الساعة

ضمان الجودة في التعليم العالي

22/11/2012

مركز الرأي للدراسات

اعداد : أ.د. عاهد الوهادنة

تشرين ثاني 2012

رغبة الأردنيين الشديدة للدراسة الجامعية والإقبال الكبير من طلبة الدول المجاورة للدراسة في الأردن أدى إلى تعدد مزودي «خدمة التعليم العالي في الأردن»! حتى صار هناك 31 جامعة منها 10 حكومية و 21 خاصة في مختلف التخصصات ووصلت النسبة العامة لعضو هيئة تدريسية لكل طالب حوالي 30:1 وبنقص لا يقل عن 2000 مدرس، وهذا حديث الارقام أما حديث النوعية فالبحث به طويل والوقوف على أدق التفاصيل يحتاج لتخطيط استراتيجي حقيقي بعد أن عانى التعليم العالي الأردني عبر السنوات الماضية من التناقض الحاصل بين ضمان الجودة وواقع قبول أكبر عدد ممكن من الطلبة وتناقص دعم الحكومة المالي..الخ.ولكن الضمان الوحيد لتحسين المستوى الحالي هو آلية ضمان جودة تضمن استدامة واستمرار النوعية والتطور.وقد آثرت جعل هذه الدراسة على شكل سؤال وجواب لتكون مبسطة ومباشرة للوسط الاكاديمي من غير المتخصصين في الموضوع مدار البحث.

• مسؤولية مَن ضمان الجودة؟

مسؤولية مشتركة على مستوى الوطن وداخل المؤسسة الواحدة.

• لماذا هناك اهتمام بضمان الجودة؟

عالمياً هناك اهتمام متزايد بالتعليم العالي رغم محدودية المصادر. وبما ان الدعم المالي الأساسي للجامعات يعتمد على دعم الحكومة فالمجتمع يطلب ثقة مطلقة في استخدام المال العام لخدمة وحفظ هذا الموروث العلمي والثقافي المتمثل بالجامعات من خلال التعليم العالي ولضمان كفاءة مهارية تخدم حاجة المجتمع والسوق المحلي والاقليمي. يجب ان لا يكون الاهتمام بضمان الجودة لأن الحكومة ترغب في ذلك فحسب ولكن الاهتمام بضمان الجودة والنوعية يجب ان ينطلق من القاعدة للقمة وعلى الجميع أن يهتموا بنوعية التدريس والبرامج والجامعات.

• ما معنى نوعية؟ أو ضمان النوعية؟

هو مصطلح مختلف في تفسيره وقابل للجدل. وهو من أكثر المصطلحات استخداماً واقلها فهماً وإدراكاً. وباللغة الانجليزية فإن كلمة Quality جاءت من اللاتينية «quails» والتي تعني ما هو نوعه؟ وفي اللغة العربية فان نوعية الشيء تعني صفته و كيفيته.

• ما تعريف ضمان الجودة في التعليم العالي؟

هي عملية يتم من خلالها تقييم الجامعة (على الأقل جزئياً من جهة خارجية) للوصول لمستوى معين من البرامج التي تقدمها وبكلمات أخرى أن يحقق الخريجون أهدافهم ويلبوا حاجة المجتمع لمساعدة تطوير الوطن.

• لماذا تحتاج الجامعات ضمان الجودة؟

- للمنافسة مع نظيراتها.
- لإرضاء الزبون (الطالب وأهله).
- ضمان المستوى وديمومته.
- قناعة وثقة المجتمع بالجامعة.
- رفع معنويات العاملين وتحفيزهم.
- مكانة اجتماعية وعلميه مميزة تنعكس على سمعة الجامعة.

• ما هي الأدوات المشتركة لضمان الجودة؟

معايير تعليم و تقييم ذاتي من قبل الجامعة نفسها و تقييم خارجي للجامعة وقرار ونتيجة نهائية تعلن للجميع. ومع كل ذلك هناك اجماع على أن النوعية لا يمكن ضمانها بشكل صحيح إلا من قبل الجامعة نفسها.

• ما هو ضمان الجودة الداخلي (Internal Quality Assurance)؟

هو سياسة الجامعة وآليات عملها التي تضمن تحقيق أهدافها وتحقيق معايير التعليم العالي بشكل عام أو أي اختصاص أو برنامج بشكل خاص.

• ما هو ضمان الجودة الخارجي (External Quality Assurance)

هو اجراء تقوم به جهة خارجية مثل هيئة اعتماد وطنية اوهيئات عالمية مثل ABET أو ISO والتي تقرر ما إذا كانت برامج الجامعة وإجراءاتها تحقق المعايير المتفق عليها. وضمان الجودة الخارجي يتضمن الاعتماد والتقييم والتدقيق.

• كيف يمكن قياس ضمان الجودة في التعليم العالي؟

الأمور مختلفة عن قطاع الانتاج ولا تكون النتائج بمجملها موضوعية، فمشروع ضمان جودة التعليم العالي في الأردن ما زال في الحاضنة مع تضارب الأفكار والآراء حوله بل وحتى المصطلحات. بالإضافة الى ذلك فإن حافز اهتمام الجامعات الحكومية بضمان الجودة يختلف عن اهتمام الجامعات الخاصة به.

• ما هي طرق تحقيق ضمان الجودة في التعليم العالي؟

1- Summative: وهذا ببساطة يتضمن إجابة واحدة هل تحقق الجامعة الفلانية المعايير المطلوبة أم لا؟ ورغم أن هذه الطريقة شائعة إلا أن محاذيرها تتلخص في كون الجواب النهائي يمنح الاعتماد أو لا يمنحه فتقوم المؤسسة بعمل «مكياج» لها لتظهر بأفضل صورة دون معالحة نقاط الضعف بشكل حقيقي.

Formative -2 وهذا يتضمن تشجيع الجامعة لتحديد مواقع قوتها وضعفها ووضع خطط لمعالجة ذلك، وهنا لا توجد «عقوبة» او قرار نهائي والطريقة ليست دائماً موضوعية.

• ما هي الطرق المستخدمة عالمياً؟

تتلخص هذه الطرق بالآتي:

معايير اعتماد مبسطة، للحصول على التميز، تقييم لتعزيز الوضع، تدقيق على عمليات ضمان الجودة المتبعة، مقارنة بين أكثر من برنامج، مقارنة بين جامعات مختلفة(Benchmarking)، التصنيف العالمي مثل QS وغيرها.

وعليه لا توجد طريقة واحدة محددة ويمكن تطبيق طرق تقييم تناسب ظروف كل جامعة، وبشكل عام يجب أن يتسم نظام الجودة الجيد بثلاثة أشياء:

1- أن تحقق الجامعات والبرامج على الأقل الحد الدنى من الجودة لحماية الطلبة.
2- أن يساعد هذا النظام في تحسين الجامعات والبرامج وتشجيع الجامعات على خلق ثقافة ضمان الجودة بداخلها.
3- تحقيق الهدفين السابقين بكلفة معقولة لا تتجاوز الفائدة المرجوة من التطوير والجودة.

• من يجب أن يصمم أساليب تقييم ضمان الجودة في التعليم العالي؟ هل هي الجامعة نفسها، أم هي جهة حكومية مستقلة أوجهة خاصة أم جهة خارجية (من خارج البلد)؟

من المتفق عليه عالمياً أن ضمان الجودة وتطوير النوعية مسؤولية مشتركة بين الجامعات ومؤسسات ضمان الجودة والتي في الغالب حكومية مع وجود وجهات نظر مختلفة حول من يقود الآخر. وللإجابة على ذلك، فإن اختيار من يقود الآخر يعتمد على ثقة الحكومة بإدارة الجامعات لانجاز الحد الأدنى المطلوب من ضمان الجودة والنوعية. وبنفس الوقت هناك انطباع أن استقلالية المؤسسات المحلية الخاصة أو الحكومية لضمان الجودة أمر غير مؤكد إذ يتوقع أن يكون هناك تأثير حكومي أو من الجامعة نفسها مما يهز قليلاً الثقة بها.

• ما هي المعايير التي تؤثر على الجودة والنوعية في الجامعات؟

1- Tangibles
توفر الأجهزة الكافية، حداثة الأجهزة، سهولة الوصول اليها واستخدامها، بيئة جيدة للتعلم، خدمات داعمة كالسكن والمرافق الرياضية.

2- Competence
عدد كاف من أعضاء الهيئة التدريسية، مواد نظرية متقدمة وتدريب عملي حديث، خبرة في التدريس والتواصل، نشاط بحثي ملموس.

3- Attitude
تلمس حاجات الطلبة، الرغبة في المساعدة والإرشاد والاهتمام الشخصي بمشاكل الطلبة ووجود العاطفة والاحترام.

4- Content
تناغم الخطة الدراسية مع الوظائف المتوفرة مستقبلاً للطلبة وفاعليتها. على أن تحتوي الخطط الدراسية على المعلومات والمهارات الأساسية والمهارات المتقدمة واستخدام الكمبيوتر ومهارات التواصل والبحث العلمي خلال التدريس.

5- Delivery
شرح المواد بطريقة مؤثرة ومتدرجة، وضمن أوقات محددة ومترابطة. عدالة في الامتحانات والحصول على تغذية راجعة من الطلبة والاستفادة منها في تطوير البرامج والخدمات وتشجيع الطلبة على الدراسة والإبداع.

6- Reliability
الثقة بالجامعة، والحصول على شهادة محترمة تؤهل الخريج للمنافسة وجعل الوعود توافق الأهداف والنتائج وتؤدي الى معالجة مشاكل الطلبة.

• كيف يمكن تقييم النوعية؟

رغم أن رئاسة الجامعة هي التي تقرر السياسات والأولويات، فإن ضمان الجودة مسؤولية جميع العاملين في الجامعة وبالتالي فإنها يجب أن تكون عملية مستمرة وليست عملية تتم في وقت محدد للحصول على الاعتماد فقط! ورغم أهمية الاعتماد الخارجي فإن عمل ملف تدقيق داخلي في كل جامعة هو ذو أهمية قصوى وإن مشاركة الجميع يعتبر تجربة للتدرب والبحث عن الممارسات الأفضل.

• كيف تتم عملية ضمان الجودة عالمياً؟ تتم هذه العملية من خلال عدة خطوات أهمها التقييم الذاتي والتقييم والمراجعة من قبل مجموعة من الخبراء و التحليل الإحصائي للمعلومات او استخدام مؤشرات انجاز أو المقارنة مع أفضل الممارسات(Best Practices).

4- فحص معلومات ومهارات وقدرات الطلبة المختلفة.

• ماذا يجب أن يتضمن التقرير الذاتي؟

التقرير الذاتي هو مرآة للجامعة نفسها، أي كيف ترى الجامعة نفسها من حيث مواطن القوة والضعف فيها ويجب أن يكون نقداً ذاتياً حقيقياً ويعكس الجامعة بشكل صحيح لأن أي تدقيق خارجي وفرض معايير معينة على الجامعة قد لا تجد نفعاً ولا تحقق النتيجة المطلوبة.والتقرير بحد ذاته مؤشر على التطور المستمر وهو الخطوة الأولى لضمان الجودة والنوعية.بكلمات أخرى التقرير يشمل جزئين: معلومات وأرقام خاصة بالجامعة ضمن معايير محددة وتحليل نقدي ذاتي للجامعة.

ويتضمن التقرير:

- الخطة الدراسية: والتي يجب أن تؤشر للمرونة الأكاديمية فيها ويجب ان يكون هناك تغذية راجعة من الطلبة وكل الجهات المعنية حول الخطة ومراحل تطوير الخطة وأفضل الممارسات. كذلك ربط الخطة بسياسة القبول ومستوى الطلبة لتكون موائمة لحاجة السوق والطالب عند التخرج.
- التعليم والتعلم: طرق تقييم التدريس والممارسات الأفضل للتدريس والتقييم.
- البحث العلمي والاستشارات: دعم وتطوير البحث العلمي وعدد ونوعية المنشورات.
- البنية التحتية: من تجهيزات وصيانة وحجم ونوعية المكتبة والخدمات المقدمة بها واستخدام تكنولوجيا المعلومات.
- دعم وتشجيع الطلبة: متابعة تقدم الطلبة علمياً وطرق دعمهم وإرشادهم وما هي نشاطات الطلبة المختلفة التي يقومون بها.
- الحاكمية والادارة: يجب وضع رؤية الجامعة والهياكل التنظيمية الوظيفية وخطة التدريب وطرق التنفيذ. وكذلك ادارة الموارد البشرية والسياسة المالية المتبعة في الجامعة.
- الابتكار: ما هي الخطوات التي تمارسها الجامعة للوصول للابتكار والعلاقة مع القطاعات المساهمة كالصناعة والمجتمع المحلي.

• ما هو هدف زيارة المقيمين الخارجيين؟

هدف الزيارة التأكد مما ورد في التقرير الذاتي من خلال لقاءات متعددة مع الادارات العليا للجامعات ورؤوساء الأقسام وأعضاء الهيئة التدريسية والطلبة.

• ما هو التدقيق الخارجي وما هي المواضيع التي يغطيها؟

تتلخص هذه المواضيع في: تحديد معايير التقييم، والتقرير الذاتي من الجامعة، وزيارة للوفد المقيم للجامعة للتحقق مما ورد في التقرير الذاتي وتقديم التقرير الخاص بذلك للجهة المعنية، وقرار نهائي من هيئة الاعتماد المعنية.

في كثير من الدول أصبح التدقيق الخارجي الزاميا ولا يوجد ما يمنع أن يكون اختياريا. وهدفه الضمان لأصحاب العمل والمؤسسات المهنية والأهالي والمجتمع بارتفاع النوعية وضمان الجودة. وفي العادة يقوم فريق خارجي بزيارة الجامعة لتحقيق هذا الهدف والذي يقوم بدوره بتحليل التقرير الذاتي والتأكد من وجود خطوات جادة للتطوير. يطلِع الفريق الخارجي على التقارير والسجلات والسياسة الممارسة في الجامعة. ويقوم بعدة مقابلات ويناقش الادارة العليا ورؤساء الأقسام والمدرسين والطلبة للاطلاع على آرائهم في ضمان الجودة ودورهم في ذلك وفي العادة تتطلع الجامعات الى هذا الوفد على أنه اختراق «لحكم الجامعه الذاتي» وخرق للحرية الأكاديمية والإدارية.
كما أن على المجالس الداخلية للجامعة كمجلس الأمناء والعمداء وضع طرق مراقبة واقرار خطوات تصحيحية للمسار الاكاديمي و الإداري في الجامعة لضمان استحقاق الخريجين للدرجة التي سينالونها من الجامعة.

ويعتبر التدقيق الخارجي - عند نجاح المؤسسة – علامة تميز لجهود الأكاديميين فيها، وفي نهاية الزيارة لا بد من اصدار قرار بحق الجامعة وكل جهة تقرر الطريقة الأمثل لذلك ويمكن اعتماد حالة وسط (في الاردن) مما هو معمول به عالمياً مثل:

- اعتماد الجامعة واعتبار ملفها جيد جداً اذا حققت المتوقع منها.
- اعتماد الجامعة بدرجة جيد وذلك عندما تحقق الجامعة اعلى قليلاً من الحد الأدنى من المطلوب منها.
- اعتماد الجامعة بدرجة مقبولة وذلك عندما تحقق الجامعة الحد الأدنى من المطلوب منها.

لا تعتمد الجامعة عندما لا تحقق الحد الأدنى المطلوب منه، وهذا يجعل الجامعات تحاول جاهدة الوصول لمرتبة أعلى.

• ما هو الـ Benchmarkingالـ Benchmarkingعملية من أربع خطوات:

1- مقارنة جامعة باخرى أو موضوع بآخر.
2- وضع معايير لتقييم الفروق وتحديد الأفضل.
3- استخدام الخبرات اللازمة لتحديد طرق ومعايير التغيير.
4- تطبيق التغيرات المطلوبة لأجل التطوير.

وهذا المفهوم في التعليم يعتبر مفهوماً حديثاً نسبياً ويمكن له جلب تطور مستمر ومستدام للنوعية لأنه يعتمد على تحديد الـ Best Practices، وهو مسار تنافسي يميز جهة عن أخرى لأن التقليد ليس بالضرورة يحقق نجاحا كالأصل.

• ما هي نماذج تقييم الجودة؟

اشهر هذه النماذج:ISO 9000-2000 ،Capability Maturity Model،SixSigma، Baldrige Criteria ،Total Quality Management

أمثلة لنماذج ضمان الجودة عالمياً:

- الولايات المتحدة الأميركية:

يتم هذا من خلال عملية الاعتماد والتي تتأكد من أن ما تقدمه الجامعة من تدريس وإدارة وخدمات يحقق الحد الأدنى من معايير ضمان الجودة. لا توجد في أميركا جهة فدرالية أو وزارة للسيطرة أو الإشراف على التعليم الجامعي، بل يتم الاعتماد من خلال جهة خاصة غير ربحية أسست لهذة الغاية. وعليه فالمتبع في أميركا هو التدقيق الخارجي External Quality Monitoring وهي عملية مستمرة بمعنى أن الحصول على الاعتماد في باديء الأمر لا يعني أنه نهائي بل تتم المراجعة دورياً، وبشكل عام تتضمن هذه العملية: تقرير ذاتي من الجامعـة نفسها، مراجعـة (Peer review) بناءً على التقرير الذاتي من قبل مجموعة متخصصة، زيارة ميدانية للتأكد مما ورد في التقرير ويكون جميع أعضاء الفريق متطوعين وفي العادة لا يدفع لهم أية مبالغ حيث تقوم جهة الاعتماد بإقرار الاعتماد او حجبه وتقوم الجهة نفسها بمراجعة دورية للجامعة وهذا يمتد كل عدة سنوات وحتى عشر سنوات.

- بريطانيا:

في عام 1977 تم تأسيس وكالة ضمان جودة التعليم العالي في بريطانيا وهي مركز وطني مستقل يحصل على الدعم المالي من الرسوم التي تدفعها الجامعات للحصول على الاعتماد، ويتم»ضمان الجودة» مبدئياً من خلال تدقيق داخلي للجامعة نفسها ومن ثم مراجعة ذلك. وخلال التدقيق الداخلي يتم التأكد من أن الشهادات التي تمنح هي ذات نوعية مقبولة وتتصف بمعايير أكاديمية جيدة وكذلك تمنح الشهادات بما يتناسب مع القانون.

والمراجعة المؤسسية تتم خلال دورة مستمرة كل 6 سنوات ويتضمن ذلك نظام تدقيق داخلي وتقرير ذاتي وزيارة للموقع. ثم يقوم فريق التدقيق باعطاء تقييمه إما ثقة عريضة أو ثقة محدودة أو لا ثقة.والعملية برمتها تعتمد على Practice” “Code ofلضمان نوعية التدريس الأكاديمي وهذا الـ Code يتضمن عدة أجزاء من أهمها: برامج البحث العلمي للدراسات العليا، التعاون العلمي، الطلبة المعاقون، الممتحنون الخارجيون، شكاوي الطلبة وحاجاتهم الأكاديمية، تقييم الطلبة، اعتماد البرامج ومتابعتها، الوظائف، الإرشاد وسياسة القبول.

- استراليا:

تعتبر الجامعات الاسترالية مؤسسات اعتماد ذاتية ولديهم عملية مستمرة من المراجعة يقوم بها مقيمون للبرامج والوحدات المختلفة. ويتضمن «ضمان الجودة»: استبانة تقييم الطلبة وكذلك اعتماد خاص من جهات مهنية وكذلك وجود ممتحنين خارجيين. في عام 2000 قام المجلس الوزاري للتعليم والتدريب وشؤون الشباب بانشاء وكالة ضمان جودة الجامعات الاسترالية كوحدة مستقلة غير ربحية لتقييم الجامعات ورفع تقرير بها ومن أهم أهدافه خلق نظام مراجعة دورية لضمان الجودة وتحليل وتزويد تقارير معايير الاعتماد للجامعات الجديدة وتتحمل الجامعات نفسها كلفة التدقيق والتقييم ورغم أن ما يجري في استراليا يندرج تحت التدقيق الخارجي إلا أنه لا توجد معايير محددة وخاصة بل تقوم كل جامعة بعمل نظام خاص بها حسب أهدافها. وبذلك تقبل هيئة الاعتماد عندهم أهداف الجامعة كنقطة بداية. وبالتالي على الجامعة أن تضع آلية ونظام لتحقيق أهدافها. ويبدأ التدقيق الخارجي كالعادة بملف ذاتي وزيارة للفريق للتأكد من تحقيق المؤسسة لأهدافها.

- النظام السويسري:

وهو نظام هجين يتضمن نظام اعتماد شديد للجامعات الخاصة والمؤهلة للحصول على دعم حكومي. ويشجع هذا النظام الجامعات الحكومية لعمل ملف ذاتي للتدقيق الداخلي.

- النظام الألماني:

وهو نظام خاص ومركزي ولا يشجع هذا النظام الجامعات بشكل كافٍ لعمل تحسينات خاصة. ومؤخراً تم التحول جزئياً نحو Formative Approach.

- النظام الفرنسي:

يتضمن الحاكمية والإدارة، نظام ضمان الجودة الخاص بالجامعة، انجازات وحدات البحث العلمي وتفحص طرق التدريس والتعلم. ومن نقاط ضعف هذا النظام أنه خاص بالجامعة ولا يشجع كالألماني على تبني خطوات تحسينية حقيقية تحت ضغط معين للحصول على علامة أعلى أو درجة أعلى وبالتالي ليس بالضرورة أن تقوم الجامعة بإلإقرار بنقاط ضعفها ومن ثم معالجتها.

- النظام الايرلندي:

ربما يكون أكثر الأنظمة شمولية وهو بشكل كبير ذاتي «داخل الجامعة (Institutional)» ولكن القانون فرضه إجبارياً على كل جامعة بحيث تقوم كل جامعة بعمل ملف تدقيق داخلي صارم للتدريس والبحث العلمي في كل قسم وللخدمات المقدمة للطلبة بشكل عام. ويتضمن القانون مراجعة وتقييم لخطوات ملف التدقيق الداخلي بشكل دوري.وبهذا يتميز النظام الايرلندي أنه رغم أن الجامعة هي المسؤولة لكنه يضمن أن تأخذ الجامعة الموضوع بشكل جدي.

- النظام الاسكتلندي:

شبيه للنظام الايرلندي حيث تكون الجامعة مسؤولة عن عمل نظام تدقيق وتطوير لها ذاتها. ولكن الفرق الأساسي أن هذا النظام يركز على التدريس وأما البحث العلمي فيتم تقييمه من خلال قنوات أخرى. وهو نظام متطور والجامعات الحكومية والخاصة التي ترغب في تطوير التدريس على مستوى البكالوريوس والماجستير يمكنها الاطلاع والاستفادة منه.

- النظام النمساوي:

جزئياً يقوم هذا النظام باعتماد طريقة شفافة تسمح للجامعات لديهم باعتبار نفسها جامعات خاصة. فهو نظام Summative & Agency-led بطريقة غير مباشرة يساعد على التطور من خلال تحقيق الحد الأدنى لمعايير الجودة، أما التدقيق الداخلي كوسيلة للاعتماد فإنها ما زالت لديهم سطحية.

- هونغ كونغ:

وهو نظام متأثر بأستراليا ونيوزيلندا وأميركا ويركز على مسؤولية الجامعة ذاتها في ضمان الجودة في التعليم والتعلم. ويمكن أيضاً أن يعزز الدور الداعم للمؤسسات الوطنية المعنية بذلك مثل مجلس ضمان الجودة للجنة دعم الجامعات وبالتالي فهو نظام يميز أن لكل جامعة أهداف مناسبة لرسالتها.

- جمعية الجامعات الاؤروبية(EUA):

هو نظام وضع لخدمة جمعية الجامعات الأوروبية الأعضاء اختيارياً ويتضمن الحاكمية و القدرة على التغيير وضمان الجودة. وهو كغيره من الأنظمة يتضمن تقرير ذاتي وتحليل استراتيجي SWOT ويتبع ذلك زيارة ميدانية من خمسة خبراء من ضمنهم أحد الطلبة والذي بدوره يقدم توصياته بهذا الخصوص. وبالتالي يصبح التصحيح والتطوير مسؤولية الجامعة وهي حرة اذا أرادت الأخذ بالتوصيات أو إهمالها.

أما الدروس عن «أحسن الممارسات» التي يمكن استخلاصها من أنظمة الجودة السابقة للخروج بنظام أردني فهي:

1- النظام القوي والجيد هو النظام الذي يتفحص استراتيجية الجامعة المتبعة في ضوء أهدافها.
2- أن يركز النظام على عملية مستمرة لضمان الجودة وليس معايير ثابتة وجامدة.
3- أن يكون «InstitutionalDriven» كما هو مسؤولية جهة وطنية مما يعني أن ملف التدقيق الداخلي خطوة في غاية الأهمية.
4- أن يكون النظام بسيط وعملي يساعد الجامعات على تقبله وليس رفضه.
5- أن يتوافق النظام مع طبيعة الجامعة.

• ما هو النموذج الاردني المقترح لضمان الجودة في الجامعات الاردنية؟

بعد الإطلاع على ما سلف وفي ضوء أن «الاعتماد»يتضمن المنح أو الحجب ويشجع الجامعات على تحسين «شكلها» مؤقتاً دون مناقشة نقاط الضعف ووضع خطط لمعالجتها فإنني اقترح النموذج الأردني التالي:

- الاعتماد Accreditation:

تستمر هيئة الاعتماد بعملها مع أخذ الموضوع بحزم اكثر ومتابعة نسبة طالب لمدرس والطاقة الاستيعابية والشكل العام للخطط الدراسية والبنية التحتية على أن تصل لمرحلة التقييم الواردة سابقاً مع أهمية أن تكون الهيئة مستقلة استقلالاً كاملاً وعلى الهيئة العمل الجاد لتدريب موظفيها وتثقيفهم بمواضيع الاعتماد بصورة مستمرة و لابد من زيارة دول متقدمة في هذا المضمار والإطلاع على تجربتهم لخلق نظام أردني يوائم جامعاتنا.

- التدقيق الداخلي Internal Audit:

لا شك ان ضمان الجودة مسؤولية الحكومة و الجامعة (National & Institutional) والمتفق العام أن ضمان النوعية يأتي في النهاية من الجامعة نفسها. وعليه مشاركة الجامعة والحكومة في هذه المسؤولية أمر ضروري. فإدراك ومعرفة إدارة الجامعة بضرورة ذلك لجامعتهم أمر اكثر فائدة من فرض نظام حكومي خارجي، ومن هنا اقترح ان تتبنى الجامعات وتحت إشراف ومتابعة وزارة التعليم العالي ملف التدقيق الداخليInternal Audit Manual مع إمكانية التعديل حسب رؤية ورسالة كل جامعة وهو أهم جزء في ضمان جودة التعليم العالي وللتوضيح ما يجب أن يكون عليه هذا الملف:

أهدافه(Objectives):

1- تحسين مستوى الجامعة وعملية التخطيط الاستراتيجي فيها من خلال وجود «محطة مركزية» لديها جميع المعلومات عن الجامعة ونشاطات كلياتها ووحداتها المختلفة.
2- تحديد نقاط القوة، والانجازات، وطرق الممارسة الجيدة التي يكمن نشرها وممارستها من مختلف الوحدات الأكاديمية.
3- التركيز على المواضيع التي يمكن التحسين بها لجلب منفعة أكبر للجامعة.
4- تحديد نقاط الضعف والفرص المتاحة.

مجاله (Scope):

التدريس:

على الملف التأكد من النقاط التالية:
1- ان تتوافق البرامج والمساقات التي تطرحها الجامعة مع المعايير العالمية.
2- إن أنظمة الجامعة وتعليماتها وإجراءاتها بما تخص أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة فعالة لدعم رؤية ورسالة الجامعة للوصول لمستوى تدريسي مميز.
3- يجب أن تماثل أهداف البرنامج ومخرجاته “Learning Outcomes” معايير النوعية ويجب كذلك مراجعتها دورياً وبنسق مستمر.

البحث العلمي:

يجب أن يدقق الملف على عدد ونوع الأوراق العلمية المنشورة وطبيعة البحث العلمي وكذلك الدعم المالي المحصل للبحث العلمي «طلبات التقدم للحصول على دعم مالي ونتيجة ذلك» ومقارنة ذلك مع جامعات أخرى.

ملف المساق:

يجب أن يتضمن هذا الملف كل ما يتعلق بالمساق من خطة المساق الفصلية و تقييم الطلبة والأهداف و المخرجات المتوقعة وتحديد الفرص التي تضمن تطوير ملف المساق. إن مراجعة كل مساق هو ضمان أن الخطة حديثة وعصرية وتكفل امتلاك الطلبة لمهارات تساعدهم في سوق العمل.

ملف عضو الهيئة التدريسية (Portfolio):

يتضمن هذا الملف انجاز عضو هيئة التدريس من خلال التدريس و البحث العلمي وخدمة المجتمع.

توفر وظائف العمل وأماكن عمل الخريجين:

الحصول على معلومات تشير الى أماكن العمل وتميزها وأي ردود تقيميه من اصحاب العمل.

خطة الكلية الاستراتيجية:

تقييم خطة الكلية الاستراتيجية لمعرفة مدى تناسقها مع خطة الجامعة وإمكانية تطبيقها ومراجعة المنجز منها.

التدقيق الخارجي External Audit :

أقترح ان تطلب وزارة التعليم العالي من كل الجامعات الحصول على واحدة من الاعتمادات العالمية الهامة على الأقل مع مراعاة الكلفة ومثال ذلك ABET في الهندسة وتكنولوجيا المعلومات،ISO ...الخ، وتستطيع الوزارة أن تربط موضوع Internal & External Audit بدعم الوزارة المالي للجامعة وتصنيفها مستقبلاً.

في الختام يجب أن يتأكد نظام ضمان الجودة الأردني:

1- من أن الجامعة والبرامج المطروحة تحقق على الأقل الحد الأدنى من النوعية التي «تحمي» الطلبة.
2-أنه يساعد على تطوير الجامعة والبرامج المختلفة ويشجع الجامعات على عمل ملف التدقيق الداخلي.
3- أنه يمكن تحقيق الهدفين السابقين بكلفة معقولة لا تزيد عن الفوائد المتأتية منه.

الخلاصة:

من جهة هناك إقبال كبير على التعليم العالي ومن جهة أخرى أصبحت النوعية والجودة مصدر شك وتساؤل. وللمنافسة وسط هذا التنافس الشديد على استقطاب الطلبة، على الجامعات عمل تقريرها الذاتي وملف التدقيق الداخلي واستقبال جهة خارجية للتدقيق لضمان جودة مخرجاتها. ومع أن التدقيق الخارجي أكثر ممارسة الا أن التدقيق الداخلي أكثر ديمومة ويتوقع منه نتائج افضل.

ضمان الجودة مسؤولية الجميع في الجامعة رغم أن الادارة العليا هي من يصنع السياسات والأولويات، وعليه فإن ضمان الجودة عملية مستمرة وليس كالاعتماد عملية مرحلية. ولابد من التركيز على أنه رغم أهمية الاعتماد الخارجي والتدقيق الخارجي إلا أن اهتمام الجامعة الذاتي ووضع ملف تدقيق داخلي في غاية الأهمية. لقد تم طرح موضوع ضمان جودة التعليم العالي بعمومية في قوانين التعليم العالي الاردنية التي خضعت للتغيير المستمر دون وجود شيء عملي على أرض الواقع. فببساطة المطلوب خلق محاضَرة جيدة ومحاضِر جيد وبالتالي خريج مؤهل لسوق العمل ولا يتأتى ذلك إلا من خلال ضمان الجودة والذي باعتقادي أهم أركانه التدقيق الداخلي والذي يحتاج انجازه إدارات مثقفة في هذا الموضوع ولديها إيمان مطلق بضرورته، والتي عليها العمل الدؤوب لمستقبل الجامعة والوطن تحت شعار المجد زائل والذكرى خالدة.

لكن المضحك المبكي في الاردن أن ابواب الادارة تفتح للجميع دون تصنيف أو اختبار وأكثرهم ظفراً أصحاب المحسوبية والتزلف، متناسين أن العدالة ضمانة المستقبل فالقائد أصبح موظف روتيني همه ذاته فقط وفاقد الشيء لا يعطيه.