اعداد :د. محمد ملحم
مركز الراي للدراسات
كانون ثاني 2012
على ضوء التعديلات الدستورية التي بدأ نفاذها في مطلع الشهر العاشر من عام 2011 وحيث أن قانون المحكمة الدستورية الاردنية ربما يصدر قريبا لذا رأيت ان اخصص هذه الدراسه لبيان اهمية المحكمة الدستورية من حيث التحقق من مطابقة التشريعات سواء كانت قوانين صادرة عن السلطة التشريعية ام لوائح وانظمة صادرة عن السلطة التنفيذية – مع الدستور بناء على طلب الجهات التي حددتها المادة (60) من الدستور الاردني وهم:
مجلس الاعيان
مجلس النواب
مجلس الوزراء
الاحالة القضائية بناء على الدفع
كذلك صلاحيات المحكمة الدستورية في تفسير نصوص الدستور والتي حددتها المادة 59/2 من الدستور الاردني .
ولغايات الاطلاع ولأهمية الموضوع سيتم تقسيم هذه الدراسة الى
أ- طبيعة الدعوى الدستورية
ب- شروط قبول الدعوى الدستورية
ج- الاجراءات امام المحكمة الدستورية
أولا :طبيعة الدعوى الدستورية
قبل ان نتعرض الى طبيعة الدعوى الدستورية رأيت ان اضع القارئ الكريم في حقيقة هامه ان الولايات المتحدة الاميريكية لا يوجد فيها محكمة دستورية وان المحكمة العليا الاميريكية فرضت نفسها عندما قرر قاضي القضاه في الولايات المتحدة ( مارشال ) رقابة المحكمة العليا على دستورية القوانين في القضية الشهيره ماربيري ضد ماديسون سنة 1803 ، وتم تطبيق المبدأ الدستوري بان الدستور هو التعبير عن الاراده الشعبية ومن ثم تعلو قواعده على كل اعمال السلطات الحكوميه بما فيها مجلس الشعب او النواب او الكونجرس وهكذا فإن الدستور اعلى درجات القانون ومن ثم فإن القوانين التي تخالف الدستور تكون لاغيه وباطله (1).
والتي بدأت احداثها عام 1800 بعد الانتخابات الرئاسيه التي هزم فيها الرئيس جون آدمز المعروف باتجاهه لتقوية السلطة المركزية الفدراليه وقبل رحيله بـ (24) ساعه وضع الرئيس آدمز قرارات تعين بعض القضاه المناصرين لهذا الفكر وكان من بينهم القاضي ماربيري وثلاثة من رفاقه .
طلب هؤلاء القضاه من مارشال رئيس القضاه ان يصدر كتب التعيين الخاصة بهم إن هذا الطلب كان وقعه بالغا في نفس مارشال لأمرين :
الاول : عدم رغبتة الاصطدام مع القيادة الجديده
الثاني : عدم رغبتة ان تهتز هيبة المحكمة العليا الاميركيه
لذلك اصدر مارشال قرارا بارعا تضمن قبول طلبهم في ان لهم الحق في التعيين والثاني رفض طلب تسليمهم كتب التعيين على اعتبار عدم دستورية القانون الذي يخول المحكمة العليا الاميركيه اصدار الاوامر بصفة اصلية لأن المحكمة العليا حدد اختصاصاتها على سبيل الحصر، ولم يكن من بينها هذه الاوامر وعليه فإن قرار مارشال قد استبعد النص التشريعي لصالح النص الدستوري.
(1) يراجع بذلك مفصل «جيروم بارون توماس دينس» البصير في القانون الدستوري ص 50 ط /1 ترجمه محمد مصطفى نمر.
اما في بريطانيا فبدات فكرت الرقابه على دستورية القوانين في القضية الشهيره المعروفه بقضية د. بونهام سنة 1610 والذي خالف الملك هنري السابع بالنظام الاساسي لكلية الاطباء الملكية بلندن وان د. بونهام خالف القانون وتم حبسه وانتهى الامر بالغاء الحبس لبطلان القانون ووجهه نظر د.بونهام انه خريج جامعة كامبرج لا يخضع لتنظيمات جامعة لندن (2) .
أولا : طبيعة المحكمة الدستورية
أ- إن وضع وطبيعة المحكمة الدستورية يؤخذ من نص المادة (58/1 و2 ) من الدستور الاردني والذي جاء فيه : (1- تنشأ بقانون محكمة دستورية يكون مقرها في العاصمة وتعتبر هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها ، وتؤلف من تسعة أعضاء على الأقل من بينهم الرئيس يعينهم الملك. 2-تكون مدة العضوية في المحكمة الدستورية ست سنوات غير قابلة للتجديد ).
ومن هذا النص نخلص الى ان المحكمة الدستورية هي هيئة قضائيه مستقلة لا تتبع أي جهة سواء سياسيه او قضائية (هذا المفهوم سيخصص له دراسه لاحقه مفصله ) .
ب- تنص المادة (60) من الدستور الاردني على مايلي :
1- للجهات التالية على سبيل الحصر حق الطعن مباشرة لدى المحكمة الدستورية في دستورية القوانين والأنظمة النافذة:- أ- مجلس الأعيان. ب- مجلس النواب. ج- مجلس الوزراء. 2- في الدعوى المنظورة أمام المحاكم يجوز لأي من أطراف الدعوى إثارة الدفع بعدم الدستورية وعلى المحكمة إن اقتنعت بجدية الدفع ان تحيله إلى المحكمة التي يحددها القانون لغايات البت في أمر إحالته إلى المحكمة الدستورية).
(2) يراجع بشكل فصل د. محمد عصفور الرقابه على دستورية القوانين مجلة المحامة المصري عدد /1 سنة 51 ص 17 من النص المتقدم يتضح ان المحكمة الدستورية ايضا ذات طبيعه خاصه حيث حصر المشرع حالات الطعن المباشر والغير مباشر وعليه فإنه لا بد من توافر شروط شكليه واخرى موضوعيه لقبول الدعوى الدستورية .
ج - الشروط الشكليه على ضوء ما ورد بالمادة (60) من الدستور الاردني فإنه لا بد ان تتوافر الشروط الشكلية التاليه لقبولها شكلا .
ان تقدم الدعوى الدستورية من جهات محددة على سبيل الحصر مجلس النواب ، مجلس الاعيان ، مجلس الوزراء .
ان يكون هناك اغلبيه في مجلسي النواب والاعيان
ان يحيل مجلس الوزراء القضية بعد اصدار القرار بذلك .
ان تكون قد حولت اليها من قبل المحكمة التي ستخوله بذلك بالنسبة للدفع .
اما الشروط الموضوعيه في الدعوى فإن المحكمة الدستورية عندما تجد نفسها مختصه بنظر الدعوى الدستورية في الطعن الذي اتصل معها اتصالا صحيحا يتعين عليها ان تنتقل لبحث الموضوع وعليه يمكن اجمال الشروط الموضوعيه بما هو آت :
ان يكون الطعن خاصا في قانون او مادة من قانون صادر عن السلطة التشريعيه او نظام او مادة في نظام صادر عن السلطة التنفيذية .
ان تبين في اللوائح اسباب الطعن ومفاصل كل طعن وما هي المنازعه الدستورية بشكل واضح وصريح .
المصلحة
ثانيا : في محل الحكم الدستوري لن يخرج الموضوع عن امرين :
الاول : ان تقضي المحكمة الدستورية بعدم دستورية النص او النصوص موضوع الدعوى وهذا فرض لا يثير اشكال وهنا وحسب المادة 59 فإن احكامها تكون ملزمه لجميع السلطات.
الثاني : ان المحكمة الدستورية لم ترى في القضية المعروضه عليها اية شائبه دستورية وفي هذه الحاله على المحكمة ان تقضي برد الدعوى ( او رفضها ) ومن ثم فإن حكمها يكتسب الحجيه وذلك وفق الاحكام العامه بعدم جواز طرح الدعوى من حيث الموضوع والسبب والخصوم مرة اخرى .
وعلى ضوء حجية النص الدستوري فإن المادة 59 والتي جاء فيها(( 1-تختص المحكمة الدستورية بالرقابة علـى دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتصدر أحكامها باسم الملك ، وتكون أحكامها نهائية وملزمة لجميع السلطات وللكافة ، كما تكون أحكامها نافذة بأثر مباشر ما لم يحدد الحكم تاريخاً آخر لنفاذه ، وتنشر أحكام المحكمة الدستورية في الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها .
وعليه فإن هناك اشكاليه ستثور عند التطبيق العملي وهي حجية الطعن على الكافه وهذا امر سيتم ايضا دراسته في بحث مستقل آخر ان شاءالله .
تنص المادة (59/2) : للمحكمة الدستورية حق تفسير نصوص الدستور إذا طلب إليها ذلك بقرار صادر عن مجلس الوزراء أو بقرار يتخذه أحد مجلسي الأمة بالأغلبية ويكون قرارها نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية)) .
وبالتدقيق في النص فإن التفسير ايضا حدد الدستور شروطا شكلية واخرى موضوعيه لغايات التفسير وهو بالاغلب ينطبق على شروط قبول الدعوى الدستورية .
ثالثا : اجراءات امام المحكمة الدستورية
ايداع الصحائف واللوائح لدى قلم المحكمة الدستورية .
ان تكون مقدمه بشكل صحيح بحيث يملك حق التقديم طبقا لشروط الدعوى الدستورية مثال ذلك : ان تكون موثقه من محام استاذ ممارس للعمل لمدة معينه لا تقل عن 5 سنوات مثلا او درجه مستشار في الحكومه او المستشار القانوني لمجلسي النواب او الاعيان او احدى دوائر الحكومه وهذا ما سيتم بيانه في قانون المحكمة الدستورية .
ان تقدم مرفقات الدعوى للاثبات .
رابعا : تحضير الدعوى
ان تحضير الدعوى أمر لازم في جمع الامور من حيث القيد سواء رفعت مباشرة ام تم احالتها من المحاكم المختصه والتأكد من موضوع الرسوم الى غير ذلك من الاجراءات والامل معقود على ان يكون قانون المحكمة الدستورية قانونا رصينا يراعى فيه المدد القانونية لايداع البينه والرد عليها واللوائح الجوابية ونظر الطلبات وتحديد المواعيد والمخاطبات والقانون الواجب التطبيق في التبليغات .
خامسا : الاجراءات امام المحكمة :
الاصل ان المحكمة الدستورية تنظر الطلبات تدقيقا بدون مرافعة ولكن المؤمل ان تكون بدايات المحكمة الدستورية ان ترى الدعوى مرافعه وذلك لإظهار هيبة القضاء الدستوري وهو في حقيقته قضاء مهيب شكلا وموضوعا عندما نتصور ان هناك (9) قضاه بلباسهم المهيب والوشاح الرصين وقد اخذ كلا مكانه في قاعه فسيحه واماكن الجلوس لاطراف الدعوى واعضاء النيابه والكتبة والمحضرين وجرس المحكمة عندما يقرع وتحديد موعد الجلسات القادمة والحضور والغياب وان تكون جلسة النطق بالحكم الجلسة النهائية.
حجة الاحكام
حسبما ورد في المادة (59) من الدستور الاردني فإن الاحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية هي احكام نهائيه وقطعية والتفسير ملزم للجميع .
بعد هذا العرض الموجز لما تكون عليه الاجراءات في المحاكم الدستورية فإن قانون المحكمة الدستورية ينبغي ان يحظى باهتمام خاص من قبل المشرع .
كما ان قضاة المحكمة يتطلب ان يكونوا على أمانه وكفاءه وعلم ومشهود لهم بذلك ، وان يكونوا منزهين عن الغرض حافظين لحدود الله سبحانه وتعالى يخشون الآخره، ولا يهابون بالحق لومة لائم وان يكونوا معروفين بعلمهم في كتاب الله وسنة رسوله وبعلم الاستصحاب والقياس وفنون السياسه وامور المال وان حياتهم الخاصة نظيفة من اي لوثة، مهما صغرت او كبرت وما اكثرهم في بلدنا الحبيب، وان يكون ضليعين في اللغة العربية واحدى اللغات الاجنبيه وخاصة الانجليزية او الفرنسيه .
المراجع
-جيروم بارون توماس دينس ، البصير في القانون الدستوري ط/1 ص (50)
-د. محمد عصفور الرقابه على دستورية القوانين مجلة المحاماة المصري عدد /1 سنة 51 ص 17
-المستشار عزالدين الدناصوري والدكتور عبدالحميد الشعراوي،الدعوى -الدستورية منشاة المعارف الاسكندر ، ص 9
-أ.د رمزي الشاعر»القضاء الدستوري في سنة 2003» دولة البحرين والمحكمة الدستورية
-قانون المحكمة الدستوريه المصري.
-قانون المحكمة العليا الاميريكيه.
-قانون المحكمة الدستوريه الروسيه.
-قانون المحكمة الدستورية الاسبانيه.
-قانون المحكمة الدستورية اليونانيه.
- قانون المحكمة الدستورية التركيه .