مركز الرأي للدراسات
اعداد : المحامي د.محمد ملحم
تموز 2013
على ضوء ما صرح به رئيس الوزراء من أن الحكومة بصدد إعداد قانون انتخاب جديد ينهي موضوع الصوت الواحد ويعزز القوائم من خلال مشاركة الأحزاب، ويحقق العدالة في الدوائر الانتخابية، ومع أننا لسنا مع أي تعديل و/ أو اقرار لقانون انتخابات جديد لان ما سيترتب عليه هو دخول الأردن قيادة وحكومه وشعب في دوامة الصراعات الانتخابية وجدل التعديل وعدم التوافق كنهاية حتمية، ومن التجارب السابقة نأمل بأن يبقى هذا القانون للأربع سنوات القادمة وذلك لاستقرار القواعد الدستورية والقانونة للإنتخابات وايضا وعلى ضوء الالتهاب غير المسيوف للمنطقة نأمل التريث حتى تتبلور الأمور السياسية في البلدان المجاورة لكن هذا ما دفعنا ان ندلي بما نعتقد انه واجب قانوني لبيان الواقع الانتخابي من خلال هذه الدراسة والتي تتمحور على ثلاثة أمور هي:
1- لمحة تاريخه عن الدساتير الاردنية المتعلقة بقوانين الانتخابات النيابية:
منحت الوثيقه الدستورية لعام (1928) الأردنيين حرية التعبير عن الرأي - المادة (11) - أما دستور (1952) فيعتبر نقلة نوعية بالنسبة للمشاركة الشعبية.
حيث نصت الدساتير الأردنية جميعها (1928، 1947، 1952) وكافة التعديلات على تعزيز مبدأ المشاركة الشعبية في تحمل المسؤولية، من خلال مجالس نيابية منتخبة.
بعد نشر الوثيقة الاساسية لإمارة شرق الأردن، وهو أول دستور أردني، بتاريخ ( 16 نيسان 1928)، وخصصت (17) مادة من مواده (25-41 ) للمجالس التشريعية، حيث نصت على تشكيل مجلس تشريعي، وعينت هذه المواد صلاحيات المجلس ورسمت الخطوط التي يسير عليها.
دستور عام (1947)
ودستور عام (1947) وعلى ضوء وحدة الضفتين كان لا بد من وضع دستور جديد انسجاماً مع التطورات السياسية المهمة التي شهدها الأردن وصولاً إلى الاستقلال وأفرد دستور 1947 حيزاً واسعا للسلطة التشريعية وأبرز ملامحه مبدأ فصل السلطات المادة (33) ومنح السلطة التشريعيه حق الرقابة المادة (52) وجاء قاصراً على حق الذكور فقط بالانتخاب المادة ( 3) من قانون الانتخابات رقم (9) لسنة (1947) وأهم ما فيه أنه دشن مرحلة الانتقال إلى المجالس النيابية.
دستور عام 1952
أما دستور 1952 فيعد نقلة نوعية بالنسبة لتعزيز المشاركة الشعبية والحياة النيابية، ويعتبر هذا الدستور والذي ما زال سائداً؛ من أرقى الدساتير وأفضلها، لجهة فتح الآفاق أمام تعزيز الحياة النيابية والديمقراطية، وصون الحريات العامة، واحترام حقوق الإنسان، وأجريت عليه الكثير من التعديلات لكنها لم تكن جوهرية، ومن أهم ما جاء فيه:
1) المادة (51): النص على مسؤولية الحكومة أمام مجلس النواب.
2) المادة (52): حق طرح الثقة بالحكومة أو بأحد الوزراء.
3) المادة (54): أن تقدم كل حكومه ببيانها الوزاري إلى مجلس النواب خلال شهر واحد من تاريخ تأليفها.
4) المادة (91): حق قبول مشاريع القوانين المعروضة عليه من السلطة التنفيذية أو تعديلها أو رفضها.
5) المادة (67): الانتخاب العام السري المباشر.
وقد تم تعديل بعض مواد الدستور في سبيل تعزيز الحياة النيابية، من أهمها المادة 78/3 مدة الدورة البرلمانية العادية (6) أشهر ويمكن ان تكون دورة استثنائية لمدة (3) أشهر كذلك تم النص على إنشاء محكمة دستورية بموجب المواد من (59-61) من الدستور. وكذلك تعديل المادة (94) حيث لم يعد هناك موضوع للقوانين المؤقته إلا في حدود ضيقة جدا حيث جاء فيها: ((1- عندما يكون مجلس النواب منحلا يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يضع قوانين مؤقتة لمواجهة الأمور الآتي بيانها:- أ- الكوارث العامة ب- حالة الحرب والطوارئ ج- الحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل.
ويكون للقوانين المؤقتة التي يجب أن لا تخالف أحكام الدستور قوة القانون على أن تعرض على مجلس الأمة في أول اجتماع يعقده، وعلى المجلس البت فيها خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ إحالتها وله أن يقر هذه القوانين أو يعدلها أو يرفضها فإذا رفضها أو انقضت المدة المنصوص عليها في هذه الفقرة ولم يبت بها وجب على مجلس الوزراء بموافقة الملك أن يعلن بطلان نفاذها فورا، ومن تاريخ ذلك الإعلان يزول ما كان لها من قوة القانون على أن لا يؤثر ذلك في العقود والحقوق المكتسبة. 2- يسرى مفعول القوانين المؤقتة بالصورة التي يسرى فيها مفعول القوانين بمقتضى حكم المادة (93) من هذا الدستور))
ملاحظة: إن غالبية قوانين الانتخابات صدرت كقوانين مؤقته ما عدا القانون رقم (2) لسنة 2011 الخاص بانتخابات مجلس النواب الحالي.
وعليه يمكن القول أن دستور (1952) كان ولا يزال الدستور الامثل، مع إننا نؤيد وبشكل قاطع تعديل بعض المواد الدستورية لغايات الوصول إلى مبدأ الملكية الدستورية كما اشار اليه الملك في الورقة الثالثه.
2- قانون الانتخابات
ليس من المفيد أن نستعرض كافة المراحل القانونية لقوانين الانتخاب التي صدرت منذ عام (1928) لكن المهم أن هناك المجالس التشريعيه الخمسة من عام (1929) وحتى (1942) سميت مجالس تشريعيه إلى ان حدد دستور عام (1947) المجالس النيابية وهذه المجالس هي:
1- المجلس التشريعي الأول (2/4/1929-9/2/1931).
2- المجلس التشريعي الثاني (10/6/1931-10/6/1934).
3- المجلس التشريعي الثالث (16/10/1934-16/10/1937) .
4- المجلس التشريعي الرابع (1/11/1937-16/10/1942) .
5- المجلس التشريعي الخامس (1/11/1942-20/10/1947) .
وبموجب قانون الانتخاب رقم (9) لعام 1947 تم انتخاب مجالس النواب التالية:
- مجلس النواب الاول (20/10/1947-1/1/1950) .
- مجلس النواب الثاني (20/4/1950-3/5/1951).
- مجلس النواب الثالث (1/9/1951-22/6/1954).
- مجلس النواب الرابع (17/10/1954-26/6/1956).
- مجلس النواب الخامس (21/10/1956-21/10/1961).
والنقطة المهمه هي أن قانون الانتخاب المؤقت رقم (24) لسنة (1960) منع العسكريين من الانتخاب - المادة (5) - ورفع سن الناخب من (18-20) سنة
وبموجب قانون معدل لقانون انتخاب مجلس النواب رقم (8) لسنة (1974 ) تم منح المرأة حق الترشيح والانتخاب وفي هذا القانون تم انتخاب:
- مجلس النواب السابع (27/11/1962-21/4/1963).
- مجلس النواب الثامن (8/7/1963-23/12/1966).
- مجلس النواب التاسع (18/4/1967-18/4/1971).
- مجلس النواب العاشر (16/1/1984-30/7/1988).
وعلى اثر اعلان فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفه الغربية الامر الذي ترتب عليه انهاء تمثيل الضفة الغربية في مجلس النواب، وفقا لقانون الانتخاب رقم (23) لسنة 1989 تم انتخاب مجلس النواب الحادي عشر، وهي أول انتخابات نيابية منذ عام 1950 تقتصر على الضفة الشرقية. وقد تم تقسيم الأردن في عهد هذا المجلس إلى 20 دائرة انتخابية، وأصبح عدد مقاعد مجلس النواب 80، والأعيان 40.
- مجلس النواب الثاني عشر (23/11/1993-1/9/1997)، وقد جرت الانتخابات لهذا المجلس.
- مجلس النواب الثالث عشر (29/11/1997-16/6/2001).
إن القانون المؤقت رقم (34) لعام (2001) حسب المادة (21) أكد على مشاركة القضاء في الإشراف على العملية الانتخابية، ووفق هذا القانون تم انتخاب:
- مجلس النواب الرابع عشر (2003-2007).
- مجلس النواب الخامس عشر (2007-2009).
وهذا القانون الذي حدد كوتة للنساء وهو أمر غير دستوري
ولعل عام (2010) الذي شهد استعدادات لانتخاب مجلس النواب السادس عشر وهو قانون الدوائر الوهمية.
أما آخر التعديلات الدستورية التي جرت من عام 2011 والتي جاءت ايضا لتعزز النهج الديمقراطي من خلال الهيئة المستقلة للانتخابات بموجب النص الدستوري المادة (76/2) والتي جاء فيها : ((تنشأ بقانون هيئة مستقلة تشرف على العملية الانتخابية النيابية وتديرها في كل مراحلها، كما تشرف على أي انتخابات أخرى يقررها مجلس الوزرا )) .
ووفق التعديلات الدستورية والتي جرت عام (2012) ووفق قانون انتخاب شابه ما شابه من انتقاد الا أنه حدد دوائر انتخابية وانتخاب وفق القوائم.
وتنفيذا لذلك صدرت الإرادة الملكية بتعين هيئة الانتخايات المستقلة واجريت انتخابات عام 2012 على هذا الاساس ومع ما شاب هذه الانتخابات من لفظ وطعون إلا أن الهيئة وعلى حداثتها وقلة درايتها وخبرتها في الانتخابات وعدم وجود الكوادر المدربة، فإنه يمكن القول ان الانتخابات ابرزت مجلسا إلى حد ما ((غير مدجن)).
قانون الانتخابات الصادر عام (1960) المؤقت رقم (24) لسنة (1960) منح العسكريين من ممارسة حقهم الدستوري.
ايضا هذا القانون كما هو الحال في القوانين والتشريعات السابقة ابقى موضوع مقاعد الشركس والشيشان والمسيحين.
في عام 1974 منح القانون رقم (8) لسنة (1974) حق المرأه في الترشيح والانتخاب لأول مرة.
3- اقتراحات لقانون انتخاب عصري:
1) الاستمرار بعدم السماح للعسكريين في ممارسة حقهم الدستوري، ومع ان القانون لا يقيد الدستور الا أن المأمول من السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعيه تقديم طلب لبيان مدى دستورية عدم ممارسة افراد وضباط القوات المسلحة والاجهزة الامنيه لحقهم الدستوري في الانتخاب فقط دون الترشيح.
2) الغاء جميع انواع الكوتا الخاصة بالنساء وبالشركش وبالشيشان والمسيحين لعدم الدستورية حسب المادة (6)، اما العرف الدستوري الذي يتذرع به البعض فإنه لم يعد حقا مشروعاً طالما اننا امام سياده القانون ومبدأ فصل السلطات والخيار المتاح للجميع في شأن الترشيح سواء ضمن القوائم الوطنية او عن الدوائر المنفصلة.
3) ان هناك تأثيرات سلبية كثيرة على سير العملية الانتخابية خاصة النواحي الامنيه .
4) القوائم:
أ ) القائمة النسبية المفتوحة: هو تقسيم اقليم الدولة إلى دوائر انتخابيه كبيرة وبذلك يقل عدد الدوائر ويكبر حجم كل منها حيث يقوم كل حزب بتقديم مرشحين ويقوم الناخب بانتخاب القوائم التي تقدمها الأحزاب دون ان يكون للحزب الحق في ادخال أي تعديلات عليها وتكون المفاضله على اساس البرنامج الانتخابي وليس على اساس العلاقات الشخصية وهذا يجعل التنافس بين افكار وبرامج ومناهج وليس صراعا بين اشخاص مما يحرر النواب من ضغوط ناخبيهم ويجعل الناخب يصب كل اهتماماته بالشأن الوطني ويخفف بشكل كبير من الضغوط على الناخب والمرشح ويقلل من شراء الاصوات.
ملاحظة: ابطلت المحكمة الدستورية المصرية الانتخابات التي جرت وفق القوائم الحزبية حيث ان الافراد ايضا يحق لهم ان يتقدمو للانتخابات وفق قوائم، وعليه يمكن معالجة ذلك الامر الدستوري بأن تكون ايضا هناك قوائم للإفراد والجماعات الغير منظمين حزبيا.
ب) القائمة النسبيه المغلقه: فإن كل حزب ينسب في قائمة عدد مرشحين يساوي عدد المقاعد المخصصه لكل محافظة او دائرة انتخابيه ويكون النجاح على اساس ما حصلت عليه القائمة المغلقة.
ج) القائمة الفرديه المستقله: فهي التي تمنح الناخب الحق في اختيار من يشاء من المرشحين في القوائم وهذا فيه تحقيق للعدالة فهذه الطريقه تمنح حرية حركه اكثر للناخب وبنفس الوقت يكون المرشح قادرا عن كسب المزيد من الاصوات وهذا يعتمد على الاسلوب الذي يتبعه المرشح مع التأكيد ان المال سيكون له دور في هذه الطريقه الا انه سيكون دور هشاً.
وفي نظام القائمة النسبيه سواءاً المغلقة أو المفتوحة أو النسبيه فإن الطريق للانتخابات ستكون سهله ومريحة للناخب لأنه يختار من يشاء.
التوصيات:
1) أن يتم تقسيم المملكة إلى ثلاثة دوائر انتخابية:
1- الدائرة الاولى (دائرة الشمال) وتشمل محافظات اربد، المفرق، عجلون، جرش،
2- الدائرة الثانيه (دائرة الوسط) وتشمل محافظات عمان، البلقاء، مادبا، الزرقاء .
3- الدائرة الثالثه (دائرة الجنوب) وتشمل محافظات الكرك، الطفيله، معان، العقبة.
2) ان تمنح كل دائرة عدد متساو من المقاعد.
3) ان يكون نظام التصويت بالقائمة النسبية المفتوحة.
4) ان يحدد 25% على سبيل المثال، «نواب وطن».
5) ان يمنح الناخب الحق في اختيار عدد معين من المرشحين لا يزيد عن خمسه أصوات من كافة القوائم وله الحق في صوت واحد لمرشح الوطن.
وفي ضوء التوصيات:
1- فإن المجلس سيكون أولا متنوع فكريا وعقائديا وسيكون الحظ في الفوز في المقعد النيابي لصاحب الفكر والطروحات الوطنية لاننا امام شعب مثقف مهذب عريق وخبرة طويلة على مدى خمسة عقود.
2- لن يكون للواسطه أو التزوير أو الرشوه موضع قدم في هذه الانتخابات.
3- ان موضوع المال سيكون آخر الامور التي سيلجأ اليها المرشح.
4- ان هناك الكثيرين لن يكون بمقدورهم تقديم انفسهم كمرشحين بعد أن سقطت من ايديهم الكثير من الاوراق.
واخيرا إن من شأن ذلك انه سيخلق انفتاح كامل بين ابناء الشعب الاردني، وكل هذا منوط بالقانون وتطبيقاته.
التعديلات القانونية المطلوبه:
بإعتقادي وعلى ضوء ما ورد من الشروط التي حددها القانون في الناخب والمرشح فهي شروط موضوعية وجيدة ولا يمكن الاضافة عليها الا بما يتوافق مع التعديلات الدستورية.
اما الامور الاخرى فهي تحتاج بالتأكيد إلى تعديلات جوهريه وعلى النحو التالي:
1) الدوائر الانتخابيه سيتقرر وفق القانون الجديد من حيث تطابقها مع القوائم
2) المادة (5) الجداول لا بد من اعادة النظر بشكل كامل في هذه المادة
3) المادة (7) الترشيح يحتاج إلى اعادة نظر في جزء منها لكي تتوافق مع التعديلات الدستوريه .
4) المادة (17) تحتاج إلى تعديل جوهري
5) المادة (23) سيتم تعديلها وفق احكام الدستور (قانون الهيئة المستقله للانتخابات) وهذا يحتاج إلى تعديل القانونمن المادة 21-39
6) المادة (47) جرائم الانتخابات تحتاج إلى تشديد وتغليظ العقوبات .