«الإطار المتكامل للسياسات الاقتصادية والاجتماعية.. رؤية الأردن 2015-2025»

02/10/2014

أجمع خبراء اقتصاد واجتماع وأكاديميون على أن الدعوة الملكية لاتباع نهج تشاركي وتشاوري مع جميع الجهات والفعاليات، والبناء على الجهود والدراسات المؤسسية والمتراكمة في وضع تصور مستقبلي وواضح للاقتصاد الأردني للسنوات العشر المقبلة، سيحقق تنمية شاملة ومستدامة في إطار الإصلاح المتكامل الذي توافرت فيه الإرادة السياسية.

واقترح المشاركون في ندوة «الإطار المتكامل للسياسات الاقتصادية والاجتماعية.. رؤية الأردن 2015-2025» التي نظمها مركز «الرأي» للدراسات بالتعاون مع جامعة العلوم التطبيقية، وضع خطة عمل تتضمن آليات واضحة لقياس الإنجاز، وإعداد تقارير دورية تُرفع للمسؤولين وتتم مراجعتها مع المعنيين كافة.

وتوقفوا عند السؤال المركزي المتمثل في كيفية تحقيق رؤية التكامل الاقتصادي الاجتماعي، مشددين على ألاّ تكون الخطط المنبثقة عن هذه الرؤية حبراً على ورق، والانتقال إلى مربع التنفيذ لتعزيز نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف.

وتالياً أبرز وقائع الندوة التي ناقشت محاور من بينها: تنمية الموارد البشرية، التنمية الاجتماعية، التنمية الاقتصادية (الإصلاح المالي، وسياسات

الاستثمار وبيئة الأعمال)، البنية التحتية، اللامركزية والتنمية المحلية، والتشريع والعدل.

أدارها: د.خالد الشقران

حررها وأعدها للنشر: جعفر العقيلي، بثينة جدعون ومحمد الخصاونة

تشرين أول 2014

تشاركية متكاملة لإعداد الإطار

قال مدير السياسات في وزارة التخطيط د.مخلّد العمري إن وضع تصور مستقبلي واضح للاقتصاد الأردني للسنوات العشر المقبلة وفق إطار متكامل، يعزز أركان السياسة المالية والنقدية ويضمن اتساقها، ويحسن من تنافسية اقتصادنا الوطني، كما أنه يعزز قيم الإنتاج والاعتماد على الذات وصولاً إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.

وأضاف أن الرسالة الملكية تضمنت التوجيه نحو اتباع نهج تشاركي وتشاوري مع جميع الجهات والفعاليات (المؤسسات الحكومية ومجلس الأمة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والمجتمع المحلي)، والبناء على الجهود والدراسات المؤسسية والمتراكمة منها: مخرجات لجنة تقييم التخاصية، واستراتيجية تنمية المحافظات، والاستراتيجية الوطنية للتشغيل، وخطة عمل الحكومة (2013-2016).

 

وأوضح العمري أن حاجة الأردن إلى الإطار والرؤية تأتي لأسباب منها: تعزيز الإطار المؤسسي المستقر الذي يتم من خلاله رسم السياسات وتطوير الأعمال على المدى الطويل، ومحددات السياسة المالية التي لا تساهم في استيعاب الصدمات وتعزيز الاستقرار الاقتصادي (العجز والمديونية)، وكذلك الحاجة إلى المزيد من الإصلاحات الهيكلية التي تعزز من وتيرة النمو الاقتصادي وتتيح للفاعلين كافة المشاركة في عملية التنمية الشاملة، إضافة إلى ضعف آليات تشجيع القطاعات ذات الأولوية، واتساع الفوارق التنموية بين المحافظات من بطالة وتشغيل.

 

وقال إن الاستراتيجية الجديدة للنمو تقوم على التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة والإنتاجية العالية التي تعتمد في قدرتها الاستيعابية على تشغيل الأيدي العاملة الأردنية الماهرة مثل قطاعات (الصناعات الدوائية، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الخدمات البنكية، خدمات الأعمال، التعليم والصحة)، كما أنها تعتمد تطبيق سياسات تعزز استثمارات القطاع الخاص في بعض القطاعات الناشئة التي تتطلب قدراً كبيراً من المهارات (مثل قطاعات فروع تكنولوجيا المعلومات، التكنولوجيا النظيفة، الهندسة والعمارة) والتي تملك إمكانية كبيرة لتحقيق النمو وتشكل ميزة تنافسية للأردن.

 

وأضاف العمري أن السياسة النقدية تعمل على تعزيز عمليات السوق المفتوحة وتعميق سوق رأس المال (Capital Market Deepening)، في حين أن السياسة المالية تقوم على مراجعة إطار الإنفاق العام وتوسيع الحيز المالي وتحسين كفاءة تخصيصه.

 

وبيّن أن إدارة البنية التحتية تتم عبر وقف بناء المدارس والتركيز على المواصلات المدرسية، في حين أن الاستثمار مبني على تحسين البيئة التشريعية واستقرارها، وتقليل الاعفاءات، وكفاءة النظام الضريبي والتحصيل، وجغرافية الاستثمار (Zoning).

 

وأشار العمري إلى أهمية تعزيز دور المجالس المحلية والبلدية في رسم الخطط وتنفيذها على مستوى البلديات ومناطقها كجزء من الإطار التنموي العام.

 

وأوضح العمري أن من أهداف الإطار المتكامل للسياسات الاقتصادية والاجتماعية: تحقيق الاستقرار المالي، والحد من الهدر في الموارد المالية، وإيصال الدعم إلى مستحقيه، والوصول إلى مستويات آمنة من الدين العام، وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار ورفع مستوى تنافسيتها لتصبح قاطبة للاستثمارات المحلية والأجنبية في القطاعات الاقتصادية، وكذلك تعزيز مستوى الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى تطوير القطاعات الاقتصادية وتشجيع الابتكار فيها، وتعزيز أدوات ووسائل دعم القطاعات ذات الأولوية والقيمة المضافة العليا.

 

وأضاف أن من أهداف الإطار أيضاً: تشجيع عمل المؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وإيجاد المناخ الملائم لها بوصفها محركاً من محركات النمو الاقتصادي، وتعزيز دورها في إيجاد فرص العمل للشباب الأردني من خلال تشجيع روح الريادة والابتكار، وكذلك تعزيز السياسات الناظمة لسوق العمل والتركيز على العمالة المهنية المؤهلة بما يخدم عملية الإحلال التدريجي محل العمالة الوافدة وتشجيع دخول المرأة إلى سوق العمل.

 

وأكّد العمري أن إعداد هذا الإطار سيتم بطريقة تشاركية مع الجهات كافة، وسيتضمن التصور برنامجاً تنفيذياً حتى العام 2025 مرتبطاً بالأهداف الوطنية والقطاعية، ومحتوياً على مؤشرات لقياس الأهداف ومتابعة الإنجاز.

 

وأضاف أنه سيتم تفعيل وحدة متابعة ومراقبة الأداء الحكومي في رئاسة الوزراء، ونشر الإنجازات بشكل دوري بحيث تكون متاحة لاطلاع أطياف المجتمع كافة.

 

لجان لتنفيذ الخطة

 

وبيّن العمري أن هنالك لجاناً مقترحة ستعمل على تنفيذ الخطة، أهمها اللجنة التوجيهية التي ستشرف على إعداد رؤية اقتصادية واجتماعية 2025 وخطة عمل للسنوات العشر المقبلة، برئاسة رئيس الوزراء، والتي من مهامها الإشراف على إعداد رؤية اقتصادية واجتماعية حتى عام 2025، وخطط العمل التنفيذية، وإقرار المسودة النهائية للرؤية وخطة العمل، وسَتُسند أمانة سر اللجنة إلى وزارة التخطيط والتعاون الدولي.

 

وتابع العمري أنه سيتم تشكيل لجنة تنسيقية برئاسة أمين عام وزارة التخطيط والتعاون الدولي والتي من مهامها: إعداد الإطار العام للرؤية الاقتصادية والاجتماعية 2025 وخطة العمل للسنوات العشر المقبلة، واختيار فريق من الخبراء المحليين والدوليين، ومناقشة وإقرار التقارير الواردة من الخبراء وفرق العمل، وكذلك تنظيم جلسات عمل حوارية للأطراف ذات العلاقة (أعيان ونواب وقطاع خاص ومنظمات مجتمع مدني)، إضافة إلى مناقشة وإقرار المسودة الأولية ورفعها إلى اللجنة التوجيهية.

 

أما اللجان الفنية، فقال العمري إنها ستتضمن فرق عمل محورية قطاعية من مهامها: مراجعة الاستراتيجيات والتقارير والدراسات والمبادرات، وإعداد تقارير مفصلة ورفعها للجنة الفنية، ومراجعة الخطط الاستراتيجية والبرامج التنفيذية للقطاعات ورفع التوصيات المناسبة للجنة الفنية، إضافة إلى تحليل للواقع الحالي على مستوى المحاور والقطاعات وتحديد المعوقات والتحديات.

 

وبيّن أنه سيتم الاستعانة بخبراء لحضور اجتماعات فرق العمل الفنية، والاطلاع على أفضل الممارسات في العالم حول الاستراتيجيات بعيدة المدى، والاستفادة من التجارب الدولية في إعداد تصور للمرحلة المقبلة، وكذلك اقتراح نظرة مستقبلية للمحاور والقطاعات، ودراسة الترابطات الأمامية والخلفية بينها وربطها بالأهداف المحورية وتحديد الاولويات، إضافة إلى تحديد الأهداف الوطنية، والتأكد من ترابطها على جميع المستويات، واقتراح آليات ومبادرات وتوصيات ومؤشرات قياس أداء جديدة وتعديل القائم منها.

 

وأوضح العمري أنه سيتم العمل وبشكل متوازٍ مع إعداد الرؤية المستقبلية وخطط العمل التنفيذية على تطوير آلية جديدة للمتابعة، تقوم على الأخذ بمبدأ «التخطيط القائم على النتائج» الذي يحدد المخرجات بمؤشرات رقمية وكميّة تقيسان مدى تحقيق السياسات لأهداف الخطة، ونسب تنفيذ المشروعات.

 

وأشار العمري إلى أنه ستتم متابعة أداء الخطط والبرامج عبر متابعة تحقيق نتائج الخطة على المستويين القصيرة ومتوسطة الأمد من حيث متابعة تحقق الاهداف والمخرجات وقياس مدى تحقيق المؤشرات الأساسية والفرعية العددية والنوعية وعلى المستويات كافة، وإعداد كافة التقارير التحليلية اللازمة والتي تبين الأسباب والتفسير والربط بين التنفيذ والمخطط لتنفيذه.

 

وأضاف أنه سيتم متابعة تنفيذ المشروعات فنياً ومالياً عبر إعداد نموذج يتم من خلاله تحديد أوزان لكل مشروع في الخطة، والعمل على استخراج نسب الإنجاز من خلال الأوزان المعيارية التي تعكس نسبة الإنجاز الحقيقي وعلى مستويات الخطة كافة، كما سيتم العمل على تطوير آلية المتابعة على المستويات كافة من خلال المرحلة الثانية من MIS والممول من قبل UNDP.

 

ولخص العمري المخرجات المتوقعة للخطة بجزأين، أولهما: رؤية اقتصادية اجتماعية ترسم مساراً للتنمية الشاملة المتوازنة لتحقيق الرفاء للمواطنين، تتضمن تحليلاً للوضع الراهن والتعامل مع تحديات المرحلة، والخروج بأهداف وطنية، واقعية قابلة للتحقق والقياس، وثانيهما: خطط عمل تنفيذية ضمن ثلاث مراحل وفقاً لمنهجية الإدارة المبنية على النتائج، ترتبط بالأهداف العامة كما جاءت في الرؤية، وأهداف مرحلية وسياسات مرتبطة بالقطاعات وإجراءات تنفيذية يتم قياسها من خلال مؤشرات قياس أداء واضحة وقابلة للقياس.

 

تفعيل قطاع الإسكان

 

قال رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان م.كمال العواملة إن الإطار الاستراتيجي الذي وضعه الملك للاقتصاد الوطني للسنوات العشر القادمة، اعتمد على عدد من المرتكزات من أهمها: تأمين مستوى معيشي أفضل للشعب، وتعزيز السياسة المالية والنقدية، واتخاذ إجراءات للوصول إلى التنمية المستدامة عن طريق تحسين تنافسية الاقتصاد وتعزيز قيم الإنتاج والاعتماد على الذات، واتباع نهج تشاركي مع الجميع والبناء على الجهود والدراسات المؤسسية والمتراكمة، إضافة إلى كيفية تحسين بيئة الأعمال وتطبيق اللامركزية وتكثيف محاربة الفقر والبطالة.

 

وأضاف أن جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان ترى أن هذه الاستراتيجية تعد خطة عمل وطنية للسنوات العشر القادمة، مؤكداً أن الجميع عليهم الانخراط في تنفيذ هذه الخطة والحفاظ على ما يتحقق لضمان عدالة توزيع مكتسبات التنمية على جميع المحافظات وجميع المواطنين.

 

وقال العواملة إن قطاع الإسكان من القطاعات الاقتصادية المهمة التي يمكن إن تم تفعيلها أن تعمل ضمن هذه المرتكزات لتحقيق العديد من الإنجازات، مشيراً إلى أن مجمل استثمارات القطاع بلغت حوالي سبعة مليارات دينار أردني في العام 2013، مضيفاً أنه يمكن مضاعفة هذا الرقم إن تم اتخاذ إجراءات إدارية وتنظيمية من قبل الدوائر المعنية، ومن دون أن تتحمل الخزينة أي تكاليف إضافية.

 

وأوضح أن الحاجة السكنية في المملكة تبلغ حوالي 40 ألف وحدة سكنية لمقابلة النمو السكاني الطبيعي واستبدال المساكن القديمة، كما يتراوح إنتاج القطاع الخاص بين 30و35 ألف وحدة سكنية سنوياً.

 

ولفت العواملة إلى أن المواطن يعاني من صعوبة الحصول على شقة سكنية ضمن مقدرته المالية، نظراً للارتفاع الجنوني في أسعار الأراضي، وارتفاع كلف المواد الداخلة في إنشاء الشقق، والإجراءات الروتينية المعقدة والطويلة، إضافة إلى وجوب العمل على تلبية الحاجة السكنية للأشقاء السوريين النازحين والذين يناهز عددهم مليون و400ألف نسمة، والتي تصل بحسب تقديرات الأمم المتحدة إلى 60 ألف وحدة سنوياً، لافتاً إلى أنه يتم الاتفاق حالياً مع منظمات دولية لإعداد خطة وطنية حكومية لمواجهة آثار اللجوء السوري.

 

ورأى العواملة أن الخطوات التنفيذية للخطة الملكية يجب أن تهدف إلى توفير السكن للجميع، إما بالتزويد المباشر، أو باتباع النهج التمكيني، مضيفاً أن هذا يؤدي إلى تعزيز منظومة الأمن الاجتماعي، وتحسين الوضع الاقتصادي العام، كونه يستخدم النسبة الأكبر من الأيدي العاملة ويساهم في تحريك أكثر من 35 قطاعاً اقتصادياً مسانداً.

 

كما رأى العواملة أن هذه الخطة الاستراتيجية يجب أن تشمل حلولاً للمعضلات التي تواجه القطاع أولها: الإطار القانوني للجمعية، فقد أصبح من الضروري إعادة تنظيم قطاع الإسكان، ووضع شروط حازمة للعاملين في هذا القطاع، وإعادة ترتيب البيت الداخلي للمستثمرين.

 

وأضاف أن وضع قانون عصري ينظم مهنة الإسكان، ويعمل على حماية المستثمر والمواطن، ويتيح للمواطن أن يعود إلى المستثمر عند حصول أي خطأ في الأبنية السكنية، هو ضرورة ملحّة وأولوية قصوى لتنظيم العمل الإسكاني وتنظيم العلاقة بين الأطراف كافة.

 

وأشار إلى أنه تم تقديم مسودة مشروع قانون إلى وزارة الأشغال العامة والإسكان لتنظيم الالتزامات القانونية المترتبة على المستثمرين العرب والأجانب تجاه المواطنين.

 

وأضاف أن ثاني هذه المعضلات هو بناء الشراكات بين الجمعية والمؤسسات الحكومية المعنية بالقطاع، مبيناً أن إشراك القطاع الخاص والاستفادة من خبراته بشكل أكبر وأكثر فعالية في صناعة القرار في ما يخص قطاع الإسكان والقطاعات المختلفة المرتبطة به، سيؤدي بالضرورة إلى الوصول لقرارات صائبة لتطوير القطاع الخاص وتحديثه.

 

أما ثالث هذه المعضلات فيتمثل في العمالة الوافدة التي يعتمد عليها قطاع الإسكان بصورة كبيرة بسبب نقص توفر الكوادر الأردنية غير الماهرة وعزوفها عن العمل في قطاع البناء.

 

وأضاف أن حصر العمالة على هذا القطاع بجنسية واحدة أدى إلى ارتفاع كلفتها وسيطرتها على السوق، مؤكداً أنه لا بد من فتح أسواق جديدة للعمالة من دول شرق آسيا أوسواها.

 

وأوضح أنه يمكن التغلب على مشكلة التمويل العقاري عبر مبادرة البنوك لإطلاق برامج تمويلية طويلة الأجل، من خلال دعم وتفعيل دور الشركة الأردنية لإعادة تمويل الرهن العقاري، وذلك بزيادة رأسمالها ووضع حوافز وأدوات جديدة في مجال التمويل وتحت إشرافها، وزيادة النسبة المخصصة لدى البنك المركزي الأردني للمحفظة العقارية المقدمة من البنوك ضمن سقوف التسهيلات، وكذلك تحويل جزء من قرض المستفيد (المشتري) للمستثمر (البائع) وبما يتناسب مع نسبة الإنجاز في المشروع الإسكاني تحت الإنشاء في حال توثيق عقد البيع لدى دائرة الأراضي والمساحة (عقد الوعد بالبيع) أسوة بكثير من دول العالم، مما يسهل على الشركة الإسكانية ويوفر لها السيولة.

 

وأكد أن هذا الإجراء سيخلق المنافسة في تخفيض أسعار العقار في المملكة، إضافة إلى تخفيض الفوائد على القروض السكنية من خلال حوافز وإعفاءات معينة تقدم من الحكومة للبنوك ضمن آليات واضحة.

 

ودعا العواملة إلى حل معضلة تشريعات الأراضي عبر الإسراع بإقرار مشروع قانون الأراضي الموحد، وإيجاد وتطوير مؤشر عقاري أردني بالتعاون بين القطاعين الخاص والعام، الأمر الذي سيعزز ثقة المستثمر المحلي والأجنبي وغير المقيم بمستوى الأسعار السائدة.

 

كما دعا إلى إعادة تقدير أسعار الأراضي والشقق بشكل عادل لغايات التسجيل من خلال لجان مشتركة من القطاعين العام والخاص، بحيث تتم مراجعته مرة كل سنة أو سنتين مع اعتماد آخر سعر فعلي تم تنفيذ البيع عليه.

 

وتابع قائلاً إن الضرورة تقتضي أن يتم وضع نظام جديد للأبنية أو إدخال تعديلات جوهرية على النظام الحالي الذي مر على إصداره أكثر من ثلاثين عاماً، بحيث يحقق بشكل أساسي متطلبات منها: زيادة عدد الطوابق السكنية في مناطق أمانة عمان، وخاصة المناطق الجديدة، وتغيير اعتماد نسب البناء بحيث يمكن البناء على أكبر مساحة ممكنة من الأرض مع المحافظة على الارتدادات المعمول بها، إضافة إلى فتح مناطق تنظيمية جديدة داخل حدود العاصمة واعتماد أحكام تنظيمية متطورة داخلها بعد تقديم خدمات البنية التحتية اللازمة لها.

 

وأشار العواملة إلى المعاناة التي يواجهها قطاع الإسكان، بخاصة مع أمانة عمّان، والمتمثلة في الإجراءات البيروقراطية المعقدة خلال عمليات الترخيص والحصول على إذن اشغال، فقد تمتد فترة اتخاذ القرار مدة أربعة شهور للترخيص، ومثلها للحصول على إذن اشغال. إضافة إلى الإشكالات التنظيمية بسبب عدم وجود منظومة تعليمات موحدة للمعاملات كافة، مما ترتب عليه حصول ازدواجية وغياب العدل والإنصاف بين المعاملات، وتقليص دور اللجان المحلية وسحب صلاحياتها مما أدى إلى تحويل المعاملات إلى اللجنة اللوائية التي ينطبق عليها ما سبق.

 

ولفت إلى أن نظام الأبنية ما يزال غير ملائم للازدياد الطردي في عدد السكان، والارتفاع الهائل في أسعار الأراضي والمواد الإنشائية وما يترتب على ذلك من ضرورة زيادة عدد الطوابق، وفتح مناطق تنظيم جدية مدروسة.

 

واقترح أن يصار إلى فتح نوافذ استثمارية في كل من أمانة عمان الكبرى ودائرة الأراضي والمساحة بهدف التسريع باتخاذ القرار وإعطاء الموافقات اللازمة، وتقديم الخدمة للراغبين من المستثمرين مقابل دفع رسوم إضافية، مما يؤدي إلى سهولة انسياب المعاملات وإنهائها بشكل أفضل وأسرع، وضمان عدم تعطيل مصالح الأفراد الذين يراجعون هذه الدوائر.

كما اقترح تقديم حوافز وإعفاءات للأبنية التي تعمل على استغلال مياه الامطار، وعزل المباني، واستغلال الطاقة الشمسية، والبناء الاخضر، وتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية.

 

واقترح أيضاً أن تقوم شركة الكهرباء وبالتنسيق مع أمانة عمان والبلديات باستملاك أراضٍ تعد لغايات وضع محولات في كل منطقة تكون على نفقة الجهات المختصة، وعدم إرغام شركة الكهرباء للمستثمرين على وضع محوّل كهربائي داخل العمارة أو في حدود أرضها أو في طابق التسوية واصفاّ ذلك بـ»الإجراء غير القانوني»، ولافتاً إلى أن جمعية المستثمرين في قطلع الإسكان قامت بتقديم شكوى إلى هيئة تنظيم قطاع الكهرباء، وعقدت الهيئة أكثر من اجتماع مشترك بين الجمعية وشركة الكهرباء الأردنية بحضور مندوبين عن الهيئة، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء إيجابي حتى الآن.

 

وعرّج على إشكالية تأخر مواعيد مقاولي المياه الذين يقومون بربط العمارات السكنية على خطوط المياه التي تغذيها، مما يؤخر عملية بيع الشقق، علماً أن هذه الشقق تكون حاصلة على أذونات إشغال.

 

وفي ختام مداخلته اقترح العواملة اتخاذ إجراءات لوضع حلول عملية لقضايا قطاع الإسكان منها: عقد جلسة مشاورات برئاسة رئيس الوزراء ومشاركة وزراء الأشغال العامة والإسكان والبلديات، والعمل، والمالية، وأمين عمان الكبرى، ومدراء الدوائر والمؤسسات المعنية بالقطاع، وممثلين عن المنظمات الأهلية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، وتحديد المشكلات مع جميع الفاعلين في القطاع، ووضع حلول عملية مرتبطة بتوقيت تنفيذها، ضمن إطار زمني واضح، على أن يتم تحديد أدوار جميع الجهات في عملية التنفيذ.

 

كما اقترح وضع خطة عمل تتضمن آليات واضحة لقياس الإنجاز، وإعداد تقارير دورية تُرفع للمسؤولين وتتم مراجعتها مع المعنيين كافة، إضافة إلى إنشاء مجلس أعلى للإسكان يضم العاملين في القطاع بمكوناته الرئيسة (الأرض، والتمويل، والبناء) يشرف على وضع السياسات، ويراقب تطبيقها، ويرصد آثارها على القطاع وعلى الاقتصاد الكلي، وعلى المواطنين، وتأسيس صندوق للتنمية العقارية يتولى فتح قروض للمواطنين بفوائد ميسرة، ومنح قروض لشركات التطوير العقاري من أجل إنشاء بنية تحتية لمناطق تنظيمية جديدة وانشاء مشروعات كبرى.

 

التشاركية مع القطاع الخاص

 

قال رئيس «إسناد للاستشارات» د.خالد الوزني إن هناك سجالاً حول أهمية التخطيط ووضع تصور مستقبلي للاقتصاد في ظل الأوضاع القائمة في الإقليم وعلى المستوى الدولي.

 

وأضاف أن الرسالة الملكية للحكومة في نهاية آذار 2014 جاءت في وقتها، ففي ظل الصورة الضبابية القائمة «لا بد من رسم خطة اقتصادية تتعامل مع نقاط الضعف وتعظّم من نقاط قوة الاقتصاد وتأخذ في الاعتبار التحديات وتخلق الفرص المناسبة».

 

وبيّن أن الرسالة الملكية لوضع تصور مستقبلي للاقتصاد هي بمثابة توجيه لضرورة رسم بوصلة الاقتصاد في المرحلة القادمة وبالشراكة الكاملة مع القطاع الخاص.

 

وأوضح أن اتباع نهج تشاركي أو تشاوري هو الأساس في العمل في مجال التخطيط الاقتصادي السليم في الأردن، وهو ما دعت إليه الرسالة الملكية، فالاقتصاد الأردني يحلّق دوماً بجناحين: القطاع العام والقطاع الخاص.

 

ورأى الوزني أن هناك ضعفاً شديداً في التشارك مع القطاع الخاص، وأن العديد من الحكومات همّشت هذه التشاركية.

 

ولفت إلى أن ما تقوم به الحكومة بناء على التوجيه الملكي، هو سبيل لإعادة التشاركية ضمن مؤتمر وطني يتحدث فيه الجميع بشراكة كاملة بين القطاعين.

 

وأكد الوزني أن عملية الإصلاح قضية تدريجية ومرحلية وليست ثورية مفاجئة، وهذه المرحلة تحتاج إلى خطوات تهدف إلى إقناع العامة بوجود مسار يضع الاقتصاد على الطريق السليمة لتحسين مستوى النمو ومعيشة المواطن، ولكن ليس بعد عشر سنوات، بل على مدار السنوات العشر وما يعنيه ذلك من خطوات تدريجية تُلمَس بعض آثارها في الأجل القريب، وبعضها الآخر في المستويين المتوسط والبعيد.

 

تكليف مستمر من الملك

 

قال الخبير الاقتصادي زيان زوانة إن الإصلاح لا يتجزأ، وإن الإصلاح الاقتصادي لا ينفصل عن الإصلاح السياسي بالمعنى الشمولي، مضيفاً أن تركيز الحكومة على الإصلاح الاقتصادي بوصفه المحور الأساسي والضروري، وبأنه يمكن تأجيل الإصلاح السياسي، أدى إلى انتهاءنا بتحديات اقتصادية وسياسية عميقة وخطيرة من دون أن نحقق إصلاحاً شمولياً يُعد ركيزة للسير إلى الأمام.

 

وأوضح أن التحدي الآخر الذي يواجهه الأردن يتمثل في «العجز عن نقل على أرض الواقع»، فلو وُضِعت أحسن الخطط والسياسات على الورق ولم ننفذها «فكأنها لم تكن».

 

وأكد زوانة أن التشريعات والقوانين لا تحقق إصلاحاً أو تطوراً أو حلاً للمشاكل إذا لم يتم تفعيلها والعمل بها وتطبيقها على أرض الواقع نصاً وروحاً، لافتاً إلى أن منظومة التشريعات «راقياً» و»على مستوى ممتاز» لكنها لا تطبق إما لأن المسؤول عاجز عن تطبيقها أو لأنه لا يريد تطبيقها أو لأنه يفصّل آلية تطبيقها تبعاً لهواه، فننتهي إلى عدم سيادة القانون.

وتوقّف زوانة عند التقرير الاقتصادي الذي أصدره مؤخراً البنك الدولي عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وحمل عنوان «سياسات سيئة لا تحقق نمواً اقتصادياً (Poor Policies- Poor Growth) حيث تناول التقرير سبع دول لديها سياسات اقتصادية سيئة لا تنتج نمواً اقتصادياً، (مصر وليبيا وتونس ولبنان واليمن والأردن وإيران)، مشيراً إلى أن التقرير ركز على ارتفاع مديونية هذه المجموعة وراتفاع البطالة وإصرار صانعي القرار الاقتصادي فيها على التفاؤل والاحتفاظ بصورة مشرقة عن اقتصاد بلدانهم بشكل يخالف الواقع، ورفضهم للإصلاحات المطلوبة.

 

وأضاف زوانة أن الأردن لا يستحق أن يدرج ضمن هذه المجموعة من الدول التي تعاني حالة غليان داخلي وعدم استقرار عطّل الاقتصاد فيها، فالأردن لا يعاني من حالة مماثلة لما تعانيه مصر وليبيا وتونس ولبنان واليمن، بالرغم من أن النتيجة وفقاً للتقرير واحدة.

 

وأوضح أننا نعاني من تركيز الحكومات خطابياً على التشاركية في صنع القرار بحدود دنيا من التطبيق الفعلي على أرض الواقع.

 

وقال إن إهمال نظام التعليم والتعليم العالي أدى إلى انتقال الأردن من الريادة إلى التراجع المستمر في قدرة مواردنا البشرية.

 

ورأى أننا نتعرض في الأردن لحالة تغير شديدة في المنظومة الاجتماعية، وعلى سبيل المثال: في الماضي كانت الأسرة تدفع أبنائها للدراسة عبر عبارات تحفيزية كانت جزءاً من منظومتنا التربوية والاجتماعية والتصقت بشخصيتنا الاجتماعية الأردنية، في حين أن الأهل الآن يتفنون في تهريب الأسئلة لأبنائهم والسماح لهم بالغش بل وتشجيعهم عليه.

 

وقال زوانة إن هناك أسئلة كثيرة تثيرها السياسات الحكومية الاقتصادية، وتكمن إجاباتها عند الحكومة بوصفها سلطة تنفيذية، ومنها: هل تستمر الحكومات بتطبيق السياسات نفسها التي لم تحقق النمو القادر على ايجاد وظائف لأبنائنا وبناتنا، والتي أوجدت أكثر من ثلاثين مهنة يخلق اقتصادنا وظائف فيها لكن لغير الأردنيين، منتجةً تشوهات عميقة في سوق العمل، أم تستمر بنهج سياسات الإنفاق التي أنتجت مديونية وصلت 30 مليار دولار، والاقتراض من أي مصدر كان واعتبار الحصول على القرض إنجازاً حكومياً، وهل تستمر بإغماض العيون عن ارتهان الأردن سياسياً واقتصادياً لقرار المقرض أياً كان، والضغط على السياسة النقدية وتحميل البنك المركزي أكثر مما يستطيع التعامل معه، لنصل في النهاية إلى انهيار السياستين المالية والنقدية؟

 

وأشار زوانة إلى أن الحديث لا ينقطع منذ العام 2005 عن تكليف الملك للجنة العليا لوضع الأسس لنظام اللامركزية في الأردن، من دون أي مخرجات فعلية، إضافة إلى التنافس بين الوزارات والمؤسسات الحكومية على من سيقود عملية اللامركزية، متسائلاً: أين التنفيذ المرحلي الجزئي المبرمج لذلك؟

 

تقسيم الخطة زمنياً

 

دعا رئيس شركة عقل للاستشارات مفلح عقل إلى متابعة تنفيذ الخطة العشرية مع الوزارات المعنية ومراجعة الأداء سنوياً، وأن تُقسّم كل مرحلة إلى ثلاث سنوات وذلك لوجود متطلبات لتحقيق النمو الاقتصادي وخلق مستوى تعليمي جيد، يُنتج خريجين مبدعين.

 

ولفت عقل إلى دول صاغت سياسات تضمنت العدالة وحرية الاختيار والمحاسبة، جعلتها اليوم مركز العالم، مثل دبي، في حين أننا في الأردن نفتقر للاختيار الجيد والمحاسبة والالتزام بالقانون، إضافة إلى غياب الحرية الاجتماعية.

 

وأوضح أن مشكلتنا في الأردن تكمن في وضع الأهداف وفي التنفيذ، إضافة إلى أن تنمية الموارد البشرية والاجتماعية «على الرف»، فنحن نضع الهدف بطريقتين: إما بإحضار خبراء اقتصاديين وسياسيين وماليين لوضع مشروع لعشر سنوات ومن ثم حفظه في الكمبيوتر، وتحديد المخرجات اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، ثم إعادة النظر في بعض الأمور.. أو أن توضع الأهداف للخطة العشرية 2015-2025، ليكون خريجو الجامعات والقبول فيها بمستوى معين، وتوضع طرق التنفيذ لها.

 

وختم عقل حديثه بقوله: إننا بحاجة للتغيير إذا أردنا أن يبقى الأردن في المقدمة في كل المجالات.

 

خطة عشرية متحركة

 

دعا مدير عام جمعية البنوك د.عدلي قندح إلى أن تكون الخطة العشرية «متحركة»، مؤكداً أن التخطيط لم ينته، وانتهاؤه يعني أن العالم المتطور انتهى! فهناك دول تقوم بالتخطيط لسنوات طويلة من 50 إلى150 سنة.

 

وأشار إلى وجود توجه لدى الحكومة نحو التخطيط، آملاً أن تصب محاوره الرئيسية في معالجة المشاكل التي يواجها الاقتصاد الأردني، ومنها الهيكلية والاقتصاد الريعي المعتمد على المساعدات، لافتاً إلى أن نسبة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الأردني تصل إلى 60%، إضافة إلى وجود دعم نقدي للمواطنين.

 

وطالب قندح أن يتحول الاقتصاد نحو مشاريع مختلفة تستفيد منها شرائح المجتمع، وأن تكون الخطة لمدة 10 سنوات وتتضمن دوراً أكبر للقطاع الخاص.

 

وقال إن العجوزات الرئيسية تعد من المشاكل التي يواجهها الاقتصاد والتي تتمثل في عجز الموازنة العامة والميزان التجاري والحساب الجاري، مؤكداً أنها جميعاً تلقي عبئاً كبيراً على الموازنة والقطاع الخاص.

 

وأضاف قندح أن الفقر والبطالة وتنمية المحافظات تعد من المشكلات الأساسية في الموازنة ويجب الحد منها، إضافة إلى التهرب الضريبي الذي قدرت قيمته بمليار و600 مليون دينار، وفاقد المياه والكهرباء والتي تعد من القطاعات الأساسية التي تشكل نقاط محورية في السياسة المالية والبنية التحتية، فقد وصلت نسبة فاقد المياه إلى 42%،80% منه ناتج عن السرقات و20% بسبب الشبكة المهترئة، في حين أن فاقد الكهرباء وصل في العام 2012 إلى 12%. داعياً إلى معالجة هذه المشاكل من دون اللجوء إلى تغيير أي قانون.

 

وشدّد قندح على تحديث التشريعات وتطويرها، وخاصة ما يتعلق بتحفيز الاستثمار. ودعا إلى الابتعاد عن تضارب النصوص القانونية في التشريعات، آملاً ألا يخرج قانون جديد يلغي ميزة قانون الصكوك الإسلامية الذي يعطي إعفاءات كاملة من ضريبة الدخل، وأن تأخذ القوانين في الحسبان التشريعات الموجودة في الإقليم (الخليج وتركيا ومصر) بحيث تصل تشريعاتنا إلى المنافسة.

 

وقال إنه بالرغم من تطور بعض مناهج التعليم الأساسي والجامعي، مثل منهاج الرياضيات والعلوم والفيزياء، إلا أن هناك مناهج بحاجة إلى تطوير وخاصة في الصفوف الأساسية الأولى.

 

كما دعا قندح إلى التركيز على مأسسة عملية التنسيق بين مبادرات الحماية الاجتماعية ووزارة التنمية الاجتماعية. وأكد على بقاء المسؤولية المجتمعية طوعية وغير إلزامية في قوانينها وذلك لإبعادها عن الضريبة، وإلى إيجاد حوافز ضريبية تقدم مبادرات لتحفيز الشركات على مزيد من المبادرات.

 

برامج لإدارة الموارد البشرية

 

قال الخبير المالي والمدير العام السابق للمؤسسة الصحفية الأردنية (الرأي) إبراهيم الدويري إنه ليس هناك اختلاف بين الخطة المزمع وضعها والرؤية الاقتصادية لعام 2025، مبيناً أن الصادرات مفتاحُ النمو الاقتصادي، ومنها تنطلق المؤشرات الكلية إلى المؤشرات الجزئية للقطاعات كافة.

 

وتساءل: ما عناصر هذه الرؤية لنصل إلى الحلول؟! هل هي المحاور الستة التي تناقشها هذه الندوة، مضافاً إليها ما جاء في الأجندة الوطنية عام 2006: النمو المستدام، وتنافسية الاقتصاد، وزيادة الإنتاجية، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية، والحد من ارتفاع الأسعار، وتوفير فرص العمل، والتركيز على قطاعات التعليم والصحة والإسكان والطاقة.

 

ولفت الدويري إلى أن خطاب الموازنة لعام 2006 ركّز على عشرة اختلالات هيكلية في الاقتصاد الأردني: عجز الموازنة المتواصل (المزمن)، وعجز الحساب التجاري والجاري، وارتفاع المديونية، وارتفاع الأسعار، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وتدني مستوى الإنتاجية، وتراجع تنافسية الاقتصاد الوطني، والاعتماد على المساعدات الخارجية، وارتفاع فاتورتي التقاعد والدعم، وهيكلية الإنفاق الرأسمالي والجاري.

 

ورأى أن من أسباب ذلك ثلاثة أنواع من العجز: عجز الإدارة الحكومية، أي عدم قدرة الحكومة على ممارسة الرقابة الاستراتيجية الكافية؛ وعجز الأداء، أي عدم تحديد الوظائف والأنشطة الحكومية المتوقفة بشكل واضح، وعدم توفر حوافز تشجع على تحقيق الإنجازات الجديدة؛ وعجز مؤسسي، وذلك عندما لا تستطيع القوانين والنظم إصلاح وتنظيم السلوك الخاطئ.

 

وأشار إلى أهمية المساءلة والمحاسبة، فالقوانين موجودة، لكن عجز الإدارة الحكومية وعجز الأداء والعجز المؤسسي أدى في النهاية إلى العجز المالي.

 

واقترح الدويري أن يكون هناك برامج لإدارة الأفراد، والأموال، والموجودات، والمعلومات.

 

وأوضح أن جزءاً من البرامج التنفيذية الموجودة مكوِّنة للخطة المستقبلية، وأن هناك سياسات عامة تضعها لجنة برئاسة رئيس الحكومة، ولجنة تنسيقية برئاسة وزير التخطيط، ولجان فنية فرعية تبعاً للقطاعات (الصحة، والتعليم، والاقتصاد...).

 

ولفت إلى أن الفجوة التمويلية الموجودة في الحساب التجاري بحاجة إلى معالجة، لأن الاحتياطي في البنك المركزي يبلغ 14.3 مليون دولار، وموارده ليست من الاقتصاد الوطني.

 

وأكد أننا إذا استطعنا أن نقاط الضعف والخلل في بنية الاقتصاد وهيكليته يمكننا عندها أن نضع خطة، على أن تصاغ جيداً وتتضمن أهدافاً كلية وواضحة لكل القطاعات تكون قابلة للتحقق.

 

وتساءل الدويري عن مدى انسجام وظائف وأهداف الوزارات في الحكومة بحسب القوانين والأنظمة مع القطاعات الأربعة (القطاع النقدي المصرفي، قطاع الإنتاج والتشغيل، قطاع المالية العامة، والقطاع الخارجي).

 

ورأى أن القضية إدارية في الدرجة الأولى، فهناك قرارات إدارية تتدخل في القرارات الاستراتيجية الأساسية.

 

الأدوار التكاملية «للقطاعين»

 

قال رئيس مكتب «الاستشاريون العرب» ليث القاسم إن عملية التخطيط توفر الفرصة للوصول إلى فهم جماعي لأولوياتنا الوطنية، وإلى تركيز وتنسيق جهودنا الوطنية المبذولة من قِبل القطاعين العام والخاص، مضيفاً أن عملية التخطيط ستعمل على تطوير التوافق في الآراء بشأن أولوياتنا الوطنية، وإحراز فهم مشترك للأدوار التعاونية والتكاملية للقطاعين العام والخاص.

 

وأشار إلى أن التنسيق والتعاون بين القطاعين العام والخاص في الماضي كانا في أوجهما، وذلك حين كان كلاهما غير موسر مادياً، وكانت التنمية الاقتصادية في الأردن تتطلب تنسيقاً وجهداً صادقين من القطاعين معاً.

 

وأكد أن ما يحتاجه الأردن هو التركيز على التنفيذ بعد وقوعه بالفشل في السنوات الـ 25 الماضية، مضيفاً أن خطة «رؤية الأردن 2025» هي مجرد بداية، إذ إن التخطيط هو الجزء الأسهل.

 

وأضاف القاسم أن أحد الأهداف الرئيسة للخطة هو تحديد أنّ أي تقدم اقتصادي أو تنموي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال العمل المتكامل بين القطاعين العام والخاص، فقطاع واحد لا يمكن له تحقيق النجاح، وبالتالي فإنه من الأهمية بمكان أن يتم التعاون والتنسيق المسؤول في تنفيذ ومتابعة الخطة التنموية.

 

وأوضح أن خطة 2025 ستحدد العديد من الأهداف والمهام، فعلى المدى القريب، يحتاج القطاعان العام والخاص لتحديد التحدي الأكثر إلحاحاً في الأردن بهدف تركيز الموارد والجهود، ليس فقط لمعالجة التحديات الأساسية، بل لتطوير الخبرة في كيفية تنسيق العمل؛ مبيناً أن هذه المهارة قد ضعفت مع مرور الزمن، مضيفاً أنه عند إحراز الخبرة والقدرة على العمل التشاركي يتسنى تنفيذ المزيد من المهام والأنشطة المحددة في الاستراتيجية الجديدة بنجاح.

 

وقال القاسم إن العملية التنموية تتطلب جهداً طويل الأمد مع احتمالية أن تكون هناك نجاحات فورية قليلة أو معدومة، موضحاً أن «رؤية الأردن 2020» أفرزت 141 توصية فردية استهدفت اصلاح الحكومة، لكنها لم تحدد دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية.

 

وأضاف أنه كان لوزارة التخطيط دور فعال في تنفيذ 67 مقترحاً من الإصلاحات المقترحة كلياً وتنفيذ 52 من المقترحات الأخرى بشكل جزئي بحلول عام 2005، مؤكداً أن الإصلاحات لم تُؤدّ إلى أي تقدم اقتصادي ملموس، ورأى أن القطاع الخاص تعامل حينئذ مع الخطة التنموية كمتلقٍّ ومستفيد من الإصلاحات الحكومية، وليس كشريك مسؤول في عملية الإصلاح.

 

وتابع القاسم قائلاً: إن جمعية الرواد الشباب قامت في 2002/2003 بإعادة تشكيل ائتلاف مكون من جمعيات أعمال، وعملت على تطوير «رؤية الأردن 2020»، وكانت هذه المبادرة أكثر شمولية وتطلبت قيام القطاع الخاص بتحديد دوره في تطوير القطاعات العشرة التي منها: الخدمات الطبية/ السياحة العلاجية، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الأدوية، الهندسة المعمارية والهندسة، تصنيع الملبوسات، خدمة التعليم العالي (السياحة التعليمية)، صادرات الفواكه والخضراوات، تعدين وتصدير الحجر والرخام، السياحة، وتصنيع المواد الغذائية.

 

ولفت القاسم إلى أنه تم إطلاق هذه المبادرة في عام 2004 بالتعاون مع الحكومة التي شاركت من خلال وزارات: التخطيط، والتعاون الدولي، والتعليم العالي، والصناعة والتجارة، ووزارة السياحة والآثار، إضافة إلى مؤسسة تشجيع الاستثمار، وفريق الأجندة الوطنية، وكذلك الجمعيات العشر التي تمثل القطاعات الاقتصادية الفردية.

 

وبيّن أن المرحلة الثانية (JV2.0) عملت على تجسير الفجوة بين القطاعين العام والخاص من خلال تحديد المسؤوليات المنوطة بكل منهما، مشيراً إلى أن القطاع العام كان أكثر استجابة، في حين أن القطاع الخاص تخلّف في التنفيذ إلى أن تم إطلاق برنامج التنمية الاقتصادية في الأردن بتمويل من (USAID) في العام 2007، فقد استخدمَ برنامجُ (USAID) المرحلةَ الثانية (JV2.0) كمرجعية أساسية لتنمية القطاعات المختلفة، مؤكداً أن البرنامج حقق نجاحات في تيسير التنمية الاقتصادية من خلال تعزيز نمو الصادرات وخلق فرص العمل.

 

وأنهى القاسم مداخلته بقوله إن عملية التخطيط التي بدأتها وزارة التخطيط، فرصة رسمية لتعزيز النموذج التنموي الوطني في الأردن، مضيفاً أن من أهم الدروس المستفادة من هذه التجربة أنه رغم توفر الخطط الجيدة فإن الحاجة مُلحّة للتركيز والعمل المستمر والجهد الدؤوب خلال عملية التنفيذ، كما أن تنفيذ المزيد من الخطط يوثّق معرفتنا الوطنية الجماعية بنقاط القوة والضعف لدينا، ومع مرور الوقت تسمح لنا هذه التجربة بمعالجة نقاط الضعف وجعل خططنا أكثر فاعلية.

 

دور للسوق المالي

 

شدّد المحلل والاستشاري المالي زياد الدّباس على أهمية وجود دور للسوق المالي في الخطة العشرية وذلك عبر إصدار السندات والصكوك، مشيراً إلى أن أموال الصكوك لم تُستغل، فهي مجمدة وبعيدة عن الدورة الاقتصادية رغم أن الموافقة عليها تمّت منذ ستّ سنوات.

 

وقال الدباس: عندما كان سوقنا قوياً كانت الجهات الرقابية غائبة عن الساحة، والآن نصف الشركات متعثرة، لذا لا بد أن يكون في اللحظة دور للسوق المالي وتعميقه وتنويع أدواته ليكون له دور كبير في التمويل لأنه أساسي، والاتجاه نحو الاقتراض الداخلي بدلاً من عن الاقتراض الخارجي.

 

إدارة حقيقية

 

أكد مدير شركة ضمان القروض د.محمد الجعفري على ضرورة إيجاد إطار متكامل للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وأن يؤخذ على محمل الجد من الأطراف المعنية.

 

وقال الجعفري إن التمييز بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والنمو الاقتصادي مسألة أساسية، مشيراً إلى أننا نعاني من جلد الذات، إضافة إلى التحديات التي يواجهها اقتصادنا وعلى رأسها التحدي الجغرافي والسياسي والموارد.

 

وأضاف: يجب النظر إلى ما هو خلف الظواهر الاقتصادية، وإعادة النظر في مسألة الاعتماد على مصدر وحيد للطاقة، فلن يكون وضع الموازنة العامة بالصورة السلبية التي بدت عليها لو تم استثناء الدعم الموجه للمحروقات.

 

وتابع الجعفري: «نفتخر بأن الأردن يصّدر الكفاءات العاملة في المجال الاقتصادي وأنه يتبع المنهجية العملية»، مضيفاً أننا نثق بأرقامنا بصورة مطلقة، بصرف النظر عن مصدرها.

 

ورأى أن التشخيص الدقيق لحالة الاقتصاد الأردني، يكشف أننا لا نعاني أزمة اقتصادية، فما زلنا في معدلات نمو اقتصادية موجبة، وفي المسألة المالية العامة فإننا لا نعاني من أزمة كبيرة إنما هي أزمة محددة، مؤكداً على وجوب صياغة السياسات على هذا الأساس.

 

ودعا الجعفري إلى الأخذ بالتشاركية الموضوعية بين القطاعين الخاص والعام، لافتاً إلى أن الأردن يفتقر إلى ما يسمى «المؤسسات الفكرية المستقلة» التي تقدم رأياً حيادياً منهجياً علمياً وموضوعياً.

 

كما دعا إلى القيام بدراسة مستقلة تحلل وضع البطالة في الأردن، وتتحدث عن الطبقة الوسطى، والتطور الذي طالها والتغيرات التي حدثت لها خلال السنوات العشر الأخيرة، وجيوب الفقر في المملكة، وذلك عبر إنشاء مراكز فكر ودراسات تجري دراسات علمية وتقدم الرأي والمشورة للحكومة.

 

وأكد الجعفري أن من المهم اقتران التوقعات والأهداف الكمية بسياسات محددة، ونقلها للجميع بدقة ووضوح، مضيفاً أن تخيض عجز الموازنة يتطلب تخفيض الدعم والرواتب وتقليص عدد العاملين، لافتاً إلى أن العنصر الأهم هو الالتزام بالتنفيذ والمتابعة من المؤسسات كافة.

 

وأوضح أن ما تقوم به الحكومة هو وضع تصور للاقتصاد الأردني، مضيفاً أن هذا سينتج عنه برامج فرعية يجب متابعة تنفيذها بشكل دقيق بشكل تلتزم به المؤسسات كافة بالمستوى المطلوب، لافتاً إلى وجوب أن يكون لكل برنامج مراجعة دورية ربعية مع صندوق النقد الدولي، بخاصة أن المنطقة غير مستقرة واقتصادنا صغير ومنفتح.

 

اهتمام الملك بالقطاع الخاص

 

قال مدير عام غرفة صناعة الأردن د.ماهر المحروق إن الخطة العشرية ومشاركتنا بها تعكس مدى اهتمام الملك بالقطاع الخاص، وما يعوله عليه من أداء دور اقتصادي تنموي مميز، بخاصة في ظل الظروف الصعبة والتحديات التي نمر بها.

 

وأضاف أن التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأردني ليست بجديدة لكن الوضع العربي والإقليمي زادها تعقيداً، ما دفع الملك إلى الإشارة بشكل مباشر وواضح ودون مواربة بضرورة قيام الحكومة بوضع تصور مستقبلي للاقتصاد الأردني للسنوات العشر القادمة، وبما يعزز أركان السياسة المالية والنقدية ويضمن اتساقها وتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني، مضيفاً أن هذا كله يهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطن الذي يعد محور اهتمام سيد البلاد.

 

وأشار المحروق إلى تأكيد الملك على ضرورة أن يكون النهج تشاركياً مع الجهات كافة، بحيث يبنى على ما سبق من جهود وإنجازات.

 

وأكّد المحروق أن القطاع الصناعي جزء لا يتجزأ من هذا الاقتصاد، مضيفاً أن معظم التحديات التي يتعرض لها القطاع الصناعي هي نفسها التي تواجه الاقتصاد الأردني، بالرغم من فقدانه بوصلته قليلاً شأنه شأن القطاعات الاقتصادية الأخرى.

 

وبيّن المحروق أن القطاع الصناعي يلعب دوراً رئيساً في مجال التنمية الاقتصادية، فهو يساهم بحوالي 25% من الناتج المحلي الإجمالي بشكل مباشر، إضافة إلى مساهمته غير المباشرة فيه، كما أنه يرفد الاحتياطيات الأجنبية بأكثر من 8 مليارات من العملة الصعبة نتاج التصدير والاستثمار، إذ تشكل صادرات هذا القطاع حوالي 95% من إجمالي الصادرات الوطنية، كما تشكل الاستثمارات المسجلة في القطاع الصناعي حوالي 70% من اجمالي الاستثمارات المسجلة في الأردن على مدار العقد الماضي.

 

وأشار إلى أن الصادرات الصناعية سجلت نمواً مقداره 7% خلال الربع الأول من العام الحالي، وهو ما يدل على جدية هذا القطاع وإنجازاته.

 

وأضاف المحروق أن القطاع الصناعي يرفد خزينة الدولة بأكثر من 1.5 مليار دينار جراء الضرائب والرسوم المفروضة عليه، أي أن القطاع يدفع 40 قرشاً كضرائب ورسوم على كل دينار قيمة مضافة يحققها، أو أن كل دينار إنتاج يدفع 10 قروش للخزينة.

 

وأوضح أن القطاع يشغل أكثر من 240 ألف عامل وعاملة جلهم من الأردنيين، دافعاً رواتب وتعويضات تقدر بحوالي 1.2 مليار دينار سنوياً، ومعيلاً ما يقارب من مليون مواطن أردني. إشارة إلى أن معدل عدد العمالة في المنشأة الواحدة من المنشآت الصناعية يقدر بحوالي 13 عاملاً، مقارنة بحوالي عاملَين للمنشأة في القطاعات الاقتصادية الأخرى، مضيفاً أن هذه تعد إشارة واضحة إذا ما كنا نتطلع إلى العمل لمعالجة مشكلة البطالة.

 

كما أشار المحروق إلى أن أداء قطاع الصناعات التحويلية في الأردن من حيث القيمة المضافة يحتل المرتبة الأولى من بين 19 دولة، متقدماً في هذا المضمار على مصر والإمارات والسعودية وحتى تركيا، كما أن أداء القطاع الصناعي حقق أداءً أفضل من قطاع الخدمات الذي حل فيه الأردن في المرتبة الثالثة ضمن دول الإقليم، الأمر الذي يستدعي الوقوف الجدي عند أهمية القطاع الصناعي وإمكانيات تطويره، وذلك وفقاً لما جاء في تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

 

وقال المحروق إن هذه الإشارات السريعة تؤكد على ضرورة أن تتضمن الخطة العشرية التي تعكف عليها الحكومة اليوم ما يستحقه القطاع الصناعي من رعاية، وتهيئة بيئة عمل عادلة، ليستمر في تحقيق إنجازاته من جانب، وقدرته على المساهمة التنموية الفاعلة من جانب آخر. مؤكداً أن القطاع على أتمّ استعداد للاستمرار بأداء رسالته.

 

واقترح المحروق أن يكون نهج هذه الخطة وروحها وآلية عملها مبنية على المشاركة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص، داعياً إلى العمل على تعزيز دور القطاع الصناعي في الاقتصاد الوطني لما له من دور تنموي اقتصادي واجتماعي (المساهمة في الناتج والتشغيل وتعزيز إيرادات الدولة)، مضيفاً أن أي قطاع خدمي لا بد له من قطاع صناعي قوي يدعمه ويعززه، ويأتي ذلك عبر تضمين هذه الخطة محوراً للنهوض بالقطاع الصناعي من خلال وثيقة للسياسة الصناعية وفق الأصول والمعايير الدولية المتعارف عليها.

 

كما اقترح أن تتضمن الخطة أسس وآليات عملية قابلة للتطبيق في ما يتعلق بتحسين بيئة العمل في الأردن، وجعله وجهة للاستثمار والمستثمرين، إضافة إلى ما يتمتع به الأردن من أمن وأمان واستقرار يحتم على الجميع الاستفادة من هذه النعمة التي حبانا الله بها.

 

وأوضح المحروق أن من أبرز هذه الأسس تحسين أسس الحصول على التمويل للمنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة، وذلك من خلال إيجاد دور للبنك المركزي والبنوك التجارية تبعاً للعمل في هذا المضمار العام.

 

ودعا أن تتضمن الخطة آليات وبرامج لتحسين البيئة التشريعية والعمل على استقرارها، بحيث ترتقي التشريعات إلى مستوى طموح جلالة الملك ورغبته في جعل الأردن محوراً جاذباً للاستثمار في المنطقة، وأن تعزز الخطة تنافسية القطاع الصناعي كمحور أساسي لها، نظراً لإنجازاته من حيث قدرته في المساهمة في استحداث فرص عمل وتعزيز الاحتياطيات.

كما دعا إلى الإسراع في وضع أسس وآليات لتنفيذ وتطبيق برامج ومشاريع الطاقة والطاقة المتجددة نظراً لخطورة هذه القضية من جانب وأهميتها للصناعة من جانب آخر.

 

التعليم أساس الاقتصاد

 

قال مدير مركز دراسات الشرق الأوسط م.جواد الحمد إن التعليم أساس الاقتصاد وتطور المجتمع، مشيراً إلى أن هنالك هبوطاً عاماً في مستوى التعليم في الأردن، وبخاصة في الجامعات.

 

وأشار الحمد إلى أننا نعاني من قلة عدد الخبراء النخبوييون في البحث العلمي، وعدم وجود من يتخذ قراراً حقيقياً في هذا المجال.

كما أن هنالك إشكالية في الإنفاق على موضوع البحث العلمي، وتوفير المعاهد داخل الجامعات له.

وقال الحمد إن التعليم في الجامعات أصبح «تجارياً»، مشيراً بذلك إلى القبول في البرنامجية الموازي والدولي.

ودعا الحمد إلى إعادة تقييم الكتب والبحث العلمي ونظام القبولات في الجامعات للارتقاء من جديد بمستوى التعليم في الأردن.

 

تخفيض النفقات وزيادة الدخل

 

قال عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال الأردنيين حسام الهدهد إن الأردن عانى خلال الفترة الماضية من كونه بلداً محدود الموارد، ينتشر فيه الفقر بشكل واضح، والنفقات العامة فيه عالية جداً، كما أن عدد الموظفين في القطاع العام في بعض المؤسسات يزيد على الحاجة.

 

وبيّن الهدهد أن الدولة من واجبها دستورياً أن توفر أعمالاً للمواطنين وتؤهلهم لها، وتعيد تدريب الموظف العام، وتقدم له الراتب المناسب، وإلا سيتم التوجه للعمالة التي تستطيع القيام بأعمالها على أكمل وجه.

 

وأوضح أن الوضع الاقتصادي الراهن أدى إلى التوجه نحو مزيد من الاقتراض بفوائد، داعياً إلى دراسة تخفيض النفقات وزيادة الدخل، وذلك عن طريق إيجاد البيئة المناسبة، ليستطيع المستثمر أن يضع رأسماله في الأردن ويستثمره بكل أريحية.

 

ورأى الهدهد أن هنالك «فكراً مضاداً» لكل من «يربح» في الأردن، مضيفاً أن عدد دافعي الضرائب من الأردنيين محدود ونسبتهم لا تتجاوز 7%. وأضاف أن التهرب الضريبي في الحقيقة ليس تهرباً ضريبياً كما هو متعارف عليه، مشيراً بذلك إلى تصريح لمدير عام الضريبة في جلسة في البرلمان: «إن ما يسمى بالتهرب الضريبي في الأردن عبارة عن شركات أفلست، وأشخاص أفلسوا لأنهم لا يستطيعون تسديد المطلوب منهم، ونحن نعلم كم شركة ومؤسسة أغلقت وأوقفت».

 

وطالب الهدهد بتحسين بيئة الأعمال والاستثمار، وزيادة الإنتاج بالاستثمار وتدريب الكوادر.

 

إعادة النظر في التشريعات

 

قال مدير عام جمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي إن الحكومة استعجلت في وضع التشريعات الخاصة بقانوني الضريبة والاستثمار وإرسالهما إلى مجلس النواب، لافتاً إلى أنه في وقت إرسال التشريعات كان بين يدي الحكومة خطة احتوت على بنود في التشريعات كان من المفروض إعادة النظر فيها.

 

صناعة المعارض الدولية

 

قال المستشار القانوني ماهر عربيات إن تحقيق الآمال الكبيرة للمجتمع يتطلب جهوداً عظيمة ورؤى واضحة، مضيفاً أن النهوض بالاقتصاد القائم على المعرفة أصبح سمة أساسية من سمات الدول المتقدمة أو النامية, ولذلك فإن التعليم بصفة عامة، والتعليم الفني والمهني على وجه الخصوص، هو النهج الأمثل للانطلاق نحو آفاق أكثر نمواً وتطوراً وازدهاراً.

 

وأضاف عربيات أن قوة المجتمع في العصر الحديث تقاس بعزيمة أبنائه وقدرة عقولهم وإصرارهم على الانتاج، وتوظيفهم للمعرفة العلمية بوصفها مكوناً أساسياً في العملية الانتاجية, وكذلك استخدامهم الإيجابي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وإطلاق النشاط الذهني الخلاق والمبدع.

 

وقال إن المعرفة وبراعة الإنسان وإرادته باتت بمثابة المخزون الاستراتيجي والموارد الأساسية للتنمية الشاملة, لا سيما بعد أن تحول الاقتصاد العالمي إلى اقتصاد يعتمد على غزارة الاستخدام للمعرفة والتكنولوجيا (اقتصاد المعرفة)، واستناده إلى القدرات الفكرية عوضاً عن القدرات المادية.

 

وأوضح عربيات أن الإنسان هو المحور الأساسي للتنمية، وإذا ما أتيح لنا تفعيل وتطوير هذا المحور ليضع قدميه على الطريق السليم, لا بدّ أن نوفر له المتطلبات كافة، من حيث تجديد أفكاره وبناء ثقافته, وتدريبه وتطويره وتأهيله بما يتناسب ويتماشى مع متطلبات سوق العمل, بعيداً عن التعليم العشوائي الذي يُنتج مزيداً من الأعباء على الدولة, حتى يتسنى للمجتمع الاستفادة من مخرجاته.

 

وقال عربيات إن صناعة المعارض الدولية تعد من المجالات المهمة التي تلعب دوراً بارزاً في التنمية الاقتصادية، لا سيما أنها تسهم في إلقاء الضوء على الحقل الاقتصادي والثقافي والاجتماعي للدولة, ناهيك عن دورها المهم في جلب السياح والزوار من رجال اقتصاد ومال وأعمال، إضافة إلى التعريف بالإمكانات الإنتاجية والاستثمارية المتاحة داخلياً، إلى جانب عقد اللقاءات والندوات، وتوفير فضاء للتواصل البيني وإبرام الاتفاقات والشراكات التجارية.

 

وأوضح أنه في الوقت الذي تشهد فيه المعارض المحلية إقبال المواطنين, وحصرها بالجمهور الداخلي، فإن المعارض الدولية تستهدف العالم الخارجي, كما أنها ستحدث طفرة كبيرة جداً في السياحة الرسمية وسياحة المؤتمرات, مما سيجعل الأردن مقصداً لملايين الزوار سنوياً, بخاصة وأن الأردن يحظى باهتمام واحترام عالمي نظراً لمكانته على الخريطة الدولية, واستقراره السياسي والاجتماعي والأمني.

 

وأكد عربيات أن الانتباه إلى إنشاء وصناعة المعارض والمؤتمرات الدولية في الأردن وفقاً لأحدث وأفضل المعايير العالمية سيجعل منه مركزاً تجارياً واقتصادياً عظيماً, وجاذباً لأكبر المعارض الإقليمية والعالمية, إضافة إلى توفير الآلاف من فرص العمل.

 

الإصلاح الاجتماعي.. المطلب الغائب

 

قالت أستاذة علم الاجتماع في الجامعة الأردنية د.رانية جبر إن الإصلاحين السياسي والاقتصادي هما القضيتان المحوريتان للدولة الأردنية، لافتة إلى ضرورة الاهتمام بموضوع الإصلاح الاجتماعي الذي أصبح ضمن الظروف والمعطيات المحلية والسياسية والاقتصادية التي تواجهها الدولة «مطلباً أساسياً غائباً».

 

وأشارت إلى أن الإصلاح الاجتماعي يؤدي إلى إصلاح منظومة القيم والأخلاق، وأن هذا يكون بالتركيز على مرحلة التعليم الأساسي، وابتكار وسائل وآليات مختلفة لإعادة تدريس القيم والأخلاق في هذه المرحلة.

 

وأكدت على أهمية التركيز على النهج التشاركي بين القطاعين العام والخاص، لافتة إلى أنه قد يتم إغفال الفئات المستفيدة في موضوع التنمية.

 

وقالت جبر إن نسب الفقر منذ عقود ما زالت تراوح مكانها، إذ إن الفقراء هم المغيبون في عملية اتخاذ القرارات والسياسات والإجراءات والبرامج الموجهة لهم.

 

ولفتت إلى ان التعليم المهني مهمش، وأن المجتمع الأردني مولع بالشهادات الجامعية، داعية إلى تحويل الطلبة الجامعيين إلى طلبة مهنيين، وتحويل الطالب المهني إلى جامعي يدرس الحدادة والنجارة والكهرباء ويحصل على شهادة بمستويات معينة تؤهله لممارسة مهنته.

 

دراسة التشريعات الناظمة

 

طالب أستاذ الحقوق في جامعة العلوم التطبيقية د.أحمد الرفاعي بتعديل بعض التشريعات لتوضيح كيفية التعاون ما بين القطاعين العام والخاص، وبين الجامعات الحكومية التي أصبحت تنافس الجامعات الخاصة من خلال القبول الموازي.

 

وأضاف أن بعض التشريعات الناظمة في التعليم العالي أصبحت تعيق التعاون بين الجامعات الخاصة والحكومية، داعياً إلى أهمية دراسة التشريعات الناظمة للمحاور كافة.

 

متابعة استراتيجيات التعليم

 

قال رئيس جامعة العلوم التطبيقية الخاصة د.محفوظ جودة إن الكثير من الاستراتيجيات التي تعتني بالتعليم التي وضعت في السابق لم يُنفذ منها شيء، مؤكداً على أهمية متابعة ومراقبة الاستراتيجيات والخطط المستقبلية لتفادي عدم تنفيذها كسابقاتها.

 

الاقتداء بالنموذجين الماليزي والتركي

 

قال النائب هيثم أبو خديجة إن ما ينقصنا هو القيم، مضيفاً أن التعليم المدرسي هو المسؤول عن تردي التعليم في الجامعات، مطالباً بتخفيض عدد الطلبة في الصف الأول الأساسي الذي يتجاوز عددهم في كثير من المدارس الحكومية 45 طالباً ويحتاجون إلى تأسيس سليم في جو دراسي صحي.

 

وأوضح أن الحكومة واللجنة الاقتصادية في مجلس النواب تعتقد أن المستثمر هو الجاني الأكبر للثروة.

 

وقال أبو خديجة إنه يستثمر حالياً في ثلاثة قطاعات رئيسية هي التمويل والمستشفيات والجامعات، مضيفاً أن أول قرار لرفع الطاقة أو ضريبة الدخل انعكس على المستهلك النهائي، مبيناً أن الجامعات الخاصة ترفع أقساطها بما يقارب 300 دينار أي بما يعادل 10%، وكذلك المستشفيات والمدارس والأسواق.

 

وأضاف أن المصانع الأردنية التي توفر 275 ألف فرصة عمل سيغلق اليوم نصفها وتتوجه إلى مصر ورأس الخيمة وعجمان. وأشار إلى أن الحكومة تنظر إلى إيرادات الدولة وكيفية تضخيمها من دون أن تأخذ في حسبانها قضية المصاريف وضبط النفقات، وعملية التعيينات غير الممنهجة.

 

ودعا أبو خديجة إلى الاقتداء بالمدرستين الماليزية والتركية، لوضع خطة عشرية يُعمل عليها. وطالب رئيسَ الوزراء بتطبيق النافذة الاقتصادية الواحدة، بحيث يأتي المستثمر ويقدم الطلب وإذا لم يرخَّص مشروعه خلال أسبوع يعدّ مرخصاً تلقائياَ.

 

كما طالب الدولةَ بخلق فرص العمل، وتوجيه الطلبة إلى التخصصات الصناعية والمهنية والحرفية، وإلى تغيير وجهة نظرها، عبر إعطاء المهني راتباً أعلى من الجامعي لاستقطابه للمهنة.

 

وقال إنه لا يجوز مقارنة الأردن بألمانيا، التي عملت على نفسها لتصبح دولة عظمى صناعياً، إذ إن راتب خريج التخصصات الصناعية في ألمانيا ضعفا راتب الجامعي.

 

وأوضح أن الممرضين الأردنيين يذهبون إلى مستشفيات الخليج كونهم يجيدون اللغة العربية، لافتاً إلى أنه لا توجد لدينا أي أرقام دقيقة عن عددهم، في حين أننا في الأردن تزداد حاجتنا لأعداد أكبر من الممرضين، مضيفاً أن مستوى البطالة يزداد ازدياداً مضطرداً.

 

ورأى أبو خديجة أن توجه الجامعات والمدارس والمستشفيات الخاصة لإعادة هيكلة المؤسسات بزيادة الرسوم 10% وتخفيض النفقات 10% يؤدي إلى خلق البطالة، لافتاً إلى أن الأمان سيقلّ مع ارتفاع نسبة البطالة بسبب توجه الشباب المعطّل إلى خيارات أخرى بعضها كارثي.

 

ودعا اللجان الاقتصادية لوضع خطة تسويقية لمضاعفة السياحة العلاجية، ومن ثم تسويق الأردن في الجزائر وإفريقيا.

 

ضخّ دماء جديدة

 

دعا الكاتب خالد الخريشا إلى ضخّ دماء «وطنية» اقتصادية جديدة في المشاريع الاستراتيجية الكبرى، بحيث تسهم في التخطيط ووضع الرؤى والتصورات المستقبلية.

 

الخميس 2014-10-02