الساعة

الثورة السورية .. من وجهة نظر إسرائيلية

اعداد : تيسير المشاقبة

مركز الراي للدراسات

12 كانون ثاني

الربيع العربي حدث استراتيجي ستكون له تداعيات كبيرة على الوضع الإقليمي قد تسهم في إعادة تشكيل مستقبل المنطقة . ولهذا حرصت مراكز صنع القرار في إسرائيل على متابعة التطورات المتسارعة للثورات العربية لوضع الاستراتيجيات المستقبلية للتعامل مع الواقع الجديد الذي سيتبلور كتداعيات لتلك الثورات.

تضع الثورة السورية تحديات أمام إسرائيل، فسوريا دولة مجاورة لإسرائيل، وبالتالي فإن أي تغييرات سياسية فيها ستؤثر بالضرورة سياسياً وامنياً على إسرائيل، فسوريا خلافاً لمصر والأردن لم توقّع معاهدة سلام مع

إسرائيل، وتعتبر رسمياً في حالة حرب معها.

كما أن سوريا ترتبط بعلاقات

إستراتيجية وثيقة مع دول ومنظمات تصنفها إسرائيل ضمن ما تسميه» محور الشر» مثل إيران وحزب الله وحماس.

تهدف هذه الدراسة إلى بيان وجهة النظر الإسرائيلية تجاه

الثورة السورية من حيث المخاوف والمكاسب وتداعيات تلك الثورة على الاستقرار الإقليمي وتحديداً على إسرائيل. كما تتطرق الدراسة إلى بيان السيناريوهات المحتملة لتصاعد وتيرة الثورة السورية، كل ذلك من وجهة النظر الإسرائيلية بمختلف اتجاهاتها، وحسب ما تم التعبير عنها في الصحافة الإسرائيلية.

المخاوف الإسرائيلية من الثورة السورية

وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (1) انتقادات حادة لأوساط في إسرائيل والعالم لمباركتها الربيع العربي، وقال في خطاب أمام الكنيست الإسرائيلي: « إن الربيع العربي سيتحول إلى الإسلامية المعادية للغرب ولليبرالية ولإسرائيل وللديمقراطية، حيث أن إسرائيل تواجه مرحلة من عدم الاستقرار في المنطقة «.

ويمكن إجمال المخاوف الإسرائيلية من اندلاع الثورة السورية في المحاور الأساسية التالية :

تسلم الإسلاميين للسلطة

 

أشار المحلل السياسي الإسرائيلي ناحوم بارنيع إلى أن الثورات العربية ستكون إسلامية التوجه، وحسب قوله

(2) : « إن النُظم العسكرية في العالم العربي سقطت أو تحارب حرباً تدافع فيها عن بقائها، فالحاضر للجمهور في الشارع، أما المستقبل للثورات العربية فهو في شبه اليقين للأحزاب الإسلامية. وسيكون أصعب على إسرائيل أن تتوصل إلى تطبيع مع عالم عربي كهذا «.

وحسب رأي وزير السياحة الإسرائيلي الأسبق عوزي برعام في مقال بصحيفة إسرائيل اليوم

(3): « هناك ثمة قلق من وجهة النظر الإسرائيلية، حيث أن الشعوب أخذت مصيرها في أيديها ... هكذا في مصر ، هكذا في تونس، هكذا في ليبيا، وهكذا أيضاً سيكون في سوريا. علينا في هذه المسألة أن نأخذ بالحسبان أيضاً دور التطرف الديني «.

وحسب تقرير لصحيفة إسرائيل اليوم

(4) : « فإن وسائل الإعلام الغربية تصف حزب النهضة التونسي كحزب إسلامي معتدل، وهو وصف مضلّل، فقد أيد حزب النهضة استيلاء إيران على السفارة الأميركية في طهران عام 1979، ودعا إلى شن هجمات على أهداف أميركية خلال حرب الخليج، إضافة إلى أن فكر حزب النهضة يرتكز بالأساس على فكر جماعة الإخوان المسلمين في مصر والتي تسعى لفرض الشريعة الإسلامية على العالم بأسره».

وحسب التقرير فقد حذّر قائد الجبهة الداخلية في إسرائيل الجنرال إيال ايزنبرغ منذ عدة أشهر من أن الشرق الأوسط الذي سينبثق عن الربيع العربي سوف يكون ملاذاً للفكر المتطرف، وهو الأمر الذي يزيد من احتمال وقوع حرب شاملة.

ترسانة الأسلحة الصاروخية أو الكيماوية السورية

ذكرت صحيفة هآرتس في إحدى افتتاحياتها (5) بأنه ستكون تداعيات هامة للثورة السورية على الأوضاع الإستراتيجية في إسرائيل، وجاء في الافتتاحية: « ستكون للازمة في سوريا اثاراً هامة على الوضع الاستراتيجي لإسرائيل ، حيث توجد مخاطر فيما إذا وقعت مخزونات الصواريخ والسلاح الكيماوي السوري في أيادٍ خطيرة، وفيما إذا حاول الحكم المنهار تشديد المواجهة مع إسرائيل في سبيل البقاء أو في حال إذا ما استخدم خلفاؤه الصراع مع إسرائيل لكسب الشرعية الداخلية».

قلق من الديمقراطية العربية الناشئة

ذكرت صحيفة يديعوت احرونوت (6) في افتتاحيتها بأن تداعيات الربيع العربي ستؤدي بالنهاية وفي أحسن الأحوال إلى نشوءِ نُظم حُكم فردية برلمانية تختلف كثيراً عن الديمقراطية الغربية.

وحسب افتتاحية الصحيفة : « ستؤسس في الدول العربية في أحسن الحالات على اثر ثورات الربيع العربي 2011 نُظم حُكم فردية برلمانية تختلف كثيراً عن الديمقراطية البريطانية أو الفرنسية أو الأميركية . والاعتقاد بأن الأميركيين قد نجحوا في إنشاء عراق ديمقراطي واهم. إن الإيمان بحكم الفرد يجد أساسه في الديانة الإسلامية وهو يؤثر أيضاً في العلمانيين منهم» .

فتح جبهة جديدة في هضبة الجولان

حسب تقرير لصحيفة يديعوت احرونوت (7) : « قام النظام السوري بدفع الفلسطينيين نحو نقاط الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي على طول الحدود

في محاولة لإشعال النار على نحو دائم بحيث يتم صرف الانتباه عن الأزمة العميقة داخل سوريا وذلك من خلال أحداث ما يسمى بيوم النكبة واجتياز فلسطينيين من مخيم اليرموك للحدود الإسرائيلية عن طريق هضبة الجولان .لقد دخل الرئيس السوري بشار الأسد كما يرى خبراء غربيون مقربون من النظام في وضع حرج وخطير في حياته السياسية. ومهما يكن من أمر فإن الجيش الإسرائيلي يجد نفسه يستعد لاحتمال فتح جبهة جديدة في هضبة الجولان «.

مخاوف من سقوط النظام السوري

أكد المحلل السياسي الإسرائيلي عوفر شيلح في مقال بصحيفة يديعوت احرونوت (8) بأن الرئيس السوري بشار الأسد يشكل الذخر الاستراتيجي رقم واحد لإسرائيل، وحسب قوله: « يشكل الرئيس السوري تماماً الذخر الاستراتيجي رقم واحد لإسرائيل، صحيح أنه يقوم بذبح شعبه، ولكنه لا يمس بالجنود الإسرائيليين، فهو يقوم بقتل عشرات المتسللين من هضبة الجولان الذين يقومون باختراق الحدود الدولية.إن النظام السوري يحافظ على اتفاقية فصل القوات بين الجانبين الإسرائيلي والسوري منذ عام 1975» .

وحسب رأي الكاتبة السياسية ليندا منوحيم (9) : « فإنه من الواضح أن إسرائيل تريد حكماً مستقراً حتى وان كان غير ديمقراطي على حدود مشتركة هادئة مع سوريا «.

وجهة نظر إسرائيلية مغايرة

ورغم وجهات النظر المشار إليها آنفاً، ثمة في إسرائيل من يرى مكاسب من نجاح الثورة السورية. العميد المتقاعد والمحاضر في معهد هرتسليا المختص بالشؤون الإستراتيجية والأمنية عاموس جلعاد قال في مقال بصحيفة معاريف

(10) أن المصلحة الإستراتيجية الإسرائيلية حالياً هي سقوط حكم النظام السوري، والطائفة العلوية مبرراً وجهة نظره على النحو التالي...

الخاسران الأكبران من سقوط النظام السوري سيكونان عدوينا الأكبرين وهما إيران وحزب الله، إلى جانب العدو الثالث وهو نظام بشار الأسد، وليس صدفة أن هاتين الجهتين تساعدان الأسد عملياً في الصراع الدموي الذي يخوضه .

كانت غاية التسوية السياسية مع سوريا في عهد بشار الأسد ( خلافاً لعهد أبيه ) تتمثل في الأمل بأن يؤدي السلام مع بشار إلى انحلال المحور الاستراتيجي ( سوريا – إيران – حزب الله )، فيضعف جداً حزب الله ويتم عزل إيران. كان من المجدي كما ادعت أوساط في جهازنا الأمني التخلي عن كل مليمتر من هضبة الجولان، وبرأيي كان الحديث في حينه عن أمل عابث، وها هي إمكانية أن يتلاشى هذا المحور تماماً أمام ناظرينا وذلك ليس لأن الأسد سيحصل على هضبة الجولان، بل لأن بشار الأسد هو الذي جعل الحلف الاستراتيجي مع إيران وحزب الله المحور المركزي لسياسته الخارجية والأمنية، سيسقط ومعه نظامه.

ج- إن احتمال صعود الإخوان المسلمين إلى الحكم في سوريا متدنٍ جـــداً، فالإخوان المسلمون في مصر كانوا وهم لا يزالون أقوى وأكثر تنظيمـــاً

وانخراطاً في المجتمع المصري من الإخوان في سوريا .

هناك مفهوم خاطئ يتمثل في أن سوريا ستدخـــل في حالــة مـن عدم

الاستقرار لفترة زمنية بعد سقوط النظام،والسؤال المطروح حالياً

هو : ماذا يوجد في سوريــا الآن؟، استقــرار أم حمــام دمــاء قــد يتواصل لزمن آخر طويل «.

التداعيات المحتملة للثورة السورية على الاستقرار الإقليمي

يمكن إجمال التداعيات المحتملة للثورة السورية على الاستقرار الإقليمي من وجهة النظر الإسرائيلية في المحاور الأساسية التالية:

إملاء سياسة جديدة على إسرائيل في المجالات الأمنية والخارجية :

أشار المحلل السياسي ألوف بن في مقال بصحيفة هآرتس الإسرائيلية (11) إلى أن « موجة الثورات العربية الحالية في الدول العربية ستؤثر في السنوات القريبة القادمة على إسرائيل وستملي عليها سياسة جديدة في المجالات الأمنية والخارجية أكثر بكثير مما يبدو الآن. فالخوف من الثورة المصرية ادى منذ الآن للحديث عن زيادة الميزانية الأمنية ومسألة بناء جدار حدودي في الجنوب. أما الثورة السورية فهي تشكل خطراً على إسرائيل بسبب قربها الجغرافي والقوة العسكرية السورية والعلاقة بحزب الله وإيران والحساب المفتوح على هضبة الجولان».

توتر على الحدود السورية مع إسرائيل وتركيا والأردن :

ذكر موقع ديبكا الإسرائيلي (12) المقرب من المخابرات الإسرائيلية بأن هنالك توتراً عسكرياً على الحدود السورية مع إسرائيل وتركيا ، وكانت كلاً من إسرائيل وتركيا قد أجرى مناورات عسكرية على طول الحدود مع سوريا .

 

إمكانية اندلاع حرب في المنطقة

تستخدم فيها أسلحة الدمار الشامل

حذّر الجنرال ايال ايزنبرغ قائد الجبهة الداخلية في إسرائيل(13) « من أن الشرق الأوسط الذي سينبثق عن الربيع العربي سوف يكون ملاذاً للفكر المتطرف، وهو الأمر الذي يزيد من احتمال وقوع حرب شاملة قد تستخدم خلالها أسلحة الدمار الشامل».

وحسب تقرير لصحيفة إسرائيل اليوم (14) « فإنه مع الشرق الأوسط في ظل الأنظمة الديكتاتورية السابقة لم يكن سيتم استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد إسرائيل، حيث كان لتلك الأنظمة الحاكمة مصلحة طويلة الأجل في الحفاظ على الوضع القائم، لكن القوى الراديكالية التي هي في طريقها للسيطرة على العديد من الدول العربية لا تعنيها تلك المصلحة، وبعض هذه القوى ذو ايديولوجيات تدعو إلى تدمير إسرائيل، من أجل الدخول في عصر ذهبي إسلامي جديد» .

وحسب رأي المحلل السياسي تيسفي برئيل (15) فإن هناك مخاطر جمة من التدخل العسكري الدولي في سوريا من الممكن أن يؤدي إلى إشعال المنطقة بسبب التخوف من رد الفعل الإيراني المعتاد في الخليج أو في العراق، والذي من شأنه أن يعيد تركيز اهتمام العالم على الخليج أو رد فعل قتالي من حزب الله باتجاه إسرائيل».

السيناريوهات المحتملة

يمكن إجمال السيناريوهات المحتملة لتصاعد وتيرة الثورة السورية حسب التحليلات الإسرائيلية في المحاور الأساسية التالية :

بقاء النظام السوري وإجهاض الثورة السورية :

ذكر المحلل السياسي رون بن يشاي في مقال بصحيفة يديعوت احرونوت (16) بأن هناك ثلاثة أسباب لبقاء النظام السوري برئاسة بشار الأسد، وتلك الأسباب هي :

إصرار المقربين من الرئيس السوري وقيادة حزب البعث على التمسك بالسلطة حتى لو أدى ذلك إلى مزيد من حمامات الدم.

سيطرة الطائفة العلوية على جميع أصناف الجيش السوري سواءٌ كان ذلك في هيئة الأركان العامة بالجيش السوري أو في قيادة الفرق العسكرية وفي قيادة القوة الجوية. وهناك (12) فرقة عسكرية يتكون منها الجيش السوري قادة (11) منها ينتمون للطائفة العلوية . كما وتتشكل الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري وفرقة الحرس الجمهوري في اغلبية جنودهما من الطائفة العلوية رأس الحربة لضرب المتظاهرين والمنشقين العسكريين.

استبعاد تدخل عسكري دولي

 

الرأي العام العالمي لا يحبذ التدخل العسكري في سوريا بصورة فعالة لوقف الأعمال الوحشية للنظام ، كما انه ليس لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو) ما يكفي من الأسلحة ومن الميزانية لإدارة حملة جوية ضد سوريا على غرار ليبيا. كما أن سوريا تملك ترسانة هائلة من منظومة الدفاع الجوي الصاروخية ومن منظومة صواريخ ( ارض – ارض ) سيضطر النظام لإطلاقها ضد إسرائيل .

سقوط النظام السوري آجلاً أم عاجلاً

وحسب رأي المحلل السياسي تيسفي برئيل (17) فإن النظام السوري سيسقط حتماً سواء كان ذلك آجلاً أم عاجلاً، وحسب رأيه : هناك سيناريوهان يتعلقان بالنظام السوري هما :

أ- في حال بقاء الرئيس حياً في خضم موجة الاحتجاجات مقابل تقديم إصلاحات سياسية حقيقية تقلص سلطته المطلقة في أعقاب المذابح الدموية ضد الشعب فإنه في نهاية المطاف سيسقط النظام رويداً رويداً، وفي المستقبل القريب وبتأثيرات إقليمية 

ب- حال سقوط عاجل للنظام فإن سوريا ستشهد فترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي واضطرابات طائفية لاستئصال شأفة الطائفة العلوية . كما سيشهد لبنان عدم استقرار سياسي وذلك لفقدان حزب الله لحليفه السياسي المتمثل بالنظام السوري ، حيث سيحاول الحزب زيادة قوته التسليحية التي من الممكن أن تؤدي إلى اشتعال لبنان .

وحسب رأي المحلل السياسي نداف ايال(18) فإن نهاية الرئيس الأسد ستكون مشابهة لنهاية الرئيس الليبي السابق معمر القذافي ، وحسب رأيه:

« لا بد أنهم شاهدوا في قصر الرئاسة في العاصمة السورية دمشق صور جثة القذافي. طغاة الشرق الأوسط يطاح بهم، يحاكمون أو يصفون الواحد تلو الآخر، وبالنسبة لبشار الأسد أيضاً أين المفر . وإذا ما انتصرت الثورة السورية ، فسيمر يوم طويل على جثته أيضاً « .

هروب الرئيس السوري إلى إيران

وحسب رأي السياسي الإسرائيلي الدكتور يوسي بيلين (19) فإن

مصير الرئيس السوري بشار الأسد يتمثل في الهروب من دمشق إلى إيران، وحسب قوله : « من المحتمل جداً أن يكون يوم مقتل العقيد القذافي ليس فقط

يوماً تاريخياً في ليبيا، بل وأيضاً نقطة انعطاف في اعتبارات هذا الرجل

( بشار الأسد ) الذي وصل إلى الحكم نتيجة حادث سير، ولم يعرف ماذا يفعل

بالقوة التي وضعت بين يديه، ولم تكن له أي فكرة عن ممارسة السلطة عندما تسلم مؤسسات حكمه البلشفي كي يتحدث عن تعديلات دستورية. بشار الأسد يرى المرحلة الأخيرة لنهاية حكمه، يحتمل جداً أن يكون طريقه الوحيد الشروع في حزم الحقائب ، فإيران كفيلة بانتظاره « .

الخاتمـــــــــــــــــــة

أكد جلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقائه نخبة من الأدباء والمثقفين والمفكرين والأكاديميين بأن موقف الأردن بالنسبة لدعم القضية الفلسطينية ودعم حقوق الشعب الفلسطيني لا يسبقه علينا احد، وقال جلالته: « إن الأردن ومستقبل فلسطين أقوى من إسرائيل اليوم ، الإسرائيلي هو الذي يخاف اليوم «.

وأضاف جلالته: « عندما كنت في الولايات المتحدة تحدث معي احد المثقفين الإسرائيليين، وقال إن ما يجري في الدول العربية اليوم سيصب في مصلحة إسرائيل، وأجبته إنني أرى العكس، فوضعكم اليوم أصعب من ذي قبل « .

من هنا فإن الثورات العربية وتحديداً الثورة السورية باتت تشكل تحدياً كبيراً لإسرائيل، إذ تساور قادة إسرائيل مخاوف حقيقية ، حيث تفضل إسرائيل أن تنحدر سوريا إلى حالة من عدم الاستقرار لفترة طويلة نتيجة إحتمال نشوب حرب طائفية. ومن وجهة النظر الإسرائيلية فإن لبنان سيشهد عدم استقرار سياسي وذلك لفقدان حزب الله حليفه السياسي الرئيس المتمثل بالنظام السوري .

إن إسرائيل تخاف الجديد الناجم عن أخذ الشعوب العربية لزمام المبادرة باتجاه بناء نموذج عربي حديث ينزع منها الادعاء بأنها واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط . كما أن أي تغيير في الحالة الإستراتيجية سيؤثر حتماً على إسرائيل في الحاضر والمستقبل معاً كونها تُمثل آخر استيطان إحلالي في العصر الحديث وكونها ترفض السلام الحقيقي الذي عبّر عنه

جلالة الملك عبدالله الثاني في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السادسة والستين بأنه: « السلام الذي يتأتى من قيام دولة حقيقية واعتراف بحقوق الفلسطينيين والسماح للناس بأن يتطلعوا للمستقبل بكرامة وأمل، وسلام يحقق الأمن للإسرائيليين ويخلصهم من عقلية القلعة، ويمنحهم القبول في المنطقة وفي العالم».