مركز الرأي للدراسات
اعداد : محمد فارس المفلح
حزيران 2012
لم تتمتع مسألة تنظيم الانتخابات وإدارتها بكثير من الاهتمام على المستوى الدولي إلا بعد منتصف الثمانينات، وذلك مع التغيرات الدولية التي حدثت وما رافقها من أحداث، كانهيار الاتحاد السوفييتي، وسقوط جدار برلين، وعودة الديمقراطيات لكثير من دول العالم، الأمر الذي أدى إلى زيادة الاهتمام الدولي بالانتخابات وتنظيمها وطرق إدارتها, ولا أدل على ذلك من انخراط الأمم المتحدة بإدارة ومتابعة الترتيبات التي قامت بها بعض الدول حديثة الديمقراطية، كناميبيا مثلا عام 1989، أو كمبوديا عام 1994، وكذلك إنشاء شعبة المساعدة الانتخابية ضمن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدعم الديمقراطية الانتخابية وإدارة الحكم والمبادرات الصادرة عنه كبرنامج إدارة الحُكم في الدول العربيّة (POGAR). كما برزت كذلك الكثير من الجمعيات والمؤسسات الدولية الناشطة في مجال الانتخابات وإدارتها, كالمؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات (IDEA)، والمؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية ((IFES، وغيرها الكثير، وحاولت هذه المؤسسات جاهدة تأطير العملية الانتخابية، ووضع معايير وضوابط عُليا لها، وتنظيم البرامج والأنشطة لمساعدة الإدارات الانتخابية حول العالم للقيام بادارة انتخابات تتحلى باعلى المعايير الدولية من النزاهة والحيادية والمسؤولية.
وقد خطى الأردن على مدار تاريخه السياسي خطوات واسعة وكبيرة نحو تعزيز الديمقراطية وبناء الوعي المدني من خلال كثير من الوسائل والآليات المتنوعة، والتي من أبرزها تلك المراجعات الدائمة لقوانينه وتشريعاته بمختلف المجالات التي تمس المجتمع وحقوقه، كحزمة القوانين والتشريعات الناظمة للحياة السياسية، والمقدمة مؤخراً إلى مجلس النواب للدراسة والتشريع، كقانون الأحزاب، وقانون الانتخابات البرلمانية، والمحكمة الدستورية وكذلك قانون الهيئة المستقلة للإنتخابات التي خرج قانونها الى النور بعد أن توشحت بالارادة الملكية السامية.
تعريف الإدارة الانتخابية
عرف مشروع إدارة الانتخابات وكلفتها الصادر عن المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، الإدارة الانتخابية: بأنها المؤسسة أو الهيئة المسؤولة قانونياً عن إدارة وتنفيذ بعض أو كافة الجوانب الأساسية في العملية الانتخابية، والاستفتاءات بمختلف أشكالها.
وتتخذ الإدارة الانتخابية أشكالاً و أحجاماً مختلفة، بناء على النظام السياسي والواقع الاجتماعي للبلد المعني، فقد تكون هيئة مستقلة كما هو معمول به في الهند وكندا، أو حكومية كما هو الحال في بريطانيا وسويسرا، أو قد تتخذ شكل الإدارة الانتخابية المختلطة كما هي في فرنسا واليابان، وبغض النظر عن شكلها أو حجم المسؤوليات المترتبة عليها والمناطة بها، إلا أنها جميعاً تتفق على مبدأ واحد ألا وهو تنظيم وتنفيذ عمليات انتخابية تتسم بالمعايير العليا للنزاهة والحيادية، وممارسة مسؤولياتها المجتمعية، والتعامل بعدالة مع كافة اطياف المجتمع من خلال توفير سبل المشاركة للجميع، ناهيك عن مسؤولياتها الدولية.
برمجة أعمال الهيئة والبنية الداخلية
لكي تقوم الهيئة بواجباتها بكل مهنية واقتدار، فهي بحاجة الى اعتماد ووضع ضوابط داخلية لتنظيم أعمالها بما يؤهلها لتقديم خدمات انتخابية على درجة عالية من الجودة، وبمستوى أفضل من الكفاءة والمهنية العالية، وأن تعكس بنيتها الداخلية القوة والقدرة على ضمان شرعية ومصداقية العمليات الواقعة تحت مسؤولياتها. وتضم البنية الداخلية للهيئة حسب القانون الصادر مؤخراً قسمين أساسين هما هيئة المفوضين والثاني هو الجهاز الادراي.
أ- هيئة المفوضين:
حدد قانون الهيئة الصادر حديثاً عدد اعضاء هيئة المفوضين بخمسة اعضاء بما فيهم الرئيس، ومنحهم من الصلاحيات ما يمكنهم من القيام باعمالهم بكفاءة وفعالية ومكنهم من رسم السياسات العامة للهيئة مما يجعل امامهم الكثير من العمل لضمان نجاح الهيئة وتمتين بنيتها الداخلية وذلك من خلال وضع أسس وتعليمات إدارية تضبط وتؤطر أعمالهم ومهامهم وصلاحياتهم، ومنها كيفية الدعوة إلى الاجتماعات وتحديد نصابها القانوني، وطريقة إعداد جدول الأعمال وآلية مناقشته، وكيفية تدوين محاضر الجلسات، وكيفية إقرار السياسات والتوجيهات العامة والإجراءات الخاصة بتعديل النظام الداخلي، وايجاد اليات لتوزيع العمل على المفوضين بناء على خبرتهم السابقة حيث يمكن تصميم هيكل تنظيمي يقوم به كل مفوض بعمل محدد كمفوض للشؤون الدولية ومفوض لادارة العمليات الانتخابية ومفوض للتواصل مع الجمهور وهكذا، حيث أن ذلك سيساعد على إدارة ومتابعة العملية الانتخابية أثناء فترة الانتخابات والتي تتسم عادة بازدحام وتراكم المسؤوليات، مع مراعاة تحقيق سهولة الاتصال والتناغم بينهم. ومن الضروري عند تعيين المفوض الأخذ بعين الاعتبار الخبرة الطويلة له وانجازاته، وان يكون من ذوي الرأي والمشورة في المجتمع، وأن تتوفر فيه مهارات إدارية عالية، وخبرة انتخابية وسياسية مميزة، كما ولابد أن تكون له شخصية قيادية وقدرة على التواصل لما في ذلك أهمية كبيرة في المحافظة على الحيادية، وعدم تدخل أي طرف في أعماله. أما رئيس الهيئة والذي هو مسؤول عن توجيه وقيادة أعمالها، وتنفيذ مهامها، وتمثيلها أمام باقي مؤسسات الدولة، فبالإضافة إلى المواصفات السابقة، لا بد أن تكون له منزلة سياسية خاصة في المجتمع، كي تمكنه من التعامل المباشر مع أعلى السلطات لتحقيق اكبر قدر ممكن من تنفيذ مهام وواجبات الهيئة من غير الانصياع لأية ضغوطات أو إملاءات سياسية أو اجتماعية، ولحقيقة الامر فإن تركيبة هيئة المفوضين جاءت متناغمة وتجمع الكثير من الصفات التي تؤهلهم للقيام بهذه المهمة بكل اقتدار.
ب- الجهاز الإداري:
يقع على عاتق الجهاز الإداري الجهد الأكبر في تنفيذ السياسات التي رسمتها هيئة المفوضين، فهو يعتبر الذراع التنفيذي لمعظم العمليات الانتخابية، لذلك لا بد للإدارة ، من التخطيط المسبق لاختيار الموظفين، وكيفية انتقائهم، ووضع معايير واضحة لاختيار الأفضل والأكفأ، مما يتطلب العمل على أمرين أساسيين، أما الأول فهو وضع وصف دقيق لمهام كل وظيفة، وطبيعة المهارات المطلوبة لها قبل العمل على تعيين الموظفين للقيام بها، وأما الثاني فهو تصميم وإنشاء جدول مفاضلة بين جميع المتقدمين لاختيار الأنسب والأفضل، مع توفير فرص متكافئة للجميع ومن ثم بذل كافة الجهود لتدريبهم وتطوير مهنيتهم، والاستجابة لتطلعاتهم وزراعة قيم الولاء والانتماء فيهم، ووضع وتطبيق مجموعة من الضوابط والتعليمات الإدارية والمالية والفنية التي تحكم طريقة أعمالهم الداخلية بما يتلاءم مع القوانين والدساتير المعمول بها في الدولة، ومن الممكن لإدارة الهيئة الاستعانة بموظفين مؤقتين من السلطة التنفيذية خاصة أثناء الانتخابات، لتراكم وكثرة الأعمال المطلوبة، وذلك لخبرتهم وتجاربهم في الانتخابات السابقة، وللعمل على عدم تراكم الكثير من الموظفين بلا عمل بعد العملية الانتخابية وإثقال كاهل الميزانية.
تصميم الهيكل التنظيمي للهيئة
لا يعدُ وضع تصميم أولي للهيكل التنظيمي للهيئة إلا أن يكون الخطوة الأولى، أما التحدي الحقيقي فيكمن في كيفية الحفاظ على هيكلة تتلاءم بشكل مستمر مع التطورات المتلاحقة والخبرات المتراكمة، وأن تكون لها القدرة على تطوير تنظيمها الداخلي بما يتناسب مع المتغيرات والتقدم المتسارع وخاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وعند البدء بتصميم الهيكل التنظيمي للهيئة، يجب الأخذ بعين الاعتبار متطلبات الدورة الانتخابية برمتها، والمهام والواجبات التي يجب على الإدارة القيام بها قبل وأثناء وبعد الانتخابات، ومراعاة واجباتها ومسؤولياتها المجتمعية والدولية، وكذلك تحديد عدد الموظفين الدائمين والمؤقتين لاتمام كافة اعمالها بحرفية عالية والوصف الوظيفي لكل وحدة ادارية والنتائج المرجوة منها ومسؤولياتها عما تقوم به من أعمال، واذا ما كانت ستفتح فروعا لها في باقي المحافظات مع الاخذ بعين الاعتبار الوضع المالي للهيئة، وأما أهم الوحدات التي يمكن للهيئة ان تضمها في جنباتها فهي: وحدة ادارة العمليات الانتخابية، ووحدة العلاقات الدولية، ووحدة العلاقات العامة والتوعية الانتخابية، ووحدة التدقيق والمتابعة وضبط الجودة، ناهيك عن الوحدات والدوائر الاساسية كوحدة الموارد البشرية والمالية، ودائرة أمانة سر المجالس.... وهكذا.
ادارة العمليات الانتخابية
أ- عملية التسجيل:
قبل البدء بعملية التسجيل لابد من التطرق لمجموعة من المسائل الإدارية والخطط العملية، التي تساعد إلى حد كبير للتعامل المسبق مع التحديات والصعوبات التي تواجه هذه العملية حيث تعتبر عملية تسجيل الناخبين إحدى أكثر المراحل وقتاً وتعقيداً في العملية الانتخابية، فهي تهدف إلى التأكد من أهلية الأفراد للإدلاء بأصواتهم بذات دوائرهم الانتخابية المخصصة لهم، وتحضير السجلات بشكل دقيق ومنظم لإضفاء الشرعية على العملية الانتخابية، مع مرافقة ذلك توعية الناخبين بطريقة التسجيل وأوقاتها والتسهيل عليهم ما أمكن وبدون مشقة، بحيث لا يكون التسجيل حاجزاً إداريا أمام مشاركة جميع المواطنين المؤهلين في هذه الانتخابات. ويمكن الاسترشاد بمبدأين أساسيين في عملية التسجيل ألا وهما الشمولية ومعايير الأداء.
أن الشمولية تعني أن يكون التسجيل متاحاً لجميع فئات المواطنين المؤهلين، وأن لا يكون هناك انحياز لصالح أو ضد أي مرشح، وبهذا التعريف يمكن قياس الشمولية بنسبة الناخبين الذين وردت أسماؤهم في قوائم السجل إلى نسبة جميع المؤهلين للإدلاء بأصواتهم في داخل الدولة أو خارجها. كما ويمكن من خلال متابعة مبدأ الشمولية التركيز على بعض فئات المجتمع مثل الذين لم يقوموا بالاقتراع من قبل على الرغم من أنهم مؤهلين للإدلاء بأصواتهم، أو كسكان المناطق النائية، أو المواطنين ذوي الاحتياجات الخاصة، ويمكن كذلك عمل سجل خاص للمواطنين المقيمين بالخارج وتحديثه ضمن آليات معينة، بالتعاون مع السفارات والملحقيات العاملة بالخارج.
أما المبدأ الثاني والمتعلق بمعايير الاداء فعلى الهيئة اعتماد ووضع معايير عملية للأداء، تساعد في قياس الدقة ونسبة الأخطاء في عملية التسجيل وإدخال البيانات، لكل عملية من عمليات التسجيل، كأن توضع نسب لكل من اكتمال السجل إلى عدد المواطنين المؤهلين في المجتمع برمته، أو وضع نسب للوقت المنجز، أو نسب لحداثة السجل وهكذا.
وعند بدء عملية التسجيل للانتخابات القادمة ولضيق وقت الهيئة حيث حدد جلالة الملك موعد الانتخابات مع نهاية هذا العام يمكن للهيئة اعتماد السياق الذي كان معمولاً به سابقاً بالتعاون مع دائرة الأحوال المدنية والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة، مع التأكيد على نزاهة العملية وحياديتها، إلا أنه وفي المستقبل القريب لابد من وضع آليات تمارس الهيئة من خلالها صلاحيات تسجيل الناخبين ضمن سجلاتها الخاصة، بحيث يستمر التسجيل على مدار العام أي الفترة بين العملية الانتخابية والأخرى، وجعل إمكانية حق تغيير الدائرة الانتخابية لكل فرد يطلب ذلك من صلاحيات الهيئة بناء على ضوابط تحددها التعليمات التشريعية والأنظمة الداخلية، وكذلك نشر هذه السجلات على مدار العام وبدقة عالية.
ب- عمليـة الاقتـراع :
تعتبر عملية الاقتراع من أصعب واهم المهام الملقاة على عاتق الهيئة، حيث أنها تكون أمام الجمهور مباشرة، كما أنها (تشكل نشاطاً جغرافياً موزعاً ومنتشراً يجب تنظيمه وتنفيذه ضمن أطر زمنية ضيقة جداً). فلابد أن يكون هناك تخطيط دقيق ، واختبار مسبق للحلول والمعالجات المقترحة قبل تنفيذها على ارض الواقع، ووضع خطة تؤكد جاهزية جميع جوانب عمليات الاقتراع طبقاً لجداول زمنية ومواعيد محددة، واعتماد وتطبيق مجموعة من المعايير والمبادئ الأساسية بهدف الحفاظ على نزاهة الانتخابات، وعدم التلاعب بها، وزيادة ثقة الجمهور بالعملية الانتخابية كالمهنية والشفافية والمساءلة والجاهزية وسرية الاقتراع.
كما لابد من وضع مواصفات معينة لاوراق الاقتراع تراعي خصائص الامن والسلامة، مع الاخذ بعين الاعتبار أنه كلما كان التصميم بسيطاً وواضحاً كانت الورقة أكثر نجاعة ويمكن فهما من قبل الناخب والتعامل معها من قبل موظف الفرز والعد. وهكذا الامر بالنسبة لمواصفات صناديق الاقتراع.
ج- عـــد الأصـــوات :
تعتبر عملية عد الأصوات من أكثر المراحل الحساسة في العملية الانتخابية، حيث يعتبر الإخفاق فيها وعدم النجاح في إتمامها بطريقة دقيقة له الأثر الكبير على ثقة عامة الجمهور في النتائج النهائية للانتخابات. وعلى الرغم من أن هناك تحديات كبيرة تتعرض لها عملية عد الأصوات، إلا أنه يُمكن تنظيمها بشكل جيد والمحافظة على الإجراءات الصحيحة والترتيبات اللوجستية ضمن الخطة التنفيذية المجهزة لها، مثل التأكد من الموارد المتوفرة، وعدد الموظفين المطلوبين لإتمام العملية وجاهزية قاعات العد، ووسائل النقل والاتصالات والتجهيزات بشكل عام، وكذلك وسائل الرقابة سواء أكان من قبل الهيئة أو مندوبي المرشحين والمراقبين المحليين والدوليين، بالإضافة إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية، والاسترشاد بالمبادئ الاساسية والمعايير الدولية لعملية العد.
د- إعــــداد التقاريـــر:
عادة ما تصدر الإدارة الانتخابية تقريراً شاملاً عقب كل انتخابات، بحيث تظهر هذه التقارير وصف مفصل للعملية الانتخابية بكافة خطواتها وجوانبها ونسب المشاركة والآلية المعتمدة لكيفية عد وفرز الأصوات وكيفية تجميع النتائج وكذلك نتائج الاعتراضات والمشاكل التي واجهتها، وما هي التعديلات والإصلاحات المقترحة للمستقبل، وبهذا تعتبر التقارير وسيلة ناجحة وجيدة لتطوير عمل الهيئة وتعزيز ثقة الجمهور بها، كما يمكن نشر تقارير دورية تبين أعمال الهيئة ومهام اللجان، وهوية أعضائها وموظفيها، وهكذا.
المسؤوليات المجتمعية للهيئة
أ- التواصل مع الجمهور:
من العناصر الهامة في إستراتيجية الإدارة الانتخابية، تحقيق سبل الاتصال والتواصل المباشر مع عموم جمهور الناخبين، وذلك بهدف تعزيز ثقة الجميع بها، وتجسير الهوّة مابين الهيئة والمجتمع، وإيصال رسالتها بصورة حضارية حيث يعتبر عموم الجمهور هو القاعدة الأساسية للعملية الانتخابية برمتها، ومقياس لنجاحها، سواءاً أكان ذلك من خلال توفير المعلومات المطبوعة والمرئية والمسموعة أو من خلال استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة كتصميم موقع الكتروني لها على الشبكة العنكبوتية، حيث أن توفير المعلومات بشكل دائم وشفاف من شأنه أن يعزز من قدرة الناخبين على ممارسة حقوقهم الديمقراطية والعمل على تعزيز وتطوير أعمالها من خلال المعلومات الراجعة من تلك النقاشات.
ب- التواصل مع وسائل الإعلام :
تلعب وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها بما فيها التقليدية أو الالكترونية دورا كبيراً من حيث تأثيرها على عامة الناس، لذلك تحتاج الهيئة إلى اعتماد إستراتيجية إعلامية تقوم على تعزيز التواصل الدائم والايجابي مع وسائل الإعلام المختلفة، واعتماد الشفافية والمبادرة في توفير المعلومات لوسائل الإعلام من خلال الكثير من الوسائل واليات التعاون المباشر وعقد اللقاءات والمؤتمرات الصحفية المشتركة لتوثيق العلاقة وتعميقها فيما بينهم.
ج- التواصل مع منظمات المجتمع المدني :
تنتشر منظمات المجتمع المدني في الأردن بشكل كبير، مما يدل على الوعي الثقافي والاجتماعي المميز الذي وصل أليه الأردن، وهنا تجد الهيئة أنه من الضروري التعاون مع هذه الجمعيات وتعميق علاقتها بها، من خلال البرامج وورش العمل المشتركة، وتنفيذ برامج التوعية ونشر المعلومات بهدف تعزيز رسالة الجميع نحو تطوير المدنية وحقوق الإنسان.
د- البرنامج التوعوي:
تعتبر مسؤولية توعية المجتمع بالعملية الانتخابية ومعاييرها وأهدافها من ضروريات تعزيز الثقة بإدارة الهيئة والتعريف بها، ولهذا على الهيئة من أن تسعى لوضع وتصميم برنامج توعوي تتشارك فيه جميع الأطياف المهتمة لإيصال المعلومة الصحيحة، ولخلق حالة من الوعي عند عامة جمهور الناخبين لرفع نسب المشاركة ولمساعدة الناخب لاختيار مرشحه حسب الكفاءة وبعيداً عن العصبيات المناطقية والجهوية والعشائرية أو الدينية, والتعاون مع ذوي الاختصاص والأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، ومؤسسات القطاع الخاص لتجسيد مشروع توعوي يأخذ مداه على مدار العام، لتمكين الناخب من ممارسة خياراته على أساس المعرفة. وكذلك التعاون مع السلطة التنفيذية لتسهيل وصول البرنامج إلى المكونات الحكومية كالمدارس والجامعات وغيرها. وعند إعداد هكذا برنامج لا بد من التفريق بين ثلاثة مصطلحات في عملية التوعية وهي، إعلام الناخبين، وتوعية الناخبين، والتوعية المدنية، فهي جميعها تقع ضمن مجموعة الأنشطة التوعوية التي تعزز بعضها البعض وبشكل متبادل؛ ولكنها في النهاية تشتمل على فروقات دقيقة في الأهداف والمتلقين و الرسالة والمضمون.
المسؤوليات والنشاطات الدولية للهيئة
في ضوء التطورات المتسارعة في العالم وخاصة في مجال التكنولوجيا والاتصالات، وتحول العالم إلى قرية صغيرة، لا يمكن لأي دولة ومكوناتها أن تعيش بمعزل عن العالم، ولهذا لا بد للهيئة من أن تضع نصب عينيها التواصل مع المؤسسات والمنظمات الدولية ذات العلاقة في البلدان المختلفة، وتعميق أوجه التعاون والتنسيق معها، والمشاركة في التعاون الإداري والفني من خلال برامج التعاون الثنائية أو المتعددة، والمشاركة في بعثات الرقابة الدولية على الانتخابات واستقبال المراقبين الدوليين وتسهيل مهامهم ضمن الأطر القانونية، كما ان هذا التعاون يمكن الادارة من البحث عن تمويل لعملياتها وأنشطتها، حيث عمدت كثير من الدول إلى الاستفادة من المساعدات الدولية وخاصة تلك المقدمة من الأمم المتحدة أو المفوضية الاوروبيه أو الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والمحافظة على العلاقة الجيدة والمستمرة مع هؤلاء المانحين، وتنظيم الزيارات المستمرة لهم ومناقشة برامجهم وأنشطتهم.
وتنقسم المساعدات الدولية إلى قسمين أساسيين، فإما أن تكون مساعدة مالية مباشرة لتمويل ميزانيتها، أو من خلال الدعم الفني والإداري لتطوير خدماتها الانتخابية والقدرات التنظيمية ونشاطات التدريب والتوعية وتأهيل الكوادر ونقل المهارات إليهم، بحيث تتمكن الإدارة الانتخابية من تطوير قدراتها بما يمكنها من تنظيم الانتخابات القادمة دون الحاجة لمزيد من تلك المساعدات الإدارية في المستقبل، كبرنامج تنمية القدرات في الديمقراطية وإدارة الحكم والانتخابات( BRIDGE ) والذي قامت بتطويره بشكل مشترك كل من المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، وقسم المساعدات الانتخابية التابع للأمم المتحدة، ولجنة الانتخابات الأسترالية، أو كالدورة التدريبية الأساسية لإدارة الانتخابات التي طورتها المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية (IFES)وغيرها الكثير.
واخيراً فان ما ينتظر الهيئة الكثير من العمل الجاد والمضني - ان ارادت لنفسها النجاح والتطور- فلا يكفي أن نتغنى بقانون عصري بقدر الاعتماد على ذاك الفريق الذي سيقودها والذي أعتقد جازماً أنهم قادرون على ذلك لما عرفوا عنه من خبرة تراكمية ونزاهة معهودة، وخاصة تلك الممثلة برئيس الهيئة معالي السيد عبد الاله الخطيب.