حذّر سياسيّون وبرلمانيّون ومهتمون من استمرار الإجراءات الإسرائيلية في القدس؛ باعتبارها خطواتٍ استراتيجيّةً تستند إلى مزاعم مستفزّة وتهدف إلى تفريغ المدينة من سكانها، مما ينذر بخطر كبير على المسجد الأقصى وقبة الصخرة بسبب الحفريات المتواصلة، ويجعلهما مهددين بالزوال.
وناقشوا، في الندوة التي نظمها مركز الرأي للدراسات، وحملت عنوان «تداعيات الانتهاكات الإسرائيلية في القدس»، أهداف التقسيم الزماني والمكاني والتضييق على المصلين ومحاربة أعمال الترميم، داعين إلى خطاب إعلامي عربي عالمي ينبّه على ما تتعرض له القدس في ظلّ القلاقل السياسية التي يعاني منها العالم العربي، وانتشار ظاهرة الإسلام فوبيا، مستبعدين قيام انتفاضةٍ فلسطينيّةٍ ثالثة في خضمّ هذه الظروف.
وحمل جلالة الملك عبدالله الثاني ملف القدس عربياً وعالمياً انطلاقاً من الأرضية القانونية في موضوع الوصاية الهاشمية على المقدسات.
واعتبر المتحدثون أنّ الإجراءات الإسرائيلية في القدس وفلسطين تشكل تهديداً للأمن الوطني الأردني، واقفين على أسباب التطرف الإسرائيلي وجذوره الدينية، داعين إلى تبني مؤتمر إسلامي على وجه السرعة، بسبب المسافة التي تلاشت جداً بين المستوطنة الإسرائيلية والقرية الفلسطينية.
وأكّدوا أهميّة مجموعة الحوارات الإسلامية الإسلامية، والإسلامية العربية، والإسلامية المسيحية، والفلسطينية الفلسطينية، تجاه ما يحدث في القدس، معتبرين المسؤولية جماعيةً ولا تقع على الأردن وحده في هذا المجال.
ونادوا المنتدون بخطاب عالمي يجبر «إسرائيل» على الإذعان لإرادة المجتمع الدولي؛ باعتبار المسجد الأقصى خطّاً أحمر، وقضية القدس مفتاحاً رئيساً للسلام في المنطقة، منددين باستخدام (الفيتو) المتكرر لصالح «إسرائيل» كلما كان هناك مشروع قرار يدينها بما تقوم به من عدوان على القدس والمقدسات وعدم الالتزام بتطبيق قرارات الشرعية الدولية حيال هذا الموضوع.
أدار الندوة - د.خالد الشقران
حررها - إبراهيم السواعير
خليفة: خريطة التهويد
رأى مسير وزارة الإعلام الفلسطينيّة ووكيلها د.محمود خليفة أنّ ما تتعرض له القدس ليس وليد اللحظة؛ نافياً ما يقوله الجانب الاسرائيلي من أنّه نتاج لما قُدّم من خطابات في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فالخطوات الإسرائيلية كما رأى هي خطوات استراتيجية لا تجيء ردة فعل وإنما هي متواصلة في إجراءاتها التي لم تتوقف يوماً عن العمل في موضوع القدس، سواء كان ذلك بحفريات أسفل القدس أم بالممارسات اليومية داخل الأسوار.
واستعاد خليفة ما قاله في افتتاح مهرجان الاعلام العربي الثاني الذي عقد مؤخراً بعمان، حول خريطة يتم توزيعها أسفل باحات الأقصى وتوزّع فقط على السياح الأجانب في القدس، منبّهاً أنّها خريطة ليست حديثة، وأنّها (وقعت بين أيدينا مؤخراً وتجيء أهميتها من أنها مدموغة باللوغو الخاص «الناشيونال جيوغرافك» الإنجليزية)، واقفاً عند هذه الخطورة، داعياً إلى وجوب التركيز عليها؛ لأنّ ما يجري في القدس هو نتاج واضح لذلك، موضّحاً أننا، ونحن نتحدث عن خريطة، لدينا مخططات تتحدث عما سيقام العام المقبل وفي فترة 2020 و2025، وذلك ما وجده خليفة نتاجاً واضحاً للإجراءات الإسرائيلية منذ وقت طويل.
وشرح أنّ الخريطة تتحدث عن الهيكل المزعوم في القدس، مضيفاً أنّها، وإن كانت افتراضات، إلا أنّ «إسرائيل» تقوم بتوزيعها على مدار الساعة ضمن إطار مخططات وبرامج، متحدثاً عن (مقبرة الرحمة)، وما جرى في هذه الخريطة من عمل مدارج خاصة نحو المسجد الأقصى الذي سيكون واحدة من النقاط المهمة، في أوّلها المذبح في الهيكل المزعوم، محذّراً من أنّ هذا الحرم القدسي لن يكون فيه حسب المخطط الإسرائيلي أيّ معلم إسلامي ولا حتى قبة صخرة أو مسجد أقصى، وهو ما نراه يومياً من إجراءات، في وضع المسجد الأقصى واحداً من المعالم التي يجب أن يحلّ مكانها هذا الهيكل المزعوم، وفقاً لعمل إسرائيلي مبرمج وممنهج تجاه القدس.
وتحدث خليفة عن منظمة العمل الإسلامي التي كانت أقيمت للدفاع عن القدس بعد حريق المسجد الأقصى، منبّهاً إلى أنّ قضية القدس أصبحت واحدة من القضايا التي تعمل عليها المنظمة، وليست القضية المركزية، موضّحاً أننا نتحدث عن مجموعة من الخطوات علينا إدراكها كأمة عربية، إسلامية ومسيحية، فعلاوةً على المسجد الأقصى هناك إجراءات تمس كنيسة القيامة وكثيراً من المعالم المسيحية في القدس، في وضع لا يتجاوز فيه عدد المسيحيين في القدس 4 آلاف، بسبب كونهم في ترحال متواصل، وهو ما وجده خليفة ينطبق أيضاً على المواطن المقدسي المسلم هناك.
وتناول الإجراءات المتواصلة بتغيير الأسماء والمعالم واستنبات الآثار في داخل أزقة القدس وشوارعها، متسائلاً: أين نحن من كل ذلك؟!.. نحن، فلسطينيين وعرباً، وفي العالم الإسلامي؟!
وأعرب خليفة عن تقديره للأردن الذي لم يتوقف عن متابعة الشأن المقدسي في هذا الجانب، باعتباره في كل مؤسساته واحداً من الأعين المفتوحة على ما يجري في القدس، وكونه متابعاً بشكل مباشر، في ظلّ كون المؤسسة الفلسطينية مكبلة الأيدي، مبيناً أنّ أيّ نشاط يجري داخل القدس ويكون تحت رعاية مؤسسات فلسطينية يتم حياله إغلاق المكان وطرد الناس منه، فهي إجراءات يومية وحالات متكررة تدعونا لحماية ما تبقى من القدس.
ونبّه على خطر اثنين من السيناريوهات المرسومة إسرائيلياً، شارحاً أنّ الأوّل يتمثل بمنع المصلين يومياً من الدخول إلى الأقصى؛ إذ يقع عبء التواجد هناك على المقدسي والمواطن الفلسطيني داخل الخط الأخضر أو داخل مناطق 48 ؛ فهؤلاء في كثير من الأحيان يُمنعون من الدخول إلى الأقصى. وأضاف خليفة أنّ عمراً محدداً(50 فما فوق)، يوضع شرطاً لدخول المواطن الفلسطيني من باقي مناطق الضفة الغربية، وهو ما يصبّ كما رأى في الإجراءات التي تهدف إلى تغريب المواطن الفلسطيني عن المقدسات وعن القدس، محذّراً من أننا سنجد أنفسنا بالتدريج أمام ما أسماه التقسيم الزماني والمكاني للقدس، مضيفاً أنّ إغلاقاً للمسجد الأقصى أمام المصلين مرات عديدة، فيما المستوطن الإسرائيلي مسموحٌ له الدخول على مدار الساعة ومن غير أية تعقيدات، وهو ما يؤكّد هذا التقسيم الزماني المفروض بالقوة العسكرية.
وتحدث عن نتائج الحفريات التي تجري على مدار الساعة أسفل المسجد الأقصى وأسفل قبة الصخرة، إذ أُفرغت هذه الأماكن من الدعائم الأساسية لبقائها، متتبعاً السنوات الثلاثة الأخيرة ومجموعة الانهيارات التي حصلت داخل الحرم القدسي والأسوار وخارجها أحياناً؛ فهي انهيارات نتيجة الحفريات، وأحياناً فجائية تحدث لأيّ ثقلٍ بسيط، وأضاف خليفة أنّ بعض الانهيارات كانت وقعت داخل منازل، وهو وما يدلل على حجم الحفريات التي تجري أسفل المسجد الأقصى وأسفل الحرم القدسي.
المسألة الأخرى في هذا الإطار التي حذّر منها خليفة هي أننا سنجد أنفسنا في لحظة من اللحظات وقد انهار المسجد الأقصى وقبة الصخرة، (فلن نجد ما ندافع عنه)، مضيفاً أنّ زوال المسجد والقبة قضايا خطيرة كانت أشارت إليها قناة الـ (سي إن إن) قبل ثلاثة أشهر، في برنامج حول المعالم التاريخية المهددة بالزوال في العالم، وكان المسجد الأقصى واحداً من أهم الأماكن العشرة المهددة بالزوال؛ إذ انتهى البرنامج بعبارة (زوروا هذه الأماكن قبل أن تزول!)، ووجد خليفة أنّ هذا الأمر لا يأتي نتاج مقالٍ أو برنامج تقدمه الـ(سي إن إن)، ولكنه بالتأكيد نتاج ما يجري في هذه المدينة من إجراءات إسرائيلية.
وتناول هذا الواقع المرّ المفروض بالتقسيم الإسرائيلي المكاني والزماني، في ظلّ تصوير المسألة إرهاباً عربياً بافتراض المؤامرة وإشغال العالم العربي بقضايا في سوريا أو ليبيا أو مصر أو في غيرها من الدول العربية، ونتاج ذلك كما رأى خليفة أنّ المواطن الفلسطيني أصبح عارياً من ظهيره العربي، ومن المؤسسات التي يفترض أن تكون مؤازرة له في مقاومته وصموده ورباطه في هذه الأماكن وتحديداً القدس.
وساق إجراءات إسرائيلية أخرى لتفريغ القدس تمثلت بالضرائب، وعدم السماح بترميم المنازل، متحدثاً عن صعوبة الترميم واشتراط موافقة روتينية طويلة من لجنة البلدية الإسرائيلية لفحص المكان تصل أكثر من أربعة أشهر، وما ذاك إلا لأنهم غير معنيين بترميم هذه المنازل وهدفهم من ذلك إفراغ المدينة داخل أسوار القدس من أيّ وجود فلسطيني، مما يضطر الفلسطيني إلى تهريب أدوات الترميم على أنها مواد تموينية لصعوبة هذا الوضع.
وأعاد خليفة التذكير بأهمية هذه الخريطة بالنسبة للإسرائيليين هي في أن المخططات يجري تسويقها وتسريبها للعقل الغربي في إطار الإجراءات والممارسات اليومية، مناقشاً ما نشرته (الناشونال جرافيك)، وجانب المصداقية للمواطن الغربي وأهميّة وجود الإعلام العربي الناطق باللغات الحيّة.
وتحدث عن أهميّة ما طُرح في اليونسكو، وعن وضع القدس على خريطة المناطق السياحية والأثرية، معرباً عن شكره الدور الأردني، منادياً بفعل عربي قوي صادم، لأن نتاج ما يجري في العالم العربي هو عدم حل المسألة الفلسطينية وتحديداً القدس، في ظلّ قضايا عربية معلقة بأوضاعها الخاصة، متناولاً أكثر من نصف قرن، مهتماً بالقضية المركزية التي تستنزف الجهدين العربي والإسلامي، منتهياً إلى (حل القضية)، مؤيّداً خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأمم المتحدة في قراءة مفتاح الاستقرار والسلم في منطقة الشرق الأوسط.
المصري: التراث المهدد بالخطر
ووقف رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري عند الانتهاكات الإسرائيلية التي ظلّت تتكرر منذ بدء الاحتلال ضمن خطة واضحة المعالم ومعلنة منذ سنوات طويلة، مشيراً إلى مراحل المشروع الصهيوني التي نُفّذت بتواريخها وبالنتائج التي تريدها إسرائيل، ليكون دور القدس، كما رأى المصري، إذ أخذوها وأسموها عاصمتهم فأصبح لها واقع معين في المشروع الصهيوني. وشرح المصري أنّ موضوع الهيكل هو المرحلة الثالثة التي يعملون عليها بناءً على خطة علنية يشتغلون على تنفيذها، متحدثاً عن رمز قيام «إسرائيل» التوراتية، موضحاً أنّها لا تعتبر نفسها قائمة فقط على الممالك القديمة، بل على الشاطئ، فممالكهم قامت في الداخل، يهودا والسامرة، وهي ليست جزءاً من إسرائيل، إذ يعملون على القدس كما هو واضح ومعلن في المخطط الإسرائيلي.
وقال المصري: (كنت مندوب الأردن الدائم في اليونسكو وسفيراً في فرنسا، وقد قدّم الأردن في ثمانينات القرن الماضي طلباً لوضع القدس على قائمة التراث العالمي، فوضعت بسهولة تقريباً، ولكنها فيما بعد وضعت على قائمة التراث المهدد بالخطر، بعد التغلب على كثيرٍ من المتاعب، وللآن لم يجر التعامل مع هذا القرار بجدية من قبل الجهات المعنية!).. ونادى بوجوب أن تدعى اليونسكو إلى مؤتمر استثنائي باعتبار أن «إسرائيل» خرقت هذا الأمر بتهديدها هذا التراث العالمي.
وتابع: (.. وما نزال نشاهد الانتهاكات؛ فــ «إسرائيل» تقضم القدس خطوة خطوة وتضمّ لها المدينة القديمة بلاطة بلاطة!)، وبصفته رئيس جمعية حماية القدس، أكّد المصري ما يقوم به وآخرون من ترميم للبيوت القديمة، التي هي عبارة عن (مزابل وزرائب يعيش فيها الناس حتى يحافظوا عليها!!)، مضيفاً أننا قمنا بترميم 100 بيت، مع مراعاة أن تكون قريبة من الحرم والقدس القديمة، بالتعاقد مع شركة لذلك، إذ يقومون خفيةً بعملية الترميم.
وأعرب المصري عن أسفه بقوله: (..نحن تـأخرنا في دعم القدس، عرباً ومسلمين، إذ كنا نشاهد «إسرائيل» تسير خطوة خطوة في القدس والحرم، وكنا نعتقد أنها خطوات صغيرة، في حين أنّها أصبحت متراكمة، وفي اللحظات الأخيرة فإنّ القدس ضاعت وسيهدم الحرم!!..المشروع اليهودي الصهيوني مُعلن والماكيت على طريق القدس!.. ماكيت فيه كامل الهيكل وطقوس الحاخامات والملابس والبقرة الحمراء وكلّ ذلك مجهز من زمن طويل!).
وتساءل: (...، ولا أدري؛ هل سيستمع العالم لنداءاتنا واحتجاجاتنا؟!، .. وجاء ضم «إسرائيل» الأقصى في وقتٍ النظام العربي فيه منهار، والفكرة عن الإسلام تؤكّد أن هنالك فوبيا إسلامية، بل لقد جاء نتنياهو وبتأييد كامل من المجتمع الإسرائيلي ليقوم بهذا العمل، بينما نحن ما نزال نتفرج!).
وخلص المصري إلى أننا، وفي ضوء الإجراءات الإسرائيلية الجريئة في تأثيرها على المسجد الاقصى وحدّها من نشاط المسلمين فيها، ..لا بدّ من أن نتخذ إجراءاتٍ حقيقية تتجاوز موضوع المؤتمرات والاستنجادات، لنعلن أن الإجراءات الإسرائيلية في القدس وفي فلسطين إنما تهدد الأمن الوطني الأردني، خاصة وان اتفاقية السلام مع «إسرائيل» هدفت الى اشاعة أجواء من السلام والتعاون، غير ان «إسرائيل» لا تتقيد بأجواء وروح هذه الاتفاقية مقترحاً النظر بإعادة تقييم العلاقة مع «إسرائيل» في ضوء هذه المخالفات.
العبادي: حاضنة الانتفاضة
وتساءل د.ممدوح العبادي حول ما جرى في الآونة الأخيرة في إمكانيّة أن يخلق انتفاضة ثالثة، متحدثاً عن الوضع العربي الذي هو في أصعب حالاته، معايناً الانتفاضة الأولى والأوضاع العربية القوية آنذاك في العراق وسوريا والجنوب اللبناني، متعجباً من عدم وجود أيّة حاضنة عربية تستطيع أن تدعم الانتفاضة.
ووقف عند الوضع الفلسطيني المشتت، قارئاً أرضيّة بزوغ حماس 1988، متحدثاً عن منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها القائدة الحقيقية والرائدة عندما قامت الانتفاضة الأولى، والجهد الذي تبذله المنظمة اليوم في عملية السلام.
وتناول مواضيع تطرف الشعب اليهودي، و(الحكم الذي يعكس رأي الشعب) في الدولة الديمقراطيّة، قارئاً خطورة أن يكون 4 وزراء من المستوطنين.
وردّ العبادي كلّ أسباب التكفير والتطرف والإرهاب إلى «إسرائيل» في محاولة لتشتيت الأمّة العربية والإسلاميّة، مستعيداً (القاعدة) والمراحل اللاحقة لهذا التنظيم.
ورأى أنّ الظرف لانتفاضة ثالثة غير موضوعي ومختلف أيضاً، مهتماً بالدور الأكبر للأردن اليوم من أيّ جانب عربي، متحدثاً عن القضية باعتبارها دينية، حيث أطراف الأقصى والقدس والمسيحي والمسلم، داعياً الأردن لتتبنى مؤتمراً إسلامياً بالسرعة الممكنة، خصوصاً وأنّ المؤتمر الإسلامي وجد من أجل القدس بعد حرق الأقصى، مضيفاً أننا كدولة أردنية تتبنى قضيّة الأقصى يقع على عاتقها أن تكون هي الأمان، بوصف الأقصى جزءاً من الولاية الهاشمية، ما يحتّم عقد هذا المؤتمر الإسلامي على وجه السرعة في عمان.
أبو عودة: الأرض المتنازع عليها
وأكّد السياسي عدنان أبو عودة أنّ «إسرائيل» نجحت في ثلاثة أمور، بتحويل الضفة الغربية لأرض متنازع عليها، والآن نجحت في وضع الأقصى أرضاً متنازعاً عليها، وقال إنّ «إسرائيل» نجحت في أنّ تجعل من موضوع (المتنازع عليها) أمراً مألوفاً لدى العرب، معرباً عن أسفه لقبول العرب في مدريد أن تكون القدس قضية مؤجلة، بما تلاها من أخطاء، متأملاً موضوع القدس الشرقية والقدس عامّة كتبعاتٍ في هذا المجال. وقارن بين أعوام 67 و93، متناولاً قضايا اللاجئين والقدس والتأجيل الحاصل.
واستبعد أبو عودة انتفاضةً قادمةً في الضفة الغربية، متناولاً المسافة التي أصبحت صفراً بين المستوطنة والقرية، متعجباً من تغيّر الزمن، والأولويات، في ظلّ الجهل بما هو آت، مفرّقاً بين الوصاية على الإسلام والوصاية على المسيحيّة في معاهدة السلام.
الساكت: الرد الإعلامي
ودعا العين د.بسام الساكت إلى صناعة تاريخ جديد، وتحديداً للشباب؛ معللاً بأنّ ثمة تجييراً للهزائم والاستعمار، مهتماً بالمنهجيّة طويلة الأمد، والعودة إلى الأسس في خضمّ عدم المقدرة على حلّ موضوع القدس وفلسطين اليوم، معايناً مفهوم الاحتلال قوةً لنا في الفهم، في ظلّ أننا ما من أسلحة لدينا عابرة للقارات.
ودلل بأنّ لدينا قوى ناعمة يمكن توظيفها في توضيح الاعتداء على الحريات واستثمار معنى الجدران والتمييز المتعصب والجرأة على التراث، وهي قوى يمكن أن نستخدمها والشباب في أوروبا مثلاً، خصوصاً وأنّ (الراعيين الأساسيين) هما متحيّزان.
وطالب الساكت بإشراك الجميع في المسؤولية؛ التي هي ليست مسؤولية الأردن وحده في ما يتعلق بالقدس، داعياً- دون اتهامات- إلى أن نشرك العالم العربي والإسلاميّ، باعتبارها مسؤولية تراثيّة كبيرة تقرّها شريعة الأمم المتحدة، ويتحمل فيها المسلم والمسيحي والبابا واليونسكو هذا الدور.
كما ناقش ضرورة الحوار الإسلامي الإسلامي والإسلامي العربي والإسلامي المسيحي والفلسطيني الفلسطيني نحو الموقف الأساسي في التأشير على المحتل، وتحويل المفهوم إلى مفهوم إعلامي يعتمد التكتيك والعقل.
محافظة: المؤتمر الإسلامي
وانطلق المؤرخ د.علي محافظة من أنّ الأردن ليس لديه الإمكانيات للضغط على إسرائيل، وعليه واجب أساسي في أن يقوم بدور فاعل في إقناع الدول الإسلامية بعقد مؤتمر إسلامي، داعياً إلى التنسيق بين الأردن والمغرب في هذا الاتجاه، وقبل ذلك لا بد من حملة إعلامية تؤكد ما قيل بالنسبة لدمار المسجد الأقصى وإنشاء الهيكل مكانه، وهو ما يجب أن يتم التركيز عليه بشكل واسع جداً في العالمين الإسلامي والعربي، وحتى في العالم الغربي على أساس أنّ الأماكن المسيحية المقدسة ستزول أيضاً ويحل محلها هذا الهيكل.
وتحدث عن احتمالات الدور الأردني خليجياً وبالنسبة للعالم الاسلامي في موضوع القدس، كما دعا في سياق المؤتمر الإسلامي المنشود إلى التنسيق مع المغرب وتونس الجزائر، وأيضاً مع فلسطين في هذا الاتجاه، لافتاً إلى أنّ الخلاف بين (السلطة) وحماس يجعل السلطة عاجزة عن القيام بأي عمل، فتغتنم «إسرائيل» هذه الفرصة وتقوم بتنفيذ ما لديها من مخططات.
وتعجب محافظة من أنّ «إسرائيل» كانت في السنوات الأولى من عمرها حساسة جداً للرأي العام الدولي، بينما هي الآن من مصلحتها أن تثير مشاكل تستفز العرب والفلسطينيين لكسب تأييد اليهود في العالم، لأنها بحاجة دائمة إلى الدعم اليهودي، إذ أصبح يهود العالم يؤمنون بأفكار التطرف، كما أنّ اليمين الإسرائيلي أصبح مؤثراً ومُقنعاً ليهود العالم، وهو مكسب لـ «إسرائيل» في هذا الموضوع.
كنعان: وقف «الفيتو»
وفي حديثه عن تداعيات الانتهاكات الإسرائيلية في القدس، انطلق أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان من أن الحديث عن القدس متشعب وله تفرعات كثيرة، مناقشاً وكيل وزارة الإعلام الفلسطينية د.محمود خليفة في حجم الاعتداءات، مبيناً أنّ الاعتداءات على القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية لا يساوي عشر ما وقع على هذه المدينة من اعتداءات من سلطات الاحتلال العسكرية والمدنية.
وعرّف بدور اللجنة الملكية لشؤون القدس في متابعة أحداث المدينة المقدسة والاعتداءات الإسرائيلية عليها ساعة بساعة ورصدها وتوثيقها أولاً بأول. وقال إنّ اللجنة قامت بإصدار كتاب رصدت فيه كل ما وقع على المدينة المقدسة من اعتداءات على اختلاف أشكالها يوماً بيوم منذ عام 1967 وحتى نهاية عام 2014، راصدةً ومحللةً أنماط سياستها العنصرية المؤسسة على عدد من القوانين العنصرية بهدف تكريس احتلالها للمدينة المقدسة والضفة الغربية وبقية الأراضي العربية المحتلة الأخرى، مضيفاً أنّ اللجنة باشرت بترجمة هذا الكتاب إلى اللغة الإنجليزية لتوزيعه على أوسع نطاق.
وذكر كنعان أنّ اللجنة الملكية لشؤون القدس أصدرت كتابا بعنوان:«القدس تاريخ مختطف وآثار مزورة» باللغتين العربية والإنجليزية يفضح الادعاءات الصهيونية ويكشف الغطاء بالوثائق عن حجم التزوير لتاريخ فلسطين والقدس وأماكنها المقدسة الإسلامية والمسيحية كما يفند استناداً إلى آراء علماء آثار يهود وغربيين معروفين دولياً بعلمهم وصدق أقوالهم وموضوعية بحوثهم جميع ادعاءات المؤرخين وعلماء الآثار الإسرائيليين ومزاعمهم، ممن عرفوا بتزويرهم للآثار واختطافهم لتاريخ فلسطين والقدس والمنطقة العربية.
وقال إنّ هذا المؤلف لاقى رواجاً واهتماماً بالغينِ من لدن الأكاديميين والباحثين الأجانب والعرب على حد سواء ومن عدد من الآثاريين الإسرائيليين الموضوعيين.
وتساءل كنعان في هذا السياق عن مكانة القانون الدولي من القوانين الوطنية للدول وكذلك الاتفاقيات والمعاهدات: أيها يسمو على الآخر؟ متابعاً: وإذا كان القانون الدولي هو القانون الواجب السمو على قوانين الاحتلال الإسرائيلي، وهو من المفترض أن يكون عليه الحال، فإن على إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، أن تذعن لإرادة المجتمع الدولي وأن تنسحب من القدس ومن الضفة الغربية المحتلتين ومن بقية الأراضي العربية المحتلة، فـ«إسرائيل» عليها الالتزام بقرارات الشرعية الدولية التي تطلب منها الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والسماح بعودة اللاجئين الفسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم عما لحق بهم من أذى نفسي ومادي وتعويض الدول التي احتضنتهم طيلة وجودهم على أراضيها وبشكل خاص الأردن لاحتضانه العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين.
وفي ما يخص الدور الأردني أكّد أنّ الجميع يعرف ما يقوم به الأردن وما يواجهه من تحديات من أجل المحافظة على القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية؛ فهو الوحيد الذي يتولى بقيادته الهاشمية كل ما يستطيع عمله دفاعاً عن المقدسات الإسلامية والمسيحية، وذكّر كنعان بأنّ الأردن يتولى رعاية المقدسات الإسلامية والأوقاف في القدس منذ الوصاية الهاشمية على المقدسات التي أوكلت إلى شريف مكة الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه ومن بعده إلى ابنه الملك عبد الله الأول وحتى الآن، وتجددت هذه الوصاية والرعاية الهاشمية التي وقعها جلالة الملك عبد الله الثاني مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أخيراً، شارحاً أنّ هناك أكثر من 700 موظف يعملون في الأوقاف والمقدسات الإسلامية في القدس إلى جانب أكثر من 200 حارس للأقصى تابعين إلى وزارة الأوقاف الأردنية. وتحدث كنعان عن أنّ الجميع يعلم دور جلالة الملك عبد الله الثاني في الدفاع عن القدس واعتبارها ومقدساتها خاصة المسجد الأقصى المبارك (الحرم القدسي الشريف) خطاً أحمر، بما يعنيه الخط الأحمر من أنّه لا تنازل ولا تقاسم ولا شراكة للأقصى، ولا عن شبر واحد فيه إطلاقاً؛ فالخطر الأحمر يعني أن المسجد الأقصى كله- (144) دونماً- ملك للمسلمين وحدهم إلى جانب ما يتولاه جلالة الملك من حمله لملف الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس في كل المحافل والزيارات واللقاءات التي يقوم بها. وأكّد أنّ الأردن هو خط الدفاع الأول عن أشقائه العرب انطلاقاً من أن قضية القدس هي قضيته الوطنية الأولى التي يحملها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين هماً أردنياً في حلّه وترحاله، فهي بالنسبة للأردن ملكاً وشعباً قضية أردنية، وهي مفتاح الحرب والسلام في المنطقة كلها، وهي في القلب من جلالته ولن يكون أمن ولا سلام في منطقتنا العربية ما لم تعد إلى حضنها الوطني والعربي والإسلامي.
وانطلاقاً من ذلك، قال كنعان إنّ الأردن من حقه أن يتوقع الدعم المادي والمعنوي من أشقائه العرب وبخاصة من الدول الغنية بما يتناسب وحجم الأطماع الصهيونية في الوطن العربي وثرواته الطبيعية وبما يمكّنه من النهوض بواجباته الوطنية والقومية والدينية تجاه الأراضي العربية المحتلة وبخاصة تجاه القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
وفي ما يخص قرارات القمم العربية ودورها في حماية القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، قال إنّ الالتزام بتنفيذ الحد الأدنى من قرارات القمم العربية الخاصة بالقدس كفيل بإنقاذها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية من سطوة الاحتلال الإسرائيلي.
كما رأى أنّ المجتمع الدولي تقع عليه مسؤولية إجبار «إسرائيل» على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وبقية الأراضي العربية المحتلة، فلا يجوز مطلقاً أن تتخذ الأمم المتحدة قرارات، وهي بالمئات، لتطويها أدراجها وتضيع في ركام أضابيرها، فقد آن الآوان لاتخاذ قرار بحق إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة كما فعلت مع دول أخرى.
وتابع كنعان أنّه لا يجوز أن تبقى إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، فوق القانون الدولي وفوق إرادة المجتمع الدولي؛ إذ آن الأوان أن يفهم المجتمع الدولي أنّ انسحاب «إسرائيل» من الضفة الغربية بما في ذلك من القدس، وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على كامل التراب الوطني الفلسطيني المحتل وعاصمتها القدس لهو مصلحة دولية وخاصة أميركية إسرائيلية كما هو مصلحة عربية، وقد آن الأوان أيضاً لأن يتوقف استخدام الفيتو كلما كان هنالك مشروع قرار يدين «إسرائيل» بما تقوم به من عدوان على القدس ومقدساتها ورفض لتطبيق قرارات الشرعية الدولية، بما يشجعها على التشبث باحتلالها للضفة الغربية والقدس وعلى إدارة الظهر لإرادة المجتمع الدولي وقرارت الشرعية الدولية ذات الصلة.
ومن أجل عروبة القدس والدفاع عنها وما يخطط لها من الصهيونية العالمية وكيانها الصهيوني إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، اقترح كنعان تبني استراتيجية خاصة بالقدس هدفها الحفاظ على عدم تسرب الأراضي المملوكة والأميرية لـ «إسرائيل» بالبيع أو المصادرة، وتثبيت أهل القدس وسكانها، وتصحيح الخلل الديمغرافي لصالح العرب، وإفشال مخطط قوات الاحتلال في تهويد المدينة المقدسة وتغيير واقعها الديمغرافي ومعالمها الحضارية والدينية، والحفاظ على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، والإبقاء على قضية القدس حية في أذهان الأجيال حتى يقيض الله لها من يحررها من ربقة الاحتلال الإسرائيلي.
وشرح آلية تحقيق هذا المقترح بإنشاء مؤسسة عقارية عربية إسلامية تعنى بعملية الإسكان والمحافظة على الأراضي والعقارات العربية والحيلولة دون انتقالها إلى ملكية سلطات الاحتلال، وحماية الأراضي الأميرية من المصادرة بكل الوسائل المتاحة القضائية القانونية والدبلوماسية وأهمها اعتبارها وقفاً إسلامياً، وتوفير كل مستلزمات الثبات والبقاء في القدس وضواحيها من خلال تأسيس مؤسسات المجتمع المدني لتوفير البنى التحتية.. من مساكن، ومدارس، وجامعات، وكليات، ومستوصفات، وعيادات طبية، ومستشفيات، ومشاريع وشركات وفرص عمل ومؤسسات خدماتية، وترميم الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية وصونها من أي عيب قد تتخذه سلطات الاحتلال ذريعة للاستيلاء عليها أو هدمها، وإلزام الجامعات والمدارس والمعاهد العربية والإسلامية بتدريس القدس مساقاً إجبارياً في مناهجها، وإنشاء كرسي القدس في جميع الجامعات العربية والإسلامية، وتشجيع الدراسة والبحث في القدس في أبعادها المختلفة، وتخصيص جائزة سنوية تقدمها الجامعات العربية والإسلامية لأحسن البحوث المقدمة وجائزة سنوية كبرى لأحسن ثلاثة بحوث في موضوع القدس بإشراف لجنة من الأساتذة العلماء المتخصصين في شؤون القدس تغطّى من مجلس الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي أو غيرها من المؤسسات العربية والإسلامية المعنية، وتشجيع أصحاب رؤوس الأموال والمؤسسات المالية والثقافية العربية والإسلامية للمساهمة في تغطية نفقات هذه الجوائز، وتخصيص دولار عن كل برميل نفط من الدول العربية والإسلامية المصدرة للنفط لدعم سكان مدينة القدس للصمود في مواجهة إجراءات «إسرائيل» وتهويدها للقدس، وتشكيل لجان أصدقاء القدس في جميع المدارس العربية والإسلامية/ وفي الجامعات على غرار ما تم في المدارس والجامعات الأردنية؛ إذ لاقت هذه الفكرة التي دعت إليها اللجنة الملكية لشؤون القدس رواجاً وتجاوباً كبيرين من المدارس والجامعات، والهيئات التدريسية وطلبتها وذويهم، وتخصيص الفضائيات العربية برامج باللغة العربية واللغات العبرية والانجليزية والألمانية والروسية والصينية والفرنسية والإسبانية وغيرها من اللغات الحية حول القدس موجهة للرأي العام العالمي بما فيه الإسرائيلي ومتفهمة للذهنية الأجنبية. وقال كنعان إنّه يفضل تخصيص فضائية خاصة تعنى بشؤون القدس والقضية الفلسطينية، وفي هذا المجال أكّد أهمية الإعلام، المسموع منه والمرئي والمقروء، في نقل حقيقة صراعنا العربي مع الصهيونية، مهتماً بدوره الفعال في صياغة وتشكيل وجدان وعقل المتلقين، من العامة والخاصة.
ونبّه إلى خطر ترك الساحة العالمية مفتوحة أمام آضاليل الصهيونية، كما هي عليه الحال اليوم، لأن ذلك يفقدنا ميداناً مهماً في معركة حقنا مع باطلهم، موضحاً أنّ الحركة الصهيونية استطاعت عبر ماكينتها الإعلامية الهائلة، أن تزيف الحقائق وتزور الوقائع، إذ صُوّر عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي المدجج بالسلاح، واقتحامه المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وقتل الشيوخ والنساء والأطفال، بل والمرضى ورجال الإسعاف، على أنه دفاع عن النفس، وكأنه أمام قوة مماثلة لجيش منظم، وفي الوقت نفسه جعل من جهاد الشعب الفلسطيني واستشهاده انتحاراً، ومن بطولته في التصدي للعدوان ومقاومة الاحتلال ضرباً من الإرهاب والتخريب، علماً بأن القانون الدولي أعطى حق المقاومة للشعب الذي احتلت أرضه ضد المحتل.
وذكر كنعان وسائل أخرى، منها توجيه السفارات العربية والإسلامية إلى الاهتمام بقضية القدس واعتبارها أحد محاور نشاطها الدبلوماسي في الدول المضيفة لها، والاستفادة من الجاليات العربية والإسلامية في الخارج بتبنيها لقضية القدس وطرحها على الرأي العام للدول التي تقيم فيها بما يخدم الحق العربي والإسلامي في القدس، وتشجيع أصحاب رؤوس الأموال العرب والمسلمين على الاستثمار في مدينة القدس، والطلب من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل الدور العربي والإسلامي في التعامل مع الإنترنت بغية التصدي للهجمة الإسرائيلية والصهيونية حول الحق العربي في القدس والقضية الفلسطينية، وربط الجماهير العربية بقضية القدس من خلال صندوق شعبي يترك لمؤسسات المجتمع المدني في كل بلد تحديد مقدار التبرع الواجب على كل مقتدر دفعه وكيفية جمع التبرعات، وفي هذا الموضوع قال كنعان إنّ الأردن كان سباقاً بإنشاء الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة الذي يتولى تمويل لجنة الإعمار بما تحتاجه من أجل البناء والصيانة والترميم وغيرها من المستلزمات التي يحتاجها المسجد الأقصى المبارك في القدس.
السعود: خطر الانقسام
وأعرب رئيس لجنة فلسطين النيابية النائب المحامي يحيى السعود عن أسفه لما تفعله «إسرائيل» في القدس من تفريغ أهلها وطردهم والتضييق عليهم، ذاكراً أن من جملة ذلك أنّ الطلبة المقدسيين لا يُعترف بشهاداتهم، بالإضافة إلى الإغراق بالمخدرات في القدس وتوزيعها مجاناً، كما ذكر أنّ «إسرائيل» ترصد ملياراً و600 مليون للقدس، في حين أننا نقدّم 60 مليونا منها 30 من الأردن و30 من السلطة، مضيفاً أنّ المسيحيين كانوا في القدس 25% في القدس في حين أنّهم الآن 1% هناك.
وتحدث السعود عن عقد مؤتمر «الطريق إلى القدس» بالتعاون مع جامعة العلوم الإسلامية، بهدف إصدار فتوى في أنّ زيارة القدس ليست حراماً، خصوصاً وقد كان أصدر علماء أن زيارة القدس حرام لأنها تحت الاحتلال الإسرائيلي، وشرح السعود أنّ الهدف أيضاً كان لإصدار فتوى من 12 دولة عربية برلمانياً و70 عالماً، مبيناً أن ذلك لا يعني تطبيعاً، معرباً عن أسفه لأن يخرج بعض الأخوة فيصدروا فتوى معاكسة لهذا الأمر.
وبصفتهم نواباً، قال السعود إنّ علينا دوراً، مذكراً بأنهم طالبوا بأكثر من ورقة ضغط في هذا الموضوع، شارحاً أنّ المادة 9 من اتفاقية وادي عربة تعطي الأحقية للأردن في الوصاية الأردنية الهاشمية على القدس والمقدسات، معرباً عن استهجانه لأن يناقش ليبرمان اليوم هذه الوصاية.
ودعا إلى التنسيق بين الفصائل الفلسطينية، معتبراً الانقسام إنما يخدم إسرائيل، مؤكداً أنّه لا بواكي للفلسطينين إلا من الهاشميين والأردنيين، بكافة الأطياف والمكونات.
وذكر السعود أنّ اتفاقاً جرى في لجنة فلسطين النيابية للدعوة إلى مؤتمر عربي إسلامي يضع الشعوب أمام مسؤولياتهم، مهتماً بهذه المسؤولية إزاء ما يجري في القدس والمقدسات، مؤكداً ما يتمتع به جلالة الملك من احترام عالمياً، ومؤكداً دور الصمود والمرابطين داخل الأقصى، لافتاً إلى دور المال في تعزيز هذا الصمود في القدس.
فراعنة: كسر العظم
ورأى الكاتب السياسي حمادة فراعنة أنّ ما يشهده الحرم القدسي الشريف ومحيطه وما يتصل به وتداعياته، معركة كسر عظم فلسطينية إسرائيلية لن تتوقف إلا بهزيمة أحد طرفي الصراع، حيث الصراع يدور على قدسية المكان ولمن تؤول السيادة المدنية الدينية الفعلية فيه، وعليه، تحدث فراعنة عن أصحابه (المكان) الذين أقرّ لهم الاحتلال عبر البواية الأردنية منذ عام 1967، حرية العبادة والتنظيم والتوظيف، باعتباره مسجداً تقتصر الشعائر فيه على المسلمين وللمسلمين فقط، وباعتباره مسجداً إسلامياً أسوة بالكنيسة للمسيحيين وبالكنيس لليهود والخلوة للدروز، فلا مجال كما قال جلالة الملك عبدالله الثاني للتقسيم أو للشراكة فيه وعليه، بين المسلمين وغير المسلمين، متسائلاً: هل تتم الاستجابة للمستوطنين وحكومتهم الاحتلالية الاستعمارية التوسعية العنصرية التي سعت عبر تفوقها وقدراتها وتحكّمها بالبوابات المقدسية، بفرض التقاسم الزماني، تمهيداً ومقدمة لفرض التقاسم المكاني، وتحويله جبلاً للهيكل يؤدي اليهود فيه حجّهم داخل الحرم الإسلامي الشريف ومسجده الأقصى وعلى أرضه وفي سياق مساحاته، كما سبق أن فعلوا، وفرضوا، بالقوة المسلحة في المسجد الإبراهيمي في الخليل.
وانطلق فراعنة من أنّه لا مجال للتسوية بين طرفي الصراع، بين المحتلين المستوطنين الإسرائيليين الذين عبّر عنهم المستوطن «يوعز هندل» في مقال له نشرته يديعوت أحرنوت يوم 30 أيلول تحت عنوان «حان الوقت لتحكم (إسرائيل) القدس»، والشعب الفلسطيني وأهل القدس وأبناء مناطق 48 ومع المرابطين والمرابطات، حول الحرم القدسي الشريف-المسجد الأقصى، لا مجال للتسوية أو التفاهم أو الشراكة أو التقاسم، موضحاً أنّ أحدهما ستتم هزيمته وتراجعه عن مقصده ومعتقده، إما بتراجع حكومة المستوطنين وأحزابهم عن مشروعهم بفرض التقاسم الزماني ومن ثم المكاني على الحرم القدسي الشريف، وإبقاء الحال على ما هي عليه، والقديم على قِدمه، أو هزيمة الفلسطينيين ومعهم سائر المسلمين على وجه الأرض بقبول التقاسم والرضوخ للمشروع الاستعماري التوسعي العنصري الصهيوني الإسرائيلي، مستنتجاً أنّها «معركة كسر عظم»، التي يواصلها المرابطون والمرابطات من أبناء القدس والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة ضد الظلم والتعدي والمس بمعتقدات المسلمين وقناعاتهم وإيمانهم.
وتحدث فراعنة عن أنّ النضال على الأرض في القدس لحماية الحرم القدسي الشريف يوازيه الجهد الأردني بالتعاون مع الجهد الفلسطيني على الساحة الدولية؛ لعل المسلمين والعرب، الأثرياء منهم والفقراء، يدركون حجم الكارثة التي تمسهم جراء مخططات وبرنامج المشروع الاستعماري الإسرائيلي، الذي يهدف إلى تغيير معالم القدس العربية الإسلامية المسيحية باعتبارها أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين وحاضنة للمسجد الأقصى ولكنيسة القيامة، والعمل على أسرلتها وتهويد معالمها، وجعلها صهيونية عبر قطع صلتها مع ماضيها وتراثها وقدسيتها وجعلها عاصمة للمحتلين ومشروعهم الاستعماري التوسعي.
وبعد أن شرح البرنامج الإسرائيلي في إجراءاته الأمنية والعسكرية والإعلامية وفي حملات المنع والاستبعاد والاقتحام، أجاب فراعنة عن السؤال العريض: ماذا نحن فاعلون لدعم تضحيات الشعب العربي الفلسطيني وإسناده؟! ذاكراً أنّ الأردن على المستوى السياسي يقوم بواجبه عبر الدور المباشر الذي يقوده جلالة الملك بتوضيح الصورة لقادة المجتمع الدولي وكشف زيف الإجراءات الإسرائيلية وتعريتها، إضافة إلى دعم موظفي الأوقاف في القدس وزيادة عددهم ليكونوا حقاً حرساً متفرغاً على حساب الخزينة الأردنية بما في ذلك تعيين نساء في صفوف الحرس وحماة الأقصى.
ودعا إلى ضرورة عقد المؤتمر الثاني (الطريق الى القدس)، نظراً لأهمية مشاركة رجال الدين المسلمين والمسيحيين من قادة الطوائف المختلفة فيه، وحث لجنة فلسطين النيابية بالتعاون مع المجلس الوطني الفلسطيني لعقد مؤتمر برلماني عربي إسلامي من أجل القدس، ومناشدة خادم الحرمين الشريفين لفرض ضريبة للقدس على كل حاج ومعتمر بواقع مائة ريال سعودي لتغذية صندوق القدس كي يشارك كل مسلمي الأرض بحماية القدس، وتغطية احتياجات أهل القدس وحراسها والمرابطين والمرابطات على أرضها وحماية مقدساتها باعتبارها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
الشناق: السياسة الوقائيّة
بدوره، وجد مدير الدراسات في اللجنة الملكية لشؤون القدس د.فاروق الشناق أنّ المشكلة الأساسية هي في الإيديولوجية الصهيونية، معتبراً قضية القدس (حجر سنمار)، الذي إذا ما استُلَّ وقعَ هذا البناء.
وتناول الحديث المنصبّ على نوع من السياسة الوقائية، في كيفية أن نحتفظ بالقدس وقائياً، في حين لم يتكلم أحد عن إجابة السؤال: كيف نستعيد القدس؟!.. شارحاً الإرادة السياسية في المقاومة سياسياً، والظروف غير المشجعة عسكرياً في الوقت الراهن.
وذكر الشناق أنّ الأمم المتحدة كانت اتخذت في 16/12/1982 قراراً اعتبرت فيه الكيان الصهيوني دولة غير محبة للسلم، وصدر عن الجمعية العامة ورقمه 37/123، موضحاً أنّ هذا القرار جاء بناء على مشروع تقدمت به سوريا بسبب ضم «إسرائيل» للجولان؛ إذ لم يقتصر ذلك على موضوع الجولان وإنما شمل جميع المناطق العربية المحتلة بما فيها الضفة الغربية والقدس، وتابع الشناق: ولما كانت «إسرائيل» دولة غير محبة للسلم، ولأنها لم تلتزم بمبادئ السلم، ولأنها لم تنسحب من الأراضي العربية المحتلة، فإنّ على الدول الأعضاء وغير الأعضاء مقاطعة «إسرائيل» مقاطعة شاملة، وذكر الشناق أنّ الدول الأوروبية اعتمدت على هذا القرار، بينما تجاهلنا نحن هذا القرار، مؤكداً أنّ علينا أن نقاوم المشروع الصهيوني سياسياً.
وتحدث الشناق عن إمكانيات الأردن وفرصِه المحدودة، ومع أن القضية وطنية بامتياز، قال الشناق إنّها قضية عربية وإسلامية وإنسانية، داعياً المجتمع الدولي إلى التكاتف.
أبو جابر: الولاية القانونية
وأكّد وزير الخارجية الأسبق د.كامل أبو جابر أنّ «إسرائيل» جزء من العالم الغربي ومن عقيدته، مستدركاً أنّ علينا ألا نعادي العالم الغربي، بل علينا أن نغير ربما من أسلوبنا مع العالم الغربي.
وتحدث عن تمكّن «إسرائيل» من اختراق العالم الغربي إلى الدرجة التي أصبحت العلاقة بينهما علاقة عضوية. وتساءل أبو جابر عن مقال نشره الباحث د.خليل التفكجي بالإنجليزية اعتبره خطيراً، متعجباً: «إنّه كلام في منتهى الخطورة؛ فهل في كنيسة القيامة وثيقة مسيحية تقول إنها ملك للكنيسة؟!»، معترضاً بذلك على ما أورده التفكجي في هذا الموضوع، مؤكداً أن الولاية إنما هي ولاية قانونية، مثلما أنّ المسجد هو ولاية قانونية.
وأعرب أبو جابر عن أسفه لأن العالمين الإسلامي والعربي لم يقوما باستخدام المسيحيين العرب بشكل لائق في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية، مبيناً أنّ صوت المسيحي مسموع، وأنّ جلالة الراحل الحسين كان يرسل وفداً من مسيحيين ومسلمين ليجوبوا العالم الغربي ويتحدثوا، فكان لهم وقعٌ وتأثير يجب إعادة إحيائه مرة ثانية.
وركّز على المنطلق القانوني في حديث العرب والمسلمين عن القضية الفلسطينية، بما في ذلك المسجد الأقصى، أمام الحديث من منطلق الأمر الواقع. وأكّد أبو جابر أنّها ليست دعوةً لمقاطعة العالم بل هي تكثيف لجهودنا مع العالم الغربي، ومع اليهود في العالم الغربي، في أن نتحدث معهم، ولأنهم يتكلمون من منطلق سياسي.
ورأى أنّ ما نقوم به في الأردن وفلسطين بالدرجة الأولى والعالم العربي والإسلامي أيضاً غير كاف لمعالجة ما يجري في فلسطين، منادياً بجهود مكثفة؛ إذ المسجد الأقصى مقسم الآن على غرار المسجد الإبراهيمي في الخليل، متسائلاً: هل سنقبل به؟! وكيف يمكن إثارته؟ حيث الضرر أكثر من الفائدة، فالعالم الغربي يستطيع أن يضرّنا و»إسرائيل» تستطيع ذلك.
واهتم أبو جابر بوجود متحف لشؤون القدس، واتصالات مع رئيسي حكومتي ألبيرو وكولومبيا؛ لأنّ في ألبيرو مسيحيين ومسلمين فلسطينيين أكثر من الذين في فلسطين، وهؤلاء يجب مخاطبتهم، ولديهم استعداد للتبرع بالملايين.
المصري: خطة عمل
واقترح الاقتصادي منيب المصري الأخذ بتوصيات هذه الندوة، وتأكيد خطة عمل لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية المخيفة، مهتماً باجتماع موسع لتحصين العلاقة الفلسطينية الأردنية والذهاب للعالم بما هو موحد أردنياً وفلسطينياً أمام الإجراءات في القدس وفلسطين، والخروج بوثيقة (كيف نحافظ على القدس؟!)، والاستناد إلى خطة عمل لموضوع صندوق وقفية القدس، معتبراً المال وسيلة مهمة في تعزيز الصمود. وحذّر من أنّ لدى «إسرائيل» خطة عمل كاملة ممنهجة لتهويد القدس، إذ «بدأوا بإخوتنا المسيحيين وبعدهم بالمسلمين، في شراء المنزل وإعطائهم التأشيرات إلى أستراليا أو أميركا للعمل»، معتبراً ذلك خطة من ضمن برنامج ممنهج.
ودلل المصري بأنّ المسيحيين كانوا 18-20%، واليوم هم 1%، كما أنّ الكنائس باتت مهجورة مثل المتاحف، وذكّر المصري بالخطة التي تم الاشتغال عليها منذ سنة ونصف السنة، واشترك فيها جميع أطياف المقدسيين، ضمن مدى 5 سنوات، مبيناً أننا إذا جمعنا 100 مليون دينار من الضفة والأردن نستطيع إنشاء نواة لصندوق ببليون دولار.
وتحدث عن صمود القدس، وتعزيز ثقافة الدفع وحفز الفلسطينيين في الشتات، متناولاً ترميم منازل مهددة بالانهيار بمبلغ 6 ملايين دينار، موضحاً أن ذلك تمّ ضمن الخطة التي نجحت بوقفة أخوية من الأردن، متحدثاً عن انزعاج جلالة الملك كثيراً جراء ما يحدث في القدس من ممارسات إسرائيلية مرفوضة.
توصيات
الدعوة إلى تبني خطاب إعلامي عربي عالمي ينبّه إلى ما تتعرض له القدس في ظلّ القلاقل السياسية التي يعاني منها العالم العربي، وانتشار ظاهرة الإسلام فوبيا.
عقد مؤتمر إسلامي لمناقشة الإجراءات الواجب اتخاذها في مواجهة الممارسات الإسرائيلية في القدس.
الدعوة إلى تعزيز الحوار الإسلامي الإسلامي، والإسلامي العربي، والإسلامي المسيحي، والفلسطيني الفلسطيني، تجاه ما يحدث في القدس، انطلاقاً من أن المسؤولية في هذا الملف جماعية.
اتخاذ إجراءاتٍ حقيقية تتجاوز موضوع المؤتمرات والاستنجادات، للتأكيد أن الإجراءات الإسرائيلية في القدس وفي فلسطين تهدد الأمن الوطني الأردني.
المطالبة بإعادة تقييم العلاقة مع «إسرائيل» في ضوء المخالفات الإسرائيلة المتكررة.
الدعوة الى عقد اجتماع عاجل للاتحاد البرلماني العربي دعماً للأقصى.
الدعوة لانشاء صندوق وقفي لدعم صمود القدس.