اعداد : المحامي أيوب سواقد
مركز الرأي للدراسات
تموز 2012
كثير من الزملاء المحاميين والقضاة والقانونيين لا يهتمون بمعرفة قانون تسوية الاراضي والمياه رغم أهميته لأن تطبيقه يتم على قضايا محددة بالذات لا تهم الكثيرين كقضايا الجمارك التي تنظر بها محكمة الجمارك وكقضايا محكمة استئناف ضريبة الدخل التي تنظر بالقضايا التي يستأنفها المتضرر من تقدير مأمور ضريبة الدخل.
فقانون تسوية الاراضي والمياه تطبقه محاكم التسوية لحل النزاع الذي ينشأ عن تسوية الاراضي والمياه في المناطق التي تعلن بها التسوية من قبل مدير عام دائرة الاراضي والمساحة والمقصود بالاراضي التي تعلن بها التسوية هي الاراضي التي لم يحصل اصحاب الحق فيها على سند تسجيل دلالة على حقهم بالملكية اوحقهم بالتصرف.
فعندما يقرر مدير الاراضي بعمل تسوية للأراضي والمياه في منطقة معينة تعرف حينها بمنطقة التسوية ينشر في الجريدة الرسمية امرا يسمى ( امر تسوية ) يتضمن ان دائرة الاراضي تشرع بعمل تسوية الاراضي او المياه في منطقة ما يسميها المدير، في تاريخ يعلن عنه فيما بعد وعندما يعين المدير التاريخ المشار اليه في امر التسوية يبلغ بالصورة التي يراها مناسبة اهالي منطقة التسوية اعلانا يسمى إعلان التسوية تعلق منه نسخة في مكان بارز للعيان في القرية ويعلن تاريخ بدء التسوية وإخطار لأهل القرية يطلب منهم على جميع الاشخاص الذين يدعون باي حق كحق التصرف او حق التملك او حق منفعة في الاراضي او المياه التي اعلن فيها التسوية ان يتقدموا لمأمور التسوية بطلب يؤيد ببينات لتسجيل هذه الارض باسمه او باسم اية هيئة لها هذا الحق .
يقوم مأمور التسوية بالتثبت من هذا الشخص بالحقوق التي يطلبها في طلبه فإذا اقتنع بما طلب سجل الارض او المياه التي له الحق فيها باسمه ويبقى مأمور التسوية يعمل بالحوض الذي اعلن تسويته او بالقرية حتى الانتهاء منه او منها .
بعد هذا العمل يقوم مأمور التسوية بعمل جدول ادعاءات بأسماء الاشخاص الذي ارتأى انهم اصحاب حق يقدم هذا الجدول لمدير الاراضي والمساحة الذي يقوم هذا بدوره بتدقيق هذا الجدول. وينظم جدول آخر مبني على جدول الادعاءات يسمى ( بجدول الحقوق ) .
بعد تنظيم جدول الحقوق يوقعه المدير وتعلق منه نسخة في دائرة تسجيل الاراضي للقضاء التابعة له الارض المعلن عنها بالتسوية ونسخة اخرى في القرية وثالثة تسلم الى مختار او مخاتير القرية مصدقة حسب الاصول ويعلن عن هذه الجدول بأن لكل شخص بصفته صاحب حق تصرف او حق تملك او حق منفعة في الارض او الماء او اية حقوق متعلقة به اغفل ذكر اسمه في الجداول او ادراج حقه بصورة مغلوطة او نسب حقه الى اخر او قدرت قيمة ارضه او حصص مائه بصورة غير صحيحة او مس حقه بأي شكل اخر يجوز له خلال ثلاثين يوما من تاريخ تعليق جدول الحقوق في دائرة تسجيل القضاء ان يعترض عليه باستدعاء خطي يقدمه الى المدير رأسا او بواسطة مدير التسجيل التابعة له الارض له يبين فيه اوجه اعتراضه وعلى المدير ان يحيل الاعتراضات المذكورة مع جدول الحقوق الى محكمة تسوية الاراضي .( لاحظوا ان محكمة التسوية ليست مذكورة من بين الجهات التي يقدم لها الطلب رأسا وهذا خلل واضح في القانون .
هنا يبدأ عمل محكمة تسوية الاراضي والمياه للفصل في النزاعات التي يدعيها المستدعي بأنه صاحب حق ولكن مأمور التسوية لم يوصله حقه في جدول الحقوق وعلى المستدعي ان يقدم استدعاءه خلال 30يوما من تاريخ تعليق الجداول في دائرة تسجيل الارضي التابعة لها قطعة الارض وإلا ترد دعواة شكلا من قبل محكمة التسوية.
عند ورود الاستدعاء الى محكمة التسوية تسجل في سجلات المحكمة كقضية وتعطى رقم. ويبلغ الطرفان بالحضور للمحكمة عند موعد الجلسة ثم تبدأ المحاكمة واول شيء تبدأ به المحكمة هو التدقيق بتاريخ تقديم الاستدعاء إن كان مقدما خلال الثلاثين يوما من تاريخ تعليق الجداول ام لا فإذا لم يقدم خلال تلك المدة ترد الدعوى شكلا، وبعد قبوله يبدأ المدعي (المعترض) بتقديم بيناته وبعد ختامها يبدأ المستدعى ضده ( المعترض عليه) بتقديم دفاعه ومن ثم مرافعة الطرفين والنطق بالحكم.علما بأن اجراءات المحاكمة لم ينص عليها قانون اصول محاكمات وانما اعتادت المحاكم الاخذ بالقوانين العامة مع الاحتفاظ بخصوصية القانون .
تعتبر محكمة تسوية الاراضي والمياه محكمة صلح مع انها تحكم بملايين الدنانير وهي تتألف من قاض منفرد ويحق للمعترض والمعترض عليه الحضور بانفسهم الى المحكمة دون توكيل محام رغم تعديل قانون محاكم الصلح بهذا الشأن . ويكون قرار المحكمة قابلا للأستئناف خلال 15 يوما من تاريخ صدور الحكم لا من اليوم التالي لصدور الحكم كما هو معمول به في قانون اصول المحاكمات المدنية كون هذا القانون قانون خاص واجب التطبيق فيما نص عليه القانون.
بعد ان اوضحت القانون وتطبيقاته من قبل الادارة والقضاء يعترض هذا القانون عدة امور تحتاج الى دراسة وافية من قبل السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية وان تسأل كل سلطة نفسها لماذا اكثر القضايا المنظورة امام محكمة تسوية الارضي والمياه يبقى النظر فيها مدة تزيد على العشرين عاما ، فأي حق يحصل عليه صاحبه بعد عشرين عاما او اكثر؟ اين الخلل؟وممن القصور ؟ وليس دفاعا عن السلطة القضائية كوني جزءا منها لماذا يقوم القضاة بالفصل في القضايا التي ينظرونها في المحاكم العادية في مدة لا تزيد على السنة او السنتين بينما نفس القضاة تفصل قضاياهم بعد عشرين عاما او اكثر في محكمة التسوية ، اذن هناك قصور وخلل إما بالتشريع او بالاجراءات او من هذا وذاك علما بأن قضايا الجمارك وقضايا ضريبة الدخل وكل القضايا التي تنظرها محاكم خاصة لا تستغرق كل هذه السنين .
ومن خلال العمل الشاق بهذه المحكمة فإني اجد ان الخلل اولا بالتشريع الذي مضى علية اكثر من خمسين عاما فلم يواكب التطور الذي جرى على باقي القوانين، كما اقترح ان يكون هناك غرفة في المحاكم العادية تنظر في قضايا التسوية ويقوم اعوان القضاء بحراك تلك القضايا كما هو معمول به في القضايا المنظورة الاخرى كما اجد قصورا بالاجراءت وهل يجوز ان تنظر القضية في اربد او الكرك او معان او العقبة ويقوم موظفو عمان في محكمة التسوية بعمل التبليغات والاجراءات وقبول الاستئنافات في عمان ليبقى الاستئناف المقدم من احد الاطراف في خزائن المحكمة لحين مراجعة احد الاطراف له فيحرك بناء على طلبه ، تلك بعض الامثلة التي تؤخر في فصل قضايا التسوية ناهيك عن تسمية عشرين الى ثلاثين شاهدا احيانا في القضية الواحدة يطلب سماعهم احد الخصوم والمحكمة ملزمة بتبليغهم بدون عناوين فالمطلوب معالجة هذه الامور بأسرع وقت ممكن.
واشير ايضا الى ناحية اخرى مهمة ان اجهزة وأثاث وكادر وموظفي هذه المحكمة هم من دائرة الاراضي والمساحة ولهم خبرات واسعة في قضايا الاراضي . راجيا من مدير عام دائرة الاراضي والمساحة مزيدا من الاهتمام بهذه المحاكم تبدأ بتعيين محضرين لكل منطقة تعقد المحكمة جلساتها فيها فلا يعقل ان يقوم محضر المحكمة المدنية بتبليغ اطراف قضية تسوية وهو ينوء بحمله الثقيل بالتبليغات التي بحوزته كما لا يعقل ان يرسل التبليغ من عمان الى اربد او الى العقبة لتبلغ المطلوب تبلغه كون المحكمة في عمان هي التي تصدر التبليغات للأطراف كما نرجو تحديث غرف القضاة والمكاتب بالاثاث اللائق بمحكمة لأن مظهر العدالة جزء منها كما ونطلب من الجهات ذات العلاقة بدراسة هذه الظاهرة ودراسة معيقات الفصل في هذه الدعاوى ليتسنى للمحاكم الفصل في هذه القضايا كما هو معمول به في باقي محاكمنا وإلا ستبقى محكمة تسوية الاراضي والمياه عبئا ثقيلا على الحكومة وعلى وزارة العدل وعلى القضاة والمحاميين وعلى دائرة الاراضي والمساحة وعلى المواطنين لإنشغالها بكل قضيه مدة تزيد على العشرين عاما