هل يستثمر النواب دمج وزارتا الداخلية والبلديات في الاصلاح؟

20/04/2013

مركز الرأي للدراسات

اعداد : أنور خصاونة

نيسان 2013

من لا يشكر الناس لا يشكر الله تعالى إذ لا بد من شكر دولة الدكتور عبد الله النسور على دمج وزارة الداخلية مع وزارة البلديات، وهي فرصة للسادة النواب، لاستثمار هذه الخطوه، من خلال المطالبة بالدمج الحقيقي لهاتين الوزارتين بحيث تصبحان وزارة واحده وبذلك تُفعّل وزارة الداخلية وتقوم بالدور المطلوب منها، ويحقق الاصلاح السياسي والاقتصادي المنشود، وتُطبق مقولة الشعب مصدر السلطات.

إذ تعتبر مسؤولية الجهاز التشريعي في الأنظمة الديمقراطية التي تقوم على الفصل النسبي بين السلطات في صياغة الخطط العامة. فالجهاز التشريعي أو البرلمان هو الأقدر على تمثيل مختلف وجهات النظر والتعبير بأمانة عن مجموعات المصالح المختلفة داخل المجتمع. وهذا الجهاز بحكم كونه الجهاز المنتخب انتخاباً شعبياً مباشراً، فهو يحتل مركز المدافع الأول عن المصلحة العامة، والمركز الأقدر والأصدق في التعبير عن الأهداف العامة. وهو يقوم بترجمة المصلحة العامة ويتولى صياغتها في صورة تشريعات ملزمة. وهو السلطة النهائية في ذلك بلا منازع.

في المجتمعات التقليدية التي تسودها التنظيمات الأولية، فان جماعات المصالح غالباً ما تتمثل في جماعات محدودة من أفراد المجتمع، وبذلك تضيق قاعدة جماعات المصالح، وتستخدم هذه الجماعات أساليب يغلب عليها الطابع الشخصي لخدمة مصالح أفراد محدودين، وتكون من عوامل انتشار المحسوبية في الأجهزة السياسية للدولة، وفي مؤسسات الإدارة العامة.

فلا قيمة لنظام يرفع شعار التنمية، وتقريب الفوارق بين الطبقات، ورفع مستوى المعيشة، وخدمة الطبقات العاملة والشعبية، إذا لم تترجم القيم التي تحويها هذه الأهداف التنموية إلى ممارسات فعلية للدولة والحكومة بمؤسساتها المختلفة. ولا مبالغة إذا قلنا أن أكبر ضربة يمكن أن توجه لهذه الأهداف التنموية، هي عندما تتزعزع الثقة لدى أفراد المجتمع في جديتها أو في قابليتها للتحقيق من واقع خبراتهم مع أجهزة الدولة، تلك الخبرة التي قد تتناقض مع ما يرفعه النظام من شعارات ومسميات وأهداف.

وتكمن المشكلات التي تواجه تنفيذ الخطط التنموية في أن جهاز الإدارة العامة الموكل إليه تنفيذ خطة التنمية، يحمل خبرات وتراث وقيم وعادات ورثها من مرحلة سابقة. ويزيد من حدة هذه المشكلات أن المراحل الأولى للخطة تفرض نمطاً للإدارة المركزية التفصيلية لجهاز الحكومة ومؤسسات الإدارة العامة.

وعندما تتجمع لقيادات الجهاز الحكومي السلطات المركزية التفصيلية، مع الإمكانيات والموارد الهائلة التي توجهها وتسيطر عليها الحكومة، وعندما يقترن ذلك بأنماط للقيم والسلوك للقيادات والعاملين في الجهاز الحكومي ومؤسساته موروثة من السابق، وتقوم على الفردية والطبقية، فإن في ذلك عوامل انحراف الجهاز الحكومي ومؤسسات الإدارة العامة.

فقد يتحول الجهاز الحكومي بفعل هذا المزيج إلى مركز قوة رهيب في المجتمع لا يعمل بالضرورة لخدمة الأهداف التنموية، وإنما لخدمة قياداته البيروقراطية، والعاملين فيه، والعناصر الطفيلية في المجتمع المتحالفة معه. ولا يمكن لجهاز هذه انتماءاته وممارساته، أن يمارس إدارة كفؤة تيسر تحقيق التنمية وتطبق مفاهيم وأهداف المجتمع.
لذلك فإن تحقيق التوازن بين ضرورات السيطرة المركزية على عمليات التغيير البنائية والهيكلية في الاقتصاد، وبين ضرورات الرقابة الفعالة على أداء وممارسات هذه الأجهزة، يعتبر العامل المحدد لنجاح النظام الاقتصادي.

ولتحقيق الإصلاح السياسي لا بد أن يرافقه إصلاح اقتصادي إذ أن (80 %) من سكان الأردن يعيشون في عمان وإربد والزرقاء، وذلك من خلال العودة إلى ما ركز عليه جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، من أنهُ لابد من إنشاء بيئة استثمارية، والتركيز على عناصر الإنتاج، وجعل الأردن مركزاً للتكنولوجيا في المنطقة. ويمكن أن تتحقق رؤى جلالته من خلال العودة إلى دراسات الاقتصاد الإقليمي، التي جاء فيها، أنه على أي دولة تعاني من مشكلتي الفقر والبطالة معاً، فإنه لابد لتلك الدولة من إنشاء عاصمة اقتصادية لها في المناطق التي تتوفر فيها المصادر الطبيعية ويكون عدد سكانها ما بين نصف مليون نسمة إلى 750 ألف نسمة، وتتمثل هذه المنطقة في موقع متوسط بين محافظات الجنوب، حيث يتوفر الإسمنت والبوتاس والفوسفات والأسمدة بالإضافة إلى توفر المصدر الطبيعي الأهم في الجنوب وهو مياه الديسة.

وبينت دراسات الاقتصاد الإقليمي أيضاً، أنه لابد من إنشاء مدينة أُخرى تتسعُ إلى ربع مليون نسمة، ويمكن أن تكون هذه المدينة عند قرية أم القطين في محافظة المفرق، إذ أن هذا الموقع يعتبر استراتيجياً لمدينة عمان، ومدينة الزرقاء، ومدينة إربد. مما يُوجد بيئة استثمارية، ويُفعل عناصر الإنتاج وهي: الأيدي العاملة، الأرض ما عليها وما فيها، رأس المال المادي، والتكنولوجيا.

بالإضافة إلى ذلك، لا بد للبرلمان من القيام بدوره التشريعي والرقابي ويتفرغ له تماماً، من خلال إنشاء نوعين من الأجهزة على ثلاث مستويات من مستويات الإدارة المحلية وهي : مستوى المحافظة ومستوى المتصرفية ومستوى المدينة الصغيرة أو القرية. بحيث يحتوي كل تنظيم من التنظيمات المحلية على هذين الجهازين وهما:

أولاً- الأجهزة التنفيذية: إذ تتمثل الأجهزة التنفيذية للتنظيمات المحلية في مجالس تنفيذية، يتكون كل مجلس فيها من رئيس ونائب للرئيس وعدد من المساعدين. بحيث توجد هذه المجالس التنفيذية في كل مستوى من مستويات الإدارة المحلية، على مستوى المحافظة، وعلى مستوى المتصرفية، وعلى مستوى المدينة الصغيرة أو القرية.
وُيختار أعضاء المجلس التنفيذي بالانتخاب من بين أعضاء المجالس الشعبية، حيث يقوم كل مجلس شعبي بانتخاب أعضاء المجلس التنفيذي سنوياً.

ويرأس المجلس التنفيذي رئيس، يمثل المجلس في التوجيه والإشراف على الأعمال التنفيذية والجوانب الإدارية، لعمل الوحدة المحلية. ويلقب رئيس المجلس التنفيذي على مستوى المحافظة برئيس المجلس التنفيذي (المحافظ)، وعلى مستوى المتصرفية (المتصرف)، وعلى مستوى المدينة الصغيرة والقرية (رئيس بلدية).
ويختص المجلس التنفيذي بتنفيذ قرارات وسياسات المجلس الشعبي للوحدة المحلية التي يعمل فيها، والإشراف على الأجهزة الإدارية المحلية، كما يقوم بتقديم مقترحات القوانين والقرارات والخطط وعرضها على المجلس الشعبي لإقرارها.

ويتبع المجلس التنفيذي لكل مستوى من مستويات التنظيمات المحلية، جهازاً إدارياً يتولى العمل التنفيذي الفعلي في الوحدة المحلية. ويعمل في هذا الجهاز الإداري موظفون ُيعينون من قبل المجلس التنفيذي. وتقوم الوزارات المركزية بوضع المواصفات الوظيفية وأنظمة التوظيف الخاصة بهذه الأجهزة الإدارية لكي تسترشد بها الوحدات المحلية.

بحيث يشتمل الجهاز الإداري المحلي على إدارات تتولى مهام متنوعة هي: التخطيط العام، والشؤون المالية، والتجارة والتموين، والإسكان، والصحة، والتعليم، والشباب والرياضة، والمرافق العامة، والزراعة، وشؤون العاملين، والأمن والنظام والشؤون القانونية، والسكرتارية.

ويرأس كل إدارة من إدارات الجهاز الإداري واحد من أعضاء المجلس التنفيذي. ولا يحق لمن يتولى رئاسة إدارة في الجهاز الإداري أن يكون عضواً في إحدى لجان المجلس الشعبي، إذ أن هذه اللجان تمارس دوراً رقابياً على المجلس التنفيذي وعلى الجهاز الإداري.

ثانياً- الأجهزة الشعبية: بحيث يوجد في كل مستوى من مستويات التنظيمات المحلية مجلس شعبي. ويتم تشكيل هذه المجالس الشعبية بالانتخاب.

وتختص المجالس الشعبية في مستوياتها المختلفة برسم السياسات واتخاذ القرارات في المجالات التي تتعلق بالوحدة المحلية التي تمثلها. وهي تعتبر بمثابة السلطة الشعبية التي تلتزم المجالس التنفيذية والأجهزة الإدارية بتنفيذ سياساتها وبرامجها وقراراتها. فالمجلس الشعبي هو الذي ُيقر موازنة الوحدة المحلية. وهو الذي ُيصادق على مشروعاتها، وُيباشر الإشراف على عمل الأجهزة التنفيذية في الوحدة المحلية ويراقبها.

وتقوم المجالس الشعبية بتشكيل لجان متخصصة من بين أعضائها، لكي تقوم بمهام إشرافية ورقابية متخصصة في المجال الذي ُتمثله اللجنة، وُتشكل اللجان بحيث تتوازى مع المجالات التخصصية للإدارات التي يحتويها الجهاز الإداري.

وتلتزم المجالس الشعبية في كل مستوى بقرارات المجالس الشعبية التي تعلوها. فُتعتبر القوانين والقرارات التي تتخذها المجالس العليا ملزمة للمجالس الشعبية الأدنى. ويجب ألا تتعارض قرارات المجالس الدنيا مع قوانين وقرارات المستوى الأعلى، وإلا كان مصيرها الإلغاء بواسطة المجلس الشعبي الأعلى مستوى.

وهنا لابد أن يُعتبر المجلس التشريعي أو البرلمان هو الجهة التشريعية الأعلى التي يخضع لقراراتها وقوانينها كافة المجالس المحلية، فعلاقة التبعية بين مستويات المجالس الشعبية تتسلسل حتى تصل إلى المستوى الأعلى وهو البرلمان وهو المجلس التشريعي. وبهذه الطريقة تنشأ الأحزاب وتكون ممثلة لجميع أفراد الشعب.