف (بمقدار 2ر0%) في اقتصاديات الدول النامية والصاعدة.
وتدعم هذه النتائج تحليل آليات نقل الأثر الموضحة أعلاه وتشير الا ان ظاهرة العولمة الاقتصادية قد نجحت في بناء تشابكات مالية وحقيقية بين الاقتصاديات العالمية المختلفة وان بدرجات وسرعات متفاوتة. فاستجابة لازمة العقارات وأسواق المال الأمريكية ستتأثر اقتصاديات معظم دول العالم سواء المتقدمة أو النامية، مما جعل ظاهرة الركود وشح السيولة الأمريكية ظاهرة عالمية أثرت بشكل رئيسي على صغار المستثمرين والمنشات صغيرة ومتوسطة الحجم في مختلف أقاليم ودول العالم.
امتداد آثار الأزمة المالية العالمية
ولكن من الواضح أن الأثر المحدد لهذه الأزمات سيتفاوت من دولة إلى أخرى وسيعتمد على مجموعة من العوامل أهمها:
1- درجة الانفتاح التجاري: تتفاوت الدول من حيث درجة اعتمادها على الصادرات والواردات من السلع والخدمات مما يعني تفاوتا في تأثرها بالية تعادل الأسعار، فالدول الأكثر انفتاحا ستتأثر بدرجة أعلى من الدول الأقل انفتاحا. من ناحية أخرى فان الدول المعتمدة على التصدير وخاصة للسوق الأمريكي والأسواق الأوروبية ستعاني من تباطؤ في الطلب على صادراتها مما سيؤدي إلى انخفاض وتراجع في أسعار صادراتها ، وقد انعكس ذلك في الآونة الأخيرة في تراجع أسعار بعض السلع الحيوية كالبترول ومشتقاته والعقارات وبعض المعادن والسلع الزراعية. ويتوقع ان تعمل سيكولوجية التوقعات المتشائمة على مزيد من التدهور في أسعار هذه السلع والى مزيد من الضغوط الانكماشية. وبالطبع فبقدر ما تلحق هذه التطورات الضرر بمصدري هذه السلع فإنها في نفس الوقت تفيد الدول المستوردة لهذه السلع.
2- درجة التورط المالي: كلما كانت درجة تورط البنوك والشركات الاستثمارية للدول النامية في عمليات الإقراض والاستثمار والمضاربة في الأسواق الدولية وخاصة الأمريكية، كلما تعرضت هذه المؤسسات لحجم اكبر من الخسائر. وهنا من المتوقع أن تعاني الدول النامية الغنية وخاصة التي تمكنت خلال السنوات الأخيرة من مراكمة قدر كبير من العملات الدولية مستفيدة من ارتفاع أسعار صادراتها، الأمر الذي ولد عندها فائض سيولة شقت طريقها للإقراض والمضاربة في هذه الأسواق الدولية للاستفادة من معدلات المردود العالية قبل انفجار الأزمة. بالمقابل ستعاني بدرجة اكبر مجموعة الدول النامية ذات الأسواق المالية المنفتحة بدرجة اكبر على الاستثمارات المالية الأجنبية، وذلك لان توقعات هبوط الأسواق إضافة إلى الشح في السيولة في دول هؤلاء المستثمرين سيدفعهم إلى سحب استثماراتهم المالية من تلك الأسواق.
3- درجة الاعتماد على المساعدات الخارجية: ستعاني بدرجة اكبر تلك الدول النامية المعتمدة بدرجة اكبر على المساعدات التي تقدمها الدول المتقدمة، وذلك لان انشغال هذه الدول في معالجة مشاكلها الداخلية وحاجتها للموارد المالية وزيادة الضغوط المحلية المعارضة لهذه المنح والمساعدات خلال الفترة الركود الاقتصادي القادمة، سيدفعها إن لم يكن لوقف هذه المساعدات، فعلى الأقل إلى تقليص حجمها. من ناحية أخرى فان هذا التأثير السلبي قد يولد أثرا ايجابيا يدفع هذه الدول إلى مزيد من الاعتماد على الذات وتشغيل أكفأ لمواردها الاقتصادية.
4- حجم المديونية الخارجية: بالرغم من أن انخفاض أسعار الفوائد المتوقع في ظل الانكماش سيساهم في تقليل عبء المديونية الخارجية إلا أن أزمة السيولة والإقراض الحالية ستجعل عمليات بيع الديون وإعادة الجدولة في المستقبل اقل احتمالا، الأمر الذي قد يعني مزيدا من الصعوبات وخيارات اقل أمام الدول المدينة مما قد يهدد مسيرتها التنموية المستقبلية.
5- سياسة سعر الصرف الأجنبي: كما اشرنا أعلاه فان نظام الصرف الدولي الحالي اقرب إلى نظام التعويم المدار، غير أن عددا كبيرا من الدول النامية قد اختار تثبيت قيم عملته مقابل الدولار الأمريكي بصفته عملة المدفوعات الدولية الرئيسية. وبالتالي فمن المتوقع أن تعاني هذه الدول بدرجة اكبر مقارنة بالدول التي اختارت التعويم المدار أو حتى التثبيت مقابل سلة منوعة من العملات الرئيسية. فقيمة كافة الأصول والاستثمارات المقيمة بالدولار سواء بالداخل أو الخارج قد تراجعت وتآكلت خلال السنوات الأخيرة بنفس درجة التراجع في قيمة الدولار، وقد خسر الدولار أكثر من ثلث قيمته خلال السنوات القليلة الماضية. من ناحية أخرى فان سياسة تثبيت سعر الصرف في ظل عولمة الأسواق المالية وحرية تدفقات الأموال دوليا سيفقد الدولة السيطرة على سياستها النقدية مما يد من قدرته على مكافحة الدورة الاقتصادية ومظاهرها من تضخم وبطالة.
6- درجة التنوع الاقتصادي والاستثماري: ستعاني بدرجة اكبر تلك الدول التي تتصف بدرجة اكبر من التركز في استثماراتها الدولية سواء على الصعيد الجغرافي أو على صعيد القطاعي. فكلما تركزت الاستثمارات في سوق واحد كالسوق الأمريكي مثلا وفي قطاع واحد كالقطاع المالي والعقاري كلما كانت الخسائر المتوقعة أكير. من ناحية أخرى فان الاقتصاديات ذات الهياكل الإنتاجية الأقل تنويعا كتلك المعتمدة على سلعة واحدة أو على عدد قليل من السلع ستعاني من الضغوط الانكماشية بدرجة اكبر. وبالمثل يتوقع أن تعاني بدرجة اكبر اقتصاديات تلك الدول المعتمدة بدرجة كبيرة على قطاع الخدمات وخاصة في المجالات المصرفية والتامين والسياحية.
7- العوامل النفسية: نظرا لاعتماد توقعات الوحدات الاقتصادية على عوامل نفسية واجتماعية وثقافية خارجة عن السيطرة ومعقدة ومتفاوتة من مكان لأخر، فان مقدار الآثار الناجمة على اقتصاديات هذه الدول سيتفاوت وفقا لحالة التوقعات السائدة. ويلعب هذا العامل دورا رئيسيا في حالة الأزمات الاقتصادية ويمكن أن يضاعف من حجم الآثار وبشكل لا يخضع لأي قاعدة منطقية. وحتى في حالة الدول المتشابهة من حيث العوامل السابقة جميعا لا يتوقع أن تكون الآثار متشابهة على اقتصادياتها. وكما اشرنا سابقا فيمكن أن يتطور اثر التوقعات إلى ديناميكية خطيرة تهدد الاستقرار والثقة في النظام الاقتصادي برمته.
8- مدى انتشار حالات الفشل السوقي والمشاكل الاقتصادية الكلية: ستعاني بدرجة أكير اقتصاديات الدول التي تعاني من انتشار حالات الفشل السوقي كالاحتكارات وضعف المنافسة وسياسات التدخل الخاطئة وعدم توفر المعلومات والشفافية ....الخ. من ناحية أخرى يتوقع أن تتفاقم وتتفاعل المشكلة بشكل اكبر في الدول التي تعاني من مشاكل اقتصادية كلية مزمنة كالبطالة والتضخم وارتفاع المديونية الخاصة والعامة وغيرها من الاختلالات الهيكلية والتجارية.
يتضح من هذا العرض والتحليل أن آثار الأزمة ستمتد إلى جميع أرجاء العالم ولكن بدرجات متفاوتة من التأثير اعتمادا على مجموعة العوامل أعلاه.
الآثار المتوقعة على الأردن
تعتبر الأردن من الدول العربية النامية صغيرة الحجم اقتصاديا، وبالتالي فان مدى تأثرها سيعتمد أيضا على العوامل الموضحة أعلاه، ولا نستطيع حساب الآثار الكمية الدقيقة على الاقتصاد الأردني ما لم تتوفر معلومات وبيانات تفصيلية عن كل من هذه العوامل، ولكن هناك بعض المؤشرات العامة التي يمكن الاعتماد عليها للاستنتاج بشكل مشروط حول الآثار المحتملة:
1- يعتبر الاقتصاد الأردني من الاقتصاديات المنفتحة نسبيا مما يعني بالضرورة تاثره بالازمة المالية بشكل عام، من ناحية اخرى تتمتع المملكة بمستوى جيد من التنويع الإنتاجي والاستثماري مما يحد من الآثار السلبية للازمة. أما على الصعيد القطاعي فان قطاعي العقارات والمالي مرشحة بان تعاني بشكل أكبر نسبيا خلا الفترة القادمة. إضافة إلى ذلك فان قطاع السياحة يمكن أن يتعرض للانكماش بسبب الركود العالمي المتوقع في الطلب على خدمة السياحة.
2- من المعروف أن النظام المصرفي الأردني من بين الأنظمة المصرفية الأكثر تنظيما والأكثر تحفظا في مجالات الإقراض والاستثمار مقارنة بمثيلاتها في المنطقة، الأمر الذي سيحد من الآثار السليبة لازمة الرهن العقاري. إضافة إلى ذلك فان أداء الجهاز المصرفي مطمئن فنسبة كفاية رأسمال الفعلية تصل إلى 18% وهي بذلك أعلى من متطلب البنك المركزي الأردني البالغ 12%، وأعلى بكثير من المعايير الدولية والبالغة 8% وفقا لاتفاق بازل.
3- يعتبر السوق المالي الأردني من أكثر أسواق المنطقة خبرة وتنظيما، ولكن نظرا لانفتاحه المتزايد على الاستثمارات العربية والأجنبية بحيث أصبحت تشكل أكثر من 60% من إجمالي استثماراته، فان ذلك يجعله منكشفا وعرضه للانكماش في حال إقبال هؤلاء المستثمرين على البيع بكثافة. إلا أن الأثر النهائي لا يمكن التنبؤ فيه بشكل دقيق لاعتماده على عوامل نفسية وتوقعات ديناميكية لا تخضع لمبدأ الرشد.
4- يمكن أن تتفاعل الضغوط الانكماشية المنتظرة مع المشاكل الكلية الأخرى التي يواجهها الاقتصاد كالبطالة والعجز التجاري وعجز الموازنة والمديونية مما يحمل في ثناياه عوامل خطورة تستدعي الحذر والرعاية من قبل صانعي القرارات والسياسات.
5- يمكن أن يؤدي التراجع في الطلب العالمي الناتج عن الأزمة المالية إلى تراجع في أسعار بعض السلع الأساسية كالبترول والأغذية وبعض المعادن الأمر الذي سيساعد في كبح الضغوط التضخمية المحلية ويخفض من فاتورة استيراد.
6- ستتغير قيمة الدينار بشكل مواز لتغيرات الدولار في الأسواق الدولية كذلك فان ممتلكات الأردن من الأصول والعملات والاحتياطيات المقيمة بالدولار ستتأثر تبعا لتحركات الدولار، من ناحية أخرى وكما سبقت الإشارة إليه يمكن أن تحد سياسة تثبيت سعر الصرف الأجنبي من قدرة السياسة النقدية الأردنية في مواجهة الأزمة الاقتصادية.
7- نظرا لكون الأردن من الدول عالية المديونية فيمكن أن تؤدي هذه الأزمة إلى اثرين: الأول ايجابي يتعلق بانخفاض خدمة المديونية لتراجع أسعار الفوائد، والثاني سلبي ناتج عن زيادة الصعوبات المستقبلية فيما يتعلق بخيار بيع الدين أو إعادة جدولتها.
8- قد يعاني الأردن بشكل محدود كونه دولة مستقبلة للمساعدات الدولية وذلك نظرا لإمكانية قطع أو تقليص هذه المساعدات إذا ما انشغلت الدول المانحة والمؤسسات الدولية في علاج أزماتها الداخلية. من ناحية أخرى ونظرا لكون معظم التحويلات المالية للأردن قادمة من منطقة الخليج العربي (بنسبة 75% من اجمالي التحويلات)، ونظرا لتأثر الأخيرة سلبا بالأزمة المالية وانخفاض أسعار النفط فيتوقع أن تتراجع هذه التحويلات المالية للأردن.
9- يتوقع أن يؤدي الانكماش الاقتصادي العالمي وشح الائتمان إلى تراجع في الطلب الاستثماري والاستهلاكي المحلي وركود في سوق العقارات، غير أن حجم هذا الأثر سيتوقف على سياسة أسعار الفوائد المحلية وعما إذا سمح لها بالتعادل (الانخفاض) مع أسعار الفوائد العالمية وبالذات بنسب تجاري مثيلاتها في السوق الأمريكية.
10- ستعمل الأزمة على تعزيز الدور الحكومي في مجالات الإشراف والرقابة والتنظيم والتشريع والسياسات في مختلف أنواع النشاطات الاقتصادية والتجارية.
بالطبع فان هذا التحليل أولي وتعتمد درجة صحته على مدى دقة المعايير والافتراضات التي يقوم عليها. من ناحية أخرى يمكن للحكومة أن تحد من الآثار السلبية المتوقعة من خلال مجموعة من الإجراءات والسياسات الممكنة feasible: 1- زيادة درجة الشفافية وتوفير البيانات والمعلومات حول المعطيات الاقتصادية والمالية بشكل منتظم ومستمر 2- تبني حزمة من الإجراءات مصممة لتعزيز الثقة بالنظام المالي والمصرفي والحد من المضاربات السلبية كتعهدها بضمان الودائع المحلية أو الالتزام بعدم السماح بحالات الانهيار وتقديم التسهيلات الائتمانية السهلة للمؤسسات المتعثرة...الخ 3- زيادة درجة التنسيق والتعاون على المستوى العربي للوصول إلى سياسات وإجراءات موحدة لمواجهة توابع هذه الأزمة على كافة الدول العربية، حيث أن الجهود المنفردة لا تستطيع مواجهة الأزمة ذات الطبيعة العالمية.
4- إدخال الأنظمة الرقابية الصارمة والتشريعات اللازمة لتنظيم كافة النشاطات الاقتصادية وخاصة المالية منها المتعلقة بالأدوات والمشتقات المالية الحديثة، ويشمل ذلك تشجيع المؤسسات المصرفية والمالية على تطوير أنظمتها المحاسبية والرقابية وزيادة درجة الشفافية 5- استخدام أدوات السياسة النقدية والمالية بشكل منسجم للحد من الضغوط الانكماشية ودون إفراط لتجنب الضغوط التضخمية خاصة في ضوء الارتفاع الحالي في الأسعار 6- لا بد على المدى البعيد من إعادة النظر في السياسات النقدية وسياسة أسعار الصرف الأجنبي في ضوء التطورات والتغيرات المتوقعة في مؤسسات ونظام المدفوعات الدولي.
الحلول والآفاق الدولية
بالرغم من تعدد الأزمات المالية التي شهدها العالم منذ انتهاء العمل بنظام برتن- وودز عام 1971، إلا أن الأزمة المالية والاقتصادية التي يشهدها العالم الآن تعتبر الأسوأ من حيث تجذرها وحجم الأصول المخاطرة ومدى انتشارها العالمي. والسيناريو الأسوأ هو أن تدفع هذه الأزمة الاقتصاد العالمي إلى حالة من الكساد مشابهة لحالة الكساد الكبير الذي حدث في أواخر العشرينات من القرن السابق. وفي هذا الصدد انقسم الاقتصاديون والمحللون إلى قسمين: قسم يرى أن الأسوأ في الأزمة المالية العالمية قد تم تجاوزه، وقسم آخر يرى أن الأسوأ قادم. واعتقادنا أن هذه الأزمة الحالية ذات طبيعة متفاقمة ومعقدة ولن تكون عابرة وان آثارها الانكماشية ستمتد إلى فترة ليست بالقصيرة، وان الفترة القادمة قد تشهد مزيدا من الانهيارات المالية والاقتصادية وتفشي مشكلة البطالة. وبالرغم من هذه الصعوبات المتوقعة وحالة التراجع الاقتصادي إلا انه من غير المتوقع أن تؤدي إلى حالة مشابهة لحالة الكساد الكبير.
وبشكل عام ستعتمد درجة الركود الاقتصادي وطول مدتها على حزمة الإجراءات والسياسات المتبعة من قبل الولايات المتحدة بشكل خاص وبقية دول العالم، وعلى مدى الاستجابة لها من قبل الوحدات الاقتصادية المختلفة. وما تقوم به أمريكيا وبقية دول العالم الآن من إجراءات وسياسات لمواجهة الأزمة تتلخص بما يلي: 1- ضخ مبالغ هائلة من النقود في الأسواق المالية للحد من مشكلة النقص الحاد في السيولة العالمية 2- مساعدة المؤسسات المالية المتعثرة من خلال شراء ديونها المعدومة أو دخول الحكومة كشريك ومن خلال التملك العام (التأميم) وتشجيع عمليات الاندماج والاستحواذ 3- اعتماد سياسة نقدية توسعية لخفض أسعار الفائدة وتشجيع الاستثمار والاستهلاك بقصد الحد من التراجع الاقتصادي 4- وللحد من عامل التوقعات فقد لجأت الحكومات إلى رفع سقف الودائع المضمونة أو إلى الضمان الكامل للودائع في بعض الدول.
هل تكفي هذه السياسات لحل الأزمة؟ يعتمد ذلك على مجموعة من العوامل أهمها حجم هذه الأموال المضخوخة الإضافية مقارنة بحجم الديون والأصول محل المخاطرة، والاعتقاد السائد أن حجم هذه الأموال الإضافية والبالغة 7 تريليون دولار في السوق الأمريكي اقل بكثير من حجم الأصول والقروض المعرضة للخطر والتي تصل إلى أضعاف هذا المبلغ. غير أن لها آثارا ايجابية فيما يتعلق بالتوقعات ويمكن أن تؤدي على المدى البعيد إلى انحصار الضغوط الانكماشية. من ناحية أخرى فان استمرار سياسة التوسع النقدي تنطوي على مخاطرة إشعال فتيل التضخم وخاصة في ضوء الارتفاع الملموس في الأسعار بسبب ارتفاع كلفة النفط والمبالغة في الإنفاق العام. من ناحية أخرى فان الانخفاض المستمر في أسعار الفوائد الأمريكية قد بلغ أقصى مداه وحول أسعار الفوائد الحقيقية إلى سالبة في أمريكيا مما يزيد من مخاطر هجرة الأموال للخارج، ويحد من إمكانية الاستمرار في التوسع النقدي كوسيلة للخروج من أزمة التراجع الحالية.
أما فيما يتعلق بإجراءات التملك الحكومي والاندماجات فبالرغم من آثارها الايجابية على المدى القصير والمتمثلة بالحيلولة دون المزيد من الانهيارات وتحسين نفسية الأفراد والشركات، إلا أنها أيضا تنطوي على مخاطر تمتد من المجازفة بتبديد الأموال العامة وتفاقم المديونية الحكومية وصولا إلى التشكيك في مستقبل النظام الاقتصادي الرأسمالي برمته.
مستقبل الرأسمالية ونظام السوق الحر تثير هذه الأزمات المالية والاقتصادية المتلاحقة تساؤلات حول مستقبل النظام الاقتصادي الرأسمالي أو ما يسمى نظام السوق الحر. بداية من المفيد ملاحظة أن معظم الأنظمة الاقتصادية الحالية لا تتبع النظام الرأسمالي الحر القائم على مبدأ اليد الخفية invisible hand الذي جاء به ادم سميثAdam Smith في أواخر القرن الثامن عشر. وإنما يمكن اعتبارها جميعا وان بدرجات متفاوتة، أنظمة اقتصادية مختلطة mixed economies قائمة على مبدأ حرية الأسواق الاقتصادية المستندة إلى وجود دور اقتصادي فاعل للحكومة (ليس فقط امني ودفاعي)، وقد كان الاقتصادي الكبير جون ? كينزJohn Maynard Keynes أول من دعا له. من جهة أخرى يجب التنويه بان النظام الرأسمالي يقدم الكفاءة الاقتصادية والحوافز الخاصة على مبدأ العدالة الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يستدعي كما لاحظ كينز نفسه وجود دور حكومي مكمل لسد هذه الفجوة. من ناحية أخرى فان الدورة الاقتصادية وما يرافقها من تقلبات اقتصادية تعتبر سمة ملازمة للاقتصاد الرأسمالي، حيث مرت الاقتصاديات الرأسمالية منذ نشأتها بدورات توسع وهبوط مستمرة ومختلفة من حيث حدتها وطول فترتها، ولكنها تمكنت من تجاوزها جميعا بما في ذلك مشكلة الكساد الكبير الأسوأ تاريخيا. وكما أن هناك ازدهار ورفاه وجني للأرباح في حالات التوسع الاقتصادي، فهناك حالات من الإفلاس والمعاناة في حالات التراجع الاقتصادي. واعتقادنا أن الأزمة الحالية لا تختلف عن سابقاتها من حيث ارتباطها بالدورة الاقتصادية وأنها سوف تنحصر في النهاية وان تطلب ذلك مرور بعض الوقت ومزيدا من المعاناة. إضافة إلى ذلك فإن الممارسات الخاطئة التي ترعرعت في ظل النظام الاقتصادي المعاصر وغياب دور حكومي منظم ومراقب وفاعل هي المسئولة بشكل رئيسي عما وصلت إليه الأزمة المالية والاقتصادية الحالية. وخاصة أن نفس هذه الفترة قد شهدت تطورا سريعا وغير مسبوق في أسواق المال ومشتقاتها وزيادة درجة التكامل والتشابك بين دول العالم في ظل تصاعد ظاهرة العولمة، مما خلق فجوة هائلة في مجال التشريعات والقوانين وأنظمة الرقابة.
وكما سبقت الإشارة أعلاه فان بذور الأزمة بدأت منذ عام 1971 في أعقاب التخلي عن نظام مدفوعات برتون- وودز Bretton Woods وما أعقب ذلك من سياسات اقتصادية أمريكية وبريطانية خاصة في عهد كل من الرئيس الأمريكي ريجن ورئيسة الوزراء البريطانية تاتشر أدت إلى ارتداد عن دور الدولة الفاعل الذي دعى له الاقتصادي كينز. وقد تلا ذلك موجات محمومة من الخصخصة وتغييب الأنظمة والتشريعات الاقتصادية economic deregulation ، وتقليص حجم ودور الحكومة الاقتصادي بشكل غير مسبوق، مما مهد إلى إيجاد بيئة مواتية لظهور ونمو الممارسات الاقتصادية والمالية الخاطئة والمدفوعة بحافز الربح السريع والجشع البشري.
واعتقادنا أيضا أن السياسات المتبعة من قبل مؤسسات النظام الدولي كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية قد ساهمت في الوصول إلى هذه البيئة المتضخمة من حيث تدفقات الأموال والأصول والتبادل التجاري، والمنكمشة من حيث الدور الحكومي. فبرامج هذه المؤسسات الدولية الموجهة نحو تشجيع الخصخصة وتغييب التنظيمات والأنظمة الحكومية ودفع الدول نحو مزيد من الانفتاح المتسرع كلها ساهمت بالوصول إلى هذا الوضع العالمي المتأزم .
إضافة إلى ذلك فان السياسات الخاطئة لكثير من الدول واندفاعها غير المدروس نحو الانفتاح التجاري والمالي والخصخصة المتسرعة في ظل استشراء حالات الفشل السوقي المنتشرة فيها لعبت دورا في مفاقمة الأزمة وتطورها للوضع الحالي.
ويسيء الفهم العديد ممن يعتقدون أن نظريات السوق الاقتصادية تتطلب الانفتاح والتحرير المطلق للأسواق، فالنظرية الاقتصادية المعروفة بنظرية الخيار الثاني الأفضل second best theory ، سبق وبينت أن سياسات الحماية في ظل انتشار التشوهات السوقية تمثل احد الحلول المفضلة على سياسة الانفتاح والتحرير غير المشروط .
الرأسمالية والتدخل الحكومي
توقعنا بتجاوز النظام الرأسمالي من هذه الأزمة لا يعني أنها سوف لا تؤدي إلى آثار عميقة ودائمة وتؤثر على تركيبة النظام النقدي والمالي الحالي وقد تغير دور اللاعبين الأساسيين فيه. وعلى وجه التحديد يتوقع أن تترك الأزمة الحالية الآثار التالية في الأجل الطويل:.
1- لا بد من إعادة تفعيل دور الحكومة الاقتصادي والعودة إلى مبدأ التدخل الكينزي لتنظيم ورقابة عمل آليات السوق وسلوك اللاعبين فيه. ولذلك يتوقع انحصار عمليات الخصخصة ومزيدا من التفعيل لسياسات الحكومة الاقتصادية والتجارية والعودة إلى تفعيل وتطوير آليات التنظيم والرقابة الحكومية وخاصة في مجال النشاطات المالية والتجارية.
1- ستميل البنوك والمؤسسات المالية والاستثمارية إلى تغيير عادات إقراضها واستثمارها بحيث يتم التركيز على أهداف الاستقرار والثبات المالي أكثر من أهداف المخاطرة العالية لجني الأرباح السريعة.
2- سيتراجع دور الولايات المتحدة ودور الدولار الأمريكي في النظام النقدي والاقتصادي الدولي مما سيمهد الطريق لظهور نظام نقدي ومالي أكثر توازنا وعدالة.
3- يتوقع أن تؤدي هذه الأزمة إلى إعادة النظر في النظام النقدي والمالي الدولي برمته بما في ذلك مؤسسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية. ويتوقع حدوث إصلاحات نحو زيادة الدور الرقابي والإشرافي لهذه المؤسسات وخاصة فيما يتعلق بضبط حركات الأموال والأصول الأخرى عبر الدول وباتجاه مزيد من الشفافية.
4- أخيرا فان دول العالم ستدرك أكثر أهمية التعاون الدولي والجماعي في مواجهة مشاكل العولمة، وتدفعها إلى درجة اكبر من التنسيق في سياستها وإجراءاتها والابتعاد عن ردود الفعل الفردية لعدم جدواها في ظل العولمة.
@ انشأ المرصد الاقتصادي بموجب اتفاقية شراكة بين الجامعة الأردنية وغرفة صناعة الأردن وغرفة تجارة عمان