الساعة

أسس التنمية الاجتماعية: جودة الصحة العامة والبيئة

21/06/2016

د. عميش يوسف عميش

مركز الرأي للدراسات

حزيران 2016

هناك اسئلة تطرح نفسها علينا ونحن نعيش بداية الالفية الثالثة (1) ماذا ستكون شكل المجتمعات التي نتعايش فيها. (2) ما نوع التنمية فيها. (3) ما هي التغيرات المتوقعة التي ستحدث في طبيعة البيئة بعد قرن من الان. (4) وكيف ستكون العلاقة بين تلك التساؤلات. ان النقاش حول مستقبل مجتمعاتنا لا بد ان يشمل امران اساسيان (الاول) حاجتنا للتنبؤ عن اي شكل من الاشكال سوف يكتب له الاستمرارية والبقاء. (الثاني) واي اتجاه سيسير فيه ويستمر واي تطورات نتوقع حدوثها.
هنا لا بد من وضع تقييم واضح محدد المعالم ذلك يعني ان المتفائلين يعتقدون ان المستقبل شيء سوف يقبلونه ويحبونه، اما المتشائمين فيعتقدون ان المستقبل سوف يتعدى لأسوأ مخاوفهم. لقد شهد العالم خلال العقود الثلاثة الماضية تغيرات مذهلة في الوضع الديموغرافي والسياسي والاجتماعي للمجتمعات في كلا الدول النامية والصناعية وقد ساهمت في رفع درجة التوقعات الخاصة بالأولوية لقطاعات الصحة والتعليم، بالإضافة لضرورة وجود بيئية نقية يرافقها ارتفاع الدخل القومي. كل ذلك يؤدي للرخاء والعيش الكريم لكل افراد المجتمع.
هذه التوقعات تحتم علينا اعادة النظر في شكل واهداف التنمية بكل اشكالها للأفضل خاصة فيما يتعلق بالصحة. المهم التذكير بالتعريف الذي صاغته منظمة الصحة العالمية (W.H.O) حول الصحة حيث عرفت الصحة بانها «حالة من السلامة الجسدية والعقلية والاجتماعية الجيدة وليست غياب المرض والعجز».
اما التنبؤ بشكل الصحة للقرن القادم امر هام لعملية التطور. لان الصحة مرتبطة اساساً بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية. اما الفقر فيعتبر العدو الاول للصحة. فالتقديرات تشير الى ان خمس سكان العالم يعيشون في حالة فقر شديد وثلث اطفال العالم محرومون من التغذية السليمة وان نصف سكان الكرة الارضية ليس باستطاعتهم الحصول على العلاجات والادوية الضرورية لأمراضهم ولا على الماء النظيف للشرب وعدم وجود بيئة سليمة يعيشون فيها.
وهناك مليون ونصف انسان يعانون من العوز والفقر ومنهم مليون يعيشون في العالم الثالث. كما ان معدل دخل الفرد في هذه البلدان متدن للغاية.
هناك ما يقارب بليون نسمة عاطلون عن العمل او يعملون بشكل جزئي، و20 مليون طفل ليس متاح لهم الذهاب للمدارس الابتدائية و400 مليون للمدارس الثانوية. منظمة الصحة العالمية طرحت باستمرار في تقاريرها تساؤلات اهمها « ما الذي ينقصنا ونحتاج اليه» لتحسين اوضاعنا هل هو التعهد والوعد لعمل شيء ما ام الموارد».
نعود لمشكلة الفقر ويعني ان 50% من الاطفال الفقراء ليس لديهم الامكانات للتحصن ضد الفيروسات لعدم توفر المطاعيم، ويعيشون في الشوارع. اما الدول النامية الصناعية فتعاني من ارتفاع نسبة الطلاق والتفكك العائلي، وارتفاع نسبة الامراض النفسية، والانتحار والادمان على التدخين والمخدرات والكحول. ان وضع الاطفال في العالم لا بد ان يحفزنا لاتخاذ اجراءات ضد الفقر وهذا يعني استثمار المجتمعات خاصة الغنية مثل الاردن بالأطفال حيث انهم يشكلون 51% من السكان. ان الاطفال الذين يتمتعون بصحة جيدة، ويحصلون على الطعام الصحي والماء النظيف والتعليم الجيد، يكبرون ويبدعون ويساهمون ايجابياً من اجل سعادة اهلهم والعالم.
ان التقرير السنوي الذي تصدره منظمة (اليونيسف) حول التغيرات في معالم الصحة الاساسية للطفولة هام ويعكس المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية والبدنية ومدى تطورها. لقد لاحظنا رغم التقدم التقني والصناعي هناك زيادة في نسبة الامراض والوفيات. كذلك امراض انقرضت وظهرت من جديد مثل داء السل (التدرن) واللشمانيات.
ناهيك عن ازدياد نسبة تلوث البيئة وسوء التغذية. كذلك زيادة نسبة مرض الايدز وعدم تمكن العلماء من ايجاد مطعوم له. ولا ننسى السرطان خاصة الجلد بسبب المناخ والاشعاعات الشمسية.
ان ازدياد النمو البشري من المتوقع وصوله الى 6,7 مليون نسمة في عام 2020. هذه الزيادة السكانية ستكون عبئا كبيرا ومشكلة خاصة لدول العالم الثالث ونحن كعلماء وسياسيين ومسؤولين في جميع الحقول، علينا واجب التصدي للأخطار القادمة اي مخاطبة هذه الاوضاع بالحفاظ على الامن الصحي ، وتحمل المسؤولية بحيث تكون الصحة الجيدة جسر يصلنا الى السلام والرخاء.
ومدعومة بالتعليم يجعلنا نصل الى انخفاض نسبة وفيات الاطفال، وارتفاع نسبة عمر الانسان. وبالتالي تحسين نوعية حياتنا. اخيراً لا بد من اعتبار الصحة جزءا لا يستغنى عنه في عملية تنمية حياتنا وتلك هي الغاية في عملية التنمية ككل.