الساعة

لعبة الصواريخ المرعبة.. بين إيران وإسرائيل

15/11/2011

مركز الرأي للدراسات

اعداد : د.حسين عمر توقه

15/11/2011

غريبة حقا هذه الدنيا غريبة ... في كل يوم تطالعنا نهفة جديدة مضحكة ومبكية . ولعل أغرب ما فيها وأكثرها إيلاما وقسوة هذا النفاق والكفر السياسي .
فنحن كمواطنين عرب ومسلمين نسأل العالم بأسره ما الذي جعل إسرائيل القيم على امتلاك باقي الدول للسلاح النووي. فأصبحت في غمضة عين هي التي تُنعم وتحرم وتقرر أن هذه الدولة يحق لها أن تمتلك السلاح النووي أو لا تمتلك.
من الذي أعطى إسرائيل الحق في تهديد إيران بشن حرب على المنشآت النووية الإيرانية ؟
هل استأذنت إسرائيل دول العالم حين أجرت تجربتها النووية الأولى بل هل استأذنت إسرائيل أيا من دول العالم حين قامت بتحويل الشرق الأوسط الى ترسانة نووية إسرائيلية؟
هل سمحت إسرائيل لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة النووية بتفتيش المفاعلات النووية الإسرائيلية وهل انضمت إسرائيل الى عضوية أي منظمة دولية مناوئة لسباق التسلح النووي . بل هل وقعت إسرائيل على أي اتفاقية للحد من انتشار الأسلحة النووية ؟

وبالمقابل فلقد أصدرت الوكالة الدولية للطاقة النووية بتاريخ 8/11/2011 تقريرها المرتقب والمكون من 1000 صفحة والذي أشارت فيه وللمرة الأولى بأن إيران يشتبه في أنها تجري تجارب سرية خاصة بتطوير الأسلحة النووية كما أشار التقرير إلى أن إيران قد أجرت اختبارات على متفجرات عالية التفجير وقامت بتجارب لتطوير صاعق لتفجير الشحنات النووية كما قامت باتخاذ الخطوات التحضيرية للقيام باختبار الأسلحة النووية.بالإضافة الى تطوير أنظمة الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية من جملتها صاروخ شهاب 3 القادر على الوصول الى اسرائيل . كما أشارت الوكالة بأن إيران تواصل جهودها الفنية الرامية الى تخزين اليورانيوم المخصب الى درجة نقاء عاليه تجعله قريباً من المستوى المطلوب للقنبلة النووية

الصواريخ الإسرائيلية

لقد أطلق كل من بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وإيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي تهديداتهما بشن هجوم عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية .
في شهر أيلول عام 1979 تم إيقاظ رئيس الولايات المتحدة جيمي كارتر بعد منتصف الليل وتم إبلاغه أن إسرائيل قد قامت بمساعدة جنوب إفريقيا بإجراء تجربتها النووية الأولى الناجحة في جنوب المحيط الأطلسي.
واليوم وبعد مرور إثنين وثلاثين عاماً أصبحت إسرائيل تضم في ترسانتها النووية 400 رأس نووي بالإضافة الى أحدث الطائرات والصواريخ والغواصات بحيث تستطيع إيصال هذه الرؤوس النووية الى حدود تتجاوزر الحدود العربية كما أن هناك نوعين من الصواريخ من حيث إطلاقها الصواريخ الباليستيكية أرض – أرض التي تطلق من محطات أرضية ثابتة وهناك الصواريخ المحمولة بواسطة عربات خاصة توجد أربعة أنواع من الصواريخ الباليستية في ترسانة الصواريخ الإسرائيلية وهي صواريخ " لانس " الأمريكية وصواريخ "أريحا – 1 وأريحا -2 وأريحا – 3 ". كما صدر بيان عن وزارة الدفاع الإسرائيلية قبل أسبوع تعلن فيه أن إسرائيل قد أطلقت صاروخا من قاعدة بلماحيم وسط إسرائيل لأختبار صاروخ جديد من خلال اختبار نظام الدفع كما اشارت التقارير الإستخبارية في العالم أن هذا الصاروخ هو ذاتي الدفع وأن نظام الدفع هذا قادر على إطلاق صواريخ عابرة للقارات تحمل رؤوساً نووية .
وإن صاروخ " أريحا – 3 " قادر على حمل رؤوس نووية. كما أن إسرائيل قد نجحت في إطلاق صواريخ " شافيت " القادرة على إطلاق الأقمار الصناعية في المسارات من أجل استخدامها في عمليات التجسس في شتى بقاع العالم.
إن إسرائيل تضم في شبكاتها الدفاعية صواريخ مضادة للصواريخ الباليستية ولعل أشهر هذه الصوارخ هو صاروخ " حيتس أو السهم " الذي تم تطويره خلال جهود مكثفة من البحث والتطوير والتعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة استغرقت أكثر من عشر سنين وهذا الصاروخ مصمم من أجل إعتراض الصواريخ الباليستة أرض – أرض وتفجيرها. كما أن الولايات المتحدة قد قامت بتزويد إسرائيل بصواريخ "باتريوت"

منذ عام 1990 وذلك لمواجهة صواريخ سكود العراقية . بالإضافة الى تزويد إسرائيل حديثاً بصواريخ من نوع " نوتيلوس " والتي تعمل على نظام الليزر من أجل مواجهة صواريخ الكاتيوشا التي كان يستخدمها حزب الله ضد إسرائيل.
وهناك نظام حديث جدا أدخل الخدمة في النصف الثاني من عام 2010 إسمه "القبة الحديدية " وهو مخصص لصد الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية من عيار 155ملم وتشمل المنظومة جهاز رادار ونظام تعقب وبطارية مكونة من 20 صاروخ اعتراضي تحت مسمى " تامر" حيث تم نشر هذا النظام حول قطاع غزة.

الصواريخ الإيرانية

تضم إيران في ترسانتها النووية مجموعة من الصواريخ

النوع الأول : هو صواريخ ( ذات مدى ما فوق المتوسط ) وهي الصواريخ التي يبلغ مداها بين 3000 كلم و 10000 كلم وهذه الصواريخ هي"صاروخ بدر-110" يصل مداه الى 3000 كلم وصاروخ " شهاب 4 " يصل مداه 2500-4500 كلم وصاروخ " شهاب 5" يصل مداه 6000 كلم وصاروخ "شهاب 6" عابر للقارات يصل مداه 10000كلم وصاروخ " سجيل " من أحدث الصواريخ ولكن المعلومات المتعلقة به غير موثقة استخباريا.

النوع الثاني : صواريخ متوسطة المدى يتراوح مداها بين 1000 و3000 كلم وهي صاروخ " شهاب 3 " وصاروخ " فجر 3"

النوع الثالث : صواريخ قصيرة المدى لا تزيد على 1000 كلم وهي صاروخ " شهاب 2 " يصل مداه 750 كلم يعتمد في تصميمه على صاروخ سكود وصاروخ " شهاب 1 " يصل مداه 350 كلم وصاروخ " فاتح " يصل مداه 200 كلم وصاروخ " زلزال 3 " و " زلزال 2" يبلغ مداهما 200 كلم " وزلزال 1 " و"فجر 5" و"فجر 3" و"فجر 2" و صاروخ " أوغاب "

وهناك مجموعة من أنظمة الدفاع الجوية الصاروخية المحمولة وهي " ميثاق 2" و" ميثاق 1" وهي تطوير للمنظمة الصينية ( كيو 1 فانجارد) وهناك المنظومة " سام 7 غريل " و " تور إم 1 " وهي منظومة روسية الصنع لحماية المنشآت النووية من خطر المقاتلات المعادية.

ولعل ما يقلق الإدارة العسكرية الإسرائيلية وأجهزتها الإستخبارية هو محاولة التأكيد على نوعية الصواريخ التي اشترتها إيران من أوكرانيا في عهد الرئيس " فيكتور يوششنكو " عام 2005 وهي صواريخ من طراز إكس - 55
وإن السؤال الأهم الذي يفرض نفسه هنا على إسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء . هل هذه الصواريخ مجهزة برؤوس نووية أم غير مجهزة وإن الإجابة على مثل هذا السؤال سوف تؤدي لا محالة الى عملية تقييم للموقف الإستراتيجي للولايات المتحدة ولإسرائيل .

الصواريخ السورية

إنني لم أجد أي معلومات موثقة حول الصواريخ السورية باستثناء ما تناقلته بعض المصادر الإستخبارية الإسرائيلية وبعض مصادر التسلح في بضعة صحف لا ترقى الى موقع التوثيق.

هناك نحو 200 صاروخ من طراز " سكود –بي " ونحو 80 صاروخ من نوع " سكود – سي " وكمية غير معروفة من صواريخ " سكود – دي" والتي يصل مداها الى 700 كلم بتزويد من كوريا الشمالية . ولقد ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن وسائل المتابعة الإسرائيلية في شهر شباط من بداية هذا العام قد التقطت عملية إطلاق سورية لصاروخ "سكود " محسن ولقد صدر تقرير عن هيئة الخبراء الإسرائيليين أن التعديلات والتحسينات التي أدخلت على الصاروخ جعلته اكثر دقة وأكثر فتكا وأكثر صعوبة في الإسقاط . وأضافت الصحيفة أن السوريين طوروا رؤوسا متفجرة كيماوية لكل صواريخ سكود التي بحوزتهم . كما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر استخبارية اسرائيلية أن سوريا قد تلقت من إيران حوالي 100 صاروخ بر – بحر صيني من طراز " سي 802" يشابه الصاروخ الذي أصاب به حزب الله بارجة الصواريخ الإسرائيلية.

كما ذكرت المصادر السورية والروسية أن روسيا قد نفذت بتاريخ 22/11/2011 صفقة توريد صواريخ " ياخونت " المتطورة والمضادة للصواريخ بالإضافة الى منظومات " باستيون " الى سوريا وقد أشارت المصادر الروسية أن مهمة صواريخ " ياخونت " هي تدمير السفن الحربية أما منظومة " باستيون " فهي مخصصة لخفر وحماية السواحل السورية. وتستطيع هذه الصواريخ حمل كمية من المتفجرات يزيد وزنها على 200 كغلم الى هدف يبعد 300 كلم كما تستطيع هذه الصواريخ التحليق على ارتفاع 5 أمتار مما يؤدي الى تعذر قيام أجهزة الرادار في اكتشافها.
كما أوردت صحيفة يديعوت أحرونوت قبل أيام عن خبراء عسكريين أجانب قولهم أن سوريا بنت في عمق الأرض وتحت غطاء كثيف من السرية قاعدة صواريخ محصنة تتضمن وسائل إطلاق صواريخ باليستية نحو اسرائيل عند الحاجة وبحسب الخبراء فإن هذه القاعدة التي بنيت تحت الأرض هائلة وتتضمن 30 مقراً من الإسمنت المسلح ومصانع انتاج ومختبرات تطوير ومراكز قيادة وسيطرة . ولقد عمدت سوريا الى هذه الخطوة نتيجة الوضع السيء الذي يعانيه سلاح الجو السوري وشبه المعطل تقريبا خلال السنوات الماضية. ولضعف في أنظمة دفاعاتها الجوية.

ويجب أن نوضح هنا أن الصواريخ الإسرائيلية قادرة على حمل رؤوس نووية بينما الصواريخ السورية مهيأة لحمل أسلحة كيماوية

تهديدات نتيناهو وباراك بشن هجوم على إيران

هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها تصريحات على أعلى مستوى من أصحاب القرار في إسرائيل وهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع باراك ووزير الخارجية ليبرمان وتقوم وسائل الإعلام الإسرائيلية بنشره على صفحاتها الأولى وتتلخص هذه التصريحات بمحاولة الحصول على أغلبية الوزراء الأعضاء في الحكومة الأمنية المصغرة لتأييد هجوم عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية. علما بأن غالبية الوزراء وهم موشيه يعلون وبيني بيغان ودان مريدور ويوفال شطاينيتس ورئيس حزب شاس إلياهو يشاي يعارضون مهاجمة إيران ويرون أن على إسرائيل الإستمرار في تجنيد الغرب لممارسة ضغوط اقتصادية وسياسية على إيران مثل حظر اي اتصالات مع البنك المركزي الإيراني وحظر شراء النفط الخام الإيراني وفرض حظر وعقوبات على شركات الطيران والنقل البحري التي تتعامل مع إيران . كما وأنهم يعارضون قيام إسرائيل بشن هجوم دون التنسيق الكامل مع الإدارة الأمريكية والتنسيق الكامل في هذه الحالة بالذات يعني التنسيق السياسي والإستراتيجي والعملياتي العسكري والإستخباري.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قد صرح بأن إسرائيل قد تضطر الى الدفاع عن مصالحها من دون الإعتماد على جهات خارجية

كما صدرت آخر التصريحات بهذا الخصوص من قبل الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز عراب السياسة الإسرائيلية لفترة تزيد على الأربعين عاما حيث حذر بأن فرص الهجوم على إيران قد أخذت تتزايد سيما وأن فرص حصول إيران على السلاح النووي قد أخذت تتعاظم .

كما أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي صدر بتاريخ 8/11/2011 يشير وللمرة الأولى بأن إيران يشتبه في أنها تجري تجارب سرية خاصة بتطوير الأسلحة النووية كما أشار التقرير الى أن إيران قد أجرت اختبارات على متفجرات عالية التفجير وقامت بتجارب لتطوير صاعق لتفجير الشحنات النووية . وبالرغم من أن ردود الفعل لهذا التقرير لم تكتمل بعد إلا أن كلا من روسيا والصين اعتبرتا هذا التقرير تقريرا سياسيا أكثر منه تقريرا فنيا وأنه جاء ليخدم الدول الغربية ويصب في صالح اسرائيل وفي دعوة الولايات المتحدة لإتخاذ المزيد من القرارات التي تدعو الى زيادة الحظر على إيران واتخاذ إجراءات أشد من قبل مجلس الأمن.
كما كشفت إذاعة "صوت إسرائيل" أن سلاح الجو الإسرائيلي قد أنهى مناورات مشتركة مع سلاح الجو الإيطالي في جزيرة سردينيا استمرت أسبوعين وشاركت في المناورات طائرات مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 15" و "إف 16" وطائرة مطورة للمراقبة الجوية.
كما نقلت صحيفة " معاريف " أن الوحدات الأمريكية تجري بالتعاون مع وحدات الدفاع الجوي الإسرائيلية تدريبات على عمليات اعتراض حية لصواريخ معادية بواسطة بطاريات صواريخ " باتريوت " فوق اسرائيل

الموقف الأمريكي

هناك أسئلة كنا نتمنى أن نمتلك الإجابات الشافية عليها ولكن ليس لدينا غير البحث والتمحيص والتحليل . كنا نتمنى لو كان الموقف الأمريكي واضحا لكنا أجبنا على الأسئلة التالية

هل ستقوم الولايات المتحدة بشن حرب على إيران أم لا ؟
هل ستسمح الولايات المتحدة لإسرائيل بشن غارات جوية وضربات صاروخية على إيران لوحدها أم لا ؟
هل ستشترك كل من الولايات المتحدة وإسرائيل في شن حرب شاملة على إيران ؟
هل ستعمد الولايات المتحدة الى الحصول على قرارارت من مجلس الأمن توافق على تشكيل تآلف عسكري دولي لفرض تنفيذ قرارات الحظر الصادرة عن الأمم المتحدة بالقوة
هل هناك مجال لإختلاق شكل من أشكال الصدام العسكري بين الجيش الإيراني أو الحرس الثوري وبين إحدى قطاعات الجيش الأمريكي أو بين إحدى السفن التابعة للأسطول الخامس الأمريكي في منطقة الخليج العربي ؟
هل تقوم الولايات المتحدة أو الأجهزة الإستخبارية الإسرائيلية بالتأثير على سير المفاوضات الجارية بين الوكالة الدولية للطاقة النووية وإيران ؟
هل يرضخ الرئيس الأمريكي للنفوذ الصهيوني ويقرر خوض غمار حرب مع إيران في سنة الإنتخابات الرئاسية ؟
هل ستقتصر الحرب على إيران أم أنها سوف تطال كلاً من سوريا وحزب الله ؟

إن إيران قد فرضت على الدول والشركات النفطية المشترية للنفط الخام الإيراني القيام باستبدال الدولار الأمريكي باليورو الأوروبي في دفعها لأثمان النفط الإيراني
لقد بلغت قيمة مديونية الحكومة الأمريكية 14 تريليون دولار . كما تسربت أنباء تفيد بأن الدولار الأمريكي لم يعد مدعوما بالذهب لأن إحتياط الذهب في فورت نوكس قد تم بيعه . وعجزت الولايات المتحدة قبل أشهر عن تسديد التزامها الى صندوق النقد الدولي والبالغ 1915 طن من الذهب. وإن قيمة الدولار مستقرة ومكتسبة عن طريق سيطرة الولايات المتحدة على مصادر النفط والغاز وفرض الدولار الأمريكي العملة الرئيسية على كافة شركات النفط في العالم.

إن الرئيس الأمريكي أوباما يستعد لخوض الإنتخابات الرئاسية الأمريكية وهذا يحتم عليه التركيز على النجاح في هذه الإنتخابات للرئاسة الأمريكية والمنطق يقول إن كل رؤساء الولايات المتحدة في التاريخ يتجنبون الخوض في غمار أي حرب في سنوات الإنتخابات بل على العكس يعمدون الى سحب قواتهم من الخارج ووضع حد للحروب. ربما تكون هناك استثناءات ولكن المراقب للحروب التي خاضتها الولايات المتحدة منذ الحرب الكورية فإنها تساهم في إتباع خطوات مدروسة تعطيها الشرعية الدولية ومن خلال مجلس الأمن تتمثل في الحصول على قرارارت إدانة ومن ثم قرارات حظر اقتصادي وتجاري وفرض حصار وبالتالي الموافقة على تشكيل ائتلاف عسكري من العديد من الدول وبالذات دول حلف الأطلسي والحصول على قرار من مجلس الأمن يعطي الشرعية الدولية للقيام بالعمليات العسكرية تماما كما حدث في الحرب الكورية وفي العراق ويوغوسلافيا وكان آخرها في ليبيا.

ومع أن قرارات عدة قد صدرت من مجلس الأمن تجاه إيران تمثلت في القرار رقم 1737 والقرار 1747 والقرار 1803 والقرار 1929 إلا أن هذه القرارات لم تصل الى مرحلة إتخاذ أي عمل عسكري ضد إيران . ولا زلنا بانتظار ما ستسفر عنه اتهامات الولايات المتحدة الى القيادة الإيرانية بمحاولة اغتيال سفير المملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة في واشنطن السيد عادل الجبير .

وبالرغم من أن إسرائيل قد قصفت مفاعلا نوويا عراقيا عام 1981 وشنت غارة مماثلة ضد سوريا عام 2007 إلا أن هناك إختلافات شديدة بين هاتين العمليتين وبين أي عملية تستهدف المنشآت النووية في إيران.

وهناك أبعاد استراتيجية لا بد من الإشارة اليها أولها أن بعدا جغرافيا يتجاوز 1500 كلم قائماً بين إسرائيل وإيران وليست هناك أي حدود مشتركة بينهما. تحيط الجيوش الأمريكية بإيران من ثلاث جهات العراق وأفغانستان والخليج العربي وبحر العرب. كما أن الولايات المتحدة لديها قواعد جوية وبحرية وبرية قريبة جدا من إيران كما أن غواصاتها المنتشرة من البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب وامتدادا لقاعدة دييغو غارسيا بالإضافة الى وجود قيادة الأسطول الخامس في منطقة الخليج ووجود عدد من القواعد الجوية في بعض دول الخليج ولعل أبرزها قاعدة "عيديد الجوية " في قطر. هناك المئات من الخرائط الإستراتيجية والتي تم تسريبها قبل أشهر والتي تم من خلالها تحديد الأهداف الإستراتيجية والمواقع العسكرية وقواعد الصواريخ وأماكن المنشآت النووية الإيرانية والقواعد الجوية والدفاعات الجوية وقيادات الحرس الثوري والجيش الإيراني والموانىء الإيرانية ومصادر النفط والطاقة والتي يتم مسحها ومراقبتها يوميا من قبل الأقمار الصناعية الأمريكية بمعدل مرة واحدة كل أربع ساعات والتي تشكل الأهداف الرئيسة للولايات المتحدة.

المخاطرة الإسرائيلية كبيرة جداً

والتساؤل الذي يطرح نفسه أن أي عملية عسكرية تقوم بها إسرائيل بدون الولايات المتحدة هي عملية مقرونة بمخاطر عظيمة وأن الدولة الوحيدة المؤهلة للقيام بمهاجمة إيران على هذا النطاق الواسع هي الولايات المتحدة ولعلي لا أبالغ إذا قلت أن الدول التي ستتأثر بقيام هذا الصراع هي الدول العربية لأن إسرائيل تريد القضاء على الترسانة الصاروخية الموجودة في سوريا بالإضافة الى محاولة القضاء على الصواريخ الموجودة لدى حزب الله بالإضافة الى وضع حد للتعاون الإستراتيجي بين إيران وبين سوريا وحزب الله.
فهل ستلجأ إسرائيل الى غارات جوية غير مضمونة النتائج أم أنها ستستخدم قدراتها الصاروخية وهي غير كافية لإلحاق الهزيمة بإيران . ولا أظن بأن الولايات المتحدة سوف تسمح لإسرائيل بشن حرب منفردة على إيران . رغم أن إسرائيل تريد وضع حد للتهديد النووي الإيراني وتظن أن إنقضاء الوقت ليس في صالح إسرائيل وإنما في صالح إيران

إن ما يهمنا هنا أن حربا مثل هذه ستؤثر على الدول العربية وستكون منطقة الخليج العربي مسرحا لعمليات عسكرية بين إيران والولايات المتحدة كما أن سوريا وحزب الله وحماس سوف يشهدون صراعا لا يرحم مع إسرائيل لا سيما إذا قامت سوريا بالوقوف في صف إيران. كثيرون لا يعلمون أن قصر المسافة والحدود المشتركة والصواريخ المحمولة تصعب عمليات إعتراض الصواريخ العربية من قبل منظومات الدفاع الجوي وشبكات الصواريخ المضادة . ولا شك في أن الوقت الذي يتم من خلاله تشغيل بطاريات الصواريخ السورية وإطلاقها قد لا تكون كافية لشبكات الدفاع الجوي وعلى رأسها القبة الحديدية وصواريخ السهم وبطاريات الباتريوت من أجل اعتراضها . وإن هذا الموقف ينطبق بالذات على المقاومة في قطاع غزة حيث تتوفر أعداد كبيرة من الصواريخ البدائية نسبيا والتي تتراوح بين صواريخ القسام وصواريخ غراد فهي تشكل عبئا وتخلق عقبات على أجهزة الدفاع المتطورة والمتقدمة في الجانب الإسرائيلي . يضاف الى ذلك تسريب معلومات استخبارية تفيد أن حماس قد حصلت على عشرات الصواريخ الإيرانية الصنع من طراز فجر 3 وإن ما يؤرق إسرائيل حاليا مصير الصواريخ الليبية المحمولة على الكتف المضادة للطائرات لأن أكثر ما كانت تخشاه إسرائيل طوال العقدين الماضيين هو وصول صواريخ مثل صواريخ "ستنغر ودراغون " الى يد المقاومة الفلسطينية . وهي صواريخ سهلة الحمل ومؤثرة وقادرة على مقاومة وتدمير الطائرات وبالذات طائرات الهيليكوبتر الإسرائيلية.

وهذا يقودنا الى تساؤل هام ودقيق يتعلق بموقف الدول العربية في حال قيام إسرائيل بشن حرب جديدة على سوريا وعلى حزب الله وعلى قطاع غزة . هل ستقف الدول العربية موقف المتفرج وأقصد هنا كلاً من مصر والأردن والعراق والسعودية ؟؟؟؟

ويشكك كثيرون من الباحثين الإستراتيجيين بالعلاقة بين إيران والولايات المتحدة ويتساءلون كيف سمحت الولايات المتحدة بتعاظم النفوذ الإيراني في العراق وإفساح المجال للشيعة وسيطرتهم على مقاليد الحكم وكيف سمحت بتصفية القادة العسكريين السابقين وبالذات قادة سلاح الجو العراقي وطياريه السابقين. وكيف سمحت للإيرانيين ببسط نفوذهم في منطقة الخليج فإذا كانت الولايات المتحدة تبحث عن ذرائع لشن حرب على إيران فقضية إحتلال الجزر الثلاث جزيرة أبو موسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى من دولة الإمارات العربية هي أفضل ذريعة سيما وأن هذه الجزر ذات أهمية استراتيجية عظيمة تمكنها من السيطرة على مضيق هرمز حيث أن إيران قد حولتها الى قواعد عسكرية.

بالإضافة الى عدم قيام الولايات المتحدة اتخاذ خطوات جدية لردع إيران على المستويين الإقليمي والدولي من الإستمرار في الحصول على القوة النووية . ولماذا سمحت بتنامي العلاقة بين النظامين السوري والإيراني وحزب الله في منطقة قريبة جدا من دول الجوار مع إسرائيل.

وأخيراً رغم كل التصريحات الملتهبة ضد إيران ولا يعلم أحد حتى هذه اللحظة ما هو السر الكامن وراء إطلاق كل من بنيامين نتنياهو وإيهود باراك تهديداتهما بشن حرب على إيران. هل الهدف منه فعلا تهديد إيران أم أن الهدف منه تمهيد الطريق للإنقضاض على ترسانة الأسلحة السورية والقضاء على مقاومة حزب الله وبالتالي التفرغ الى المرحلة المقبلة وتحقيق حلم إسرائيل الأكبر في ضم الضفة الغربية