مركز الراي للدراسات
د. خالد الحياصات
كانون ثاني 2012
تهدف الأخلاق إلى تحقيق السعادة الفردية والجماعية والمجتمعية من حيث الخير، والأمن، والأمان، والثقة، والألفة، والمحبة بين الناس، والمكان الذي لا توجد فيه الأخلاقيات تعمه الفوضى، وعدم الرضا، والبغضاء، والصراعات في العمل. فالأخلاق تمثل مجموعة القواعد والمبادئ المجردة التي يخضع لها الإنسان في تصرفاته، ويحتكم إليها في تقييم سلوكه، وتوصف بالحسن أو بالقبح (بدران، 1981)، فهي تعكس المبادئ التي تعدّ أساساً للسلوك المرغوب لأفراد المهنة، والمعايير التي تعتمد عليها المنظمة في تقييم أدائهم إيجاباً وسلباً (السعدان، 2005). ويرى أحد الباحثين أن أخلاق العمل هي تطبيق المبادئ الأخلاقية على سلوكيات الأفراد في المنظمات (Thompson, 1985)، وبيّن بعض الباحثين أهمية وجود ميثاق عمل كاحدى الوسائل التي تحكم السلوك الإداري .(Penny, 1953)
ويحرص الإسلام كدين شامل على تربية أتباعه على مبادئ أساسية في أخلاق العمل، وهي مطلوبة لكل وظيفة آخذين بعين الاعتبار الارتباط الكبير بين أخلاق العمل والقيم السائدة في المجتمع (الصباغ، 1985). ويعد الإسلام الوعاء الحضاري والإنساني الذي يطرح مفاهيم أخلاقية راقية في مختلف مناحي الحياة؛ إذ استمد الأفراد والمنظمات قواعد عمل ومدونات أخلاقية مقبولة من هذه المفاهيم، ولكن يوجد فجوة كبيرة بين هذا الوعاء الحضاري والممارسات الفعلية لهؤلاء الأفراد والمنظمات (الغالبي والعامري، 2010). وقد أصدرت الكثير من الشركات مدونات أخلاقية وهي عبارة عن وثيقة تصدرها المنظمة وتتضمن مجموعة من القيم والمبادئ ذات العلاقة بما هو مرغوب فيه وما هو غير مرغوب فيه من سلوكيات للشركة والعاملين فيها (نجم، 2000).
الإدارة الإسلامية
وتنظر الإدارة الإسلامية للوظيفة على أنها أمانة، وتتطلب الأمانة في الوظيفة من شاغلها أن يراعي الله في أدائها بالإخلاص، والتفاني، والابتعاد عن الظلم فيها، وعن سوء استعمالها بمحسوبية، أو رشوة، أو خيانة، كما تتطلب الأمانة الالتزام الخلقي والعقائدي الذي يكمل مفهوم القدرة، والقوة، والكفاءة، والمهنية في أداء الوظيفة (الكساسبة والفاعوري، 2010).
ومن الضوابط والتدابير التي يضعها الإسلام للعمل ليكون عنصراً منتجاً ومحصناً من الفساد النظر إلى العمل كعبادة؛ فهو السبيل للمغفرة وتكفير الذنوب، ويُعد مصدراً للقيمة، ومعياراً للمفاضلة بين الناس، والاخلاص في العمل شرطا لقبوله، وضرورة اتقان العمل، والارتقاء به إلى مستوى المهنة، كما أن العمل مرتبط بالمعايير الدقيقة، والمقاييس المحددة (العكايلة، 1986).
وتعد العدالة التنظيمية أحد المفاهيم التنظيمية القديمة والحديثة في نفس الوقت والتي لا تصاب بالهرم، فالعدالة وجدت منذ بدء الخليقة وستظل الى ان يرث الله الارض ومن عليها، واستطاعت مفاهيم العدالة التنظيمية اختراق أدبيات الدراسات السلوكية بصورة سريعة ومؤثرة ، وتعود جذور مفهوم العدالة التنظيمية إلى نظرية العدالة التى نادى بها (Adams, 1963).
وبشكل موجز فإن هذه النظرية تفترض أن الفرد يوازن ويقارن بين معدل مخرجاته إلى مدخلاته مع معدل مخرجات الآخرين إلى مدخلاتهم ( العطوي، عامر،2007).
ويرى الباحث أن لأخلاقيات العمل الإسلامية تأثيرا ودورا في العدالة التنظيمية لدى العاملين في القطاعين العام والخاص، وعندما نتحدث عن المؤسسات الصحفية فان ذلك يعني الالتزام بمستوى من اخلاقيات العمل الامر الذي ينعكس ايجابا على العدالة التنظيمية بين العاملين في هذه المؤسسات.
ولعلّ تأثير أخلاقيات العمل الإسلامي على العدالة التنظيمية من الموضوعات المهمة، التي تحتاج إلى بحث معمّق خاصّة في المؤسّسات الصّحفيّة في الأردن، التي أخذت تطلق مدوّنات أخلاقية نظراً لحساسية عملها، وأهمية دورها في المجتمع، واتصاله بالبحث عن الحقيقة، وتوصيل المعلومات، والمعرفة دون تشويه للحقائق. كما أن المؤسسات الصحفية تحتاج أكثر من غيرها من المنظمات لبناء العدالة التنظيمية لدى العاملين من أجل المحافظة عليهم وعلى معارفهم في وقت بدأ فيه العالم يشهد تنافساً حادّا على الموارد البشرية، واهتماماً متصاعداً من المنظمات بتأسيس ذاكرة تنظيمية تحوي معارفهم وخبراتهم المتراكمة.
مشكلة الدراسة وعناصرها
تكمن مشكلة البحث في دراسة مدى تأثير مكونات اخلاقيات العمل الاسلامية في العدالة التنظيمية لدى المؤسسات الصحفية الاردنية
وتبرز عناصر مشكلة الدراسة من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية:
• ما تأثير الإتقان في العمل في العدالة التنظيمية في المؤسسات الصحفية الأردنية ؟
• ما تأثير الرفق والتسامح مع الموظفين والمتعاملين في العدالة التنظيمية في المؤسسات الصحفية الأردنية ؟
• ما تأثير استشعار المسؤولية في العدالة التنظيمية في المؤسسات الصحفية الأردنية ؟
• ما تأثير الأمانة في العدالة التنظيمية في المؤسسات الصحفية الأردنية ؟
• ما تأثير طاعة ولي الأمر في العدالة التنظيمية في المؤسسات الصحفية الأردنية ؟
أهداف الدراسة
تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق الأهداف الآتية:
- التّعرف إلى تأثير الإتقان في العمل في العدالة التنظيمية في المؤسسات الصحفية الأردنية.
- التّعرف إلى تأثير الرفق والتسامح مع الموظفين والمتعاملين في الالتزام التنظيمي لدى العاملين في المؤسّسات الصحفيّة الأردنيّة.
- التّعرف إلى تأثير استشعار المسؤوليّة في العدالة التنظيمية في المؤسسات الصحفية الأردنية
- التعرف إلى تأثير الأمانة في العدالة التنظيمية في المؤسسات الصحفية الأردنية
- التعرف إلى تأثير طاعة ولي الأمر في العدالة التنظيمية في المؤسسات الصحفية الأردنية
أهمية الدراسة
تنبع أهمية هذه الدراسة مما يلي:
- أهمية إدراك العاملين لأخلاقيات العمل الإسلامية في العدالة التنظيمية في المؤسسات الصحفية الأردنية.
- أهمية اهتمام الباحثين بدراسة دور أخلاقيات العمل الإسلامية في العدالة التنظيمية، وإثراء الجانب النظري. المتعلق بهذا المجال.
فرضيات الدراسة
الفرضية الأولى: لا يوجد تأثير ذو دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (a ³ 0.05) للإتقان في العدالة التنظيمية لدى العاملين في المؤسسات الصحفية الأردنية.
الفرضية الثانية: لا يوجد تأثير ذو دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (a ³ 0.05) للرفق والتسامح في العدالة التنظيمية لدى العاملين في المؤسسات الصحفية الأردنية.
الفرضية الثالثة: لا يوجد تأثير ذو دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (a ³ 0.05) لاستشعار المسؤولية في العدالة التنظيمية لدى العاملين في المؤسسات الصحفية الأردنية.
الفرضية الرابعة: لا يوجد تأثير ذو دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (a ³ 0.05) للأمانة في العدالة التنظيمية لدى العاملين في المؤسسات الصحفية الأردنية.
الفرضية الخامسة: لا يوجد تأثير ذو دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (a ³ 0.05) لطاعة ولي الأمر في الالتزام التنظيمي لدى العاملين في المؤسسات الصحفية الأردنية.
طريقة البحث وإجراءاته
أخذت هذه الدراسة بالمنهج الوصفي المعتمد على المسح الميداني .
مجتمع الدراسة
يتكون مجتمع الدراسة من كافة العاملين في المؤسسات الصحفية الأردنية البالغ عددها (4) مؤسسات لعام 2011 (منشورات وزارة الإعلام، دائرة المطبوعات والنشرلعام2011) ، وقد تم اختيارهذه المؤسسات ( المؤسسة الصحفية الأردنية « الرأي « ، والشركة الأردنية للصحافة والنشر « الدستور «، وشركة الطباعون العرب « العرب اليوم «، والشركة الأردنية المتحدة للصحافة والنشر» الغد «) وفقا لمجموعة من المعايير وهي ( ان تصدر اكثر من مطبوعة ، لها مطبعة تجارية ، عدد عامليها 100 عامل فاكثر ، وواسعة الانتشار من حيث التوزيع وعدد القراء ).حيث بلغ عدد العاملين في المؤسسات الصحفية الاردنية الأربعة (1835) عاملا.
عينة الدراسة
تم استخدام عينة عشوائية بسيطة من عدد العاملين في هذه المؤسسات حسب نموذج (Uma, Skeran,2007)، حيث تم توزيع (315) استبانة بنسبة (17.2) % من عدد العاملين البالغ عددهم (1835) عاملا ، حيث تم استرداد (204) استبانات بنسبة(64.8)% وهي التي تم إجراء الدراسة عليها.
والجدول (1) يبين عدد الاستبانات الموزعة و المستردة كما يلي حسب الجدول رقم ( 1 )
تطور المؤسسات الصحفية الأردنية
ظهرت الصحافة الأردنية في أوائل العقد الثاني من القرن العشرين، في عهد إمارة شرق الأردن ، حيث تم تأسيس صحيفة « الحق يعلو»، وهي أول صحيفة صدرت في الأردن في 11 نيسان 1921، و بعدها تم إصدار جريدة « الشرق العربي»، في 28 أيار 1923 كصحيفة رسمية أسبوعية ، وفي عام 1927 صدرت أربع صحف هي جريدة « العرب «، و» الشريعة «، و» صدى العرب» ، و « الأردن» حيث كانت هذه الصحف تصدر أسبوعيا بصورة غير منتظمة ، ونجد أن صحيفة الأردن هي الوحيدة التي حافظت على إستمراريتها، و تحولت في عام 1949 إلى صحيفة يومية .
و في أواخر الثلاثينيات صدرت صحيفتا الوفاء و الجزيرة العربية ، وفي عام 1947 ظهرت مجلة الرائد،
وصحيفة النهضة ، وثم جريدة النسر، والدفاع، و فلسطين، والجامعة الإسلامية، والجهاد، والمنار وثم صدرت أخبار اليوم و بعدها تم دمج صحيفتي فلسطين مع المنار باسم الشركة الأردنية للصحافة والنشر التي تصدر عنها جريدة الدستور ، كما تم دمج جريدة الدفاع و جريدة الجهاد في شركة القدس العربي ، و في مطلع السبعينيات بدأت المرحلة الحديثة من تشكيل الصحافة الأردنية ، حيث برزت صحف الرأي ، والدستور ، وصوت الشعب التي أوقفت عام 2002 ، كذلك ظهرت طبعات باللغة الإنجليزية كصحيفتي ستار، وجوردن تايمز (الموسى، 1989: 227- 251)
وفي عام 1997 ظهرت صحيفة « العرب اليوم» ، وفي نيسان 2004صدرت صحيفة « الديار» كصحيفة يومية ، وصدرت صحيفة « الغد» في 1/ 8/ 2004، وصدرت صحيفة السبيل في 10/ 2/ 2009 ، وصدرت صحيفة الأنباط في 2/ 5 /2005.
مفهوم أخلاقيات العمل الإسلامية
الخُلُق لغة: «السَّجيَّة، والطبع، والمروءة، والدِّين» واصطلاحاً: صفة مستقرة في النفس ذات آثار في السلوك محمودة أو مذمومة (الميداني، 1999)،( العمر،فؤاد،1999) ، والأخلاق هي مجموعة القواعد والمبادئ المجردة التي يخضع لها الإنسان في تصرفاته، ويحتكم إليها في تقييم سلوكه، وتوصف بالحسن أو بالقبح (بدران،1981).
فالخلق صفة مستقرة لا عارضة؛ لأن الإنسان قد يظهر بعض الصفات غير الثابتة في موقف معيَّن، كالكرم، أو الخوف، أو الغضب، أو غير ذلك، في حين أنه إذا رؤي في الأحوال العادية، تظهر منه الصفات الحقيقية التي قد تخالف هذه الصفات. وهذه الصفة المستقرة لها آثار سلوكية، فالسلوك ليس هو الخلق، بل هو أثره وشكله الظاهر. فسلوك الإنسان وتصرفاته يدلان على خلقه غالباً، ولذا فإن الشرع المطهر يربط الحكم على الشخص من خلال سلوكه، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان» فمن خلال سلوكه الظاهر حُكِم عليه بالإيمان الباطن (الحميدان، 2006).
ويمكن تعريف أخلاق العمل بأنها المبادئ التي تعدّ أساساً للسلوك المطلوب لأفراد المهنة، والمعايير التي تعتمد عليها المنظمة في تقييم الأداء (السعدان، 2005)، وتعني أخلاقيات العمل المعايير الأخلاقية الفردية في مواقف الأعمال المختلفة (Pried et al., 2002). ولكل مهنة من المهن قيم، ومبادئ، ومعايير، وقواعد أخلاقية، ومعرفة علمية، وأساليب، ومهارات فنية تحكم عملياتها وتحدد ضوابطها(الحميدان، 2006).
وأصبح موضوع أخلاقيات الأعمال يحظى باهتمام متزايد في السنوات الأخيرة، نتيجة لأسباب عدة في مقدمتها تزايد الفضائح الأخلاقية، والنقد الموجه للأعمال والمعايير التي تعتمدها بعيداً عن إطار أخلاقي واضح وشفاف، وقد اتسع مدى هذا الموضوع من خلال التوسع الحاصل في مجالات العمل المختلفة كأخلاقيات الحاسوب، وأخلاقيات المنظمات الافتراضية، وأخلاقيات استخدام الانترنت (الغالبي والعامري، 2010).
وتستند أخلاقيات الأعمال إلى نظام القيم الاجتماعي، والأعراف، والتقاليد السائدة في المجتمع، وكذلك نظام القيم الذاتي المرتبط بالشخصية، والمعتقدات الدينية، والخبرات السابقة، والمستوى التعليمي (ياغي، 2001).
أهمية الأخلاقيات
يعد علم الأخلاق أفضل العلوم وأشرفها وأعلاها قدراً؛ إذ ينظر إليه باعتباره إكليل أو تاج العلوم (السكارنة، 2009).
وتكمن أهمية دراسة أخلاق العمل، وكيفية تأسيسه في نفوس الموظفين، وضمائرهم تنبع من أن عدم وجود الأخلاق في المنظمة سيترتب عليه جهاز إداري غير فاعل، وضعيف الاستجابة لحاجات الزبائن وأصحاب المصالح (العمر، 1999)..
وقد أصدرت الكثير من الشركات مدونات أخلاقية، وهي عبارة عن وثيقة تصدرها المنظمة، وتتضمن مجموعة من القيم والمبادئ ذات العلاقة بما هو مرغوب فيه، وما هو غير مرغوب فيه من سلوكيات للشركة والعاملين فيها (نجم، 2000).
أبعاد أخلاقيات العمل الإسلامية
ومن مكونات أخلاقيات العمل الإسلامية الكفاية والإتقان في العمل، والرفق والتسامح مع الموظفين والمتعاملين، والنصح والإبداع، واستشعار المسؤولية، والعدالة والإنصاف، والأمانة، والعمل بروح الفريق، وطاعة ولي الأمر، والمحافظة على كرامة الوظيفة (العمر، 1999)، ويمكن مناقشة هذه المكونات التي اقتصرت عليها الدراسة كما يلي:
الكفاية والإتقان في العمل
سبق الإسلام النظريات الادارية الحديثة في مجال إتقان العمل وجودته (العمر، 1999) لقوله تعالى:» يا أبتِ استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين» (26: القصص) ومن الدلائل على ضرورة تحسين العمل وتجويده من قبل العاملين قوله، صلى الله علية وسلم، «إن الله تعالى يحب من العامل إذا عمل أن يحسن» (صحيح الجامع الصغير،1887).
2-4-2 الرفق والتسامح مع الموظفين والمتعاملين:
يعتبر الرسول علية الصلاة والسلام، القدوة الحسنة في هذا المجال من خلال التعامل مع أصحابه لقوله تعالى، «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك» (159: آل عمران) ،ويتعدى ذلك إلى مراعاة امكانات العاملين لقوله تعالى:»لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت» (286: البقرة) ويقول الرسول عليه السلام، في هذا المجال «اللّهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشفق عليهم فأشفق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فأرفق به» (صحيح مسلم، 1208).
استشعار المسؤولية
يجب على الموظف أن يستشعر المسؤولية أمام الله، والناس، والقيام بحق هذه المسؤولية من خلال المحافظة على الممتلكات، والمال العام لقوله تعالى: «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس إن تحكموا بالعدل» (58: النساء)، وقوله، عليه السلام، «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» (صحيح مسلم، 1201).
الأمانة
تعد الأمانة إحدى صفات المسلم لقوله تعالى: «والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون» (8: المؤمنون)، وقوله تعالى: «أن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها» (57: النساء) وقوله، عليه السلام، «ما من راع يسترعية الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه رائحة الجنة» (صحيح البخاري، 7150).
طاعة ولي الأمر:
يجب على الموظف إطاعة رؤسائه في العمل لقوله تعالى: «وأطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم» وقوله عليه السلام: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» (صحيح مسلم، 1225).
العدالة التنظيمية:
Organizational Justice
يقصد بالعدالة التنظيمية المدركة ميل الأفراد العاملين لمقارنة حالتهم مع حالة زملائهم الآخرين في العمل(Byrne,2003,3)، ويعد مفهوم العدالة التنظيمية من المفاهيم النسبية ، بمعنى آخر أن الإجراء التنظيمي الذي ينظر إليه فرد ما على أنه إجراء عادل قد يكون إجراء متحيزا.
وتشمل العدالة التنظيمية ما يلي:
1- العدالة الإجرائية: Procedural Justice وتشير إلى السلوك والعمليات التى تستخدمها المنظمة لتنفيذ الوظائف المختلفة.
وقد حدد (Leventhal, 1980) ( العطوي،2007)،المكونات الهيكلية التى يعتقد أنها تشكل القالب الذهني لإدراك الأفراد لمعنى العدالة ، حيث أن مدى الاعتقاد بوجود عدالة الإجراءات يرتبط بمدى الوفاء أو الإخلال بمجموعة القواعد الإجرائية الآتية:
- قاعدة الاستئناف: بمعنى وجود فرص للاعتراض على القرارات وتعديلها إذا ظهر ما يبرر ذلك.
- قاعدة الأخلاقية: أى أن يتم توزيع المصادر وفقاً للمعايير الأخلاقية السائدة.
- قاعدة التمثيل: يجب أن تستوعب عملية اتخاذ القرار وجهات نظر أصحاب العلاقة.
- قاعدة عدم الانحياز: يجب عدم تمكين المصلحة الشخصية من التأثير على مجريات عملية اتخاذ القرارات.
- قاعدة الدقة: بناء القرارات على أساس معلومات صحيحة وسليمة ودقيقة.
- قاعدة الانسجام: يجب أن تنسجم إجراءات توزيع الجزاءات والمكافآت على جميع الأفراد وفى كل الأوقات. (محارمة ،2000)
أما (Niehoff & Moorman 1993) فقد حددا مكونات الإجراءات فى ثبات ودقة الإجراءات ، وصحتها وواقعيتها ، وعدم التحيز فى تطبيقها.
2- عدالة التوزيع: Distributive Justice وتشير الى العدالة المدركة عن توزيع الموارد من قبل المنظمة من خلال ثلاثة قواعد (Rego&cunha,2006):
- قاعدة المساواة: وتقوم على اساس اعطاء المكافآت على اساس المساهمة
- قاعدة النوعية: ان كل الناس وبغض النظر عن خصائصهم الفردية يجب ان يتساووا في الحصول على المكافآت
- قاعدة الحاجة:وتعني تقديم الافراد ذوي الحاجة الملحة على الاخرين.
3- عدالة التعاملات: Interactional Justice وتشير إلى مدى إحساس الأفراد بعدالة المعاملة التى يحصلون عليها عندما تطبق عليهم الإجراءات. (Neifoff & Moorman 1993)
وهذا يعني أهمية مراعاة أسلوب التعامل مع الأفراد عند تطبيق الإجراءات ، وعدالة التوزيع وعدالة التعاملات ، فهى ليست منفصلة تماماً ، بل مترابطة وتؤثر فى بعضها البعض ، لذا فالحديث عن أى منها دون الحديث عن الأنواع الأخرى أمر غير ممكن من الناحية العملية. (خليفة 1997).
أهم ما تتميز به الدراسة
الحالية عن الدراسات السابقة
قام الباحث بعمل مقارنة بين الدراسات السابقة ودراسته ،حيث تبين للباحث أن بعض الدراسات السابقة تطرقت إلى أخلاقيات العمل بشكل عام ولم تتطرق إلى تحديد مكونات هذه الأخلاقيات كما في هذه الدراسة ، بالإضافة إلى ان بعض الدراسات تطرقت الى العدالة التنظيمية كمتغير مستقل واحيانا كمتغير تابع في حين ان هذه الدراسة استنبطت مكونات لأخلاقيات العمل الإسلامية كمتغيرات مستقلة ومعرفة تاثيرها في العدالة التنظيمية ، بالاضافة الى انه تم تطبيق هذه الدراسة في قطاع حيوي وهام كقطاع الصحف.
قياس متغيرات الدراسة
تم التعرف على رأي العاملين حول أخلاقيات العمل الإسلامية في مؤسساتهم الصحفية ، والمتمثلة في الكفاية والإتقان في العمل من خلال الأسئلة من (1-9) ، وكذلك قياس الرفق والعفو مع الموظفين والمتعاملين من خلال الأسئلة من (10-17) ، كما تم قياس استشعار المسؤولية من خلال الأسئلة من (18-21)، وتم قياس الأمانة من خلال الأسئلة من (22-25)، وتم قياس طاعة ولي الامر من خلال الاسئلة من (26-30) .
كما تم قياس العدالة التنظيمية والمتمثلة في عدالة التوزيع من خلال الأسئلة من (31-36)،وكذلك قياس عدالة الإجراءات من خلال الأسئلة من (37-43)، وتم قياس عدالة التعاملات من خلال الأسئلة من (44-51).
المعالجة الإحصائية
تم استخدام الرزم الإحصائية للعلوم الاجتماعية Version 15 (SPSS) (Statistical Package for Social Science) للإجابة عن أسئلة الدراسة، واختبار فرضياتها، حيث استخدمت التكرارات والنسب المئوية للتعرف على خصائص عينة الدراسة، والمتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للإجابة عن أسئلة الدراسة، واختبار الانحدار البسيط لاختبار فرضيات الدراسة.
صدق الأداة وثباتها
تم اختبار صدق الاستبانة من خلال إعداد فقرات الاستبانات وعرضها على فريق من المحكمين والخبراء في مجال الإدارة والإعلام بلغ عددهم (7) محكمين ، حيث تم تعديل بعض فقرات الاستبانة بناء على ملاحظاتهم . وتم استخراج معامل الاتساق الداخلي لأداة الدراسة، درجة توافق المستجيبين على فقرات أداة الدراسة بالاعتماد على معادلة كرونباخ ألفا (Cronbachs› Alpha) لكل متغير بجميع أبعاده من متغيرات الدراسة، وكانت معاملات الثبات لجميع الأبعاد مرتفعة وهي نسب ثبات جيدة ومقبولة في البحوث والدراسات الإنسانية،
وقد توصلت الدراسة الى وجود تأثير ذي دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (a ³ 0.05) لأخلاقيات العمل الإسلامية كمتغيرات مستقلة ( ألكفاية والإتقان، والرفق والتسامح ، واستشعار المسؤولية، والأمانة ، وطاعة ولي الأمر) في العدالة التنظيمية كمتغير تابع لدى العاملين في المؤسسات الصحفية الأردنية.
النتائج
1- وجود أثر ذي دلالة إحصائية للإتقان في العدالة التنظيمية لدى العاملين في المؤسسات الصحفية الأردنية.
2- وجود أثر ذي دلالة إحصائية للرفق والتسامح في العدالة التنظيمية لدى العاملين في المؤسسات الصحفية الأردنية.
3- وجود أثر ذي دلالة إحصائية لاستشعار المسؤولية في العدالة التنظيمية لدى العاملين في المؤسسات الصحفية الأردنية.
4- وجود أثر ذي دلالة إحصائية للأمانة في العدالة التنظيمية لدى العاملين في المؤسسات الصحفية الأردنية.
5- وجود أثر ذي دلالة إحصائية لطاعة ولي الأمر في العدالة التنظيمية لدى العاملين في المؤسسات الصحفية الأردنية.
التوصيات
1- توصي الدراسة ضرورة قيام إدارات المؤسسات الصحفية الأردنية بالمحافظة على الاتقان في العمل من خلال ايجاد كافة الوسائل والاساليب الادارية الحديثة التي تراعي القيام بالاعمال حسب المواصفات المطلوبة وتحسين الاعمال بشكل افضل بدون اية اخطاء وقد يكون ذلك من خلال تعيين العاملين على اساس الجدارة والكفاءة.
2- توصي الدراسة باستمرار المؤسسات الصحفية الاردنية بالتعامل مع عامليها وزبائنها بالرفق والتسامح من خلال توجيه العاملين الى اليات التعامل باسلوب حسن، وقد تقوم بعمل دورات تدريبية في هذا المجال، بالاضافة الى مراعاة قدرات العاملين لديها وأخذ ذلك بعين الاعتبار في عمليات التعيين والترقية والنقل.
3- توصي الدراسة إدارات المؤسسات الصحفية الأردنية باستشعار حجم المسؤولية الكبيرة أمام الله وأمام الناس والعاملين وغرسها في نفوس العاملين من خلال استشعار الرقابة الذاتية بدلا من الاقتصار على الرقابة الخارجية.
4- توصي الدراسة قيام إدارات المؤسسات الصحفية الأردنية بتقييم كافة الأعمال المتعلقة بالموظفين بطريقة واضحة وشفافة.
5- توصي الدراسة قيام إدارات المؤسسات الصحفية الأردنية بالمحافظة على الأمانة من خلال القيام بالمهام والواجبات بكل أمانة واخلاص وتقديم الاراء دون اية مصالح شخصية بالاضافة الى عدم استخدام اي اسلوب يؤدي الى رفع الكلف على المؤسسات.
6- توصي الدراسة إدارات المؤسسات الصحفية الأردنية بمراعاة طاعة ولي الامر من خلال تنفيذ التعليمات ضمن العرف والقانون والدين ، وعدم قبول التوقيع على أية معاملة إذا لم يكن الموظف مقتنعا بمحتواها، وان يعلم رئيسه المباشر عن أية مخالفة للتعليمات قبل أن يقوم باتخاذ القرار، وان يقوم بإبداء رأيه بكل أدب واحترام.
7- إجراء المزيد من الدراسات حول مفاهيم الإسلام كوعاء حضاري وإنساني للأخلاق الراقية في مختلف مناحي حياة الأفراد والجماعات والمنظمات.
* بحث مقدم الى المؤتمر العالمي الثاني للتسويق الاسلامي ابو ظبي الامارات العربية المتحدة خلال الفترة من 16-18 كانون الثاني 2012