إعداد: المحامي أسامة ملكاوي
إضاءات
يتعذر الزعم أن الدستور الأردني مترجم عن الدستور البلجيكي، ولكنهما ينتميان الى أساس قانوني وفلسفي مشترك ويعتمدان فلسفة واحدة في الحكم.والدستور البلجيكي هو رابع أقدم دستور مكتوب.
النص الدستوري يضيق كلما تعرض للتفسير، والاسترشاد بنصوص دستورية أخرى يستلزم الاطلاع على كل النصوص ذات العلاقة.
الدولة البلجيكية أنشئت كدولة مركزية موحدة (بسيطة) وتحولت الي دولة اتحادية،عام 1970، ولذلك فان اقاليمها تتمتع بالشخصية الاعتبارية.
ان الاستعانة بنصوص الدستور البلجيكي وسوابقه في تفسير نصوص الدستور الأردني امر مشروع بل انه أمر مستحب، شريطة مراعاة الفوارق الواقعية، ووعي الأحداث التاريخية، وفهم طبيعة تكوين المجتمع البلجيكي وأخذها بالاعتبار، والاطلاع على نصوص، وإلايصبح ذلك تضليلا.
ان عدم نجاح دولة بلجيكا في ردم الفجوة بين الهويات الفرعية، بل تنامي الاختلاف حولها وضع بلجيكا في صعوبات جمة أدت إلى ترسيخ هذه الهويات في الدستور والتحول من دولة مركزية (موحدة) الى دولة اتحادية كما هي عليه الآن.
حق الاجتماع مكفول بضوابط وبدون أسلحة مع استثاء حق الاجتماع في الهواء الطلق، حيث يخضع ذلك للوائح الشرطة.
تصنف الملكية في بلجيكا على أنها ملكية دستورية، وقد وصفها بعض فقهاء الدستور بأنها ملكية شعبية Popular monarchy وهو وصف يصدق على الأردن
أي عضو في احد مجلسي البرلمان يعينه الملك وزيراً ويقبل هذا الترشيح يتوقف عن ممارسة عضويته في المجلس، ويستعيد ولايته مرة أخرى عندما يقرر الملك انتهاء مهامه كوزير.
إن العرف الدستوري معترف به كوسيلة من وسائل تعديل الدستور في الفقه الدستوري
يعين الأعضاء في مجلس الشيوخ من قبل ممثلي الجماعات والأقاليم وشيوخ منتخبين وفق تفصيل محدد بالدستور
صدر الدستور الأردني في مطلع عام 1952. وقد استقى قواعده الأساسية من الدستور البلجيكي كما فعلت مصر عند صياغة دستورها عام 1923 واعلان تحويلها من سلطنة الى ملكية دستورية. ورغم التشابه بين الأحكام العامة في هذه الدساتير الثلاثة، إلا انه يتعذر الزعم بان الدستورين الأخيرين ( الأردني والمصري ) قد نقلا عن الدستور البلجيكي أو أنهما ترجمة له، ولكنني استطيع التأكيد على ان الدساتير الثلاثة تنتمي إلى أساس قانوني وفلسفي مشترك، وان المبادئ الأساسية فيها تعتمد فلسفة واحدة في الحكم، وهي اعتماد النظام الملكي البرلماني منهجا للحكم، وضمان الفصل بين السلطات، واعتماد المسؤولية الوزارية، وضمان حقوق المواطنين وحرياتهم بوضوح كاف وايجاز واف يسمح بالتوسع في فهم النص، دون اغراق في التفاصيل يقيد المعنى، والنص الدستوري يضيق كلما أخضع للتفسير.
لقد أنجزت اللجنة التأسيسية الدستور البلجيكي في 7 شباط عام 1931، وأقر في 25من شباط في نفس العام. وقد اعتمد أحكاما من الدستور الفرنسي لعام 1814وعام 1830 وكذلك من الدستورين الهولندي والالماني لعام 1814، وقد جرى عليه تعديلات كثيرة منذ صدوره وحتى عام 2014. ولكن الشعب البلجيكي على تنوعه حرص على الابقاء على جوهر دستور (1931) وهيكله وفلسفته. ولهذا فهو يعتبر رابع أقدم دستور مكتوب مازال معمولا به. (حيث يسبقه دستور سانت مارينو الذي صدر عام (1600). ودستور الولايات المتحدة الأميركية الذي صدر عام (1787)، والدستور الثالث هو دستور النرويج الذي صدر عام (1814). ولعل أهم التعديلات التي تعرض لها دستور بلجيكا هو تعديل عام 1994 الذي نشر في الجريدة الرسمية في 17 شباط عام 1994، فقد أعيد ترتيب نصوص الدستور دون تغيير جوهري في بنيانه، حيث أطلق على هذا التعديل اسم ( إعادة تنسيق الدستور) فالتغييرات التي حدثت عليه لا ترقى إلى درجة اعتباره دستوراً جديدا. وهو الأمر الذي كان الشعب البلجيكي حريصا على المحافظة عليه منذ صدوره.
ان الاستعانة بنصوص الدستور البلجيكي وسوابقه في تفسير نصوص الدستور الأردني امر مشروع بل انه مستحب، شريطة مراعاة الفوارق الواقعية، ووعي الأحداث التاريخية، وفهم طبيعة تكوين المجتمع البلجيكي وأخذها بالاعتبار.
ولذلك فقد رغبت في ترجمة الدستور البلجيكي كما هو في نصه الحالي، تمهيداً للمقارنة بين الدستور الأردني وتعديلاته وبين الدستور البلجيكي بعد التعديلات التي أدخلت عليه حتى عام 2014، والتنويه إلى الفوارق الرئيسية التي يجب ان تؤخذ بالاعتبار عند الاستعانة بأحكامه في تفسير أحكام الدستور الأردني. وقد كانت الترجمة عن ترجمة باللغة الإنجليزية للنصوص باللغة الهولندية والفرنسية والألمانية التي نشرت في الجريدة الرسمية البلجيكية في 31/1/2014.
ولفهم أوفى لأحكام الدستور البلجيكي ونشأته عام 1931 وما طرأ عليه بعد ذلك من تعديلات، يجدر عرض موجز لتاريخ دوله بلجيكا ونشأتها واقرار دستورها وطبيعة تكوين الشعب البلجيكي. لما في ذلك من تيسير فهم الأسباب التي دعت لاعتماد بعض النصوص.
الجزء الأول
نبذة تاريخية عن مملكة بلجيكا
بلجيكا جزء مما يطلق عليه الأراضي الواطئة ( المنخفضة) Netherland وتقع في شمال غرب أوروبا، كانت تسكنها قبائل شعوب (السلت) تسمى (بلجي). خضعت في منتصف القرن الأول للميلاد للحكم الروماني وأصبحت جزءا من الدولة الرومانية التي اطلقت عليها وعلى ما حولها اسم ( بلاد الغال) وسكانها جزء من القبائل الجرمانية.
في القرن الخامس الميلادي تمكنت احد القبائل الجرمانية وتسمى (الفرنكين) من طرد (الرومان) وتم تأسيس مملكة شملت الإقليم البلجيكي بقيادة الملك الفرنكي ( كلوفيس). وفي القرن الثامن الميلادي انتقل الحكم إلى عائلة أخرى من الحكام الفرنكيين، وقد كان اعظم ملوكهم الامبراطور شارلمان ( 768-814 ) وفي عهده توسعت الإمبراطورية لتشمل أجزاء واسعة من غرب أوروبا. عاصر الامبراطور شارلمان الخليفة العباسي هارون الرشيد ( 786-806) وكانت علاقاتهما وطيدة ومعروفة في التاريخ العربي.
وفي القرن الخامس عشر انتقل الحكم إلى عائلة هابسبورغ النمساوية، وبذلك وقع الإقليم تحت سيطرة إسبانيا، باعتبار اسبانيا كانت من المدافعين عن الكاثوليكية في ذلك العصر، فقد اضطهدوا البروتستانت المقيمين في منطقة الأراضي المنخفضة، ولذلك قامت الثورة ضد إسبانيا وأعلنت هولندا مملكة مستقلة عام 1581 واعترفت بها أغلب الدول الأوروبية القائمة تلتها إسبانيا عام 1648، ولكن ظلت بلجيكا تحت السيطرة الإسبانية حيث عانت من كساد اقتصادي ومن الحروب التي جرت بين إسبانيا ودول أخرى. وفي عام 1713 تنازلت إسبانيا عن بلجيكا إلى النمسا كجزء من تسوية سياسية أوروبية.
في عام 1794 طرد الفرنسيون النمسا من بلجيكا وأصبحت بلجيكا جزءامن الامبراطورية الفرنسية عام 1795 وظلت كذلك إلى عام 1815 حيث هزم نابليون في معركة (واترلو). وخلال هذين العقدين عمل الفرنسيون على تغيير الأنظمة القانونية والتعليمية القائمة وجعلها فرنسية، وأصبحت نسبة كبيرة من جماعة الوالون والطبقة العليا من الفلمينكيين يتحدثون الفرنسية. وظلت لغة غير المتعلمين من الفلمنكيين اللغة الهولندية.
قررت الدول الأوروبية في مؤتمر فيينا الذي عقد بعد هزيمة نابليون، ضم بلجيكا إلى هولندا. ولكن الشعب البلجيكي لم يكن راضيا عن ذلك بسبب سياسات هولندا فيما يتعلق باللغة والتعليم والسياسة، إضافة إلى ان معظم سكان بلجيكا من الكاثوليك كانوا يعارضون الخضوع لحكم البروتستانت الهولنديين.
ثار البلجيكيون على هولندا عام (1830)، واعلن استقلال بلجيكا في الرابع من تشرين الثاني من نفس العام. واعترفت كل من النمسا وفرنسا وبريطانيا وبروسيا وروسيا بهذه الدولة الوليدة كدولة مستقلة ووضع لها دستور في السابع من شباط عام 1931 واصبح ساريا في 25 شباط أي بعد حوالي أسبوعين من إعداده.
توترت العلاقة بين الفلمنكيين المتحدثين بالهولندية والوالونيين الذين يتحدثون بالفرنسية في أواخر القرن التاسع عشر، وحيث كانت الفرنسية هي اللغة الرسمية للدولة. فقد سيطر المتحدثون بالفرنسية على الحكومة والاقتصاد، وتم الاعتراف بالهولندية لغة ثانية للبلاد في أواخر القرن التاسع عشر إلا ان التوتر بين المجموعتين استمر إلى مطلع القرن العشرين لان كلا منهما كانت تبحث عن مصالحها الاقتصادية والثقافة الخاصة بها.
في الستينيات من القرن العشرين ازداد التوتر بين الفلمنكييين والوالونيين وازدادت قوة بعض الأحزاب السياسية. بسبب اهتمامها بصورة رئيسية بمشكلة اللغــة المثيرة للخــلاف. واكتمل تعديل الدستور الرئيسي في عام 1971، حيــث قسمت الأمة إلى ثــلاث جماعــات ثقافية 1- المتحدثون بالهولندية 2- المتحدثون بالفرنسية 3- المتحدثون بالألمانية. ولكل جماعة مجلسها الثقافي الخاص بها حيث يوجب الدستور الحصول على موافقة مجلس المجموعة اللغوية على القوانين التي تتعلق باللغة والتعليم والأمور الثقافية الأخرى.
كما اقر الدستور إقامة ثلاث مناطق اقتصادية 1- منطقة الفلاندرز 2-منطقة الوالون 3- منطقة بروكسل - العاصمة(ثنائية اللغة). وفي عام 1980 منح الدستور لمنطقتي الفلاندزر والوالون حكما ذاتيا محدودا حيث أعطيت كل منهما السيطرة على شؤونها الاقتصادية الخاصة.
ونظراً لان مشكلة التعدد اللغوي كانت مصدراً لنزاعات داخلية فقد توقفت بلجيكا عن السماح لأحزاب جديدة تقوم على أساس الاختلاف اللغوي، إلا ان ذلك الاختلاف مازال مؤثراً على أداء الدولية البلجيكية.
ان عدم نجاح دولة بلجيكا في ردم الفجوة بين الهويات الفرعية، بل تنامي الاختلاف حولها وضع بلجيكا في صعوبات جمة أدت إلى ترسيخ هذه الهويات في الدستور والتحول من دولة مركزية (موحدة) الى دولة اتحادية كما هي عليه الآن.
خارطة بلجيكا حسب التقسيم الدستوري
في الجزء الثاني من هذه الدراسة نستعرض هيكل الدستور البلجيكي وتعديلاته، مع عرض لأحكام الدستور الأردني المقابلة سواء من حيث تشكل الدولة وحقوق المواطنين السلطات والمؤسسات الدستورية.
الجزء الثاني
أولا: كيان الدولة ومكوناتها
أعلن استقلال بلجيكا في الرابع من تشرين الثاني عام 1930 وقد أعد الدستور على أساس ان دولة بلجيكا هي دولة مركزية موحدة، ولكن بدلا من الغاء الاختلاف بين الهويات الفرعية، المرتبطة باللغة والثقافة والتاريخ والتي تمتد إلى قرون سابقة، نتيجة تعاقب ثقافات مختلفة على حكمها (الإسبانية والفرنسية والنمساوية). فقد تعززت هذه الهويات الفرعية الى أن أدخلت في متن الدستور، كعنصر مهم من عناصر تكوين الدولة وأصبحت بلجيكا منذ عام 1993، دولة اتحادية تتألف من جماعات محلية وأقاليم وجماعات لغوية. هي الإقليم الفلمنكي ويقع في شمال بلجيكا وتغلب فيه اللغة الهولندية وهي منطقة جغرافية تكثر فيها الأراضي المستصلحة من البحر وإقليم الوالون ويقع في جنوب بلجيكا ويغلب على تكوينه الجغرافي الجبال والغابات أما اللغة السائدة فيه فهي اللغة الفرنسية، وإقليم بروكسل العاصمة وهي منطقة ثنائية اللغة تقع ضمن الإقليم الفلامنكي، واللغة الألمانية وتتحدث بها جالية تقطن في الجزء الشرقي من اقليم الوالون.
ادخل هذا التقسيم في الباب الأول في المواد ( 2 إلى 5 ) من الدستور. وقد نص الدستور على أنه لا يجوز تعديل حدود الدولة أو هذا التقسيم إلا بقانون يحظى بموافقة أغلبية أصوات كل مجموعة لغوية وان لا يقل عدد أصوات مجموعتين لغويتين المؤيدة للتعديل عن ثلثي مجموع الأصوات المؤيدة للمشروع على الأقل. وهو ما يجعل التغيير أمراً صعبا.
أما في الأردن فقد نص الدستور على أن الدولة موحدة، وانها دولة نيابية ملكية، وانها تنتمي إلى الأمه العربية والإسلامية ( المادتين 1 و2 ) من الدستور، وهكذا كانت الدولة منذ تأسيسها، حيث كانت المادة (1) من القانون الأساسي لعام 1928 وكذلك المادة (2) من دستور المملكة الأردنية الهاشمية لعام 1947 تنص على ان المملكة الأردنية الهاشمية دولة مستقلة ذات سيادة، دينها الإسلام وملكها لا يتجزأ ولا يتنازل عن شيء منه ونظام الحكم فيها ملكي وراثي.
ان تاريخ الأردن وتكوينه ومنهج الحكم فيه لم يسهم في نشوء هويات فرعية، فقد كانت المنطقة خاضعة لنظام حكم واحد (الحكم العثماني) وشعبه ينتمي الى الأمة العربية ويدين بالإسلام ويعيش الإردنيون ثقافة واحدة، والدولة الأردنية هي وريثة الثورة العربية الكبرى والمملكة السورية الفيصلية، وحاملة رسالتها، فقد كانت طموحات شعب الأردن الاستقلال عن الحكم التركي وإقامة دولة عربية موحدة، بل لقد تم تأسيس الدولة الأردنية بناء على رغبــة شعبيـة اعلنت بعد الاحتلال الفرنسي لشمال بلاد الشام والقضـاء على المملكة السوريــة الفيصلية، كخطوة على طريق إعادة توحيد المنطقة العربية كاملة. وهذا ما جنب الأردن نشوء هويات فرعية وساهم مع نهج الحكم والادارة الأردنية في ترسيخ الدولة الموحدة حيث حفظت للأقليات العددية تمثيلها المناسب وضمنت لها المشاركة في الحكم.
ثانيا: حقوق المواطنين وواجباتهم
عالج الدستور البلجيكي أمور الجنسية وحقوق المواطنين في الباب الثاني من الدستور (المواد 8- 32) حيث أناط بالقانون تحديد أحكام التجنيس والتمتع بالجنسية، وفي وقت لاحق عام (2014) عدلت أحكام الجنسية لتسمح لمواطني دول الاتحاد الأوروبي المقيمين على الأراضي البلجيكية، بممارسة بعض حقوق الانتخاب تنفيذا لاتفاقيات قيام الاتحاد الأوروبي ( المادة 8).
ومع ان القانون في بلجيكا قد منح المقيمين على الأراضي البلجيكية بعض الحقوق الأخرى إلا انه حرص على حكم المادة (10) والتي تنص على ان للبلجيكيين وحدهم حق إشغال الوظائف المدنية والعسكرية. وان تحدد الاستثناءات على ذلك بقانون، وحصرت تولي المناصب السياسية والقضائية بالبلجيكيين.
لقد أضاف الدستور البلجيكي بعض الأحكام على هذا الباب بتفصيل إضافي لبعض أحكامه ومع ذلك فإنها تكاد تتطابق من حيث المبدأ مع ما ورد في الدستور الأردني في أحيان كثيرة بالنص أيضا. إلا إنني سأشير في هذه إلى بعض هذه الأحكام للتنويه.
1. المادة (14) مكرر: تلغى عقوبة الإعدام التي تم إدراجها عام 2005 وقد كانت تعديلات الدستور قد الغت عقوبة (الموت المدني) وتنص على عدم أعادتها. المادة (13). أما الدستور الأردني فقد علق تنفيذ أحكام الإعدام على مصادقة الملك ومنحه حق تخفيض العقوبة والعفو الخاص، ولذلك فقد توقف تنفيذ أحكام الإعدام لسنوات عديدة متتابعة.
2. المادة (21): الزام المواطنين بتسجيل الزواج مدنيا قبل إجراء مراسيم الزواج كنسياً.
3. المادة 22 ( مكرر): النص على ضمان حقوق الطفل. أما الدستور الأردني فقد نص على اعتبار الأسرة أساس المجتمع، وعلى حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة والأحداث وذوي الإعاقات بقوانين،مادة (6/4و5)
4. المادة (24): حرية التعليم واعتباره جزءا من الحقوق والحريات الأساسية وحق الغلمان في التربية الدينية. وقد نص الدستور الأردني على الزامية التعليم، واباح للجماعات تأسيس مدارسها الخاصة تحت رقابة الدولة، وكفلت الدولة حرية البحث العلمي مواد(15/2و19و20)
5. المادة (26): حماية حق الاجتماع بضوابط وبدون أسلحة مع استثاء حق الاجتماع في الهواء الطلق، حيث يخضع ذلك للوائح الشرطة. وقد كفل الدستور الأردني حق الاجتماع للأردنيين ضمن حدود القانون بالمادة (16/1)، ويمكن تطبيق الضوابط التي وردت بالدستور البلجيكي على أننا نتفق مع معايير الاتحاد الأوروبي لمعنى هذا الحق.
6. المادة ( 28): حصر حق مخاطبة السلطات باسم الجماعة بالهيئات المعنية. وهو مماثل للمادة (17) من الدستور الأردني.
7. المادة (32): حق الفرد في الاطلاع على الوثائق الادارية، والحصول على نسخة منها وفق القانون.
8. المادة (30): حرية استعمال اللغة.
ومع اختلاف طفيف بين أحكام الدستور الأردني في المواد ( 5 الى 23) التي تعالج حقوق وواجبات الأردنيين، ونصوص الدستور البلجيكي من حيث الإيجاز أو التفصيل، وبالرغم من التشابه في الجوهر فان مالفت انتباهي هو نص المادة (26) من الدستور البلجيكي التي تفسر معنى حق الاجتماع المبين في المادة (16/1) من الدستور الأردني بأن المقصود منع حمل السلاح في الاجتماع، وأن الاجتماع في الهواء الطلق يخضع للوائح الشرطة وهو نص لايتعارض مع مبادئ حقوق الانسان ولا اتفاقيات الاتحاد الأوروبي. ولعل نصوص الدستور الأردني في مسائل حقوق المواطنين أكثر تفصيلا وشمولا إلا أنه لا يفهم من ذلك أن الدستور البلجيكي قد أهمل هذه الحقوق.
ثالثا: العرش
عالج الدستور شؤون العرش البلجيكي في الفرع الأول من الفصل الثالث من الدستور (المواد من 85-95) وهي تقابل القسم الأول من الفصل الرابع من الدستور الأردني المواد (28-40) وهما متشابهان من حيث النص على أن ولاية العرش وراثية ومحصورة في سلالة مؤسس الدولة (الملك ليوبولد الأول في بلجيكا، الملك عبدالله الأول الملك المؤسس في الأردن). وان كان الدستور الأردني أكثر تفصيلاً ووضوحاً في هذا الشأن.
تصنف الملكية في بلجيكا على أنها ملكية دستورية، وقد وصفها بعض فقهاء الدستور بأنها ملكية شعبية Popular monarchy. وقد حافظت على القواعد التي أهلتها لهذا الوصف رغم التعديلات المتعددة التي طالت الدستور، وهو وصف يصدق في الأردن حسب أحكام الدستور الأردني ونتيجة لنهج العرش الأردني الذي كان حريصا ومنذ نشأة الدولة على تحقيق مصالحه وتعزيز وحدته الوطنية. وينص الدستور البلجيكي على ان توارث العرش هو من خلال النسب المباشر الطبيعي والشرعي لسلالة الملك ليوبولد، ويحرم ولي العهد من هذا الحق اذا تزوج دون موافقة الملك أو في غيابه أو دون الحصول على موافقة هيئة الوصاية، ومع ذلك فللملك حق إعادة تسمية وليا للعهد وكذلك لهيئة الوصاية إعادة هذا الحق بموافقة المجلسين ( المادة 85) وتمنع المادة ( 87) الملك من ان يكون رئيساً لدولة أخرى بدون موافقة المجلسين على ان يبحث هذا الأمر بحضور ثلثي أعضاء كل من المجلسين وان يحصل القرار على أغلبية ثلثي الأصوات.
رابعا: السلطات
تعالج المواد ( 33-41 ) من الدستور البلجيكي مسالة توزيع السلطات الدستورية، حيث تنص المادة (33) على ان الأمة مصدر السلطات وتنص المادة ( 36) على ان تمارس السلطة التشريعية من قبل الملك ومجلس النواب ومجلس الشيوخ بشكل جماعي، وتنص المادة (37 ) على ان السلطة التنفيذية الاتحادية مناطة بالملك ( ويقصد من خلال الحكومة ). وتنص المادة (40) على ان السلطة القضائية تمارس من قبل المحاكم والهيئات القضائية. وان أحكامها وقراراتها تصدر بأمر الملك.
وهذه الأحكام تقابل نصوص الفصل الثالث من الدستور الأردني المواد ( من 24 إلى 27 ) وتتطابق أحكامها. غير ان طبيعة تكوين الدولة البلجيكية اقتضت تعديل هذا الباب ( الباب الثالث) بإضافة أحكام جديدة بعد عام 1993، تظهر في المواد (35و 38 الى 39 مكرر) للإشارة إلى الصلاحيات التي تعطي لمجالس الجماعات والمناطق والهيئات الإقليمية في الدولة الاتحادية، والصلاحيات الأخرى التي تطلبتها عضوية بلجيكا في الاتحاد الأوروبي.
السلطة التشريعية الاتحادية
حرص الدستور البلجيكي على ثنائية السلطة التشريعية الاتحادية، حيث يتألف البرلمان الاتحادي من غرفتين، مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وقد نصت المادة (42) على ان أعضاء مجلس البرلمان يمثلون الأمة وليس فقط أولئك الذين انتخبوهم، وقد اطلق الدستور الأردني تسمية مجلس الأمة على مجلسي النواب والأعيان في المادة ( 62). وقد جمع الدستور البلجيكي الأحكام المتعلقة بمجلسي البرلمان في فرعين من الفصل الأول من الباب الثالث من الدستور حيث تضمن هذا الفصل احكاماً تتعلق بالمجلسين المواد ( 42-60) والفصل الأول عن مجلس النواب في المواد (61-66 ) والفصل الثاني عن مجلس الشيوخ المواد ( 67 - 73). أما الأحكام المتعلقة بعملية التشريع فقد خصص لها المواد ( 74-84 ) من الفصل الثاني. وهذا التبويب متشابه مع تبويب الدستور الأردني في هذا الشأن حيث خصص الفصل السادس للسلطة التشريعية وقسمه إلى ثلاثة أقسام القسم الأول المواد ( 63 -66) لمجلس الأعيان والقسم الثاني المواد ( 67-74 ) لمجلس النواب والقسم الثالث للأحكام الشاملة للمجلسين وللتشريع المواد ( 75-96) وللمقارنة فإنني سأتحدث عنها حسب الموضوع.
أولاً: تمثيل الأمة
تنص المادة (42) على ان كلا من أعضاء مجلس الأمة يمثل الأمة بمجموعها، وليس الجهات التي انتخبتهم. ولم ينص الدستور الأردني على مثل هذا الحكم، اكتفاء بالمعنى الدستوري الشائع لمفهوم النيابة. أما في بلجيكا فقد نص على ذلك استجابة لطبيعة تكوين الدولة.
ثانياً: دورات المجالس التشريعية
مدة الدورة البرلمانية العادية (40) يوما على الأقل، المادة (44). تبدأ من ثاني يوم ثلاثاء من شهر تشرين الثاني من كل عام ما لم يكن الملك قد استدعاهما للاجتماع قبل ذلك الموعد. وللملك حق دعوتهما لاجتماع غير عادي وهذه تقريبا أحكام مماثلة للأحكام الواردة في المادة (78) من الدستور الأردني.
وتنص المادة ( 45) على ان للملك تأجيل اجتماع المجلسين. كما تنص المادة (47) على علانية الجلسات وفي الدستور الأردني أحكام مقابله لها. كذلك منعت المادة (49)الجمع بين عضوية المجلسين في نفس الوقت وكذلك الجمع بين عضوية أي المجلسين وعضوية البرلمانات الاقليمية.
أما المادة (51) فهي تنص على ان يتوقف عضو مجلس النواب أو الشيوخ عن ممارسة مهام عضويته في مجلسه اذا عين من قبل الحكومة الاتحادية بوظيفة براتب غير الوزير ويقبل هذا التعيين، ولكن الدستور الأردني لا يسمح بوجود أي نوع من التعاقد مع الحكومة خلال فترة عضويته في المجلس، سواء كانت وظيفة أو عقدا تجاريا.
وينص الدستور البلجيكي في المادة (52) على تعيين رئيس لكل من المجلسين ونائب له وتشكيل لجانه سنوياً. وهو مطابق للمادة ( 69) من الدستور الأردني بالنسبة لمجلس النواب أما مجلس الأعيان فان مدة رئاسة المجلس فهي سنتان حسب المادة (65) من الدستور.
ومن الملفت للانتباه نص المادة (50) الذي يتضمن القاعدة بتوقف عضو مجلس البرلمان عن ممارسة مهامه البرلمانية اذا عين وزيرا حيث تنص على ان:
«أي عضو في احد مجلسي البرلمان يعينه الملك وزيراً ويقبل هذا الترشيح يتوقف عن ممارسة عضويته في المجلس، ويستعيد ولايته مرة أخرى عندما يقرر الملك انتهاء مهامه كوزير، وينص القانون على شروط اختيار بديل له في المجلس المعني». ومع أن الدستور الأردني يسمح بالجمع بين عضوية مجلس الأمة وتولي منصب الوزارة. فقد حدث أن تم توافق بين مجلس الأمة وجلالة الملك الحسين والحكومة على الفصل بين تولي الوزارة وعضوية مجلس الأمة دون تعديل الدستور حماية لمهمة كل منهما حيث تبدت سلبيات هذا الجمع، وقد تم غض النظر عن بعض الحالات حتى لايستقر هذا الاتفاق كعرف دستوري. ( وبالمناسبة فإن العرف الدستوري معترف به كوسيلة من وسائل تعديل الدستور في الفقه الدستوري).
ثالثا: حل مجلس النواب
أباحت المادة (45) من دستور بلجيكا للملك حل مجلس النواب وحل مجلس الشيوخ وبينت الشروط الواجب توافرها لإقرار الحل واشترطت تحديد موعد إجراء الانتخابات التالية مع قرار الحل.
وكذلك في الدستور الأردني فقد أعطت للملك سلطة حل مجلس النواب وحل مجلس الأعيان المادة (34) واشترط إجراء الانتخابات وانعقاد المجلس الجديد خلال أربعة اشهر من تاريخ الحل كما اشترطت عدم حل المجلس الجديد للسبب نفسه الذي حل المجلس السابق بسببه وأضاف شرطا باستقالة الحكومة التي يحل مجلس في عهدها ومنع تكليف رئيسها بتشكل الحكومة التي تليها (المادتين 73 و74). وبالمناسبة فقد اجتهد أحد أساتذة القانون بأن اقرار قانون انتخابات جديد يوجب حل البرلمان القائم، لأن المجلس الذي أقر القانون الجديد لم يعد يمثل إرادة الشعب، وهو قول غريب ومستغرب منه، لأنه قول لا يستند الى قانون أو منطق، بل الى رغبة مكبوتة، لأن المجلس هو الذي يحدد تاريخ سريان القانون وآثاره، ولو اطلع هذا الأستاذ على الأحكام الانتقالية التي تضمنها التعديل الدستوري الأخير في بلجيكا لاكتشف تطبيقا مخالفا لرغبته.
رابعا: تكوين مجلس النواب
1. شروط العضوية:
توجب المادة (64) على المرشح لعضوية مجلس النواب ان يكون بلجيكيا وان يتمتع بالحقوق السياسية والمدنية وان يكون قد بلغ الثامنة عشرة من العمر وان يكون مقيما في بلجيكا بصفة دائمة،و قد منعت إضافة شروط أخرى.
وقد كان السن المقرر للمرشح هو (25) سنة. تم تعديله إلى (18) سنة في التعديلات الأخيرة عام (2014) للمواءمة مع اتفاقيات الاتحاد الأوروبي.
2.الانتخاب:
تنص المادة (61) على ان يكون الانتخاب مباشراً للذين أتموا سن الثامنة عشرة وملزما لهم وقد كان سن الانتخاب قبل التعديلات الأخيرة (21) عاما. وتنص كذلك على ان لكل ناخب صوت واحد فقط. وتنص المادة (62) على ان تحدد الدوائر الانتخابية بالقانون وعلى الزامية الاقتراع وسريته. وينتخب المجلس لمدة خمس سنوات مادة (65). وقد كان سن الناخب (21) عاما خفضت في التعديل الأخير الى (18) انسجاما مع قواعد الإتحاد الأوروبي.
وفي الدستور الأردني فقد قد اشترطت المادة (75) من الدستور الأردني أن يكون عضو مجلس النواب أو الأعيان أردنيا ولا يحمل جنسية أخرى وان لا يكون محكوما عليه بالإفلاس ولا محجوزاً عليه أو مجنونا أو معتوها وان لا يكون محكوما عليه بالسجن لمدة تزيد على سنة واحدة وان لا يكـــون من أقارب الملك في الدرجة التي تعين بقانون خاص. وينتخب المجلس لمدة (4) سنوات مادة (68). أما من حيث السن فقد نص على أن يكون النائب قد أتم (30) عاما والعين (40) عاما.
3.عدد النواب:
نصت المادة (63) على أن يتألف مجلس النواب من (150) عضواً وان توزع المقاعد على الدوائر الانتخابية التي تحدد بقانون حسب عدد السكان، والفائض من عدد المقاعد يوزعه الملك على الدوائر ذات الفائض الكبير من الدوائر الذي لم يمثلوا، وقد كان عدد النواب (212) نائبا وتم تخفيضه مع التعديلات الأخيرة.
أما الدستور الأردني فقد نص على ان يتولى القانون وضع قواعد إجراء الانتخابات وعدد النواب واجراءات الانتخاب بحث يكفل حق المرشحين في مراقبة الانتخابات وعقاب العابثين بارادة الناخبين وسلامة العملية الانتخابية وأو كل ادارة انتخابية إلى هيئة مستقلة المادة ( 67). حيث استحدثت هذه الهيئة بتعديلات 2011.
جدول تقسيم مملكة بلجيكا الى جماعات ومناطق
وجماعات لغوية ومحافظات وأقضية وبلديات