ندوة في مركز الرأي للدراسات عن كتاب (حوار مع الإسلاميين)
تجديد الخطاب الديني وتطويره منطلق أساسي للتنوير
قال وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية د.هايل داوود، إن أساس التطرف هو الانحراف الفكري، لذلك فإن المعالجة الرئيسية له لا تكون إلا بالفكر.
وأضاف خلال مشاركته في الندوة التي نظمها مركز «الرأي» للدراسات حول مضامين كتاب «حوار مع الإسلاميين» من تأليف رئيس المركز الأردني للدراسات والمعلومات بلال حسن التل، إن الأردن، دولةً وحكومةً وشعباً، يدين الإرهاب.
وتوصلت الندوة التي شارك فيها سياسيون وخبراء في الحركات الإسلامية، إلى أن مواجهة التطرف تتطلب معالجة فكرية وفقهية وإعلامية، وآخرها عسكرية، وإصلاح الخطاب الديني وتجديده، واعتماد المفهوم الفكري للاعتدال، وإعادة الاعتبار للمؤسسات الدينية والعلماء.
أدار الندوة: د.خالد الشقران
حررها: جعفر العقيلي وبثينة جدعون
شباط 2015
تالياً أبرز وقائع الندوة:
نقض أسس الفكر المتطرف
قال وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية د.هايل داوود إن أهمية هذا الكتاب تكمن في صدوره في هذا الوقت الذي نشهد فيه تمدداً كبيراً للفكر المتطرف، مضيفاً أن أساس هذا التطرف هو الانحراف الفكري، لذلك فإن المعالجة الرئيسية له تكون بالفكر.
ورأى داوود أن التل من المؤهلين للتعامل مع هذا الفكر ونقده بحكم اطلاعه على الفكر الإسلامي ومعايشته للحركات الإسلامية، وأن الكتاب يمثل التفاتة مبكرة نسبياً لموضوع التطرف قبل أن يُستغل بصورته الحاضرة، مؤكداً ضرورة تعميم الكتاب ونشره في أوساط الشباب.
وبيّن داوود أن كتابة التل ملتزمة وتنطوي على عاطفة، وليست مجرد كتابة روتينية، مضيفاً أن الكتاب ربط ظاهرة التطرف بشكل عام بفترات الانحطاط في مسيرة الحضارة الإسلامية، وهذا يعد مؤشراً على كيفية معالجة الفكر المتطرف، إذ أوضح المؤلف من خلال هذا الكتاب أن هذا الفكر يغرق الأمة في خلافاتها وفي صراعاتها ويستنزف قدراتها..
وأوضح أن التل أكد في كتابه أن التطرف الديني الذي نعاني منه اليوم هو في غالبه ممن ينتسبون للإسلام، وهو في الوقت نفسه ليس مرتبطاً بالإسلام أو بالمسلمين، فهناك حالات كثيرة من التطرف مثل ما حصل في بورما، والرسوم المسيئة للرسول الكريم في أوروبا، وما حصل في إفريقيا الوسطى.
وقال داوود إن في الكتاب إشارة إلى أن الجماعات المتطرفة هي من صنيعة الغرب أو «صناعة خارجية»، ما دفع التل إلى التحذير من استخدام هذا اللون أو الفكر في تحقيق أجندة سياسية، لافتاً إلى أن هناك دولاً استخدمت هذه الجماعات في تحقيق أجنداتها السياسية، مضيفاً أن خطر هذه الجماعات يتمثل في كونها تنقلب بسرعة ولا يؤمن جانبها.
وأضاف أن الكتاب يبيّن دور الحركات الإسلامية السياسية في نشوء الجماعات ذات الفكر المتطرف، ويشير إلى أن من الأخطاء التي وقعت فيها هذه الحركات أنها بالغت في الخط السياسي على حساب الخط الدعوي والتربوي الذي كانت تمارسه، كما بالغت في خطاب الحشد والتعبئة من دون تقديم برامج، وبالتالي حوّلت شعار الدعوة من إصلاح إلى تحريض، بتعبئة الشارع ضد الأنظمة العربية والسياسية وضد المجتمعات التي تعيش فيها، من دون أن تقدم نموذج الإصلاح الذي تريد.
ورأى داوود أن هذه الحركات في خطابها الإصلاحي لم تتخلص من عيوب المجتمع الذي تدعو إلى إصلاحه والتي منها: عدم تجذير الديمقراطية، وعدم قبول الرأي الآخر، والعجز عن تقديم الكفاءات لإدارة الدولة كما حصل في مصر وتونس، وعن تقديم برنامج إصلاحي اقتصادي للدولة، مضيفاً أن الخطباء في هذه الحركات سادوا على المفكرين، ما أدى في النهاية إلى إيجاد بيئة من الشباب المتمرد الناقم قامت هذه الجماعات بالتقاطهم بدعوى أن هذه هي الدولة الإسلامية التي نريد.
وقال الوزير إن هذا الكتاب يبيّن أن تمييع المجتمع وغياب المنظومة الأخلاقية أوجدا مجالاً خصباً لجماعات التكفير والتطرف، كما بيّن الكتاب أن من أسباب انتشار الفكر التكفيري التباس المفاهيم وخلطها، لافتاً إلى أن الكتاب أكد أن المعالجة الحقيقية للتطرف لا تكون بالطرق العسكرية أو الأمنية، بل بالفكر.
وأشار إلى أن الكتاب يكشف عدم قدرة المؤسسات، وخاصة المؤسسة الدينية الرسمية على القيام بدورها إذا لم تُدعم مادياً ومعنوياً، وأن مسؤولية مقاومة هذا الفكر لا تنحصر فقط بالحكومات، بل تتعداها إلى كل مؤسسات المجتمع المدني، وأن على الحركات الإسلامية الانتباه إلى أن الإصلاح لا يتم بقرار فوقي، أو بالاستيلاء على السلطة، وإنما بتغير المفاهيم والأفكار.
وأكد أن التدين أمر مطلوب، لكن هناك من ينتقل من التدين إلى التشدد، إلى الغلو، إلى التطرف الذي يقف عنده بعضهم، بينما ينتقل آخرون باتجاه عمل مادي ضد الآخرين أو سلوك إرهابي، مبيناً أن «داعش» ش وجبهة النصرة و«القاعدة» وسواها من جماعات مماثلة، انتقلت من حالة التطرف إلى حالة الإرهاب. ودعا إلى وجوب التعامل مع هذه الحالة بهذه الصورة، وإدانة الإرهاب المعتمد على أسس ومعتقدات دينية بفهم منحرف.
وختم الوزير مداخلته بقوله إن الخطاب الفكري للجماعات المتطرفة، يخالف ما استقر عليه الفهم الإسلامي الراشد في هذه المسائل، وهو لا يصمد أمام النقد العلمي الذي يصدر من عالِم متمرس متمكن. ومن هنا يأتي دور العلماء في أن ينقدوا أسس هذا الفكر المتطرف وينقضوها.
تطوير المفاهيم الدينية
قال العين د.جواد العناني إن محتوى الكتاب يتضمن رسالة خاصة في موضوع محدد، وهو حوار مع الإسلاميين وأين أخطأوا، مضيفاً أننا نتكلم اليوم بلغة العصر الحديث، وأنّه آن الأوان لنطبق مفاهيم كالحاكمية والشفافية وتداول السلطة.
وأوضح أن الكتاب يثير الإشكالية الحاصلة في الفكر الإسلامي كله، والمتمثلة في أن الذين يتعصبون للدين يلجأون للقرآن والسنّة النبوية، والذين يردّون عليهم من المعتدلين يفعلون الشيء نفسه، وفي نهاية الأمر نحتكم جميعاً إلى النصوص الدينية.
وقال العناني إن لدينا إشكالية فلسفية تتمثل في كيفية تطوير مفاهيمنا الدينية والإسلامية بلغة إسلامية حديثة، بحيث لا نقع في فخ العودة إلى نصوص أخرى في القرآن تجعل القضية قضية مناظرة فكرية.
وأشار إلى مدى نجاعة أي فكر في التطبيق، متسائلاً عن المعايير التي يجب أن نستند إليها لكي نحكم على فكر معين أنه ناجع أو غير ناجع، وعما إذا كان هناك مقياس للحكم عليها.
ورأى العناني أن الأمر المهم في الكتاب هو إشارته إلى غياب ما يسمى «المنهجية الشمولية القابلة للتطبيق»، متسائلاً: هل دمج التطرف تحت مسمى الإرهاب هو لصالح قضيتنا الفكرية؟ وهل بالضرورة أن يؤدي التطرف إلى الإرهاب؟
وأضاف: في حال كان التعصب والتكفير من أنواع التطرف، فهذا يؤدي إلى أن يقوم الشخص بفعل ضد من لا يتبنى أفكاره. ولفت إلى أن الكتاب ركّز على موضوع القبول بالآخر، إذ إن كثيراً من الحركات الإسلامية لا تقبل الآخر، فتستثنيه، وبالتالي ينقلب أو يثور عليها.
وختم العناني مداخلته بقوله إنه ليس بالضرورة أن ترتبط الحركات المتطرفة والإرهابية بعصور التردي والانحطاط.
منهج علمي لفهم النصوص
قال أستاذ الأديان في جامعة آل البيت د.عامر الحافي إن الحضارة الإسلامية «حضارة نَصّ»، واصفاً ذلك بالمشكلة العميقة، وداعياً إلى تعميق فكر المراجعة والحس الإنساني عند تعاملنا مع القضايا السياسية بهذا المنطق الديني.
وأضاف أن الدين أصبح له مسوغات سياسية، وأن يد السياسة والاقتصاد دخلت إلى أحشاء الدين، لافتاً إلى أن تديّن الصراعات وتعقيدها أصبح الثقافة العامة، وأصبحنا لا نستطيع التعامل مع أي موضوع إلا وفق إطار ديني أيديولوجي.
ورأى أن الفكر غالباً ما يكون نتاج عوامل غير فكرية، فإما أن يكون نتاج عوامل سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية، مؤكداً على حاجتنا الماسة في الأردن والوطن العربي للدراسات البينية.
وقال الحافي إن الحركات الإسلامية في الأردن والعالم خرجت جميعها من حاضنة واحدة، ومن الحاضن الثقافي والاجتماعي نفسه، مضيفاً أننا الآن نرى الكثير من البعثيين واليساريين يتحولون إلى إسلاميين، مما يدل على وجود اشتباك.
ورأى أن هناك ما يسمى «الثقافة العميقة»، وأننا لم ننتقل من تشخيص المشكلة إلى العمل على مواجهتها، لافتاً إلى أن كتاب الثقافة الإسلامية الذي يدرَّس في إحدى الجامعات، يحاول الاستدلال على معنى الثقافة لغةً انطلاقاً من الآية الكريمة: «واقتلوهم حيث ثقفتموهم»، فالطالب في تخصص الهندسة أو الطب بحاجة إلى عشرات الكتب ليفهم معنى الآية، ويصطدم بسذاجة علمية وأكاديمية لدى بعض الأساتذة، متسائلاً: أين الأسلام الوطني؟ مضيفاً أن هذا البعد موجود في كتاب التل.
أما موضوع الصراع الديني، فرأى الحافي أنه يجب علينا أن نحل صراعاتنا بطريقة سليمة وصحيحة لأن هذه الصراعات المزمنة تحولت إلى وحوش قاتلة، وأصبح هناك أشخاص يسوغون جرائمهم باسم الدين، داعياً إلى إعادة تأهيل عقول المتدينين، عبر التعامل معهم من خلال القيم الإنسانية والتركيز على الخطاب الديني وتطوير المناهج الدينية الحديثة.
وأوضح الحافي أن الاتجاه السلفي الوهابي كان سابقاً لظهور الإخوان المسلمين، وأن حسن البنا ذكر في رسائله أن حركته صوفية سلفية، وبالتالي كان هناك نافذة مشرعة باتجاه السلفية.
وتابع بقوله: عندما جاء سيد قطب وبدأ يكتب نوعاً من الفكر للإخوان المسلمين، وجد شباب «الإخوان» أنفسهم يتجهون نحو نوع من الكتابات السلفية، وبالتالي حاول «الإخوان» أن يستغلوا نوعاً ما التراث السابق مع فتح نوع من النوافذ الصغيرة، ولكنهم انتهوا إلى فكر يمكن دعوته «سلفنة الإخوان»، إضافة إلى أنه كان هناك اتجاه صوفي عند بعض قيادات الجماعة سرعان ما تغير نتيجة عوامل اقتصادية.
ورفض الحافي فكرة أن يكون الفكر الداعشي أو الفكر الجهادي السلفي مكتملاً أو لديه رؤية واضحة، مبيناً أنه فكر انتقائي من التراث الديني الإسلامي وبالتالي هو فكر جاهز ولم يكن نتاجاً لإبداع فكري جهادي، أي أن قوّته لم تكن قوة أصيلة بقدر ما هي قوة مكتسبة.
وأضاف أن الاستدلال بالنصوص الدينية لتبرير الجرائم التي ترتكبها العصابات المسلحة باسم الإسلام ينبهنا إلى خطورة الفهم الخاطىء للنص، ويجعلنا نبحث عن بناء منهج علمي لفهم النصوص على ضوء العقل والقيم الإنسانية، مشيراً إلى أن تضخيم النزعة الصراعية للمشكلات السياسية وإعطائها بعداً دينيناً قديماً جعل الدين في قلب النزاع، بل ربما جعله الخاسر الأكبر.
مفهوم فكري لـ"الاعتدال"
أكد الكاتب الصحفي سميح المعايطة أن المناهج هي القضية الأساسية بالعمل الإسلامي سواءً المتطرف أو غير المتطرف.
ورأى المعايطة أن العمل الإسلامي السياسي لا يستند إلى حالة فكرية أو تثقيفية، إنما يستند إلى مجموعه من الشرح البسيط جداً لنصوص وآيات قرآنية، وهذا ليس فقط في الأردن. وأضاف أنه ليس هناك تعريف منهجي للاعتدال لدى «الإخوان المسلمين»، بل هو تفسير النصوص بحد الثقافة المتوفرة لدى أعضاء الجماعة بما يتلاءم مع ضمان أمن التنظيم، بمعنى أن لا يذهب بهم إلى السجن أو الاصطدام مع النظام السياسي، لكنهم رغم ذلك يتحدثون عن اعتدال فكري.
ورأى المعايطة أنه لا يوجد هناك اعتدال ضمن مفهوم فكري أو فقهي لدى الحركات الإسلامية، لذلك كان من السهل الانتقال بسرعة من الاعتدال إلى التطرف، مضيفاً أننا إذا أخذنا الحاله المصرية، نجد أن «الإخوان» هناك انتقلوا من الفكر والاعتدال بسرعة إلى التطرف والإرهاب ضد الدولة المصرية، والزرقاوي أكبر مثال عندنا، إذ كان عليه قيود أمنية، توقف في تحصيله الدراسي عند الإعدادية، ومع ذلك اصبح قائداً للقاعدة!.
وأضاف أن الحالة الإسلامية يخلو منها الفكر كثيراً، فالنص الديني عند الحركة الإسلامية هو نص للاستخدام وليس نصاً للعمق والتفكير، ذاهباً إلى التفريق بين التطرف والإرهاب، فالصخب اليوم في العالم سببه الإرهاب الذي لا بد من بذل كل الجهود لمكافحته.
وفي ختام مداخلته دعا المعايطة إلى اعتماد مفهوم فكري لـ «الاعتدال» يتفق عليه الجميع.
إصلاح الخطاب الديني
وصفَ الخبير بالحركات الإسلامية مروان شحادة كتاب التل بـ«المحاولة الجادة» لدراسة ظاهرة الغلو والتشدد رافضاً تسميتها "ظاهرة الإرهاب".
واستدرك بقوله إنه بالرغم من إشارة التل إلى الأسباب كافة، إلا أنه ابتعد عن أسباب أخرى دينية وسياسية تؤسس إلى معالجات فكرية ومعمقة في المستقبل، مضيفاً أننا وصلنا إلى زمن أصبح فيه المقدسي وأبو قتادة معتدلين في منظار الحركات التي تسمي نفسها «الحركات الجهادية»، وأصبح المقدسي الآن مستهدَفاً لديهم، فقد وصلنا إلى حالة يطغى عليها فقه الدماء واستراتيجيات إدارة التوحش.
ودعا شحادة إلى البدء بتغييير المناهج وإصلاح الخطاب الديني على المستوى السياسي، والعمل بجدية لإعادة الاعتبار لهذا الخطاب الديني من خلال علماء متمكنين ومؤهلين يتصدون لهذا الفكر المغالي والمتشدد، ويردّون على انحرافات ليست خاطئة فحسب، وإنما قد تقحم الأمة في صراع مع الغرب، ومثال ذلك ما حدث في ليبيا مؤخراً من قتلٍ للأقباط المصريين.
ورأى شحادة أن المعركة مع التطرف هي معركة فقهية وفكرية وعسكرية وإعلامية، مضيفاً أن العلماء ما زالوا متخوفين ويرفضون القول إن هذه الجماعات كافرة، مشيراً بذلك إلى الأزهر والمؤسسات الدينية في العالم.
وأضاف أنه مع الرأي القائل إنه لا يوجد فكر لـ«الإخوان المسلمين»، وإن جميع الحركات الإسلامية خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، وبعد الانفصال أصبح للجماعات المتشددة وعلى رأسها «القاعدة» و«داعش» بنية فكرية وخطاب ديني وسياسي متماسك.
وأشار شحادة إلى أن هناك مفاهيم بحاجة إلى تفكيك مثل: الطاغوت، والمرتد، والأصيل، ودار الحرب، ودار الإسلام، مضيفاً أنه حتى في العلاقات الدولية وفي موضوع فقه الشهادة لدى هذه الجماعات اجتهادات، داعياً العلماء إلى ضرورة التصدي لها، ومؤشراً على المسؤولية الكبيرة التي لابد أن تضطلع بها وزارة الأوقاف ودائرة الإفتاء ودائرة قاضي القضاة في حشد العلماء الرسميين وغير الرسميين للتصدي لهم، وإلى اتخاذ نهج سياسي جديد لإعادة الاعتبار للمؤسسات الدينية وللعلماء، مضيفاً أننا اليوم بحاجة إلى دراسة الخطاب الديني لإصلاحه وتجديده.
صراع على دور الإسلام السياسي
رأى الكاتب الصحفي نبيل غيشان أن أهمية هذا الكتاب تأتي من كون التل «يكتب من الداخل»، وهو أكثر ما يؤذي هذه الحركات. فالمؤلف يتحدث عن دور المؤسسات الثقافية والتعليمية، وضرورة أن يكون هناك ثورة فقهية، وتطوير للخطاب الإسلامي.
كما رأى أن الخطر يتمثل بتحول الحديث عن الحركات الإسلامية إلى حديث عن الإسلام أو فقهه، مشيراً بذلك إلى ما تحدث به بعضهم عن «الداعشية العلمانية»، إذ أصبح هناك صراع فكري في الموضوع.
وقال إننا اليوم كمسلمين وعرب في خندق واحد هو مكافحة الإرهاب والتطرف والغلو، وإن ما يحدث لا يهدد العروبة أو المسلمين كأفراد فحسب، وإنما يهدد الإسلامَ نفسه. وأضاف أن الحالة الموجودة اليوم في الأردن والعالم العربي بحاجة إلى تفصيل وتشريع، وأن على الجميع الالتزام بالقانون، بحيث ينسجمون مع حالة وطنية حقيقية.
ورأى أن صراعنا اليوم هو على دور الإسلام السياسي، وليس حول الإسلام كدين، والذي يدخلنا في كثير من المتاهات.
بين الغلوّ والتطرف
قال الوزير السابق د.زيد حمزة إن الكتاب يمثل إضافة جيدة من زاوية دعوته للاعتدال، وإن كان لم يتفق مع بعض ما جاء به الكتاب، فربط الغلو والتطرف الديني بمراحل التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي هو ربط غير دقيق، إذ شهدنا الغلو والتطرف بمجتمعات راقية وحديثة ومتقدمة وآخرها في المجتمع الأميركي، الذي يوجد فيه مراكز وكنائس متطرفة ومتعصبة وتدعو للقتل.
ولفت حمزة إلى أن التطرف تاريخياً موجود في كل العقائد، وليس مقتصراً على دين بعينه، وأشار إلى أن الأديان السماوية استُخدمت كثيراً في معركات السياسة، وانتُقص من قيمتها، مضيفاً أننا إذا أردنا للدين أن يبقى في موضعه الملائم ينبغي أن يُنَصّ على أن لا يكون الدين وسيله سياسية، لأن السياسة فيها خلاف واختلاف، مؤكداً أنه من دعاة تحييد الأديان واحترامها وإجلالها، فليس الإسلام وحده المستهدف، فالأديان كافة استُهدفت، وأصحاب المشاريع المختلفة كافة استُهدفوا، وكذلك شعوب أميركا اللاتينية استُهدفت -وهي مسيحية- من العالم الغربي المسيحي.