أكد ساسة وقادة فكر ضرورة استغلال الأوراق الملكية التي نشرها جلالة الملك عبدالله الثاني كونها تشكل فرصة ذهبية ومظلة للحوار والانطلاق بالعمل نحو مستقبل الدولة.
وانطلاقاً من دور مركز (الرأي) للدراسات في تبادل الآراء ضمن التوجهات المختلفة بأبعادها الفكرية، استضاف المركز شخصيات حزبية وقانونية وأكاديمية في جلسة حوارية حول (الأوراق الملكية..خطوات عملية نحو مستقبل أفضل).
وخلص المشاركون إلى أن نشر جلالة الملك عبدالله الثاني للأوراق النقاشية كان من ورائه تحفيز المواطنين للدخول في حوار حول كل القضايا، وترك الجدل، لأن المرحلة المقبلة تحتاج الى حلول توافقية، لم يتمكن الأردن من الوصول إليها قبل الانتخابات، ولا سبيل أمام الكل -حكومات ومؤسسات ومعارضة وقوى شارع- سوى العمل على تحقيقها الآن.
وأوصوا بوضع نتائج نقاش الأوراق الملكية، ومجموعة الأفكار المطروحة بنقاط لتطبيقها على أرض الواقع.
أدار الندوة: هادي الشوبكيroyalpapers
تحرير: بثينة جدعون
آذار 2013
وتالياً أبرز ما تناولته الندوة:
خريطة طريق
قال وزير التنمية السياسية الأسبق المهندس موسى المعايطة، هنالك ثلاث أوراق نقاشية وكل ورقة منها طُرحت بصفة معينة، فالأولى تتكلم عن الديمقراطية وكيفية تطويرها، والثانية عن مفهوم الحكومة البرلمانية.
وأكد المعايطة على أن الورقة الثالثة هي الأهم، فقد تكلمت بشكل محدد وعملي عن الواقع الأردني، بحيث أصبحت أكثر من مجرد نظرية في ظل التجربة التي سادت بما يتعلق بمفهوم الحكومة البرلمانية وقضية الفصل بين السلطات، مضيفاً أن أهم ما جاء فيها أنها تطرح بشكل واضح دور الملكية، وهذه نقطة قوة لها، فقد بينت الورقة ما دور الملكية في المستقبل؟
وأشار المعايطة إلى قول أحد الصحفيين الأوروبيين: «إنه لأول مرة يطرح نظام ملكي دوره بقوة، وكيفية الوصول إلى حكم ملكي دستوري»، مضيفاً أن التحديد الأهم هو لدور الملكية الهاشمية، بحيث تمثل نقطة التوازن وتكون مسؤولة عن مؤسسات مهمة مثل مؤسسات الجيش والجهات الأمنية والمؤسسات الدينية، ليتم إبعادها عن خضم سجال العمل السياسي، وتحييدها.
ووصف المعايطة موضوع الملكية وكيفية تطويرها ووضع خريطة الطريق لها كما طرحتها الورقة الثالثة بالقضية المهمة جداً، مضيفاً أن فيها قدر كبير من الجرأة للتكلم بشكل واضح في هذا المجال.
العلاقة بين الحاكم والمحكوم
قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية د.حسن البراري الورقة الثالثة تتناول موضوع النُخب الجديدة، متسائلاً: هل أي من الـ91 نائباً جديداً يمثلون نخباً جديدة؟ مضيفاً أن هنالك مشكلة بتعريف النخب الجديدة، إذ هي بحاجة إلى تعريف سياق لم يطبخ بعد، وهذا السياق لا يأتي بقرار سياسي وإنما يأتي بإعادة النظر في كل القوانين الناظمة للعمل السياسي.
وبيّن أن نقطة القوة في هذا الأمر تتمثل في أن رأس الدولة هو من يضع ذلك كتابياً، إذ ينظر إلى الملكية الدستورية كعنوان نهائي لتنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم ، فبحسب مفهوم التنمية السياسية فإن المفاهيم تتطور للتواؤم مع التطورات البشرية التي حدثت وتحدث.
ورأى البراري أنه من المنطق أن يقود ما يدور حول الأوراق من نقاش، بعد التوافق عليها، إلى قرارات على أرض الواقع.
حوار وطني
قال النائب السابق د.ممدوح العبادي يجب أن تكون نقاط القوة في الرسائل الملكية قابلة للنقاش، ومن حق الشارع العام مناقشتها.
وتساءل العبادي: أين دور مراكز الدراسات في الأردن من مناقشة هذا الموضوع؟ ورأى أن الأوراق النقاشية يجب أن تتبناها وزارة التنمية السياسية وأن تقوم ببلورة أراء الناس، وأن تقوم بإجراء حوار وطني كبير لهذه الأوراق المتفق عليها لتُترجم فيما بعد إلى قوانين.
خطوات عملية
قال الكاتب والمحلل السياسي د.عامر السبايلة، ليس هناك أي ورقة غير قابلة للنقد أو النقاش.
وتساءل عن الخطوات العملية المطلوبة، لترجمة ما جاء في هذه الأوراق، وكيفية تقبل النقد؟ وأشار السبايلة إلى أن أخطر ما يتم تمريره اليوم هي فكرة أن المجتمع الأردني هو من أفرز مسؤولية هذه الإفرازات، كونه هو الذي أفرزها عبر مشاركته في الانتخابات الأخيرة، لافتاً إلى أن هذا الأمر قد يُقبل مؤقتاً، ولكن ماذا عن التعيينات؟ فهناك رسائل يمكن إرسالها للشارع الأردني عبر التعيينات.
قراءة الأوراق
قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية د.عمر الحضرمي، إن هذا المشروع طُرح من رأس الدولة، في محاولة للمحافظة على مكتسبات أو فتح الحوارات مع الآخرين، وفهي أوراق مطروحة للنقاش.
ورأى أن كل أوراق العمل تتصف بالرومانسية مثلها، فكلها لها نفس المقدمات، مبيناً أن أي شخص يريد أن يكتب عن التطور والمشهد السياسي سيكتب عن أشياء نظرية وبعدها سينتقل إلى التفاصيل والخصوصية.
وطالب الحضرمي الحكومة بقراءة هذه الأوراق التي طرحت من رأس الدولة، بحيث يبدأ الحديث والتفكير فيها، ودعا الحضرمي إلى عدم إغلاق أي باب بوجه هذه الأوراق، ووضعها في مشروع نقاش يوضع له أسس وأطر، بمشاركة وزارتي التنمية السياسية والتربية والتعليم، وأن تتولى مؤسسات الفكر العمل عليه.
ورأى الحضرمي أن على رئيس الوزراء تشكيل لجان لدراسة الأوراق الملكية، وكذلك وزير التنمية السياسية، إضافة إلى ضرورة أن يقرأها النواب والأحزاب، ويضعوا منها منطلقات لتحديد خارطة طريق جديدة.
رؤية جديدة
قال أمين عام حزب الوسط الإسلامي المهندس مروان الفاعوري، إننا أمام ورقة تُشكل رؤية جديدة، ذاكراً أنه طُرحت سابقاً ورقة تشبهها في عهد الملك فيصل الأول في سوريا، تحدثت بمضامين تمثل رؤيا معينة.
وأوضح أن أهمية هذه الأوراق ليست بالأفكار الموجودة فيها، إذ يمكن لأي سياسي أو مسؤول أن يتحدث بها، بل أهميتها تكمن في أنها تصدر عن رأس الدولة، فهي تعبر عن نوايا، وهي تمثل خريطة طريق، يؤكد من خلالها جلالة الملك أنه شخصية إصلاحية يريد للدولة الأردنية أن تسير نحو الأردن الديمقراطي المزدهر المعتز بانتمائه العربي، وأن يبنى هذا النموذج من معالم خاصة، في ظل معاناتنا من بعثرة الحياة السياسية، وعدم وجود أحزاب سياسية فاعلة وقوية لأسباب متعددة -لا مجال للخوض فيها-، وبقاء المشهد متاحاً لحزب واحد، يتفرد بالحياة السياسية، مضيفاً أن هذه الحالة أحدثت تشوهات في تعاطي الدولة مع بقية الأحزاب الأخرى، بطريقة غير محبذة في سنوات سابقة.
وقال الفاعوري إن هذه الأوراق، تعد تأكيداً من رأس الدولة على أنه يريد السير في بناء دولة تستند إلى خريطة طريق واضحة للإصلاح تقوم على رسم أدوار: النواب والأحزاب ورئيس الوزراء ودور الملك نفسه في المرحلة القادمة، إضافة إلى دور المواطن؟
وأضاف أن الملك في هذه الورقة يطرح موضوع الملكية الدستورية الهاشمية بتفصيل وواقع ورؤية أردنية مختلفة عن بعض التصورات التي كانت تُطرح بشكل يتسم بالتدرج في السير نحو الملكية الدستورية.
وقال الفاعوري أنه من الواضح أن الملك يريد أن ينقل جزءاً من صلاحياته في مفهوم الملكية الدستورية وهذا شيء جديد في هذه الورقة، فهو عندما يتحدث عن صلاحيات رئيس وزراء، وحكومة تستمر 4 سنوات، يتحدث عن خطط وصلاحيات، وبالتالي هذه الصلاحيات يجب أن تُعطى لحكومة ولرئيس وزراء قادر على تحمل أعباء هذه المرحلة وتحمل هذه الصلاحيات.
وأشار إلى أن الأوراق أكدت على حيادية المؤسسات الأمنية والقضائية، مضيفاً أن هذا الأمر كان سابقاً، وأضيف إليه مفهوم نُقل عن المغرب، كونها تستند إلى اعتبار رأس الدولة أمير المؤمنين، فهم يعدون المسجد هو جامع والجامع يجمع كل المؤمنين بصرف النظر عن التوجهات السياسية، كما أن حزب العدالة والتنمية يطرح هذا المفهوم ويتبناه ويمنع عضو الحزب أن يكون خطيباً في المسجد وإذا ما أراد ذلك، يجب أن يستقيل من الحزب، وذلك كي لا يقدم رأياً يمكن أن يحدث انقساماً داخل مؤسسة المسجد، مضيفاً أن هذا شيء مطلوب في الأردن، فنحن نتفق فيما بيننا على أن المسجد يجب أن يبقى مستقلاً بعيداً عن أية استقطابات سياسية ودون أن يُفسر أنه يحجم عن هذا التيار أو ذاك.
المطلوب من الأوراق الملكية
أكد الوزير الأسبق والعضو المؤسس لحزب «التجمع الحر» د.أحمد مساعدة، على أن هذه الأوراق هي أوراق مطروحة للنقاش.
وأشار إلى أنه عندما نناقش الأوراق الملكية، فإننا ننطلق من حرصنا على النظام الملكي، وعلى النظام الأردني بشكل عام، مضيفاً أننا نود أن نصل إلى حالة من الإصلاح الحقيقي دون مجرد وعودات بلا مضمون.
وأوضح أن هذه الأوراق بشكل عام، هي بناء إيجابي ومحطة مهمة، من الممكن استثمارها والبناء عليها للوصول إلى مفاهيم استراتيجية لشكل الدولة الأردنية التي نريد، ولذلك من حيث المبدأ هي مبادرة إيجابية من قبل جلالة الملك في هذا الشأن.
وأكد مساعدة على أن الأوراق، تعد محطة إيجابية، يعوزها التطبيق العملياتي أو المخرَج النهائي لهذه الأوراق، وخاصة بما يتعلق بكيفية شكل وتكوين الدولة الأردنية، أو إذا جاز التعبير، المشروع الديمقراطي الأردني، كيف يكون؟ وما هي مخرجاته ومحاوره؟ وما يتعلق بالدور الملكي ومجلس النواب والسلطة التنفيذية ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنين بشكل عام.
التصور النهائي
أكد الصحفي في الجوردن تايمز هاني هزايمة أن الأوراق تحتاج إلى نقاش ومجهود من الجميع، للوصول بها إلى الشكل النهائي، مضيفاً أن الملك عندما طرح أسلوباً جديداً- وعدّه البعض توجيهاً- فقد طرح قضايا محددة، والمطلوب من قادة الرأي والأحزاب والبرلمان وضع التصور النهائي لشكل الدولة في المرحلة القادمة، وتساءل هزايمة: هل المطلوب بعد وضع محتويات الأوراق للنقاش من قبل جميع المؤسسات، والبرلمان، مواطنين وأحزاب، أن نعود بتصور نهائي للملك، ليصدر قراره
قانون الأحزاب
ولفت العبادي إلى أنه تم الإشارة في الورقة إلى تشكيل حكومة برلمانية بعد انتهاء الانتخابات، وأنه توجد في البرلمان 4 كتل يسارية وقومية ووطنية وإسلامية، مضيفاً أنه بالحقيقة هذا غير صحيح، فما نراه هو عبارة كتل هلامية، وستبقى كذلك.
وأشار إلى عدم إمكانية وجود أحزاب لدينا، مبيناً أنه يمكن إيجاد تمثيل للأحزاب في البرلمان عبر كوتا حزبية، مضيفاً أن قرار المجلس العالي لتفسير الدستور الذي ألغى الكوتا الحزبية قضى على التطور الحزبي، فالحزبية ليست ترفاً فكرياً بل هي عبارة عن أداة من أدوات التقدم والحكم في البلد، فإذا لم يكن هناك تشجيع للاحزاب بطريقة أو بأخرى، يجب أن يُعاد النظر في قانون الأحزاب والتعديلات الدستورية الملزمة، بحيث يصبح للكوتا الحزبية ما نسبته 50 %، لتتحمس الناس وتدخل الأحزاب.
وتساءل العبادي: كيف ستكون هناك حكومة برلمانية وليست حزبية؟، في حين أنهم في الكتل الموجودة في البرلمان لا يعرفون أسماء بعضهم البعض، مضيفاً أن نتيجة هذه القوائم «صار كل واحد على رأسه»، فإذا اردت كتل برلمانية وحكومة برلمانية، يجب أن يكون في مقدمتها الأحزاب، مؤكداً على وجوب وجود أحزاب حقيقية، مشيراً إلى أنه في الدستور المغربي «من يخرج من كتلته تسقط عضويته من النواب»، وبالتالي سيبقى ملتزماً بقرارات كتلته.
وأكد العبادي أن ملكيتنا دستورية طوال عمرها، فنظام الحكم هو «نيابي ملكي وراثي»، مضيفاً أنه يوجد 50 تعريف للملكية الدستورية، فالملكية الدستورية في المغرب تختلف عنها في بريطانيا، متسائلاً: عن أي ملكية دستورية نتحدث؟ وما هو تعريف الملكية الدستورية بالنص في العالم المثيلة مثلها ونحاكيها؟.
الملكية الدستورية
أشار المعايطة إلى أنه كان الكلام عن الملكية الدستورية يعد خطاً أحمراً، والآن من خلال الأوراق فتح الملك الحوار للجميع، مضيفاً أن هذه قضية مهمة حيث نستطيع أن نتحاور بشكل واضح وصريح.
وأكد على أن الديمقراطية ليست فقط قانون انتخاب ونوايا حسنة، بل هي ممارسة وتحتاج إلى وقت طويل بحيث يستطيع المجتمع أن يقبل بنتائجها وبالتوافق، مضيفاً أنها ليست صندوق اقتراع فقط، فأساسها بأن يكون هناك توافق في المجتمع بين القوى الاجتماعية والسياسية على شكل الدولة ومضمونها، مشيراً إلى أن ما يحدث في مصر وتونس والعراق يدعونا إلى الاستنتاج بأن بعض القوى السياسية تعتقد أن وصولها إلى السلطة عبر صندوق الإقتراع يعطيها الحق بتغيير شكل الدولة، دون ان يكون هناك توافق مع بقية مكونات المجتمع وقواه السياسية.
وقال المعايطة إننا بحاجة إلى فترة زمنية لنصل إلى آلية حقيقية لتشكيل حكومات برلمانية.
وأشار إلى أن الدستور العراقي الذي صُوّت عليه، حصل على الأغلبية، ولكنه عمل أزمة، بسبب عدم وجود توافق مجتمعي، فالمهم في المؤسسات الدينية والعسكرية والأمنية الحفاظ على هذه الصلاحيات من أجل الحفاظ على التوازن داخل المجتمع.
وأكد المعايطة على أن الورقة أوضحت كيفية تشكيل حكومات، إذ لا يمكن تشكيل حكومات بالتمني، إذا ما تشارك النواب.
دور التنمية السياسية
طالب براري بمنع الترشيح إلا على أساس حزبي، مضيفاً أن هذا يساعد في انضاج هذه الطريقة عبر خلق هوية سياسية أعلى من الهويات الفرعية.
وأكد على دور التنمية السياسية في خلق مؤسسات جديدة، وقوانين ناظمة جديدة، وأهمية معالجة هذا الخلل بين الدولة والمجتمع بما يسمى «نفس نمط الانتاج».
وقال البراري، إن الحديث عن حكومة برلمانية في ظل عدم تغيير المواد (34-35-36) من الدستور تصبح في سياق مكرمة وهي غير ملزمة.
الكتل البرلمانية
وأشار الحضرمي إلى أن الاحزاب في بريطانيا نشأت من الكتل البرلمانية، في حين أننا في الأردن نعمل على مبدأ، ماذا آخذ من هذه الكعكة؟، مضيفاً أنه عندما تسقط الدولة في براثن التجزئة والمحاصصة لن يكون هناك إمكانية لبناء الدولة الحديثة، ولذلك مجرد رؤية حزب له قوة نبدأ بالقول: ما عدا الحزب الفلاني!
وأضاف، إذا أردنا ان نستورد عقائد من الخارج (حزب البعث والشيوعي وغيره)، نبقى على العبثية الفكرية والترف الفكري، مضيفاً أننا بحاجة الى أحزاب، دون وضع برنامج كمفكر، وأشار إلى تجربته كأستاذ علوم سياسية، موضحاً أننا نقوم بتوجيه الطلاب للتفكير بالعمل السياسي، فنصطدم برد فعل الطلبة بقولهم: إن الأحزاب ممنوعة، وترسل إلى السجون، كون آبائهم يخوفونهم، إضافة إلى أنه في أحد نصوص ديوان الخدمة يمنع تعيين الحزبي في نظام الخدمة المدنية.
وقال الحضرمي لقد فشلنا في ادخال فكرة الأحزاب إلى الطبقة المثقفة التي تصنع المجتمع، فنحن نريد حزبياً مثقفاً، ولذلك عندما نتحدث عن الأحزاب نتحدث عن عملية تثقيفية سياسية، مضيفاً أن هذا ليس عمل وزارة التنمية السياسية كونها تعمل وفق دوام رسمي، لذلك يجب أن نتحدث عن العملية الحزبية بعملية منظمة للدولة.
السلطة والمسؤولية
وصف مساعدة الوصول إلى حكومة برلمانية بالعملية المعقدة، رابطاً ذلك بمضامين القوانين وتساءل عن شكل الدولة المطلوب؟ وقال مساعدة، تشعر أنك تدور في حلقة مفرغة مع أن الأمور واضحة، مضيفاً أن الأنظمة السياسية وتبعاتها القانونية في الدول الديمقراطية واضحة، فالتوافق الآن يدور حول تحديد شكل النظام الديمقراطي الأردني وشكل الدولة الأردنية القادمة؟ ذلك أنه يمس عدداً كبيراً من مكونات المجتمع الأردني.
وقال مساعدة، إذا فصلنا النواحي القانونية والسياسية للأنظمة، نجد أن حجر الزاوية هو موضوع تلازم السلطة والمسؤولية، فالسلطة تجعل الحاكم مسوؤلاً أمام الشعب ومؤسساته، وعلى سبيل المثال رئيس الجمهورية في- النظام الرئاسي الجمهوري الألماني -لا مسؤولية عليه، ولا سلطة له، والتي تحكم هي المستشارة، وهو نفس النموذج التركي مع بعض الصلاحيات للرئيس، في حين أن النظام الرئاسي الفرنسي - نظام رئاسي جمهوري- والرئيس منتخب مثل أميركا ويعين حكومته التي تخضع لموافقة مجلس النواب، فهناك تهميش لرئيس الوزراء الفرنسي، وبالمحصلة الرئيس منتخب شعبياً وحكومته تأخذ الثقة.
وأضاف، أما الأنظمة الملكية - الملكيات الدستورية- فهي متعلقة بالسلطة والمسؤولية، ولفظ الملكية الدستورية، لفظاً ليس قانونياً مثل بلجيكا وإسبانيا والنرويج وبريطانيا فالنظام فيها واضح.
وأشار مساعدة إلى أن الورقة الأولى تقول: «إن المحطة الانتخابية مهمة على أساس الديمقراطية.
وتساءل مساعدة: كيف تحدد شكل الدولة من خلال النظام القانوني وتحدد من خلال الأنظمة والتشريعات الضابطة للعملية السياسية؟، وتقرر ما هو شكل الدولة؟، هل هي عشائرية؟، مضيفاً أن قانون الانتخاب الحالي الذي يجلب المواطن جلباً ليفكر بطريقة معينة هو قانون عشائري، فالقانون الجهوي يكرس التفكير الجهوي ويكون الانتخاب على أساس جهوي بالتالي المفرز، نتيجة العمل ستكون جهوية.
ورأى مساعدة أن الإنسان هو ذات الإنسان سواءً في الأردن أو بلجيكا، لكن نوعية القوانين التي وضعها والفاعلين السياسيين، هي التي توجه تفكير الإنسان.
الأوراق مظلة للعمل
قال سبايلة، قدمت الأوراق مظلة للعمل، علينا أن نستفيد منها، وهناك فرصة تاريخية وذهبية لالتقاطها، فالمنطقة في حالة مفصلية، حالة تحوّل واضح، والتاريخ يثبت أنه ليس هناك ممالك مطلقة تبقى على الأرض، مضيفاً أن هناك رغبة عند الأردنيين للانطلاق إلى الأمام، ولا يتم ذلك إلا بوجود اجراءات تنفيذية، فالملكية الدستورية تستطيع جلب ما تريد من نماذج بعد سقوط ونهوض وتحاول تطبيقها، مؤكداً على أن الواقع الأردني يحتاج إلى كثير من العمل.
وأضاف أن هناك ثقافة مفقودة، ومفصل تاريخي، متسائلاً: كيف نتجاوز هذا الخطأ؟، فالقضية تشاركية كاملة، وهناك قضايا عدة منها، موضوع التعليم، فمناهجنا طاردة للفكر، والمطلوب منتجاً فكرياً قابلاً للتغيير، مشيراً إلى خوف الطلاب من العمل السياسي، فنحن نتحدث عن حالة مجتمعية، والبرلمان منتج مجتمعي، والقوانين داعمة، في حين أن الخاصية في الأردن تقوم على تهشيم كل شيء جيد، فقد تم تهشيم كل الكتل والممارسات التي نراها، ولا يوجد فكر لتعود البوصلة أيدولوجياً.
وأشار إلى وجوب إيجاد استراتيجية لتجاوز أخطاء الماضي.
الحزبية والبرلمانية
أكد العبادي على وجوب تغيير الدستور، لتشجيع الناس على الانتساب إلى الأحزاب، فبلدان العالم لم تتقدم إلا عن طريق الحزبية والبرلمانات.
وأشار العبادي إلى تراجع مؤسسات الدولة في السنوات العشر الأخيرة بعد أن كانت قوية، وانهدام هيبة الدولة، مضيفاً أننا لا نريد ديمقراطية أو برلمان فقط، وإنما ما نريده هو ترجيع هيبة الدولة، ومؤسساتها المختلفة كما كانت.
ولفت العبادي إلى أن المعارضة نوعان، عبثية وعدمية، وأكد أيضاً على أنه لا توجد مسؤولية بدون مساءلة.
نتائج النقاش
أكد الفاعوري على أهمية وضع نتائج نقاش الأوراق ومجموعة الأفكار المطروحة في نقاط مثلما هي الأوراق النقاشية، مضيفاً أننا كقوى حية وسياسية وجزء من الشعب الأردني، يمكننا وضع صورة لدولتنا القادمة الحديثة التي نعتز بها ونسعى لبنائها.
وأضاف أنه، لا يعيب أي مسؤول سواءاً كان ملكاً أو رئيس وزراء أو وزيراً أن يعطي أفكاراً لشخص أو لإثنين أو لمستشار، ليكتبوا له هذه الأفكار، وهي في النهاية تكون له، فجلالة الملك موافق على هذه الأفكار، وتعبر عن رؤيته ولا يوجد ملك أو زعيم، يكتب كلمته ويعطي افكاراً رئيسة ويقدمها.
وقال الفاعوري إن الشخصية السياسية الأردنية تعاني من الانفصام، فمن جهة نريد حياة حزبية ومن جهة أخرى لا نعترف بالأحزاب السياسية.
وأكد على وجوب إجراء تعديلات دستورية ووضع قوانين ناظمة للحياة السياسية خاصة «قانون الأحزاب»، مشيراً إلى قيام لجنة الحوار الوطني بتقديم قانون عصري للأحزاب السياسية، تم إرساله للحكومة، وإذ به يصبح قانوناً عرفياً بامتياز كما أنه تم العبث به، عازاً ذلك لوجود قوى متمركزة في مربعات حول جلالة الملك لا تريد للدولة الأردنية أن تنتقل من دولة تعتمد على مجموعات وأشخاص وتوريث سياسي إلى دولة برلمانية تقوم على ركائز حزبية.
وأضاف أنه عندما يتحدث جلالة الملك عن دور للأحزاب السياسية، فهذه رسالة نرجو أن يفهمها من هم حول جلالة الملك، فنحن نحاول أن نناضل في محاولة تغيير القوانين الناظمة للحياة السياسية، ونطالب أن يكون الانتخاب كاملاً للأحزاب كما يجري في إسرائيل واليمن، مشيراً إلى أننا في الأردن نتحدث عن برلمانات وحكومة برلمانية دون تطبيقها حقيقية على كتل حزبية، باستثناء بعض الكتل التي تشكلت قبل دخول الانتخابات.
كما أكد الفاعوري على أن النقطة الأهم في الأوراق هي التركيز على حيادية الأجهزة الأمنية وحيادية المؤسسات والجيش، فالزج بهذه المؤسسات وتهشيم صورتها لدى المواطن يعد الجزء رئيسي من الخلل الذي دمر مؤسسات الدولة، فبدلاً من أن تكون هذه المؤسسات حارسة للمواطن أصبحت طرفاً في العملية، مضيفاً أن جزء من الإصلاح المطلوب هو الحفاظ على استقلالية هذه الأجهزة.
رد الفعل
قال الكاتب أحمد الموسى إن كل ما حدث على الساحة الأردنية بكل تفاصيله هو رد فعل لما يحدث في العالم وليس فعلاً، فقد كنا ردة فعل لأحداث حدثت حولنا ولم نخترع الحالة ولم نصنع الحدث، وهذا ما جعل أمورنا غير منسجمة وغير منضبطة في كل القطاعات الأردنية وفي كل تفاصيلها ومفاهيمها، مضيفاً أننا غير منسجمين وغير مقتنعين بما نقوم به، إذ أن نسبة عدم وضوح الرؤيا من القيادة والقواعد الشعبية غير منسجمة، ولن تكون واضحة أبداً، كونها بالأصل غير معتادة على الوضوح، فهي بحاجة إلى ممارسته ومعايشته فترة طويلة، ورأى أنه حتى لو حدث ذلك لن يكون هناك وضوح بمعناه الحقيقي بل سيكون هناك شيء من الأفضلية، ولن يكون هناك انسجام بين الناس المتشابهين، لأن كل شخص يعتقد أنه مختلف.
الإصلاح السياسي
قال المعايطة، إننا متفقون على قضية الإصلاح السياسي ولكن قد نختلف على الآليات التي تؤدي لتحقيق ذلك، مشيراً إلى أن الورقة الثالثة تعد مظلة للحوار، فكثير من الحوارات كانت ممنوعة، فمستقبل الأردن يعتمد على تطور الدولة المدنية الحديثة.
وأضاف أنه، ليست فقط القوانين هي التي تستطيع أن تحركنا نحو كيفية الإصلاح، بل يجب أن نأخذ بعين الاعتبار دور المجتمع، مشيراً إلى أن دور المجتمعات يختلف من بلد لآخر، لافتاً إلى تجارب مصر وتونس التي يجب أن نأخذها بشكل واقعي، ودول أوروبا الشرقية التي استطاعت بعد 20 سنة، الوصول إلى ديمقراطية وأحزاب سياسية فاعلة، وتداول للسلطة، وذلك لوجود مجتمع مدني حقيقي على جميع المستويات.
وتابع المعايطة قوله: إننا في الأردن نفتقد إلى ذلك، فنحن مجتمع قائم على العشائرية والتي زادت في المدة الاخيرة، لذلك عملية الإصلاح لن تكون سهلة، وما جرى في القائمة النسبية هو مثال على ذلك، فهو أمر لم يجر في أي دولة في العالم.
وأضاف المعايطة أنه ضد الكوتا الحزبية، فالحزب وسيلة لتمثيل المجتمع وليس هدفاً لتشكيله كما هي كوتا المرأة، فهناك تمثيل سياسي يمثل المصالح المتناقضة من أجل المجتمع، ومن أجل الوصول إلى ديمقراطية حقيقية، فالمجتمع سيبقى عشائريا واقليمياً.
وأشار إلى أننا بحاجة إلى مشروع إصلاح سياسي لبناء الدولة الحديثة، ولا يتم ذلك فقط بتعديل قوانين الأحزاب، بل بقوانين تمكننا من الوصول إلى توحيد وبناء مجتمع أساسه الولاء للهوية الأكبر، مضيفاً أنه بدون ذلك هناك إشكالية كبيرة.
وبالنسبة إلى التعليم قال المعايطة، إنه يجب إعادة في منظومة التربية والتعليم، الذي أصبح عبارة عن تلقين، داعياً إلى تغيير المناهج من الصف الاول، لبناء مواطن أردني مختلف.
المعارضة حالة مجتمعية
قال البراري، إن الثقافة المجتمعية تعززها قوانين موجودة، وإبقاء القوانين الحالية، مطالباً بخلق ديناميكية تنادي بالصلاحيات ولا تنادي بنهاية الدولة.
وأكد البراري ضرورة التفكير بتغيير سياسات التعليم وخاصة في الجامعات، فهي أصبحت من اسوأ ما يكون.
وأكد البراري على أن المعارضة هي نتيجة لحالة مجتمعية، وهناك معارضة جدية وعبثية، مضيفاً أنه يوجد لدينا مخاض في الأردن، ولا توجد قوانين ناظمة لإنضاج معارضة صحية.
شكل الدولة
قال مساعدة، إن الرؤية الأساسية المتعلقة بالدستور وببعض القوانين المهمة لابد من محاكاتها وضمن إطار الرؤية، مضيفاً أننا مجتمع جهوي عشائري.
وأوضح أنه بسبب وجود مؤسساتية في العمل على مدار 30 عاماً وصلنا بالتفكير البنيوي للمواطن الأردني إلى هذه الحالة، وذلك من خلال قوانين أو ممارسات فردية أو جماعية إضافة إلى وجود جهة معينة قررت أن الدولة الأردنية هي دولة ريعية، لا تخلق مواطنين بل رعايا انتهازيين، إذ تقوم الدولة بتغذية المواطن فكرياً وعلمياً وأدبيا وحضارياً وسلوكياً، وليس مطلوب منه سوى التوظيف لديها، وبالتالي خلقنا حالة انتهازية.
وأكد مساعدة أن شكل الدولة الذي نريده يتم بالعودة إلى ما قبل الدولة الريعية، أي حقبة الخمسينيات والستينيات، حيث كانت هناك دولة سياسية وأخرى مدنية، كانت هناك قبائل وعشائر، وكان لدينا مجتمع محزب، كما كان في البيت الواحد بعثي، وشيوعي، وإخوان، وضابط مخابرات، وكانوا جميعهم يعملون سوياً وباختلاف برامجي.
أما في القرن الـ21 في كل حالة التطور التكنولوجي لم تستطع الذهنية الأردنية أن تكون على ما كان اباؤنا عليه، إذ توجد جهة لا تريد العودة إلى هذا النموذج؟
ورأى مساعدة أن الأوراق تتحدث بشكل إيجابي كبير عن المحطة أولاً والقانون، في حين أن هذه الجزئية ينقصها الدقة والصحة، فما حصل هو نقيض تماماً لما تكتبه هذه الأوراق، تكريس لواقع الحال وإعادة إنتاج المشهد البرلماني والاجتماعي السياسي في الأردن بتغيير بعض الأسماء، ولا نقول من خلال هذا المشهد بتعزيز العمل الحزبي والبرلماني.
سيطرة المعارضة
قال سبايلة، توجد أمور أساسية في العمل السياسي، مع من تتداول السلطة؟، عندما يفرض كل شيء فرضاً، فهناك حالات صحية في الأردن، شباب رائعون يجب ان تقدم لهم الدولةكل شيء.
الحوار واجب وطني
قال الدكتور زهير حمد إن الأسس التي احتوتها الأوراق الملكية تتناغم مع تطلعات المواطنين وتنطلق نحو مستقبل زاهر.
فقد ركزت الأوراق الملكية أن لكل مواطن دور أساسي في بث الحياة من جديد، مؤكداً أن عملية تشجيع الحوار البناء حول القضايا الكبيرة التي تواجه مجتمعات للوصول إلى الأفكار الصحيحة هو ما نطلبه جميعاً، فهناك مظاهر تؤدي إلى توقف آني للحوارات، منها العنف والتصلب في المواقف، متسائلاً: متى يكتمل الحوار بقبول التنوع؟،
كما أكد على ان ترتبط الممارسات باحترام الرأي الآخر والمنافسة الشريفة، وأن يكون الحوار واجباً وطنياً