مركز الرأي للدراسات
اعداد : د. خالد الشقران
5/2005
تزايد الحديث في الفترة السابقة عن ما يسمى (معاداة السامية) وسط نداءات من إسرائيل لحماية اليهود من الاضطهاد إلى إن نجحت الدولة العبرية في جعل العالم الغربي على الأقل ينظر إلى كلمة معاداة السامية باعتبارها جريمة ترتكب ضد اليهود في أي بقعة من بقاع الأرض ، وتدفع الدوائر السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بالتنديد ضد مرتكبي هذه الجريمة أفرادا كانوا أم دول أم مؤسسات ، وهذا في الواقع لم يكن ليتحقق لليهود ولإسرائيل لولا وجود سلسلة من الاستجابات الدولية لمطالبها والتي كان أخرها توقيع الرئيس الأمريكي جورج بوش على قانون معاداة السامية
إن معاداة السامية أمر خطير ويثير في نفس الوقت مسائل ملتبسة على التفكير السياسي، وملتبسة على التحليل القانوني و هذا يقتضي غاية الأناة في تناولها، فهذه المسائل حسب رأي د.علي الغتيت نائب رئيس الجمعية المصرية للقانون الدولي مصوغة بمهارة لا تغلب عليها الأمانة.....، مهارة نراها دائما في الساحة الدولية كلما اتصل الأمر بالصهيونية أو إسرائيل .
ولكن معاداة السامية لم تأخذ الشكل الحالي لها إلا بعد تطور تاريخي أخذت تتبلور فيه كفكرة و كمصطلح، واخد المعنى يتطور تبعا للتطورات الاقتصادية والسياسية و الجغرافية ليتسع اكثر فأكثر .
وهذا يقودنا بداية للتعرف على اصل المفهوم ونشأته:
فاذا امعنا النظر في الاصل اللغوي للمفهوم نجد ان كلمة ANTI تعني (ضد) بينما كلمة سامية او Semite تعني سلالة سام بن نوح و بالتالي فان المعنى اللغوي للمفهوم يصبح ما هو "ضد او معادي لسلالة بن نوح"، و بالرغم من وضوح المعنى اللغوي للمفهوم الا ان مصطلح معاداة السامية يختلف في تأويلة بين ثلاثة فئات هي العرب و اليهود و الغرب .
اما عن التأويل اليهودي للمصطلح فهو يعني عندهم كراهية الاغيار أي غير اليهود لليهود و بالتالي ينعتون اليهود بأفعال و أقوال عنصرية ، فمعاداة السامية عند اليهود تعني المعاداة لليهود كدين او جماعة او اقلية عرقية مصحوبة بتميز عنصري سياسي او اجتماعي او اقتصادي .
و فيما يتعلق بالتأويل العربي لمعاداة السامية فيرى البعض ان مصطلح معاداة السامية ينطوي تعريف محدد و هو الافعال التي تستهدف جماعة عرقية محددة و هم الساميين نسبة الى سلالة سام بن نوح التي تشمل كل من اليهود و العرب .
اما عن التأويل الغربي للمصطلح فيرى جان بول سارتر في كتابة "معاداة السامية و اليهودي" ان معاداة السامية تعني السلوكيات و الافعال ضد اليهود بناء على اعتقاد انهم بطبيعتهم غير مرغوب فيهم او انهم شر و يستحقون الادانة، وتعرف الموسوعة البريطانية بانه العداء و الاضطهاد لليهود كجماعة فهي العداء للاشخاص لانهم يهود .
على ان المقصود بالساميين من وجهة النظر الغربية على الاغلب هم اليهود الذين قتلوا في المحرقة ، و بذلك نجد ان الجنس السامي مقصورا فقط على اليهود باعتبارهم عرقا و لا يدخل العرب في ذلك النطاق باعتبارهم ساميين ايضا .
• التطور التاريخي للمفهوم :
على الاغلب انة ليس هناك ثمة اتفاق حول بداية نشأة المفهوم حيث يرجعه البعض إلى عصور قديمة تصل إلى عهد موسى علية السلام حيث قسمت التوراة الاجناس الى ثلاث و اعتبرت الكنعانيين و اليهود من اصل سلالة واحدة وهي سلالة سام بن نوح علية السلام الا ان اليهود اخرجوا الكنعانيين من السلالة غضبا إذ طبقا للرواية اليهودية أن اليهود قد عانوا الاضطهاد و العنصرية في كنف الحضارات الكنعانية و لان هذه الشعوب لم تدخل في الدين اليهودي فقد أدى ذلك إلى عزلة اليهود و انغلاقهم في هذه المجتمعات .
فيما ذهب رأي اخر الى ان اول استخدام للكلمه كان في عهد سوريا القديمة في عام 175 قبل الميلاد حيث رأى الحاكم ان انغلاق اليهود وانعزالهم يمثل عقبه للثقافة و الحضارة و بذلك قرر ان يهدم قواعد التلمود و الذي اعتبره غير مقبول للإنسانية .
بينما ترى وجهة النظر اليهودية ان المصطلح ظهر في عهد الرومان الذين اضطهدو اليهود دينيا فمنذ ما يقرب ألفي سنة وجد اليهود الذين كانوا يعيشوا في المجتمعات الأوروبية انفسهم منعزلين لا سيما وانهم لا يشاركون المسيحيه في أن المسيح هو ابن الرب و علية فقد اعتبرت الكنيسة ان اليهود هم مسؤولين عن مقتل المسيح علية السلام وهو ما يرفضه اليهود معتبرين أن السبب في ذلك هو الدولة الرومانية التي رأت أن المسيح يمثل خطرا سياسيا على حكمهم .
وترى وجهة نظر أخرى أن أول من أطلق كلمة معاداة السامية هو اليهودي اللاهوتي النمساوي شلوتزر في عام 1781 ، و يرى آخر أن الصحفي الألماني فلهلم مار أول من استخدم مصطلح معاداة السامية عام 1879 بعد الحرب الروسية الفرنسية التي تسببت في انهيار كثير من الماليين الألمان مما جعلهم يلقون باللوم على اليهود و انتقلت حركة معاداة السامية من ألمانيا اى بقية البلاد الأوروبية ، و تجددت في روسيا الاضطهادات الدينية لليهود بعد اغتيال القيصر اكساندر الثاني عام 1881 ثم في النمسا و وصلت الى فرنسا اثر قضية الضابط الفرنسي من اصل يهودي الذي اتهم في عام 1894 في الخيانة العظمى لتجسسه على فرنسا لصالح ألمانيا ، ثم قتل بعد تبرئته من التهم التي وجهت ضده و ادعى اليهود بانه قتل لانه يهودي.
وفي انجلترا و ايطاليا و الولايات المتحدة ظهرت عدة أشكال لمعاداة السامية و قد أدى انتشار بروتوكولات حكماء صهيوني بعد الحرب العالمية الأولى إلى دعم الاتجاه المعادي للسامية فقامت ثورات عنيفة ضد اليهود في المجر عام 1920 ، وفي الولايات المتحدة الأمريكية دعم هنري فورد الحركة المعادية لليهود معنويا وماليا وفي ألمانيا جعل أدولف هتلر المعاداة للسامية احد المبادئ الأساسية لبرنامج حزبه النازي .
وهكذا نجد أن مصطلح معاداة السامية يشير أساسا إلى كراهية اليهود والعداء لهم لأسباب ذاتية تعود إلى طبيعة الجماعات اليهودية و طبيعة الشخصية اليهودية كما تعود إلى أسباب خارجية طورت فكرة كراهية اليهود في النفس الأوروبية .
ثم أشارت بعض الكتابات الحديثة إلى ظهور مفهوم تطور من المفهوم الأصلي لمعاداة السامية و هو معاداة السامية الجديد الذي يساوي بين مفهومين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية ، اذ من وجهة نظر اليهود و غيرهم من الغربيين الموالين لهم أننا نشهد الان التحول الثاني لمعاداة السامية ما بين معاداة سامية عنصرية إلى معاداة صهيونية دينية ، وفي بعض الأحيان يتم المساواة بين دولة إسرائيل و بين الفرد اليهودي في إطار معاداة السامية ، إذ في الماضي كانت معاداة السامية توجه بالأساس ضد اليهود كأفراد و لكن الآن توجه ضد اليهود كشعب له سيادة ، حيث أصبحت إسرائيل الإطار المميز للشعب اليهودي بين الأمم والشعوب الأخرى، و بذلك يقود مصطلح معاداة الصهيونية إلى إضافة كلمة جديدة إلى جانب معاداة السامية، لتأخذ الطابع السياسي و ليس الطابع الديني أو الصهيوني فقط كما كان في السابق.
• أهداف استخدام معاداة السامية
يمكن استخلاص أهم أهداف الحركة الصهيونية و إسرائيل من وراء استخدام معاداة السامية من خلال سلوك و تصريحات بعض القيادات السياسية والعسكرية في الحركة الصهيونية وإسرائيل و التي سنعرض تاليا لبعضها :
1. استغل ثيودور هيرتزل منظم و مؤسس الحركة الصهيونية ظهور معاداة السامية كحقيقة غير قابلة للنقاش في أوروبا ليعرض على أساسها مشروعاته الصهيونية و ذلك لما لها من اثر في عزل اليهود عن المجتمعات التي يعيشون فيها و دفعهم للهجرة إلى فلسطين .
2. و يقول بن جوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي "إذا لم يوجد هذا العداء(و هنا يقصد معاداة السامية) فلا بد أن يولد و يستثار , فان أدنى لمحة من الكراهية لليهود ينبغي أن تضخم حتى يبدو الأمر و كأن هناك مؤامرة دولية من العداء للسامية في الخارج"
إن من مصلحة إسرائيل أن تبقى على إحساس الخوف من الابادة و التعذيب حيا في نفوس مجتمع اليهود و لضمان عدم اندماجهم وانصهارهم في المجتمعات غير اليهودية التي يعيشون على أرضها محافظة على عنصرهم المنزه وهويتهم الخالصة ، و تحقيقا لغرس الإيمان القاطع بان بقائهم في تلك الأمم لا يعدو أن يكون وجودا مؤقتا لحين العبور إلى ارض الميعاد أي الهجرة إلى فلسطين .
3- تتضح الاهداف اكثر عند تدقيق النظر في الأوامر التي طالما أصدرتها القيادات العسكرية الإسرائيلية و خاصة موشي دايان للحشود الإسرائيلية للقيام بأعمال التنكيل والمناورات ضد البلدان المجاورة لانه بدون الإبقاء على شعور التوتر لدى المواطنين الإسرائيليين وداخل صفوف الجيش على حد قول دايان لا يخلق الشعب المقاتل الذي لا يفقد قضيته.
4- على أن إسرائيل و من ورائها و الصهيونية العالمية كانت و لا زلت تهدف من خلال استخدام هذا السلاح إلى الحصول على جرعات اكبر من التعاطف العالمي باعتبارها الضحية و غيرها الجلاد من جانب و إسكات الأصوات التي يمكن أن تسهم في كشف جرائمها و فضح زيف ادعاءاتها أمام الرأي العام العالمي .
• قوانين معاداة السامية
لقد تطور الإرهاب الفكري بمسوغات و حجج تتعلق بمعاداة السامية ليصل إلى مستويات مرعبة و غير مسبوقة في أوروبا امتدت إلى سحب درجة الدكتوراه من باحث و مؤرخ فرنسي يدعى هنري رول شكك في رسالته العلمية أن يكون ضحايا الهولوكوست قد وصل عددهم إلى ستة ملايين ، و هي سابقة اولى في تاريخ البحث العلمي والأكاديمي في فرنسا .
و لعل المشكلة الأكبر في هذا المجال تكمن في القوننة المتصاعدة لما يتعلق بالعداء للسامية ، حيث وصل الأمر إلى صياغة بعض الدول القوانين تحول معاداة السامية و كل الظواهر المتعلقة بها إلى جريمة تستحق العقاب و من أهم هذه القوانين التي على ما يبدو أنها ربما ستشكل ظاهرة ستأخد بتطبيقها تباعا الدول الأوروبية و الغربية بشكل عام أو تدريجياً على الأقل ما يلي :
1. القانون الذي أقرته النمسا عام 1992 و الذي يتضمن عقوبة السجن لمدة ستة أعوام لمن ينكر وجود الهولوكوست.
2. القوانين الألمانية التي تحرم أي شكل من أشكال معاداة السامية.
3. قانون فابيوس جايسو الفرنسي :ويجرم هذا القانون الذي صدر في 13 يوليو عام 1990 كل من يخالف ما توصلت اليه محاكمات نورمبرج عام 1946 فيما يتعلق بالاباده الجماعية لليهود وويجيز الحكم على من يشكك في مسألة إستئصال اليهود بالسجن لمدة سنة و غرامه تصل الى 300 الف فرنك ، و تنص المادة 24 من القانون بالحرف على ما يلي"يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في قانون حرية الصحافة بالسجن والغرامة كل من راجع جريمة بحق الإنسانية كما نصت عليها نتائج محاكمة نورمبرج .
4- القانون الامريكي حول معاداة السامية : وهو القانون الامريكي العام رقم (108-332) الذي وقعة الرئيس الامريكي جورج بوش في 16/10/2004 و عرف باسم (قانون تعقب معاداة السامية عالمياGlobal anti-Semitism Review)) والذي يعتبر قانونا ملزما لجميع إدارات الولايات المتحدة فيما يتعلق بالاستمرار في دعم الجهود اللازمة لتقويض حركات العداء للسامية في أنحاء العالم
ولكن قبل الدخول في تفاصيل هذا القانون الذي يعتبر من اخطر القوانين التي تم هندستها في هذا المجال ـ وتداعياته وأبعاده لابد من التعرف على السياق العام الذي صدر في إطاره هذا القانون خاصة ما يتعلق بالأوضاع على الساحة الدولية خاصة وانه صادر عن الدولة المسيطرة في النظام الدولي حيث أكدت الأحداث التي شهدها العالم اثر نهاية الحرب الباردة وانهيار المعسكر الشرقي على رأسه الاتحاد السوفييتي وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية شبه الكامل بقيادة النظام الدولي بما لا يدع مجالا للشك أن ثمة أزمة خطيرة يشهدها القانون الدولي ومستقبل العلاقات ما بين الفاعلين على الساحة الدولية ، وان ثمة محاولات حقيقية وجادة تسعى من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة تشكيل قواعد ومباديء القانون الدولي والعلاقات الدولية الحاكمة على النحو الذي يتوافق ومصالحها من جانب، ورغبتها في إحكام قبضتها وضمان استمرار سيطرتها على النظام الدولي منفردة من جانب آخر، وسعيها إلى إعادة تشكيل العالم وصياغته على هواها من جانب ثالث، وبحيث يغدو هذا القانون وهذه العلاقات انعكاسا لمشيئتها وتعبيراً عن إرادتها وجزءا من استراتيجيتها الهادفة إلى إحكام السيطرة -المادية من خلال الاقتصاد والقوة العسكرية، والمعنوية من خلال الاعلام وقواعد القانون- على العالم.
ولقد جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وبغض النظر عمن وراءها فعلاً، فرصة ذهبية استطاعت الولايات المتحدة الذهاب في استغلالها إلى مدى بعيد لمحاولة فرض رؤاها ومفاهيمها وقيمها ومصالحها على واقع الساحة الدولية وعلى الآخر رافعة شعار محاربة الإرهاب ومستندة إلى قاعدتها المشهورة التي تنفي وجود ورأي الآخر "من ليس معنا فهو ضدنا"، ومغلبة دعاوي الامن القومي الامريكي على ما عداها بما في ذلك الاستقرار والسلم العالمي وامن الشعوب والأمن الجماعي الدولي اللذين كفلهما ميثاق الأمم المتحدة، وبهذه الحجج أصبح بإمكان الإدارة الأمريكية سحق أي ممانعة أو معارضة أو مقاومة ممكنه لفرض سيطرتها المطلقة والكاملة على مجريات الاحداث والتطورات في العالم،
وعلى ذلك فقد أصبحت الحرب ضد الإرهاب مرتكزاً لسياسة خارجية أمريكية جديدة تتبنى رؤية محددة وأكثر وضوحاً، هي بطبيعتها توسعية تستهدف إعادة رسم خريطة العالم الاستراتيجية، وفقا للعقيدة الاستراتيجية الجديدة التي استلهمتها إدارة بوش الابن والتي تتضمن ما يفيد بتجاوز الولايات المتحدة الامريكية للمفهوم الدفاعي التقليدي الذي كانت تعمل به ابان الحرب الباردة ووجود المعسكر الشرقي، لاسيما وان المخاطر التي أصبح يتعين على الولايات المتحدة مواجهتها لم تعد تأتي من مصادر تقليدية وإنما حسب اعتقاد الإدارة الأمريكية هي تأتي من جانب مجموعات إرهابية دولية ومن دول تتساهل معها وتقدم لها الدعم والمأوى الآمن.
ولعل الأمر الأهم في هذا المجال هو أن الولايات المتحدة لم تنسى وهي تسعى إلى إعادة صياغة العالم وفق رؤاها ومفاهيمها أن تضفي مزيدا من حمايتها بكل الطرق والوسائل الممكنه على إسرائيل، وذلك استناداً إلى التحالف الاستراتيجي القائم بينهما من جانب ودور اسرائيل في إطار الاستراتيجية الأمريكية للسيطرة على العالم من جهة أخرى، إضافة إلى مكانتها المحورية والقاعدية في المنظومة الفكرية للمحافظين الجدد واليمين الأمريكي المسيطر ذي النزعة (الأصولية المسيحية الصهيونية) ، وقد كان آخر هذه الوسائل المتقنة الإعداد والإخراج " قانون تعقب الأعمال المعادية للسامية عالمياً" الذي أجازه الكونجرس الأمريكي في أكتوبر 2004 .
وبمراجعة متأنية لحيثيات هذا القانون يمكن التركيز على اهمية النقاط التالية:
1. يستهدف هذا القانون اي سلوك او تصريح او تلميح بالقول او الفعل او الصورة او الكاريكاتير او الرسم او الكتابة يمس اليهود او الصهيونية او اسرائيل بشكل مباشر او غير مباشر باعتباره تمييزاً ضد اليهود لا سيما وانه يساوي ما بين اليهود واسرائيل والصهيونية.
2. تم بموجب هذا القانون إنشاء مكتب في وزارة الخارجية الاميركية تناط به وبوزارة الخارجية مراقبة ومتابعة وتوثيق ومكافحة القوانين والحركات والأفعال وأعمال التحريض على اختلاف انواعها المعادية للسامية التي تظهر في دول العالم المختلفة. على ان تضمن المعلومات الخاصة بالأعمال المعادية للسامية في الدول الاجنبية في التقارير السنوية لوزارة الخارجية الأمريكية مثل تقرير ممارسة حقوق الإنسان السنوي والتقرير السنوي لحرية ممارسة الدين.
3. يلزم هذا القانون مكتب مراقبة معاداة السامية ووزارة الخارجية الأمريكية بتقديم تقرير سنوي إلى لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ وكذلك لجنة العلاقات الدولية في البرلمان عن الأفعال المعادية للسامية في أنحاء العالم وتقويم مواقف الدولة من هذه المسألة على أن يتضمن التقرير كل ما يمكن أن يندرج تحت الأعمال التالية:
أ- أعمال العنف ألبدني ضد أو التحرش باليهود وأعمال العنف أو التخريب لمؤسسات المجتمع اليهودي كالمدارس والمعابد والمقابر التي حدثت في كل بلد.
ب- الإجراءات التي تتخذها الحكومات من إصدار ونفاذ القوانين المتعلقة بحماية الحق في ممارسة الحرية الدينية للشعب اليهودي .
ج- الجهود التي تبذلها تلك الحكومات لتشجيع تعليم عدم الانحياز والتسامح.
د- امثلة لحملات الدعاية في الإعلام الحكومي وغير الحكومي التي تحاول تبرير او تشجيع الكراهية العنصرية او اعمال التحريض او ممارسة العنف ضد الشعب اليهودي
4.وتتمثل خطورة هذا القانون فيما يلي:
أ. انه يشمل العالم بأسره وليس مواطني الولايات المتحدة كما هو الحال في قانون جايسو الفرنسي او قانون معاداة السامية في النمسا، وبالتالي تعطي الولايات المتحدة الأمريكية لنفسها الحق في توزيع الاتهامات والعقوبات عبر دول العالم اجمع.
ب. ان هذا القانون يمنح اليهودية وضعاً استثنائيا ومتميزاً عن باقي الديانات.
ج. انه لا يوضح الخط الفاصل بين انتقاد السياسة الاسرائيلية وبين معاداة السامية ، الامر الذي يمكن ان يدخل اي انتقاد للجرائم الاسرائلية في الاراضي المحتله وغيرها من اراضي دول الوطن العربي في عداد جرائم معاداة السامية التي تستدعي العقاب.
د. يستخدم هذا القانون على الأغلب ضد الكتاب ورجال السياسة والدين والمثقفين عموماً والحركات المناهضة للإرهاب الإسرائيلي.
هـ قامت وزارة الخارجية الامريكية بموجب هذا القانون بتكليف بعثاتها العامله في السفارات او في هيئة المعونة الأمريكية في الدول المختلفة بعمل نوع من المراقبة والمتابعة على ما تنشره او ما تبثه وسائل الاعلام لرصد اية اعمال او كتابات تدخل ضمن المفهوم الأمريكي لمعادة السامية ، إضافة الى ضرورة قيام هذه البعثات بالتدخل قدر الامكان لمنع كتابة او نشر مثل هذه الاعمال وذلك من خلال الاتصال المباشر مع رؤساء التحرير والصحف والمؤسسات الاعلامية وعدد من الصحفيين والإعلاميين الذين يمكنهم التأثير في السياسة التحريرية للصحيفة او وسيلة الاعلام لمنع صدور اية اعمال او مقالات معادية للسامية.
و. يلزم هذا القانون الحكومة الأمريكية ان تستمر في دعم الجهود اللازمه لتقويض حركات العداء للسامية في انحاء العالم وذلك من خلال العلاقات الثنائية والتواصل مع المنظمات الدولية مثل منظمة الامن والتعاون في أوروبا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
5.يقوم كبار المسئولين الأمريكيين بموجب هذا القانون خلال زياراتهم للدول المختلفه بتقديم ملفات حول المواد الإعلامية التي تنشر او تبث عبر وسائل الاعلام مواد معاديه للساميه الى المسئولين في البلد الذي يقومون بزيارته مع تقديم احتجاج او التعبير عن غضب الحكومة الأمريكية من هذه الأعمال.
6.تستطيع الولايات المتحدة او الادعاء العام او المنظمات الصهيونية واليهودية او الافراد بموجب هذا القانون التقدم في اي بلد بشكوى ضد اي شخص او مؤسسة يقوم او تقوم بأي عمل يمكن ان يندرج ضمن مفهوم معاداة السامية ومقاضاته مع ما يتبع مثل هذه القضايا من إجراءات قد تصل الى إيقاع عقوبة السجن او غرامات مالية غالبا ما تكون كبيرة.
• العداء للسامية سلاح جاهز في أي وقت وضد أيٍ كان:-
يقول الكاتب الانجليزي الآن دير شاوتيز في كتابه الحاله الاسرائليه " ان اي موقف يعبر الخط من كلمه عادل الى كلمه مخطئ ضد اليهود يكون قد عبر الخط بين ان يكون هذا الموقف مقبولا او معاديا للسامية"
لما كانت الجماعات اليهوديه المنتشره في انحاء العالم تتسم بشدة تنظيم بنيانها وتماسكها وقوة نفوذها ، فقد انبثق عن تلك الجماعات افرع وتنظيمات تعمل في مجال رصد ما تعتبره اعمالا معاديه للساميه من اقوال وافعال ووقائع تستخدم للاثاره الاعلاميه مع دعوة عواصم دوليه وجهات بمسميات مختلفه للتعليق والادانه ، كما توظف هذه الوقائع على نطاق أوسع من خلال اثاره الشق القانوني ، ومن ثم التقدم بشكاوي قانونيه في عواصم دوليه تنتقى بدرجه عاليه من الدقه لحسابات كثيره من بينها النظام القانوني ونظام التقاضي وطبيعه العلاقات مع اسرئيل والتنظيمات اليهوديه .
ووفق حسابات دقيقه تتم عمليه تحريك الدعاوي وخدمتها عبر تحريك آلة الإعلام وتسليط الأضواء عليها ومخاطبة وسائل الإعلام وصناع القرار وأعضاء الهيئات التشريعيه في عواصم العالم الرئيسيه.
وهذا في الواقع يوضح مدى مقدرة المنظمات اليهوديه التي تستطيع عبر نفوذها وتغلغلها في العديد من المجتمعات الغربيه والمنظمات الدوليه ان تتبنى استرتيجيات محدده ومرسومه بدقه لتحويل معاداة الساميه الى جرم انساني يقترفه اي دوله اوشخص يحاول المساس باليهودية كحضارة او دوله او شخصيه ، حيث تبنت كما هو واضح استراتجيات اعلاميه وسياسيه واقتصاديه وثقافيه من اجل محاربه من يعادي اليهوديه والنيل منه بأي وسيله كانت .
على ان هذه الجماعات والمنظمات الى جانب الدوله اليهوديه والصهيونيه لم تتوقف عند مرحله التخطيط للسياسات والاستراتجيات في هذا المجال وانما انتقلت وبشكل قابل للتوسيع والتطوير الى مرحله التطبيق الفعلي لهذه السياسات حيث اقامت منتدى دولي لمكافحه معاداة الساميه اعلنت عنه اسرائيل في بداية عام 2001م وجاء في البيان الاعلاني لتأسيسه انه ياتي بسبب تفجر معاداة الساميه في الفترات الاخيرة في اوروبا ،ويضم هذا المنتدى ممثلين عن الحكومه الاسرائيليه واجهزة الاستخبارات والمنظمات اليهوديه بالاضافه الى جامعيين ، ويتولى نائب وزير الخارجيه الاسرائيلي مخائيل ملكيور مع النائب الليبرالي الكندي اروين كوتلر ونائب رئيس الوزاراء السويدي السابق بيير المارك الادارة المؤقته للجنه الدوليه في هذا المنتدى والتى تهدف بشكل رئيسي الى عولمة حملة مكافحه معاداة الساميه .
كما اعلنت اسرئيل ايضا عن انشاء ثلاثه مراكز في القدس ونيويورك وجنيف واعلن ملكيور في المؤتمر التأسيسي للمنتدى بان الاعضاء غير اليهود سيشكلون الاغلبيه في الادارة ، وذلك من اجل خلق جبهه اوسع لحمايه اليهود .
• حالات ملموسه :
بالرغم من عدم اتساع المجال هنا لعرض الحالات التي استخدم فيها اليهود سلاح معاداة الساميه ،الا انني سأكتفي ببعض الامثله والنماذج على الاجراءات التي يمكن ان تتخذها الولايات المتحده الامريكيه او المنظمات الصهيونيه واليهوديه ضد كل من يمس باليهود او اسرئيل او الصهيونيه ويمكن عرض ذلك من خلال ثلاث مستويات :-
1- على المستوى الدولي :- استطاع اليهود بعد قيام دوله اسرائيل في فلسطين استغلال معاداة الساميه في ابتزاز العديد من الدول الاوروبيه وغير الاوروبيه واتخاذ اجراءات صارمه ضد بعض المؤسسات والاشخاص فيها ومن هذه الدول :-
أ-المانيا:- حيث فرض عليها ان تدفع في ستينيات القرن الماضي (70مليون ) دولار سنويا ولمدة 21 عاما متتاليا تعويض عن الهولوكوست الذي قام به هتلر ضد اليهود .
كما نجح اليهود في المانيا ايضا بالضغط على مجلس النواب الالماني لطرد احد اعضائه بتهمة معاداة الساميه ، حيث اعلن تحالف الاتحاد المسيحي الديمقراطي الالماني في بداية شهر نوفمبر 2003 ان مجموعه المحافظين التى تضم هذا الحزب والاتحاد المسيحي الاجتماعي طردت النائب مارتن هومان بتهمة معاداة السامية ، ويعود سبب الطرد الى خطاب القاه النائب الالماني اعتبر معاديا للساميه .
وعلى المستوى الثقافي تم منع انعقاد مؤتمر عربي اسلامي كان مقرراً في بدايه اكتوبر 2004 في برلين حيث دعا مركز سيمون فيزنتال الحكومه الالمانيه الى منع انعقاده معتبرا انه ( سوق محتمل لتجنيد شبان أوروبيين للإرهاب ) واكد المركز الناشط في مكافحه معاداة الساميه والمتخصص بمطاردة النازيين المتهمين بارتكاب جرائم حرب ان (المؤتمر العربي الاسلامي الاول في اوروبا ) ليس لقاء بريئا بل برنامج سياسي للتيار الجهادي المتشدد وسوق محتمل لتجنيد شبان أوروبيين للإرهاب .
ب-فرنسا :- لم تنج فرنسا هي الاخرى من هذه التهمة اذ تعتبر فرنسا من اكثر الدول الاوروبيه التي تطال فيها تهمة معاداة السامية الكثير من المثقفين والفنانين والشخصيات السياسيه والعامه ، لا سيما وان معاداة السامية قد اصبحت سلاحاً فتاكاً ضد حرية التفكير وحرية التعبير وحتى حرية البحث العلمي والتحقيق التاريخي حيث منعت أبحاث العديد من العلماء ، فقد أصبح انتقاد إسرائيل والتهجم على المشروع الصهيوني كفكرة وممارسه يوازي الانتقاد والتهجم على اليهود وبالتالي هو عمل يساوي معاداة السامية ، الأمر الذي بات يؤرق الكثير من النخب الفرنسيه وتحديدا المعسكر المساند للقضيه الفلسطينيه في فرنسا، اذ أصبح من السهل ان يقع تحويل وجهه اي انتقاد الى السياسات الاسرائيليه وابرازه كعمل معاد للساميه .
فقد طالت قائمه المتهمين بالعداء للسامية في فرنسا كل من المفكر السويسري ذو الأصول العربية طارق رمضان بعد كتابته لمقال ينتقد فيه دعم مثقفين يهود فرنسين للسياسه الاسرائيليه ، والممثل الهزلي الفرنسي ديدوني مبالا بسبب تلفظه بعبارات من قبيل ( الحلف الأمريكي الصهيوني وكلمه "هاي إسرائيل " في حلقه تلفزيونيه مباشره) ، وقد الغيت العديد من عروض ديدوني في العديد من المدن الفرنسيه بسبب هذه التهمة .
وتطارد نفس التهمة ( معاداة الساميه ) رئيس حزب مسلمي فرنسا محمد الناصر الاطرش الذي تهجم خلال مظاهره مناصره للحجاب في باريس على إسرائيل والصهيونية قائلا " ان اليهود يمتلكون كل شي بينما لايملك المسلمون شيئا في فرنسا " .
ومن ابراز الكتاب والمفكرين الذين حوكموا بهذه التهمة روجيه جارودي بسبب مقال نشره في صحيفه اللوموند الفرنسيه بتاريخ 17 /يونيو / 1982م انتقد فيه اجتياح اسرائيل لجنوب لبنان ، وكذلك بسبب كتابه " الاساطير المؤسسه للسياسه الاسرائيليه " الذي أنكر فيه المحارق النازيه لليهود في المانيا .
وكذلك المفكر الفرنسي باسكال يونيفاس الذي طرد من منصبه لانه انتقد اسرائيل في كتابه " هل مسموح انتقاد اسرائيل "ووصفه اياها بالدوله المحتله، كما اتهم ميشال لولون ومدير صحيفه اللوموند الفرنسيه وحوكما بنفس تهمة معاداة الساميه بسبب مهاجمتهما الاعلام الغربي لمجاملته لدوله اسرائيل .
ج-بريطانيا:- ولعل المثال الابرز في بريطانيا الذي يتعين ايراده هنا هو حينما قامت محطه تلفزيون "بي بي سي" وهي محطه تعليميه ثقافيه تتمتع بحريه واسعه لانها تمول عن طريق التبرعات وليس عن طريق الاعلانات ، بتغطيه احداث الصراع العربي الاسرئيلي بقدر عالٍ من الموضوعيه اتهمتها الجماعات الصهيونيه بمعاداة الساميه .
د-الولايات المتحده الاميركيه :- وفي هذا البلد كان اول انجاز حققته جماعات اللوبي الصهيوني هو تمكنها من اغلاق مقر مركز زايد للتنسيق والمتابعه في الولايات المتحده الاميريكه في 27/اغسطس/ 2003 بعد ان وجهت اليه تهمة معاداة الساميه بحجه استضافته شخصيات امريكيه وعالميه وإصداره دراسات تحث على معاداة اليهود ، كما وجه الاتهام نفسه الى شركه امازون وهي من اشهر شركات بيع الكتب على مستوى العالم ، عندما ادرجت كتاب بروتوكولات حكماء صهيون ضمن الكتب التى تقوم بتسويقها ، ولم يتوقف سلاح معاداة الساميه على الاشخاص والدول بل تعدى ذلك الى الشبكه الدوليه للمعلومات لمجرد انك تبحث عن معنى كلمه (Jew) على موقع جوجل فقد كانت اول نتيجه تظهر لك من (1810000) نتيجه هو راقب اليهود www.jewwatch.com وهو موقع يوثق تاريخيا لجرائم اليهود واكاذيبهم ومؤامراتهم غير القانونيه ، اما الان فاول نتيجه ستظهر لك هو اعتذار رسمي من الموقع عن نتائج البحث بعد ان رضخ لمطالب الجماعات الصهيونيه .
هـ-ماليزيا :- وهنا تقفز الى الذهن الحمله الاعلاميه والسياسيه المركزه التى قامت بها منظمات يهودية ضد رئيس الحكومة الماليزي السابق مهاتير محمد الذي أكد بان اليهود يتحكمون في كل شي ويقومون بالضغط على الدول وبتسيير سياسات الكثير من الدول وهو ما اغضب اسرائيل واليهود الذين وصفوه بمعاداة الساميه .
2-على المستوى الاقليمي :- استخدم الاسرائيليون سلاح معاداة السامية للتعتيم على جرائم اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني ووصل الخطاب الاسرائيلي الى قمه استخفافه حين اعلن ان نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال تعبير عن ظاهره معاداة السامية .
ولم يفلت الرئيس السوري بشار الأسد من نفس التهمه اذ تعرض لحمله اعلاميه وسياسيه واسعه في أوروبا وأمريكا وفي دول اخرى نتيجه لتصريحات كان ادلى بها قبل سنتين حول اليهود لدرجه ان جماعات يهوديه في فرنسا رفعت دعوى قضائيه ضده وطالبت بمحاكمته اثناء زياره قام بها مؤخراً لفرنسا ، كما تلاحق تهمه معاداة الساميه ايضا قناة المنار التابعه لحزب الله اللبناني التي منع بثها من على التراب الفرنسي بمقتضى تعديل قانون البث السمعي والبصري الفرنسي بسبب اتهام القناة بمعاداة الساميه لحربها الاعلاميه على اسرائيل وبثها مسلسل الشتات الذي احتجت على بثه المنظمات اليهوديه في العالم ، على ان الاغرب من ذلك هو وضع قناه تلفزيون المنار ضمن القائمه الامريكيه للمنظمات الارهابيه.
وفي مصر ادت الضغوط اليهوديه على مصر حينما عرضت مكتبة الاسكندريه كتاب بروتوكولات حكماء صهيون ضمن معرض للكتب الى تقديم اعتذار عن عرض هذا الكتاب واكد رئيس مكتبة الاسكندريه وقتها ان ذلك تم عن طريق الخطا مشيرا الى سحب الكتاب ومعبرا في نفس الوقت عن موقفه المناهض لما يحتويه هذا الكتاب من أفكار مغلوطة عن اليهود .
كما تعرض الاستاذ ابراهيم نافع رئيس مجلس ادارة ورئيس تحرير صحيفة الاهرام لرفع دعوى قضائية ضده من منظمة صهيونية تدعى (Middle East Media Research Institute)
عبر فرع لها في فرنسا اثر نشر مقال في صحيفة الاهرام للكاتب (عادل حموده) بعنوان (فطيره يهوديه من دم العرب) تحدث فيه عن احد الاعياد اليهودية الذي يصنع فيه الكعك الممزوج بدماء الاطفال المسلمين حسب ادعاء الكاتب، واستشهد الكاتب ببعض الوقائع التي حدثت في فلسطين حول تصفية دماء اطفال بعد قتلهم.
وبعد مراسلات بين فرنسا ومصر وافق القضاء الفرنسي على انابة القضاء المصري بأخذ اقوال ابراهيم نافع على ان يتم استكمال اجراءات القضية امام القضاء الفرنسي وهي لا زالت جاريه حتى الان.
وعلى صعيد آخر قام الكاتب د.رفعت سيد احمد بنشر مقال في صحيفة اللواء الاسلامي المصرية تحت عنوان (اكذوبة احراق اليهود) احتجت على اثر نشره الولايات المتحده واسرائيل والمنظمات الصهيونية واليهودية، مما اضطر الحكومة المصرية تجنباً لرفع دعوى الى تقديم اعتذار مكتوب عبر وزير الاعلام المصري نشر على الصفحه الاولى في نفس الصحيفه، كما تمت اقالة رئيس التحرير ومنع الكاتب من الكتابة في الصحف .
3-على المستوى المحلي :- ففيما يتعلق بالاردن انتقد التقرير السنوي الصادر عن مكتب الديمقراطية وحقوق الانسان والعمل بوزارة الخارجية الامريكية نشر بعض مقالات الرأي والرسوم الكاريكاتيرية ألمعاديه للسامية في بعض المطبوعات الأردنية دون ذكرها بالاسم، والتي حسب ادعاء التقرير قدمت صورا شيطانية لليهود والقادة الاسرائيليين وشبهتهم في بعض الرسوم بهتلر دون وجود اي رد فعل من قبل الحكومة.
بعد هذا الاستعراض لكل ما يتعلق بمساله معاداة الساميه من سياقات ودوافع وتداعيات ، يمكن القول بان هذه القضيه تنطوي على جانبين اساسيين احدهما سلبي والآخر ايجابي .
وتكمن خطوره الجانب السلبي في الاثار القانونيه والسياسيه والفكريه وربما الماليه لهذا القانون ، فيما يتجلى الجانب الايجابي في ان هذه القضيه بما فيها من قوانين ومخاطر تحيط بالكتاب والمفكرين ورجال السياسه وقادة الرأي العام في العالم العربي والاسلامي يمكن اعتبارها بمثابة دعوة لاستفزاز العقل من اجل مراجعة واعادة صياغة الخطاب والفكر والحركه العربيه تجاه الآخر وفي كل ما يتعلق بأساليب الدفاع عن قضايا ألامه سواء على مستوى الخطاب والفكر اوعلى مستوى الحركه .
وهذا في الواقع يدفعنا لطرح التساؤلات التاليه :-
ما العمل ؟ كيف يمكن للعرب تجنب الوقوع في مازق هذه القوانين ؟ وكيف يمكن لنا كذلك إعادة صياغة الخطاب والفكر العربي وتغيير أساليب الحركة في مواجهه الآخر من جانب وفي طرح والدفاع عن قضايا ألامه من جانب آخر؟
وفي الواقع ان طريقه الاداء العربيه لم تتغير حتى بعد ان تبلورت ملامح متكامله لمنظمات صهيونيه تعمل على تقديم صوره سلبيه للعرب ، وقد اغرى ذلك هذه المنظمات كي تواصل العمل المنظم والممنهج من اجل تشويه صورة العرب ودورهم ، بل وقلب الحقائق ، وعلى الرغم من تزايد حدة وشراسه الهجوم من قبل المنظمات الصهيونيه لاسيما بعد وقوع احداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 م ، الا ان العرب لم يبادرو باي فعل إيجابي لمواجهة هذه الحملات آو تصحيح صورتهم ،وغاية ما قاموا به تمثل في كتابات و تصريحات دفاعية ضعيفة الحجه و المنطق و باللغة العربية موجهة إلى الرأي العام العربي.
بل انني ازعم أن غياب العرب عن ساحة هذا النوع من العمل قد أغرى المنظمات الصهيونية على المغالاة في تزييف الحقائق و قلبها في أحيان كثيرة و الإفراط في إشهار سلاح معاداة السامية في وجه العرب كشعب، حيث عملت هذه المنظمات جاهدة على اصطياد كلمة من هنا و أخرى من هناك ،مع توظيف سقطات بعض الكتاب من أصحاب الأساليب غير الموفقة في عرض القضايا ،كي تشهر سلاح معاداة السامية في عدد من رموز العرب و المسلمين الفكرية و الثقافية و حتى السياسية.
و في هذا يقول أحد الكتاب البريطانيين (بريان وايتكر) Brian Whitaker ليس من الصعب على العرب أن يقوموا بمواجهة مثل هذه التحديات فمن المؤكد أن ذلك في متناول أيديهم ،ولكنهم كالعاده يفضلون الجلوس و الشكوى من مكائد المخابرات الإسرائيلية.
وهنا اسمحوا لي أن أحاول تقديم إجاباتي على التساؤلات السابقة:ما العمل ؟ في الواقع انه يمكن عمل الكثير ،على أن أول شيء يجب عمله هو محاولة إعادة صياغة الخطاب و التفكير العربي ،فعلى سبيل المثال أي الأمرين يخدم القضايا العربية و مواجهة الدهاء الصهيوني ضد العرب و المسلمين؟ الانشغال بتنفيذ صحة آم عدم صحة عدد من ماتوا في الهولوكوست !!! آم إبراز صورة من الصور الكثيرة للعنصرية الإسرائيلية واليهودية ضد العرب و المسلمين و حتى ضد الدول التي تدين سياسات إسرائيل الوحشية ضد الفلسطيني ومنها على سبيل المثال:
1- عندما توفي 244 حاجا مسلما نتيجة للتزاحم أثناء أداء شعائر الحج كانت ردود الأفعال على هذا الخبر في المواقع الإلكترونية العبرية على النحو التالي:
- إن موت المزيد من الحشرات لا يعد خسارة كيلا تتكاثر
- ليتهم في المرة القادمة يكونوا 244 مليون.
- على كل الأحوال هم حيوانات مفترسة لا يحق لها الحياة0
- كل كلب بيجي يومه 0
- هذا يشبه دهس حشرات مخدرة .
- هل هذا يشكل فارقا بالنسبة لاحد.
2-عندما أدانت فرنسا ما وصفته "بالغزو الإسرائيلي لقطاع غزه" كانت ردود الإسرائيليين على موقعwww.yhet.co على النحو التالي:
- الفرنسيين هم حثالة الشعب
- ليتهم يفلحون في تفجير برج ايفل....أتمنى أن يتم تفجير كل الفرنسيين.
- يجب ان تمحى فرنسا العنصرية من على وجه الأرض و على رأسها الرئيس شيراك
- الفرنسيون هم أساس كل خطيئة.
3-عند انتشار خبر مصرع 148 شخص في حادث تحطم طائره مصرية فوق البحر الأحمر كان من بينهم 135سائح فرنسي أضافه إلى طاقم الطائرة وعددهم13، كانت ردود الفعل اليهودية على موقع www.walla.com على النحو التالي:
- هذا ما يصنعه الرب مع أعداء اليهود
- الناس يموتون و اليهود يقفزون من السعادة-شعب مختار جميل.
- من أعماق قلبي أقول هذا ما يستحقونه-ليذهب كل العرب و الفرنسيين
- هكذا عندما يسافرون في طائرة عربيه ...ليذهبوا إلى العال.
4- عندما دعت الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل أن تكف عن قتل المدنيين كانت ردود اليهود على موقعwww.walla.com على النحو التالي:
- من هم حتى يتدخلوا في سياستنا عليهم أن يهتموا بما يفعلون في العراق ونحن سنقضي على غزه تماما.
- هل الولايات المتحدة تتظاهر بالعدالة – لماذا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل يهبون دائما للدعوه إلى ضبط النفس و التوقف عن قتل الأبرياء .
- على الولايات المتحدة و أوروبا أن لا تتدخلا فيما لا يخصهما.
بعد كل هذا أليس من الأفضل لنا آن نهتم اكثر بإبراز صور العنصرية الإسرائيلية الكريهة أمام الرأي العام العالمي والتي تعج بها المواقع الإلكترونية و الصحف و المجلات العبرية..... اعتقد انه من الأفضل كشف معاداة السامية الحقيقية ضد العرب وغير العرب من الامم والشعوب الاخرى في المطبوعات ووسائل الإعلام و الاتصال اليهودية في العالم .
و بالإضافة لما سبق يمكن للعرب في مواجهة هذه القضية القيام بما يلي :
1- الدفع بكل اتجاه من اجل زيادة الوعي العالمي بقضايانا العربية و الإسلامية بالصور و الأرقام والوقائع والكلمة الرصينة والموضوعية، ويمكن تنفيذ ذلك من خلال مراكز الدراسات و المؤسسات الفكرية و الإعلامية العربية والغربية.
2- التركيز على مخاطبة مراكز صنع القرار في عواصم الدول الكبرى كأن تهتم بطلب جلسات استماع في الكونجرس و في مجلس الشيوخ الأمريكي، وفي مختلف مجالس النواب في الدول الاوروبية.
3- زيادة التواصل مع الجاليات و مراكز الدراسات و المؤسسات و المنظمات العربية و الإسلامية وخصوصاً الفاعله منها في الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا وامدادهم بكل ما يحتاجونه من دعم مادي و معنوي و معلوماتي من اجل مواصلة الدفاع عن قضايا الأمة .
4- الاهتمام اكثر بمأسسة العمل عربيا ضد المكائد اليهودية و الصهيونية التي تحاك للعرب و المسلمين بشكل مستمر .
5- تكاتف الدول العربية و الإسلامية بعد توافر الإرادة السياسية في مواجهة مثل هذه القوانين الجائرة (قوانين معاداة السامية ) لانه لا يمكن لدوله عربية أو إسلامية منفردة أن تقف في وجه هذه القوانين و تمنع صدورها أو تلغيها بينما إذا تمت مواجهتها بشكل جماعي و كتله واحدة اعتقد انه بإمكاننا أن نحقق شيء في هذا المجال.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته