مركز الرأي للدراسات
اعداد : علي عيسى
تموز 2013
اتيحت لي فرصة المشاركة في جلسات اللجنة البرلمانية «العمل والمالية» المكلفة بدراسة قانون الضمان الاجتماعي المؤقت رقم (7) لسنة 2010, وتقديم التوصيات بشأنه لمجلس النواب.. وجاء تكليفي من غرفة صناعة الاردن وغرفة صناعة عمان باعتباري مستشاراً لهذه الغرفة لشؤون الضمان الاجتماعي. كما كنت مكلفاً نفسي بالدفاع عن مجموعة كبيرة من التوصيات المستخلصة من دراسة شاملة لقانون الضمان اعددتها بتكليف من غرفة تجارة عمان, ونوقشت هذه الدراسة في ثماني ورشات عمل شارك فيها العديد من المهتمين والمختصين وخرجت بالتوصيات المشار اليها.
واذا كانت الموضوعية تقتضي ان لا اضع النتائج قبل المقدمات الا ان طرح الانطباعات العامة في البداية, كما اعتقد, لا تتناقض مع هذه الموضوعية, لذا لا اجد حرجاً في القول, بكل صراحة ووضوح, انني شعرت بخيبة الامل من مناقشات وتوصيات اللجنة البرلمانية لاسباب عديدة بعضها يتصل بالشكل والأهم منها ما يتصل بالمضمون.
لقد كان الانطباع الاول أن القانون موضوع المناقشات, قانون الضمان, وهو أهم القوانين الاجتماعية والاقتصادية واعقدها واكثرها تأثيراً على المجتمع الاردني حاضراً ومستقبلاً باعتباره معنياً بحياة ومعيشة ومستقبل ملايين الاردنيين, هذا القانون لم يدرس بشمولية وعمق من قبل غالبية المشاركين في جلسات اللجنة البرلمانية, فضلاً عن أن اللجنة لم تحضر متكاملة في جميع جلساتها, ولم تمثل فيها اطراف الانتاج الثلاثة من ممثلي العمال واصحاب العمل والحكومة, وهي الاطراف المنوط بها اساساً تمويل وادارة وتنفيذ وتطوير نظام الضمان الاجتماعي.
وفي اعتقادي ان اللجنة والمشاركين في جلساتها, وكلهم اجّل واحترم, لم يعطوا اهتماماً للاسباب الموجبة التي تم على اساسها بناء وصياغة التعديلات التي اشتمل عليها قانون الضمان المؤقت رقم (7) لسنة 2010, موضوع مناقشات اللجنة, فبدت لي هذه المناقشات, وما آلت اليه من نتائج وتوصيات, معتذراً عن الوصف, كرقصات فيل ادخل الى محل للخزف. وبتعبير واضح اتحمل مسؤوليته كوني «خبير ضمان اجتماعي» حسب تصنيف منظمة العمل العربية, ان ما وصلت اليه اللجنة البرلمانية من توصيات لتعديل القانون موضوع البحث, كان تشويهاً لهذا القانون وانحرافاً خطيراً عن اهدافه ومستلزمات ديمومته ومسيرة تطبيقه. وسأحاول أن اوضح ذلك فيما يلي من ملاحظات.
اولاً – التقاعد المبكر
لقد كان في الاسباب الموجبة للقانون المؤقت رقم (7) لسنة 2010, موضوع البحث والمناقشات, ان مستقبل نظام الضمان الاجتماعي سيواجه عجزاً اكتوارياً يجعل من الاشتراكات التي يعتمد عليها هذا النظام غير كافية لمواجهة النفقات بعد عام 2016, مما سيضطر مؤسسة الضمان الى اضافة عوائد استثمار موجوداتها الى مجمل الاشتراكات التي تدفع شهرياً, لتغطية نفقاتها حتى عام 2026 وان المؤسسة سوف تضطر لتسييل موجوداتها الى جانب الاشتراكات الشهرية لتتمكن من دفع النفقات المتوجبة عليها بعد ذلك, مما يؤدي الى افلاس المؤسسة عام 2036.
تصحيح الخلل الاكتواري
لقد جاء ذلك من خلال الدراسة الاكتوارية التي اقرتها المؤسسة قبل تعديل قانون رقم (19) لسنة (2001) واخراج قانون رقم (7) لسنة 2010 الذي جاء لانقاذ الموقف ومعالجة الخلل الاكتواري المشار اليه, والذي كان سببه الرئيس التقاعد المبكر الذي كان مسموحاً به في سن الخامسة والاربعين وبمدد اشتراك تراوحت بين 18 سنة للذكر و15 سنة للانثى, بالاضافة الى عدم وجود سقف للاجر الخاضع للاشتراك والذي اوصل رواتب تقاعد تجاوزت العشرة آلاف دينار شهرياً, وكان يمكن أن تصل الى عشرين الف دينار أو اكثر لو بقي الحال على ما هو عليه مع ازدياد الاجور لفئة غير قليلة من مدراء الشركات وكبار الموظفين, دون أن ننسى فقدان العدالة الى حد أن هذه الرواتب كانت تشكل حوالي ثلاثماية ضعف الحد الادنى لراتب التقاعد, وهو امر لم تشهد له اية انظمة ضمان اجتماعي في العالم. مشيراً هنا على سبيل المثال الى أن دولاً غنية مثل اليابان والمانيا لا تتجاوز مثل هذه الرواتب سبعة اضعاف الحد الادنى! هذا مع عدم وجود رواتب تقاعد مبكر قبل سن الستين.
الهرم على رأسه
وفي واقع التطبيق العملي فقد شهدت مؤسسة الضمان الاجتماعي الاردنية في جميع سنواتها الاخيرة. ومنذ بدأت «ثمار» التقاعد المبكر من اواسط تسعينات القرن الماضي, وبشكل خاص منذ منتصف العقد الاول من القرن الحادي والعشرين, تصاعداً كبيراً في الاقبال على التقاعد المبكر حتى بلغت نسبته خلال اعوام 2007, 2008 و2009 حوالي 80% من استحقاقات التقاعد. وبذلك انقلب هرم التقاعد على رأسه, فبدلاً من تقاعد الشيخوخة عند سن الستين للرجل وسن الخامسة والخمسين للمرأة الذي قامت على قاعدته انظمة الضمان في العالم, اصبح هذا التقاعد الطبيعي «استثناء», وليصبح الاستثناء الطبيعي وهو التقاعد المبكر هو القاعدة.
وليست المخاطر هنا على نظام الضمان الاجتماعي فحسب بل وعلى النظام الاقتصادي ايضاً. فتخيلوا كيف سيكون واقع النظام الاقتصادي الوطني الذي سيفقد النخب الاقتصادية والادارية والفنية ذات الخبرات المتراكمة من خلال تقاعدهم المبكر في سن الشباب!
عملية جراحية
وهكذا فقد جاء قانون الضمان الاجتماعي رقم (7) لسنة 2010 بعملية جراحية لاستئصال سرطان التقاعد المبكر – اذا جاز التعبير – وكذلك معالجة مخاطر فقدان العدالة بين الحد الادنى والحد الاقصى وتقريب المسافات بين احجام رواتب التقاعد لضمان ادنى حد من العدالة.
وبلغة مبسطة وواضحة رفع سن التقاعد المبكر من سن 45 الى سن 50, وسمح القانون للعاملين في المهن الخطرة بالتقاعد في سن 45 اما شرط مدد الاشتراك فقد رفعت من 18 سنة للذكر الى 25 سنة وللانثى 15 سنة الى 22 سنة.
بل واستثناء, من القاعدة فقد منح جميع الذين اكملوا من المشتركين قبل 1/1/2011 مدة 18 سنة في الاشتراك للذكور و15 سنة للاناث حق الاستفادة من التقاعد المبكر على اساس القانون السابق وفي أي وقت شاءوا, وجاء ذلك تحت عنوان الحقوق المكتسبة.
وعلى اساس هذه التعديلات التي حاولت اعادة تركيب الهرم على قاعدته بدلاً من بقائه على رأسه دون الاخلال بحقوق المشتركين, بالاضافة الى مجموعة اخرى من التعديلات الاقل اثارة لاختلاف والاكثر تجاوبا مع العدالة والتوافق مع النظم المتقدمة للضمان الاجتماعي، على هذا الاساس استقر نظام الضمان الاجتماعي، ومنح مؤسسة الضمان الاجتماعي عشر سنوات جديدة من الامان وفق الدراسة الاكتوارية التي اجرتها المؤسسة بعد تطبيق قانون رقم (7) لسنة 2010.
الأصوات العالية
ولان القاعدة تقوم على استحالة ارضاء الجميع، ولاننا تعودنا في هذا البلد الطيب ان نستمع اكثر واحيانا، مع الاسف، ان نخضع للاصوات العالية، وهي حجة الذين لا يسمحون لصوت العقل الهادئ بالسمع، فقد قامت الدنيا ولم تقعد من نفر من ذوي المصالح الخاصة.
لقد كان لهذه الاصوات العالية، التي احترم اصحابها، ولا احترم تطلعاتهم الفردية الدور المؤثر فيما وصلت اليه اللجنة البرلمانية الكريمة فيما يخص توصياتها بخصوص التقاعد المبكر حيث تضمنت هذه التوصيات ما يلي:
1- تخفيض مدد الاشتراكات المؤهلة لاستحقاق التقاعد المبكر حيث اصبحت (22) سنة بدلا من (25) سنة للذكور و(19) سنة بدلا من (22) للاناث، بل واصبح كل من استكمل مدة (25) سنة يحق له التقاعد المبكر عند سن (45) بدلا من سن (50).
2- رفعت معامل المنفعة بدلا من (87ر1) من الاجر عن كل سنة الاشتراك الى (5ر2%).
3- توسعت في المهن الخطرة التي يسمح لمن يعمل بها بالتقاعد في سن (45) للذكر والانثى مع مدة اشتراك (15) سنة بالاضافة الى معامل منفعة (5ر2%).
4- والاخطر من كل ما سبق السماح، ولاول مرة في الاردن، بالجمع بين اجر العمل ونسبة عالية من راتب التقاعد، وهو امر سيخلق خاصة مع بعض الشروط، اشكالات ادارية وتنظيمية لمؤسسة الضمان ولاصحاب العمل وللعائدين للعمل من المتقاعدين مبكرا.
5- اضافت اللجنة مبلغ (40) دينارا لكل متقاعد مبكر.
6- اضافت نسبة التضخم زيادة على راتب التقاعد المبكر فور تخصيصه.
إن هذه التوصيات ان تمت الموافقة عليها فسوف تشكل حوافز كبيرة لكل مشترك للتقاعد المبكر، الامر الذي سيقلب هرم تقاعد الضمان مجددا على رأسه، بل قد يدحرج هذا النظام برمته الى الهاوية.
زيادة الاشتراكات
والسؤال هنا كيف وافقت مؤسسة الضمان وهي ممثلة بمديرها العام في اجتماعات اللجنة، اقول مخلصا ان المؤسسة وافقت مرغمة بعد ان وافقت اللجنة البرلمانية الكريمة على مطالب المؤسسة برفع نسبة الاشتراكات الشهرية على العامل وصاحب العمل بحجة تغطية كلفة «الهدايا» التي قدمتها اللجنة للمتقاعدين مبكرا.
وارى ان رفع الاشتراكات وبالنسب التي سأبينها لاحقا، اكثر خطورة من الموافقة على الكرم الحاتمي للتقاعد المبكر غير المبرر وغير الضروري والذي لا مثيل له في اي نظام ضمان اجتماعي في العالم، وهذه الاطلاقية انا مسؤول عنها بحكم اطلاعي على انظمة الضمان العالمية.
اما نسب الاشتراكات الجديدة فهي على النحو التالي:
1- رفع نسبة اشتراك صاحب العمل لتأمين الشيخوخة من 9% الى (11%) لجميع المشتركين لديه، وكذلك الى (12%) لمن يعملون لديه في المهن الخطرة، اي ان صاحب العمل ارتفعت اشتراكاته بصورة عامة الى (3%) وهي نسبة جديدة.
2- رفع اشتراكات العامل من (5ر5%) الى (5ر6%) اي اضافة (1%) جديدة من اجل المساهمة في التقاعد المبكر.
3- إن رفع اشتراكات تأمين الشيخوخة بنسبة (4%) على العامل وصاحب العمل جاءت فقط لتمويل التقاعد المبكر.
وهذه النسبة الجديدة من الاشتراكات ستصل الى حوالي مئتي (200) مليون دينار سنويا سوف تسحب من الاجور ورصيد المنشآت والشركات والمؤسسات لتقدم للشباب المتقاعدين والذين سيعودون الى العمل للجمع بين الاجر والتقاعد ولو بشروط، ارى انها ستتبخر في التطبيق، حيث سيتكفل التحايل، اي الفساد، بتبخيرها.
اما المخاطر والنتائج التي ستترتب على زيادة الاشتراكات بنسبة (4%) وقبلها زيادة الاشتراكات لتأميني الامومة والتعطل عن العمل وهي بنسبة (25ر2%) من قيمة الاجور والتي بدأت قبل حوالي عامين اي ان زيادة (25ر6%) من الاشتركات فهي كما يلي:
أ- زيادة العبء على العامل وصاحب العمل، وسيعمل كل منهما على معالجة موقفه من خلال مصالحه، فالعامل سيطالب بزيادة الاجور ليسترد ما يخصم من اجره، وصاحب العمل سيحاول استرداد ما يدفعه من خلال رفع ثمن السلعة او الخدمة التي ينتجها، والمتضرر في النهاية هو المواطن الذي سيضاف الى مر الشكوى من الغلاء المزيد من المرارة، وقد يحولها الى اعتصامات ومطالبات وغيرها.
ب- زيادة العبء على القرار الاستثماري الداخلي والخارجي، فمن المعروف انه كلما زادت كلفة الاستثمار كلما هرب الاستثمار الداخلي الى الخارج، حيث الفرص الافضل، وكذلك الحال يهرب الاستثمار الخارجي الذي يبحث اساسا عن كلف استثمار اقل وربحية اكبر في بلدان اخرى، والخسارة في النهاية يدفعها الاقتصاد الوطني.
تُرى هل يستحق اغراء الشباب بالتقاعد المبكر رغم كل مخاطره وتشويهه لنظام الضمان الاجتماعي واثاره الاقتصادية والاجتماعية والادارية المشار اليها انفا، هل يستحق كل هذه المخاطر.
وبالمقابل، اذا كان الاقتصاد الوطني، وطرفا الانتاج من عمال واصحاب عمل يمكنهم ان يتحملوا اعباء واثار اقتطاع (4%) من قيمة الاجور شهريا لتقديم حوافز مجانية لفئة من الشباب كي «يتمتعوا» بالتقاعد والقعود في الكسل او البحث عن وسائل للتحايل على الضمان وجني رواتب تقاعد واجر العمل دون دفع اشتراكات، او بمعنى «السرقة»، الم يكن من الاجدى للجنة الموقرة ان توفر لجميع القوى العاملة منافع تأمينية شاملة بذات النسبة المقتطعة من اجورهم (4%) وربما بأقل منها وذلك بتطبيق تأمين متكامل للبطالة مثلا، او بتطبيق تأمين العجز المؤقت ضد المرض الذي حذف جزافاً من التأمينات وهو تأمين اجتماعي واقتصادي معا مهم جدا للمعامل طوال وجوده في العمل، بل كان يمكن تطبيق مرحلة اولى من التامين الصحي للمتقاعدين بنسبة اشتراك اقل.
للاسف لم تنكر اللجنة البرلمانية الموقرة تأمينيا او شموليا لانها خصصت للاصوات العالية ذات المصالح الخاصة.
ثانياً – تقاعد الشيخوخة
اجرت اللجنة تعديلات على نصوص قانونية في احتساب تقاعد الشيخوخة ومنها:
-خفضت متوسط الاجر الذي يحسب على اساسه راتب تقاعد الشيخوخة من متوسط اخر 36 اشتراكاً الى اخر 30 اشتراكاً مما يفتح باب التحايل لرفع الاجور في السنتين والنصف الاخيرة بدلاً من السنوات الثلاث الاخيرة, بل كان الاجدى رفع المتوسط الى آخر خمس سنوات.
-وفي ذات السياق خفضت رقابة المؤسسة على تدرج الاجور في السنوات العشر الاخيرة بشطب نص الفقرة (د) من المادة (62), واعادة احتسابه بأثر رجعي لجميع الرواتب المخصصة للسنوات الماضية؟
-خفضت التعديلات الموصى بها درجة رقابة المؤسسة على تدرج الاجور في السنوات الخمس الاخيرة بحيث اصبحت الزيادة في الاجر المسموح بها في هذه السنوات وهي بنسبة (60%) اصبحت ذات النسبة (60%) ولكن في السنوات الاربع الاخيرة, مما يسمح بمعدل زيادة سنوية من (12%) الى 15% وهذا يزيد من محاولات التحايل برفع الاجور وزيادة رواتب التقاعد دون وجه حق, فضلاً عن زيادة رواتب التقاعد على خلاف ما يجري في انظمة الضمان العالمية التي تتراوح بين ما كان معمولاً به من نسب وارقام حسب القانون المؤقت رقم (7) لسنة 2010, وبين العديد من التشريعات العالمية التي تصل في بعضها الى متوسطات اجور عشر سنوات وخمس عشرة سنة, منعاً للتحايل وتقليصاً للانفاق.
ولتوضيح هذا الموضوع الفني الدقيق اشير الى ان اغلب قوانين الضمان في العالم لا تزيد حصيلة راتب تقاعد الشيخوخة فيها عن 67% من الاجر الاخير ومتوسط الاجر في السنوات الاخيرة قبل التقاعد. أما لدينا فنحن من السخاء بحيث تصل رواتب التقاعد عند سن الستين مع الزيادات المقررة الى ما يساوي الاجر الاخير, بل واذا احتسب الراتب بعد سن الستين فسوف يزيد على الاجر الاخير!
أليس ثمة فرق بين الاجر الذي يعطى مقابل العمل والانتاج وبين معاش التقاعد الذي يمنح كحق لتأمين حياة كريمة للمتقاعد!
ثالثا: التأمين الصحي الشامل
حرصت اللجنة على تطبيق هذا التأمين على مليون مشترك بالضمان واربعة ملايين منتفع وانا معها، ولكن اللجنة اصرت على ان يبدأ التطبيق في 1/ 1/ 2015 اي بعد حوالي السنة من تاريخ نفاذ احكام القانون، واصرت على ان تضع هذا التاريخ في صلب القانون وهنا اجد نفسي مضطرا لمعارضتها لاسباب عديدة بعضها دستوري وبعضها قانوني وبعضها يتعلق بالصلاحيات والسياسات والمعقوليات.
1- جاءت المادة (3) من مشروع القانون حسب توصيات اللجنة لتجعل تطبيق التأمين الصحي بنظام يُصدره مجلس الوزراء، وفي اعتقادي ان الامر يتطلب اعداد فصل في قانون الضمان مثلما هو الحال في جميع فصول تطبيق التأمينات الاجتماعية، فحال التأمين الصحي كحال تأمين اصابات العمل والامومة والتعطل عن العمل والشيخوخة.. الخ، لان التأمين الصحي مثله مثل سائر التأمينات يتطلب تحديد اشتراكات وانشاء صندوق وتوزيع اعباء الاشتراكات على اطراف الانتاج وغيرها من النصوص القانونية انطلاقا من احكام الدستور حيث لا تفرض ضرائب ورسوم دون نص قانوني فكيف تترك اللجنة البرلمانية الكريمة صلاحيات فرض رسوم واشتراكات وغيرها لمجلس الوزراء وليس للبرلمان المخول دستوريا بفرض مثل تلك الاشتراكات والرسوم.. اما النظام فلمجلس الوزراء اصداره لتفصيل تطبيق النص القانوني الذي يفترض ان يتضمنه فصل خاص بالتأمين الصحي في صل قانون الضمان، وعليه كان على اللجنة لو شاءت ان تحضر لتطبيق التأمين الصحي ان توصي مجلس النواب بالموافقة على فصل تكون اعدته مسبقا ليكون جزءا من قانون الضمان قبل ان توصي بتطبيق تأمين صحي يقوم على نظام يصدره مجلس الوزراء.
تجاهل مواد القانون
2- تجاهلت اللجنة البرلمانية الموقرة ما نصت عليه المادة (3) من قانون الضمان بالبند (5) من الفقرة (أ) والتي تنص على الآتي:
المادة 3 - أ - 5: يشمل هذا القانون التأمينات التالية: 1، 2، 3، 4، (5) التأمين الصحي، والفقرة (ج) من المادة ذاتها التي تنص:
المادة 3 - ج : يجوز تطبيق اي من التأمينات الواردة في الفقرة (أ) من هذه المادة على مراحل بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب المجلس (مجلس ادارة مؤسسة الضمان الاجتماعي) على ان يحدد في هذا القرار ما يلي: تاريخ البدء بالتطبيق ب- الفئات المشمولة بالتأمين ج- تاريخ وضع المرحلة الاولى واي مرحلة اخرى ثانية موضع التطبيق.. الخ.
بعد قراءة هذا النص القانوني الذي يبدو ان اللجنة الكريمة اما انها لم تقرأه او تجاهلته أو لم تفهم مفاعيله، كيف تنص في بند لاحق في نفس المادة على ان يبدأ تطبيق التأمين الصحي في 1/1/2015 دون ان يكون هناك قرار بذلك من مجلس الوزراء صاحب الصلاحية (الفقرة ج) ودون ان يكون هناك تنسيب من مجلس ادارة الضمان (ذات الفقرة): هل تحولت اللجنة الكريمة ومعها مجلس النواب الذي توصي له باقرار المادة من لجنة او مجلس نواب صاحب تشريع الى مجلس وزراء صاحب قرار تنفيذي، فضلا عن شطب صلاحية مجلس ادارة الضمان المسؤول اساسا ليس عن التنسيب بتطبيق التأمينات بل والمسؤول عن اقتراح مشروعات تطبيق التأمينات الى مجلس الوزراء...الخ بعد ان يكون قد اجرى الدراسات اللازمة لكل تأمين واعد العدة الادارية والتنظيمية لذلك!.
3- حين تقرر اللجنة البرلمانية تطبيق تأمين صحي بعد سنة من اقرار القانون هل يا ترى اطلعت على دراسات اكتوارية اعدتها مؤسسة الضمان المسؤولة عن التطبيق، لهذا التأمين وخاصة كم تبلغ تكلفة تطبيقه وكيفية توزيع هذه التكلفة على اطراف الانتاج.
معلوماتي، لا توجد دراسة اكتوارية لدى المؤسسة لتطبيق هذا التأمين ولكن توجد دراسة عامة لهذا التأمين تم اعدادها بالتعاون بين المؤسسة والجامعة الاردنية خلال عامي 1991-1992 وكنت شخصيا رئيس الفريق النظير في المؤسسة وملخصها ان تطبيق هذا التأمين حسب اسعار عام 1991 يتطلب انشاء صندوق تصب فيه اشتراكات شهرية مقدارها (16%) من قيمة اجور المشتركين فيه. وقد قرر مجلس ادارة الضمان انذاك وبعد اجتماعات متعددة لدراسة كيفية توزيع تلك الكلفة، وحفظ الدراسة في الارشيف لصعوبة التطبيق وعدم امكانية فرض نسبة الاشتراك المشار اليها.
هل نحن دولة نفطية!
والسؤال هنا: لو افترضنا ان اللجنة الكريمة اطلعت على مثل تلك الدراسة وقررت الزام مجلس الوزراء ومؤسسة الضمان واصحاب العمل والعمال على تمويل هذا التأمين بتلك النسبة من الاشتراكات فماذا ستكون كلفة الضمان الاجتماعي في 1/1/2015، دعونا نجمع اشتراكات الضمان:
-(75ر18) كلفة الاشتراكات اليوم، نضيف لها (4%) لتمويل التقاعد المبكر كما اسلفنا واوصت اللجنة بذلك و(16%) للتأمين الصحي يكون المجموع (75ر38%) من قيمة الاجور: هل تسمح اللجنة البرلمانية الموقرة ان اقول لها ان هذه النسبة لا تستطيع ان تتحملها دولة نفطية! وهل اقول لها ان بريطانيا العظمى كادت تفلس بسبب التأمين الصحي! وهل اذكرها بما جرى ويجري في اميركا الدولة العظمى في عهد اوباما بسبب شجاعته لتطبيق التأمين الصحي على عدد محدود من الشعب الأميركي!.
انا لست ضد تطبيق التأمين الصحي، ولكن ضد الارتجال بوضع نص قانوني، مخالف لنصوص قانونية في الضمان ذاته، حين قررت اللجنة ان توصي بتطبيق التأمين الصحي في 1/1/2015، وهو تحديد زمني ليس من صلاحياتها وليس له أي مبرر منطقي!!.
يكفي ان اشير هنا لفقدان المنطق القانوني والعقلاني بل والفني في نص الفقرة (هـ)-1 من المادة (3) من قانون او مشروع قانون الضمان الذي اقرته اللجنة:
«لمجلس الوزراء بناء على تنسيب المجلس (مجلس ادارة الضمان) تطبيق التأمين الصحي للمستفيدين منه مشتركين ومنتفعين سواء من قبل المؤسسة (مؤسسة الضمان) منفردة او بالاتفاق مع المؤسسات والجهات المختصة ذات العلاقة ولهذه الغاية يُستحدث في المؤسسة صندوق خاص للتأمين الصحي؟!
- هذا النص – من عمر القانون المؤقت رقم (7) لسنة 2010 أي قبل ثلاثة اعوام.
- واضافت له اللجنة، على ان يبدأ تطبيق التأمين الصحي في 1/1/2015.
صياغة مشوهة!
إن قراءة النص تدل على صياغة قانونية مشوهة، فلا يوجد في القوانين (اما او) إما ان تطبقه مؤسسة الضمان منفردة أو بالاتفاق مع المؤسسات والجهات المختصة ذات العلاقة، ثم من هي المؤسسات والجهات المختصة! وهل جرى تعريفها ام ان ذلك متروك للمؤسسة، كيف يتحمل القانون تسميات دون تعريف ام تترك الامور على عواهنها!!.
ثم وهذا هو الاهم: مضت ثلاث سنوات على استحداث ذلك النص «اللامعقول» فهل اتضحت لدى مؤسسة الضمان انها ستقوم منفردة بالتطبيق، ام بالاتفاق مع المؤسسات المختصة وذات العلاقة وهل اتضح لدى المؤسسة من هي هذه المؤسسات المختصة وكم عددها وما هي نتائج اتصالاتها ومباحثاتها معها، والى اين وصلت، وهل اطلعت اللجنة البرلمانية على كل ذلك، بحيث منحتها الجرأة لتقرر بدء تطبيق التأمين الصحي على مليون مشترك واربعة ملايين منتفع في 1/1/2015، وهل استحدثت المؤسسة صندوقا لهذه الغاية.. ثم ماذا لو تتمكن المؤسسة من التطبيق في ذلك التاريخ، هل تجتمع اللجنة الموقرة لتقرر تعديل التاريخ المذكور بقانون جديد؟!
- مرة اخرى هل فكرت اللجنة الموقرة بمعنى واثار تحديد تواريخ في القوانين؟!
رابعا: تشكيل مجلس ادارة الضمان الاجتماعي ومواد اخرى
1- التشكيل:
- خلصت اللجنة الكريمة في نهاية احدى جلساتها الى توصية بتخفيض عدد اعضاء مجلس ادارة المؤسسة من (15) عضوا الى (13) وتضمن هذا التخفيض مشكلة حيث تقرر ان يكون للعمال ثلاثة اعضاء ولاصحاب العمل ثلاثة اعضاء، والمشكلة هنا كيف تتقاسم غرف الصناعة وغرف التجارة والاعضاء الثلاثة بينهما؟
لحسن الحظ تفهم رئيس اللجنة الذي احترم واعترف برحابة صدره وصبره وديمقراطيته ملاحظتي فقرر تعديل الرقم (13) «المشؤوم» إلى (15) وحل المشكلة باضافة عضو للعمال وآخر لاصحاب العمل.
- شطبت اللجنة عضوية ممثل السياسة المالية في المجلس وهو امين عام وزارة المالية رغم اهمية تمثيل هذه السياسة في مجلس الادارة المسؤول عن استثمار مليارات من موجودات الضمان.
- منحت النقابات المهنية عضوين في مجلس الادارة، رغم ان هذه النقابات تضم عاملين في القطاعين العام والخاص اللذين يتمثلان بواسطة العمال واصحاب العمل والحكومة.
- فاذا كان للجسم النقابي اهمية، وهي اهمية كبيرة بالفعل، فيكفي ممثل واحد، ولا داعي لتمثيل هذا الجسم بعضوين ونخترع لاحدهما صفة ممثل «عمال» وللآخر ممثل «لاصحاب العمل» فنقسم اصحاب العمل والعمال الى قسمين جديدين اضافيين لغرف الصناعة والتجارة والاتحاد العام للنقابات العمالية، كما فعلت اللجنة او بررت قرارها!!.
- وحين نوقشت الفقرة (د) من المادة (10) من قانون الضمان والتي تنص على تحديد مكافأة رئيس مجلس الادارة واعضائه بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير رئيس المجلس.
جاء الحرص على اموال الضمان باقتراح بتحديد هذه المكافأة بـ(250) دينارا، وكأن مجلس الوزراء ليس لديه احساس بالمسؤولية! ولذلك يجب تقييد صلاحياته ومثلها صلاحيات مجلس الادارة الذي «يمكن» ان «ينهب» اموال الضمان ويسمي هذا النهب تحت عنوان «مكافأة»!
وتناسى المقترحون «المتطهرون» ان مجلس ادارة الضمان صاحب صلاحيات استثمار مليارات الدنانير، حجمها اليوم ستة مليارات وغدا ستتضاعف مرات!
لا اريد الدفاع عن مجلس الادارة ولست ادعو الى منحه مكافأة بالآلاف علما ان بعض اعضاء المجلس يرفضون المكافآت اساسا، ولكن أليس من «......» ان نُصادر صلاحيات مجلس الوزراء من اجل وضع ارقام مالية في قانون! المسألة مسألة ذهنية!! وطريقة تفكير!
2- الغت اللجنة الكريمة منصب مدير عام المؤسسة واستبدلته بمدير تنفيذي. وهو قرار لست ادري مدى اهميته وابعاده.
3- الغت اللجنة او لنقل, شطبت مجلس التأمينات ومجلس الاستثمارات وبدلاً منهما أوصت بنائب للمدير التنفيذي للتأمينات وآخر للاستثمار, علماً ان الهيئة الاستثمارية عمرها عشر سنوات, ترى هل قيمت تجربتها ودرست؟!
4- لم تعالج اللجنة هيئة الاستثمار او ادارات هذه الهيئة أو صندوق الاستثمار الذي كان له رئيس يعينه مجلس الوزراء بتنسيب من مجلس ادارة الضمان ويضم تسعة اعضاء مع الرئيس.
5- فيما يختص بمجلس التأمينات الملغى وكذلك الحال بمجلس الاستثمار كانت «المشكلة» اذا حاز هذا الوصف في قرار تعيين رئيس واعضاء المجلسين وليس في صلاحياتهما. فالقرار كان مرهوناً بمجلس الوزراء الذي له صلاحية تعيين الرئيسين وغالبية الاعضاء.
وكان من رأيي, وحفاظاً على استقلالية المؤسسة, ان تمنح صلاحيات التعيين في المجلسين لمجلس ادارة الضمان باعتباره الادرى والاقرب وصاحب الصلاحية والاقل تأثيراً وتأثراً باعتبارات المصلحة نظراً لتوازن القرار بين ممثلي اطراف الانتاج الثلاثة.
على أن يستمر عمل المجلسين وليس الغاءهما.
7- لجنة المراقبة
- تضمن قانون الضمان رقم (30) لسنة 1978 وكذلك الحال قانون الضمان رقم (19) لسنة 2001 وقانون الضمان رقم (7) لسنة 2010 النص على:
أ- «لا يشكل المجلس (مجلس الادارة) من بين اعضائه لجنة تسمى (لجنة المراقبة) من ثلاثة اعضاء على أن يكون احدهم امين عام وزارة المالية.. الخ.
ب- وتتولى اللجنة المهام والصلاحيات التالية:
1- مراقبة اعمال ادارة المؤسسة المتعلقة بالشؤون المالية والاستثمارية وتدقيق التقارير المالية الخاصة بها بما في ذلك بياناتها المالية الختامية قبل عرضها على المجلس.
2- مراجعة تقارير الرقابة الداخلية في المؤسسة وابداء الرأي في انظمتها المالية والخطة الحسابية العامة والاصول المحاسبية العامة والاصول المحاسبية لها.
3- ممارسة الصلاحيات الاخرى المنوطة بها بموجب احكام هذا القانون والانظمة والتعليمات الصادرة بشأنه.
ج- لا يجوز ان يكون المدير العام ورئيس صندوق الاستثمار اعضاء في لجنة المراقبة.
- هذه اللجنة لجنة مراقبة داخلية من اعضاء مجلس ادارة الضمان يُشكلها مجلس ادارة الضمان بهدف مساعدته على اتخاذ القرارات المتعلقة بصلاحياته، ومنها الاشراف على المؤسسة ومراقبة ومتابعة اعمالها ونشاطاتها وخاصة الامور المالية وما تقبله من تقارير مالية واستثمارية ومحاسبية وحساب ختامي.. الخ.
- بكل بساطة جاءت اللجنة البرلمانية الموقرة بتوصية بحيث تُصبح هذه اللجنة لجنة مراقبة خارجية متناسية ان المؤسسة تخضع لراقبة ديوان المحاسبة ولديها دائرة تدقيق داخلية، بالاضافة لصلاحيات مجلس ادارتها الرقابية.. الخ.
- حددت اللجنة اعضاء لجنة المراقبة من خارج مجلس ادارة المؤسسة صاحب الصلاحيات المحددة بموجب القانون وسمّت امين عام وزارة المالية الذي كان اساسا عضوا في مجلس ادارة المؤسسة منذ تأسيسها وشطبت عضويته من المجلس وعينته رئيسا للجنة المراقبة ومعه رئيس مفوضي هيئة الاوراق المالية وعضو ثالث.
وابقت على صلاحيات اللجنة المشار اليها سابقا في النصوص القانونية، مما يربك اعمال اللجنة ويمنحها صلاحيات فوق صلاحيات مجلس الادارة ويشطب صلاحيات هذا المجلس، بحجة الرقابة على المؤسسة من الخارج؟
والسؤال هنا ماذا لو تعارضت صلاحياتها مع صلاحيات مجلس الادارة او مع صلاحيات ديوان المحاسبة وورقع تنازع القوانين او تنازع الصلاحيات في القانون الواحد؟
ثم كيف تقوم لجنة من خارج المجلس وطبعا هي خارج المؤسسة بالاطلاع على كل صغيرة وكبيرة، وقد يكون بعضها مما لا يجوز نشره او الاطلاع عليه من خارج المؤسسة بمجلس ادارتها والعاملين فيها او تتعارض مصالح افرادها مع مصالح المؤسسة.
- في اعتقادي ان فهم النص القانوني المراد تعديله بتحويل لجنة رقابية داخلية من المجلس والى المجلس لتسهيل مسير اعماله وتدقيق وتصويب التقارير المالية وغيرها، تحويل اللجنة الى لجنة رقابة خارجية ان فهم هذا النص على هذا الاساس فيه قصور قانوني يُخل بالنظم القانونية ويعبث بها ويخلق مشكلات للمؤسسة ولمجلس ادارتها وللجنة ذاتها حين تبدأ بالقيام باعمالها، فضلا عن سوء فهم للاجسام الرقابية الخارجية والداخلية والعلاقة بينها ولكن من خلال خلفية حسن النية وتزّيد الحرص.
خامسا - استراتيجية الضمان
- اما ما لم تلتفت اليه اللجنة الكريمة وهو يقع في البعد الاستراتيجي للضمان الاجتماعي ويتعلق بالفقرة (أ) من المادة (3) التي تحدد التأمينات الاجتماعية التي يشتمل عليها القانون، حيث غاب عن اللجنة تأمين المعونات العائلية وتأمين العجز المؤقت بسبب مرض العامل وتأمين البطالة بمفهومه الشامل، وهي تأمينات مهمة جدا لتوفير الحياة الكريمة للمواطن المشترك بالضمان، وادعو هنا لاعادة تسجيل هذه التأمينات المشطوبة في القانون رقم (7) لسنة 2010، لتكون جزءا من استراتيجية المؤسسة واهدافها وبرامجها المستقبلية.
الخاتمة
في ضوء ما سبق ادعو مجلس النواب الكريم الى اعادة القانون المؤقت رقم (7) لسنة 2010 الى اللجنة البرلمانية الموقرة لاعادة دراسة نصوصه بتأن ودقة وموضوعية على ان تستعين باصحاب الخبرة والمعرفة لتصويب توصياتها بهذا الخصوص، تحقيقا للغاية المرجوة، وهي اصدار قانون ضمان متكامل قابل لتحقيق اهدافه النبيلة في توفير الحياة الكريمة للمواطن وديمومتها لكل الاجيال.