التعليم العالمي وجسور الثقافة

17/07/2014

وناقش المشاركون أهميةَ التعليم العالمي للطلبة انطلاقاً من أنه جزء من تعلّم «الفنون الليبرالية» (الحرة)، يمكن من خلاله نقل المعرفة للطلبة والأفراد، وفهم الأحداث والأزمات والقضايا المختلفة. واستعرضوا إمكانية خلق مستوى جديد من الفهم النقدي عبر وسائل الإعلام والاتصال التي يمكن عبرها التحدث عن القضايا العالمية والتربية والمجتمع والدولة والتاريخ.

 

أكد المشاركون في الندوة التي نظمها مركز «الرأي» للدراسات بالتعاون مع جامعة «بريدج ووتر» الأميركية، أن ما يربط الجامعات والمراكز هو التعليم فقط، وأن هناك مسافة بين «السياسة» و»التعليم».

ودعا المشاركون إلى تعزيز التعاون الثقافي والعلمي بين الدول تحقيقاً لمبدأ «عالمية التعليم»، وتعزيزاً للجسور التي تربط بين الثقافات العالمية من جهة، وتعظيم القواسم المشتركة المتعلقة بالثقافة الإنسانية العالمية من جهة أخرى. كما دعوا إلى إحداث تغيير حقيقي لـ»التدويل» من خلال تسهيل التبادل الطلابي، بين الجامعات الأميركية والعربية بشكل عام، والأردنية بشكل خاص.

شارك في الندوة وفد من جامعة «بريدج ووتر» ضمّ د.فرادريك كلارك ود.برندا موليف ود..مايكل كريزانك ود.عبد الجبار العبيدي، إضافة إلى أعيان ورؤساء جامعات وأكاديميين من الأردن.

أدارها: هادي الشوبكي

حرّرها وأعدّها للنشر: جعفر العقيلي وبثينة جدعون

حزيران 2014

تالياً أبرز وقائع الندوة:

قال نائب الرئيس التنفيذي ونائب الرئيس للعلاقات الخارجية في جامعة «بريدج ووتر» الحكومية الأميركية (Bridgewater State University) د.فرادريك كلارك، إن جامعة «بريدج ووتر» تؤمن بأهمية «التعليم العالمي «لطلبتها انطلاقاً من أنه جزء لا يتجزأ من تعليم «الفنون الليبرالية (الحرة)».

وأضاف كلارك أنه لم يكن للجامعة في السابق أيّ شراكة عالمية حقيقية للحديث عنها، إذ لم يكن هناك تركيز عالمي على هذا الموضوع، مشيراً إلى أن العالم أصبح «أصغر»، فمن دون تعليم عالمي لن يحصل الطلبة والخريجون على التعليم الذي لا بدّ من حصولهم عليه، وقال: «من أجل ذلك نقوم بهذا النوع من التبادل كوننا في الفترة الماضية لم نستطع إرسال طلبتنا للخارج لتوفير هذه الخبرات لهم».

نقل المعرفة

أوضح المدير التنفيذي لـ»مركز الشراكة العالمية» (Minnock Center for International Engagement) في جامعة «بريدج ووتر» د.مايكل كريزانك: «إن المشاركة الدولية تعني الانفتاح والتواصل مع الآخرين على المستوى العالمي».

وشدد كريزانك على أهمية أن يكون هناك لقاءات ومؤتمرات ونقاشات مفتوحة كهذه ليتم فيها مشاركة الأفكار مع الآخرين والتفاعل معهم، مضيفا أن التواصل بين فرد وآخر يمثل القدرة على فهم اللغات والتراث والتطورات التاريخية المشتركة بينهما، وهذا أمر مهم ليس فقط لطلبة جامعات «بريدج ووتر» واليرموك والطفيلة التقنية، وإنما هو مهم للجميع.

كما أكد على أهمية فهم الناس والأحداث والأزمات والظروف والقضايا المختلفة سواءً السياسية أو سواها في كل مكان في العالم، مشيراً إلى أن القضية المهمة هنا في الأردن مثلاً والمتفق عليها بكل بساطة هي قضية «المياه».

ودعا كرايزنك إلى فهم هذا العالم «الصغير» الذي نعيش فيه، فهو «عالم مترابط» من خلال الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مثل («فيسبوك» أو «تويتر»)، إذ إن طلبة «بريدج ووتر» كما طلبة الجامعات في الأردن، لديهم علم ودراية أكثر في ما يتعلق بالتواصل الاجتماعي ووسائله الحديثة.

وقال كرايزنك: «المهم عند الحديث عن التعليم العالمي، وضعه في نطاق ما يحصل في العالم وليس فقط ما يحصل في الشرق الأوسط»، مضيفاً أنه «يجب تعريف الناس بما يحصل في العالم عبر تثقيفهم سياسياً، فما يحصل مثلاً في سوريا له تأثير في حياتهم».

وتابع كرايزنك: «عند الحديث عن التعليم العالمي فإننا ننظر إلى الجانب السياسي لما له من تأثير في حياة الناس مثله مثل القضايا الاقتصادية والإنسانية، إضافة إلى الأزمات التي يواجهها الناس في العالم كأزمات الغاز والنفط والماء»، واصفاً إياها بأنها «جزء من تجربة العيش في هذا العالم المترابط».

وبيّن كرايزنك أن «التعليم العالمي» لديه القدرة على نقل المعرفة للطلبة والأفراد، إذ إن عالمهم ليس متعلقاً فقط بخبرانهم أو بالمجتمعات التي يعيشون فيها، بل تتداخل في ذلك جوانب كثيرة في حياتهم ولا يمكنهم تجاهل أن العالم مترابط. وقال: «واجبنا جميعاً خلق الفرص لتبادل الخبرات عبر إقامة المؤتمرات والندوات العالمية، أو تبادل الطلبة وأعضاء هيئات التدريس بين الولايات المتحدة والأردن».

وبيّن كرايزنك أن مهمة الجامعة التي يعمل فيها تتمثل في إيجاد الفرصة للطلبة كي يحظوا بالتجربة العالمية سواء عن طريق السفر أو قراءة الكتب أو الشراكة في السكن أو عبر أي وسيلة تفتح عقولهم وتنير فكرهم إلى الأفضل.

التدويل

قال رئيس جامعة فيلادلفيا د.محمد عواد إنه يجب التمييز بين «العولمة» و»التدويل»، فقد يكون لاستخدام مصطلح «العولمة» في بعض الحالات جانب سلبي يُقصد به «الهيمنة»، مضيفاً أنه يفضّل استخدام مصطلح «التدويل».

وأوضح عواد أن معظم الجامعات في الأردن ومن ضمنها جامعة فيلادلفيا، لديها اتفاقيات تعليمية وتعاونية مع الكثير من الجامعات في جميع أنحاء العالم، ويتم ذلك من خلال برنامجَي (tempus) و(Erasmus mundas).

وأكد عواد أن الهمّ الأساسي هو تطوير قدرات الطلبة وأعضاء التدريس، لافتاً إلى أننا نعيش في «عالم صغير» ويجب علينا أن نستغل ما هو متاح لتلبية الحاجات الملحّة كما يقول «ثوماس فريدمان».

وأضاف أن الإنترنت متاح للجميع، إذ يستطيع أي شخص استخدامه والحصول على المعلومات التي يريد، في حين أن المهم هو تحليل هذه المعلومات.

وأكد عواد أن معظم الجامعات الأردنية لديها ترتيبات مع بعض الجامعات في الخارج لتبادل الطلبة في ما بينها.

وتحدث عواد عن تجربته في التعليم العالمي قائلاً إنه أمضى أكثر من ثلاث سنوات يعمل في برنامج (tempus) نحو «تدويل التعليم العالمي» الذي نظمته جامعة «اليكانته» الإسبانية بالتعاون مع جامعتين فرنسية وإيطالية، وشاركت فيه أيضاً 14 جامعة من ست دول عربية.

وقال عواد: «إن ما نسعى إليه هو تنظيم دورات في جامعات مختلفة مثل معهد ماساتشوستس للتقنية الذي يتوفر لديه نظام التعليم المفتوح».

ورأى عواد أن مصطلح «التدويل» يذهب باتجاه واحد بعد أحداث سبتمبر 2001، وأن العديد من المؤسسات التعليمية عابرة الحدود أنشئت في الوطن العربي، وتابع: «في عام 2010 كان دخْلُنا من التعليم العابر للحدود 9.8 مليار استرليني، ويُتوقع ارتفاعه إلى 17 ملياراً في عام 2025».

ولفت إلى أنه لا بد من جعل انضمام الطلبة العرب إلى الجامعات الأميركية أسهل في أميركا نفسها إذا أُريد إحداث تغيير حقيقي لـ»التدويل».

مؤشرات العولمة

قال رئيس الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية د.عصام زعبلاوي، إن تخصصات الهندسة والعلوم والطب والصيدلة تُعد جميعها «تخصصات دولية»، إذ إن جميع الكتب الدراسية التي تستعملها هي كتب دولية، إضافة إلى أن أعضاء الهيئات التدريسية هم خريجو جامعات دولية، ويقوم معظمهم بنشر أعمالهم ودراساتهم في مجلات عالمية أو مؤتمرات عالمية. واتفق زعبلاوي مع عواد على أنه من الأفضل في هذه الحالة استعمال مصطلح «تدويل» وليس «عولمة».

وأشار زعبلاوي إلى أن المشكلة كانت تتمثل في عملية تبادل أعضاء الهيئات التدريسية. وتساءل عن المؤشرات التي تستخدمها جامعة «بريدج ووتر» لتقييم المستوى الذي وصلت إليه في العولمة وذلك بهدف الاستفادة منها في تقييم الحالة الأردنية ولمعرفة أين نحن على سلّم العولمة؟

تساوي الثقافات

قال رئيس لجنة التعليم العالي في مجلس الأعيان العين د.عبدالله عويدات، إن الفرق بين «العولمة» و»التدويل» هو أن مصطلح «العولمة» يُستخدم للتعبير عن ثقافة تسيطر على الثقافات الأخرى، في حين أن «تدويل» يتحدث عن تساوي الثقافات، وتفاعلها مع بعضها بعضاً.

ورأى عويدات أن علينا استعمال مصطلح «تدويل» بدلاً من «عولمة»، والتفاعل مع بعضنا بعضاً كثقافات متساوية لا بأن تهيمن ثقافة على سواها، مضيفاً أننا إذا كنا نرغب باستكشاف أبعاد جديدة للتعليم العالمي فيجب علينا قبول هذه المصطلحات، وفي الوقت نفسه علينا النظر إلى محتواها.

وأشار عويدات إلى أن الشرق الأوسط يتفاعل في يومنا الحاضر مع كل العالم، فوسائل الإعلام جعلت الناس أقرب بعضهم بعضاً، مضيفاً أن المشكلة هي في كيفية تحقيق هذه الأهداف النبيلة في الدول غير المتطورة، مؤكداً أن جميع الدول في الشرق الأوسط متحمسة للاستماع من الولايات المتحدة والعالم الغربي أيضاً، وأنه حينما يتعلق الأمر بالثقافة، فإن كل مجموعة تهتم لثقافتها، لكن هيمنة مجموعة على سواها تتسبب في المشكلت.

وختم عويدات بقوله: «كوننا نعلن شبكة فإن هذه الشبكة سوف تحتاج إلى أعضاء من الجامعات في جميع أنحاء العالم، وإذا بدأنا هذه الشراكات كما الشراكة بين الولايات المتحدة والأردن، وإذا انضمت إليه جامعة (بريدج ووتر) وجامعات من الأردن وكمبوديا ومن جميع أنحاء العالم، فإنه يمكن نقل هذه الشبكة إلى جميع الجامعات في العالم، وسيُعقد مؤتمر سنوي أو اجتماعات دورية».

الكوارث الإنسانية

تساءل الزميل خالد نعيمات من صحيفة «جوردان تايمز» عن دور الجامعة في جعل قضية الكوارث الإنسانية التي تحدث في المنطقة وفي سوريا بشكل خاص، قضيةً دولية، كما تساءل عن الطريقة المثلى لتقديم «المتطرفين» للطلبة الأميركيين في جامعة «بريدج ووتر».

برنامج دراسات عالمية

قال مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة «بريدج ووتر» د.جبار العبيدي، إن مصطلح «الشراكة» أو «المشاركة» تمت استعارته من علم التسويق وإدارة العمل والمشروعات، ففي السابق لم يكن مصطلح «العولمة» يُذكر على الإطلاق، وكان الاتجاه نحو تعبير «العالمية»، وثمة الكثير من الفروق بين المصطلحين. فالمشاركة أو الشراكة لا تعني الاستبدال أو الاستحواذ، إضافة إلى أن من الخطأ الاعتقاد أن حضارة بعينها قادرة على الهيمنة على الحضارات الأخرى.

وتابع العبيدي: «في الولايات المتحدة، نعمل عبر وسائل الإعلام والاتصال على خلق مستوى جديد من الفهم النقدي»، موضحاً: «ليس المقصود بذلك استخدام (الفيسبوك) أو سواه من الوسائل التي نستطيع فيها نشر الأخبار الشخصية، بل المقصود تلك الوسائل التي نستطيع فيها التحدث عن القضايا العالمية والتربية والمجتمع والدولة والتاريخ».

ورأى أن هناك وسائل إعلام «مشتركة» في كل العالم، لافتاً إلى أن طلبته يتساءلون: «كيف يمكن لهم القيام بمساهمة نوعية عن طريق استخدام هذه الأدوات الجديدة؟».

وبيّن العبيدي أنه مع زملائه في جامعة «بريدج ووتر» يتحركون -وإن ببطء- نحو الربط والشراكة مع جامعة سيدي محمد بن عبدالله في المغرب، كما أنهم قاموا بتطوير شراكتهم مع جامعتَي اليرموك والطفيلة التقنية الأردنيتين منذ العام 2006.

وأشار العبيدي إلى أن سبب اختيارهم الشراكة مع جامعة الطفيلة، مع أنها جامعة حديثة البناء، هو لكونها تمثل مجتمعاً صغيراً نابضاً ومفعماً بالحياة وبحاجة إلى المساعدة.

كما أشار إلى أن هناك 14 خريجاً من جامعة «بريدج ووتر» يقومون بمهة التدريس في جامعة الطفيلة، وقد قامت «بريدج ووتر» بتزويدهم بفرص «رائعة» بهدف التبادل الثقافي.

وقال العبيدي إن الدراسة الخارجية (study abroad) لمدد قصيرة لا تقع ضمن مفهوم السياحة، فالدراسة الخارجية لا تعني رؤية أماكن جديدة وتذوق طعام مختلف، بل تعتمد على التحقق من الأشياء على الأرض ومن ثم إيجاد صلة في ما بينها وتقييمها، مضيفاً أنه يتم تقييم الطالب على أساسها بعد ذلك، فالهدف هو نقل الطلبة من المكان الذي ترعرعوا فيه وعرفوه إلى تجربة فيها نوع من التحدي في فهم التاريخ والجغرافيا.

وأضاف أن هنالك حركة كبيرة في الولايات المتحدة اعتمدت على التعليم العالمي كما هي الحالة في جامعة «بريدج ووتر» وصولاً إلى معهد «ماساتشوستس»، موضحاً أن الأسلوب الذي ينتهجونه في تعليم طلبتهم يعتمد على المشاركة والتفكير النقدي، فمثلاً الكثير من الأشخاص لا يريدون دراسة الجغرافيا لأنها لا تُعَدّ بنظرهم تخصصاً مهماً كالطب والهندسة، في حين أنهم يجب أن يدرسوا الجغرافيا، لأن جغرافيا أي منطقة مرتبطة بالتاريخ، فإذا لم يعرف الطالب الجغرافيا الخاصة بأي منطقة فإنه لن يعرف التاريخ.

وقال العبيدي إن الدراسة في الخارج تعَدّ «فترة للتدريب»، يتعرف الطالب من خلالها على كيفية تحدّي نفسه وتقبُّل الآخرين له.

وأضاف العبيدي: «ما نفكر به مع الجامعات في الأردن والجامعات الأخرى التي أقمنا شراكات معها في مصر وتركيا والعراق والإمارات والسعودية، هو كيف يمكننا تحسين التنقل ليس لأعضاء التدريس فقط، إنما للطلبة الذين يجب ألاّ يظلّوا داخل القاعات الدراسية بحيث يتم إطلاقهم من داخل الصندوق المغلق».

وتابع العبيدي قائلاً: «نحن بحاجة لمساعدتكم، كما أننا بحاجة إلى إدارة مالية، بحيث تخصَّص ميزانية معينة لتنقُّل الطلبة في الخارج».

ورأى أن ما نحتاجه هو «التأكد من قدرتنا على إنشاء جسور تعليمية، وعلى الفهم المتبادل المبني على الاحترام»، مؤكداً أن العالم يستطيع أن يلتقط مفهوم السلام من تعاون ثقافي كهذا.

وبيّن أن التعليم العالمي يعني أن يكون لديك مسؤوليات ومساءلة شفافة وتفاعلات ورعاية وفهم لمفهوم الشراكة الذي هو مهم في في جامعاتنا، لافتاً إلى أن القلب والروح كما العدالة الاجتماعية مفقودة في الكثير من أجزاء العالم بسبب غياب الثقة، «فنحن دائماً نفكر في قصة الهيمنة والاستحواذ، كما أننا نشْغل أنفسنا بنظريات التآمر التي تقول إن أي شيء يأتي من الشرق سيئ وأي شيء يأتي من الغرب أو الولايات المتحدة أو أي مكان آخر هو سيئ أيضاً».

وأكّد العبيدي أن هناك مسافة بين تعبيرَيّ «السياسة» و»التعليم»، وأضاف أن ما يربطنا بالشراكة العالمية هو التعليم فقط، وما يهمنا حالياً هو كيف يمكننا جعل الطلبة قادرين على المجيء إلى الولايات المتحدة للدراسة وإلى جامعة «بريدج ووتر» تحديداً.

وأضاف: نحن في جامعة «بريدج ووتر» بحاجة حقيقية للقيام بعمل جيد عالمياً عبر إدارة مواردنا من حيث وجود طلبة في المركز، كما أن جميع برامجنا تخضع لـ(الاعتمادية) ولـ(إعادة تقييم مستمر) شاملة كل خمس سنوات بما في ذلك برنامج «دراسة الاتصال والتواصل» الخاص به.

ولفت العبيدي إلى أن السائد في أميركا الآن هو دورات «تعددية التخصصات»، إذ يوجد العديد من الدورات التي تتناول تعددية الثقافات، وهي متطلبات إلزامية وليست اختيارية.

وحول «التفاهم والتقارب الدولي» بيّن أن هناك مواد عدة يتم تدريسها للطلبة مثل «الاتصال بين الثقافات» ومواد في الثقافات والمعتقدات الدينية. إذ توفر الجامعة تخصصات عن الشرق الأوسط تشتمل متطلبات الدراسة فيها على مواد عن التاريخ والجغرافيا وعلوم الحياة الاجتماعية في الشرق الأوسط، إضافة إلى أن الجامعة تقدّم برنامجاً للدراسات الآسيوية وأخر للدراسات الكندية والإفريقية وغيرها.

وأضاف العبيدي أنهم يعملون في جامعة «بريدج ووتر» على برنامج دراسات عالمية يقوم على تبادل مشترك للطلبة كما هي الحال في الجامعات الأردنية التي تعمل جامعة «بريدج ووتر» معها، وختم مداخلته بقوله: «نحن فخورون جداً بالعمل مع الجامعات الأردنية، لأنها جامعات تتقبل الأفكار الجديدة».

قياس التدويل

قال كلارك إنهم في ولاية «بريدج ووتر» يقومون بقياس «التدويل» بسهولة، عبر قياس عدد الطلبة الذين يسافرون إلى الخارج أو عدد الطلبة والمسؤولين الذين يتم تبادلهم، مضيفاً أنه يمكن قياس «التدويل» أيضاً بعدد المشاريع البحثية التي أُنجزت بالفعل، أو بعدد الطلبة الدوليين الموجودين، أو بعدد التطبيقات العالمية.

وحول ما إذا كانوا في جامعة «بريدج ووتر» يركّزون على «الجنس البشري»، قال كلارك إنها ليست الحالة فقط في»بريدج ووتر»، إذ إن الجامعات قد تكون معظمها قد بدأت بشراكات دولية عن طريق التعليم الجامعي، فجامعة «بريدج ووتر» من أوائل الجامعات التي أنشئت فيها مؤسسة لإعداد المعلمين من قِبَل منشئ التعليم العام «هورسمان»، مضيفاً أنهم ما زالوا يرفدون الميدان في ولاية «ماساتشوستس» بمعظم المعلمين بخاصة معلمي الرياضيات والعلوم.

وأضاف أن التعليم هو ما تركّز عليه الجامعة بشكل أساسي، فمعظم شراكاتها تركّز على التعليم كما يتم التركيز على تدريب المعلمين وإيجاد طرق للتعليم الخاص فيها.

وقال كلارك إن الناس في الولايات المتحدة ليس لديهم المعرفة الكافية بما يحصل بالعالم أو حتى في منطقتهم، فالناس غالباً لا تقرأ الصحف، وقد تكتفي بقراءة أجزاء من المقالات، أو بالمرور السريع على الأخبار، وكذلك الأمر بالنسبة إلى متابعتهم لوسائل الإعلام والإنترنت، مضيفاً: «لم يعد هناك في وقتنا الحاضر أيّ نوع من التبادل الثقافي العميق»، رادّاً ذلك إلى عدم وجود الوعي في العالم عامة.

وشدّد كلارك على دور التعليم العالي ممثَّلاً بالجامعات في أن يكون منبراً للفكر والتثقيف على مستوى المناطق والمجتمعات التي تخدم فيها هذه الجامعات وليس فقط للطلبة في داخلها، مضيفاً أن الجامعات مدعوّة إلى استخدام الشراكات الدولية في تثقيف الطلبة عبر التعليم العالمي أو «التدويل».

وأضاف قائلاً: «نحن في مراكز دراسات الشراكة العالمية في الولايات المتحدة، نرى أن الجامعات لا تستخدم قواها لتعليم وتثقيف المجتمعات التي تعمل فيها»، مؤكداً أن شراكتهم مثلاً مع المؤسسة الصحفية الأردنية «الرأي» تقوم على استضافة مراسلين وصحفيين من المؤسسة لبناء الفهم المشترك.

وقال كلارك: «إن التحدي الذي نواجهه في التعليم العالي هو: كيف نكون المفكرين لتعليم الفكر الخارجي داخل المنطقة التي نخدمها»، موضحاً أنهم يقيسون نجاحهم في «التدويل» عن طريق زيادة الوعي في المنطقة التي تخدمها الجامعة.

جيل الألفية

قال كرايزنك إنه يشعر بارتياح لشيوع فكرة «العمل التطوعي» والاهتمام بتطور المجتمع، والتركيز على ما يسمى «الخدمات التعليمية»، مضيفاً أنهم يحاولون العمل مع المجتمع لجعل الأمور أفضل.

وأضاف أنهم في الولايات المتحدة ليس لديهم حلول للمشكلات، فهم معلمون عالميون ولكن هذا لا يعني أنهم قادرون على الإجابة عن جميع الأسئلة عند التفكير بحل مشكلة معينة.

وأوضح أنه متابع لما يحدث مع الفئات الأصغر سناً الذين يشعرون بخيبة أمل من الجيل السابق، والذين يريدون طرقاً وإجراءات جديدة للإرشاد والتوعية، ويرغبون في الاستقرار في مجتمعهم، بعيداً عن الجمود والتطرف.

ورأى كرايزنك أن المسؤولية تقع على جيله في الاستماع لـ «جيل الألفية» في الولايات المتحدة الأميركية. كما رأى أن العديد من الدول في العالم بدأت تتقدم وتزدهر وتتثقف أكثر واتخذت دوراً قيادياً أكبر على مستوى العالم، فالولايات المتحدة لم تتراجع، وهناك دول تحاول التواصل مع الولايات المتحدة بشأن المشاركة الفعالة في حل مشكلات العالم، وخلق مجتمعات عادلة وأكثر تسامحاً.

منظور عالمي

قالت نائبة الرئيس لشؤون التطوير في جامعة «بريدج ووتر» د.برندا موليف، إنها تعمل للنهوض بالجامعة، وإنها وضعت القواعد داخل الحرم الجامعي وإحدى هذه القواعد: «تخطيط المعلم».

وأضافت موليف أن قياس «التدويل» يتم عن طريق قياس ما قام الطالب بإنجازه، إضافة إلى بعض الترتيبات التي تتضمن الدورات القصيرة التي يتم توفيرها.

وبيّنت أنها عملت في البداية أستاذةً (بروفيسورة) في جامعة «بريدج ووتر»، وفي تلك المرحلة كانوا يحاولون زيادة عدد الدورات التي تركز على التعليم الدولي ويستطيع الطالب المشاركة والانخراط فيها. وتمّ وضع خطة مدروسة نظراً لأن طلبة الجامعة لا يتلقون التعليم الذي يحتاجونه، مضيفة أن هذا ما كانوا يودّون القيام به للتأكد من أن الطلبة لديهم منظور عالمي بشكل أوسع، وهي طريقة يمكن من خلالها أيضاً قياس مدى فرصة التشغيل.

وأضافت موليف: لدينا طلبة يعملون مع أعضاء هيئة التدريس لتوفير الحياة الأفضل لمن يطلبها من دول العالم مثل كمبوديا، إذ نذهب لتقديم المساعدة لهذا المجتمع أو للدولة التي تطلب المساعدة، فهي طريقة أخرى لتغيير فكرة «العولمة» أو «التدويل».

وقالت إن إحدى الطرق لمواجهة «التطرف» هي جعل الطلبة يفكرون بثقافة مجتمعاتهم الخاصة والتي تشهد فروقاً عن ثقافات المجتمعات الأخرى.

وركزت موليف على أهمية دفع الطلبة ليفكروا بأنفسهم في العالم الذي يعيشون فيه، بحيث يرى الطالب أنه جزء من المجتمع، وختمت بقولها: «كمعلمين نستطيع أن نتحدث عن التطرف ونحاول معالجة مثل هذه القضايا عبر توجيه تفكير الطلبة في إظهار السلبيات والإيجابيات لأي قضية بطريقة غير مباشرة».

التعاون مع الجامعات الأميركية

قال زعبلاوي إنه يخشى كأردني من السياسات الأميركية، مضيفاً أن جميع الأردنيين بصرف النظر عن حالتهم الاجتماعية يحترمون التعليم العالي في الولايات المتحدة، وهم أيضاً يريدون الدراسة والحصول على شهادات من هناك، وفي الوقت نفسه فإن الجميع يتحدثون عن جولات جون كيري في المنطقة وهم قلقون مما قد تقود إليه.

وأشار إلى أن هناك العديد من المؤتمرات والاجتماعات التي يناقشون فيها مثل هذه القضايا، مضيفاً: «عندما يتعلق الأمر بالتعليم العالي فنحن نطبق النظام الأميركي، كما أننا متحمسون للتعاون مع الجامعات الأميركية».

وتحدث زعبلاوي عن التعليم العالي في الأردن قائلاً: إن 5% من الأردنيين يتعلمون في الجامعات حالياً، وتُعد هذه النسبة الأعلى في العالم، حتى إنها أعلى من نظيرتها في الولايات المتحدة، فلكل 200 ألف مواطن أردني جامعة، كما أن لدينا 30 ألف طالب غير أردني في الجامعات الأردنية وهم من جنسيات مختلفة. وأضاف زعبلاوي أن الكلفة الطبيعية للدراسة في الجامعة للطالب في الأردن هي 3 آلاف دولار، في حين أن معدل الكلفة في الولايات المتحدة تتراوح بين 35 و40 ألف دولار للطالب الواحد، لذا «لا يمكننا تحمل كلفة إرسال الطلبة الأردنيين إلى الولايات المتحدة، في حين أنه يمكن للولايات المتحدة أن تتحمل بسهولة كلفة إرسال طلبة أميركيين إلى الأردن».

وبيّن زعبلاوي أن التعليم العالي في الأردن تغيَّر كثيراً خلال العقدين الأخيرين، ففي الوقت الحاضر أصبح الطلبة وليس الأساتذة هم مركز عملية التعليم العالي، كما أن طرح برامج التدريس في الوقت الحاضر يركز على العائد المادي.

وأضاف أن هناك إجراءات للتأكد من أن الطلبة الذين تخرّجوا في الجامعات الحكومية أو الخاصة حققوا أهداف البرامج الذي درسوه. وتساءل زعبلاوي عما إذا كانت الدورات التي تقوم بها جامعة «بريدج ووتر» للطلبة من أجل تعزيز مفهوم «العولمة» أو «التدويل» تُعدّ متطلبات جامعية أو أنها اختيارية ويستطيع الطالب التخرج من دونها. مضيفاً أن الطالب في الجامعات الأردنية بصرف النظر عن تخصصه، يدْرس مواد إلزامية مثل اللغة الإنجليزية، مشيراً إلى أنه في ما يتعلق بالتدويل فإن الجامعات في الولايات المتحدة لا تشترط ضمن متطلبات نجاح الطالب لديها تعلّم «اللغة العربية» أو «مقدمة إلى الإسلام» مثلاً.