اعداد : المحامي د.خالد الزعبي
مركز الرأي للدراسات
حزيران 2012
علينا أن ندرك أن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع السياسي العربي مع العدو الإسرائيلي, وعلينا واجب كأمة عربية وإسلامية أن تبقى هذه القضية هي الشغل الشاغل لنا، وأن تحرير فلسطين والقدس والأقصى من أيدي العدو الإسرائيلي هو واجب مقدس على كل أبناء الأمة العربية والإسلامية وليس على الشعب الفلسطيني لوحده.
إن الربيع العربي قد فرض واقعا جديدا على الشعوب العربية في ظل اكتشاف حجم الفساد الكبير من الزعماء والقادة العرب إلى ضياع حقوق الشعوب وثرواتها خيراتها ونهب أموالهم ومدخراتهم وكنزها في البنوك الأجنبية لهم وإلى أولادهم وزوجاتهم وإلى الزمر الفاسدة من الوزراء....الخ. وفي ظل هذه الثورات العربية وتغير العديد من الأنظمة السياسية في مصر وتونس وليبيا واليمن وانشغال تلك الشعوب العربية في قضاياها الداخلية وتطهير أوطانها من الزعامات الفاسدة الجاثمة على صدور شعوبها منذ أكثر من (30) سنة. فإن الواجب يتطلب منا جميعاً دعم القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في العودة والتعويض. لذلك فإن الربيع العربي قد ساهم في تغييب القضية الفلسطينية عن المسرح الدولي والسياسي وعدم إعطائها الأهمية سواء من قبل الشعب العربي أو جامعة الدول العربية أو من الإدارة الأمريكية أو من الدول الأوروبية وذلك بعدم إيجاد الحل أو الحلول لهذه القضية الفلسطينية، وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي في الوقت المنظور.
إن الربيع العربي كان وسيبقى نقطة مضيئة في حياة الشعوب العربية، حيث استطاع إفاقة تلك الشعوب من غفوتها ونومها وسباتها العميق طيلة السنوات الطويلة الماضية. واستطاعت تلك الشعوب وبإرادة الشعب والشباب والقادة والأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، تحريك عجلة الحرية والمطالبة بالديمقراطية وحقوق الشعوب بالتغيير والإصلاح السياسي ومحاربة الفساد والمفسدين وإزاحة الحكام والأنظمة السياسية الفاسدة، التي لم يكن لها سوى نهب ثروات تلك الشعوب.
إن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وستبقى هذه المنطقة متوترة وملتهبة ومعرضة للإنفجار في أي لحظة، وقد يكون الربيع العربي هو المحرك الأساسي والرئيسي للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ولكل الشعوب العربية. في ظل ضغط الشارع العربي وارتفاع سقف المطالب والإصلاحات السياسية والتغيير في الأنظمة السياسية والزعامات العربية، فقد يكون الربيع العربي بادرة خير في المستقبل على القضية الفلسطينية وإيجاد الحلول العادلة لها. وفرض الواقع الجديد على الإدارة الأمريكية وإسرائيل.
إن القضية الفلسطينية قد طال حالها منذ عام النكبة وقبل (64) سنة وذلك بسبب المعايير الدولية المزدوجة والكيل بمكيالين من قبل المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. فعلى الرغم من القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن لحلها منذ أكثر من (40) عاما إلا أن أمريكا لا زالت تعمل على تجاهل تلك القرارات الدولية وتعمل على حماية إسرائيل وتوفر لها الغطاء السياسي (بالفيتو) وبالغطاء العسكري والدعم المالي والمعنوي وحمايتها والدفاع عنها في كافة المحافل الدولية.
إن الربيع العربي هو رسالة سياسية إلى أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وإلى كافة القوى الفلسطينية من (فتح – حماس – شعبية – والمقاومة الإسلامية...الخ) وكافة القوى الفلسطينية والمنظمات السياسية إلى الدعوة إلى التوحد وتقوية الصف الداخلي والخارجي والموقف الفلسطيني ونبذ الخلافات والترفع فوق الجراح لكي يساهم في دعم القضية الفلسطينية وتقوية موقفها أمام المجتمع الدولي ولدعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته المستقلة ولكي يساهم في تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني في ظل ذلك الحصار الظالم والجائر على قطاع غزة وعلى أغلبية المدن الفلسطينية في الضفة الغربية.
إن الربيع العربي قد أثر على حل القضية الفلسطينية وبعد الضوء السياسي عنها، مما سمح لإسرائيل في التمادي والاعتداء على الأرض والتوسع في إقامة المستوطنات وهدم البيوت والاعتداء على الشعب الفلسطيني والسجناء والأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية وإقامة الحواجز وتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني وعلى السلطة الفلسطينية حتى في الحركة والتنقل والعيش الكريم. فإسرائيل مستمرة في الاحتلال والاعتداء وسياسات الاستيطان وإقامة المستعمرات السكانية بالآلاف الإسرائيليين مستخدمة سياسة التهجير للشعب الفلسطيني وطردهم من بيوتهم ومزارعهم وأرضهم واقتلاع أشجارهم وهدم منازلهم وانتهاك أعراضهم ضاربين بعرض الحائط بكل المباديء الإنسانية والأخلاقية والدولية ومباديء القانون الدولي واتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 وقرارات مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية.
إن الربيع العربي وانشغال الشعوب العربية في قضاياها الدولية والمحلية، وإزاحة حكامها وانتخاب مجلس الشعب أو البرلمان وانتخابات الرئيس لتلك الدول قد ساهم في تغييب القضية الفلسطينية والقدس والمقدسات والمسجد الأقصى وما يحاك من إجراءات وانتهاك منة قبل الحركات الدينية اليهودية المتطرفة ومحاولاتها الاعتداء على المقدسات الإسلامية وإجراء الحفريات حول الأقصى في باب المغاربة والمناطق الأخرى، والتي قد تؤدي إلى هدم المسجد الأقصى (لا سمح الله) متجاهلين مشاعر المسلمين في أرجاء العالم ومكانة المسجد الأقصى في قلوبهم باعتباره قبلتهم الأولى.
إن على إسرائيل أن تدرك وتعي أن الربيع العربي قادما لتحرير فلسطين والمقدسات الإسلامية والمسجد الأقصى وقبة الصخرة والمقدسات المسيحية، وإن الربيع العربي سوف يكون أكثر غضبا وحنقا وكارثيا بعون الله على إسرائيل وشعبها، لأن الشعوب العربية والإسلامية قد فاقت من سباتها العميق ونفضت الغبار والخوف والفزع والضعف من صدورها، وأدركت أن تحرير الأوطان والأرض والمقدسات لا يكون إلا بالجهاد والقوة العسكرية وبالدماء الزكية والشهداء والشهادة في سبيل الله. فإن الاعتداء على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، هي الشرارة التي تهدد الأمن والسلم الدوليين، لما للقدس وفلسطين من مكانة إنسانية وروحية في وجدان الملايين من المسلمين والمسيحيين في العالم أجمع وسوف تكون هذه الشرارة التي تحرق كل إسرائيل.
إن على الأمة العربية والإسلامية وضع استراتيجية موحدة لمواجهة التحديات المصيرية للأمة العربية لحماية المصالح القومية والثروات والخيرات والنفط والأموال العربية وحمايتها من الضياع والفساد والمفسدين بهدف تعزيز الإمكانيات والطاقات للشعوب العربية لجعلها مؤثرة في مسار الأحداث السياسية والقوة العسكرية. فالتضامن العربي ودعم العمل العربي المشترك على أرض الواقع فعلا لا قولا، وهدم عنصر الخوف والإحباط، وحث الشباب العربي على الوحدة والتواحد وزرع الثقة به وتنويره بالمستقبل الأفضل له ولكافة أبناء الشعوب العربية والفلسطينية لتحقيق القوة وتحرير الأرض.
إن موقف الأردن شعبا وحكومة وقيادة في مؤتمر القمة العربية الذي عقد في بغداد كان ِإيجابيا في خطابه ودعوته للتضامن وتسليط الضوء على القضية الفلسطينية ومحاولة تحريك عجلة التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين وحماية المقدسات الإسلامية وقبة الصخرة وترميم المقدسات والدفاع عن القضية والشعب الفلسطيني في المحافل الدولية والمؤتمرات العالمية وفي الأمم المتحدة وفي البرلمانات الأوروبية وأمريكا. وإن الأردن يدرك مدى العلاقة القوية التي تربطه بالشعب الفلسطيني وأن حل القضية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية في فلسطين وعاصمتها القدس هي مصلحة أردنية وعربية ويرفض أي حل غير ذلك.
إن الربيع العربي يبدو أنه قادما على كافة الدول العربية وما يجري في سوريا من حراك شعبي وثورات، وسفك دماء، يؤكد أن هذا الربيع القادم سوف يعمل على تطهير الأنظمة السياسية الفاسدة، وسوف يكون تأثيره كبير على فلسطين وإسرائيل. لأن إسرائيل لا تريد السلام العادل والشامل ولا حل القضية الفلسطينية، بل تلعب على الوقت والأيام والسنين وطولها. ونسيت أن إرادة الشعوب وحقوقها لا تموت مع الزمن وأن حقها في الأرض لا يتقادم حسب القانون الدولي والإنساني فالحق وصاحبه اثنان والمعتدي واحد هو إسرائيل، ولأن الله مع الحق وصاحبه وإن وعد الله قادم بالنصر على إسرائيل.