09/08/2011

مركز الرأي للدراسات
المستشار محمد سامي ابو غوش
اب 2011
ماذا تعني الأزمة بالنسبة للنظام الراسمالي السياسي العالمي؟ فعلى حد التعبير الذي قاله ماو تسي تونج: «فلندع ألف زهرة رأسمالية تتفتح». او العبارة التي يقولها الناس عند وفاة الملوك: «ماتت الرأسمالية. عاشت الرأسمالية.”هل الأزمة الحالية نقطة تاريخية فاصلة، تقف على أحد طرفيها العولمة المدفوعة بالسوق والرأسمالية المالية والهيمنة الغربية, ام تداول سم الأفعى أوصلنا إلى هذه الكارثه؟ وعلى الجانب الآخر تقف الحمائية وتشديد الأنظمة الرقابية والهيمنة الآسيوية؟ فهل سيحكم المؤرخون على هذه الفتره باعتبارها حدثاً تسببت فيه مجموعة من السياسيين الغربيين الحمقى بحروب سياسيه واقتصاديه مفتعله وليست ذا أهمية كبيرة؟ ام إننا نشهد في هذه الأزمة المالية إنبعاث «الاقتصاديات الكينزية» من جديد.
أغلب الظن أن المطاف سينتهي بهذه الأزمة أن تكون حداً وسطاً بينهما , واستطيع الجزم باننا نتحدث مرة أخرى عن ما كتبه «جون ماينارد كينز: في كتابه الذي صدر في عام 1936 بعنوان «النظرية العامة للتوظيف، والفائدة، والنقود « “ The General Theory of Employment, Interest and Money، والذي ألفه خلال فترة الكساد العظيم.
فقد شهدت تلك الحقبة، كما في الوقت الحاضر، العديد من الدعوات لإنهاء الرأسمالية كما نعرفها. فقد كان يطلق على أعوام الثلاثينيات من القرن الماضي ذروة أيام الشيوعية في البلدان الغربية. والحل الوسط الخاص «بكينز» يتفادى البطالة ونوبات الفزع والجنون الخاصة بالرأسمالية. لكنه يتفادى أيضاً الضوابط الاقتصادية والسياسية الخاصة بالشيوعية. وأصبحت النظرية العامة كتاب الاقتصاد الأكثر أهمية في القرن العشرين بسبب رسالته المنطقية المتوازنة.
فالازمه ليست في مستوى الكساد العظيم، لأن استجابة السياسة النقدية والاقتصادية للدول الراسماليه الغربيه كانت في منتهى التصميم، ولا هي رأسمالية عام 1989. لنختبر ما نعلمه وما لا نعلمه حول أثرها على الاقتصاد وعالم المال والرأسمالية والدولة والعولمة والجغرافيا السياسية.
بالنسبة لأثرها في العولمة، فهناك أمور مهمة تؤثر في الازمة فحين تصاب الولايات المتحدة بالتهاب رئوي، يصاب الجميع باعتلال قاتل. كما ان الأزمة الحالية أقسى وأحدُّ أزمة اقتصادية منذ الثلاثينيات. كما أنها أزمة عالمية تضررت منها بصورة خاصة البلدان التي كانت متخصصة في تصدير البضائع المصنَّعة، أو التي كانت تعتمد على صافي الواردات من رأس المال بالاضافة الى أن صانعي السياسة دفعوا إلى الساحة بأكثر وأقوى الإجراءات المالية العامة والنقدية وحملات الإنقاذ المالي على نحو لم يسبق له مثيل كما أن هذه الجهود حققت بعض النجاح في بعض الدول دون غيرها وانا شخصيا لا اعتقد ان الثقة حاليا تعود بالتدريج كما يزعمون
فمن مما تعلمته في المدرسة و الجامعة, اننا نتعلم الدروس ثم نواجه الامتحانات , أما في الحياة فإننا نواجه الامتحانات وبعدها نتعلم الدروس وعلى الفرض الساقط بان الراسماليه قد تعلمت درسها منذ ثلاثينيات القرن الماضي ، ويفترض أن دورة المخزون ستكون مصدراً للطمأنينة. وكما قال جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، الاقتصاد العالمي يمر الآن «بنقطة مرحلية مهمة»، فهو يلمح أن معدل تراجع الاقتصاد في حالة تراجع وانا لست كمعظم المحللين الاقتصاديين الذين يخمنون أن الولايات المتحدة هي التي ستقود التعافي والسؤال كيف ستقود التعافي اذا كانت هي سبب البلاء و اصل الداء ! بالاضافة الى مديونيتها التي وصلت مجموع الانتاج القومي ولن تستطيع الولايات المتحدة الامريكيه سداد ديونها وبخاصة ان عشرة تريليون دولار من سندات الخزينة الأميركية مملوكة لدول اجنبية كالصين واليابان وبريطانيا وملوك النفط ودول صغيره كمصر والجزائر وغيرها وافلاس اكبر شركات وبنوك امريكا جنرال موتورز وكذلك افلاس بنوك امريكا التي يقف الاقتصاد الامريكي عليها وهذا يشبه القصص المصريةالخرافية القديمة عن انقاذ البشريه وهنا استحضر في ذهني قصه مصرية قديمة تشبة إنقاذ أمريكا للبشرية من سم الافعى الامريكيه, يعد كتاب «بقرة السماء» أو «فناء البشرية» الذي دون في أواخر الأسرة الثامنة عشرة على المقصورة الذهبية للملك توت عنخ آمون؛ مثالا للقصة الأسطورية في الأدب المصري القديم.
وتصف القصة كيف أن رب الشمس «رع» قد واجه عصيانا من بني البشر، فأرسل عينه «حتحور»، وفي نسخة متأخرة «سخمت»، إلى الأرض في شكل لبؤة؛ مضت تبتلع الرجال. ثم استدعاها رع، ولكنها امتنعت عن العودة؛ فكان عليه أن يخدعها. ففي إحدى الليالي قام بخلق جعة حمراء لها مظهر دم الإنسان؛ فشربتها سخمت عن آخرها، حتى الثمالة. وبهذه الطريقة، تمكن رع من إنقاذ البشرية. وللتذكير فقط أثبت المختصون في علم النفس الاجتماعي، وعلى الأخص روجر شانك وروبرت أبلسون، إلى أي حد تحفز القصص، ورواية القصص، خصوصاً قصص المصالح الإنسانية، جانباً كبيراً من السلوك البشري. ويمكن أن تكون هذه القصص أكثر بكثير من مجرد حسابات مجردة. فالأمزجة الاقتصادية للبشر تعتمد إلى حد كبير على القصص ذات الصلة بالاقتصاد التي يرويها الناس لأنفسهم، ولبعضهم بعضا.
مرة أخرى يجد المحللون أن الولايات المتحدة هي أكثر بلد كينزي (نسبة إلى الاقتصادي جون ماينارد كينز) حسب تقديرهم من بلدان العالم المتقدم. ونستطيع أن نخمن كذلك أن الصين، من خلال صفقة التحفيز الهائلة، ستكون أكثر اقتصاد ناجح في العالم ولتفسير تصرف المحللين لنعد الى تاريخ جون مارينارد كينز قليلا فقد كانت ليديا لوبوكوفا، زوجتة راقصة بالية مشهورة. وكانت أيضاً مهاجرة روسية. لذلك كان كينز يعرف من خبرة عائلة زوجته مساوئ العيش في أسوأ الاقتصادات الاشتراكية. لكنه أيضاً كان يعرف قبل ذلك الصعوبات التعقيدات الجمة التي جاءت من الرأسمالية غير المنظمة وغير المقيدة والحره كما هو الحال حاليا. فقد عاش خلال فترة الكساد في بريطانيا في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي. ومن هنا جاء الإلهام لكينز من أجل إيجاد حل وسط للاقتصادات الحديثة.
في كثير من الأحيان خسارة معركة تعلمك كيف تربح الحرب وهناك أمور مهمة لا نستطيع أن نعلمها إلى أي مدى ستعمل المستويات غير العادية من المديونية ,كمديونية الولايات المتحدة وتراجع صافي القيمة على توليد زيادة مستدامة في المدخرات المرغوبة للأسر من الذين كانوا مستهلكين كثيري الإنفاق والثراء؟وما المدة التي تستطيع فيها حالات العجز الحالية في المالية العامة الاستمرار قبل أن تطالب الأسواق بتعويضات أعلى مقابل المخاطر والفائده؟ وهل تستطيع البنوك المركزية الراسمالية هندسةَ خروج غير تضخمي من السياسات المالية الكارثية غير التقليدية؟ اليس من الواجب في الأوقات التي يكون فيها معدل البطالة مرتفعاً، على الحكومات التي تتمتع بالجدارة الائتمانية أن توسع الطلب بواسطة الإنفاق في ظل وجود عجز. وبعدئذ، في الأوقات التي يكون فيها معدل البطالة متدنياً، على الحكومات أن تسدد الديون الناتجة عن ذلك. وبوجود هذا التغيير البسيط كما يبدو في الإجراءات، يمكن أن يكون النظام الرأسمالي مستقراً. ولا حاجة لإجراء جراحة جذرية للرأسمالية.
فيما يتعلق بالتمويل نلاحظ أن الثقة تعود الآن بالتدريج، إذ تتقلص الفروق في معدلات التأمين على الموجودات المأمونة والخطرة إلى مستويات أقل شذوذاً، مع تعاف (متواضع) في الأسواق. كما أن الحكومة الأمريكية أعطت نظامها البنكي شهادة بأنه في وضع صحي مقبول بالرغم من حلات الافلاس الفلكية للبنوك الامريكيه. لكن الميزانيات العمومية للقطاع المالي انفجرت في العقود الأخيرة وتضررت ملاءة المقترضين.
نستطيع أن نخمن أن التمويل سيحقق التعافي في السنوات المقبلة. كذلك نستطيع أن نخمن أن أيام مجده ولَّت ولن تعود قبل بضعة عقود، على الأقل في الغرب. لكن ما لا نعلمه هو المدى الذي يمكن أن يصل إليه «التخلص من الديون» وما يتبع ذلك من انكماش الميزانيات العمومية في الاقتصاد. كذلك لا علم لنا بمدى النجاح الذي يمكن أن يحققه القطاع المالي في مقاومة المحاولات الرامية إلى فرض نظام رقابي أكثر كفاءة من ذي قبل.
ينبغي على السياسيين أن يكونوا قد تعلموا العبر من الحاجة إلى إنقاذ الأنظمة المالية المليئة بمؤسسات تبلغ من الكبر والتداخل حداً لا يمكن معه السماح بانهيارها. أخشى أن المصالح الخاصة ستتغلب على المصلحة العامة
ماذا عن مستقبل الرأسمالية، الذي ناقشته صحيفة «فاينانشيال تايمز» في سلسلة من المقالات الممتعة تماماً؟ ستنجو الرأسمالية. إذ لم يتغير التزام كل من الصين والهند باقتصاد السوق، على الرغم من هذه الأزمة، رغم أن البلدين سيصبحان أكثر توتراً حول التمويل غير المقيَّد. وسيصر الناس الذين يقفون إلى جانب السوق على أن الفشل يجب أن يُلقى على باب الأجهزة التنظيمية والرقابية وليس على باب الأسواق. الاقتصاد مستقر في الأساس. وإذا لاحق الناس على نحو منطقي مصالحهم الاقتصادية في أسواق حرة، سيستنزفون بشكل متبادل الفرص المفيدة لإنتاج البضائع والتبادل كل مع الآخر. ومثل ذلك الاستنزاف للفرص من أجل تجارة مفيدة بشكل متبادل ينتج عنه التوظيف الكامل.
وبموجب هذه النظرية لا يمكن أن يحدث خلاف ذلك هناك قدر كبير من الحقيقة في ذلك: علينا ألا ننسى أن البنوك هي أكثر المؤسسات المالية خضوعاً للتنظيم. لكن هذه الحجة ستخفق من الناحية السياسية. فقد تضررت الرغبة في الثقة باللعب الحر لقوى السوق في التمويل. بالتالي نستطيع أن نخمن انتهاء وزوال العصر الذي يتسم بهيمنة أنموذج اقتصاد السوق. ستعمل البلدان، كما هو شأنها دائماً، على تكييف اقتصاد السوق وفق تقاليدها الخاصة. لكن ستقوم بذلك على نحو أكثر ثقة من ذي قبل العالم الذي يوجد فيه عدد كبير من الرأسماليات عالم يتطلب المهارة والحذر، لكنه سيكون عالماً ممتعاً. لكن المضامين التي تترتب على العولمة ليست واضحة وأن حقن كميات هائلة من الأموال الحكومية كان من شأنه تخفيف طابع العولمة بصورة جزئية في التمويل، وجاء ذلك مقابل تكاليف هائلة تكبدتها بلدان الأسواق الناشئة كذلك أن التدخل الحكومي في الصناعة له طابع قومي قوي.
بالمثل، كما أنه لا يوجد عدد كبير من الزعماء السياسيين الذين لديهم الاستعداد لوضع أنفسهم في موقع ضعيف ومساندة التجارة الحرة. معظم بلدان الأسواق الناشئة ستستنتج أن تكويم احتياطيات هائلة من العملات الأجنبية وتقليص العجز في الحساب الجاري هو سياسة سليمة. ومن شأن ذلك على الأرجح توليد جولة أخرى من «الاختلالات» العالمية التي تزعزع الاستقرار.
وتبدو هذه نتيجة لا مفر منها لنظام نقدي دولي ناقص لا نعلم إلى أي مدى يمكن فيه للعولمة أن تنجو من جميع الضغوط التي من هذا القبيل. أنا أرجو أن تتمكن الدول الفقيره والمسحوقه بالنظام الرسمالي الغربي من النجاة، لكني لست على ثقة كبيرة من ذلك. من جانب آخر، عادت الدولة، لكنها تبدو بصورة متزايدة مفلسة أكثر من ذي قبل.
من المرجح أن تتضاعف نسبة الدين في القطاع العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في كثير من البلدان المتقدمة. يُذَكِّرنا المحللون بأن الأثر الواقع على الميزانية العامة للدولة بفعل الأزمة المالية الضخمة يعادل تكاليف حرب كبيرة. هذه إذن كارثة لا تستطيع حكومات البلدان المتقدمة ذات النمو المتباطئ أن تراها وهي تتكرر خلال جيل. كذلك التركة المترتبة على هذه الأزمة ستضع قيوداً على الكرم في المالية العامة.
فالجهود الرامية إلى ضبط وتأمين الأموال العامة ستهيمن على السياسة لسنوات، وربما لعقود. بالتالي عادت الدولة، لكنها ستكون دولة بصفة شخص كثير التدخل في شؤون الآخرين، لا بصفة المنفق الكبير. أخيراً وليس آخراً، هناك أمور في غاية الاهمية منها اختفاء الشعور بأن الغرب، بصرف النظر عن مدى كره الآخرين له، كان على الأقل يعلم كيف يدير نظاماً مالياً متطوراً بمنتهى الانانية. كما قضت الأزمة بصورة خاصة على هيبة الولايات المتحدة إلى حد كبير جدا، رغم أن النغمة الحزينة للرئيس الامريكي تساعد بالتأكيد على التعاطف معها وبخاصة من الدول الغارقه بسندات الخزينة الامريكيه والتي لا تساوي الورق المطبوعة عليها كما أن بلدان الأسواق الناشئة، والصين على وجه الخصوص، هي الآن مجموعة اللاعبين الرئيسيين، كما تبين في القرار القاضي بعقد اجتماعين رئيسيين لمجموعة العشرين على مستوى رؤساء الحكومات. هذه البلدان أصبحت الآن عناصر مهمة في عملية صنع السياسة على المستوى العالمي اضافة الى أن هناك جهوداً تُبذَل الآن لإصلاح طرق الإدارة الرشيدة العالمية، خصوصاً في الموارد المتزايدة التي توضع تحت تصرف صندوق النقد الدولي والمناقشات الجارية حول تغيير الوزن النسبي للبلدان داخل الصندوق.
وهناك اعتقاد بان الازمة هي مفتعله من قبل الغرب للتحكم بالدول الناشئة كفقاعه فمثل هذه القصص تأتي وتذهب في تعاقب سريع في السنوات الأخيرة. كانت لدينا في البداية فقاعة الإنترنت، والقصص التي تثير الحسد حول الشباب من أصحاب الملايين. وانفجرت الفقاعة عام 2000، لكن سرعان ما حل مكانها فقاعة أخرى، تتعلق «بمروجي» العقارات الأذكياء.وفقاعات اسواق الاسهم وفقاعة سوق الذهب الحالية السعر الخيالي والاسطوري للذهب ولا يزال باستطاعتنا فقط أن نخمن مدى التغيرات الجذرية التي ستصيب النظام السياسي العالمي في المستقبل. من المرجح أن تظهر الولايات المتحدة على أنها الزعيم الذي لا غنى عنه، بعد أن يكون قد جُرِّد من أوهام «اللحظة أحادية القطب». وستصبح العلاقة بين الولايات المتحدة والصين أكثر أهمية وأساسية من ذي قبل، مع بقاء الهند في حالة انتظار على مقربة من الصين. ويحب ان يكون دور الحكومات عند مستويين اثنين للتأكد من عدم حصول هذه الأحداث. فمن واجبها أن تنظم أسواق الأصول بحيث لا يتم إغراء الناس بشكل زائف لشراء الأصول الملوثة بسم الأفعى. ومثل هذه المعايير المتعلقة بأصولنا المالية تبدو منطقية للغاية، مثل معايير الطعام الذي نتناوله، أو شراء الدواء الذي نحصل عليه من الصيدلية. لكننا لا نريد أن نلقي بعيداً النواحي الجيدة من الرأسمالية مع تلك السيئة. وكي نستغل الجوانب الجيدة من الرأسمالية، فإن دور الحكومة عندما تحدث التقلبات، أن تشرف على أولئك الذين يمكنهم، ويريدون، إنتاج ما يريد الآخرون شراءه. ودور الحكومات، بواسطة سياستها المالية والنقدية المتوازنة، المحافظة على التوظيف الكامل.
من المؤكد، على ما يبدو، أنه ستكون هناك زيادة في الوزن الاقتصادي النسبي وقوة العملاقين الآسيويين. من جانب آخر، فإن أوروبا التي تعاني من أزمة غير جيدة اطلاقا فهي ليست احسن حالا من الولايات المتحدة. فقد تبين أن اقتصادها ونظامها المالي في حالة ضعف تفوق ما توقعه كثير من الناس. كما إنها ليست الرأسمالية المتاحة للجميع التي اقترحت النظرية الاقتصادية الحالية، ويبدو أنه تم قبولها وكأنها الكلمة المقدسة من جانب المخططين الاقتصاديين، والعديد من الاقتصاديين أيضاً، منذ حكومتي تاتشر وريجان. لكنها أيضاً حل وسط مهم بين أولئك الذين يرون الكوارث الاقتصادية والبطالة في الرأسمالية غير المقيدة من جهة، وأولئك الذين يؤمنون بأنه يجب ألا تلعب الحكومات أي دور على الإطلاق. مع ذلك لا يزال من غير المعروف المدى الذي ستكوِّن فيه مجموعة من المؤسسات المجددة والتي أعيد توازنها في سبيل التعاون الدولي، صورة عن الحقائق الجديدة. إذن ما هي النقطة الرئيسية لكل ذلك؟ أظن أن هذه الأزمة تسببت في تسارع بعض الاتجاهات العامة، وأثبتت أن بعض الاتجاهات العامة الأخرى، خصوصاً في الائتمان والدين، غير قابلة للاستدامة. وستترك هذه الأزمة تركة مُرة للعالم لسنوات قادمه. لكنها ربما تظل مع ذلك من الأحداث التاريخية الفاصلة .