الساعة

الضرائب على الدخل والمبيعات.. هل من حل ؟

06/06/2012

مركز الرأي للدراسات

اعداد : محمد البشير

حزيران 2012

مرة أخرى، ومرات كثيرة ستستمر الكتابة عن هذا القانون الذي عبر عن مرحلة من مراحل الصراع بين قوى المجتمع الاردني خاصة، بعد انضمام الحكومات الأردنية المتعاقبة إلى ميدان الاقتصاد العالمي الجديد عبر بوابة الاعتماد على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كمراجع لوضع السياسات المالية والنقدية للأردن وما يتفرع عنهما من سياسات اقتصادية مستقره اعتمد عليها هذا الاقتصاد خلال العقود الماضية من عمر الدولة الأردنية، إضافة إلى الحساسيه في الدخول إلى منظمة التجارة العالمية هذا الدخول الذي أعقبه تنزيل كبير للرسوم الجمركية على السلع والخدمات المستوردة الذي أدى إلى انخفاض واردات الخزينة مما دفع الحكومة لتعويض ذلك بوضع قانون الضريبة العامة على المبيعات السلعية والخدمية كما رافق ذلك تخفيض للنسب الضريبية المتصاعدة على دخول الشركات والأفراد الذي استقر عليه الأردن تمشياً مع ما نص عليه الدستور الأردني منذ سن التشريع الضريبي الأول والذي تصاعدت نسبته ما بين (5% - 55%) والذي إنحاز بشكل واضح إلى خصوصية البنية التحتية للاقتصاد المتمثلة في الصناعة والزراعة والذي خفض نسبة الضريبة عن القطاع الأول وأعفى دخل الثانية من هذه الضريبة.

مخرجات قوى المراكز الاقتصادية

أنها المرة الرابعة التي حاولت الحكومة فيه تمرير قانون لضريبة الدخل خالي من التصاعدية ومنتصر لطبقة بعينها تقودها مراكز القوى الاقتصادية وعلى رأس هذه القوى القطاع المالي الذي يمثل البنية الفوقية للاقتصاد من بنوك وشركات تأمين وشركات صرافة وتجار السوق المالي من أفراد أو شركات وساطة مالية على حساب الفئات الأخرى التي لا قوى فاعلة لها والتي تتشكل من القوى الاستهلاكية ومحرك الاقتصاد، الطبقتين الرئيسيتين المتوسطة والدنيا.

أن وضع القوانين أو تعديلها يعبر عن مخرجات قوى المراكز الاقتصادية وتداخل مصالحها وعلاقاتها مع الحكومات التي حاولت خلال السنوات الماضيه أن تزين هذه المخرجات بعقد حوارات علنية مع الأحزاب السياسية تارة أو النقابات المهنية تارة أخرى حيث كانت نتائج هذه الحوارات صفراً، حيث إهملت ملاحظاتها أو احتياجاتها إلا ما يتعلق بتمريرها عبر الصحف تجميلاً لصورة القانون أو التعديل الذي تفرضه القوى الاقتصادية الأولى والنتيجة الأخذ برأي أصحاب المصالح الذين لهم حصة جيدة داخل السلطة التشريعية.

إلا أن السلطة التشريعية ورغم دورها المتواضع وغير المتفق مع الدستور باعتبارها أداة تشريع ورقابة ومحاسبة لم تستطع عبر السنوات الماضية وأثناء مناقشتها للقوانين المقترحة وخاصة منها قانوني ضريبة الدخل وضريبة المبيعات من الموافقة على ما ورد في هذين القانونين لأنها كانت تعبيراً واضحاً عن انحياز كبير لأصحاب المصالح وحيث أن كافة المشروعات السابقة والقوانين المقترحة الحالية كانت ترتكز على جملة من الموضوعات المتشابهة فأنني هنا أستعرض هذه الموضوعات تباعاً:

دأبت القوانين السابقة المتعلقة بالضريبة على الدخل بالإنسجام مع الدستور الأردني وحسب المادة رقم (111) منه على مراعاة التصاعدية في الضريبة فمنذ نشأتها كانت النسب الضريبية تبدأ من (5%) وتمر متصاعدة إلى (10% فـ 20% ... الى 45%) على الأفراد بعد الـ (36) ألف دينار أما الشركات المالية فقد وصلت النسبة إلى (55%) بعد (36) ألف دينار مع مراعاة قطاع الصناعة بـ (40% و 38%) والقطاع الزراعي بالإعفاء الكامل.

ابتداءً من 1/1/1996 تم تنزيل هذه النسب عدة مرات متغيرة إلى (25%) على القطاعات المختلفة و (35%) على قطاع التأمين و (35%) على قطاع البنوك مع جملة من الإعفاءات كان البنك يدفع بسببها بحدود (22 – 24%) فقط.

اليوم يأتي القانون سخياً في ظل عجز رهيب في الموازنة وتآكل في دخول الأفراد المستهلكين وتراجع في معدلات الإنتاج وزيادة في البطالة وتباطؤ في النمو لينتصر لمراكز القوى ولتفرضه الحكومة بقانون مؤقت، رغم آنف كل القراءات والاعتراضات والاقتراحات التي قدمتها قوى الضد لمراكز القوى الاقتصادية الكبرى ..!؟ التي تسيطر على قرارات السلطة التنفيذية!؟.

أن المفارقة التي حملها القانون على صعيد الأفراد أنه وضع على قدم المساواة بين رب الأسرة الذي لديه معالين صغار وطلبة جامعات وإعفاءات أخرى وأبنه المتزوج حديثاً حيث أن الأسرتين تتمتعان بنفس القدر من الإعفاءات الضريبية وهذا يتنافى مع المبدأ الدستوري المتعلق بالمقدرة على الدفع ناهيك عن أن توحيد النسبة بين (7% و 14%) تضرب العدالة بعرض الحائط فالأصل أن تكون نسبة الضريبة و/أو الضريبة التي تؤخذ من الدخول العالية متصاعدة مع هذه الدخول ليحل محل ذلك تخفيض للضرائب المفروضة على الدخول المتدنية للفئات الأخرى.

التميز بين الشركات والأشخاص

لقد ميزت القوانين السابقة بين شركات الأشخاص بما فيها المؤسسات الفردية وشركات الأموال من حيث أن شركات الأشخاص بشكل عام تنتمي إلى المنشآت المتوسطة والصغيرة وبالتالي فقد راعت القوانين تاريخياً مقدرة تلك المنشآت على الدفع من حيث أن المنشآت وشركات الأموال اعتبرتها التشريعات أموالاً عامة في كثير من الأحيان وأفرد لها المشرع واجبات وحقوق لا تتمتع بها المنشآت الأخرى باعتبارها تشكل القاعدة الأوسع والأكبر على الصعيد الاقتصادي.

أن الشركاء في شركات الأشخاص يتحملوا المسؤولية المطلقة تجاه ديون هذه الشركات ما عدا الموصين منهم في حين أن شركات الأموال من مساهمة خاصة أو مساهمة محدودة أو مساهمة عامة لا يتحمل شركاءها إلا بحدود رؤوس أموالهم المدفوعة مما جعل من مراعاتهم عبر السنوات الماضية من عمر التشريع الضريبي موضوع متفق عليه إلا أن القانون الحالي قصد وتعمد إهمال هذه القاعدة القانونية فالمساواة بين هاتين المنشأتين (شركات الأموال وشركات الأشخاص) فيه انتصار لصالح مراكز القوى الاقتصادية الكبرى!؟.

أن الغالبية العظمى من الأفراد والأسر كانت تنتمي إلى شركات التضامن والمؤسسات الفردية وأن فرض ضريبة مباشرة على دخولها فيه إفراغ لمضمون الإعفاءات الواردة في القانون من حيث (12 + 12) ألف للعائلة، إذ سيتأثر الكثير من أفراد الطبقة المتوسطة والدنيا من هذا القانون ناهيكم عن الاجتهاد الذي سيعامل الأفراد كمنشآت أو شخص اعتباري كما ورد في القانون وبالتالي سيخضع هذا الشخص إلى ضريبة مقطوعة قبل الحصول على الإعفاءات التي روجتها الحكومة والتي رحب بها الكثير من المواطنين..!؟.

أن إعفاء الدخل الذي يحققه المستثمر الأجنبي من استثمار رأسماله الأجنبي والفوائد والأرباح وحصيلة تصفيته استثماراته أو بيع مشروعه أو حصصه أو أسهمه فيه مبالغة في الإعفاء ولا يحقق العدالة مع الاستثمارات المحلية فجميعنا يتفق على ضرورة هذه الاستثمارات لكن ليس بأي ثمن فالتجربة مريره خلال السنوات الماضية مع استثمارات المدن الصناعية التي كان أصحاب رؤوس الأموال فيها غير ملتزمين بالقوانين ذات العلاقة بالعمالة من قانون عمال أو قانون الضمان الاجتماعي أو قانون الأمومة والطفولة وغيرها الكثير ناهيك عن عدم التزامهم حتى باقتطاع وتوريد حصة دائرة ضريبة الدخل من الرواتب التي يدفعها هؤلاء المستثمرين للمقيمين من أجانب أو أشخاص أردنيين عاملين لديهم.

أن إعفاء ما يتحقق للبنوك والشركات المالية غير العاملة في المملكة من فوائد الودائع وأرباح شركات إعادة التأمين الناجمة عن عقود التأمين المبرمة مع الشركات العاملة .. الخ لا أجد مبرراً لإعفاءها بالكامل ما دام المشرع دأب منذ وقت طويل بفرض ضريبة على فوائد ودائع الأردنيين سواء كانوا أفراداً أو أشخاصا معنويين والأصل أن الكثير من هذه الاستثمارات تأتي لإرتفاع نسبة الفائدة على الودائع في الأردن مما يستوجب وتحقيقاً للعدالة أن يتم فرض ضريبة معقولة على هذه الفوائد المدفوعة لهذه البنوك أو الشركات المالية.

المبررات والأسباب

أن ربط الفوائد والمرابحة وقبولها كنفقة إنتاجية برأس المال المدفوع أو متوسط حقوق الملكية أيهما أكبر غير مبرر ويحد من توسع المنشأت ويتناقض مع المبررات والأسباب الموجبة لهذا القانون الذي كان أبرزها تشجيع الاستثمار وخلق مشاريع إنتاجية وفي نفس الوقت ما تضمنته الدعوات المختلفة للبنوك في رفع سقف التسهيلات للمشاريع الإنتاجية ومن غرائب هذه المادة أنها لم تسمح تدوير الزيادة في الفوائد للسنوات اللاحقة وبالنتيجة فهي ضد مبدأ هام في المحاسبة وهو مقابلة الإيرادات بالمصاريف!؟

منع القانون في الفقرة (ط/1) من المادة (5) أن تكون مصاريف الصيانة أكثر من ما نسبته (5%) من قيمة الأصول على أن يتم رسملة ما زاد عن ذلك على حساب الأصل وهذا إجراء لا يتفق مع عنوان الفقرة المتعلقة بالقسط الثابت للاستهلاك ويزيد من قيمة الأصل دون مبرر بالإضافة إلى أنه يتناقض مع مبدأ مقابله الإيرادات والمصروفات من جهة ويحرم المكلفين من نفقة لازمة لا يستطيع أن يتحكم بها كالنفقات الأخرى مثل التدريب مثلاً.

أخضع القانون النشاط الزراعي الذي يزيد عن (75) ألف دينار وهذا الإخضاع يتناقض مع التوجهات الرسمية وخطابات التكليف السامي والرد عليه التي أكدت على دعم القطاع الزراعي فالقانون الذي يعفي الاستثمارات الأجنبية بالكامل ويخضع القطاع الزراعي للضريبة يعتبر قانون غير عادل ولا يقوم بدوره في تشجيع القطاعات المنتجة خاصة أن التصنيع الزراعي غير مشمول بهذا الإعفاء، لا بل فأنه سيعامل كما تمت معاملة الصناعات الأخرى!؟.

أن النشاط الزراعي كالنشاط الصناعي ينظر إليه كبيئة جاذبة للعمالة وأداة من أدوات تقليص العجز في الميزان التجاري بالإضافة إلى أنه القطاع المنتج الذي يتوجب على الحكومة أن تساعده في الوصول إلى حصه أكبر في الناتج المحلي الإجمالي.

تخفض النسب الضريبية بعد 2010 أعطى القانون الحق لمجلس الوزراء وبعد تنسيب الوزير بإجراء تخفيضات أخرى على هذه النسب لتصل إلى مستويات متدنية ولتقترب من النسب التي تفرضها على البنوك مثلاً الدول النفطية كالسعودية أو دولة الكويت والتي يشكل مورد الخزينة منها من النفط ما نسبته (95%) هذه الدول التي لديها صناديق لدعم المنتجات الصناعية والزراعية ... أي إيغال هذا في التخلي عن مصادر عادلة لإيرادات الدولة وأي بديل ستقوم الدولة بتوفيره للخزينة!؟ سوى بديل ضريبة المبيعات التي برفع نسبتها أو الإتساع في السلع والخدمات الخاضعة لها ستؤدي إلى مزيد من الركود والعجز ومزيد من معدلات الفقر والبطالة ... الخ.
ضريبة الأبنية والأراضي: سمح القانون بتقاص (50%) من ضريبة المسقفات من الضريبة المستحقة على المكلفين على أن لا يتجاوز التقاص المسموح به مقدار الضريبة المستحقةّ!؟ أنه الإقرار بمبدأ الإزدواج الضريبي المتناقض مع المبدأ القانوني الذي يمنع الإزدواج الضريبي، إذ أن القاعدة القانونية والجهة القابضة وطبيعة الإيراد الذي تم بموجبه دفع هذه الضريبة تجعل من تنزيل كامل المبلغ المدفوعة عن الأراضي والعقارات حق قانوني لا يجوز المس به بالإضافة إلى أن ترك المجال لمجلس الوزراء لتعديل هذه النسبة سيؤدي بالنتيجة إلى تقليصها إلى أدنى من ذلك مستقبلاً، لأن ما أورده القانون من إعفاءات سيخفض من واردات الخزينة وستكون هذه المادة واحدة من وسائل لتعويض هذا النقص!؟

أخضع القانون في المادة (4) تعويض نهاية الخدمة بواقع (50%) من هذا التعويض ابتداءً من سنة 2010 هذا الإخضاع أو الإعفاء ليس عادلاً أبداً فبالإضافة إلى أنه نقض ما أسفر عليه التشريع تاريخياً في إعفاء هذا البند إلا أنه جاء ليساوي بين من يأخذ تعويضاً بسيطاً ومن يأخذ تعويضاً كبيراً، فالعدالة تقتضي أن يتم إعفاء أول (10) آلاف دينار مثلاً من تعويض نهاية الخدمة وأن تضاف الزيادة لدخل المكلف الآخر أو يخضع ما زاد عن ذلك للنسبة المعتمدة في هذا القانون.

الدفع على الحساب

الزم القانون المكلفين الذين تتجاوز أرباحهم الإجمالية (500) ألف دينار أن يدفعوا مقدماً للدائرة دفعة على حساب الضريبة المستحقة عليهم مستقبلاً على ضوء البيانات المالية النصفية لسنواتهم المالية على أن تورد خلال ثلاثين يوماً وبنسبة (7,5%) لسنة 2010 وترتفع هذه النسبة للسنوات اللاحقة بواقع (25%) لسنة 2011 ونسبة (37,5%) لسنة 2012.

أن هذه المادة فيها إرتجال واستباق لنتائج الشركات وأقتراض جبري من المستوردين وهي تتناقض مع مبدأ سنوية الضريبة من ناحية وسنوية البيانات المالية من ناحية ثانية فالأصل بالبيانات المالية التي يمكن اعتبارها مكتملة هي التي يبدي عليها المحاسب القانوني الخارجي رأياً أولاً والتي يتم إقرارها من الهيئة العامة ثانياً، بعد أن تبدي بعض الجهات الرقابية ملاحظاتها عليها قبل إقرارها من قبل الهيئة العامة في أحيان كثيرة كقطاع المال بشكل عام.

أن هذا المبدأ غير المسبوق في أدبيات القوانين الضريبية يعد إستباقاً لا مبرر له بالإضافة إلى أن القانون لم يرتب أية فوائد على هذه الدفعات المقدمة للمكلفين كما فعل القانون عندما فرض على المكلف عند تقصيره في تسديد الضريبة المستحقة فوائد وغرامات تصل ما بين (9% و 21%) في أحيان كثيرة. أن هذا الالتزام في وقت تعاني فيه القطاعات المختلفة من أوضاع مالية سلبية تؤكد مرة أخرى على أن خطابات الدعم للقطاع الصناعي أو الزراعي ما هي إلا ذر الرماد بالعيون!؟.

أن الحكومة تستطيع أن تجيز للمكلفين أن يوردو للخزينة ما أوردته من نسب في هذه المادة على أن تدفع مقابل ذلك التوريد (التسليف) الفوائد والعمولات السارية وبمعدلات عادلة.

الخصم على الحساب: ألزم القانون وفي المادة (12) أن يقتطع المنتفع من الخدمة التي يحصل عليها ما نسبته (5%) من بدل هذه الخدمة المدفوع على أن يوردها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ هذا الاقتطاع بقراءة بسيطة لهذا النص فأنه يعني تحصيل ضريبة على إجمالي واردات المهنيين دون الأخذ بالاعتبار لحاجاتهم من السيولة فالمهنيون بشكل عام والمحاسبين القانونيين بشكل خاص لا تتحمل إمكانياتهم المالية تسليف الخزينة، فمكتب تدقيق مثلاً دخله الإجمالي (100) ألف دينار فأن المبلغ المقتطع منه سيكون (5) آلاف دينار وعلى فرض أن هذا المكلف كانت ضريبته (1200) دينار في السنوات السابقة بعد تنزيل المصاريف والإعفاءات الشخصية وحيث أن القانون والمتحمسين له بشرونا بالإعفاءات التي تصل إلى (24) ألف دينار فأن هذا يعني أن لا ضريبة دخل على هذا المكلف وهذا يعني أيضاً أن يصبح المكلف دائناً للخزينة بمبلغ (5) آلاف دينار وهنا تبدأ معاناته في استرداد المبلغ و/أو مفاوضاته مع الذي سيفاوضه من المدققيين الذين سيكون هدفهم شطب المبلغ عبر الإرتجال في التقدير وما يتبع هذا الإرتجال من اعتراض وتقاضي وغيرها من الإجراءات التي ستكون فيها عملية الثقة موضع شك!؟.

ألزم القانون المحاسب القانوني بتقديم قائمة باسماء عملاءه وعناوينهم بمدة لا تزيد عن ثلاثة شهور من السنة التالية وحيث أن هذه المادة ثبت عدم جدواها خلال فترة السريان فأننا نجد أن القانون كررها مرة أخرى بدون فائدة تذكر حسب تجربتنا السابقة.

منح القانون المكلف الحق بتعديل الإقرار الضريبي المقدم بتاريخه عند وجود أخطاء فيه وأعفى القانون المكلف عند قيامه بهذا التعديل من المسؤولية الجرمية أذا سبق الدائرة إلى ذلك الاكتشاف والتعديل أما بخلاف ذلك فأن المكلف يصبح مجرماً!؟ وهذا يشكل عيباً في هذا التشريع من حيث أن هذا الإجراء سينزع الثقة بين الدائرة والمكلفين وسيساوي بين من يخطئ حسابياً ومن يتهرب عمداً فالأصل أن تكون الأخطاء الحسابية أو غيرها من الحالات عقوبتها الغرامات والفوائد وغيرها من إجراءات يجب أن تصب في الوصول إلى حق الخزينة من الدخل الخاضع للضريبة من ناحية ولخلق أدوات رقابية ناجحة تؤدي بالنهاية إلى ثقة المكلفين بكفاءة الدائرة في الوصول إلى حقوق الخزينة من ناحية أخرى.

ألزم القانون المقدر بإصدار قرار التدقيق خلال سنتين من تاريخ إصدار مذكرة التدقيق وهذه مدة طويلة ستساهم في التأخير في تحديد الضريبة المستحقة إذ أن الإجراءات اللاحقة من أعتراض أو ذهاب إلى محكمة البداية أو الاستئناف سيجعل من الوصول إلى حل القضايا العالقة و/أو المختلف عليها يطول لسنوات عديدة ولا يساهم في الفصل في الملفات المنظورة أمام المدققين، كما ورد في الفقرة (د) من المادة (29) أن المدقق ملزم بإصدار تقديره خلال سنوات أربع من تاريخ تقديم الإقرار من قبل المكلف، فأي تناقض هذا الذي تحمله المادة في هذا الصدد بالإضافة إلى أن التعسف بتطبيق هذه المادة ستكون أثارها ماثلة عندما يصبح المكلفون دائنون للخزينة إذ أن المقدر سيلجأ إلى المدة الأقصى لإصدار قراره وبالتالي ترصيد حقوق المكلفين الذين تم اقتطاع مبالغ معينة منهم بالإضافة إلى أن تأخر إصدار إقرار واستحقاق الضريبة سيخضع المكلفين إلى غرامات سبق الحديث عنها في الفقرات السابقة.

فرض القانون غرامة مقدارها (4) بالآلف على المكلف الذي يتأخر في دفع الضريبة أو في حالة عدم توريد الاقتطاعات التي ألزم القانون المكلفين بها أو عند تحديد فرق الضريبة المستحقة بعد القرارات النهائية وبسقف لا يزيد على (35%) من قيمة هذا الفرق. أن هذه الغرامة مبالغ فيها من ناحية والعدالة تقتضي أن تسري الغرامة كما جرى عليه القانون السابق باحتسابها بعد ثلاثين يوماً من تاريخ تبليغ المكلف إشعاراً بالضريبة القطعية المستحقة عليه لا من تاريخ الفترة القانونية لتوريدها التي حددها هذا القانون.

تقتضي العدالة أن يتم دفع فائدة نسبتها (9%) على المبالغ المستحقة للمكلفين بعد (30) يوماً من تاريخ صدور القرار القطعي من قبل المقدرين أو أية جهة أخرى صاحبة صلاحية بتحديد الضريبة القطعية أسوة بفرض غرامة على الضريبة المستحقة بعد ثلاثين يوماً من تبليغ المكلف بها.

ورد في المادة (38) من القانون في حالة وجود نقص في الإقرار الضريبي فأن المكلف سيخضع إلى تعويض قانوني نسبته (15%) من الفرق الضريبي بين الضريبة المستحقة والضريبة المحددة من المكلف إذا كانت تتراوح بين (20 – 50%) من هذه الضريبة وتصبح (80%) من هذا الفرق إذا تجاوز (50%) من الضريبة المستحقة أما في حالة عدم تقديم إقرار ضريبي وصدر بحق المكلف قراراً إدارياً فأن المكلف ملزم بدفع تعويض نسبته (100%) من الضريبة المقدرة عليه!؟.

أن هذا التعويض يعتبر عبئاً جديداً في القانون على المكلفين مما يضاعف من هذه الأعباء ويكرر الغرامة بلباس آخر اسمه التعويض وبالنتيجة فإن هذه أزدواجية في معاقبة المكلف على أخطائه وسهوه أو تهربه أو غيرها من حالات التقدير التي عادة ما يتم المصالحة عليها حيث يتساوى فيها مرة أخرى المتهرب من الضريبة والمكلف الذي قد يقع في أخطاء حسابية أو يسهو عن ذكر مصدراً من مصادر دخله. من العدالة بمكان أن يميز القانون بين الأخطاء المحاسبية البسيطة والأخطاء الجوهرية.

مرة أخرى من المفيد القول أن فرض ضريبة تصاعدية عادلة على أرباح الأفراد والمنشآت يتطلب أن تنخفض نسب الضريبة العامة على المبيعات والخدمات، لأن لخزينة عندما تأخذ حصة أكبر من ضريبة الدخل وحصة أقل من الضريبة على المبيعات فأنها ستقوم بإنفاق ما تأخذه من الأرباح على شكل رواتب أو نفقات جارية أو رأسمالية مما يساهم في دفع عجلة الاقتصاد إلى أمام وهذا الدوران وحده الذي سيزيد من الطلب على السلع والخدمات مما سيساهم في تشغيل خطوط الإنتاج بشكل أفضل وأوسع وستحقق بالنتيجة قطاعات الصناعات والخدمات أو القطاع الزراعي أرباحاً أكثر وبالنتيجة حصيلة ضريبة دخل أفضل وبعكس ذلك سيكون الاستمرار في هذه السياسة القائمة على تحصيلات أكبر من خلال مبيعات السلع والخدمات مقدمة لنتائج أسوأ على الاقتصاد ما دامت حصيلة ضريبة المبيعات أكبر من حصيلة ضريبة الدخل وهذا يعني مدخل هام باعادة دور قانون ضريبة الدخل في توجيه الاقتصاد وجهه سليمه وفي قيام الحكومه بدورها المتفق مع العقد الاجتماعي في خلق توازن بين طبقات المجتمع، بان تكون اداه من ادوات طبقاته ولما هو ساري حالياً حيث اصبحت الحكومات اداه من ادوات الطبقه الغنيه عبر التشريعات المختلفه وعلى رأسها القوانين الضريبيه!!؟