أدار الندوة: هادي الشوبكي
حررها وأعدّها للنشر: جعفر العقيلي وبثينة جدعون
خلصت ندوة «تمكين المرأة وتحدّيات التنمية» إلى ضرورة تمكين الشابات المبدعات في المحافظات، وإشراك المرأة في مواجهة التحديات العامة وصياغة توجهات المستقبل.
ودعت الندوة التي نظمها مركز «الرأي» للدراسات بالتعاون مع وحدة تمكين المرأة في هيئة شباب كلنا الأردن التابعة لصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، إلى إطلاق ائتلاف تحت اسم «تجمع أردنيات من أجل تمكين الاقتصاد».
وأكد المشاركون من خبراء اقتصاديين وأكاديميين ومهتمين في قضايا المرأة، أن تنمية الاقتصاد الأردني لا تتم من دون تنمية المورد البشري وخاصة المرأة، داعين إلى معالجة تراجع نسبة مشاركة المرأة في الاقتصاد الأردني.
تالياً أبرز التفاصيل
أردنيات من أجل تمكين الاقتصاد
قال الخبير والمحلل الاقتصادي د.خالد الوزني إن الاقتصاد الأردني مبنيّ على فكرة أنه اقتصاد مفتوح مختلط، مضيفاً أن هذا الاقتصاد صغير بالنسبة للسكان والمساحة مقارنة مع الدول المحيطة بنا، وأن هناك قلّة في الموارد السكانية والجغرافية، وهذا يحدّد قدرة الاقتصاد على عملية الإنتاج.
وأشار إلى أن الاختلاط يعدّ الميزة الأساسية في الاقتصاد الأردني، بمعنى أن القطاع الخاص موجود مع القطاع العام منذ تأسيس الدولة، مؤكداً أن الحكومة القوية هي التي تدافع عن المستهلك وتنظم وتراقب وتتابع العملية الإنتاجية، وذلك لـ»تضْمَن التنافسية.
وقال إن مفهوم القطاع الخاص يقوم على أن الجميع يعملون على تشغيل الموارد الاقتصادية أو استغلالها من خلال الاستثمارات الشخصية، مضيفاً أن فكرة القطاع الخاص لا تنحصر فقط في المؤسسات الكبرى مثل الفوسفات والمصفاة والبنوك، إذ يمكن أن يعمل في نطاقه أفراد أو فئة صغيرة، مثل «الفيسبوك» الذي بدأ كمشروع لطالب في جامعة أميركية بدأه مع زميله بقيمه 1200 دولار، فأصبحت قيمة هذا المشروع تساوي اليوم 109 مليارات دولار.
وأضاف الوزني أن القطاع الخاص يمكن أن يبدأ بمشروع صغير ليصبح في ما بعد الرافدَ الأساسي للاقتصاد الوطني، فالاقتصاد الأردني ليس فقيراً في الموارد. وأكد أن المورد البشري هو العماد الحقيقي لأيّ عملية تنمية، لأنه لا ينفد، بعكس الموارد الأخرى، مضيفاً أنه لو كان المورد البشري عبئاً على الحكومات لكانت الصين أول دولة في العالم تصدِّر البشر، في حين أن ما يصدَّر من الصين على مدار الساعة هي منتجات البشر والخدمات التي يقدمونها.
ولفت إلى أن هذا المورد يشكّل عبئاً فقط إذا أسيء استخدامه، فتَنتُج هجرة العقول، أو يتم اللجوء إلى التطرف أو الانعزال.
وبيّن الوزني أنه إذا أُحسن استغلال الموارد البشرية، فإنهم سيقدّمون إنتاجاً يجعل الدولة تقف على قدميها، فالدول التي لديها نقصٌ بالموارد البشرية تستورد هذه الموارد من الخارج، كما هي حال بعض دول الخليج.
وقال إن الاقتصاد الأردني لا تنقصه الموارد، بل ينقصه حسن الإدارة للمورد، مضيفاً أن هناك اقتصادات في العالم أصغر وأقل إمكانات وموارد من الاقتصاد الأردني، مثل مدينة دبي التي تُعد مساحتها صغيرة ولا يوجد فيها أيّ موارد كالفوسفات والبوتاس أو السياحة أو الموارد البشرية، كما لا يوجد فيها مصادر للمياه، فهم يعتمدون على تحلية مياه البحر.
وأضاف: الناتج المحلي الإجمالي لدبي وحدها يزيد على 100 مليار دولار سنوياً، ومطار دبي وحده يضيف إلى الناتج المحلي الإجمالي 27 مليار دولار سنوياً، في حين أننا في الأردن ننتج ما يقارب 33 مليار دولار فقط، رغم أننا نملك الموارد البشرية والمادية بوفرة تزيد عن أضعاف ما تملكه دبي.
وأكد أن تمكين الاقتصاد الأردني لا يتم من دون تنمية المورد البشري، موضحاً أن المجتمع الأردني يتكون من 49% من الإناث و51 % من الذكور، وما يقرب من 50% من الذكور والإناث تحت سن 20 سنة، و70% تحت سن 30، وأكثر من ثلث السكان تحت 15 سنة، وبالتالي فإن المجتمع الأردني يتّصف بأنه مجتمع شباب، وما يزال يستطيع أن يقدم الجديد للاقتصاد الأردني لو أُعطي الفرصة.
وأوضح الوزني أن تمكين الاقتصاد يتطلب استغلال الموارد البشرية بصرف النظر عن تقسيماتها، مشيراً إلى أن الطاقة البشرية في الأردن متوازية بالجنسين، بل إن الإناث أكثر نهماً بالتعليم من الذكور، إذ إن 51% من الملتحقين بالتعليم الجامعي هم من الإناث في الأردن مقابل 49% من الذكور.
وكشف الوزني أن متوسط مساهمة المرأة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في سوق العمل تزيد عن 28%، وفي الدول المتقدمة يصل إلى 51%. أما مساهمة المرأة الأردنية بالاقتصاد الوطني فقد انخفضت من 14.9% في العام 2010 إلى 13.2% عام 2013 وهي الأقل بين دول المنطقة وعلى المستوى العالمي.
وقال إن للمرأة دوراً في مدى المساهمة بسوق العمل، فهي أحياناً لا ترغب أن تساهم لأن هناك زوجاً يعمل، يضاف إلى ذلك أن هناك عُرفاً اجتماعياً بأن المرأة تعمل لصالح الرجل ولتساعد زوجها وليس لأن هناك طاقة لديها، كما أن الرجل في المجتمع الذكوري لا يحب أن تعمل زوجته لأنه يستطيع أن ينفق على البيت، وهناك مفهوم مجتمعي أن التعليم يمثل سلاحاً للمرأة وليس تأهيلاً لها.
وقال الوزني إن هناك سياسات اقتصادية تتعامل مع المرأة كمكمّل وليس كجزء من الكيان الاقتصادي، لذا ينبغي تمكين الاقتصاد باستخدام المرأة التي تشكّل 50 % من موارده.
وأضاف أن الحد الأدنى للأجور هو الذي يعيق عمل المرأة، إذ إن أساس الحد الأدنى للأجور يجب أن يكون بالساعة وليس بالشهر، الأمر الذي يساعد رب العمل على توظيف الفتيات والشباب.
وأشار إلى المشكلة المتمثلة في البنية التحتية ووسائل النقل، لافتاً إلى أنه لو حُسّنت وسائل النقل لتمكنت المرأة من التنقّل بسهولة.
ورأى الوزني أن المشاريع الصغيرة هي المَخرج الذي يجب أن نوفره للنساء والشباب عموماً، لأن هناك بطالة بين الشباب أيضاً، داعياً إلى تخصيص صندوق خاص من رصيد المنحة الخليجية، ليكون مخصص لتمويل مشاريع الشباب إناثاً وذكوراً خارج العاصمة، وحتى خارج المدن الرئيسية، وخصوصاً في الجنوب، مما يساعد على إنخراط الشباب في العمل المنتج، ويساهم في زيادة نسبة مساهمة الإناث في الاقتصاد الوطني.
ولفت إلى أهمية مبادرة مؤسسة ولي العهد، داعياً إلى ضرورة أن يصدر قانونها في أقرب، وقت كونها تستطيع أن تستوعب الشباب وأن تدمجهم أكثر بالمجتمع، وأن تكون رافداً لهم وممكّناً لدورهم في الاقتصاد الوطني، مع التركيز على التساوي من الاهتمام بين الذكور والإناث.
ودعا إلى التركيز على التساوي في الاهتمام بين الذكور والإناث، وإلى إطلاق عدد من المبادرات منها: حملة «تجمُّع أردنيات من أجل تمكين الاقتصاد»، وصندوق خاص لتمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر لدعم مشاريع الشباب، وخصوصاً من فئة الإناث، مع التركيز على الدعم الفني والإداري إلى جانب الدعم المالي، ومبادرة مرونة ساعات العمل (بداية ونهاية).
مبادرة "شبابنا منتج"
استعرض أمجد الكريمين، منسق وحدة التسويق والترويج لدى هيئة شباب كلنا الأردن التابعة لصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، أهداف الهيئة المتمثلة في الوصول إلى شباب أردني متمكن ديمقراطياً واقتصادياً ومعرفياً، مؤمن بقيم الحوار والتنوع وقبول الآخر، قادر على المشاركة الشبابية الفاعلة المؤثرة في مجالات الحياة العامة وفي إحداث التنمية الوطنية الشاملة.
وقال الكريمين إن الهيئة تساهم في توعية الشباب الأردني سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وبناء قدراته في المجالات السياسية والديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز ثقافة المبادرة والتميز والعمل التطوعي لدى الشباب، وترجمتها عملياً، وإيجاد وبناء قيادات شبابية مؤهلة قادرة على المشاركة في عملية صنع القرار.
وأضاف أن الهيئة عملت في العام 2015، على إطلاق مجموعة من البرامج المتخصصة والتي تلامس احتياجات الشباب باختلاف ميولهم واهتماماتهم، تماشياً مع الخطة العشرية الثانية لصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية.
وأوضح أن الهيئة تؤمن بدور الشباب في المجتمع، وبكونهم جزءاً أساسياً في مواجهة التحديات وصياغة توجهات المستقبل، وتسعى إلى رفع درجة الوعي لدى الشباب بالقضايا والتحديات الوطنية وتفعيل دورهم كشريك حقيقي ومؤثر اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً، وتعزيز ثقافة العمل التطوعي.
وتابع الكريمين: لتحقيق رؤى وتطلعات الشباب في المحافظات، أطلقت الهيئة ستة برامج متخصصة ونوعية هي: برنامج دعم التشغيل الذاتي للشباب (شبابنا منتج)، وبرنامج بناء قدرات الشباب في برنامج اللغة الإنجليزية (تأسيسية)، وبرنامج «من أجل الأردن نتطوع»، وبرنامج تعزيز الحوار (أدوار تنتظرنا)، وبرنامج صوت الشباب الأردني (المناظرات)، وبرنامج رسل الوسطية والاعتدال في الإعلام الاجتماعي.
وحول برنامج «شبابنا منتج» قال الكريمين إن هذا برنامج يهدف لتمكين الشباب اقتصادياً للمساهمة في محاربة ظاهرتي الفقر والبطالة، انطلاقاً من أن الدراسات الوطنية التي نفذتها الهيئة وعدد من المؤسسات الوطنية تشير إلى أن الأجندة الاقتصادية والمتمثلة بالفقر والبطالة وتدني مستوى الدخل تقف على رأس أولويات الشباب الأردني والتحديات التي تواجهه.
وأوضح أن مبادرة «شبابنا منتج» تهدف إلى التمكين الاقتصادي للشباب في المحافظات ضمن الفئة العمرية 18-40 سنة ومن كلا الجنسين، عبر تعزيز ثقافة إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال التعاون مع عدد من الجهات الرسمية والأهلية والخاصة، لتركيز الجهود التنموية في مناطق المملكة، والإسهام في دفع مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالتركيز على الشباب والمرأة.
وأكد أن الهيئة تهدف من خلال هذه المبادرة إلى المساهمة في الحدّ من ارتفاع نسب الفقر والبطالة في المملكة وخاصة لدى الشباب، وتغيير الذهنية الشبابية باتجاه الاعتماد على الذات وعدم الاتكال على فرص الوظائف الحكومية في سوق العمل، ونشر ثقافة العمل والإنتاج لاستغلال الفرص الاقتصادية وتحسين مستوى الدخل للشباب وأسرهم، واستثمار الموارد المتاحة في المناطق المستهدفة لإيجاد مشاريع إنتاجية مناسبة للشباب بالشراكة مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، وتوفير الفرص الداعمة لاستثمار الطاقات والقدرات والكفاءات والأفكار الشبابية في خدمة وتنمية المجتمعات المحلية، وتوجيه الشباب نحو الجهات التمويلية والإقراضية الخاصة بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ولفت إلى دور هيئة شباب كلنا الأردن في مجال تقوية مهارات اللغة الإنجليزية لدى الشباب، وخاصة في الأطراف والمناطق النائية، عبر توفير فرص التعلم النوعي بأبسط السبل وبأقلّ التكاليف المترتبة على تنفيذ تلك البرامج التعليمية، وذلك من خلال الشراكة مع مؤسسات أجنبية عاملة في الأردن.
التوعية والتمكين
أكدت زمن الخزاعلة، منسقة برامج المرأة في هيئة شباب كلنا الأردن التابعة لصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، على ضرورة إشراك المرأة في مواجهة التحديات العامة وصياغة توجهات المستقبل من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية.
وقالت إن الهيئة عملت على وضع برامج أكثر تخصصية في مجال المرأة، في ظل الحاجة الماسة إلى زيادة الوعي وتعزيز مشاركة المرأة في مختلف جوانب الحياة العامة، وصولاً إلى أدوار جندرية تستثمر الطاقات والقدرات النسائية وتوظيفها لخدمة العملية التنموية.
وأشارت إلى أن الهيئة تسعى إلى التعاون والتنسيق مع المؤسسات الخاصة بالمرأة في المجالات المختلفة، والاستفادة من الخبرات والموارد اللازمة للقيام بدعم قضايا المرأة، موضحة أن رسالتهم هي "وضع برامج نوعية شاملة تغطي جميع متطلبات المرأة الأردنية (الشابة) السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية".
وتابعت الخزاعلة بقولها: "نهدف من خلال برامج المرأة في الهيئة إلى المساهمة بتعزيز دورها في الحياة العامة، وتفعيل التواصل والتشبيك مع مؤسسات المجتمع المدني العاملة مع المرأة، ونشر الوعي وتثقيف الشابات وتمكينهن بالمجالات شتى، والمساهمة في توفير فرص اقتصادية داعمة للمرأة لتعزيز مشاركتها الاقتصادية، والمساهمة كقوة مؤثرة في نشر الوعي بأهمية دورها وترسيخ مكانتها في عملية صنع القرار السياسي والقضايا التي تمس المجتمع عامة، وتعزيز دور الفتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة وإدماجها في برامج تؤهلها وتبرز إبداعاتها وتتبناها من خلال التشبيك مع المؤسسات ذات العلاقة".
ولفتت إلى أنه تم طرح برامج هادفة وجلسات حوارية حول حقوق المرأة بهدف التوعية والتمكين، داعيةً إلى إنتاج قيادات نسائية شابة وخصوصاً من المحافظات، والسعي لتأهيلهن وتمكينهن، كي يساهمن بإحداث التغيير في المجتمع، اضافة إلى العمل على التعديلات القانونية الخاصة بالمرأة.
المرأة في القوات المسلحة
قال مدير التوجيه المعنوي الأسبق اللواء الركن المتقاعد د.محمد خلف الرقاد إن دور المرأة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية يشكل قضية على درجة كبيرة من الأهمية وينبغي وضع الأفكار التي تعزز هذا الدور.
وأضاف الرقّاد أن المرأة الأردنية وصلت إلى «مستوى جيد»، إلا أنها ما زالت بحاجة لدعم مبني على استراتيجيات وسياسات علمية وعملية تمكن المؤسسات من توظيف دور المرأة حتى تتبوأ مكانتها الحقيقية وتجد مكانها الذي يليق بها.
وبيّن أن المرأة استطاعت أن تثبت وجودها كإدارية وتربوية وسياسية واقتصادية وبرلمانية ومحامية، وكناشطة سياسية وعسكرية أيضاً، مستدركاً بقوله إن هذا الحضور ما يزال بحاجة لمزيد من المأسسة والدعم والتشريعات، التي تساعد على خلق بيئة ملائمة تمكن المرأة من التحرك وممارسة دورها وتطوير قدراتها وتنمية إبداعاتها في مجال القيادة والتفكير المبدع.
وأكد الرقاد أن هذا كله يحتاج إلى وعي يغير النظرة لدور المرأة، ويقنع المجتمع بأن لديها إمكانات، وكذلك إلى اقتناع وإيمان المرأة بالمرأة، إضافة إلى الجهد المطلوب من المؤسسات التي المعنية لدعم صلاحيات دور المرأة، مضيفاً أن هذا كله يتطلب تطوير دور المرأة بالتشريعات.
وأوضح الرقاد أن هناك أسباباً عدة أدت إلى عدم تنامي دور المرأة على الصعيدين السياسي والعسكري منها: أن المرأة لم تسعَ للحصول على الدعم، كما أن النظرة لدور المرأة السياسي ما زالت تتقيد بالثقافة السياسية وتسود المجتمع الذي ينظر لدور المرأة نظرة ينقصها التفهم لإمكاناتها، إضافة إلى أن الأحزاب السياسية لم تقدم الدعم الكافي واللازم للنساء المنخرطات في الأحزاب السياسية.
وأشار أن الريف والبادية شهدتا مشاركة سياسية للمرأة بالانتخاب أكثر من المدينة، راداً السبب إلى سيطرة الرجل على الانتخابات، وليس إلى تطوير وتنمية دور المرأة.
ودعا الرقاد إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع حتى تأخذ مكانتها، مشيداً باهتمام القيادة السياسية بدور المرأة ودعمها، فالمرأة اليوم عضو في مجلس الوزراء ونائب بالبرلمان وعضو في مجلس الأعيان.
وأكّد الرقاد أن القوات المسلحة الأردنية أخذت على عاتقها إتاحة الفرصة أمام المرأة للمشاركة، وأداء دورها الوطني من خلال الخدمة بالقوات المسلحة، والأجهزة الأمنية، فقد فُتح الباب أمام المرأة للعمل مع الرجل بالقوات المسلحة واستفادت القوات المسلحة من توظيف هذه الإمكانات عند المرأة، فقد تولت وظائف تتلاءم مع تركيبتها الفسيولوجية.
وأشار الرقاد إلى أن المرأة دخلت مجال الإداراة في القوات المسلحة، وكذلك في مجال التعليم في مدارس التربية والتعليم والثقافة العسكرية، إذ تجاوز عدد النساء العاملات في هذا المجال المئات.
المرأة وسوق العمل
قالت د.ريم أصلان من منظمة العمل الدولية إن مشاركة المرأة في سوق العمل لا تزيد على 12.7%، مضيفة أن ترتيب الأردن في هذا المجال هو 140 من أصل 142 دولة بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي، والدولتان اللتان تقعان بعد الأردن في هذا الترتيب هما اليمن والباكستان.
وتساءلت عن العائق الذي يحول دون دخول المرأة سوق العمل، مشيرة إلى أن تراجع نسبة مشاركة المرأة بعد الزواج يعود إلى شعورها بأن الأجور غير عادلة بين الذكور والإناث حتى لو كانوا بالمسمى الوظيفي نفسه، وإلى كون المواصلات غير آمنة، وكذلك إلى عدم توفر الحضانة بالنسبة للمرأة، إضافة إلى أن إجازات الأمومة في القطاع الخاص هي 70 يوماً، و90 يوماً في القطاع العام.
ورأت أصلان أن قانون العمل «لا يسند المرأة»، كما أن الأجور في التعليم الخاص لا تنْصفها.
وأوضحت أن المادة 72 من قانون العمل تنص على أن صاحب العمل مطالَب بتوفير مكان مناسب كحضانة إذا كان لديه 20 عاملة أو أكثر لهن أكثر من 10 أطفال.
ودعت أصلان إلى إبداء المرونة إزاء دوام المرأة، وإلى إنجاح المشاريع الصغيرة وتفعيل الحد الأدنى للأجور.
الإرشاد الأسري
قالت إيمان أبو قاعود (وحدة الإعلام/ المجلس الوطني لشؤون الأسرة) إن المجلس يعدّ هيئة فكرية للسياسات تعمل بالأطر والسياسات، مضيفة أن المجلس يعمل في جميع المجالات، بخاصة ما يتعلق بالإرشاد الأسري عبر المراكز المنتشرة في المحافظات، بحيث تلجأ المرأة إلى أيّ من هذه المراكز في حال تعرضها لأيّ عنف.
تحديات تواجه المرأة
قالت المحامية إسراء محادين من مركز «محفّزون»، إن التدريبات والمحاضرات التي ينظمها المركز، تكشف أن هناك مشاكل وتحديات كثيرة تواجه المرأة ويتم غضّ الطرف عنها، وأن المرأة مضطهَدة.
وأشار إلى أن هناك خللاً بالبرامج التي تنفذها المؤسسات النسوية، إذ لا يوجد أيّ إنجازات «واضحة» في هذا المجال.
قيادات شابة
قالت مديرة الجمعية الخيرية الشيشانية آمال شابسوغ، إن الجمعية تأسست عام 1981، وعقدت العديد من الدورات مثل «التريكو» والخياطة.
وأضافت أن الجمعية عملت على تطوير المرأة عبر زيادة قدرتها وتحفيزها وتمكينها اقتصادياً ومادياً وفكرياً وصحياً، وأسهمت في تكوين العديد من القيادات الشابة.
المرأة ونمط الإنتاج
قالت د.ميسون العتوم (من مركز دراسات المرأة – الجامعة الأردنية) إننا -بحسب «ماركس- لا يمكن أن نفهم الاقتصاد من خلال «الاقتصاديّ» فقط، وإنما من خلال نمط كامل اسمه نمط الإنتاج، وهذا يدخل فيه الاجتماعي والاقتصادي والمعرفي والديني، وبالتالي فإن الاختلالات التي تعانيها مؤسسات المجتمع المدني، سببها أننا نتناول الأشياء على مستوى «المايكرو» وليس على مستوى «الماكرو»، أي أننا نتناولها جزئية.
ورأت أن المرأة ظُلمت بالخروج إلى سوق العمل، مشيرة إلى تقسيمة العمل التقليدية، حيث تعمل المرأة في البيت، وخارج البيت أيضاً.
وقالت العتوم إن المرأة على مستوى السلطات والتمكين لم تتمكن، إذ "ما زال يقع عليها الطلاق، وما زالت غير متمكنة بالنفقة، كما أنه مطلوب منها عمل كل شيء بالبيت".
الثقافة والعادات
قال بكر الشبيلات (من جمعية «سما العدالة لحقوق الإنسان والتنمية السياسية») إن هناك تخبطاً بالاستراتيجيات الحكومية أو الوطنية، فالمجتمع والثقافة والعادات تُعَدّ تحدّياً للمرأة بتحدّي الأدوار، مضيفاً أن هناك دوراً إنجابياً وإنتاجياً وثقافياً للمرأة، فالدور الثقافي لها سيكون مشاركة اقتصادية فعالة.
التشريعات
قال بادي بقاعين من مركز «محفّزون» إن الظلم الواقع على المرأة في مجال التمكين الاقتصادي ناتج من بيئة ومن عوامل محلية ومن عوامل خارجية تُفرَض على دور المرأة الاقتصادي.
وأضاف أن السياسات والتشريعات ظلمت المرأة «نوعاً ما»، وإن كان هناك «انفراجات» حدثت مؤخراً، لافتاً إلى أن الأرقام تقول إن نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة 12-15%، في حين أن المرأة تعمل داخل المنزل ولها دور، داعياً إلى أخذ هذا الجانب في الحسبان، ومشيراً إلى دور الضمان الاجتماعي الذي بدأ بشمول ربات البيوت في مظلته.
منظومة القبول الجامعي
قالت نور الشناق (من المجلس الأعلى للشباب) إن هناك استراتيجية وطنية لشؤون المرأة بالتعاون مع الهيئات السياسية والجمعيات، وأن هناك كتيّبات صدرت بشأن القوانين التي تخص المرأة.
ودعت الشناق إلى إعادة النظر في منظومة القبول الجامعي للفتيات لتمكين المرأة اقتصادياً، فهناك العديد من التخصصات الراكدة التي لا توفر وظائف للطلبة بعد تخرجهم.
العمل الحكومي
تساءلت المساعدة القضائية آية طراونة من مركز «محفّزون» عن الأسباب التي تعيق عمل المرأة، مضيفة أن الأسباب منها ما هو ذاتي ومنها ما يتعلق بالمؤسسات الحكومية.
وأضافت أن كثيراً من الشباب يغادرون الأردن لأن الحكومة تكون قد خصصت لهم منحاً دراسية شرطَ التزامهم بالعمل في مؤسساتها، رغم أن الرواتب فيها متدنية.
دراسات جدوى
قالت ليلى العزب من هيئة شباب «كلنا الأردن» إن قانون اللامركزية يعمل على تفعيل المحافظات جميعاً، بحيث يكون للمرأة دور فاعل في محافظتها. وأضافت أنه يجب أن تكون هناك دراسات جدوى اقتصادية وكيفية إقامة المشاريع الصغيرة وديمومتها.
المنتج الوطني
قالت أنعام أحمد من هيئة شباب «كلنا الأردن» إن عمل المرأة لا يقتصر على المكاتب والمدارس فقط، إذ إن نسبة العاملات في القطاع الزراعي في الأردن أكثر من نسبة الرجال، و80 % منهن لا يتقاضين أجور، ويعيشن تحت خط الفقر، مشيرة إلى أن هناك حوالي 15 % من النساء العاملات بالقطاع الزراعي.
وأضافت أنه لا توجد حماية للمنتج الوطني لكلفته العالية مقابل الكلفة المنخفضة للمنتج المستورد.
تمكين الاقتصاد
أوضح الوزني أن الدور الحقيقي لوزارة العمل في الأردن ليس موجهاً للإناث فقط، وإنما يشمل الذكور أيضاً.
وقال إننا نحن بحاجة لمن يرعى المشاريع المتوسطة والصغيرة، وهذا يجب أن يكون أساساً لتفعيل الاقتصاد الوطني وتمكينه.
وأشار إلى تراجع دور المرأة بالاقتصاد الوطني، فهناك 44 % بالقطاع غير الرسمي، مضيفاً أن المساهمة الحقيقية للمرأة ربما تصل إلى 20% أو 30% أو أكثر من ذلك.
وأكد الوزني أن الدعوة لتمكين المرأة يجب أن تتحول إلى الدعوة إلى تمكين الاقتصاد باستغلال طاقاته المهدورة وغير المستغلّة المتوافرة لدى العنصر النسائي الأردني، متمنياً أن تقوم حركة تحت اسم «تجمع أردنيات من أجل تمكين اقتصاد» وليس «تمكين المرأة»، على غرار «تجمع أردنيات من أجل الإصلاح»، فالمرأة «كنز اقتصادي وطني لم يتم استخراجه بشكل جدّي» بحسب الوزني.
التوصيات
- إطلاق ائتلاف «تجمّع أردنيات من أجل تمكين الاقتصاد».
- تمكين الشابات المبدعات في المحافظات.
- إطلاق مبادرات شبابية تتحدث عن الواقع والممكن.
- تمكين الاقتصاد للمرأة باستغلال طاقاته المهدورة وغير المستقلة المتوافرة لدى العنصر النسائي الأردني.
- رعاية المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتفعيل الاقتصاد الوطني وتمكينه.