الساعة

من سيبني المفاعل النووي الأردني..؟

اعداد : د. باسـل برقان

مركز الرأي للدراسات

كانون الثاني 2012

 

عندما إعتصم الناشطون البيئيون لأول مرة في الدوار الرابع مقابل رئاسة الوزراء في 31/5/2011 حملت إحدى الناشطات لافته كتب عليها "أريفا الفرنسية تنقب وتعدن أراضينا وتمتلك صحرائنا وستبني المفاعل النووي". وقد أحسست حدة الغضب من كاتب اليافطة والخطر الذي ينبه به عن شركة أريفا الفرنسية، التي تم الحكم على مديرها العام بالطرد من دولة النيجر في أفريقيا عام 2007 ،بعد حكم قضائي ضده بين بأنه كان يرشي قبائل الطوارق البدوية لتحريضها على العصيان بالسلاح ضد حكومة النيجر، مطالبين توقيع إتفاقية تعدين اليورانيوم مع شركة أريفا الفرنسية على أراضيهم (كونها "مصدر دخل لهم" كما إدعوا).

وبعد أن أنهت أريفا الفرنسية التعدين في النيجر ،قامت مجموعة السلام الأخضر الألمانية بمسح مدينتين مجاورتين للمنجم، فوجدت نسب "عالية وخطيرة" من الأشعاع الناتج من التعدين. وقد تم أيضا الحكم على هذه الشركة الفرنسية من خلال قضاء الإتحاد الأوروبي، بتهمة التلاعب والتحكم بالكارتل لرفع أسعار اليورانيوم عالمياً ، وصدر الحكم في شهر 1/2007 بغرامة مالية قدرها 53 مليون يورو أوروبي على هذه الشركة وأخرين ،بينهم الحليف الوقور؛ شركة ميتسوبيشي اليابانية العملاقة. ومؤخرا قرأنا أخبارا عن إعتقال 8 من مدراء شركة أريفا ومستشاريهم في مكاتبهم بألمانيا بتهم الرشوة والفساد ،وهم قيد المحاكمة الآن. (المرجع http://www.ft.com/cms/s/0/fc10dd0e-6060-11e0-abba-00144feab49a.html#axzz1iwyU4dds + http://en.wikipedia.org/wiki/Areva )

هل جاء الشعار المدون على لافتة الناشطة البيئية ،مطابقاً لما جرى على أراضينا الأردنية..؟ فلماذا لم يجف الحبر عن إتفاقية التنقيب عن عنصر اليورانيوم التي تم توقيعها مع شركة أريفا، في 9/2008 من قبل هيئة الطاقة الذرية الأردنية، إلا وقد تفاجأ الجميع بتوقيع إتفاقية أخرى في 2/2010 مع ذات الشركة للتعدين ،وبدون إعداد دراسة جدوى إقتصادية عن إتفاقية التنقيب الموقعة في 2008..؟ فهل يصح أن توقع الهيئة الذرية إتفاقية حصرية للتعدين، تتضمن غرامات وعقوبات على الأردن والخزينة بدون أن تعلم علم اليقين بوجود اليورانيوم وبكميات تجارية أم لا..؟؟ وصدرت عشرات البيانات من شركات الهيئة الذرية بأن نتائج العينات المستخلصة من التنقيب مبشرة ،وتؤكد وجود مائة الى مائتي الف طن يورانيوم ،والتي يصر العلماء الأردنيين بأنها غير مجدية إقتصادياً لو تم أخذ نسب التركيز بها.

وقد تم تأكيد ذلك من الشركة SRK البريطانية ،بأن عينات ومسوحات التنقيب لأريفا غير مجدية إقتصادياً، والكمية التي يدعى بأنها موجودة هي بنسبة تركيز متدنية جدا، تبدأ من 50ppm مع أن المتفق مع أريفا بأن لا تقل عن 250ppm. وتعود لتؤكد الهيئة الذرية بأن هنالك منجم آخر يعدن ولديه مخزون ردئ من اليورانيوم (منجم تريكوبيه في ناميبيا) أسوة باليورانيوم الأردني ،ولكن تستغفلنا الهيئة ولا تصرح أن إتفاقية التعدين في تريكوبيه هي على حد قطع ppm120 وبكميات هائلة تصل الى 8.5 مليون باوند أوكسيد اليورانيوم على مدار عمر المنجم (12 سنة). الدراسات بينت بأنه لو تم أخذ حد قطع أدنى ppm120 بالأردن فسيكون المخزون الأردني "وقية" واحدة فقط...!!! (المرجع http://www.mining-technology.com/projects/trekkppje-mine/ )

 

ونفاجأ مرة أخرى في حجم التعاون مع شركة أريفا (والتي هبطت أسهمها بما قيمته 70% منذ عام 2007 ) ،بقدوم شركة إنفرامد Inframed العام الفائت للأردن والتي إلتقت بوزير الطاقة (خالد طوقان آنذاك) حسب صحيفة الجوردان تايمز 14/6/2011، لتطرح على الوزارة عقودا لتمويل مشاريع الطاقة الأردنية وعلى مردود طويل الأمد. وقد تبين بعد البحث بأن شركة إنفرامد مملوكة بشكل رئيسي لشركة كاسي دي ديبوته جروب (Case de Depots Group) ،وهي ثالث أكبر مساهم في شركة أريفا الفرنسية ،بعد الحكومة الفرنسية وسلطة الكهرباء الفرنسية..!!!

 

ردت هيئة الطاقة الذرية بتاريخ 4/1/2012 على إستجواب سعادة النائب محمود الخرابشة للحكومة، بأن عطاء المحطة النووية (المخالف لما لا يقل عن 5 أنظمة عالمية تحدد بناء المحطات النووية) لم يحل على أريفا الفرنسية وهو "لا زال قيد الدراسة". وإن كان ذلك صحيحا فلماذا قامت هيئة الطاقة الذرية بإرسال 8 من نواب الأمة (والذين عادو بأغلبيتهم متشددين برفض الخيار النووي) الى فرنسا والى مفاعلات أريفا..؟ أليس هذا مخالفا للأنظمة الأردنية..؟ ولماذا لم تتم الزيارة للمفاعلات الروسية أو الكندية أو لمفاعلات من شركات أخرى محايدة على سبيل المثال كون هنالك عطاء قيد الدراسة..؟ أليس لأن المكتوب يقرأ من عنوانه كما يقال..؟؟ أم أن السبب هو المفاعل المقدم بالعرض الفرنسي غير مرخص وغير مجرب لغاية تاريخة، وهو يرعب الشعب الأردني بكامله..؟؟ لا يخفى على جميع المطلعين بأن شركة أريفا الفرنسية تعاني من الخسائر السنوية المستمرة. وإن بيانهم الصادر بالصحف المحلية في 8/1/2012، ما هو الا محاولة لصقل معدن غزاه الصدأ. ففشل أريفا المفاجئ بالحصول على عقود بناء أي من المحطات النووية بالإمارات العربية المتحدة، أدى الى إنقلاب داخل إدارة الشركة نتج عنه الإطاحة بالمدير العام المعروفة بلقب أتوميك آن (آن النووية). والآن على المدراء الجدد الحصول على العقود الجديدة لأستدامة الشركة بكافة الوسائل والطرق.

 

وهنا لا يتسع المجال للكثير من الكلام سوى التأمل مرة أخرى بنص لافتة الناشطة البيئية التي تنص على :"أريفا الفرنسية تنقب وتعدن أراضينا وتمتلك صحرائنا وستبني المفاعل النووي". فالواضح بأن اللوبي النووي وهيئة النووي سوف ينكران كل هذه الحقائق، ويعودا ليطبلا ويزمرا بأن "اتلنووي" هو الحل الوحيد ليغطي 40% من حاجة الطاقة في الأردن بحلول عام 2030 ،مستثنيا أن سعر إنتاج الكيلو واط بالساعة من الطاقة الشمسية اصبح حوالي 8 قروش أردنية فقط مع قابلية التخزين بالليل وبزيادة معدلها قرش واحد فقط بالكيلو واط (المرجع http://www.nytimes.com/2012/01/03/business/energy-environment/building-storehouses-for-the-suns-energy-for-use-after-dark.html?_r=3&pagewanted=1&ref=business ) وليس 20 قرشا من النووي.