21/08/2014
طرحَ خبراء ومحللون اقتصاديون وأكاديميون، مجموعة من الإجراءات التي يمكن من خلال تطبيقها الرفع من مستوى البيئة
الاستثمارية، في خطوةٍ من شأن البناء عليها تطوير المنظومة الاقتصادية بعامة.
ومن هذه الإجراءات: الاهتداء بالرؤى الملكية، ووضع استراتيجية للاستثمار، وتطوير التشريعات الضريبية، وتوفير الحوافز، والعدالة في تطبيق القوانين، و»توسيع القاعدة» بدلاً من رفع الشريحة الضريبية.
وناقش المشاركون في ندوة «قراءة نقدية في التشريعات الضريبية والاستثمارية» التي نظمها مركز «الرأي» للدراسات بالتعاون مع جامعة العلوم التطبيقية في قاعة المؤتمرات بالجامعة، واقع التشريعات الضريبية والاستثمارية في الأردن، متوقفين عند نقاط القوة
والضعف، ومستعرضين الفرص والتحديات. كما قدموا رؤيتهم لمستقبل حركة الاقتصاد والاستثمارات في ضوء التشريعات الضريبية والاستثمارية القائمة، والخيارات والبدائل المقترحة لتطوير هذه التشريعات وتحسينها.
أدارها: د.خالد الشقران
حرّرها وأعدّها للنشر: عناية حجازي
آب 2014
تالياً أبرز وقائع الندوة:
العناني: وضع استراتيجية للاستثمار
قال الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الأعيان د.جواد العناني إن الأساس في خلق فرص العمل وحل مشكلة البطالة هو «وضع استراتيجية للاستثمار» كما جاء في الرسالة التي وجهها الملك عبدالله الثاني للحكومة في أواخر آذار 2014 لرسم خارطة طريق
ووضع تصور مستقبلي للاقتصاد الوطني.
وأضاف العناني أن قدرة الأردن على جذب الاستثمار «آخذة في التراجع في السنوات الأخيرة بموجب المعايير الدولية»، لافتاً إلى التشريعات التي وضعتها الحكومة ومنها: قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون ضريبة الدخل، وقانون الاستثمار،
موضحاً أن القانون الأخير لا يشمل «تشجيع الاستثمار» على أهمية هذا الجانب في القانون.
وبيّن أن هناك تفكيراً بإعادة هيكلة لبعض المؤسسات العامة والمستقلة العاملة في مجال الاستثمار، بحيث تتشكّل إدارة جديدة مسؤولة عن دمج الاستثمارات سواء كانت محلية أو عربية أو دولية.
وأوضح العناني أن قانون الاستثمار عُرض على اللجنة المالية لمجلس الأعيان بعدما انتهى النواب من مناقشته، وأن اللجنة الاقتصادية في المجلس «أضافت الكثير» للمشروع الذي تقدمت به الحكومة، بما يراعي ظروف القطاع الخاص ويحفزه على الاستثمار.
وذكر العناني المشكلات التي نجمت عن دمج عدد من المؤسسات، واصفاً إياها بأنها «مشكلات أساسية وإدارية حكومية وليست تشريعية». ومن ذلك: أن المؤسسة الناتجة عن عملية دمج «خليط» من المؤسسات، يتم إنشاؤها بناء على ما ورثته تلك المؤسسات،
وليس بناء على وضع هيكل جديد لها.
وبيّن أن تطبيق نظام الخدمة المدنية على المؤسسات الناتجة عن الدمج كان «اقتراحاً فاشلاً»، لأن هناك فروقاً في الرواتب حصلت نتيجة العملية.
وأوضح أن التركيز في تشجيع الاستثمار انصبّ فقط على عملية ترخيص المشاريع، وتطبيق فكرة «النافذة الواحدة»، مستدركاً أن «طريق الآلام» تبدأ في حقيقة الأمر بعد مرحلة الترخيص.
وتساءل العناني عن ماهية صلاحيات الهيئة الجديدة للاستثمار ومدى قدرتها على مساعدة المستثمرين والحفاظ على الولاية العامة للمؤسسات المخولة بموجب القانون بإصدار الموافقة عليها أو رفضها، موضحاً أن المستثمر يواجه صعوبة في إنجاز معاملة استثماره رادّاً
السبب إلى أن النافذة تتمتع بصلاحيات سريعة ولكن ليس لديها صلاحية اتخاذ القرار.
واقترح العناني تشكيل مجلس لإدارة هذه الهيئة، موضحاً أن هناك مفوضين للهيئة ولكن مجلس النواب كان قد رفض المفوضين، مطالباً برئيس قوي وإدارة قوية ومجلس إدارة يرأسه رئيس الحكومة.
وبشأن قانون الاستثمار، تساءل العناني عن مدى الأمان الذي يحمي المستثمر بعد «تورطه» في استثماره، موضحاً أن القانون أعطى ضمانات بالمحافظة على الحقوق المكتسبة للمستثمر بموجب القوانين السابقة. كما تساءل في ما إذا كان الإعفاء الضريبي المقدم
للمستثمرين في المحافظات حافزاً لهم لجذب استثماراتهم في معان مثلاً التي رأى أنها تمثّل «حالة خاصة».
وقال العناني إن نظام الحوافز في قانون الاستثمار لن يكون مقنعاً وجاذباً إلا إذا أضفنا عليه قوانين أخرى. داعياً إلى إعادة النظر في قانون ضريبة الدخل لتوفير الحوافز. كما دعا لتطوير قانون الشراكة لأن الحكومة ستضطر مستقبلاً لإنجاز مشاريع مع القطاع
الخاص، وذلك لكي تكون حامية للمشروع وفي الوقت نفسه تقلل من المخاطر.
وحول قانون الإفلاس انتقد العناني وجود شركات هبطت أسهمها عن الحد الأدنى وما زالت أسهمها متداولة في السوق، في حين أن من حق وزير الصناعة والتجارة في حال خسارة الشركة ثلاثة أرباع رأسمالها أن يغيّر هيئة الإدارة فيها وتعيين هيئة جديدة لإعادة
هيكلة رأس المال أو تصفية الشركة.
ورأى العناني أن إطلاق صكوك التمويل الإسلامية الذي رعاه رئيس الوزراء في أواخر تموز 2014 بتنظيم من هيئة الأوراق المالية، سيحسن البيئة الاستثمارية، لكون هذه الصكوك وسيلة فعالة في هذا المجال.
قمُّوه: تحدّي الطاقة
قال وزير الصناعة والتجارة السابق سامي قموه إن قانون الاستثمار الذي قدم لمجلس النواب لمناقشته لم يأخذ وقته الكافي، لافتاً إلى أن هناك دراسات وأفكار قدمها المجلس لتوضح للمستثمر أين يتجه.
وأكد قموه أن الاستقرار في إصدار التشريعات لفترة زمنية طويلة تقارب 10 سنوات يعطي المستثمر فرصة لرصد نجاحه في مشروعه أو فشله. لافتاً إلى أن وزارة الطاقة كانت قد أقرت في العام 2012 ببيع الطاقة المتجددة بـ12 فلساً في حين نزل سعر الشراء
إلى 10 فلسات في عامي 2013 و2014، وبين أن هذا يربك المستثمر ويجعله في حيرة من أمره لعدم وجود معطيات لفترة زمنية طويلة.
وثمن قموه تعديلات مجلس النواب على قانون الاستثمار، مبيناً أن المشكلة ليست تشريعية، وأن الموظف المبدع والمتميز سيتقاضى نصف راتبه السابق قبل الدمج، داعياً إلى وجود مرجعية لحل هذه المشكلة بدلاً من مجلس المفوضين.
وأكد قموه أن قطاعات كثيرة شاركت في التعديلات التي أضيفت للقانون، وأن النتائج ستكون واضحة وثابتة للمستثمر في المحصلة النهائية.
وتوقف قموه عند مشكلة البيروقراطية التي تواجه قانون جذب الاستثمار، وهو الموضوع الذي تحدث عنه الملك عبد الله الثاني غير مرة للتسهيل على المستثمرين وزيادة استثماراتهم القائمة.
وكشف قموه أن الشركات العشرة المتخصصة في الطاقة المتجددة من الصين والتي قام الملك بزيارتها، جاءت إلى الأردن من أجل الاستثمار، لكنها لم تجد تشجيعاً، بل أخذ ممثّلوها يتنقلون من مكتب إلى آخر، وفي النهاية لم يستثمروا عندنا.
وأكد قموه أن أكبر تحدٍّ يواجه الأردن هو توفير الطاقة، لافتاً إلى أن هناك مستثمرين من أرجاء العالم كافة يرغبون في الاستثمار بالأردن، وخلال 6-9 أشهر يمكن توليد طاقة متجددة بحدود 20-30 ميغا واط، واذا أعطيت الفرصة لهذه الشركات قد تصل إلى
50-60 ميغا واط.
وبخصوص قانون الإفلاس في الأردن، قال قموه إن هناك شركات خارجية كانت قد أفلست وتريد الخروج والتصفية، مشيراً إلى أنها تدخل في نفق طويل من المماطلات، وتنتقل من حالة الإنعاش إلى حالة الموت.
وأشار قموه إلى أهمية قانون الضريبة مستدركاً أن المستثمر لا يخشى قانون الضريبة وأن الربح هو ما يهمّه، داعياً إلى استقرار القوانين ووضوحها وعدم تغييرها من فترة إلى أخرى.
قندح: تشريعات ضريبية واستثمارية منافسة
قال مدير عام جمعية البنوك الأردنية د.عدلي قندح إننا بحاجة للحوافز بأنواعها المختلفة، لإعادة الاقتصاد إلى نشاطه ونموه.
وأضاف أن التشريعات المطروحة مثل قوانين الاستثمار والشراكة وضريبة الدخل والإفلاس، ضرورية لتوفير الحوافز وتسهيل الإجراءات في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وثمن قندح دراسات وتوصيات لجان مجلس النواب بشأن تشريعات تقترحها الحكومة، مشيراً إلى الحوارات التي تدور ما بين هذه اللجان والقطاعات المختلفة حول الآثار المترتبة على هذه التشريعات بصورتها المقدمة من قبل الحكومة.
وفي ما يتعلق بقانون ضريبة الدخل قال قندح إن القانون ما زال يناقَش في المجلس، ورأى أن توجه الدولة لرفع نسب الضريبة على القطاعات الاقتصادية -وخاصة الرابحة منها- قد يكون له تبعات معينة ومحددة، داعياً إلى التوجه للوصول إلى تشريعات ضريبية
واستثمارية لتكون منافسة مع مثيلاتها في الإقليم، ولافتاً إلى أن هناك توجهاً من الحكومة تبعاً للاتفاقيات الموقعة مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى بأن يكون لدينا تشريعات منافسة مثل دول الإقليم.
ورأى قندح أننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق ما توصل له الآخرون في التشريعات، وخاصة في النقاط المتعلقة بالنسب الضريبية والإعفاءات والتسهيلات المقدمة للقطاعات المختلفة والمستثمرين. وقال إن القطاع المصرفي وشركات الاتصالات والتعدين في الأردن،
تُفرض عليها الضرائب مع أن هذه القطاعات رابحة وتساهم في الإيرادات الضريبية والخزينة، داعياً إلى تخفيض الضريبة مما يعطي نتائج إيجابية على المستويين المتوسط والطويل.
وفي موضوع الضريبة الثابتة والتصاعدية، قال قندح إن توجه الدولة هو وضع ضريبة تصاعدية على الأفراد، داعياً إلى أن تصل نسبتها إلى 20-25% مع الأخذ في الحسبان العبء الضريبي على المواطن والشركات والقدرة على دفع الضريبة.
وأضاف: قبل أن تُفرض الضرائب على القطاعات الاقتصادية، يجب النظر إلى عدد من المؤشرات الاقتصادية العلمية المتداولة بين الأكاديميين والمؤسسات الدولية، داعياً إلى أن تكون القوانين في الأردن قادرة على منافسة مثيلاتها في الدول الأخرى مما يساعد على
جذب الاستثمار، حيث يقارن المستثمر بين الدول في النواحي التشريعية. وطالب قندح بالحد من البيروقراطية ومن الإجراءات المعقدة، لافتاً إلى أن الأردن تراجع في الفترة الأخيرة كثيراً بسبب ذلك.
وشدّد على أهمية متابعة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، موضحاً أن قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لا علاقة له بشكل مباشر بموضوع الخصخصة، داعياً إلى عدم التخوف من الخصخصة، ومشيراً إلى أن قانون الشراكة لا بد أن يكون موجوداً في
ظل وجود قانون التخاصية، وفي السياق أوضح أن قانون الشراكة في بعض الدول يكون تفصيلياً لأن له تبعات، وخاصة بعد أن تقام المشاريع وتمرّ بمرحلة المتابعة والتقييم.
وفي ما يتعلق بمشروع قانون الإفلاس، أشار قندح إلى أن إعلان الإفلاس يتم من خلال مؤسسة ضمان الودائع، وأوضح أن مشروع القانون لا يفرّق بين الدائن المرتهن والدائن غير المرتهن، وأن البنوك بوصفها الدائن الرئيسي، ترى أن منح الأولوية للشركة، ومن ثم
الخزينة، في عملية متابعة الإفلاس، سيؤدي إلى تقليل الحافز لديها لمنح التسهيلات.
عقل: النظرة المواتية للاستثمارات الأجنبية
قال رئيس الوحدة الاستثمارية السابق والخبير المالي والمصرفي مفلح عقل إن قانون التأجير التمويلي استغرق 10 سنوات لإقراره، في حين أن القانون المتعلق بالإفلاس استغرق 5 سنوات. مشيراً إلى أن صياغة قانون الاستثمار والفلسفة التي ينطلق منها القانون
والعمل على إيجاد مناطق حرة مثل المفرق وإربد والعقبة، قد أتت بالنهاية باستثمارات أقلّ من المتوقّع.
ولفت إلى أن العلاقة بيننا وبين المستثمر الأجنبي لم تُبْنَ على أسس سليمة منذ البداية، كما غابت النظرة المواتية للاستثمارات الأجنبية، مطالباً بوضع قانون يحفظ الحقوق ويُسهّل إجراءات التقاضي ويقنع المستثمر.
ودعا عقل إلى متابعة المشاريع المطروحة في الأردن، مشيراً إلى ما حدث في مشروع المدينة الإعلامية، حيث تم إنشاؤها في مدينة دبي، ومستذكراً افتتاح الملك لمنطقة المفرق الاقتصادية في عام 2006، لكنّها لم تقم لغاية الآن.
وأضاف أنه تم الاتفاق مع الحكومة لمنح أراضٍ مملوكة لوزارة الزراعة لإنشاء منطقة إربد الصناعية، لكن الحكومة تراجعت وطلبت أراضيها!
ولفت عقل إلى أن قانون الضريبة يجب أن يكون سهلاً وعادلاً، وأن تتم إدارته بسهولة دون كلفة عالية، وبذلك سيتقبله الناس ولن يتهربوا منه.
وقال عقل إن المشكلة في متابعة الأفكار وتنفيذها، لافتاً إلى أن مشكلتنا ليست اقتصادية بل هي إدارية، ودعا في هذا المضمار إلى تأهيل إداري قادر على القيام بعمله بكفاءة ومنهجية ليؤسس اقتصاداً أكفأ.
ورأى عقل أن التشريعات الضريبية لدينا هدفها الجباية وتحقيق الإيرادات لخزينة الدولة، مشدداً على التركيز على النمو الاقتصادي مما يؤدي إلى زيادة الضريبة وزيادة الإيرادات أيضاً، وعلى التفكير بوضع نظام ضريبة مختلف يسمّى «مسطح معدل الضريبة»
(Flat Tax Rate).
الجالودي: توسيع القاعدة الضريبية
قال النائب أحمد الجالودي مقرر لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، إن اللجنة قدمت مبادرة لتحسين الإدارة الضريبية وذلك بالتزامن مع مناقشة قانون ضريبة الدخل.
ووضح الجالودي أن هناك تنافسية كبيرة بين حاجة الدولة للمال وحاجتها لاستقطاب المستثمرين، متسائلاً: «هل يمكن وضع قانون عصري ودائم في ظل الأزمات المالية؟!».
ورأى الجالودي أن تخفيض النسب الضريبية يساهم في تشجيع المكلفين للالتزام بتقديم الإقرارات الضريبية والتصريح عن دخولهم الحقيقة، بينما يؤدي رفع النسب الضريبية إلى تشجيع المكلفين على التهرب الضريبي.
وشدد الجالودي على أهمية توفير تدريب مستمر للموظفين من أجل تطوير مهاراتهم، والعمل على التوسع بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والكمبيوتر، لافتاً إلى ضرورة التعاون مع الجهات المختلفة لتوفير قاعدة بيانات قوية وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن
المكلفين.
ورأى الجالودي أنه لا يمكن تقدير التهرب الضريبي وأن هناك تناقضاً في التصريحات الرسمية حول هذا الموضوع. وأضاف في هذا السياق: في العادة يكون حد الإعفاء الشخصي مساوياً لمعدل دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أو مساوياً لحد الفقر أو للحد
الأدنى للأجور بينما في مشروع القانون بلغت الإعفاءات الشخصية للمكلف الفرد 12 ألف دينار، ومثلها للعائلة، وهذا رقم مرتفع وأعلى بكثير من معدل دخل الفرد كما أنه أعلى من المعدل العالمي في هذا المجال.
ودعا الجالودي إلى إدخال نظام «الفوترة» واعتماده في إعفاءات ضريبة الدخل، وذلك بأن يقدم المكلف ضريبياً الفواتير الخاصة بإنفاقه على العلاج أو التعليم أو السكن أو ما شابه من الخدمات بهدف الحصول على الإعفاءات ضمن قانون ضريبة الدخل، موضحاً
أن هذا سيحدّ من جريمة التهرب الضريبي التي تستنزف مئات الملايين من الخزينة، وسيدفع بشريحة كبيرة من المتهربين من أصحاب الدخول المرتفعة لدفع الضرائب.
وأضاف الجالودي أن من مزايا «نظام الفوترة» المساهمة في ضبط السوق وإظهار الناتج المحلي بصورته الحقيقية ومحاربة السوق غير الرسمية وتشجيع المواطنين على طلب فاتورة من البائع أو مؤدي الخدمة في تعاملاتهم اليومية.
وشدّد الجالودي أهمية تشارُك شرائح المجتمع في عبء ضريبة الدخل، داعياً إلى إعادة النظر في توزيع الدخل وشرائحه وإعفاءاته ومعدلات الضريبة عليه.
واوضح الجالودي أن مستوى الالتزام الضريبي يتفاوت من دولة لأخرى تبعاً لعوامل كثيرة من أهمها الثقافة الضريبية السائدة، والعدالة في تطبيق القانون، والرفاه الاجتماعي، والخدمات التي يحصل عليها المكلفون، موضحاً ان حاصل جمع الثقافة الضريبية الجيد
والقانون الجيد والإدارة الضريبية الجيدة، يساوي حصيلة ضريبية جيدة.
وقال الجالودي إن المواطن في الأردن لا يؤمن بدفع الضريبة، ويعتقد أنها لا تعود عليه بالنفع، لافتاً إلى أن ذوي الدخل المحدود يدفعونها.
ودعا الجالودي إلى مشاورة القطاعات المعنية في فرض الضريبة لتساهم في عملية التطبيق والتنفيذ، مؤكداً غياب العدالة الضريبية، ومضيفاً أن الدوائر المعنية بتحصيل الإيرادات تواجه ثلاث مشكلات: عدم كفاءة الموظفين القائمين على التقدير، ووجود الشخصنة في
التعامل مع المكلف بصرف النظر عن موقعه مما يؤثر على الحصيلة الضريبية، وتقدم الدول المتقدمة علينا في هذا المشروع لأن الضريبة أصبحت شيئاً مقدساً فيها، وطالب الجالودي بتشديد العقوبات على التهرب الضريبي وتطبيق القانون بعدالة على الجميع، لافتاً إلى
أن المواطن عندما يشعر أن القانون مطبق على الجميع بعدالة فسيستجيب له، وأنه إذا شعر بأن الضريبة ستعود بالنفع عليه على شكل خدمات عامة من مستشفيات وشوارع وإنارة فسيقوم بدفعها.
وفي موضوع قانون الاستثمار، كشف الجالودي أن أصحاب مواقع رسمية صرّحوا بأن هناك مشكلة في تطبيق القانون، ومشكلة أيضاً في التعامل مع المستثمر، ورأى أن النافذة الاستثمارية فشلت، كما فشل التعامل مع المستثمرين، بسبب الشخصنة والفساد، داعياً إلى
تعديل القوانين ذات العلاقة بالاستثمار والضريبة والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإعادة الثقة للمستثمر سواء أكان محلياً أم أجنبياً.
وطالب الجالودي الجهات المعنية بإعطاء الفرصة للمواطن الأردني ذي الكفاءة العالية بدلاً من اتجاهه إلى الدول المجاورة التي تستغلّ طاقاته وإبداعاته.
ورأى الجالودي أن مشكلتنا الحقيقية تكمن في منفذي السياسة العامة في الدولة، الذين يعتقدون أنهم حريصون على الوطن وقائمون على خدمته.
ودعا الجالودي إلى توسيع القاعدة الضريبية بدلاً من رفع الشريحة الضريبية، وتشديد العقوبات على جرائم التهرب الضريبي مع مراعاة الفرق بين التهرب المقصود من دفع الضريبة والتهرب غير المقصود.
كما دعا إلى تحسين كفاءة التحصيل الضريبي، موضحاً أن لدينا 1.7 مليار دينار متأخرات ضريبية، وهناك ديوناً أُعدمت، وأن هناك مبالغة كبيرة في تقدير قيمة الضريبة أحياناً، بحيث يشعر المكلف أن المطلوب منه رقم غير حقيقي مما يجعله يفلس أو يسافر إلى الخارج.
وشدد الجالودي على أهمية تحسين أدوات التحصيل، والاستعانة بشركات تحصيل متخصصة، وتفعيل البيع بالمزاد العلني وعقوبة السجن عند الضرورة.
كما دعا إلى البحث عن مصادر دخل جديدة لتوسيع القاعدة الضريبية، مثل فرض ضريبة على تجارة الأراضي، وعلى الثروة.
وختم الجالودي بقوله إن حلّ المشكلات الاقتصادية يكون بالمزيد من الاستثمارات، وتخفيض الكلف على المستثمر، فالضمان الاجتماعي أصبح بعد التعديل الأخير أكثر كلفة عليه، بالإضافة إلى الغلاء المعيشي.
أبو خديجة: معيقات الاستثمار
قال النائب د.هيثم أبو خديجة إن مجلس النواب والجهات الاقتصادية مدعوّين إلى دراسة مواضيع القوانين التي تعرض عليهم دراسة متعمقة، وعدم التوقف عند قشورها.
ودعا أبو خديجة إلى المحافظة على الاستثمارات الحالية واستمراريتها، موضحاً أن هناك تضارباً بين توجهات الملك الذي كلّف الحكومة بوضع قانون خطة عشرية 2020 وبين متابعة مجلسي النواب والأعيان الإستمرار في مناقشة قانوني الإستثمار .
لذا طالب أبو خديجة بوقف قرار مجلسَي النواب والأعيان البحث في قانون الاستثمار وقانون ضريبة الدخل، حتى ننفذ التوجيهات.
وقال إن زيادة إيرادات ضريبة الدخل 160 مليون دينار وفقاً للقانون الجديد ستؤدي إلى خسارة الحكومة 250-350 مليون دينار إيرادات، داعياً إلى مراعاة ظروف المواطن الأردني.
وأوضح أن رفع ضريبة الدخل على أي استثمار سواء كان مستشفى أو مدرسة أو مصنع، سيدفع إدارته المالية إلى رفع الفاتورة من 7 إلى 15% لتغطية النقص الناتج عن زيادة المصاريف، وهذا سينعكس سلباً على المواطن الفقير ومتوسطي الدخل.
ودعا أبو خديجة إلى تبني قاعدة توسيع الضريبة، موضحاً أن 90% من المواطنين لن يدفعوا الضريبة، لأن الإعفاء الضريبي يصل إلى 24 ألف دينار، و80% من الشعب الأردني يقل متوسط دخلهم عن 2000 دينار سنوياً. ورأى أن القضية أصبحت جباية دون
الأخذ في الحسبان العائد على السهم أو الاستثمار عند فرض الضريبة على أصول رأس المال.
وتساءل أبو خديجة: ما الهدف من قانون الاستثمار؟! هل هو استقطاب الاستثمار وحل مشكلة البطالة؟ موضحاً أن هناك تضارباً بين قانوني الاستثمار وضريبة الدخل.
وقال أبو خديجة إن رفع الضريبة على البنوك سيترتب عليه رفع الطوابع والمعاملات وفتح الحساب بقيمة 5% على المواطن. وفي ذلك «قتل» للعملية الاقتصادية وتراجع القروض البنكية بسبب زيادة الكلف على المواطن.
ودعا أبو خديجة إلى إعادة الهيكلة لحل هذه المشكلات، وقال إن جامعة العلوم التطبيقية لجأت إلى حل مشكلة الطاقة منذ ثلاث سنوات، موضحاً أن 25% من طاقة الجامعة تولَّد من قبل شركة ألمانية، وأنهم أحالوا العطاء للجامعة بما يعادل 2.5 مليون دينار مبيناً أن
عائد الاستثمار لخمس سنوات يعود من خلال استخدام الطاقة الشمسية.
ورأى أبو خديجة أن من يشرع القوانين الاقتصادية ويضعها، مسؤول يعيق الاستثمار في الأردن، في ظل عدم وجود خطة خمسية أو مقترحات لتقليل التكلفة.
وأكد أن الأردن يستطيع توفير 4 مليارات دينار من خلال استثمار قدراتنا ومقوماتنا في قطاعات السياحة والسياحة العلاجية والسياحة التعليمية والزراعة في المفرق، مستدركاً أن الاستثمار في السياحة العلاجية في الأردن تعوقه الإجراءات الحكومية.
العناني: مجتمع ريعي
قال العناني إن المشكلة البنيوية للاقتصاد الأردني أننا مجتمع ريعي، وأن 45% من القوى العاملة تعمل في القطاع العام.
وأوضح أن علينا النظر إلى السلوك العام قبل الحديث عن القوانين والأنظمة، وبغير ذلك سيحدث تناقض بين المصلحتين الفردية والعامة، واستشهد بنفي «جان ناش» لمقولة «آدم سميث»: «إن الفرد إذا تبع مصالحه الفردية سوف يحقق المصلحة العامة
وسيصل المجتمع إلى حالة الرفاه»، موضحاً أن الفرد حتى يحقق مصلحته الفردية عليه أن ينظر إلى المصلحة العامة أولاً، وغير ذلك سيكون هناك تناقض وبعثرة. وبين العناني أن ما يحدث من تعدّيات فردية على المياه أو الكهرباء دليل على تغليب المصلحة الفردية على المصلحة العامة.
وتابع العناني: لضمان تحقيق المصلحة العامة علينا التركيز على التطبيق العادل للقوانين على الجميع وبفاعلية.
وتساءل: إلى متى ستبقى هذه الريعية؟! موضحاً أن مصاريف الحكومة كبيرة، وأن نسبة الإنفاق الحكومي للناتج المحلي الإجمالي مع إضافة المؤسسات المستقلة تشكل حوالي نصف الميزانية.
وأكد العناني أن نظام الضرائب والتسعير في الأردن يقتل حوافز الإنتاج، حتى إن الضرائب التي يدفعها المواطن لا يعرف أنها ضرائب، كما أن الكهرباء تعطى في ألمانيا مثلاً للصناعات وغالبية المستهلكين بسعر رخيص لأجل التوفير، بينما نعمل في الأردن عكس
ذلك.
وفي موضوع البطالة تساءل العناني: هل الحكومة قادرة على توفير وظائف لـ25-30% من الشباب، وإلى متى تستطيع الحكومة أن تحصل على ضرائب دون الوصول إلى «منحنى ابن خلدون وتوفلر»، لافتاً إلى أن حصيلة الضرائب ستتراجع إذا زدنا نسبة
الضريبة.
ودعا العناني إلى وضع خطة استراتيجية واضحة، واستيعاب أهدافها والتحول في النظر من الوظيفة إلى الإنتاج، مما سيعزز قيم الإنتاجية للعمل في الأردن.
واختتم العناني حديثه بالإشارة إلى ضرورة الاهتمام بالمحافظات، وخاصة محافظة معان كون أهلها جديرين بوجود مصانع عندهم. موضحاً أن الخريطة السكانية للأردن مفزعة جداً فـ87% من الأرض فارغة، واصفاً ذلك «غير معقول» استراتيجياً، ولافتاً إلى أن
كلفة نقل الموارد عالية جداً، رابطاً بين ذلك وبين التقصير في تطبيق القوانين.
قمّوه: الضريبة الأصغر تجمع إيراداً أكبر
رأى قموه أن الضريبة الأصغر تجمع إيراداً أكبر، موضحاً أن هناك «وافدين على عالم الضريبة» يعتقدون أن القوة في جلب الضريبة هي الطريقة الأمثل. فعندما يكون دخل المواطن 2000 دينار ويُطلب منه ضريبة 5% لن يتردّد في دفع هذا المبلغ البسيط.
وأكد على أهمية أن يصدر قانون الاستثمار بروح جديدة وأن تكون الإجراءات التنفيذية سهلة حتى لا يدخل المستثمر في أيّ دوامة، وأن يبحث الموظف المسؤول عن الحلول بدلاً من تعقيد المشاكل، لأن المستثمر يبحث عن المناطق الآمنة استثمارياً، لافتاً إلى أن لدينا
في الأردن مجالاً للتوسع وأيدٍ مدربة للعمل.
حاتوحابوغ: تسهيل الإجراءات أمام الاستثمار
قال مدير مديرية الجمارك في هيئة الاستثمار بالمناطق التنموية، عبدالله عزالدين حاتوحابوغ، إن هناك عدداً من المعوقات والمشكلات التي يواجهها المستثمرون في المناطق التنموية والحرة، منها عدم توفر عمالة أردنية مدربة، وفي المقابل عدم منح تصاريح للعمالة
غير الأردنية المدربة واللازمة لتشغيل مصانع المستثمرين بشكل عام، والسوريين على وجه الخصوص. واستثنى حاتوجابوغ من ذلك قطاع صناعة الألبسة كونه مفتوحاً وليس هناك قيود على العمالة الأجنبية فيه.
ومن المشكلات التي أوردها حاتوحابوغ أيضاً، صعوبة تنقل وسفر المستثمرين السوريين وعائلاتهم، علماً أنهم حاصلون على موافقات أمنية عند تسجيلهم كمستثمرين في المملكة، ما يتطلب وضع آلية مناسبة لتسهيل عملية خروج هؤلاء المستثمرين وعودتهم وبالتنسيق
مع الهيئة.
وتواجه المستثمرين بحسب حاتوحابوغ، مشكلةُ تمديد إقامة سياراتهم الأجنبية في المملكة بسبب الإجراءات الأمنية، علما أنهم ممسوحون أمنياً كمستثمرين ولم تغادر سياراتهم أراضي المملكة منذ دخولها أول مرة، لافتاً إلى أنه يمكن إجراء الفحص الفني عند تجديد
الإقامة للتأكد من سلامة سياراتهم فنياً للسير على طرق المملكة.
وتوقف حاتوحابوغ عند عمل اللجان الميدانية اللازمة لترخيص مواقع المنشآت في المناطق التنموية، مقترحاً تولي المطورين الرئيسيين للمناطق التنموية دعوة هذه اللجان وعقد الاجتماعات لديهم للتسهيل على المستثمرين وعدم مراجعتهم لمندوبي هذه اللجان، وخاصة
في حالة كون المستثمر غير أردني.
وقال حاتوحابوغ إن موظفي دائرة الجمارك لا يلتزمون في بعض الأحيان بنصوص قانون المناطق التنموية والمناطق الحرة في تطبيق الإعفاءات الممنوحة بموجب القانون للمستثمرين، فيقع المستثمر هنا في سجال بين الهيئة ودائرة الجمارك، وقد تطول هذه العملية
وتأخذ شهوراً عدة دون الوصول إلى قناعة بالإعفاء، مما يكبّد المستثمر أعباء مالية إضافية بغير وجه حق.
وختم حاتوحابوغ بقوله إن هناك تراجعاً في بعض أحكام مواد مشروع قانون الاستثمار في مجال الامتيازات الموجودة حالياً في نصوص قانون المناطق التنموية والمناطق الحرة النافذ.
الخميس 2014-08-21