تأثير العولمة وتكنولوجيا الاتصال والإعلام في العلاقات الدولية

01/11/2006

مركز الرأي للدراسات

اعداد : د. خالد الشقران

11/2006

تعتبر العولمة من اهم الظواهر التي جاءت لتفرض نفسها وتلقي بثقلها على المجتمع الدولي في سياق تطور ما بعد الحرب الباردة ضمن منظومة المفاهيم الغربية التي اخذت بالانتشار بعد انهيار المعسكر الاشتراكي والنظام الثنائي القطبية والتي من اهمها مفاهيم النظام العالمي الجديد والاحادية القطبية المهيمنه ونهاية التاريخ وصراع الحضارات.

وقد اخذت العولمة كظاهرة متعددة الجوانب والابعاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا واعلاميا منذ بداية ظهورها على ارض الواقع تستحوذ على اهتمام الدول والمنظمات الدولية والهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والشركات المختلفة لما كان لها من تأثير كبير على مختلف جوانب الحياة الانسانية، خاصة وانها جعلت المجتمعات والدول تواجه تحديات وتغيرات هيكلية متسارعة في البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وقد ترافقت العولمة مع مجموعة من التطورات الهامة على مختلف الاصعدة العلمية والتقنية والتكنولوجية وخاصة ما يتعلق منها بتكنولوجيا وسائل الاعلام والاتصال والاستشعار عن بعد، والتي قادت الى تحولات جذرية في مجمل التفاعلات الانسانية وفي مسائل انتقال السلع والبشر والخدمات والبضائع ورؤس الأموال وفي قضايا الاعتماد المتبادل وفتح الأسواق والمنافسه الحرة وفي السياسة الدولية وفي العلاقات ما بين مختلف الفاعلين على الساحة الدولية .

وعليه تنحصر مشكلة الدراسة في محاولة البحث عن التأثيرات التي أحدثتها العولمة وتكنولوجيا الاتصال والإعلام في العلاقات الدولية ، لا سيما وان العلاقات الدولية قد شهدت كثيرا من عمليات الاندماج والتفكيك، وتزايدا في عدد الفاعلين الدوليين حيث لم تعد الدول هي الفاعل الوحيد والرئيس على الساحة الدولية، اضافة الى ما احدثته ثورة المعلومات من تأثير في طبيعة وشكل هذه العلاقات وتطورها وعلاقة ذلك كله بتزايد الاهتمام العالمي بما اصطلح على تسميته بالمشكلات الإنسانية المشتركة.

* مدير وحدة الدرسات والبحوث – مركز الرأي للدراسات

وقد تناولت الدراسة تأثير العولمة وتكنولوجيا الاتصال والإعلام على شكل وطبيعة العلاقات الدولية من خلال التركيز على ثلاثة محاور أو نقاط أساسية هي :

- وضع الدولة والفاعلين الدوليين

- المشكلات الانسانية المشتركة ومسألة التدخل في شؤون الدول

- العولمة ومسألة الاندماج والتفكيك

تعريف وماهية العولمة :

وقبل الدخول في موضوع الدراسة لا بد من تعريف العولمة حيث يعرفها البعض بأنها "التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة او انتماء لوطن محدد او لدولة معينة ودون حاجة الى اجراءات حكومية" (1) وعرفت بأنها اندماج كبير في النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بين الاسواق والشعوب والأمم والدول والتكنولوجيا (2)، كما نظر اليها البعض الآخر بأنها نظام عالمي او نسق ذو ابعاد تتجاوز دائرة الاقتصاد, يشمل مجال المال والتسويق والمبادلات والاتصال كما يشمل مجال السياسة والفكر والايديولوجيا (3).

وبناء على ما سبق فان مفهوم العولمة يشير بشكله العام الى تلك العملية التي تحمل في طياتها جانبين مهمين احدهما موضوعي ويتعلق بما ادت اليه التراكمات المعرفية والتطورات العلمية والتكنولوجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الكامنة فيها من تزايد في التفاعلات في مختلف المجالات الانسانية, سواء فيما بين الفاعلين الدوليين ام فيما بين الامم والشعوب, والى حد ما سهولة انتقال السلع والخدمات والتجارة ورؤوس الاموال والناس والثقافة والأفكار والقيم بغض النظر عن الحدود القائمة بين الدول, وثانيهما أيديولوجي ويتعلق بمحاولات بعض القوى فرض سيطرتها على المستوى الإعلامي من خلال توجيه ذلك الجانب الموضوعي لخدمة مصالحها وتحقيق أهدافها.

وبالرغم مما كتب عن نشأة وتطور العولمة في مختلف الحقول المعرفية، الا ان العولمة تعتبر من المسائل المعقدة المتشابكة التي يصعب معها الوصول بسهولة الى اصل ثابت واضح ومراحل تطور محددة المعالم, حيث نجد ان الأدبيات المتوافرة حول هذا الموضوع تثير كثيراً من التساؤلات التي تتراوح ما بين الحديث عن نسبة نشأتها الى حقل الاقتصاد مروراً بربطها بالتطور التكنولوجي وثورة المعلومات, اضافة الى وصفها بأنها مرحلة من مراحل تطور الرأسمالية الى ان يصل الحديث عن كون هذه الظاهرة نشأت كفكرة مرتبطة بالهيمنة والامركة وتطورها واستمراريتها وادواتها .

ويمكن تصنيف ما ذكر حول اصول ونشأة وتطور العولمة الى ثلاثة اتجاهات رئيسة رأى اولها ان نشأة العولمة اقترنت بالتطور التكنولوجي وثورة الاتصالات والمعلومات والثورة الصناعية والتجارية اضافة الى ارتباطها بظروف واجواء وافرازات انتهاء الحرب الباردة (4).

ويرى اصحاب التيار الثاني ان العولمة ليست نتاجاً تاريخياً طبيعياً آلياً ومحتوماً للتقدم التكنولوجي الإبداعي الذي واكب حياة البشرية قديماً وحديثا،ً بل هي خيار سياسي لبديل معين من البدائل التنموية والمجتمعية والحضارية الممكنة, بمعنى ان العولمة هنا خيار سياسي وليست حتمية تاريخية, وان حلول النظام الرأسمالي الليبرالي الجديد انما هو قرار ارادي قابل للتعديل والتغيير بل وللنقض اذا ما اخفق ذلك الخيار في تحقيق المهمة التي وجدت من اجلها العولمة.

ويضيف اصحاب هذا التيار انه حتى وان كانت العولمة قد جاءت نتيجة لتطور تاريخي طبيعي فهل يتطور التاريخ من تلقاء ذاته ام ان هناك من يصنعه?! انه مثلما تحكم الاقوياء في صنع التاريخ الماضي بما فيه من تقدم علمي وتكنولوجي, فسادت ثقافتهم السياسية ومفاهيمهم الاقتصادية والايديولوجية, يتحكم الاقوياء اليوم بسيادة هذه القيم والافكار والسلوكيات, ولكن الاختلاف هنا ان التاريخ كانت تصنعه دولة او اكثر بنسب مختلفة, حسب ما لدى كل من هذه الدول من قدرات ومؤسسات اقتصادية, وعسكرية واعلامية وثقافية متنوعة, وليس العالم بأجمعه كما يوحي به مفهوم العولمة وبالتالي فان العولمة هي ثمار تمدد الدولة القوية (5).

بينما عبر اصحاب التيار الثالث عن رؤيتهم لنشأة وتطور العولمة بصورة تعكس مرونة وتفاؤلاً اكبر مما قدمه التياران السابقان حيث اعتقدوا ان العولمة قد جاءت كنتيجة لسلسلة من التطورات التاريخية التي مر بها النظام الرأسمالي, وبالتالي فهي ليست نتاج السنوات التي ازدهر فيها مفهوم العولمة وذاع وانتشر, وانما يعود اصلها الى بداية نمو المجتمعات القومية في القرن الخامس عشر مروراً بمراحل مختلفة من التطورات السياسية والاقتصادية والثقافية والتقنية والصناعية وصولاً الى محاولات ادماج العالم الثالث في المجتمع العالمي وتصاعد الوعي الكوني, وتعميق قيم ما بعد المادية, ونهاية الحرب الباردة, وزيادة المؤسسات الكونية والحركات العالمية, وظهور حركات الحقوق المدنية, وانتهاء نظام الثنائية القطبية وزيادة الاهتمام بالمجتمع المدني العالمي المواطنة, وتدعيم نظام الإعلام الكوني (6).

وبرغم توكيد بعض أصحاب هذا الرأي على أن بروز العولمة كان في الأساس في مجال الاقتصاد, إلا ان العامل الاساسي - حسب رأيهم - في تدعيم ظهوره هو التقدم العلمي والتكنولوجي الذي كان بمثابة نقلة نوعية جديدة لتطور الرأسمالية العالمية, الامر الذي يحدد طابعها الموضوعي, ويفرض ضرورة التعامل معها بمنهج موضوعي ايضاً, وبهدف تكييف آثارها لصالح التقدم الانساني الواسع, وليس لمصلحة فئة محدودة من اصحاب الشركات متعددة الجنسية (7).

ورغم اعتقاد أصحاب هذا التيار بأن ظهور العولمة كان في مجال الاقتصاد, إلا أنهم لا ينظرون إليها باعتبارها نظاماً اقتصادياً خالصاً وانما تمتد الى مجالات الحياة المختلفة سواء السياسية ام الاعلامية ام الثقافية ام الفكرية, ذلك ان النمو الرأسمالي برأيهم يستلزم وجود اسواق حرة قدر ما يستلزم ايضاً وجود انظمة سياسية وشكلاً معيناً من اشكال الحكم, كما ان تعدد مراكز القوة الاقتصادية استلزم بدوره تعدداً في مراكز القوة السياسية, كما اوجد بدائل وتعددية في القوى على مستوى السلطة وتداولها وتعدد وتنوع مراكز القوى والنفوذ في المجتمع, ومنع تركيز الثروة في يد الدولة, وتحقيق درجة مهمة من اللامركزية وغيرها (8).

وحسب هذا التيار فان بروز العولمة في كنف النظام الرأسمالي لا يدل على ترابط شديد بينهما بقدر ما يشير الى حالة انفصال وجدت العولمة نفسها فيها بعد وفاة دولة ومعسكر علاقات الانتاج الاشتراكية، كان له اثر في ترك العولمة لصالح الرأسمالية العالمية المعاصرة, ومن هنا, فانه وان كان صحيحاً ان الرأسمالية هي التي شقت طريق العولمة لأول مرة, الا ان هذا الطريق متاح لمن يريد ان يبنيه لنفسه, فالعولمة ظاهرة موضوعية حيادية كالتقدم التكنولوجي كلاهما غير مرتبط عضوياً بنظام اقتصادي معين, اما النظام الذي يستبق غيره في صنعها او التأقلم معها فهو النظام الاكثر تفاعلاً مع حركة التاريخ وروح العصر, والاكثر قدرة على المرونة والتكيف, وبالتالي الاوفر حظاً في جني الارباح والفوائد, واذا كانت الرأسمالية العالمية نسجت العولمة وخططت هياكلها, فذلك لأنها النظام العالمي الذي لم يزل يكتنز المزيد من الطاقات القادرة على التجديد والتغيير والتكيف (9).

ويعتقد الباحث في هذا المجال أن العولمة التي يمكن ارجاع عمق جذورها التاريخية الى نهاية الحرب العالمية الثانية وبدايات الحديث عن تنظيم عمليات التجارة الدولية واتفاقية الجات من جانب والى التقدم التكنولوجي وثورة المعلومات من جانب آخر, هي في الواقع محصلة لخليط من العوامل والتطورات المختلفة, اذ يمكن رد بعض جوانبها الى التقدم العلمي والتكنولوجي والمعلوماتي والتطور الاقتصادي, ورد بعض جوانبها الاخرى الى التغييرات والتحولات في النظام الدولي, ورد بعض جوانبها كذلك الى اعمال قصدية من قبل بعض الدول الكبرى والشركات متعددة الجنسية.

على ان ثمة ثلاثة مستويات يمكن الحديث عنها عند وصف عملية العولمة الفعلية التي تجري على ارض الواقع هي:

المستوى الأول: تزايد في سرعة انتقال مفردات عديدة في الحياة الدولية مثل البضائع والخدمات, رؤوس الأموال, البشر, الأخبار, المعلومات والصور ..)

المستوى الثاني: بروز شبكات تفاعل عالمية: كالتفاعل ما بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني, والشركات متعدية الجنسية وغيرها ..

المستوى الثالث: ظهور ما يمكن تسميته نسبياً بالنظم العالمية سواء كالنظام العالمي الجديد والنظام المالي العالمي ونظام الطاقة النووية العالمي والنظام الاقتصادي العالمي .. الخ.

واياً كانت الفترة التي ظهرت فيها العولمة وبالرغم مما تناولته الدراسات المختلفة حول العولمة وتأثيرها على حركة ووظائف ومهام الدولة فان ما يهمنا في هذه الدراسة هو تأثير العولمة وعناصرها وآلياتها وما رافقها من تطور في تكنولوجيا الاتصال والاعلام على العلاقات الدولية وهذا ما سنتناوله تباعاً.

أولا: الدولة والفاعلون الدوليون:

كان ينظر دارسو العلاقات الدولية في مرحلة ما قبل العولمة للتفاعلات الدولية على انها محصلة علاقات بين دول او بين حكومات في المقام الاول اي علاقات رسمية وذات طابع عام. اما التفاعلات الاخرى بين الافراد والمجتمعات والتنظيمات والمنظمات العابرة للحدود والحواجز الجغرافية فلم يكن يتم الاكتراث لها, بل كانت تعتبر ثانوية وغير مؤثرة(10).

ولكن مع ظهور العولمة والتقدم العلمي والتكنولوجي وبخاصة في مجال تكنولوجيا الاتصال وانفتاح الاعلام بغض النظر عن الحواجز الزمانية والمكانية وثورة المعلومات وغدو العالم الى اشبه ما يكون بقرية صغيرة يتأثر سكانها ببعضهم ويتواصلون بسرعة فائقة, بدأ يظهر تأثير اكبر لأشكال جديدة من الفاعلين الدوليين مثل الشركات الدولية العملاقة (الشركات متعدية الجنسية والمنظمات الدولية - الحكومية منها وغير الحكومية) واصبح دور هؤلاء الفاعلين الجدد وتأثيرهم على مجمل التفاعلات الدولية لا يقل اهمية وخطورة عن دور الحكومات وتأثيرها, حتى انه اصبح للمبادرات الفردية والخاصة وتحركات الافراد والجماعات العابرة للحدود دور فاعل ومؤثر على نحو متزايد في التفاعلات الدولية (11).

وامام هذا الوضع الجديد اصبح معظم الدارسين للعلاقات الدولية يجمعون على ان هذه العلاقات لم تعد تقتصر او لا يجب ان تقتصر على العلاقة الرسمية بين الحكومات, وانما يجب ان تمتد لتشمل العلاقة بين كافة الفاعلين الدوليين، وانها ايضاً لا تقتصر او يجب ان لا تقتصر على دراسة الجوانب والابعاد السياسية, وانما يتعين ان تمتد لتشمل كافة الجوانب الاخرى الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بمعنى ان النظرة السوسيولوجية لعلم العلاقات الدولية ترى ان موضوع الحقل البحثي يجب ان ينصب على دراسة كافة التفاعلات والتدفقات العابرة للحدود اياً كان مصدرها - سواء أكان حكومياً ام غير حكومي واياً كان شكلها (سياسية كانت ام غير سياسية).

وقد احالت هذه العملية حقل العلاقات الدولية - كما يقول استاذ العلاقات الدولية مارسيل ميرل - الى حقل بحثي شديد الاتساع ومتعدد المناهج بطبيعته (12), الامر الذي اقتضى ضرورة تنبه الباحثين المختصين في العلوم السياسية الى امرين عند دراستهم للموضوعات التي تدخل في صلب العلاقات السياسية الدولية وهما: ضرورة الالمام بالحد الادنى من المعرفة في مجالات العلوم الاجتماعية والانسانية الاخرى, وكذلك ضرورة الاهتمام بتتبع انشطة الفاعلين الدوليين من غير الحكومات من منطق ان ذلك ضرورة لفهم طبيعة النظام الدولي ككل, وللوقوف على ما يطرأ على بنية هذا النظام من تحولات عميقة, وسريعة ومتواصلة.

لكن السؤال الذي يظل مطروحاً في هذا المجال هو من هم هؤلاء الفاعلون وكيف اسهمت العولمة وتكنولوجيا الاتصال والاعلام في زيادة تأثيرهم في التفاعلات الدولية?

في واقع الامر, لو بدأنا بمفهوم الفاعلين الدوليين لوجدنا انه اخذ بالاتساع في ظل العولمة حتى اصبح يقصد به "كل الوحدات التي تسهم بأنشطتها في التأثير على اوجه الحياة الدولية سواء أكان اشخاصاً طبيعية او معنوية تنتمي الى القطاع العام او الخاص وتمارس ادوارها الدولية بصفتها الفردية والجماعية" (13).

واذا ما تجاوزنا الحديث عن الدولة باعتبارها لا زالت حتى في عصر العولمة الفاعل الأكثر تأثيراً على الساحة الدولية فان بقية الفاعلين لا يمكن النظر الى مسألة حداثة او قدم وجودهم على الساحة الدولية بقدر ما ينبغي التركيز على زيادة تأثيرهم في سير وتفاعلات السياسة الدولية في عصر العولمة وما تبعها من تطور في تكنولوجيا الاتصال والاعلام.

وفي هذا الخصوص يرى جيمس روزيناو, ان التغيرات العالمية انهت مرحلة مركزية الدولة في السياسة العالمية وادت الى تقسيم العالم الى وحدتين منفصلتين ومتجانستين: فالى جانب العالم التقليدي الذي كانت فيه اليد العليا للدولة, نشأ عالم آخر متعدد المراكز له سياسات وقواعد خاصة به يطلق على الفاعلين فيه مسمى "فاعلون متحررون من السيادة" واهمهم الشركات متعدية الجنسية والاقليات الاثنية والجماعات المهنية والمنظمات غير الحكومية والأحزاب السياسية عابرة الحدود وغيرهم, على ان هؤلاء الفاعلين قد يتعاونون او يتنافسون مع الدول (14).

وهذا ما دفع البعض الى القول ان مصطلح العلاقات او السياسات الدولية لم يعد ملائماً لوصف الحقل, حيث كان يهتم بالأساس بالعلاقات بين الدول, وفي ضوء تراجع دور الدولة النسبي كفاعل وبروز فاعلين جدد تزايد وزنهم النسبي في السياسة العالمية فقد تم اقتراح مصطلح السياسات العالمية او ما بعد الدولية بوصفها اكثر ملاءمة للحقل.

ويمكن الحديث عن الفاعلين الدوليين من غير الدول عبر التقسيم التالي:

1- الشركات متعدية الجنسية: وهي الشركات التي تتعدى في نشاطاتها واعمالها الجنسيات والحدود القومية للدول ذات السيادة (15). ونتيجة لما تتمتع به هذه الشركات من قوة اقتصادية ومالية وسياسية سواء بذاتها او من خلال الدول الكبرى الداعمة لها باتت تمارس المزيد من الضغوط على الحكومات وبخاصة في العالم الثالث والتأثير على سياساتها وقراراتها, ناهيك عن ان هذه الشركات اصبحت بما تملكه من قدرة على نقل فروعها من دولة الى اخرى تمثل في كثير من الاحيان دور الشرطي الذي يؤمن التزام الدولة المضيفة لها بمعايير اداء مقننة في سياساتها الاقتصادية وحتى في تفاعلاتها على المستوى الدولي (16).

ولعل ما يزيد في قوة هذه الشركات - كما اشرنا - هو ان الدول الرأسمالية الكبرى باتت تعمل كوكيل عن هذه الشركات, فأصبح كبار المسئولين في هذه الدول يضاعفون دورهم كممثلين لمصالح هذه الشركات من خلال زياراتهم الرسمية للدول المختلفة, ومن أهم الامثلة على ذلك التسابق المحموم بين كبار مسئولي الحكومات الاميركية والبريطانية والفرنسية واليابانية وغيرها على اعادة اعمار الكويت والعراق عقب حربي الخليج الثانية والثالثة وعلى صفقات بيع السلاح بارقام خيالية لدول الخليج العربي (17)، اضافة للدور الذي لعبته شركة بل كندا لاجبار رئيس وزراء كندا على الغاء قرار بنقل سفارة كندا من تل ابيب الى القدس(18)، الى ما غير ذلك من الامثلة الكثيرة التي تدل على مدى تأثير الشركات متعدية الجنسية في سير التفاعلات على الساحة الدولية سواء بشكل مباشر او غير مباشر.

وبالاضافة الى الضغوط المتعلقة بالجوانب المالية تستخدم الشركات متعدية الجنسية التقدم العلمي والتكنولوجي كوسيلة من وسائل الضغط خاصة على دول العالم النامية التي لا تمتلك قدرات في مجال العلم والتكنولوجيا فلا يتم السماح بنقل هذه التكنولوجيا من قبل هذه الشركات او الحكومات الام التي تتبع لها هذه الشركات الا للدول التي لا تتعارض سياساتها مع السياسات العامة لهذه الشركات او الدول المذكورة (19).

وهذه الامثلة جميعها تؤكد مدى التأثير النسبي الذي باتت تمتلكه الشركات متعدية الجنسية في مجرى التفاعلات الدولية الأمر الذي يستدعي منا كدارسين للعلوم السياسية بشكل عام والعلاقات الدولية بشكل خاص أخذه في الاعتبار عند دراستنا للفاعلين في السياسة الدولية او كما اسماها البعض السياسات العالمية.

2- القوى تحت القومية: ويقصد بها جماعات المصالح والسلطات المحلية (الولايات او المقاطعات او الاقاليم) اضافة الى الاحزاب السياسية والنقابات المهنية او الجماعات السياسية النشطة وحركات التحرر الوطني وغيرها, وبالرغم من ان هذه القوى لا يمكن اعتبارها بمثابة فاعلين دوليين بالمعنى الحقيقي, او على نحو كامل بقدر ما نريد القول أن سلوك هذه الهيئات ونشاطها يؤثران الى حد ما على الحكومات عند اتخاذها بعض القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية.

لقد اتاحت ثورة الاتصالات والمعلومات وتكنولوجيا الإعلام المتطورة التي تنقل الحدث او الخبر من اي نقطة في العالم الى كل ارجاء المعمورة بلحظة وقوعه - اتاحت لهذه القوى القدرة على التواصل وإقامة التحالفات مع نظيراتها في الخارج, مما يزيد في قدرتها على ممارسة النفوذ على الصعيد الخارجي, وعليه فلم تعد بعض هذه القوى تنظر في كثير من الأحوال الى حكوماتها كهدف يتعين التركيز عليه في مطالبها الرامية إلى التأثير على السياسة الدولية.

وقد ساعدت المتغيرات العالمية في عصر العولمة على نمو روابط مباشرة عبر الحدود بين كثير من القوى تحت القومية والتي أدت في النهاية الى زيادة تأثيرها لدرجة انها اصبحت تتخذ الكثير من المبادرات السياسية التي تتجاوز حكوماتها المركزية, فعلى سبيل المثال فان العديد من المقاطعات الكندية والصينية وكذلك معظم الولايات الاميركية لها في الوقت الحالي هيئات دبلوماسية في الخارج, وهي تعمل باستقلالية نسبية عن سفارات دولها, وفي اوروبا فان حوالي خمسين حكومة اقليمية في سبع عشرة دولة تدير علاقات مباشرة مع بعضها من خلال مجلس أقاليم أوروبا, ولجنة الاتحاد الأوروبي للأقاليم وهيئات أخرى عديدة ومختلفة (20).

3- الفاعلون عبر القوميون: ويقصد بالفاعل عبر القومي "الجماعة التي تضم افراداً او مجموعات من دول مختلفة يجمعها اطار تنظيمي واحد; بهدف القيام بعمل مشترك وقد يأخذ هذا الفاعل شكل الهيئات (السياسية, او الدينية او العلمية او المهنية او الاجتماعية). او شكل النقابات والتي تضم في الغالب نقابات محلية موجودة سلفاً, او شكل شركات تنسق بين انشطتها الاقتصادية داخل عدة دول"، ولا تعتبر هذه الجماعات بديلاً للدول أو تطمح في أن تحل محلها, وإنما تحاول أن تسد فراغاً في أنشطتها أو التأثير عليها بقصد تعديل سلوكها, كما تحاول من خلال تشكيلها الدولي أن تعثر على سلطة إضافية تمكنها من محاولة فرض او ترجيح وجهة نظرها لدى السلطات المحلية (21).

على ان المقلق في عمل هذه الجماعات او التنظيمات هو ما نتج عن العولمة من تعزيز أو إعادة إحياء ظاهرة الارتباط العرقي والديني بين الأفراد والجماعات المختلفة عبر مناطق العالم بحيث أصبحت القيادات الفكرية والروحية لهذه الجماعات منخرطة بشكل ملحوظ في ساحة الحياة الدولية بل وأصبح لها تأثيرها القوي على سير التفاعلات الدولية وحتى على القرارات الدولية وعلى العلاقات بين الدول وأصبحت هذه التنظيمات تشكل في كثير من الأحيان تحدياً خطيراً بالنسبة للحكومات والدول والمجتمعات.

4) المنظمات الدولية غير الحكومية (22):

كغيرها من الفاعلين الدوليين من غير الدول لا تبدو المنظمات الدولية غير الحكومية للوهلة الأولى في وضع المنافسة مع الدول, إذ نشأت غالبيتها العظمى بهدف دعم روابط التضامن عبر الحدود بين الأشخاص أو الجماعات الخاصة الذين يغلب على أهدافهم المشتركة طابع الحياد السياسي والأيديولوجي.

وبالرغم من انه لا يمكن انكار حقيقة ان لبعض المنظمات الدولية غير الحكومية طموحات أوسع يمكن أن تؤدي محاولات تحقيقها بالكامل إلى المساس بوضع الدولة إلا انه يمكن القول انه ما زال يغلب على هذه التنظيمات طابع المؤسسات المدنية التطوعية التي تنشط في المجال الدولي وتعرف باسم المنظمات غير الحكومية (NGOs) العاملة على المستوى الدولي, وبرغم أن دور تلك المؤسسات أو المنظمات لا يعد جديداً في السياسة الدولية إلا أن الجديد فيما يتعلق بها هو نموها نمواً هائلاً ومطرداً إضافة إلى الاتساع الهائل في عددها وفي أنشطتها, نتيجة لما أحدثته العولمة من سهولة انتقال البشر وتبادلهم الأفكار والمعلومات والأخبار والصوره بين مختلف مناطق العالم، ومن الامثلة على هذه المنظمات .. منظمة العفو الدولية والسلام الاخضر الدولية واطباء بلا حدود ومراسلون بلا حدود وغيرها من المنظمات المختلفة المسميات والغايات.

ويتراوح تأثير هذه المنظمات بين مجال دعوة المجتمع الدولي الى الالتزام بسلوكيات معينة ومراقبة احترام الدول لتلك الالتزامات، الى التدخل احياناً لدفعها في هذا الاتجاه عن طريق إثارة مسائل عدم التزام بعض الدول بهذه السلوكيات, فأصبحت منظمة العفو الدولية تدين علانية الانتهاكات التي ترتكب ضد حقوق الإنسان, حيث عادة ما يؤدي نشر تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان في العالم إلى تأجيج الخلافات بين الدول حول هذا الملف المعقد على الدوام الأمر الذي قد يستدعي أحيانا تحشد المجتمع الدولي ضد مثل هذه الممارسات التي قد تقوم بها بعض الدول.

على أن النقطة التي تبقى مثار جدل فيما يخص عمل مثل هذه المنظمات هو ان حماية الانسانية وغياب هدف الربحية لا تشكل ضماناً كافياً في حد ذاتها لحياد شبكة المنظمات الدولية غير الحكومية او عدم انغماسها في قلب النشاط السياسي على المسرح الدولي او خضوعها لإرادة بعض القوى على الساحة الدولية.

5- المنظمات الدولية الحكومية: ويقصد بها التنظيمات التقليدية الحكومية على المستويين العالمي والإقليمي, وتتراوح نشاطاتها ما بين التعاون السياسي والعسكري والاقتصادي الى تنظيم التفاعلات المختلفة بين الحكومات سواء كانت سياسية او اقتصادية او اجتماعية او ثقافية .. وقد تطورت هذه المنظمات باتجاهين يتعلق اولهما بالزيادة العددية حيث وصل عدد هذه التنظيمات الى ما يقارب 250 تنظيماً دولياً، وارتبط ثانيهما بزيادة فاعلية هذه المنظمات ودورها علي الساحة الدولية ويمكن ان يندرج تحت هذه المنظمات حلف الناتو, ومنظمة الوحدة الافريقية ومنظمة المؤتمر الاسلامي, ومنظمة التجارة العالمية, والبنك الدولي, وصندوق النقد الدولي, ومنظمة دول الاسيان, وتكتل النافتا, ومجموعة الثماني الكبار, وجامعة الدول العربية, وغيرها من التنظيمات المختلفة.

وقد باتت هذه المنظمات في عصر العولمة تشكل في كثير من الاحوال فيما تفرضه من قيود والتزامات ضوابط مؤثرة على السياسات الخارجية للدول مثلما انها تشكل في كثير من الحالات تأثيراً ولو نسبياً على مجمل سير التفاعلات على الساحة الدولية برمتها (23).

وبناء على كل ما سبق وبما أحدثه وجود الفاعلين الجدد ونتيجة لزيادة فاعليتهم وتأثيرهم على مجمل التفاعلات الدولية فلم يعد مقبولاً الحديث عن الدولة باعتبارها الفاعل الاوحد على الساحة الدولية وانما لابد من اخذ دور وتأثير هؤلاء الفاعلين من غير الدول بعين الاعتبار ومحاولة الوقوف على الاسباب والعوامل التي أدت الى زيادة تأثير هذه المنظمات، وكذلك الى اي مدى باتت متغلغلة في درجة تأثيرها على السياسة والقرارات الدولية وما هو تأثير ذلك بالنهاية على استقلال القرارات الدولية وعلى مستقبل الدولة، اذ لا زالت تغيب عنا الدراسات الجادة التي يمكن ان تقيس درجة تأثير وفاعلية هؤلاء الفاعلين على السياسة والتفاعلات على الساحة الدولية.

ثانياً : المشكلات الإنسانية والتدخل في الدول:

ساهم الانفتاح وسهولة الاتصال والتواصل وسرعة انتشار المعلومات والأخبار على المستوى العالمي في ظل العولمة إلى بروز نوع من الوعي والإدراك العالمي المتزايد لقضايا ومشكلات إنسانية وسياسية ذات طابع مشترك, أصبحت تحظى باهتمام اكبر من قبل المجتمع الدولي, ولعل الامر اللافت للنظر في هذه المسألة هو تحول بعض هذه الاهتمامات الى تطبيق فعلي على ارض الواقع, والذي ادى الى ايجاد ما يسمى بعمليات التدخل في الشؤون الداخلية للدول (24), التي أخذت شكلين متشابهين في الإطار السببي العام المعلن, ومختلفة في الأهداف الحقيقية والاستناد إلى قاعدة الشرعية الدولية المتمثلة في الإجماع الدولي, فأما التشابه فهو في السبب أو الأسباب المعلنة للتدخل والذي يكون غالباً إما بسبب كوارث طبيعية أو من صنع الإنسان, او تعرض حياة مجموعة كبيرة من الناس للخطر, أو لوقف حروب أو نزاعات أو صراعات دولية, أو مجازر عرقية أو اثنية او عمليات إبادة او هجرة جماعية (احتواء عمليات نزوح سكاني), او بسبب وقف انتهاكات لحقوق الانسان او لحماية موظفين دوليين او اقليات معينة او لمكافحة ارهاب او جرائم معينة او لمنع انتشار اسلحة غير تقليدية او لحماية البيئة, والتدخل كذلك من اجل الديمقراطية او التنمية او غيرها من الاسباب الكثيرة المختلفة ذات الطابع الانساني, واما الاختلاف فيتمثل في استناد احد هذين الشكلين من التدخل في الدول الى شرعية تزكيها موافقة الدول والمنظمات الدولية والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والجماعات عبر الدولية - برضاها ودون ممارسة اي ضغوط عليها - على ضرورة إحداث هذا التدخل لتحقيق هدف او اكثر من الاهداف الانسانية المذكورة اعلاه, واستناد الشكل الآخر الى قوة دولة او مجموعة دول لتحقيق اهداف خاصة تتعلق بمصالح هذه الدول او مجموعة الدول ذات القوة والسطوة.

وبالرغم من انه في هذا الشكل من التدخل قد تستطيع الدولة او مجموعة الدول ذات القوة ان تحصل - من خلال الضغوط وأساليب التأثير المختلفة التي تمارسها على الدول وهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي - على قرار من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي يؤيد عملية التدخل, إلا أن تدخلها هذا يبقى - بسبب هذه الضغوط وعمليات التأثير وفي ظل استحالة قدرتها في الحصول على تأييد الدول والمنظمات الدولية والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والجماعات عبر الدولية كافة - مختلف عن الشكل الأول من التدخل من حيث الهدف الذي يتمثل في تحقيق مصالح معينة خاصة.

وبالتالي فان اختلاف شكلي التدخل في الدول يتمثل في تطابق الأسباب المعلنة للشكل الأول من التدخل مع أهدافه الحقيقية واستناده إلى شرعية دولية واضحة وطبيعية, وعدم تطابق الأسباب المعلنة للشكل الثاني من التدخل مع أهدافه الحقيقية وكذلك عدم استناده إلى شرعية دولية واضحة وطبيعية أو حقيقية، ولعل هذا الاختلاف هو السبب في تسمية الشكل الأول بالتدخل الإنساني لمصلحة البشرية, ووصف الشكل الثاني بالاعتداء على سيادة الدولة.

وانطلاقاً مما سبق ولما لعملية التدخل في شؤون الدول من تأثير على مجمل التفاعلات على الساحة الدولية وحتى على شكل العلاقات الدولية فان التساؤلات التي تطرح وتشكل تحدياً أمام العلاقات والتفاعلات السياسية الدولية هي: ما هو التأثير الذي تتركه مسألة التدخل في شؤون الدول على التفاعلات والعلاقات الدولية ? وهل ثمة ضوابط أو مؤشرات تم وضعها لتكون قاعدة عامة يقاس عليها في هذا المجال؟ وهل تم تحديد أسباب التدخل وتطبيق أو تنفيذ آلياته باتساق وعدالة على الدول من قبل المجتمع الدولي وليس باسلوب انتقائي (ازدواجية المعايير)? وما هي ايجابيات وسلبيات هذه المسألة?.

في حقيقة الأمر إن مسألة التدخل في شؤون الدول تعتبر من المسائل المهمة التي أثير حولها كثير من الجدل في ظل العولمة, وبالرغم من ارتباط هذه المسألة بشكل مباشر كما هو معلن على المستوى العالمي بالقضايا والمشكلات الإنسانية المشتركة إلا أن تطبيق هذه المسألة على ارض الواقع اخذ منحى مختلفاً عن الأسباب الإنسانية المشار إليها سواء من حيث الأهداف أم المعايير, خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية وظهور الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة في عالم ما بعد الحرب الباردة, واستخدامها قوتها ونفوذها لتوظيف الأمم المتحدة من اجل تحقيق مصالحها ومصالح حلفائها بصفة عامة, حيث أخذت الأمم المتحدة تبدو فعالة ونشطة عندما ترغب الولايات المتحدة الاميركية في ذلك, وغير ذات تأثير وغير نشطة إلى حد كبير في القضايا التي لا ترغب الولايات المتحدة الاميركية في أن يكون لها دور فيها (25).

وبالرغم من أن مسألة التدخل في شؤون الدول هي مسألة قديمة وشائكة الا انها قد بدأت منذ حرب الخليج الثانية تأخذ صوراً وأشكالا جديدة, حيث أشاعت الولايات المتحدة الاميركية مفهوم النظام العالمي الجديد, الذي تم ربطه بجملة من القيم والمبادىء الاخلاقية والانسانية العليا السامية, والتي من اهمها المسؤولية الدولية من خلال التعاون بين الدول من اجل ردع العدوان وفض النزاعات والصراعات والحروب الدولية والاهلية والعرقية والطائفية والاثنية, ومحاربة الارهاب والجريمة, وتحقيق الازدهار والسلام العالمي والدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وحماية البيئة والاقليات وتحقيق التنمية وتخفيض ترسانات الاسلحة غير التقليدية, والتعامل العادل مع الشعوب واحترام قواعد القانون الدولي, واجمالاً اعلاء شأن الشرعية الدولية, على ان الهدف الحقيقي للولايات المتحدة الاميركية من وراء الترويج لهذا التصور لمفهوم النظام العالمي الجديد هو حشد التأييد الدولي لسياساتها تجاه ازمة الخليج فضلا عن اضفاء مسحة أخلاقية وإنسانية على دورها في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة, ولكن سرعان ما بدأت تتكشف هوة واسعة ما بين المبادىء والشعارات التي طرحتها الولايات المتحدة بشكل خاص والدول الرأسمالية الكبرى بشكل عام وبين ممارساتها الواقعية بعد انتصارها في حرب الخليج والتغيرات الكبرى المتسارعة التي شهدها العالم بعد ذلك والتي كان من أهمها تراجع حدود فاعلية الأمم المتحدة بعد جعلها رهينة المصالح والسياسات والمصالح الاميركية في المقام الأول(26).

ولعل جوهر المشكلة في هذا المجال يكمن في تناقض السياسات المتعلقة بالتدخل في كثير من مناطق العالم, وخاصة في عمليات التدخل التي تتبناها او تدعو اليها الولايات المتحدة, اذ انها في الوقت الذي تتجاهل فيه الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية في كثير من حالات التدخل التي تمارسها, فانها في الحالات التي تلتزم فيها بما يسمى بالشرعية الدولية تقوم بتطبيقها بصورة انتقائية ووفقا لمعايير مزدوجة وعلى النحو الذي يخدم أهدافها ومصالحها, ويعتبر تجاهل الولايات المتحدة الاميركية للمنظمة الدولية وقرارات الشرعية وقيامها بالتنسيق مع بعض حلفائها من الدول الرأسمالية الكبرى كبريطانيا لشن هجمات متكررة على العراق ومراقبة الحظر الدولي الذي كان مفروضا عليه ومن ثم احتلاله بالكامل اكبر دليل على الحالة الأولى, بينما من الامثلة الدالة على الحالة الثانية انه في الوقت الذي يلاحظ فيه استمرار فعالية ونشاط الشرعية الدولية تجاه بعض الدول مثل العراق، وليبيا على اثر ازمة لوكيربي وكذلك الامر بالنسبة للسودان والصومال, فان هذه الشرعية لم تكن فعالة او بالاحرى لم ترد لها الولايات المتحدة الاميركية ان تكون كذلك في قضايا عديدة من اهمها قضية الصراع العربي الاسرائيلي حيث لا تزال إسرائيل تحتل الأراضي العربية في فلسطين ولبنان وسورية وتمارس اعتداءات متكررة بحق المدنيين والمقاومة ومع ذلك لا تحرك الأمم المتحدة ساكنا.

من جانب آخر يلاحظ أن مراكز الهيمنة في ظل العولمة تقوم بالتدخل في شؤون الدول من خلال استخدام اوراق الديمقراطية والاقليات وحقوق الانسان (27) للضغط الذي يأخذ شكلا انتقائيا ومزدوج المعايير على النظم في العالم الثالث وخاصة العربية منها ذات التوجهات المعادية لهذه المراكز، بينما يتم غض البصر عن انتهاكات الديمقراطية في الدول التي يتبنى حكامها مواقف متوافقة مع مصالح تلك المراكز, والامثلة في هذا الصدد واضحة وعديدة منها الموقف الاميركي غير المعترض على الغاء الانتخابات التشريعية في الجزائر والتي كانت ستفضي الى سيطرة اتجاه اسلامي معاد للغرب, والسكوت عن الممارسات غير الديمقراطية في النظم الصديقة للولايات المتحدة والتي تربطها بها مصالح استراتيجية حيوية, والتلاعب بورقة الحماية الدولية للأقليات حسب الظروف, فالتدخل المسمى بالإنساني في حالة أكراد العراق وفي دارفور صارخ ولا قيد عليه, بينما لا حديث عنه على الاطلاق في حالة الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال الإسرائيلي (28).

وفي هذا الإطار يؤكد البعض انه على الرغم من تزايد اهتمام الولايات المتحدة, القوة العظمى التي باتت وحيدة في عالم ما بعد الحرب الباردة, بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم على صعيد الخطاب السياسي الرسمي وبعض الممارسات العملية الا ان السياسة الاميركية تتعامل مع هذه القضايا بنوع من الانتهازية السياسية التي تتجلى ابرز صورها في المعايير المزدوجة التي تطبقها بهذا الخصوص، وعدم ترددها في التضحية بقيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الانسان في حالة تعارضعها مع مصالحها, فالتبشير بالقيم الديمقراطية والدعوة اليها شيء وتطبيقها على ارض الواقع شيء آخر خاصة وان هناك العديد من الدول التي لا تزال تحكمها ديكتاتوريات مدنية او عسكرية بعضها يأخذ الديمقراطية كديكور او واجهة في الوقت الراهن (29).

ولعل القضية الأخطر في مسألة التدخل هي استغلال حق التدخل الانساني في شؤون الدول بحجة مراقبة الاضطهاد الديني وأوضاع الاقليات في العالم, وهو ما يمكن ان يهدد الدولة بشكل عام بالتفتيت والتفكيك من خلال إحياء نزعات التطرف والعنف والانتماءات الاولية على اعتبار ان هذه المسائل من المداخل الخطرة التي قد يقود اشعالها الى تكريس الشرذمة والتشتت الانسانيين وتفكيك الاوطان والقوميات الى كيانات هزيلة قائمة على نزعات قبلية او عرقية او دينية طائفية او لغوية ثقافية, الامر الذي بات يهدد بشكل واضح سيادة واستقرار الدول، والذي بالطبع ستكون له انعكاساته السلبية على مجمل سير التفاعلات على الساحة الدولية (30).

أما فيما يتعلق بالإرهاب فقد أدت هذه المشكلة التي باتت تعاني منها الإنسانية برمتها ودون تمييز الى تغير كبير في شكل وطبيعة التفاعلات على الساحة الدولية, خاصة في ظل التوظيف الممنهج لاستخدام هذا المصطلح من قبل بعض القوى العظمى, حيث يصمتون عنه متى حلا لهم ويهولون من امره متى هدد مصالحهم, ويتهمون به من لا يخضع لتوجهاتهم, فاصبحت تهمة الارهاب في كثير من الاحيان اسلوبا فاعلا لتهديد المغلوبين الذين باتت تلصق بهم التهم ليس لشيء سوى انهم يطالبون بحقوقهم ويمارسون اعمال الدفاع الشرعي لاسترجاع الحق واثبات الوجود والتصدي لعمليات الابادة والتطهير العرقي التي يتعرضون لها, وهذا انما يدلل على اختلاط الدلالات والمفاهيم والمعاني في عصر العولمة(31) فاحتلت افغانستان والعراق بحجة مكافحة الارهاب، وقمع الشعب الفلسطيني المسلوب الارض والإرادة ايضا بحجة مكافحة الارهاب, في حين تقوم القوات الأميركية في العراق وافغانستان بقتل وترويع المدنيين دون ان يجرؤ احد على ان يسمي ذلك ارهابا وهذا في الواقع يؤدي بشكل او بآخر الى توجيه التفاعلات الدولية نحو وجهة لا تنبىء بنتائج طيبة وانما تأخذها نحو الفوضى ومزيد من الارتباك وعد الاستقرار.

وفي ضوء ما سبق واذا اردنا ان يكون للعلاقات والتفاعلات الدولية مستقبل يساعد على تحقيق مزيد من التفاعل البناء، لا بد لنا من الوقوف على اصل هذه المشكلات, التي اذا ما استمرت على هذا النحو فانها ستبقى مصدرا مهما للتوتر وعدم الاستقرار علي الصعيد العالمي، فلا احد في هذا الكون الا ويرحب بالتوجه العالمي للتعاون في حل المشكلات الانسانية المشتركة ايا كانت اسبابها، ولكن لا احد ايضا يقبل بازدواجية المعايير المتبعة في التعامل مع هذه المشكلات او مع حق التدخل في شؤون الدول.

فهناك شبه اجماع من قبل كل الفاعلين على الساحة الدولية على ضرورة مكافحة كل الاعمال الارهابية التي تستهدف حياة الناس وارزاقهم وكل اعمال العنف غير المبرر, لكن المشكلة في هذه القضية تكمن في انه لا يوجد تعريف محدد يميز بين ما يمكن ان يندرج تحت اعمال الارهاب واعمال المقاومة والدفاع عن النفس, الامر الذي يبقي الباب مفتوحا لاجتهادات الدول التي تتعامل مع المفهوم حسب مصالحها وتبعا لحسابات المرحلة التي يتم فيها او يحدث فيها الفعل.

وعليه فاننا أحوج ما نكون في هذه المرحلة من تطور البشرية الى تعريف واضح يحدد هذه المفاهيم ويبعدها عن اللبس الناتج عن الاجتهادات الخاضعة للمصالح الخاصة بالدول والتي بالتأكيد ستؤدي اذا ما استمر الحال على ما هو عليه الى تكريس حالة الاضطراب وعدم الاستقرار التي تشهدها العلاقات والتفاعلات على الساحة الدولية، وهنا يرى الباحث انه بالرغم من ان الاهداف الانسانية المعلنة التي ارتبطت بتطور حق التدخل على المستوى الدولي قد تبدو ايجابية الا ان هذه القضية قد تعرضت في ظل تغير موازين القوى وانهيار الاتحاد السوفياتي الى كثير من الاختلالات والاشكالات في مجال التطبيق, مما افقدها اهدافها الاصلية المعلنة وجعلها عرضة للاستغلال من قبل بعض الدول, وتتركز الاشكالات في مجال التدخل في الدول في ثلاثة محاور اساسية هي: مدى توفر الشرعية الدولية, ومدى تطابق الاسباب المعلنة للتدخل مع الاهداف الحقيقية, وازدواجية المعاييرفي عملية التطبيق.

ثالثا: العولمة ومسألة الاندماج والتفكيك :

تعتبر سياسات التقارب والاندماج وعمليات التفكيك من اكثر المقومات الحركية لظاهرة العولمة اثارة للجدل, لا سيما وان هذه المسألة تبرز تناقضا واضحا اذ في الوقت الذي شهدت فيه الساحة الدولية مزيدا من عمليات التقارب والاندماج المتمثلة في التكاملات والتكتلات والتحالفات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين الدول, فقد شهدت على الصعيد المناقض عددا لا بأس به من عمليات التفكيك المختلفة, سواء على المستوى الدولي ام على المستوى الاقليمي ام على مستوى الدولة القومية.

ويقصد بسياسات التقارب والاندماج هنا ما شهدته الساحة الدولية في ظل العولمة من تزايد لعمليات التقارب السياسي والاقتصادي على المستوى العالمي, والتي تترجم في الواقع من خلال التحالفات السياسية, وبعض التحالفات العسكرية وعمليات التكامل والتكتل والترتيبات الاقليمية الاقتصادية, اضافة الى عمليات التقارب الثقافي والتماثل المعلوماتي كما يقصد بعمليات التفكيك هنا ما شهدته الساحة الدولية ايضا من تفكك لنظام الثنائية القطبية والمنظومة الاشتراكية وزيادة التباعد بين دول تابعة لمنظومات اقليمية، وما دار في بعض الدول من صراعات عرقية واثنية ودينية وغيرها ادت احيانا الى تقسيم الدولة وما تعرضت له النظم الانتاجية والخدماتية في الدول من تفتيت(32).

من هنا فان ثمة تساؤلات مهمة تطرح في هذا الصدد وهي: ما هي المستويات التي حدثت بها سياسات الاندماج والتفكيك? وما هو تأثيرها على مستقبل العلاقات الدولية? وما هي الطروحات التي قدمتها الدراسات المختلفة حول هذا الموضوع?

في الواقع لقد اخذ الاهتمام العالمي يتزايد في ظل العولمة بمسألة التكتلات والتحالفات, حيث اخذت الدول تقيم التكتلات والاتفاقات الاقتصادية الاقليمية والدولية انطلاقا من ان عمليات التوحيد هذه قد اصبحت في ظل العولمة ضرورية لتحقيق المصالح الاقتصادية للدول المنضمة اليها قبل تحقيق اي اهداف سياسية او ثقافية, ولعل مما اسهم في تزايد بروز مثل هذه التكتلات هو ان التفاعلات الاقتصادية بين الدول قد اصبحت- وبغض النظر عن مشكلة الحدود - لها اليد العليا في رسم السياسات الخارجية للدول وفي تحديد مصالحها القومية وفي صياغة برامج الامن القومي.

فعلى الرغم من ان هناك اتجاها متزايدا نحو ازالة القيود والحواجز بين مختلف الدول حتى بدأت تتضاءل اهمية سطوة الجغرافيا والمكان، فان ذلك لم يمنع من وجود أواصر علاقات متميزة وخصائص مشتركة بين مجموعات من الدول بحيث تربط بينها وشائج خاصة, بل يمكن القول ان الاتجاه نحو العالمية بات لا يتم قفزا على الاقليمية بقدر ما يتحقق من خلال ترتيبات اقليمية تساعد على مزيد من الاندماج وغالبا مزيد من الازدهار فيما بين عدد من التجمعات الاقليمية، وبما يساعد على مزيد من التقارب الاقتصادي العالمي, فالتقارب الاقليمي يمثل خطوة او حلقة في التقارب العالمي, حتى انه يمكن القول بصفة عامة ان التقدم الاقتصادي يتم على شكل موجات تأخذ كل موجة منطقة اقتصادية الى درجة اعلى في سلم التقدم (33).

ويكفي في هذا الصدد القاء نظرة على تطور ما اطلق عليه اسم "النمور الآسيوية" التي كانت تعتبر دولا فقيرة ومتأخرة وقطعت شوطا كبيرا في التصنيع وحققت لفترة تقترب من ثلاثة عقود معدلات عالية من النمو الاقتصادي تجاوزت 10% سنويا, وبرغم ما حل بها في صيف 1997 من ازمة مالية خانقة, فانها تمثل مجموعة من الدول التي استطاعت ان تخرج من فئة الدول النامية الى مرحلة متطورة من التقدم الاقتصادي، والملاحظ ان هذا التطور لم يصب دولة بعينها بقدر ما كان تطورا اقليميا اصاب منطقة اقتصادية كاملة (34).

من ناحية اخرى فقد اخذت كثير من المجموعات الاقليمية والدول المختلفة الاخرى في جميع مناطق العالم باحداث مزيد من الترتيبات الواعية للتنسيق والتكامل والتكتل فيما بينها, حتى اصبح لا تكاد تخلو منطقة او اقليم من وضع ترتيبات خاصة للتعاون الاقتصادي فيما بينها, ومن اهم هذه التكتلات والترتيبات الاقليمية: الاتحاد الاوروبي, ومنطقة التجارة الحرة لاميركا الشمالية المعروفة بالنافتا, ومنتدى التعاون لدول اميركا والمحيط الهادي, والتجمع الاقتصادي الباسفيكي, والترتيبات الاقليمية لمجموعة اميركا اللاتينية, ومجموعة الآسيان، والترتيبات الاقليمية في افريقيا مثل منظمة الوحدة الافريقية, والمجموعة العربية مثل مجلس التعاون الخليجي, وقد ساهمت هذه التكتلات والترتيبات الاقليمية بشكل عام في ازالة الحواجز التي تعترض التجارة وفي اقامة وتعزيز الوحدة التجارية والاقتصادية والى حد ما السياسية العالمية (35).

ويعتبر كل من الاتحاد الاوروبي والتجمع الاقتصادي الباسفيكي ومنطقة شمال اميريكا للتجارة الحرة, اهم واقوى التكتلات العالمية على الاطلاق, لا سيما وان هذه التكتلات الرأسمالية الثلاثة تضم من جانب اقوى واكبر واضخم الاقتصادات والدول الرأسمالية, ولأنها تعبر بالفعل من جانب آخر عن درجة عالية من كثافة الاعتماد المتبادل وتقسيم العمل والاستثمارات والتجارة وانواع التبادل المختلفة, ناهيك عن أنها تمثل الاطار المؤسسي لتفاعلات حادثة بالفعل على عكس كثير من التكتلات والترتيبات الاقليمية الاخرى الناشئة في المنطقة العربية والعالم الثالث بهدف خلق هذه التفاعلات وتنميتها, ولذا فان فرص نموها وتزايد مأسستها تمثل التوقع الارجح (36).

وهذا ربما ما دفع البعض إلى القول بان عمليات التكامل والتكتل والتحالف بمعناها الايجابي العام قد اقتصرت في ظل العولمة على دول الشمال والدول المتقدمة اقتصاديا وصناعيا بينما كان قيام بعض مشاريع التكتل والاقلمة "التابعة" او حتى غياب مثل هذه التكتلات والتفكيك وما ترتب عليها من نتائج سلبية هو ما حظيت به دول الجنوب, وهذا ما يشير بلغة اوضح الى انه بالرغم من ان العولمة بشكلها الحالي هي حقيقة تشكل حافزا للتكتل والاقلمة ولا تعارضها, الا ان هذه العملية ما زالت تنحصر بصورة اكثر في الدول المتقدمة, بينما تغيب عن كثير من مناطق العالم النامي وحتى ان وجدت فانها تأخذ شكل تكتلات او اقلمة تابعة, وبالتالي فان الدول الرأسمالية الكبرى تبقى وبكل الاحوال والمعايير هي المستفيد الاول من هذه العملية (37).

ولعل وقوع معظم التكتلات والتحالفات الاقتصادية والسياسية والعسكرية الرئيسة والعامة على المستوى العالمي, فيما بين او تحت سيطرة او بمشاركة دول الشمال جميعها او بعضها, والتخطيط او الاشراف على غالبية مشاريع التكتل والاقلمة القائمة او المطروحة في دول الجنوب, يشكل دليلا واضحا على ذلك, اذ انه في الوقت الذي تضم مجموعة السبعة G7 الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا والمانيا وايطاليا وفرنسا وكندا واليابان, ويقتصر الاتحاد الاوروبي على دول اوروبا الغربية وبعض دول اوروبا الشرقية وتشمل اتفاقية التجارة الحرة NAFTA دول اميركا الشمالية الولايات المتحدة وكندا والمكسيك, وتسيطر الولايات المتحدة كذلك على منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا الباسفيك (APEC) الذي يضم بالاضافة اليها كندا واليابان وكوريا الجنوبية واستراليا ونيوزلندا والدول الست الأعضاء في رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان) ويمثل حلف شمال الأطلسي NATO الذي يعتبر القوة العسكرية الضاربة في الولايات المتحدة وأوروبا أقوى تحالف عسكري على المستوى العالمي(38)، فإن مشاريع التكتل والأقلمة المعروضة على دول العالم الثالث هي في الاغلب لا تتعارض مع توجهات الدول الرأسمالية المتقدمة, ان لم تكن وجدت أصلا لتحقيق مصالحها ومصالح حلفائها, وتبرز في هذا الإطار مشاريع التكتل والأقلمة المعروضة على الدول العربية كمشروع الشرق أوسطية والمشروع المتوسطي ومشروع الشرق الأوسط الكبير والجديد وغيرها من المشاريع التي تهدف في اغلبها إلى إعادة تشكيل الخريطة السياسية والاقتصادية والجغرافية للمنطقة العربية, وفقا لأقلمة تابعة لسيطرة الولايات المتحدة وأوروبا الغربية مع تنصيب إسرائيل كقائد سياسي واقتصادي وعسكري لهذا الإقليم أو التكتل(39).

ففي الوقت الذي يعبر مشروع الشرق أوسطية عن صيغ إقليمية غير عربية ذات مجالات متعددة ترمي إلى إيجاد آلية للاتصال والتنسيق بين دول منطقة الشرق الأوسط في المجال الاقتصادي بشكل خاص وذلك خدمة لاهداف سياسية, وهو مفهوم دخيل لا يرتبط بالمنطقة لا من حيث التسمية ولا من حيث الخصائص البشرية أو الحضارية أو الثقافية، ويسعى إلى تقطيع أوصال الوطن العربي, وإظهار المنطقة العربية على أنها خليط من الشعوب والثقافات المتعددة القوميات, لإدخال دول أخرى مثل تركيا وإيران واهم من ذلك إسرائيل لجعلها مثلها مثل أي قومية أخرى, وبذلك تكتسب إسرائيل شرعيتها من جهة ويتم استبعاد مفهوم القومية العربية الذي يرمي بشكل أو بآخر إلى الدعوة إلى الوحدة العربية, فان مفهوم المتوسطية او ما يسمى بالمشروع المتوسطي ليس باحسن حالا من سابقه, اذ ان هذا المشروع الذي يعرف بالشراكة الاوروبية المتوسطية هو بمثابة احدى المحاولات الدولية التي تسعى الى اعادة صياغة المنطقة العربية ضمن أنظمة اقليمية تكفل لها مصالحها ويسعى الاوروبيون من خلال هذا المشروع إلى إعادة دورهم وتعزيزه في المنطقة العربية من جهة والبحث من جهة أخرى عن أسواق جديدة قادرة على استيعاب فائض الإنتاج الصناعي الأوروبي, وضمان امن أوروبا الشامل (40).

وعلى العكس من كل ما سبق فقد وصف البعض عمليات التكامل والأقلمة بأنها مهمة حيث رأى ان هذه العمليات ساعدت على زيادة احترام الدول الصغيرة من قبل القوى العظمى وعلى ساحة التفاعلات الدولية بعد أن جعلت صوتها مسموعا, إضافة إلى انها قد اسهمت في تحقيق شراكة متساوية دون هيمنة بين الدول مما ادى الى سرعة الانتاج وتغير الخبرات وتعزيزها, إضافة إلى أن تكاليف الأقلمة هي اقل بالنسبة للدول النامية خاصة وأنها تستطيع الدخول في هذا النظام بسهولة وبمنافسة اقل نتيجة للتشابهات بين الدول التي تدخل في ترتيبات إقليمية فيما بينها, ناهيك عن أن التعاون الإقليمي يمكن أن يؤدي إلى دخول الدول الضعيفة في العولمة كمجموعة وهذا ما يجعلها قوية على الساحة العالمية (41).

أما فيما يتعلق بعملية التفكيك والتفتيت التي رافقت العولمة فيلاحظ أنها شملت مختلف جوانب النظام على المستوى العالمي ابتداء من النظام الدولي ومرورا بالانظمة الاقليمية وانتهاء بنظام الدولة الوطنية, فعلى مستوى النظام الدولي فقد ادى انهيار المنظومة الاشتراكية الى تفكيك النظام الدولي الثنائي القطبية وانفراد الولايات المتحدة الاميركية باعتبارها القطب الوحيد على الساحة الدولية الأمر الذي اتاح لها الفرصة للتحكم في سير التفاعلات السياسية والاقتصادية على الساحة الدولية بل وحتى السيطرة إلى حد كبير على كثير من المؤسسات التي يفترض بأنها دولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرهما من الهيئات والمنظمات والمؤسسات المختلفة، وأحدث نوعا من الخلل في سير وتطور وشكل وطبيعة التفاعلات الدولية في هذه المرحلة, ناهيك عن وقوع الدول النامية والضعيفة في ظل الأوضاع الجديدة للنظام العالمي تحت رحمة الدول الرأسمالية الكبرى بعد انتفاء قدرتها على الانتفاع من هامش المناورة الذي كان متاحا لها إبان النظام ثنائي القطبية.

ويمثل تفكك الاتحاد السوفياتي الى عدة دول وتفكك كثير من المجموعات الاقليمية او الانظمة الاقليمية التي كانت متقاربة كالتفكك الذي شهدته المنظومة الاقليمية للدول العربية والمنظومة الاقليمية لجنوب شرق آسيا, المستوى الثاني من التفكيك, مع ما تبع هذا المستوى من التفكيك من انقسامات وتوجهات سياسية واقتصادية مختلفة بين دول الاقليم الواحد قادت في أحيان كثيرة إلى حالات من التوتر سواء في العلاقات بين بعض الدول في الاقليم او على مستوى الاقليم ككل.

أما المستوى الثالث والأخير من التفكيك فقد كان على مستوى الدولة القومية والذي تتراوح مراحله ما بين التفكيك الكامل للدولة كما حصل ليوغسلافيا والاحتلال كما حصل للعراق وافغانستان والحروب والصراعات والمذابح العرقية والقبلية والعنصرية والدينية والاثنية والقومية, إلى غير ذلك من اشكال العنف المختلفة.

وفي الوقت الذي استطاعت بعض الدول أن تفلت من التفكك نتيجة لتوقف الصراع والحرب فيها كلبنان, فما زالت مجموعات أخرى من الدول تصارع لتفلت من هذا المصير والتي من اهمها السودان والصومال والعراق وروندا وبروندي والكونغو وسيراليون وليبيريا وغيرها الكثير من دول العالم الثالث (42).

وفي هذا المجال يرى البعض ان هذه الترتيبات التي تسير في ظلها عولمة التفكيك باعتبارها جزءاً من التداعيات الحركية لظاهرة العولمة توحي بان العولمة تحمل اتجاها متناميا نحو وجود عدد اقل من الكيانات الأكبر حجما تزداد فاعليته وتأثيره على الساحة الدولية وعدد اكبر من الكيانات الأصغر حجما تقل فاعليته (43).

فيما رأى البعض الآخر ان العولمة في هذا المجال لا تبني هيكلية اقتصادية وسياسية متينة وانما هي تسهم في تآكل الهياكل المتوفرة على مستوى البنى السياسية والاقتصادية الوطنية والاقليمية والدولية لصالح نسق سياسي واقتصادي عالمي جديد لا يخدم على المستوى المرحلي والاستراتيجي الا بعض الدول الرأسمالية الكبرى, مثلما أنها تطور التناقضات الموجودة على الساحة السياسية والاقتصادية على المستويين الإقليمي والدولي (44).

من هنا فإن المشكلة التي يمكن أن تكون مرتبطة بحقل العلاقات والتفاعلات الدولية في هذا المجال هي تأخذ على ما يبدو بعدين رئيسين يتعلق اولهما بضرورة البحث عن صيغ مناسبة يمكن من خلالها للدول الضعيفة ان تستفيد من عمليات التكامل والتكتل دون ان تقع في مصيدة التبعية، ولا يكون ذلك الا من خلال قيامها بتكوين تحالفات وتكتلات مستقلة فيما بينها، ويرتبط ثانيهما في البحث عن الكيفية التي يمكن من خلالها على المستوى العالمي الحيلولة دون حدوث مزيدا من عمليات التفكيك للدول لما يتوقع ان يكون لها من تأثير على عملية استقرار المجتمع الدولي وتفاعلاته بشكل عام.

هوامش:

1) اسماعيل صبري عبدالله, الكوكبة: الرأسمالية في مرحلة ما بعد الامبريالية, المستقبل العربي, العدد ,71 نيسان ,1998 ص5.

2 ) Thomas L. Friedman, The Lexus and the Olive Tree (Understanding Globalization, New York: Anchor Books, 200, pp XXI. 9.

3) محمد عابد الجابري, العولمة والهوية الثقافية: عشر اطروحات, المستقبل العربي (العدد ,228 شباط 1998). ص 16 .

Mauhamad Abid Al-Jabiri, Globalism and Cultural Identity: Ten Thesis, The Arab Thought Forum, Vol. 5, No. 21, Amman-Jordan, January-February, 1998, p2.

4) حول هذا الاتجاه انظر جلال امين, العولمة, سلسلة اقرأ, القاهرة, دار المعارف ,1998 ص 14 . حسنين توفيق ابراهيم, العلاقة بين اطروحتي: نظام عالمي جديد وعولمة, منبر الحوار, العدد ,37 شتاء ,1999 ص 73. حواس محدود, العولمة المركزية والعولمة الطرفية, الطريق, العدد ,2 تشرين اول - كانون اول ,1999 ص 50.

5) انظر حول الاطار العام لهذه الرؤية كل من: الشاذلي العياري, ظاهرة العولمة والمسألة الاجتماعية: تأملات في معضلة نهاية هذا القرن, المنتدى (العدد ,162 آذار ,1999 ص 8-9 . نايف علي عبيد, العولمة والعرب, المستقبل العربي, العدد ,221 تموز ,1997 ص 28-29 . عبدالإله بلقزيز, العولمة والهوية الثقافية: عولمة الثقافة ام ثقافة العولمة, المستقبل العربي, العدد ,229 آذار ,1998 ص 92.

6) حول هذا التيار انظر: السيد يسين, العولمة والطريق الثالث ، القاهرة: ميريت للنشر والمعلومات, ,1999 ص 23-27. كمال مجيد, العولمة والديمقراطية: دراسة لاثر العولمة على العالم والعراق, ط1، لندن, دار الحكمة, 2000 ،ص 12-13. غسان العزبي, في جذور العولمة واشكالياتها, منبر الحوار, العدد 37 ، شتاء 1999 ،ص 48-50 . ابراهيم العيسوي, العولمة الاقتصادية بين حتمية الاستمرار واحتمالات التراجع, النهضة, العدد 1 ، تشرين اول 1999 ,ص 127 .

7) انظر هالة مصطفى, العولمة: دور جديد للدولة, السياسة الدولية, العدد 134 ,تشرين اول 1998 ,ص 43-44 . مهدي الحافظ, العولمة وخيارات التصنيع, المنتدى, العدد 144 ,ايلول 1997 ,ص 3.

8) كمال عبداللطيف, اسئلة حول مفهوم العولمة, الطريق, العدد 3 ,ايار - حزيران 1998 ,ص 50-52.

هالة مصطفى, مرجع سابق, ص 44 .السيد يسين, العولمة والطريق الثالث, ص 29-32. سويم العزي, العولمة او تقويض سيادة الجنوب, شؤون الاوسط, العدد 142 ,تموز 1995 ,ص 81-83.

9) حول هذه الرؤية انظر كل من: هشام البعاج, سيناريو ابستمولوجي حول العولمة: اطروحات اساسية, المستقبل العربي, العدد 247 ,ايلول 1999 ,ص 40-42. كمال عبداللطيف, مرجع سابق, ص 54-55. اسامة عبدالرحمن, المأزق العربي الراهن: هل الى خلاص من سبيل, ط1 ,بيروت, مركز دراسات الوحدة العربي, 1999 ,ص 49.

10) حسن نافعة, مقدمة في علم السياسة, الدولة والعلاقات الدولية, ج2 ,كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2002 ,ص 192.

11) المرجع السابق, ص .192

12) للمزيد من المعلومات, حول سوسيلوجيا العلاقات الدولية انظر مارسيل ميرل, سوسيولوجيا العلاقات الدولية, ترجمة حسن نافعة, (بيروت: دار المستقبل العربي, الطبعة الاولى 1986).

13) حول مفهوم الفاعلين الدوليين, انظر حسن نافعة, مرجع سابق, ص .269

14) Rosenau, Games N., Trubulence in World Politics: A Theory of Change and Countinuity, (Princeton, New Jersey: Princeton University Press, 1990, P. 82.

15) اسماعيل صبري عبدالله, الكوكبة: اساس الظاهرة, الاقتصادي الاجتماعي, النهج, العدد 50 ,ربيع 1998 ,ص 17-18.

16) سيف بن علي الجروان, العولمة الاقتصادية واختراقها الحدود القومية للدول, المنتدى, العدد 155 ,آب 1998 ,ص 10 . مصطفى الكفري, عولمة الاقتصاد والاقتصاديات العربية, الفكر السياسي, العددان 4 و5 ,شتاء 1998 ,ص 17 . محمد صالح المسفر, العرب والغرب والعولمة, بدون طبعة, ، جامعة قطر, الدوحة 1998 ,ص 57-58.

17) احمد مجدي حجازي, العولمة وتهميش الثقافة الوطنية, عالم الفكر, العدد 2 ,تشرين اول - كانون اول 1999 ، ص 129 . احمد ثابت, العولمة والعرب: خيارات مرة بين التهميش والاقصاء, الاجتهاد، العدد 38 ,شتاء 1998 ، ص 102.

18) انظر محمد السيد سليم, تطور السياسة الدولية في القرنين التاسع عشر والعشرين, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة, ط 1 ,2002 ,ص 550.

19) برهان غليون, الوطن العربي امام تحديات القرن الواحد والعشرين, تحديات كبيرة وهمم صغيرة, المستقبل العربي, العدد ,31 حزيران 1998 ,ص 12 . عاطف السيد, العولمة في ميزان الفكر: دراسة تحليلية, بدون طبعة, الاسكندرية, مطبعة الانتصار ,2000 ,ص 78.

20) محمد السيد سليم, مرجع سابق, ص ,550 حسن نافعة, مرجع سابق، ص 284-288.

21) حسن نافعة, مرجع سابق, ص 286-289.

22) حسن نافعة, مرجع سابق, ص 290-292 . محمد السيد سليم, مرجع سابق, ص 550.

23) حول هذه المنظمات, انظر حازم البيبلاوي, النظام الاقتصادي الدولي المعاصر من نهاية الحرب الثانية الى نهاية الحرب الباردة, سلسلة عالم المعرفة, عدد 257 ,الكويت, المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب, ايار 2000 . ابراهيم العيسوي, الغات واخواتها مرجع سابق, ص 13-14 . ريتشارد هيجوت, العولمة والاقلمة, اتجاهان جديدان في السياسات العالمية, ط1 ,ابو ظبي, مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية, 1998 ,ص 58-60. اوزفالد سونكل, التكامل الرأسمالي عبر القوميات والتفكك القومي في اميركا اللاتينية, ترجمة كمال السيد (القاهرة: معهد التخطيط القومي 1971). محمد السيد سليم, مرجع سابق, ص 549 . محمد المسفر, مرجع سابق, ص 60-61 . عبدالسلام المسدي, ص 367-371 . حميد الجميلي, الاقتصاد السياسي للعولمة ومستقبل الاقتصاد العربي, الطريق, العدد 3 ,ايار - حزيران 1999 ,ص 43-47.

24) يقصد بالتدخل في هذه الدراسة: اي استخدام محسوب وبغرض للاداة السياسية او الاقتصادية او العسكرية من دولة او مجموعة دول للتأثير على السياسة الداخلية او الخارجية او لتقديم اي نوع من انواع المساعدة لدولة او دول اخرى من خلال آليات واسعة ومختلفة قد تمتد من المساعدات الانسانية والاقتصادية والعسكرية الى العقوبات الاقتصادية والعسكرية شبه المباشرة او المباشرة او التهديد باستخدام اي منها, لمزيد من المعلومات حوله مفهوم التدخل في شؤون الدول واسبابه والجدل القائم حول انظر كل من: احمد يوسف احمد, الدور المصري في اليمن (رسالة دكتوراة غير منشورة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 1978), ص 9-31 .عبير بسيوني عرفة علي رضوان, التدخل الخارجي في الصراعات الداخلية, حالة التدخل في العراق 1991: 1996(رسالة ماجستير غير منشورة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 1997), ص 81-82.

Peter Schraeder, Concepts Relevance: Themes and Overview, in Peter Schraeder (ed). Intervention into the 1980s US Foreign Policy in the Third World, London: Lynne Reiner, 1989, P 2.

25) انظر حول الاطار العام لهذه الفكرة كل من حسنين توفيق ابراهيم, العولمة: الابعاد والانعكاسات السياسية, عالم الفكر, العدد2 ,تشرين اول - كانون اول 1999 ,ص 194-209. احمد ثابت, العولمة, والخيارات المستقلة, المستقبل العربي, العدد 240 ,شباط 1999 ,ص 9-10 . سيار الجميل, العولمة والمستقبل: استراتيجية تفكير, ط ,1 عمان الاهلية للنشر والتوزيع, ,2000 ص 91-.93

26) حمدي عبدالرحمن, العولمة وآثارها السياسية على النظام الاقليمي العربي, في: محمد الارناؤوط محرراً, العرب والتحديات السياسية والاقتصادية والثقافية للعولمة, (المفرق: منشورات جامعة آل البيت, 2000 ,ص 61-67 .حسنين توفيق ابراهيم, العلاقة بين اطروحتي: نظام عالمي جديد وعولمة, منبر الحوار, العدد 37 ,شتاء 1999 ,ص 70-73 . بول سالم, الولايات المتحدة الاميركية, معالم الهيمنة في مطلع القرن الحادي والعشرين, المستقبل العربي, العدد 221 ,تموز 1997 ,ص 81-86. فهد العرابي الحارثي, العولمة: عصر سيطرة الثقافة الاميركية على سائر الثقافات, عالم الاقتصاد, العدد 86 ,آذار 1998 ,ص 15.

(27) حول علاقة المصالح الاميركية بحقوق الانسان بشكل عام, وحقوق الانسان في السياسة الخارجية الاميركية تجاه الوطن العربي بشكل خاص, انظر نادر زايد الخطيب, حقوق الانسان والسياسة الخارجية الاميركية تجاه الوطن العربي (رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة آل البيت, المفرق, 2001), ص 106-188.

(28) احمد يوسف احمد, مرجع سابق, ص39 .حسنين توفيق ابراهيم, "العلاقة بين.." مرجع سابق, ص89 . احمد مجدي حجازي, العولمة وتهميش الثقافة الوطنية, عالم الفكر, العدد 2 ,تشرين اول- كانون اول 1999 ,ص130 . حمدي عبدالرحمن, مرجع سابق, ص66 . حميد حمد السعدون, العولمة وقضايانا, ط1, عمان دار وائل للطباعة والنشر ,1999 ,ص21-49.

(39) حسنين توفيق ابراهيم, "العولمة: الابعاد.." ،مرجع سابق، ص209.

(30) حميد حمد السعدون, مرجع سابق, ص22- 33 49 .حمدي عبدالرحمن, مرجع سابق ص72 . سمير مصطفى الطرابلسي, العرب في مواجهة العولمة, المعرفة, العدد 47 ,نيسان 1999 ,ص78 – 79. ميشال اده, مستقبلنا العربي وتحديات العولمة, المعرفة السورية, العدد ,410 تشرين ثاني ,1997 ص,14 مهيوب غالب احمد, العرب والعولمة: مشكلات الحاضر وتحديات المستقبل, المستقبل العربي, العدد 256, حزيران ,2000 ص59 -.60 (31) عبدالسلام المسدى, العولمة والعولمة المضادة, القاهرة، دار سطور,1999 ص 266-267 , 310. ناظم الجاسور, العولمة والدولة الوطنية - القومية العربية, ورقة غير منشورة مقدمة لمؤتمر العولمة وآثارها المحتملة في الاقتصاد الاردني والعربي, (الاردن, كلية الاقتصاد والعلوم الادارية - جامعة اليرموك - اربد: 25 نيسان 2000), ص 3-5.

(32) لمزيد من المعلومات حول اجتماع هذين النقيضين في اطار العولمة انظر: هانس بيتر مارتين وهارالد شومان, الاعتداء على الديمقراطية والرفاهية, سلسلة عالم المعرفة عدد 238 ,ص62-63 . ريتشارد هيجوت, مرجع سابق, 35-50. اوزفالدو سونكل, التكامل الرأسمالي عبر القوميات والتفكك القومي في اميركا اللاتينية, ترجمة كمال السيد (القاهرة: معهد التخطيط القومي, 1971). نص تقرير لجنة ادارة شؤون المجتمع العالمي: جيران في عالم واحد, ترجمة مجموعة من المترجمين, سلسلة عالم المعرفة, عدد 201 , الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب, ايلول 1995 ،ص22-36-94.

Benjamin R.Barbet,Jihad vs.mc world, march1992

http://www.theatLantlc.com/politics.pp.1-3

(33) - السيد يسين, العولمة والطريق الثالث, القاهرة, ميريت للنشر والمعلومات, 1999 ,ص96-97 . حازم البيبلاوي, مرجع سابق, ص240 .عبدالعزيز بن عبدالله الجلال, نحن والعولمة التعامل الواثق, المعرفة, العدد 46 ,نيسان - ايار 1999 ,ص49 .عبدالخالق عبدالله, العولمة: جذورها وفروعها وكيفية التعامل معها, عالم الفكر, العدد 2 ,تشرين اول - كانون اول 1999 ,ص84.

(34) حازم البيبلاوي, مرجع سابق, ص241.

(35) حول هذه الرؤية انظر: احمد عبدالرحمن احمد, العولمة: المفهوم المظاهر والمسببات, مجلة العلوم الاجتماعية, المجلد 26 ,العدد 1 ,ربيع 1998 ,ص61-62 . عبدالمنعم سعيد, العرب والنظام العالمي الجديد: الخيارات المطروحة, كراسات استراتيجية, العدد 3 ,القاهرة, مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية, ايار 1991 ,ص9-10 . حازم البيبلاوي, مرجع سابق, ص242 . محمد حماد, العرب وقطار العولمة السريع, المنتدى, العدد 156 ,ايلول 1998 ,ص17.

(36) السيد يسين, العولمة والطريق الثالث, مرجع سابق, ص66 . احمد عبدالرحمن احمد, مرجع سابق, ص63 . عبدالخالق عبدالله, مرجع سابق, ص84.

(37) حمدي عبدالرحمن, مرجع سابق, ص74-81 . مهيوب غالب احمد, العرب والعولمة: مشكلات الحاضر وتحديات المستقبل, المستقبل العربي, العدد 256 ,حزيران 2000 ,ص59-60 . بول سالم, الولايات المتحدة الاميركية: معالم الهيمنة في مطلع القرن الحادي والعشرين, المستقبل العربي, العدد 221, تموز 1997 ,ص79-89. ميشال اده, مرجع سابق, ص13 . احمد مجدي حجازي, مرجع سابق, ص 130-138. محمد المسفر, مرجع سابق, ص60-61.

(38) انظر حسنين توفيق ابراهيم, العولمة: الابعاد ..، مرجع سابق, ص 202-203. بول سالم, مرجع سابق, ص 82. مهيوب غالب احمد, مرجع سابق, ص 62. احمد ثابت, مرجع سابق, ص 10.

(39) حميد الجميلي, مرجع سابق, ص 43-47 . حمدي عبدالرحمن, مرجع سابق, ص 73-84 . عبدالسلام المسدي, مرجع سابق, ص 367-371. حسنين توفيق ابراهيم, الدولة القطرية في الوطن العربي: الازمة اللبنانية وضرورة الاصلاح, الفكر العربي, العدد 91 ,شتاء 1998 ,ص 15-16. سليمان المنذري, السوق العربية المشتركة في عصر العولمة, ط1 ,القاهرة, مكتبة مدبولي, 1999 ,ص 230.

(40) لمزيد من المعلومات انظر ايمن محمد سعيد ابو زيتون, الابعاد السياسية لمفهوم الشرق اوسطية, (رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة آل البيت, المفرق, 1999), ص,9 18-34 ,63-67.

(41 Stephen Browne, Expanding Lateral Partnerships, Cooperation South, No. 2, 1998, p 92. Maria Elena Cardero Gracia, Latin American Patterns of Globalization & Regionalizitation, Cooperation South, No. 2, P. 96-105.

(42) لمزيد من المعلومات حول عمليات التفكيك التي رافقت العولمة, انظر: مروان عبدالرزاق, ماهي العولمة: التاريخ التحولات الراهنة المستقبل, الطريق, العدد 3 ,ايار -حزيران 1999 ,ص26-30. ماجد شدود, العولمة: مفهومها- مظاهرها- سبل التعامل معها, بدون طبعة, دمشق, بدون دار نشر, 1998 ,ص152 , 166. كاظم حبيب, العولمة الجديدة, الطريق, العدد 3 ,ايار -حزيران ,1998 ,ص71. سمير امين, تحديات العولمة, شؤون الاوسط, العدد 71 ,نيسان 1998 ,ص60 . محمد مهدي شمس الدين, العولمة وانسنة العولمة, منير الحوار, العدد 37 ,شتاء 1999 ,ص8. نعيمة شومان, العولمة والتكنولوجيا الحديثة, الفكر السياسي, العدد 1 ,شتاء 1997 ,ص80-81.

(43) عبدالخالق جودة, مرجع سابق, ص 165 - 166.

(44) محمد محفوظ, نقد المشروع الثقافي الغربي وطموحات العولمة, الكلمة, العدد 19 ,ربيع 1998, ص15.