ندوة "مشروع قانون الأحزاب ومستقبل الحياة السياسية"

23/09/2014

أصّلت الجلسة التي نظمها مركز «الرأي» للدراسات بعنوان «مشروع قانون الأحزاب ومستقبل الحياة السياسية»، إلى المفهوم المتطور والمنشود للعملية الحزبية وصولاً إلى أحزاب قادرة على ممارسة دورها في الحياة السياسية الأردنية.


ودعا وزير الشؤون السياسية والببرلمانية د.خالد الكلالدة مجلس الأمة إلى إقرار مشروع القانون الذي تضمّن تعديلات إيجابية أُخذ الكثير منها مما توافقت عليه الأحزاب.

وجاءت الجلسة في توقيتها بما يخدم ما تضمنته الورقة النقاشية الملكية الخامسة، ورؤية الملك إلى الحزبية بوصفها معادلة سياسية أصيلة في الملكية الهاشمية الدستورية.

أدارها: هادي الشوبكي

حرّرها وأعدّها للنشر: جعفر العقيلي وبثينة جدعون

أيلول 2014

تالياً أبرز وقائع الجلسة:

الإباحة في العمل والتشدد في التمويل

قال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية د.خالد الكلالدة إن هنالك ظروفاً موضوعية وذاتية لإنشاء الأحزاب وتطورها، وإن القوانين لا تصنع أحزاباً.

وأضاف أن القوانين يجب أن تأخذ المساحة الطبيعية اللازمة لتطور الحياة الحزبية وتشجيعها وإعطائها حوافز، داعياً إلى عدم النظر إلى الأحزاب على أنها عدو للدولة، بل هي «جزء أساس ورئيس من الدولة».

وأوضح الكلالدة أن الفلسفة التي اعتمد عليها مشروع قانون الأحزاب هي الإباحة في العمل والتشدد في التمويل، كما أنه تم أخذ جميع ملاحظات القوى الفاعلة وعلى رأسها الأحزاب.

وأشار إلى أن شروط تقوية الأحزاب عديدة ومتداخلة، أهمها نزع الفكرة التقليدية الراسخة في ذهن المواطن من ينتمي إلى أي حزب سوف تُعقّد حياته سواءً في الترقي أو السفر، وُيحظر على حريته وتُنتزع حقوقه.

ورأى الكلالدة أن مشروع القانون يُعد خطوة إلى الأمام بالرغم من أنه كان يمكن إنجاز ما هو أفضل في ظل الظروف المتاحة، مبيناً أن القانون الجديد راعى تخفيض سن المؤسسين من 21 إلى 18 سنة، بالنظر إلى أن 70 % من المجتمع الأردني هم أقل من 35
سنة، مضيفاً أنه إذا ما استُبعدت هذه الشريحة من تأسيس الأحزاب فكأننا نؤيد الفكرة التي تحظر العمل السياسي في الجامعات، إذ إن وجود هذا النص في التشريع الجديد يتيح المجال لطلبة الجامعات للانخراط في العمل الحزبي.

وأضاف أنه كانت هناك قيود في القانون الساري أعاقت طريق من يرغب بتأسيس حزب من حيث عدد المنتسبين إليه، لذا قلل مشروع القانون عدد مؤسسي الحزب من 500 شخص إلى 150، ولم يشترط أن يكونوا من سبع محافظات، كما لم يشترط نسبة محددة
للشباب والمرأة.

وأشار الكلالدة إلى أن شرط الإقامة الذي كان متبعاً في القانون السابق أصبح غير وارد في مشروع القانون إلا عند المؤسسين، فقد ارتأى بعضهم شرط الإقامة لمن يؤسس الحزب حتى لا تكون هناك أحزاب مستوردة، إذ يستطيع المؤسس بعد ذلك أن يسافر للعمل مثلا
ويحتفظ بعضويته في الحزب.

وقال الكلالدة إن مرجعية الأحزاب في مشروع القانون انتقلت صلاحيتها من وزارة الداخلية إلى وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية، بحيث تدير أعمال الأحزاب لجنة مكونة من 5 أعضاء ويتم النظر بتركيبتها، مضيفاً أن من يرأس اللجنة أمين عام وزارة الشؤون
السياسية والبرلمانية، فهو موظف إداري يتحقق من ثبوت أوراق الحزب وصحتها ومدى التزام الحزب بالشروط الواردة في القانون لاستمرار عمله، ويرافقه في اللجنة كل من: أمين عام وزارة الداخلية، وأمين عام وزارة العدل، وأمين عام وزارة الثقافة، ومندوب عن
المجلس الوطني لحقوق الانسان، ومندوب عن إحدى مؤسسات المجتمع المدني وعلى الأغلب من النقابات، لافتاً إلى أن هذه التركيبة «توحي إلى اهية النفسية أو الروحية التي جاء بها مشروع القانون».

وأوضح الكلالدة أنه حوفظ في مشروع القانون على نقاط تثير استياء بعض الأحزاب والناشطين ومؤسسات المجتمع المدني، وذلك لورود مادتين تتعلقان بالتمويل الخارجي والارتباط التنظيمي الخارجي والعقوبات على ذلك، مضيفاً أن هاتين المادتين لا تنطبقان على أي
حزب أردني قائم، إنما تنطبقان على أحزاب تستمد تمويلها من الخارج، وبالرغم من ذلك فإن الاحتياط ضروري عند التشريع، داعياً مجلس الأمة لنقل هاتين المادتين إلى قانون العقوبات، وعندئذ تتم إزالتهما من مشروع قانون الأحزاب.

وشدّد على أن تعريف الحزب يجب أن يكون واضحاً، بأنه حزب يطمح إلى تداول السلطة التنفيذية، لافتاً إلى أن هناك رأياً آخر يقول إننا بهذا التعريف نحظر على الآخرين أن يتداولوا السلطة التنفيذية وحصرها بالأحزاب لأنه بها نصاً، بخاصة أن النية تتجه نحو
الذهاب إلى حكومات برلمانية، موضحا أن مجلس النواب قد يضم 60 عضواً حزبياً و90 غير حزبيين، فيستطيع غير الحزبيين وهم الأكثرية، تشكيل كتلة يحظون من خلالها بتداول السلطة التنفيذية.

ولفت الكلالدة إلى أن حزب جبهة العمل الإسلامي أرسل ملاحظات مكتوبة مكونة من خمسة عشر بنداً، أربعة عشر منها كانت واردة في مشروع هذا القانون، مضيفاً أن البند الأخير يتعارض مع المادة 16 من الدستور التي تنص على أن: «للأردنيين الحق في تأليف
الجمعيات والأحزاب السياسية على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف أحكام الدستور، وينظم القانون طريقة تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية ومراقبة مواردها».

وتمنى الكلالدة أن يقر مجلس النواب هذا القانون، خاتماً مداخلته بقوله إن القانون لا يصنع أحزاباً، وإن خلق البيئة الصحيحة للأحزاب قضية تراكمية نضالية طويلة، لا يكفيها قانون ينقل الحياة السياسية بحيث تدار من الأحزاب.

التعبير عن طبيعة ومضمون نظام الحكم

قال أمين عام الحزب الوطني الدستوري د.أحمد الشناق إن الدولة الديمقراطية هي التي لا تخالف قوانينُها وتشريعاتُها أحكامَ دستورها، وكلما كان القانون معبّراً عن أحكام الدستور بما لا يخالف نصوصه يكون القانون ديمقراطياً.

وبيّن الشناق أن قوانين تسجيل الأحزاب في الدول الديمقراطية تنص على ألاّ تمارس هذه الأحزاب أنشطة أو أعمالاً ممنوعة في قانون العقوبات.

وأضاف أن الأصل في فلسفة الحزب ودوره أن يعبّرا عن طبيعة ومضمون نظام الحكم في الدولة، وأن نظام الحكم في الأردن نيابي ملكي وراثي، وهذا يعني أن الحزبية شكلاً ومضموناً هي الحزبية البرلمانية الملكية، وأن عليها أن تعمل وفق منهج الدولة بما يخدم
غايات الدولة ويحقق أهدافها والذي يمكّن من وجود أحزاب دولة.

وتابع بقوله إن الحزب يمارس دوره من خلال البرلمان، فالحزب لا يعدو كونه آلية انتخابية بين الشعب وصولاً إلى البرلمان، وهو ما يؤدي إلى «تأصيل الحزب» لأنْ يصبح آلية في هيكل الدولة السياسي بما يحقق أهدافها».

وأكد الشناق أن القانون لا يصنع حزبية، مبيناً أن هناك فرقاً بين قانون يمكّن الأردنيين من التمتع بالحق الذي منحهم إياه الدستور، وبين حياة سياسية تمارس الأحزاب دورها فيه، واصفاً هذه القضية بالمتشعبة كونها متعلقة بالواقع الاجتماعي والسياسي والظروف
التاريخية، متمنياً أن تكون نصوص القانون الجديد واضحة ومجردة وحيادية ودقيقة بصرف النظر عن مرجعية تسجيل الأحزاب وترخيصها، فالقانون مشرع لكل الشعب الأردني وليس لمعالجة هيكلية حزبية قائمة.

وأشاد الشناق بما جاء في التعديلات من تطور وحداثة قياساً إلى ما هو متاح في هذا الظرف.

وأوضح أن أصل القانون ذو طبيعة مزدوجة (دستورية وعادية)، مضيفاً أن هناك مواد ألزمت المشرّع الأردني جاءت بنص الدستور، كأن تكون غايات الحزب مشروعة، ونُظمه لا تخالف أحكام الدستور، ووسائله سلمية، داعياً إلى أن يكون القضاء وليس السلطة
الإدارية هو الفيصل في هذه القضية، وألا تحدد السلطة التشريعية أو تفرض على الأحزاب طبيعة أنظمتها من خلال القانون، فعندها يصبح للسلطة الإدارية سلطة مباشرة على العمل الحزبي، وهذا يخالف النص الدستوري لأن الأصل في أنظمة الأحزاب ألاّ تخالف
أحكام الدستور وليس القانون.

هيئة مستقلة خاصة بالأحزاب

قال عضو المكتب السياسي لحزب حشد خليل السيد إن الأحزاب اليسارية والقومية سبق أن وجهت مذكرة من 13 بنداً إلى وزارة التنمية السياسية والبرلمانية أكدت فيها على تعريف الحزب بأن يكون استهدافاً إلى التداول السلمي إلى السلطة التنفيذية.

ودعا السيد إلى أن تكون هناك هيئة مستقلة خاصة بالأحزاب ذات صلاحيات واستقلالية فعلية وليست مشتركة مع الهيئة المستقلة للانتخاب.

كما دعا إلى أن يكون تمويل الأحزاب وفق قانون وليس بنظام، مبرراً ذلك بأن القانون أفضل من النظام حتى لو كانت قيمة الدعم المالي أفضل، إضافة إلى أن النظام تحكمه المزاجية وعقلية محددة، في حين أن القانون يُقر من مجلس الأمة ويمر بمراحل دستورية تحمي
الأحزاب.

وعَدّ اشتراط الموافقة المسبقة على تعديل أي بند في النظام الأساسي للحزب اعتداءً على الأحزاب وتدخلاً في شؤونها، مضيفاً أن أي حزب له الحق في التعديل على نظامه الأساسي بما لا يتعارض مع أحكام القانون والدستور.

ورأى السيّد أن لا تورد العقوبات في قانون الأحزاب والاكتفاء بقانون العقوبات الأردني.

ودعا إلى وجود نص خاص يشجع ويحفز العمل الحزبي بين صفوف الشباب، فإدارة هذه المسألة بشكل سليم، قد تُخرجنا من دائرة العنف الجامعي والمجتمعي.

وحمّل السيد الحكومة مسؤولية توفير «البيئة الحقيقية» للأحزاب، مشيراً إلى أنه بالرغم من أن بعض نصوص القانون إيجابية، فما زالت هناك مضايقات على الأحزاب تتعلق بالتمويل والعمل.

خلق بيئة ناجحة لعمل الأحزاب

قال أمين عام حزب الإصلاح د.كليب الفواز إن قانون الأحزاب ينظم العلاقة بين الأحزاب والدولة ويضع الإطار العام لممارسة الأحزاب.

ودعا إلى إيجاد قانون أحزاب مستقر ومعتدلاً ومقبول وواقعي يحمل صفة الاستمرارية ويعالج المستجدات بعيداً عن ظاهرة طرح أهداف وقوانين مؤقتة كما في الأعوام 1989 و1993 و2002 و2012 و2014.

كما دعا إلى خلق «بيئة ناجحة» لعمل الأحزاب، ودراسة الأسباب التي حالت دون أن تُخلق هذه البيئة، مضيفاً أن هناك أسباباً تتحملها كل من الدولة وتجربة الأحزاب التاريخية ممثلة بالمرجعية الفكرية، إذ لم يكن لدينا فكر نابع من واقعنا الأردني، ورأى أن معظم
الأفكار المطروحة مستوردة سواءً كانت علمانية أو تنتمي إلى الإسلام السياسي أو الأحزاب القومية واليسارية.

ورأى أنه ليس لدى الأحزاب الوسطية أيّ فكر، وأنها وجدت مخرجاً لتغطية فشلها بقولها إنها أحزاب برامجية.

وقال الفواز إن الحكومات لم تكن جادة في خلق بيئة لنشاط الأحزاب بحرية، مضيفاً أن تجربة الأحزاب وعدم ديمقراطية القرار داخل الأحزاب أوجد نظرة سلبية يجب تغييرها.

وأيّد وضع معايير في التمويل لا تعتمد على عدد المنتسبين للحزب وانما بأخذ نشاط الحزب في الاعتبار

وأكد أن تعديل النظام الداخلي للحزب يعد شأناً داخلياً خاصاً به يلبي متطلباته، مستنكراً الرجوع إلى وزارتي الداخلية والشؤون السياسية والبرلمانية للحصول على الموافقة على هذه التعديلات.

القانون.. والإرادة

قال الناشط السياسي والنقابي م.عبدالهادي الفلاحات إننا نريد أحزاباً قوية تشارك في صناعة القرار وتعزز الحياة الحزبية للوصول إلى مجلس نواب يُنتخب على أساس برامج وقوة سياسية فكرية حزبية تفضي إلى استقرار الدولة ومناعتها.

وأكد على أهمية توفر بيئة مناسبة لحياة حزبية في الأردن إلى جانب التشريع والقانون، متسائلاً: هل البيئة صحية أم إن الحزبي مواطن من الدرجة الثانية؟ مضيفاً: لا يمكن تكون هنالك بيئة صالحة وحاضنة حقيقية لحياة حزبية عندما يُعاقب أقرب الناس إليك لأنك
حزبي.

ورأى أن الإرادة غير متوفرة لحياة حزبية، ولتداول سلطة ومشاركة حقيقية في صناعة القرار، بالرغم من إيجاد قانون جديد للأحزاب.

وأوضح أن المفتاح الحقيقي لتعزيز الحياة السياسية هو قانون الانتخابات، مبيناً أننا بحاجة إلى قانون انتخاب عادل ومنطقي، ومشاركة في السلطة، وتأسيس أحزاب ذات برامج تلبي طموح المواطن، ثم نبدأ بالتفكير في الأحزاب.

وأضاف أنه لا يوجد لدينا ثقافة حزبية بالرغم من أن الأردن من أكثر الدول ثقافة وتعليماً، مشيراً بذلك إلى وجود أخطار تهدد الدولة جراء سياسة الإقصاء والتهميش وعدم المشاركة، مضيفاً أن العلاج ذو طعم مر، فالتضحية واجبة على الجميع للوصول إلى أردن قوي
ومنيع وحاضر في الساحة.

وشددّ الفلاحات على أن كل ما يتعلق بالعقوبات تكون مرجعيته قانون العقوبات، مضيفاً أننا نثق بالمحاكم والقضاء ولا نريد قانوناً عرفياً في بعض نصوصه.

ودعا إلى إعلام الجهة المعنية فقط من دون شرط الحصول على الموافقة في حال قرر عدد من الأحزاب ذات البرامج المتقاربة والرؤيا نفسها.

وختم حديثه بقوله: إذا أردنا ألا يوجد نص على تداول السلطة، سنبقى ندور في حلقة مفرغة، وستبقى الكتل المتشكلة بعد الانتخابات البرلمانية كتلاً هلامية كالرمال، مؤكداً أن تشكيل كتل على أساس حزبي وبرامجي يجب أن يتم قبل الانتخابات.

الأحزاب والعمل البرلماني

أكد عضو اللجنة التحضيرية لحزب الوفاء الوطني (تحت التأسيس) د.فايز الربيع أن هناك تعديلات إيجابية في القانون سمح بها الظرف، مضيفاً أن فلسفة القانون يجب أن تنبثق من إرادة تسمح بالتغيير المتدرج لكيفية إدارة الدولة عبر أشخاص لهم مرجعيات حزبية
وفق برامج للواقع الأردني، وبالتالي يجب أن يكون تشكيل الأحزاب ومواد القانون منسجماً مع هدف هذا القانون.

وقال إن أي حزب لن يكون له دور في البرلمان من خلال نواب، ستكون فرصته في المشاركة في السلطة التنفيذية معدومة، مضيفاً أنه إذا لم يكن هناك نص في قانون الانتخاب يسمح بأن يكون الانتخاب على أساس حزبي، فإن الحياة الحزبية في الأردن ستبقى «
مشلولة» إلى حد كبير، مؤكداً أن تنشيط الحياة الحزبية يكون عبر وجود نص في قانون الانتخاب يعطي عدداً لا بأس به من المقاعد النيابية للأحزاب، لإعطاء فرصة للناس للإقبال والبحث عن أحزاب ينتخبونها قبل الانتخابات بفترة.

وقال الربيع أن الناس لا يُقْبلون على الأحزاب من خلال البرامج التي تطرحها، إنما من خلال الأشخاص والمصالح، مضيفاً؛ إذا لم يكن في الحزب أشخاص جاذبون ويؤكد تاريخهم أنهم غير ملوثين، فإنه لن يُغرى بالإقبال على العمل الحزبي.

ووصف الأحزاب بـ»المولود غير المرحب به» وبخاصة إذا كان الحزب متدرجاً وصاحب برنامج، ويُنظر إليه إذا وُلد ضعيفاً على أنه يستحق الشفقة.

وقال إن الحديث عن المرجعية هو حديث عن الإطار الفكري، مضيفاً أن أي حزب لا يكون لديه إطار فكري هو «حزب إنشاء»، كما أن البرامج تستكمل الأطر الفكرية، فالفلسفة الاقتصادية أو التربوية للحزب تعدّ مرجعية.

وختم الربيع بقوله: «مرجعيتنا كمسلمين وعروبيين ليست مستوردة.. الاستيراد الخارجي هو لليساريين الذين جاءوا به من روسيا أو الصين».

دراسة التجربة السابقة

رأى رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د.خالد شنيكات إنه لا يجوز طرح مشروع القانون بهذه الصورة ما لم نقم بدراسات حول التجربة الحزبية التي بدأت منذ العام 1992 وإلاّ سيكون هذا القانون كما سبقه من قوانين، وسندور في الحلقة نفسها.

وأضاف أن الأصل أن يبنى مشروع قانون كهذا على دراسات تختص بالواقع الأردني تشير إلى نقاط الخلل في القوانين السابقة وكيفية المعالجة والبناء عليها، أما طرح المشروع بناءً على انطباعات شخصية فسيؤدي إلى تكرار التجربة السابقة نفسها.

وقال شنيكات إن أحد أسباب الفشل في السابق هو وجود علاقة ندية وصراع بين الحكومة والأحزاب، فالطرفان ينظران إلى بعضهما بعضا من وراء جدار مرتفع من الشك.

وأضاف أن أي قانون حزبي لا يُعالج مسألة العلاقة بين الأحزاب والانتخابات سيواجه مشكلات، فالنظام الانتخابي يحدد طريقة العمل الجماعي، وأكبر تصور للعمل الجماعي هو العمل الحزبي كونه يقوم على فكرة الائتلافات.

ووجه شنيكات اللوم لوزارة الشؤون السياسية والبرلمانية لعدم قيامها بدراسات حول موضوع «عدم تجذر التجربة الحزبية في الأردن».

القانون يخلق البيئة الحزبية

قال الأمين العام المساعد للشؤون السياسية في حزب الاتحاد يوسف سرحان إن القانون هو الذي يخلق البيئة الحزبية، فإما أن يذهب بنا إلى أبعد الحدود في الديمقراطية أو العكس، مؤكداً على أهمية قانون الانتخاب أولاً ثم قانون الأحزاب.

ودعا وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية إلى إطلاق حملات تثقيفية تبين للمواطنين أن الهدف من دعم الدولة للأحزاب هو نشر الديمقراطية وتحقيق العدالة، وليس أخذ قوت المواطن.

التدرّج في عملية الإصلاح السياسي

أكد أستاذ القانون المحامي د.محمد أبو هزيم أن أهم شيء في القانون هو التطبيق، وأن الأهم من قانون الأحزاب هو كيفية الوصول إلى بيئة تتقبل الانتماء الحزبي.

وقال إن العمل الحزبي يبدأ من المدرسة والجامعة، مضيفاً أننا إذا أردنا الوصول إلى حياة حزبية حقيقية فإننا بحاجة إلى ادارة حوار وطني حقيقي نناقش فيه بروح المسؤولية العالية قضايانا الوطنية ومنها العمل الحزبي، مؤكداً أنه لا حياة ديمقراطية من دون عمل
حزبي.

وقال أبو هزيم: من مفهوم قانوني لا يوجد تعريف للحزب، فالتعريفات تُترك للفقه القانوني. وأوضح أن هناك تزاوجاً ما بين قانوني الأحزاب والانتخاب، متسائلاً: كيف أُقتنع كمواطن بالانتماء إلى حزب ما وأنا أرى أن الانتخابات يتم تزويرها في الغرف المغلقة؟

ورأى أبو هزيم أن عزوف الناس عن الأحزاب، ومن ثم عن الانتخابات، يعود لأسباب تنظيمية وشخصية، مضيفاً أنه لا يوجد قناعة لدى المواطن بنزاهة الإنتخابات، فإذا طلبت من أحد الذهاب للانتخاب يجيب بأنه يعرف من سينجح.

وقال إن قانون الأحزاب مرتبط بالبيئة والإرادة السياسية، وأن مشروع القانون ينطوي على نقاط إيجابية كثيرة، داعياً إلى التدرج في عملية الإصلاح السياسي.

عزوف الطلبة عن العمل الحزبي

قال أستاذ العلوم السياسية د.عمر الحضرمي إنه شارك في إجراء دراسة في الجامعة الأردنية حول أسباب ودوافع عزوف طلبة العلوم السياسية عن الانخراط في الأحزاب السياسية الأردنية، شارك فيها 1000 طالب من الجامعات منهم طلبة في السنة الرابعة
يدرسون العلوم السياسية في الجامعات الرسمية، مضيفاً أن الإستبانة حاولت أن تستشف كل الآراء بمساعدة وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية.

وأضاف أنه تم إرسال الاستبانة للأحزاب والنواب ولم يصل أي رد منهما، مستعرضاً بعض ردود الطلبة على الاستبانة، فمنهم من قال إن السبب أمني، ومنهم من أشار إلى ديوان الخدمة والعشائر أو الأهل.

الموافقة على مشروع القانون

قال وزير التنمية السياسية السابق العين م.موسى المعايطة إن مشروع القانون حقق معظم ما طالبت به الأحزاب، باستثناء قضية الاندماج بين الأحزاب التي تتطلب الموافقة المسبقة، مضيفاً أنه لم يعد هنالك شيء يعيق العمل الحزبي سواءً في مسألت التأسيس أو عدد
المؤسسين، أو العقوبات التي أصبحت تتمثل بمادة واحدة لها علاقة بالتمويل الأجنبي، وهي غير موجودة بقانون العقوبات.

وأضاف أننا نبحث عن أشكال بيروقراطية وإدارية من أجل تثبيت واقعنا عبر تعريفنا للحزب، مبيناً أنه ليس هناك أيّ علاقة ما بين إضافة «تداول السلطة وبين تشكيل الحكومة، مضيفاً أنه لا يوجد في قوانين الدول ودساتيرها شيء من هذا القبيل، بل هناك واقع سياسي،
فالأغلبية البرلمانية -سواءً البرامجية أو الحزبية- هي التي تشكّل الحكومة، داعياً إلى عدم وضع تداول السلطة عائقاً لتطور الأحزاب.

ورأى المعايطة أن قانون الأحزاب مهم، لكن قانون الانتخابات هو المدخل الأهم ويجب العمل عليه مستقبلاً، مضيفاً أن القوانين ليست هي العائق الوحيد أمام تطور العمل الحزبي، بل هناك قضايا أخرى كثيرة لها علاقة في المجتمع، كما أن تجربة ما يسمى «الربيع
العربي» أكدت هذا الأمر.

ولفت إلى أن الديمقراطية ليست قوانين وصندوق انتخاب فقط، مشيراً بذلك إلى ما جرى في معظم الدول العربية مثل العراق وليبيا، فالعراق طبّق أحسن الأنظمة الانتخابية ولكن في النهاية تفشّت الطائفية فيه وتم إبعاد وإقصاء معظم مكونات المجتمع العراقي ولم تقمْ
الديمقراطية، أما في ليبيا فقد حصلت انتخابات مرتين، ومع ذلك فإن ليبيا عملياً «دولة فاشلة» كونها تستطع السيطرة على أراضيها.

وأضاف المعايطة أن الديمقراطية والأحزاب كلاهما وسيلة وليس هدفاً، رافضا فكرة أن يكون هناك كوتا في القاعدة النيابية للأحزاب، لأن هذا لا يصنع أحزاباً حقيقية تمثل المصالح المتناقضة والمختلفة داخل المجتمع، فأذا لم تستطع الأحزاب أن تمثل هذه المصالح لن
يكون هناك حكومات على أساس حزبي ولا أحزاب سياسية، مضيفاً أن ما نريده هو تعددية سياسية شكلها وإطارها التنظيمي هو الأحزاب.

وشدّد المعايطة على أن القضية التي يجب على الأحزاب السياسية والقوى والجامعات دراستها هي العلاقات بين أبناء المجتمع وتطوره، مشيراً بذلك إلى إصرار المجتمع على الأشكال البدائية في علاقاته، مثل العشيرة والطائفة والقبيلة والمنطقة، وإصراره على عدم
الانتقال إلى أشكال أكثر مدنية.

ودعا المعايطة إلى البحث في الأسباب، والتركيز على التعليم وضرورة إحداث ثورة فيه.

وقال إن الاقتصاد وعلم الاجتماع الذي يدرَّس في الجامعات ليس كله أردني، فهناك حضارة وثقافة إنسانية، مضيفاً أن النظريات الديمقراطية ليست صالحة لكل مجتمع، وأنه لا يوجد أفكار مستوردة أو غير مستوردة، بل هناك أفكار صحيحة وأفكار خاطئة، لافتاً إلى أن
الأفكار في النهاية أفكار إنسانية، والمجتمع هو الذي يقرر هل يريد هذه الأفكار وهل تلائم وضعه أم لا؟

ودعا المعايطة الأحزاب السياسية الموافقة على القانون الجديد، مطالباّ إياها بإقناع النواب والأعيان بالموافقة على مشروع القانون كما هو، لافتاً إلى أن القانون قابل للتعديل.

آلية جديدة في إدارة الدولة

قال أمين عام منتدى الوسطية م.مروان الفاعوري إن لجنة الحوار الوطني أدارت حواراً مع كل الأحزاب الأردنية، بحيث تم الوصول إلى مشروع قانون توافقي يمثل صيغة مشتركة بين جميع الأحزاب المعارضة والمؤيدة واليسارية والوسطية واليمينية، تم تقديمه من
خلال لجنة الحوار الوطني التي كانت مسنودة وبمباركة وتأييد من جلالة الملك، لكن القانون خرج بشكل آخر.

ورأى الفاعوري أن هذا القانون خطوة في الاتجاه الصحيح، مضيفاً أنه يوجد تشابه كبير جداً بين مواد القانونين الجديد والسابق، فالقانون الجديد حاول إنصاف الأحزاب التي تريد أن تتشكل، وأعطاها فرصة لتصويب وضعها، آملاً أن تُعِدُّ فلسفةُ القانون الأحزابَ «آليةً
جديدة جريئة في إدارة الدولة».

وأشار الفاعوري إلى وجود بعض السلبيات التي يؤمَل أن يعالجها هذا القانون، منها حالة حزب لم يجد مكاناً لعقد اجتماع له، سوى «صيوان» في الشارع العام، مؤكداً أن أي حزب له الحق في الدفاع عن رأيه بشكل واضح كونه مرخصاً وموجوداً بصرف النظر
عن الاختلاف أو الاتفاق معه حول مواقفه السياسية.

وطالب الفاعوري لجنة شؤون الأحزاب أن تُزيل مفهوم «اللجنة العرفية» التي تمارس هيمنة على الأحزاب أكثر من وزارة الداخلية.

ورأى الفاعوري أن المادة التي تنص على أن: «وثائق الحزب ووسائل اتصاله مصانة ولا يجوز مراقبتها»، زائدة ولا داعي لها، كون التنصت لا تأخذ موافقة من أحد.

وطالب الفاعوري بتعديل المادة التي تنص على إعفاء مقار الحزب من الضرائب ممثلة بضريبة المسقفات، بحيث يتم إعفاء مشتريات الحزب ليشعر الحزب أن تغييراً ما قد تم، مثل شراء سيارة أو كاميرا لتصوير نشاطاته. وطالب الوزارة مع مجلس النواب بأن لا
تتعدى مدة تولي الشخص نفسه رئاسة الحزب أكثر من دورتين ووضع آلية صارمة للرقابة على أموال الأحزاب.

وأشار إلى أنه ما زالت مواد وقوانين وأنظمة الأندية والجامعات تحظر على الأحزاب الدخول فيها، موضحاً أنه ممنوع على الحزبي أن يكون في نادٍ رياضي أو جمعية، ودعا إلى تعديل القوانين لإحداث نقلة في موضوع الأحزاب السياسية.

الحزب وتداول السلطة

قال العين أسامة ملكاوي إن في لجنة الحوار الوطني التي كان عضواً فيها قدمت قانوناً لا يضع أيّ قيود على الأحزاب، موضحاً أن من قد يُحسبون على أنهم من «المعسكر القديم» على استعداد لقبول أيّ أفكار يمكن أن تخدم الوطن.

وأشار ملكاوي إلى أنه كان هنالك حرص في المشروع لإيراد تعبير «تداول السلطة» في تعريف الحزب، وذلك لتوضيح أن كل حزب له مدلول سياسي من أهدافه الوصول إلى السلطة.

كما أشار إلى أن الفلسفة وراء تحديد عمر المؤسس بـ21 سنة، هو أن يكون لديه من الخبرة ما يؤهله لذلك، وتحديد عمر العضو بـ18 سنة ليستطيع الطالب أن يكون حزبياً، مضيفاً أنه لا مشكلة في أن يكون جميع الطلبة حزبيين، ولكن لا يعني أن تُصبح الجامعات
مقرات حزبية.

ورأى أنه ليس عيباً أن يكون هناك تنوع بالانتماء للحزب، فالكوتا التي تطلبها الأحزاب ضرورية للشباب والسيدات، وإلغاؤها ليس مشكلة كما أن بقاءها ليس عقبة.

ولفت إلى أن عدد مؤسسي الحزب لا يمثل مشكلة كبيرة، إنما الخطورة في العدد القليل بأن تصبح هذه الأحزاب ذات طبيعة عشائرية، مضيفاً أنه يؤمن بأن فكرة الحزب يمكن أن تُطرح من 10 أشخاص فقط.

وأوضح ملكاوي أن الحزب يستقطب الناس بما يقدمه من برامج وحلول واقعية، داعياً أي شخص يتقدم لوزارة الشؤون السياسية والبرلمانية لإنشاء حزب، أن يقدم برامج حقيقية بعيداً عن الشعارات التي تدغدغ مشاعر الناس، مشيراً إلى أن الأردني عرف الحزبية منذ
القرن الماضي ولكن الظروف السابقة مختلفة، إذ كانت شعارات الأحزاب في ذلك الوقت تنحصر في التحرر من الاستعمار، وبذلك ينتسب الناس إليها.

ودعا إلى أن يفتح القانون الجديد المجال لكل الأفكار لتنتشر وتقدم نفسها من دون إعاقة، وأن يتم دعم الأحزاب التي تنجح في تقديم البرامج والندوات، وأن يتم ربط قانون الانتخاب بقوائم حزبية وطنية.

خلق البيئة الثقافية الحزبية

تساءل النائب السابق مازن القاضي عن دور وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية في خلق البيئة الثقافية الحزبية، وعن دور الأحزاب في إزالة المخاوف من نفوس المواطنين واقناعهم بأهميتها لهم وبأنها تأتي من أجل الحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم التي ينص عليها
الدستور.

كما تساءل القاضي عما إذا كانت كثرة الأحزاب تعيق الحركة، أم تثري المسيرة، أم إنها انعكاس للكتل في الدورة البرلمانية، في ظل أن كل كتلة أفرزت نائباً واحداً هو رأس الكتلة؟ وهل إذا طبقنا القانون وعدّلنا قانون الإنتخاب وشاهدنا في البرلمان القادم 150 نائباً
عن 150 حزباً، هل هذا يقود إلى صنع حكومة برلمانية حقيقية متماسكة لا يستطيع أحد أن يعبث بها وفي قدرتها على اتخاذ القرار الذي يصب في المصلحة العليا الأردنية؟ وهل الحكومة تصنع الأحزاب، أم الأحزاب تصنع نفسها، أم إن الأمرين متداخلات.

وقال إن الأردن تاريخياً كان مَهْداً للأحزاب التي برزت فيه في الخمسينات، مضيفاً أنها كانت في جانبين: «الإلحاد والكفر» و»الإخوان المسلمين» الذين يسعون للخلافة الإسلامية، وهناك اليسار والقوميون الذين يسعون لبناء الدولة العربية الموحدة، مؤكداً أن
أحداً لم يفكر في قُطْرهِ، فالجميع كان المحيط إلى الخليج ورفع الشعارات عندما برزت أحزاب واستطاعت الوصول في بعض الدول العربية إلى رأس السلطة انقلبت على نفسها، وكسّرت محيطها الحزبي، وأصبحت تحتفظ بالشعار وأقصت القاعدة الحزبية التي تنتمي
لها.

وتابع: برزت بعد ذلك مخاوف للفئة الصامتة العربية الإسلامية من فشل الأحزاب سواء الإسلام أو اليسار، ثم نشأ صراع بين الأحزاب والأنظمة ممثلة بالأجهزة الأمنية التي أصبحت تحظر هذه الأحزاب، وتعدها نشازاً تعمل من خارج الحدود لقلب الأنظمة، ومن
الواجب منعها ومراقبتها حتى لا تعيث في أمن البلد.

وقال القاضي: عندما انكفأت القومية بدأت القُطْرية، وصار كل حكم وشعب يهتم ببلده، مطالباً جميع الأحزاب أن تعمل للأردن وفق برامج أردنية وأن تحميه وتقويه، ثم نبدأ بتحرير فلسطين وسوريا والعراق.

ورأى القاضي أننا لن نستطيع الوصول إلى أحزاب حقيقية إلا إذا كانت هذه الأحزاب «أحزاب وطن»، إلى جانب وجود الصدق والثقة بين الحكم والقاعدة والأحزاب والشعب والحكومات.

ردود الوزير

في ردّه على ما قدّمه المشاركون في الجلسة من رؤى وآراء، أشار الكلالدة إلى النص الدستوري الذي يعتمد عليه كثير من القانونيين وهو: «ما سكت عنه الدستور محرم وما سكت عنه القانون مباح»، فقال إن المادة 16 من الدستور تحدثت عن أحقية الأردني في
العمل الحزبي، مما يعني أن بإمكانه تولّي السلطة التنفيذية كاملة.

وأكد الكلالدة أن الاقتصاد هو أساس المشكلات في الأردن، مضيفاً أن القرار الاقتصادي يتخذه السياسي، ومن هنا تأتي أهمية التشكيلات السياسية والانتخابات، فمن يتخذ هذا القرار الاقتصادي الصعب يجب أن يحوز ثقة الناس، لافتاً إلى أن مستوى الثقة بين الناس من
جهة والمؤسسات والأحزاب من جهة أخرى «منعدم»، وأن الحكومة تفكر في إمكانية فرض غرامات على من لم ينتخب و حوافز لمن ينتخب، اقتداءً بدول مثل بريطانيا واليونان وإيطاليا ومصر.

وقال الكلالدة: المفارقة أنّ من نزل إلى الشارع في ثورات ما يسمى «الربيع العربي» هم من الشباب وأكثرهم من الإناث، لكن الذي استفاد عند قطف ثمار هذه الثورات هو «التنظيم» وليس الشباب، فمن ليس له حزب لا يستفيد، متسائلاً: من الذي يمنع أي
شخص من تنظيم حزب والمشاركة في صنع القرار؟

وأوضح الكلالدة أن الورقة التي تقدمت بها الأحزاب القومية واليسارية اشتملت على 13 نقطة، وذلك قبل أن يطلبوا أن تكون الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخاب مرجعية في ترخيص الأحزاب، مضيفاً أن رأي الهيئة كان أنها حيادية كالقضاة، ولا يمكن أن تتدخل
في موضوعات كهذه.

وقال الكلالدة: ليس هناك تضييق على الجامعات بشان العمل الحزبي، ومن يتعرض لتضييق فبإمكانه التوجّه إلى القضاء، مستشهداً بما نصّت المادة (19) من مشروع القانون: «لا يجوز التعرض لأي مواطن أو مساءلته أو محاسبته أو المساس بحقوقه الدستورية أو
القانونية بسبب انتمائه الحزبي، ويعاقب كل من يخالف ذلك».

وأكد أن تمويل الأحزاب ورد في مشروع القانون، مشيراً بذلك إلى نص المادة (28): «يتم تخصيص بند في الموازنة العامة للدولة للمساهمة في دعم الأحزاب من أموال خزينة الدولة، وتحدد شروط هذا الدعم ومقداره وإجراءات صرفه بموجب نظام يصدر
لهذه الغاية».

وقال الكلالدة إن الهدف من التعديلات على النظام الداخلي للأحزاب ليس التدخل الأمني، بل هو عدم إتاحة المجال لأي حزب للتهرب من الذمم المالية المستحقة عليه من المال العام.

وبيّن أنه حاول جاهداً نقل المادتين المتعلقتين بالعقوبات من قانون الأحزاب إلى قانون العقوبات استناداً إلى هاتين «لا جريمة إلا بنص ولا عقوبة إلا بنص»، لافتاً إلى أن هاتين المادتين تتحدثان عن المال المشبوه والتمويل الاجنبي والتنظيمات الخارجية، ولا تنطبقان
على أي حزب سياسي أردني أو حزب آخر سينشأ في الأردن.

وأشار الكلالدة إلى أن مجلس الوزارء عدّل نظام التمويل المالي للأحزاب (2008) بحيث يُصرف 15 ألف دينار بدلاً من 5 آلاف دينار للحزب الواحد الذي لديه 5-6 مقار.

كما أشار إلى أنه تم تعديله بحيث يدفع الحزب غرامة توازي قيمة أي مخالفة في موازنته، مؤكداً أن هذا الأمر قابل للتطوير، وهدفه تقوية الأحزاب.

وأكد أن من يُشكل الكتلة الوازنة ويحصل على الأغلبية هو من يفرض رأيه بالقانون، مضيفاً أن الأحزاب الأردنية مجتمعة لديها أغلبية، ولكنها غير مجتمعة، وداعياً إياها إلى الاجتماع لتتفق على قائمة في الانتخابات.

وقال الكلالدة إن الحزب تتحدد قوته من خلال عدد المنتسبين إليه، ومن خلال إبراز مرشحيه للتصويت، مما سينعكس على التمويل المالي للحزب وبالتالي على عدد أعضائه في مجلس النواب وعدد فروعه.

ورأى أن تعديل قانون الانتخاب يحتاج إلى قوى ضاغطة على رأسها الأحزاب لكي تهيئ البيئة المواتية لإقرار قانون يمثل حقيقة صوت الناخب، ويخلصنا من نظام الصوت الواحد.

وأضاف أن الدعوة إلى وجود كوتا حزبية بحاجة إلى تفسير دستوري.

وأكد الكلالدة أن الحكومة تدرك أهمية إدارة حوار حول هذا المشروع، مضيفاً أن جميع الأوراق التي تحدثت عن مشروع الأحزاب موجودة لدى وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية، ابتداءً من الميثاق الوطني مروراً بهيئة شباب كلنا الأردن وانتهاءً بمبادرة «الأردن
أولاً»، وأن ما قامت به الوزارة أنها وضعت مقاربة بناءً على الموجود، لافتاً إلى أن إدارة الحوار تتم في مجلس النواب.

وخالف الكلالدة الرأي القائل إن العمل السياسي غير متجدّد في الدولة الأردنية مستنداً بذلك إلى التاريخ السياسي والحزبي الذي يدرَّس في الجامعات. وأوضح أن القانون لا يخلق أحزاباً، وأن البيئة مهمة لإنشاء الأحزاب، مستدركاً إلى أن هذه البيئة «ليست سليمة»،
فما زال يعتريها عقبات وخوف وتشدد.

التوصيات

الفلاحات

قال الفلاحات إن المستقبل مرهون بقضايا مهمة منها: تعزيز الثقة بالعمل الحزبي سواءً في الجانب الرسمي المرتبط بالتشريع والبيئة والإرادة أو في الجانب الشعبي ممثلاً بالبرنامج والخطاب والممارسة.

ودعا إلى قانون انتخاب يعكس صوت المواطن، وإلى حياة سياسية تعزز الجانب الأمني، مؤكداً أن الذي يعزز الأمن هو الحياة السياسية وليس العكس.

وأوضح الفلاحات أن المسؤولية تتوزع على الجميع من رئيس الحكومة إلى الوزراء ومجلس النواب، داعياً إلى إجراء نقاش حقيقي يصبّ في مصلحة الوطن للوصول إلى قانون انتخاب جديد بعيداً عن القائمة الوطنية، وذلك باعتماد قوائم نسبية مفتوحة تمثل 50 %
من مقاعد البرلمان.

وبيّن أن السلطة تتحمل المسؤولية الأكبر في خلق بيئة حزبية سليمة، مضيفاً أن خلق الثقافة لا يأتي بالتمني، وإنما يحتاج إلى ممارسة وإرادة وتشريع وتقدير مصلحة الدولة كي تستقر، فما يخدم الدولة الأردنية هو أن يشعر المواطن أن له حقوقاً وعليه واجبات، فلا يجوز
مثلاً أن يُشترط على الطالب الذي قُبل للدراسة في الجامعة الأردنية ألاّ يكون حزبياً ليحصل على المكرمة.

الشناق

قال الشناق إن الحزبية التي نتحدث عنها شكلان، فهناك الحزب التكتلي بمفهوم الأعضاء القائم على عقيدة والذي يصنع سلوكاً لأفراده، وهناك حزب المؤازرة الذي يذهب إلى الانتخابات، مؤكداً أن الحزبية يجب أن تعبر عن طبيعة ونظام الحكم السياسي في الدولة،
وصولاً إلى تشكيل أحزاب برلمانية.

وأضاف أن الهدف من الحزبية أن تكون آلية برامجية انتخابية، فإذا كان المطلوب -كاستراتيجية- في الأردن دولة ديمقراطية تعددية حديثة، لا بد من اعتماد نمط الحزبية البرامجية القائمة على أساس المؤازَرة لبرامجها من المواطنين في الانتخابات النيابية.

ورأى الشناق أن الانتخابات في الأردن منذ العام 1929، قائمة على مفهوم جغرافي، مؤكداً أن هذا ليس عيباً في الدولة، فإما أن تأخذ بالتمثيل الجغرافي أو بالتمثيل السياسي، مضيفاً أنه لا يمكن تخيُّل مجلس نواب من دون نواب من الطفيلة والكرك.

وأضاف أنه لا يوجد هناك توازن في تداول السلطة بين الأحزاب المتواجدة على الساحة، مشيراً إلى أننا مررنا في الأردن بتجربتين (1997 و2011) وأضعنا فيهما «فرصتين تاريخيتين»، ففي العام 1997 اندمجت تسعة أحزاب وسطية معاً في حزب واحد هو «
الوطني الدستوري»، ولم يبقَ في الساحة السياسية سوى التيارين القومي واليساري، والإسلامي. وتقدم هذا الحزب ببرنامج تفصيلي قابل للتطبيق في مؤسسات الحكم كافة، منطلقاً من الحقائق والوقائع الأردنية، كون الذين صاغوه رجالات دولة وخبراء.

وأوضح الشناق أن هذا الحزب فشل في الانتخابات، لغياب منافس حقيقي له في ظل مقاطعة حزب جبهة العمل الإسلامي للانتخابات، فضاعت فرصةٌ تاريخية لتأصيل التداول الديمقراطي للحكومة بمفهوم وسطي ومفهوم إسلامي.

وتوقف الشناق عند ما دعاه «الفرصة التاريخية الثانية» التي أضعناها في العام 2011، إذ تشكلت لجنة حوار وطني في ظرف وطني وإقليمي وتاريخي دقيق، لكن الحركة الإسلامية قاطعت هذه اللجنة التي كان يمكن أن تقود في لحظة تاريخية إلى ما نريده جميعاً
من خلال التوافق.

وحمّل الشناق القوى السياسية مسؤولية ضياع هاتين الفرصتين التاريخيتين.

وقال إن الأحزاب التقت بوزير الشؤون السياسية والبرلمانية في هذه الحكومة لمناقشة حميع القضايا الاقتصادية والاجتماعية، كما أن وفداً من الوزارة زار الأحزاب داعياً إليها لتقديم مطالبها، وتم دخول الأحزاب لدائرة المعلومات لسياسات الحكومة والدولة، وأصبحت
الأحزاب تُعتمَد للمرة الأولى في بروتوكولات اللقاءات الملكية.

وأوضح أن التمويل المالي للأحزاب من الحكومة يؤشر أن الأحزاب مؤسسات وطنية وجزء من الهيكل السياسي للدولة.

وقال: مثلما نطالب الدولة أن تخفف قبضتها الأمنية، علينا بالمقابل أن نطالب الأحزاب بالوقوف مع هذه الدولة التي لها مصالحها، شأنها شأن أيّ دولة في العالم إذا ما علمنا أن الدول تُدار أمورها وفق مصالحها وليس وفق عواطفها.

وقال الشناق إن الوصول إلى بناء أحزاب دولة، بحاجة إلى عمل كبير، فالأحزاب يجب أن تعمل وفق منهج الدولة السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبآليات الهيكل والنظام السياسي لها، وذلك لتحقق أهداف هذه الدولة وغاياتها.

وأضاف الشناق أن الأحزاب لا تعمل إلا في إطار دولة المجتمع المدني. أي بمعنى تنظيم الأدوار وتحديدها وفق سيادة القانون الذي يحدد الأهداف والغايات لمؤسسات المجتمع المدني والأحزاب. وبيّن أن الجمعية تعمل وفق ما يحدد لها القانون من أهداف، فلا يجوز
للحزبي أن ينشئ جمعية، والعكس صحيح.

ورأى أن الحزبية ستحظى بإقبال الناس عندما يصبح لها دور في المجتمع والدولة، فعندما يكون للحزبية دور ويسهل لها الوصول للسلطة، عندها ستُنتخب الأحزاب.

وطالب الشناق باعتماد القائمة الحزبية بأن يكون 27 مقعداً للأحزاب، كي نغادر مربع القائمة الوطنية، وهذا يتطلب إعادة النظر بالتفسير الدستوري للمجلس العالي لتفسير الدستور بعدم دستورية القوائم الحزبية في الانتخابات النيابية، والذهاب إلى المحكمة الدستورية في
هذا الخصوص.

وختم الشناق بقوله: بعيداً عن قانون الأحزاب الذي لا يعدو كونه قانوناً إجرائياً، فإن وجود حياة حزبية يرتبط أولاً بتطوير قانون الانتخابات النيابية، وذلك باعتماد القوائم الحزبية، مع الأخذ في الحسبان التدرّج في ذلك بما يأخذ بالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي
والتمثيل الجغرافي في البلاد.

الفواز

قال الفواز إن تطور العمل الحزبي يستدعي خلق ثقافة داعمة للعمل الحزبي وأن تتحرك الأحزاب بحرية، إلى جانب خلق ثقافة ديمقراطية تتمثل بقانون انتخاب يعطي مساحة للأحزاب كي تشارك في القرار السياسي.

شنيكات

دعا شنيكات إلى إحداث تحول في الثقافة السياسية باتجاه العمل الجماعي وأن تعيد القوانين من الدراسات حول التجارب السابقة حتى لا تتكرر الأخطاء.

كما دعا إلى تأهيل وتنظيم الحزبيين.

القاضي

دعا القاضي إلى إنشاء ثلاث تيارات حزبية رئيسة تتجاذب الحكومات البرلمانية لتكتمل الصورة الحزبية الحقيقية في الأردن، مؤكداً أن العمل الحزبي في الأردن لن يتجذر من دون ذلك.

الفاعوري

قال الفاعوري إن خيارنا الوحيد في الأردن هو بناء دولة ديمقراطية حديثة وليس دولة دينية أو عشائرية، مضيفاً أن بناء هذه الدولة لا بد أن يتجه نحو الملكية الدستورية والحكومات البرلمانية التي تقوم على الأحزاب السياسية.

وأكد أن الأولوية هي لقانون الانتخاب ليكون هناك مساحة محددة تعطيها الدولة الأردنية الواعدة للأحزاب السياسية من خلال القوائم الحزبية، مضيفاً أنه لا بد من الأخذ بتجارب ونجاحات الدول المحيطة بنا.

كما أكد على أنه لا توجد مشاركة في الانتخابات إلا من خلال الأحزاب السياسية، فالطريق لتنفيذ رؤية الملك في دولة ديمقراطية حديثة عمادها الملكية الدستورية، لا تكون إلا بأحزاب سياسية.

أبو هزيم

أكد أبو هزيم أن مشروع القانون خطوة على الطريق الصحيحة في الإصلاح السياسي، داعياً إلى التركيز على فكرة التيارات السياسية الثلاث.

ملكاوي

قال ملكاوي إن على الأحزاب أن تدرك أنها تستطيع الوصول إلى السلطة بالعمل والإنجاز ووضع الرؤية الجيدة لمستقبل هذا الوطن.

وأضاف أن الأحزاب ليست مجرد «رخصة»، ولا يُحسب حضورها تبعاً لعدد أعضائها، وإنما هي فكر يستطيع أن يستقطب الناس، مبيناً أن بعض الأحزاب ذات الطابع لم تنشغل بفكر البرامج، وبعضها الآخر يدعو لتسلُّم السلطة ليثبت للناس كيف سيحلّ مشكلاتهم.

المعايطة

رأى المعايطة أن ما جرى في العالم العربي يؤكد أن القوى السياسية والمجتمع لم تتفق على شكل ومضمون الدولة الديمقراطية الوطنية المدنية التي تكون تحت سيادة القانون ومجتمع المواطنين، مضيفاً أن هذا لا يمنع من وجود المرجعية الإسلامية، فحتى الدول
الأوروبية لها مرجعية مسيحية.

الفلاحات

قال الفلاحات إن الأحزاب لا تريد أي تطور حقيقي لأنها تخاف من الحركة الإسلامية، إضافة إلى أن الجانب الرسمي يستخدم هذه الحركة كفزاعة.

وأضاف أن أي دولة لا تستطيع إسقاط ثلاثة تيارات، داعياً إلى عقد لقاء طوعي بين مجموعة قوى سياسية تندمج تحت إرادة معينة. فالكل يطلب دولة أردنية مدنية ومواطنة حقيقية.

الثلاثاء 2014-09-23