الساعة

حجية الحكم الصادر في الدعوى الدستورية

16/04/2012

اعداد : المحامي د. محمد ملحم

مركز الرأي للدراسات

حزيران 2012

كلمنا في بحثنا المنشور في جريدتي الرأي و العرب اليوم عام 2003 حول مدى حاجة المملكة الاردنية الهاشمية الى محكمة دستوريه ، وكذلك من خلال مؤلفنا سلطات راس الدوله في الظروف الاستثنائية على ص (490) .

وايضا في البحث المنشور في جريدة الرأي يوم الخميس 26/1/2012 عدد 15071 عن طبيعة الدعوى الدستورية وكذلك بحثنا المنشور يوم 6/9/2011 والذي تضمن مشروع قانون المحكمة الدستورية .

وفي هذا المبحث سأتناول قاعدة مهمه جدا في احكام المحكمة الدستورية وفق ما استقر عليه الامر في العديد من قرارات المحاكم الدستورية في العالم وعليه سيتم تقديم هذه الدراسه ضمن القواعد التالية :

1) مناط الحجية في مواجهة الكافة والدولة

2) نطاق الحجية في شأن المطعن الشكلي والموضوعي

ونظرا لعدم اقرار قانون المحكمة الدستورية بشكل نهاية ودستوري لكن الملامح الرئيسية تؤخذ من الدستور الاردني في التعديلات التي بموجبها تم استحداث المحكمة الدستورية بموجب المادة 58 والتي جاء فيها:

1- تنشأ بقانون محكمة دستورية في المملكة الاردنية الهاشمية ويكون مقرها مدينة عمان وتعتبر هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها وتؤلف من تسعة اعضاء من بينهم الرئيس، يعينون جميعاً بارادة ملكية وينعقد نصاب المحكمة بحضور سبعة من اعضائها على الاقل من بينهم الرئيس وفي حال غيابه ينوب عنه نائبه، وتصدر احكامها وقراراتها بأغلبية ستة اعضاء على الاقل.

2- تكون مدة العضوية في المحكمة الدستورية 4سنوات، قابلة للتجديد ولا يجوز عزل اعضاءها طيلة مدة عضويتهم.

المادة 59 والتي جاء فيها : ((

1- تختص المحكمة الدستورية بالرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة وتفسير نصوص الدستور وتصدر احكامها باسم الملك، وتكون احكامها نهائية وملزمة لجميع السلطات وللكافة كما تكون احكامها نافذة بأثر مباشر ما لم يحدد الحكم تاريخاً آخر لتفاديه، وتنشر احكام المحكمة الدستورية في الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها.

2- للمحكمة الدستورية حق تفسير نصوص الدستور اذا طلب اليها ذلك بقرار صادر عن مجلس الوزراء او بقرار يتخذه احد مجلسي الامة بالأكثرية المطلقة ويكون قرارها نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية.

المادة (60) والتي جاء فيها : ((

1- للجهات التالية على سبيل الحصر حق الطعن مباشره لدى المحكمة الدستورية في دستورية القوانين والانظمة النافذة :

1- مجلس الاعيان .

2- مجلس النواب

3- مجلس الوزراء

2- في الدعوى المنظوره امام المحاكم يجوز لاي من اطراف الدعوى اثارة الدفع بعدم الدستورية وعلى المحكمة ان وجدت ان الدفع جدي تحيله الى المحكمة التي يحددها القانون لغايات البت في امر احالته الى المحكمة الدستورية .

المادة (61) والتي جاء فيها : ((

1- يشترط في عضو المحكمة الدستورية ما يلي:.

أ- أن يكون أردنياًَ ولا يحمل جنسية دولة أخرى.

ب- أن يكون قد بلغ الخمسين من العمر.

ج‌- أن يكون ممن خدموا قضاة في محكمتي التمييز والعدل العليا أو من أساتذة القانون في الجامعات الذين يحملون رتبة الأستاذية أو من المحامين الذين أمضوا مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة في المحاماة ومن أحد المختصين الذين تنطبق عليهم شروط العضوية في مجلس الاعيان.

2- على رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية قبل مباشرتهم أعمالهم أن يقسموا أمام الملك يمينا هذا نصها ((أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا للملك والوطن، وأن أحافظ على الدستور وأن أخدم الأمة وأقوم بالواجبات الموكولة إليّ بأمانة)).

3- يحدد القانون طريقة عمل المحكمة وإدارتها وكيفية الطعن أمامها وجميع الشؤون المتعلقة بها وبإجراءاتها وبأحكامها وقراراتها، وتباشر أعمالها بعد وضع القانون المتعلق بها موضع التنفيذ ويبين القانون حقوق أعضائها وحصانتهم.

أولا : مناط جدية الحكم الصادر في الدعوى الدستورية :

من المقرر فقها وقضاءً المحكمة الدستورية وفي حدود ما فصلت فيه فصلا قاطعا انما يحوز حجية مطلقه في مواجهة الكافة وبالنسبة الى الدولة بكامل سلطاتها وعلى امتداد تنظيماتها المختلفه وهي حجية تحول بذاتها دون المجادله فيه او السعي الى نقضه من خلال اعادة طرحه على المحكمة الدستورية لمراجعته .

وايضا من المقرر ان قضاء المحكمة الدستورية فيما فصلت فيه في الامر الشكلي أو الموضوعي انه يحوز حجية مطلقه في مواطن الكافه سواء من ناحية العيوب الشكليه او المطاعن الموضوعيه انما يجوز حجية مطلقه في مواجهة الكافه ذلك ان الخصومه في الدعوى الدستورية قوامها مدى مطابقة النصوص التشريعيه المطعون فيها باحكام الدستور تحريا لتطابقها مع الشرعية الدستورية ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية أو هي بالاحرى محلها واهدارها مع احكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومه وقضاء المحكمة في شأن تلك النصوص هو القاعدة الكاشفه عن حقيقه الامر في شأن صحتها او بطلانها ومن ثم لا تعتبر قضاء هذه المحكمة باستيفاء النص التشريعي المطعون عليه لاوضاعه الشكليه او انحرفه عنها أو اتفاقه مع الاحكام الموضوعيه في الدستور او منصرفا الى من كان طرفا في الخصومه الدستورية دون سواه بل من منسحبا اليه والى الاغيار كافه ومتعديا الى الدولة التي الزمها الدستور بالخضوع للقانون وفق احكام المواد 24 و25 و26 و27 من الدستور الاردني والتي جاء فيها :

- المادة 24 : ((

1- الأمة مصدر السلطات.

2- تمارس الأمة سلطاتها على الوجه المبين في هذا الدستور.

- المادة 25: ((

تناط السلطة التشريعية بمجلس الامة والملك ويتألف مجلس الأمة من مجلسي الأعيان والنواب.

- المادة 26: ((

تناط السلطة التنفيذية بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه وفق احكام هذا الدستور.

- المادة 27 : ((

السلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وتصدر جميع الاحكام وفق القانون باسم الملك.

إن الرقابه القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية على دستورية القوانين واللوائح هي رقابة شامله تمتد الى الحكم بعدم دستورية النص فتلغى قوة نفاذه او الى تقرير دستوريته وبالتالي سلامته من جميع العيوب وأوجه البطلان بما يمنع من نظر أي طعن يثور من جديد بشأنها وبالتالي لا يمكن ان تبلغ الخصومه غايتها الا بإهدار تلك النصوص بقدر تعارضها مع الدستور، وبالرجوع الى قضاء المحكمة الدستورية العليا المصرية فإنها نحت هذا المنحنى بقرارات عديدة منها على سبيل الاستئناس الدعوى رقم 99 لسنة 12 قرار جلسة 7/11/2009 و الدعوى رقم 44 لسنة 13 قرار جلسة 1/10/1994 و الدعوى رقم 19 لسنة 5 قرار جلسة 8/4/1995 والتي قررت ان الحجة مانعه من اعادة طرح المسأله الدستورية على المحكمة لمراجعتها وجاء في حثيثات الحكم مايلي :

(( إن قضاء هذه المحكمة فيما فصل فيه في تلك الدعوى انما يجوز حجية مطلقه في مواجهة الكافة وبالنسبه الى الدولة بسلطاتها المختلفه تحول بذاتها دون المجادلة فيها او اعادة طرحi من جديد على هذه المحكمة لمراجعته . ذلك ان الخصومه في الدعوى الدستورية وهي بطبيعتها من الدعاوى العينيه انما توجه الى النصوص التشريعية المدعي مخالفتها للدستور . ولايعتبر قضاء المحكمة باستيفاء العمل التشريعي لاوضاع الشكليه او بتوافق النصوص المطعون عليها او تعارضها مع الاحكام الموضوعيه في الدستور منصوفا الى الخصوم في الدعوى التي صدرها فيها بل منسحبا الى الدولة بكامل سلطاتها وتنظيماتها وعلى تباين نشاطها بما يردها عن التحلل منه او مجاورة مضمونه ومتعديا كذلك الى الاغيار جميعهم سواء اكانو من المخاطبين بالنص التشريعي الذي تعلق به قضاء هذه المحكمة ام كانو من غيرهم.)).

وهذا الذي اشرنا اليه يتوافق مع نص المادة 59 من الدستور الاردني والتي جاء فيها :

المادة 59 والتي جاء فيها :

1- تختص المحكمة الدستورية بالرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة وتفسير نصوص الدستور وتصدر احكامها باسم الملك، وتكون احكامها نهائية وملزمة لجميع السلطات وللكافة كما تكون احكامها نافذة بأثر مباشر ما لم يحدد الحكم تاريخاً آخر لتفاديه، وتنشر احكام المحكمة الدستورية في الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها.

2- للمحكمة الدستورية حق تفسير نصوص الدستور اذا طلب اليها ذلك بقرار صادر عن مجلس الوزراء او بقرار يتخذه احد مجلسي الامة بالأكثرية المطلقة ويكون قرارها نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية.

إن المأمول من مجلس الامه ان يتضمن قانون المحكمة الدستورية النص على ان احكامها ملزمه لجميع جهات القضاء وجميع مناحي الدولة وانها حجة على الكافه ما لم تحدد الاثر الرجعي للنص وفق الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية مراعيه بذلك الصالح العام ومثال ذلك الا تتكبد اية اموال .

ثانيا : نطاق الحجية

ان نطاق الحجية يتضمن حق المحكمة في الرقابه الدستورية في شأن الطعن الموضوعي والذي يتضمن التحقق من استيفاء الاوضاع الشكليه وللمحكمة الدستورية ان تقرر رفض الطعن بعدم دستورية تبدأ من المواد القانونية التي تخالف الدستور في حين لها الحق ايضا في الحكم بعدم دستورية بند بنفس المادة ومثال ذلك ما قررته المحكمة الدستورية المصري بقرارها رقم 25 لسنة 16 من جلسة 3/7/1995 والتي خلاصتها (( ان الحكومه بقانون الاحزاب السياسه في المادة 7 الفقرات من 1-7 حيث رد الطعن بالفقره 4 وابطلت الفقرة 7 وحيث ان الطعن انصب على اضافة هذه المادة الى القانون الصادر بالقانون رقم 40 لسنة 1977)) .

اذا والحالة هذه فإن قضاء المحكمة الدستورية لن يكون هناك دفع شكلي كما اسلفنا بمعنى ان المحكمة الدستورية غير مقيده بنظر الدفوع الشكليه أولا بعد ان يتم وقف السير في موضوع الدعوى كما هو في نص المادة 119 من قانون اصول المحاكمات المدنية والتي جاء فيها :

1- للخصم قبل التعرض لموضوع الدعوى ان يطلب من المحكمة إصدار الحكم بالدفوع التالية بشرط تقديمها دفعه واحدة وفي طلب مستقل خلال المدد المنصوص عليها في المادة (59) من هذا القانون:-

أ -عدم الاختصاص المكاني.

ب -وجود شرط تحكيم.

ج -كون القضية مقضية.

د -مرور الزمن.

هـ- بطلان أوراق تبليغ الدعوى.

2- على المحكمة ان تفصل في الطلب المقدم اليها بموجب أحكام الفقرة (1) من هذه المادة، ويكون حكمها الصادر في هذا الطلب

قابلاً للاستئناف.

إن المأمول ان يكون هناك قانون للاصول و الاجراءات امام المحكمة الدستورية خاليا من هذه المواد لاسباب عديدة اهمها عدم اطالة امد التقاضي حيث ان الواقع الفعلي للقضاء المدني ومن خلال تطبيق نص المادة 109 من قانون اصول المحاكمات المدنيه هو احد الاسباب الرئيسية لاطالة امد التقاضي .

الخلاصة :

ان المملكة على ابواب اصلاح كثيره لعل من اهمها مناقشة واقرار قانون المحكمة الدستورية والسير فيه حسب الاصول الدستورية ومن ثم تعين اعضاء المحكمة ورئيسها ومباشره عملها .لان في ذلك قمة الرقابه الدستورية ونكون بذلك قد مكنا المحكمة الدستورية من بسط رقابتها على دستورية القوانين وصحتها في إبطال أي عوائق يلحق بالقوانين .