ندوة " التعديلات الدستورية والحكومات البرلمانية"

09/09/2014

لتفسير الدستور الذي أقرّ بعدم دستورية القوائم الحزبية في انتخابات البرلمان، ما دفع إلى اعتماد القوائم الوطنية في الانتخابات الأخيرة.

أدارها: هادي الشوبكي

حرّرها وأعدّها للنشر: جعفر العقيلي وبثينة جدعون

10 ايلول 2014

قدمت الندوة التي نظمها مركز «الرأي» للدراسات عن «التعديلات الدستورية والحكومات النيابية» مقترَحات إجرائيّة للوصول إلى حكومات نيابية في ضوء التعديل الدستوري الأخير على المادتين 67 و127، ومن ذلك إجراء تعديلات على قوانين القوات المسلحة والمخابرات العامة بما يستجيب للتعديل الدستوري، وإعادة النظر في قرار المجلس العالي

 

تالياً أبرز وقائع الندوة:

 

تعديل المادة 67

 

رغم أن نقيب المحامين السابق صالح العرموطي أبدى تحفّظه على التعديل الدستوري، إلاّ أنه لفت في الوقت نفسه إلى أن التعديل يستدعي تعديلات على القوانين والتشريعات المعمول بها، مثل قانون القوات المسلحة والمخابرات وأنظمتها التي تنسجم مع أحكام الدستور.

 

وقال العرموطي: رغم تحفظي على إيجاد حكومات نيابية تتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات، إلا أن الوصول إلى حكومة نيابية على أسس حزبية يتطلب تعديل البند الأول من المادة 67 من الدستور الذي لا يتيح الفرصة لإنشاء قائمة حزبية أو قائمة وطنية. وأوضح أن المجلس العالي لتفسير الدستور سبق أن بيّن أن القانون الأردني لا يجيز إيجاد قائمة حزبية

في قانون الانتخاب، وبالتالي لم توضع قائمة للأحزاب واستُبدلت بها قائمة وطنية، على الرغم من أن القائمة الوطنية غير دستورية، فالنص الدستوري يقول: «يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين انتخاباً عاماً وسرياً ومباشراً»، وهذا غير متوفر في القائمة الوطنية.

 

وأكد أن التعديلات الدستورية تختلف اختلافاً كلياً عن تعديلات القانون، إذ تحتاج التعديلات الدستورية إلى دراسة داخلية وإجماع ثلثي مجلس النواب إضافة إلى المناداة بالاسم ثم تصديق الملك عليها، في حين أن القانون بحاجة إلى موافقة مجلسي النواب والأعيان ثم مصادقة الملك، مضيفاً أنه في حال عدم مصادقة الملك يصبح القانون نافذاً خلال ستة شهور.

 

وبيّن أنه عندما أُقِرّ سابقاً تعديل 42 مادة بناءً على رسالةٍ ملكية، تم تشكيل لجنة وطنية لدراستها ورؤية أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتأثيرها في القوانين والتشريعات، إلا أن التعديلات الأخيرة أخذت صفة الاستعجال، فلم يتم التعرف على أبعاد التعديلات ومدى اتفاقها أو تناقضها مع مواد الدستور.

 

وقال العرموطي: من المفارقات أن ينظر مجلس النواب في التعديلات الأخيرة بشكل سريع وفي دورة استثنائية، رغم وجود ما لا يقل عن 70 قانوناً يتعارض وجودها مع قوانين مؤقتة يجب النظر فيها.

 

وأضاف أن هناك «زخماً» بالتعديلات الدستورية التي نص القانون على بقائها سارية مدة 3 سنوات، لافتاً إلى أن الأولوية بالتعديل بجب أن تكون للقوانين المؤجلة التي ستصبح باطلة في حال إذا انتهت مدة سريانها، بدلاً من «إشغال المجلس والمجتمع بأمر لا يخصه،»، مضيفاً أن الملك بموجب المادتين 40 و45 يمارس على أرض الواقع كل الصلاحيات مثل

إعلان الحرب، وهو مصون من أي تبعية أو مسؤولية.

 

ورأى العرموطي أن تعديل المادة الخاصة بتعيين قائد الجيش يحرم المواطن من الطعن بقرار الحكومة، وبالتالي يصبح الطعن بقرار الملك، ويصبح الملك هو الخصم في هذه المسألة، وهذا يعدُّ طعناً بصلاحيات الملك، بمعنى أن المادتين (40 و45) تتعارضان معه.

 

وطالب العرموطي بإلغاء مادة إطالة اللسان، ما دام الملك سيعيّن مدير المخابرات ورئيس هيئة الأركان، كما أنه سبق أن عيّن رئيس المجلس القضائي بحيث نُزعت الصلاحيات من المجلس القضائي وتم إعطاؤها لرئيس المجلس.

 

وقال إن المادة 127 أصبحت تنص على: «تنحصر مهمة الجيش في الدفاع عن الوطن وسلامته»، مبيناً في سياق متصل أن نقل الاستثمار من الجيش وتحويله إلى وزارة الدفاع يعدُّ أمراً مرفوضاً، فلا يمكن بحسبه أن تُعطى مهمة الاستثمار لـ»وزارة دفاع عسكرية»، لأنه ليس له علاقة بهذا الجانب.

 

ورفض العرموطي تدخُّل الهيئة بانتخابات النقابات والجمعيات واتحادات الطلبة، أو زجّها في انتخابات تتعارض مع قوانين الجهات التي تجري هذه الانتخابات داخلها، فقانون نقابة المحامين مثلاً ينص على أن وزير العدل هو من يراقب انتخابات النقابة، وبالتالي هذا «سيُدخلنا في دوامة تعديل مئات القوانين في الدولة».كما أن الدستور ينص على أن: «المجالس

البلدية تديرها مجالس بلدية محلية وفقاً لقوانين خاصة»، ما يعني أن إدارتها وإدارة شؤونها مناطة بوزارة البلديات.

 

ولفت في ختام مداخلته إلى أن إجراء أي تعديل دستوري يتطلب قراءة جميع النصوص الدستورية حتى تنسجم مع بعضها بعضاً.

 

تطوير العملية الانتخابية

 

قال عضو مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخابات د.محمد المصالحة، إن التعديلات الدستورية الأخيرة أناطت مهمات جديدة بالهيئة بشأن إدارة الانتخابات النيابية والبلدية والإشراف عليها، إلى جانب أيّ انتخابات عامة.

 

وأضاف أن التعديلات أجازت للهيئة بناءً على طلب أي جهة، وبتكليف من مجلس الوزراء، أن تدير أو تشرف على انتخابات هذه الجهة إذا كان قانونها يسمح بذلك.

 

ورأى أن التعديلات التي أقرتها المؤسسات الدستورية سوف تعمل على تطوير العملية الانتخابية للمجالس المنتخَبة وفقاً للمعايير الدولية التي تحكم الانتخابات، كالنزاهة والعدالة والشفافية.

 

وأوضح أن هذه التعديلات التي أصبحت نافذة، سوف تسهم على المدى البعيد في تعزيز الثقة لدى الناخب وزيادة مشاركته في العملية الانتخابية، وبالتالي ستهيئ الطريق إلى برلمانات أكثر تمثيلية للقوى السياسية والمجتمعية المشاركة.

 

وختم مصالحة بقوله إن تشكيل الحكومات البرلمانية وقيامها بحاجة إلى توفر شروط موضوعية أخرى إلى جانب متطلّب إدارة الانتخابات بنزاهة وشفافية.

 

خطوة إصلاحية كبرى

 

قال أمين عام الحزب الوطني الدستوري د.أحمد الشناق إنّه كأن يأمل أن يضاف التعديل «يعيّن الملكُ قائدَ الجيش ومدير المخابرات» إلى المادة 32 في الدستور التي تنص على أنّ الملك هو القائد الأعلى للقوات البحرية والبرية والجوية، انطلاقاً من أن الرتبة الأعلى تعيّن الرتبة الأدنى.

 

ولفت إلى المادة 33 من الدستور التي تنص على أن الملك يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والاتفاقات دون أن يعود في ذلك إلى البرلمان أو الحكومة، بمعنى أنه يمارس السيادة الوطنية، ويمارس سلطته بإرادة آمرة وليس بقرار إداري ولا يحاسَب على ذلك.

 

واستشهد الشناق بالمادة 45 من الدستور: «أن يتولى مجلس الوزراء إدارة جميع الشؤون الداخلية والخارجية للدولة»، مضيفا أنّها مفصل الجدل الفقهي في البلاد، وهذه الجدلية تعطي حيوية للدولة والتشريعات، ولكن في هذه المادة استثناء ما قد يُعْهَد به من تلك الشؤون إلى أيّ شخص أو هيئة أخرى. مؤكداً أنّ حق التعيين لا يلغي المحاسبة والرقابة، لأن الرقابة

والمحاسبة تتحدد بمن سوف يرتبط بقائد الجيش.

 

وبيّن الشناق أنّ الظروف التي نعيشها في المنطقة، وانهيار الدول ونهاية الجيوش للدول وتحديداً في دول المشرق العربي أمر يستدعي الإصلاح، إضافة إلى عدم معرفة أحد بالتطورات التي قد تحصل في العراق أو سوريا وتبعاتها علينا. وأوضح أن مكتب قائد الجيش منشغل بالزوار وطلباتهم وبمسؤوليته عن شؤون غير عسكرية، متسائلاً: هل الجيش مهمته البحث

عن حلول لمشكلات الناس والشؤون غير العسكرية بالمعنى الاحترافي أم حماية الحدود وحفظ الوطن وسلامته؟ وإلى متى ستبقى الخدمات الطبية بقرار عسكري؟! فقد يكون فيها أخطاء طبية أو أخطاء في التعيينات أو عدم كفاءة.

 

وأضاف: لا بد لوزارة الدفاع أن تكون هي المسؤولة عن ذلك وعن شؤون المتقاعدين العسكريين والمركز الجغرافي والمؤسسة الاستهلاكية العسكرية، ومؤسسة «موارد»، وموازنة التسليح والتعليم.. كل ذلك سيكون شأن وزير الدفاع المسؤول سياسياً أمام البرلمان.

 

ورأى الشناق في التعديلات الدستورية الأخيرة «خطوة نحو إعادة الهيكلة، وخطوة إصلاحية كبرى نحو مفهوم الحكومة البرلمانية». لافتاً إلى أننا غير جاهزين للتداول السلمي للسلطة، لغياب التوازن السياسي والحزبي، وأن الحزبية الأردنية غير مهيأة لإدارة شؤون الدولة بمنهج هذه الدولة وبما يحفظ مصالحها.

 

وقال الشناق إن الحكومة البرلمانية الحزبية تحتاج إلى بنية تحتية، وفي حال جيءَ بحكومة برلمانية وعُين وزير دفاع مدني سياسي وليس عسكرياً كما هو معمول به حالياً، كيف سيعين قادة من بين العسكريين دون معرفة كافية بهم؟ وأضاف: إذا كان هذا الوزير مدنياً حزبياً هل سيبحث عن ضباط داخل الجيش مثلاً منحازين لحزبه؟ لافتاً إلى أننا نريد جيشاً وفق

الدستور يقاتل دون حدود الوطن ويحافظ على سلامة الوطن.

 

وأضاف أننالم نرَ تاريخياً قائد جيش أو مدير مخابرات تمت محاسبته أمام مجلس النواب، بل تمت محاسبة هذا الموقع وفق القانون العسكري، ولا ارتباط بين حق التعيين وبين المساءلة، ورأى أن الفكر الإصلاحي لجلالة الملك لا يؤمن بالشكليات، وأنّ الأوان آنَ لترسيخ المفاهيم الدستورية، متسائلاً: متى نرى كأردنيين وزيرَ دفاع ولجنةً للأمن والدفاع تشكَّل في

مجلس النواب صاحب الرقابة والتشريع، وتناقش السياسات الدفاعية في الأردن، وتناقش مواضيع المركز الجغرافي والخدمات الطبية ودورها، و»موارد» ومشاريع اقتصادية تتبع للقوات المسلحة، والتعليم العسكري بموارده، وجميع الأمور غير الاحترافية العسكرية التي ستناط بوزير الدفاع؟

 

وتابع الشناق بقوله: أليس هذا إصلاحاً حقيقياً وبنية تحتية تشريعية لحكومات برلمانية قادمة، بأن يكون وزير الدفاع مسؤولاً سياسياً في مجلس الوزراء أمام البرلمان؟

 

ورأى أن عدد المتقاعدين العسكريين أصبح بعشرات الألوف، وهؤلاء لديهم مطالب في البلد، مضيفاً أن القيادة العامة للقوات المسلحة يجب ألا تظلّ منشغلة بالنظر بهذه المطالب، وأنه آن الأوان ليكون هناك وزير للدفاع ينظر بهذه القضايا وبجميع شؤون مؤسسة المتقاعدين العسكريين.

 

وشدد الشناق على أهمية أن يتفرغ قائد الجيش للاحترافية العسكرية للدفاع عن الوطن وسلامته.

 

ورأى أن المهم في موضوع التعديلات بناء على الفقه الدستوري، ألاّ تكون هناك مخالفة دستورية في نَصّ ما طُلِبَ من تعديل. مبيناً أن التعديل تمّ وفق الآلية الدستورية التي نصّ عليها الدستور وتمّت وفق المؤسسات الدستورية التي نصّ عليها الدستور، وهذا أهم من الجدل السياسي.

 

وبشأن الأبعاد السياسية للتعديلات الدستورية الأخيرة، قال الشناق إن الملك هو رأس الدولة، مما يعني أنه يمثّل القوة الآمرة الناهية في الدولة، ومن أجل ذلك يعلن الحرب ويعقد الصلح، أي أنه يمثّل الأمة بمفهوم السيادة.

 

ودعا إلى إعادة هيكلة تنظيمية للقوات المسلحة والأجهزة الامنية بناء على التطورات، فلا بد من إدماج مفهوم المعلومة الأمنية العسكرية بمفهوم الأمنية المخابراتية المدنية، وبالتالي لا بد من وضع قانون جديد للقوات المسلحة. وشدد على أن إعادة هيكلة جهاز المخابرات والقوات المسلحة ستجعلها أكثر تخصصية واحترافية في مواجهة التداعيات الخطيرة المحتملة،

داعياً إلى ضرورة قراءة صلاحيات وزير الدفاع بموجب أحكام القانون كوننا دولة تحترم القانون وتنفذ أحكامه.

 

ولفت الشناق إلى أهمية أن يكون المبرر الموجب للتعديل الأخير هو الإصلاح أو الضرورات التي تقتضيها المادة الهيكلة التنظيمية للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وأضاف أن حماية الأمن الوطني لم تعد تنحصر في جغرافية الأردن الوطنية، مؤكداً أن هناك أسراراًَ عسكرية ومصالح عليا للوطن ومكافحة عالمية للإرهاب والتطرف في المنطقة، وكلها في خدمة

أمن واستقرار الشعب وحماية الوطن وسلامته.

 

ودعا الشناق إلى إعادة النظر بقانون القوات المسلحة بما يفعّل التعديل الدستوري، مبيناً أن الجيش واجبه الدفاع عن الوطن وسلامته، وأن حماية المحتوى الدستوري للوطن يدخل في صلب مفهوم سلامة الوطن. فالجيوش المحترفة وطنياً في الدول القوية ديمقراطياً هي الحامية للمحتوى الدستوري لهذه الدول، ولا يتحقق ذلك إلا بإبعاد الجيش عن التجاذب السياسي

والحزبي وتداول السلطة ومفهوم الحكومات البرلمانية، وهذا لا يتنافى مع وزارة الدفاع ومسؤوليتها السياسية أمام البرلمان.

 

كما دعا إلى إجراء تعديل على قانون وزارة الأوقاف لتبقى الدولة مرجعية للخطاب الخاص بالدين الحنيف كما جاء في نص المادة الثانية من الدستور، وذلك حتى لا تكون رسالة الإسلام في اطار التجاذبات السياسية والحزبية.

 

وأوصى الشناق بتعزيز استقلال القضاء بمرجعيته، ليبقى مستقلاً عن التجاذبات السياسية والحزبية والتداول للسلطة، مؤكداً أن هذه هي الأرضية الحقيقية للانطلاق نحو الإصلاح المنشود والحكومات البرلمانية التي عمادها التعددية السياسية.

 

المشروعية الدستورية والسياسية

 

شدد المحامي والكاتب السياسي محمد الصبيحي على أهمية أن تكون التعديلات الدستورية جزءاً من استكمال برنامج الإصلاح، بحيث يكون الإشراف على القوات المسلحة والمخابرات العامة بيد جلالة الملك بصفتها حامية للدستور والديمقراطية، كمقدمة لانتخابات نيابية على قاعدة حزبية كما هي حال المغرب الشقيق، وليس على قاعدة انتخاب فردية وعشائرية.

 

وأكد الصبيحي أنه غير صحيح قانونياً أن الرتبة الأعلى تعين الرتبة الأدنى، لافتاً إلى أن الرتبة الأعلى تتولى القيادة وفي كثير من الحالات لا تعيّن سواءً مدنياً أو عسكرياً، بل هناك ترفيعات بإرادة ملكية في القوات المسلحة، كما أنه لا توجد هناك جهة تنسّب بتعيين رئيس وزراء، بل هي نقطة البدء وعليها أن تبدأ من شخص واحد.

 

وأوضح أن مدير المخابرات ورئيس الأركان موظفان عامان بكل المعايير القانونية، وأن محكمة العدل العليا مختصة بالطعن في تعيين الموظفين العامين، وتستطيع أن تبطل القرار، مضيفاً أنه حتى يصبح التعديل الدستوري مكتملاً كان ينبغي أن يضاف إلى النص عبارة «قراراً سيادياً»، ليصبح: «يعيّن الملك قائد الجيش ومدير المخابرات... ويعدُّ ذلك قراراً

سيادياً»، فبذلك يتم تحصين القرار، وبغير ذلك يصبح الملك خصماً في الدعوى. ورأى الصبيحي أن بقاء تعيين رئيس الأركان ومدير المخابرات بيد الملك أفضل من أن يبقى بيد الحكومة شرط أن يكون التعديل «صحيحاً».

 

كما أكد على وجوب أن يتمتع التعديل بالمشروعية دستورياً وسياسياً، فالمشروعية الدستورية تتم بتصويت مجلس الأمة ما يجيز التعديل، أما المشروعية السياسية فيجب أن تأتي من مجلس الأمة ممثلةً بالقوى السياسية، لا أن يُستغل ضعف مجلس النواب بحيث توضع أمامه التعديلات الدستورية الرئيسة وركائز الدولة كي يجيزها، لذلك رأى الصبيحي أنه كان من

الأفضل تأجيل التعديلات إلى حين انتخاب مجلس نواب يضمّ في تركيبته الحركة الإسلامية واليسار وحزب البعث وغيرهم.

 

تحدّيات أمام الهيئة المستقلة

 

قالت عضوة الهيئة المستقلة للانتخابات المحامية أسمى خضر إن تعديلات 2011 رغم أنها غير مكتملة، إلا أنها كانت ضرورية ومهمة في مسيرة الإصلاح، مشيرة إلى ما صرّح به الملك بأنه يريد دستوراً يتم فيه استكمال ما لم يتم تعديله، مما يتوجب تعديله في الدستور، وما يدل على أن الدستور الأردني يعدّ من الدساتير المرنة.

 

وقالت خضر إنه يجوز تعديل الدستور أكثر من مرة ولكن ليس على فترات متقاربة، إذ يجب أن يكون التعديل عند المفاصل الأساسية التي تمر بها الدولة، وبما يقتضي فعلاً إضافة أو تعديل مبادئ معينة وفق صياغة دستورية مُحكمة لها دلالة واحدة وغير قابلة لتفسيرين.

 

ورأت خضر أن التعديل الخاص بالهيئة المستقلة للانتخاب كان جيداً من حيث المبدأ، إذ يُتوقع أن تكون الهيئة مستقلة بيت خبرة في مجال إدارة الانتخابات على أساس الحياد والنزاهة، مؤكدة أن الهيئة واحدة من العناصر الرئيسة لإيجاد بيئة سياسية تتعلق باستعادة ثقة المواطن بالانتخاب، وهي مستعدة لحمل هذه المسؤولية بكل نزاهة وحياد، مضيفة أن الهيئة تتطلع

في الوقت نفسه إلى قانون انتخاب متوافَق عليه ويرضى به المجتمع، إضافة إلى الجوانب الأخرى التي تعزز الثقة بالعملية الانتخابية.

 

وأوضحت أن رئيس الوزراء يطلب من الهيئة إدارة أي انتخابات أخرى ولا يكلّفها، فالتكليف يناقض فكرة الاستقلالية، إضافة إلى أن رئيس الوزراء لا يطلب من تلقاء نفسه، إنما إذا طلبت الجهة المعنية ذلك، مضيفة أنها تخشى أن يُطلب من الهيئة الإشرافُ على الانتخابات في وزارة الصناعة والنقابات والجمعيات، عادّةً ذلك بالعبء الكبير على الهيئة.

 

وأكدت أن الإصلاح المتمثل بتوسعة إطار اختصاص الهيئة جاء استجابة للجنة الحوار الوطني وتوصياتها التي كانت تطالب بهذا المستوى من الإشراف على الانتخابات العامة.

 

وقالت إن الهيئة تتطلع جدّياً إلى نوع من التدرّج في تحمُّل المسؤولية، فالتدرّج سيساعدها على السير فوق أرضية صلبة فنياً على الأقل، لأن إدارة انتخابات ناجحة يعد سجلاً انتخابياً بحد ذاته.

 

وأضافت خضر أن الهيئة تسعى لوجود سجل انتخابي، وهذا بحاجة إلى عمل فني وتقني وتشريعي، مضيفة أن الانتخابات عملياً تتشابه في ما تتطلبه المعايير الدستورية والدولية من قواعد لتكون انتخابات نزيهة وحرة ومعبّرة عن إرادة الناخبين.

 

وأوضحت أن هنالك تحدياً كبيراً أمام الهيئة يتعلق باستكمال الإطار القانوني اللازم لمعالجة بعض مواطن الخلل، من ضمنها السجل الانتخابي من حيث استكماله وتنقيته من أي خطأ وتكرار، وضبط المال السياسي بقانون وبما يسمح بالحد منه، إضافة إلى قضايا الدعاية الانتخابية والصمت الانتخابي وكفاءة المشرفين على إدارة الانتخابات.

 

وطالبت خضر بتزويد الهيئة بمتطلباتها من كفاءات ورصد الأموال اللازمة لها، إلى جانب توافر الإرادة السياسية للتعاون معها لضمان متطلبات التعديل الدستوري.

 

الحكومات النيابية

 

أكد النائب السابق د.ممدوح العبادي أن التعديلات الدستورية كان لا بد أن تخضع لحالة من النقاش العام السياسي والقانوني حتى إنضاجها.

 

وأضاف أن الوصول إلى الحكومات النيابية وتشكيل الحكومات من قبل الأغلبية في مجلس النواب، يحتاج إلى تحضيرات وتشريعات دستورية أهمها أن يكون هناك نص دستوري يبين أن الأغلبية البرلمانية هي التي تسمي رئيس الوزراء والوزراء، وأن يكون هناك تعديلات جذرية في قانون الانتخاب ليتواءم مع فكرة الحكومات النيابية، وأن تكون هناك نصوص

واضحة على خضوع قائد الجيش ومدير المخابرات للمساءلة البرلمانية رغم أن التعديلات الأخيرة لا تُخرجهما من باب المسؤولية الرقابية البرلمانية.

 

تنوير الرأي العام

 

قال الكاتب السياسي خالد الخريشة إن التعديلات الدستورية يجب أن تكون لضرورة مُلحّة، تواجه المجتمع والدولة وصناع القرار، ويجب أن تكون مصحوبة بالمحاذير، وأن يسبقها تنوير للرأي العام بالضرورة والمسببات والدواعي.

 

التعديلات الدستورية 2014

 

صدرت الإرادة الملكية السامية بالموافقة على تعديلات الدستور الأردني لسنة 2014.

 

تالياً التعديلات الدستورية كما نُشرت في الجريدة الرسمية:

 

المادة 1:

 

يُلغى نص الفقرة (2) من المادة (67) من الدستور ويستعاض عنه بالنص التالي:

 

2. تنشأ بقانونٍ هيئةٌ مستقلة تدير الانتخابات النيابية والبلدية وأي انتخابات عامة وفقاً لأحكام القانون. ولمجلس الوزراء تكليف الهيئة المستقلة بإدارة أي انتخابات أخرى أو الإشراف عليها بناء على طلب الجهة المخولة قانوناً بإجراء تلك الانتخابات.

 

المادة 2:

 

يُلغى نص المادة (127) من الدستور ويستعاض عنه بالنص التالي:

 

1. تنحصر مهمة الجيش في الدفاع عن الوطن وسلامته.

 

2. يبيَّن بقانون نظامُ الجيش والمخابرات والشرطة والدرك وما لمنتسبيها من الحقوق والواجبات.

 

3. على الرغم مما ورد في المادة (40) من الدستور، يعيّن الملكُ قائدَ الجيش ومدير المخابرات ويقيلهما ويقبل استقالتيهما