سيناريوهات «عملية السلام بين المفاوضات والحل النها

11/04/2010

قدمها البخيت في ندوة مركز الرأي للدراسات : بدء مفاوضات الوضع النهائي الإجراء الوحيد الذي يبعث الأمل في المستقبل ويغيّر مسار الشرق الأوسط

11/4/2010

الرأي – هادي الشوبكي- قدم رئيس الوزراء السابق، العين معروف البخيت تصورا حول مستقبل عملية السلام، استند في تفاصيلها الى أساس وجذور القضية خلال الفترة الحديثة، وفي ضوء المستجدات السياسية والاقتصادية الاقليمية والدولية.

محاولة البخيت في محاضرته بمركز الرأي للدراسات مؤخرا، تشخيص حالة النزاع العربي- الاسرائيلي، استندت الى المستجدات الحالية من جهة والى دعوات حول تطوير آليات العمل العربي المشترك، والخروج باليات واستراتيجية سياسية خارجية.

الى جانب مطالبات للادارة الاميركية بالتدخل المباشر وفرض الحلول على الطرف الاسرائيلي المتعنت والمتشبث باستراتيجيات استيطانية عنصرية، تعتبر الحائل الابرز في وجه تحقيق الحل النهائي القائم على حل الدولتين، من خلال تخفيف التعاون الإستراتيجي مع إسرائيل والتعاون في مجال التصنيع العسكري وصولاً إلى تجميده, وتخفيض المساعدات الاقتصادية والعسكرية, ووقف الامتيازات والاستثناءات وصولاً إلى تخفيف دعم الولايات المتحدة السياسي سيما في المحافل الدولية وخاصة الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

ولم يخف البخيت اهمية الدور الاردني في لعب دور محوري وهام في عملية السلام، لم يتمتع به من سياسة انفتاح واعتدال، يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني من اجل الابقاء على القضيه الفلسطينية في الصدارة، وفي كسب وتفهم ودعم العالم لعدالة القضية الفلسطينية وخاصة على الساحة الفلسطينية، إلا أنه أكد اهمية تطوير خيارات سياسية وقائية فاعلة للتعامل مع البيئة والظروف قبل حدوث أي سيناريو محتمل في مصير القضية الفلسطينية, هو أمر وجوبي، ما يتطلب ان تطور السياسة الأردنية خيارات سياسية مرنة بالتنسيق والتعامل مع الدول العربية.

وخلص البخيت، الذي ربط ملف القضية الفلسطينية، مع الملفات الاقليمية والدولية، المؤثرة، الى سيناريوهات ثلاثة، لما يحمله قادم الايام، ابرزها، وهو ما رجحه، من وجهة نظره، «تراجع تكتيكي للحكومة الإسرائيلية, بتشكيلتها الحالية أو مع تعديلها, وقبولها ببعض المطالب والدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين مع ثباتها على المواقف المتطرفه مثل القدس موحدة وعاصمة للفلسطينيين, وكل ذلك في محاولة لكسب الوقت للوصول إلى الإنتخابات النصفية في أميركا. على أمل إضعاف أوباما وتخفيف إندفاعه».

وفي مستهل المحاضرة قدم رئيس مجلس إدارة الرأي الدكتور فهد الفانك المحاضر البخيت بأنه كان يقود المطبخ السياسي والفكري الذي يدعم المفاوض الاردني، وخاصة من خلال دوره في وزارة الخارجية لتولد تجربته المتخصصة والطويلة لديه رؤية وافكار متبلورة حول جوانب متداعيات هذه العملية, وما كان المحاضر منها.

واشار في هذا الصدد الى أن البخيت استطاع الحصول على الخرائط التفصيلية لأراضي فلسطين من وزارة الانتداب والمستعمرات البريطانية، مما امّن وثيقة لا تُقدر بثمن، تثبت ملكية الفلسطينيين بالاسماء والمساحات والمواقع كما كانت عند قيام اسرائيل.

ووقف الفانك امام اصطلاح عملية السلام، بأن هذه العملية لم ولن تسفر عن شيء، ومن هنا جاءت المطالبة بأسلوب آخر، هو نهاية اللعبة. اي ان يتقرر الهدف النهائي سلفاً وهو قيام دولة فلسطينية على الاراضي المحتلة عام 1967، ثم يبدأ الحوار حول شروط وبرامج التنفيذ.

وتاليا نص المحاضرة والنقاشات التي جرت على هامشها:

سلام مجزأ وصفة للماطلة والفشل

استهل معروف البخيت حديثه بالقول «سيأتي حديثي على جزءين ثوابت ومبادئ عملية السلام في الجزء الاول، وفي الجزء الثاني سأتطرق الى للوضع الراهن ومستقبل عملية السلام كما أرى.

وأضاف « تعود في الفترة الحديثة جذور القضية الفلسطينية وتجلياتها الحالية الى نتائج حربي عام 1948 و1967، حيث صدر العديد من قرارات مجلس الأمن الدولي واحياناً بالاجماع ومعها توقعات دائمة بأن حلها بتنفيذ هذه القرارات سيكون كفيلاً بهذه هذه المشاكل التي خلفتها الحروب، لكن بعد 62 سنة و43 سنة بقيت المشاكل بدون حل، واصبحت اكثر عمقاً، ومبدأياً هذا يعني ادانة لجميع الجهود السابقة».

وأشر الى سبب هام لفشل السياسات التي تم تبنيها لتنفيذ قرارات مجلس الامن او الجمعية العمومية، وذلك «انه تم صياغتها وبناؤها غالباً في غياب فكري واضح فيه غموض عادة، وبدون وجود اهداف محددة واضحة او بدون وجود استراتيجية واضحة متماسكة لكيفية تنفيذها».

واعتبر أن جميع الاطراف كانت لها اجندات مختلفة (...) وان الخلل في ادارة الأزمات، لدى الولايات المتحدة الاميركية، إنها تتعامل مع اعراض المشكلة وليس اسبابها، تؤجل المشكلة ولا تحلها، فالمشاكل المؤجلة تنمو وتتضخم، وتزداد اعراضها الى النقطة التي يصعب في النهاية السيطرة عليها واستمرار ادارتها بنفس الأسلوب».

واكد ضرورة « تحديد هدف نهائي واضح يخدم ويحقق جميع المصالح الحيوية لجميع الأطراف في المنطقة والمجتمع الدولي وهو سلام اقليمي شامل» لافتا الى أن «هذا الهدف احياناً يتم التعبير عنه بدون جهد حقيقي، ودون الاخذ بعين الاعتبار مصالح الجميع بان يكون هناك ارادة او رغبة في تحقيق عملية السلام».

ونوه الى ان الولايات المتحدة الاميركية، الذي كان وزير خارجيته هنري كسنجر، عندما دشنت عملية السلام في العام 1973، اعتمد على ثلاثة عوامل او مبادئ، حافظ عليها كل وزراء الخارجية الاميركان الذين جاءوا من بعده.

المبدأ الاول: لا يمكن تحقيق سلام بين العرب واسرائيل الا بشكل جزئي او متدرج، سواء ما يتعلق بالأطراف او في عناصر السلام، واتخذ تعبيراً آخر هو خطوة بخطوة، اما الثاني: الاطراف غير قادرين على صنع السلام لوحدهم، وثالثهم:ان الولايات المتحدة هي الوسيط المؤهل والوحيد القادم.

وفي سرده لتفاصيل هذه المبادىء، أكد ان اميركا اكثر وسيط مؤهل، إلا انه اعتبرها حاليا غير قادرة وغير راغبة لوحدها» في اجابته علىسؤال «، فيما اذا كانت الوساطة الاميركية لاقامة سلام اقليمي عبء تستطيع الولايات المتحدة او ترغب في تحمله لوحدها؟

ويرى انه «بعد عقود من الانفراد او الاحتكارحقيقة لعملية السلام من قبل الولايات المتحدة، فان مصداقية الولايات المتحدة في اي مرحلة لم تكن اسوأ مما هي عليه، نتيجة فشلها في حل القضية الفلسطينية».

وتابع «أما بخصوص قدرة الاطراف على تحقيق عملية السلام بمفردهم هي محل نقاش، بالرغم من ان مصر والاردن تمكنتا من توقيع اتفاقيات سلام منفردة مع اسرائيل، الا انهم في مرحلة من المراحل احتاجوا الى مساعدة الولايات المتحدة».

لافتا الى أن السلام «المجزأ لم يعد محل نقاش، اسلوب الخطوة خطوة كان كارثة، لقد كان الخلل الحقيقي في عملية السلام هو الافتراض الخاطئ بأن مفاوضات الحل النهائي لا يمكن بدأها الا بعد بناء ثقة من الاطراف من خلال سلسلة طويلة من الاتفاقيات، كانت النتيجة الواضحة عكس ذلك تماماً، اصبح الاطراف اكثر بعداً عن بعضهم واصبحت الثقة منعدمة، سبب قيام اسرائيل باستغلال بناء الثقة والتوسع بالاستيطان الى الدرجة التي اصبح فيها الاستيطان هو العقبة الرئيسية امام عملية السلام».

واعتبر أن «هناك تناقض مفاهيمي واصطلاحي وحقيقي، بين السلام وبناء المستوطنات»والحال كذلك ل»مفهوم الاتفاقيات المرحلية»التي ثبت فشلها، مؤكدا وجوب التخلي عنها».

وشدد على ان الاجراء الوحيد الذي يبعث الامل في المستقبل ويغير مسار الشرق الاوسط كله هو بدء مفاوضات الوضع النهائي لاقامة الدولة الفلسطينية. واشار الى أن «الازمة التي تواجها اسرائيل ليس في خوفها على وجودها، او قدرتها على الديمومة ككيان، لكنها في السلامة الشخصية لمواطنيها وفي قدرتها على الاندماج مع محيطها».

وزاد ان الفلسطينين لا يشكلون تهديداً وجودياً لاسرائيل، ولن يكونوا كذلك حتى في حالة اقامة الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح».

وبين ان» الدول العربية على المدى الطويل، وليس الفلسطينيين، يملكون المفتاح لأمن اسرائيل، اذا كانت عملية السلام بمفهوم ادارة الازمات قد انتهت، والبديل حل المشكلة مباشرة».

وأعتبر ان المعضلة تتمثل في أن الاسرائيلين والفلسطينين يريدون، السيطرة على الاراضي التي تم احتلالها عام 1967» فيما الحل الارض مقابل السلام، وعليه ما لم يحصل الفلسطينيون على دولة قابلة للحياة، لن يكون هناك سلام» وهو ما يتطلب انسحاب الاسرائيليون حتى حدود الرابع من حزيران مع تعديلات طفيفة ومتبادلة.

وفي تلخيص لهذه المعادلة، «اذا ارادت اسرائيل المصالحة التاريخية فعليها التخلي عن حلم اسرائيل الكبرى وعلى العرب التخلي عن حلم فلسطين الكبرى من النهر الى البحر (...) وان حدود العام 1967 يمكنها حل الخلاف التاريخي وهذا حالياً ما يقبل به الفلسطينيون والعرب».

وعاد مؤكدا اهمية مفاوضات الحل النهائي، إذ قال «الجدار العازل غير قانوني، ومحكمة العدل الدولية والمستوطنات والجدار لا يؤديان الى قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، الاجراء المطلوب هو العودة فوراً الى مفاوضات الوضع النهائي مباشرة» لافتا الى أن الحدود واللاجئين والقدس، اذا ازيلت المستوطنات يمكن حل قضية الحدود، الآن عكسوا النظرية، اتفق على الحدود يسقط موضوع المستوطنات، اذا تم حل قضية الحدود، فمشكلة القدس يسهل حلها وهنا معالم حلول واضحة».

واشار الى أن «الاطراف في حالة حرب، وعادة ما تنتهي الحروب اما بالاستسلام غير المشروط او بمفاوضات لوقف الحرب، بما أن الفلسطنيين لم يستسلموا لذا يجب وقف النزاع بالتفاوض، على عكس منطق بعض الاميركان اليهود مثل دينيس روس وحتى ارئيل شارون لا يمكن اجراء مفاوضات في ظل اجواء العنف، والحقيقة ان العنف لن ينتهي الا اذا بدأت المفاوضات».

وبعد ان قدم صورة الواقع والمستجدات والتي كانت في جانب منها تبعث الى التفاؤل، واحيانا، ذهبت الى التشاؤمية، حاول المحاضر الوقوف على ادوار ومواقف الاطراف الكبار في النزاع.

ويقول انه «بالرغم من الإجماع الدولي بما في ذلك الأمريكي والأوروبي على فكرة حل الدولتين بوضوح وبقوه, وموقف العالم بعدم قانونية المستوطنات في الأراضي المحتلة ومطالبة إسرائيل بوقف الإستيطان, إلا أن إسرائيل تصر على مواصلة الإستيطان».

ويعتبر أن «الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تؤمن بحل الدولتين, وإنما ترى إمكانية البدء بخطة تنمية إقتصادية في الضفة يتلوها إيجاد ترتيبات للعيش المشترك مع الفلسطينيين كسكان في الأراضي ومع أن نتنياهو نطق بالكلمة السحرية ( الدولة الفلسطينية) لكنه أثقلها بشروط تعجيزيه وأحالها إلى كيان ذاتي محدود السياده».

الموقف الأمريكي

اشار البخيت الى «تزامن التعنت الإسرائيلي في موضوع بناء المستوطنات مع إنشغال الرئيس الأمريكي المثقل بالتحديات الداخليه والخارجيه وتراجع شعبيته داخل أميركا, مما إضطره إلى التصريح بأنه لم يقدر تماماً حجم الصعوبات التي تقف في وجه عملية السلام في الشرق الأوسط وإنه أخطأ في رفع سقف التوقعات في بداية عهده».

ورجح أن يكون « هذا التراجع كان محسوباً بدقه وهو تراجع تكتيكي وليس إستراتيجي وذلك إنتظاراً لإنضاج ظروف مختلفه».

واوضح ان أميركا تبنت «فكرة المحادثات عن قرب كبديل عن المفاوضات المباشرة, في محاولة للإلتفاف على عقبة الإستيطان. والفكره هي إعطاء الأولوية في المفاوضات عن قرب لموضوع الحدود وفي حال الإتفاق يكون موضوع المستوطنات قد تم تجاوزه وينتهي تلقائياً».

وفي وقت «إستمرت إسرائيل بتحديها مستهدفة حتى إفشال المفاوضات عن قرب وذلك بإعلانها بناء 1600 وحده سكنيه في القدس الشرقية أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي بايدن مما شكل صفعة مهينة لأميركا، التي التقطت اللحظة وبدأت بتوجيه نقد غير مسبوق لإسرائيل و توصيف الإجراء الإسرائيلي بأنه مهين للولايات المتحدة(...) تلاه سماح أميركا بعقد الرباعية في موسكو التي خرجت ببيان ومواقف أكثر تشدداً وإستخدمت لغة غير مسبوقه خاصة حول القدس».

ورغم ذلك اشار المحاضر الى أن الرئيس الامريكي باراك أوباماحقق»إنتصارين أحدهما داخلي والآخر خارجي تمثلا قانون الرعاية الصحية والتوصل لمشروع معاهدة مع روسيا لخفض الرؤوس النووية مما أدى إلى إزدياد ثقة الرئيس أوباما بنفسه وتغير النظره إلى مدى قوة الرئاسه وفعاليتها».

وفي ضوء ذلك, «بدأت معركة بين أميركا وإسرائيل وأعوانها لإستمالة الرأي العام الأميركي: إذ مع إنعقاد المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامه الأميركية _ الإسرائيلية, بدأ اللوبي الصهيوني والقوى اليمينية المحافظة بالتحدث عن تعاطف الإدارة الأميركية مع الفلسطينيين بضغوطها على إسرائيل وتدعو إلى الكف عن هذه الضغوط»

في حين «لجأت الإدارة الأميركية إلى هجوم دبلوماسي مخاطبة الرأي العام الأميركي من خلال إظهار أن السياسات الإسرائيلية المتشددة تؤثر سلباً على صورة أميركا في المنطقة وعلى إستراتيجياتها في العراق وأفغانستان وبالتالي تأثيرها على إطالة الصراع وما ينتج عن ذلك من إزدياد الخسائر في صفوف الجيش الأميركي. هذا الأمر ترك صدى هاماً في الرأي العام الأميركي ويتوقع له أن يستمر».

ويرى البخيت ان اوباما لا يستطيع الذهاب وحيداً في هذا الإتجاه, على ضوء قرب إجراء الانتخابات النصفية في أميركا, بدون إستمالة الرأي العام الأمريكي وبدون دعم دولي كامل, وخاصةً الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن» وهو ما يعزز اهمية وقوف الدول العربية جميعاً موقفاً موحداً» بإعتبار أن أوباما لن يقوم نيابة عن العرب بحل القضية الفلسطينية مع بقائهم في دور المتفرج. يجب التخلي عن ثقافة التواكل والإنتظار».

غير انه رأى من الضرورة التوقف عند التصريحات السابقه لاوباما بأننا «لا نستطيع فرض الحل». وهو تصريح يعد مقبولا اذا أتى في سياق عدم إستنفاذ كل الوسائل الممكنة والأوراق الأميركية بشكل مبكر(...) او في سياق عدم فرض القبول بالتنازل عن الثوابت مثل حق العوده للفلسطينيين أو ألمحافظة على أمن إسرائيل».

في حين يكون غير مقبولا «إذا كان مفهوماً راسخاً لمنهجية التفاوض» لانه سيعيد الوضع»إلى المربع الأول وهو تكرار للمقاربة الأميركية الخاطئة السابقة، بسبب عدم توازن القوى بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.

ولفت الى أن جلالة الملك عبدالله أشار إلى هذا النهج الخاطئ حينما طلب إلى أميركا بعدم الإكتفاء بإحضار الطرفيين إلى طاولة المفاوضات بل التدخل وتقديم أفكار إبداعية كلما وصلت المباحثات إلى طريق مسدود. آمل أن يكون المقصود هو أن أميركا لوحدها لايمكنها فرض الحل.

ويرى أن أوباما يستطيع فرض الحل على الطرفيين لجهة أن هناك أوراق ضغط عديدة بيد أميركا يمكنها استخدامها أو التلويح بها مثل تخفيف التعاون الإستراتيجي مع إسرائيل والتعاون في مجال التصنيع العسكري وصولاً إلى تجميده, وتخفيض المساعدات الإقتصادية والعسكرية, ووقف الأمتيازات والاستثناءات وصولاً إلى تخفيف دعم الولايات المتحدة السياسي سيما في المحافل الدولية وخاصة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ( تقرير جولد ستون كمثال).

كذلك من «خلال الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن عن طريق تبني قرار في مجلس الأمن( بدون فيتو أميركي) يحدد معالم الحل لقضايا الوضع النهائي, بمعنى فرض تسوية قسرية».

ويشير الى أن عدداً من المسؤولين الأميركيين السابقين اقترحوا مثل هذا الحل، لافتا بهذا الصدد أن قرار تقسيم فلسطين 181 عام 1947 هو الذي أقام دولة إسرائيل، وانها (إسرائيل) قامت بتنفيذ الحل بالقوة، بينما حالة الدولة الفلسطينية «فيصعب تصور اللجوء رأساً ومن أول قرار إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز للأمم المتحدة إستخدام القوه(...) وإنما مجرد صدور قرار يحدد معالم الحلول لقضايا الوضع النهائي يكفي مرحلياً لإشعار إسرائيل بجدية المجتمع الدولي بإقامة الدولة الفلسطينية ويتم التدرج بفرض الحل – قوات دولية».

ولم يستبعد البخيت «أن توظف أميركا حالة الإجماع الدولي وتقوم بفرض إطار عام للحل وهذا يستدعي استمرار الاشتباك الإيجابي مع أميركا والقوى المؤثرة ضماناً لمصالح الفلسطينيين وأيضاً المصالح الأردنية في شكل الحل المفروض ما يعزز هذا الإحتمال هو شبه الإجماع الدولي على ضرورة التوصل إلى حل وإقامة الدولة الفلسطينية خلال سنتين».

على الصعيد الاسرائيلي، قال إن أمام رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ثلاث خيارات، اولها استمرار الخندقة حول مواقفه وشن هجوم دبلوماسي وإعلامي لإجبار الرئيس أوباما على التراجع والتوقف عن الضغط، وثانيها «المناورة والتملص من الضغوط الأميركية والدولية بإبداء مرونة في الشكل مع تصلب في الجوهر من خلال أتخاذه بعض الخطوات الشكلية مثل رفع حواجز وإطلاق سراح معتقلين والمماطلة والتسويف بشأن القضايا الأساسية»، اما الثالث «الرضوخ و الإشتباك الإيجابي والتعاطي مع الجهود الأميركية والدولية».

ويعتبر أن «الخندقة والرضوخ» سيؤثران على إئتلاف حكومة نتنياهو إذا أستمر في تمترسه من الممكن أن يؤدي الضغط الأميركي إلى إنهيار التحالف الحكومي وإضطراره إلى خيارين إما إخراج إسرائيل بيتنا ( 15 نائب) وإدخال كديما ( 28 نائب ) مع إخراج أحزاب دينية صغيره. وأما التعاطي الإيجابي مع الجهود الأميركية فسيؤدي تلقائياً إلى إنهيار التحالف.

وأشار الى انه «إذا إستمر الضغط الأميركي والدولي وبقيت إسرائيل معزولة قد يؤدي هذا الحال إلى شلل الحكومة الإسرائيلية وذلك لعدم قدرة حزب كاديما ( ليفني ) بتشكيل حكومة بدون إشراك أحزاب دينيه , مع ان ليفني يمكنها تشكيل حكومه إذا رضخت لمطالب شاس المالية ( 11 نائب ) , مع ضم الليكود والعمل».

وأعتبر ان السلوك السياسي الارجح لنتنياهو يتمثل في «المناورة والمماطلة بإنتظار حصول تطور ما, تضطر معه أميركا وأوربا الى تحويل الأنظار عن إسرائيل» لافتا الى امكانية أن يلجأ نتنياهو إلى «خلق ظروف معينة لتحويل الأنظار مثل شن هجوم على جنوب لبنان أو غزة (...) وبعكس ذلك يأمل بالمماطلة وشراء الوقت للوصول إلى الإنتخابات النصفية الأمريكية».

ويعتقد المحاضر أن الرئيس أوباما يدرك هذا الرهان الإسرائيلي، إلا أنه عاد وتساءل هل يسمح لنتنياهو بالمماطلة؟

الموقف العربي

ويوصف المحاضر ان العرب في هذه المرحلة يستمروا بالحديث مع الإدارة الأميركية برؤى مختلفه وأولويات متباينة ومن منطلق مصالح قطريه(...) مع إستمرار الخلاف العربي حول رؤيتهم لإيران وأتساع نفوذها الأمر الذي يخلق تشويشاً لدى الإدارة الأميركية ويعطي الإنطباع بأن الملف الإيراني يشكل أولويه لدى بعض الدول العربيه.

وأعتبر أن القمة العربية الاخيرة»كانت قمة الحد الأدنى, بإدامة التواصل العربي الجماعي والإتفاق على إدامة الضغط بتحشيد قوى العالم وكسب تعاطف الدول وخاصة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن (...) وانها قمة ترحيل القرارات.

واشار الى انه خلال القمة «تم الإبقاء على خيار السلام مع الإصرار على وقف الإستيطان قبل إنطلاق المفاوضات غير المباشرة وبحث عدة مبادرات مثل الإتحاد العربي وتشكيل رابطة لدول الجوار العربي وإنشاء مفوضية للقدس وتدوير الأمانة العامة للجامعة العربية. بعض هذه المبادرات سقطت فوراً وبعضها الآخر أحيل للدراسة. أما بخصوص القدس فقد أنشئ صندوق وتخصيص 500 مليون و عرض موضوع القدس على محكمة العدل الدولية ومجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة»

ويرى في «النقد الذاتي للحالة العربية من قبل بعض الرؤساء العرب, يشكل بداية مشجعة في التشخيص الدقيق للحالة العربية الذي قد يؤدي إلى تغيير في منهجية العمل العربي المشترك» إلا أنه يمكن وصف هذه القمة «بقمة ترحيل القرارات وتأجيلها في محاولة لكسب الوقت ومن هنا كان قرار عقد قمة عربية إستثنائية العام الحالي».

وينظر البخيت الى ترحيل القرارات الهامة من زاويتين لجهة ان القادة العرب لم يرغبوا بإتخاذ خطوة غير مدروسة يكون من شأنها إعطاء مبرر لإفلات إسرائيل من مأزقها الحالي وهي المحاصرة والمعزولة دولياً وأميركياً. إذ أن من شأن أي قرار غير محسوب أن يؤدي إلى تغيير التركيز الدولي على إسرائيل.

ومن جهة أخرى, فقد حاولت الدول العربية, تجميد حالة الإنقسام بين إعتدال وممانعة, وهذا يعني الحرص على عدم تعميق الإنشقاق والشرذمة وإضعاف الموقف العربي الأمر الذي بدوره لو حصل يعطي إسرائيل مزيداً من الذرائع للتهرب من إستحقاقات اللحظة.

واعتبر أن إقرار القمه الإستثنائية في أيلول بمثابة رسالة للقوى الدولية لإختبار النوايا خلال الفترة القادمة.

ويصف الموقف العربي، رغم ايجابياته، بأنه «سلبي في بعض جوانبه» لجهة ترك الأمور وتطوراتها للاعبين أساسيين أميركا وإسرائيل مع بقاء العرب في مرحلة الانتظار.

فيما يؤكد البخيت انه»كان الأوجب الدخول في إشتباك إيجابي وتطوير مواقف عربية مدروسة تصعيدية تدعم المواقف الدولية والأميركية وتزيد الضغط على إسرائيل مثل الإتفاق على تخفيف الأتصالات مع إسرائيل إلى منعها كلياً, تخفيف التمثيل الدبلوماسي إلى سحب السفراء, وفي نفس الوقت يمكن إدامة الأتصال بين مؤسسات المجتمع المدني لشرح المبادرة العربية وتقوية معسكر السلام, وصولاً إلى التفكير بكيفية إيجاد معادلة توازن بين التفاوض وأشكال المقاومة السلمية».

ويعتبر انه «طالما أن الخيارات الإستراتيجية العربية في الحرب والسلم قد حسمت بإجماع عربي سابقاً وحتى في القمة الأخيرة لصالح خيار السلام, فضمن هذا الخيار, وفي قراءة واقعية ودقيقة للمعطيات والظروف القائمة من تعنت إسرائيل ورفض لكل قرارات الشرعية الدولية مقابل إجماع دولي على حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم على ترابهم الوطني والقدس الشرقية كعاصمة»

ويقترح بدائل استراتيجية أمام العرب، اولها:الإستفادة من فترة الترحيل ستة أشهر لغاية شهر أيلول والإستمرار في التعاون للضغط على إسرائيل وإكتساب المزيد من الدعم الدولي, والتحضير للإجابة على سؤال ماذا لو فشلت الجهود السلمية. ووضع تصوراتهم لسياساتهم عن المرحلة المقبلة منذ الآن.

اما الثانية: إنتظار إتضاح المواقف وتطوراتها, فعلى الجانب العربي ملاحظة عدم الإنسياق وراء طروحات مستجدة جزئية بذريعة تشجيع إسرائيل وعليهم الإستناد إلى ما ورد في خطة خارطة الطريق والمرجعيات الأخرى من تزامن وتبادلية في إجراءات الطرفين وحسب المراحل الوارده فيها. مع ملاحظة أن إسرائيل قد تلجأ إلى إجراءات تكتيكية تستهدف تفكيك الإجماع العربي وشرذمة المواقف.

وثالثا: من الضروري أن يستعد العرب منذ الآن لإطلاق مبادرات تكميلية في الوقت المناسب, سيما إذا إستمرت إسرائيل بالمماطلة وتراجع الزخم الدولي والأمريكي، منها ( المبادرات)، اللجوء لإصدار قرار من مجلس الأمن يفرض حلاً قسرياً بمعنى بيان كيفية حل قضايا الوضع النهائي. وهذا يتطلب إدامة الأتصال مع القوى الكبرى بإستمرار لضمان الحقوق العربية. ويتطلب أيضا إيصال أميركا لمرحلة عدم إستخدام حق الفيتو. قد يظهر هذا الحل بأنه رغبة بإجماع دولي ويكون بمثابة حفظ ماء وجه أميركا.

اما المبادره الثانيه في حال إستمرت إسرائيل بالتذرع بالإنقسامات الفلسطينية والتردد في الإنسحاب بسبب عدم وجود جهة قادرة على حفظ الأمن أو ضعف المؤسسات الفلسطينية, فيمكن للدول العربية الطلب إلى مجلس الأمن لإصدار قرار ينهي الإحتلال الإسرائيلي عام 67 وأن يقرر إقامة الدولة الفلسطينية, وأن تقوم الأمم المتحدة بإدارة الأراضي المحتلة مؤقتاً في إطار تصور لحل شامل. هذا القرار لابد أن يشمل الأراضي السورية واللبنانية المحتلة. إذا لم تؤخذ هذه الخطوة في إطار حل شامل فلن يتحقق السلام ولن ينتهي النزاع, لأن هناك جمله من القضايا لا بد لها من حلول مثل قضية لاجئي 48 وقضية الكتل الاستيطانية.

فلسطينياً

اقر البخيت بصعوبة وتعقيد القضايا المتعلقة بالشأن الفلسطيني الداخلية، وهو حال «جميع الدول العربية المعنية بالشأن الفلسطيني» والذين يتجنبون في الغالب التدخل فيها بشكل منفرد ويفضلون إجماعاً عربياً.

ووصف الوضع الفلسطيني الداخلي الحالي بأنه يمر بـ»أخطر المراحل» ويذكر بجو الخلافات بين القيادات الفلسطينية بالثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي ( الحسيني _ النشاشيبي ), وهو الأمر, من ضمن جملة أمور ساهمت في حدوث نكبه 48.

ويرى انه كان «من شأن الإنجاز الفلسطيني بإيجاد منظمة التحرير الفلسطينية وإنضواء معظم التنظيمات والفصائل تحت لوائها, أن تمكن الفلسطينيون ولأول مره من توحيد جهودهم وإيجاد عنوان واحد لهم».

غير انه عبر عن اسفه بأن «الإنجازات التي راكمها النضال الفلسطيني عبر السنيين تتعثر, وخاصة في هذا الوقت الذي أثمرت فيه جهود جلالة الملك والقادة العرب عن تحقيق إجماع دولي على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية».

إلا أنه نوه الى «تمكن الفلسطينيون من تحويل قضيتهم من قضية إنسانية وقضية لاجئين إلى قضية سياسية»، مستذكرا في هذه الحالة ما صرحت به جولدا مايئر رئيسة وزراء إسرائيل 1967 بأنه «لايوجد هناك شعب فلسطيني»، غير ان الفلسطينيين توصلوا إلى إتفاقات وإنتقلت القيادات الفلسطينية إلى الداخل لمواصلة النضال وتم إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية.

وفيما أكد ضرورة ان لا تتوقف هذه الإنجازات، إلا أنه اشار الى أن «المراقب يلاحظ أن هناك بوادر ومؤشرات على تآكل الهياكل والأطر السياسية الفلسطينية وحصول المزيد من الإنشقاق والشرذمة (..) ولا يتوقف هذا على الإنقسام العامودي بين فتح وحماس, ولكن هناك دلائل على حدوث إنقسامات داخل التنظيم الواحد إذ أصبح هناك محاور ومجموعات وخلايا وشلل داخل التنظيم الواحد».

وحذر من إن من «شأن إنهيار الهياكل السياسية الفلسطينية لا سمح الله أن يؤثر بشكل بالغ على القضيه الفلسطينية» مبينا انه»طالما أن جميع التنظيمات والفصائل الفلسطينية تؤيد الحل التاريخي بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67, بما في ذلك حركة حماس, فإن مبررات الصراع والخلاف بين التنظيمات الفلسطينية لا تعكس خلافاً حول المصالح العليا للشعب الفلسطيني, وإنما هو خلاف حول المصالح الفصائلية والتنظيمية وأجنداتها وإرتباطاتها».

وشدد على أن «هذه الأوقات والظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية العادلة تستدعي توحيد العنوان الفلسطيني خدمة للمصالح العليا للشعب الفلسطيني» معتبرا إنها خطيئة وجريمة بحق الشعب الفلسطيني أن تعلو المصالح الفصائلية على المصالح الوطنية.

وعلى صعيد آخر, وبدون إصدار أحكام حول صوابية أو عدم صوابية القرارات الحاسمة في بعض المحطات في مسيرة منظمة التحرير الفلسطينية, قال ان منظمة التحرير الفلسطينية «وإن أقيمت بقرار عربي, إلا أنها سعت دوماً إلى إستقلال القرار الفلسطيني فأنتزعت الإعتراف العربي وبعد ذلك الدولي, بأن منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني (..) وبعد ذلك عقدت المنظمة, منفردة إتفاقية اوسلوا».

واشار الى أنه بعد ان وصلت أوسلو لى طريق مسدود. ونتيجة إنسداد الأفق أعاد الفلسطينيون رمي الكرة إلى الحضن العربي كمسؤولية عربية.

أردنياً

اكد المحاضر على أهمية الدور والجهود التي يبذلها الاردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، وقال «سيسجل التاريخ أن الأردن, وجلالة الملك عبدالله الثاني بالذات, بذل ولا يزال جهوداً مضنية وفعالة إقليمياً ودولياً لإبقاء القضية الفلسطينية في الصدارة, وفي كسب وتفهم ودعم العالم لعدالة القضيه الفلسطينية وخاصة على الساحة الفلسطينية».

ولفت الى « إصرار الملك على الرئيس بوش بتبني خطة خارطة الطريق, بما فيها من إلتزام أميركي لأول مره بإقامة الدولة الفلسطينية, وجلالة الملك هو الذي جعل الرئيس أوباما يقول إن حل القضية الفلسطينية مصلحة إستراتيجية للولايات المتحدة».

ويرى انه «على عكس القضايا والأحداث الإقليمية مثل الملف الإيراني, التي لايتاح فيها للأردن تطوير خيارات لكل سيناريو محتمل, فإن تطوير خيارات سياسية وقائية فاعلة للتعامل مع البيئه والظروف قبل حدوث أي سيناريو محتمل في مصير القضية الفلسطينية, هو أمر وجوبي» مؤكدا ضرورة أن تطور السياسة الاردنية خيارات سياسية مرنة، بالتنسيق والتعامل مع الدول العربية.

واكد أهمية مضاعفه الجهد والتنسيق الوثيق مع الدول العربية وأخذ زمام المبادره بإدامة الهجوم الدبلوماسي الفعال الذي يقوده جلالة الملك لكسب دعم القوى الدولية والضغط على إسرائيل ووضع العالم أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقيه، وهو ما يتطلب إدامة التركيز على الأهداف ويتطلب وعياً شعبياً وهدوءاً وعقلانية والأهم تماسك الأردنيين وتوحيدهم وثباتهم صفاً متراصاً خلف قياده جلالة الملك.

السيناريوهات المحتملة

وقال إن اللاعبين الأساسيين في منطقة الشرق الأوسط, حالياً هم أميركا, إسرائيل وإيران، ولكل منها أهداف, ووسائل وأولويات مختلفة وبدرجات متفاوتة».

واشار الى انه «حالياً تتوزع مراكز ثقل السياسة الخارجية الأميركية على ثلاث مناطق أو قضايا, أولاً: العراق, أفغانستان وباكستان. ثانياً: إسرائيل والقضية الفلسطينية, ثالثاً: إيران وملفها النووي. وأميركياً, هناك تشابك وتقاطع بين هذه القضايا.

وطرح سيناريوهات قد تواجهها المنطقة خلال العام الحالي، تتمثل اولها بـ»تراجع تكتيكي للحكومة الإسرائيلية, بتشكيلتها الحالية أو مع تعديلها, وقبولها ببعض المطالب والدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين مع ثباتها على المواقف المتطرفه مثل القدس موحده وعاصمة للفلسطينيين, وكل ذلك في محاولة لكسب الوقت للوصول إلى الإنتخابات النصفية في أميركا. على أمل إضعاف أوباما وتخفيف إندفاعه».

اما السيناريو الثاني: قياده أميركا لإجماع القوى الكبرى وبدء فرض إملاءات على إسرائيل للقيام بخطوات محدده ضمن تصور شامل لحل نهائي وإقامة الدولة الفلسطينية وهذا الأمر قد يؤدي إلى تغيير الحكومة الإسرائيلية أو الذهاب إلى إنتخابات مبكرة, وهذا بدوره يستنـزف الوقت، معتقدا ان الأميركيين يحتاجون إنجازاً، خصوصا انه «لن يكون بإمكانهم التفكير بخيار العمل العسكري ضد إيران قبل تحقيق إنجاز ملموس يضمن رضا وتعاون الدول العربية, إذ أن تحقيق أنجاز ما في القضية الفلسطينية أصبح محطة إجبارية على طريق المواجهة مع المشروع النووي الإيراني, وبعكس ذلك ستكتفي أميركا بخيار تشديد العقوبات الإقتصادية».

اضافة الى أن «تحقيق إنجاز أو إختراق على صعيد القضية الفلسطينية يسهل مهمة أميركا العسكرية في العراق وأفغانستان وباكستان (...) وسيكون للدول العربية موقف إيجابي في القمة الإسثنائية في أيلول إذا إنعقدت».

اما السيناريو الثالث: «تدهور أو إنهيار الوضع الأمني في الأراضي المحتلة وحدوث فوضى وشغب عام , يصعب التكهن في مدى تطور الأوضاع أو في ردود أفعال الأطراف المختلفة، والذي ربط حدوثه في حال غياب الرئيس عباس يشكل مفاجئ , طوعا ً أو قسرا ً, وحدوث خلافات و إنقسام القيادات الفلسطينية و حل السلطة الوطنية طوعا ً مع خروج أغلبية القيادات من الأراضي المحتلة وبدء إنتفاضة نوعية جديدة ( مقاومة سلمية أو شغب عام ) تلقائية , تبدأ محلية وتنتشر , سيما إذا تمادت إسرائيل في إعتداءاتها على الأماكن المقدسة وخاصةً المسجد الأقصى.

النقاش

اعادة ترتيب البيت الفلسطيني اقتراب غير محتمل

وفي ختام المحاضرة، طرح الدكتور فيصل غرايبة سيناريو اضافي لما طرحه البخيت، يتمثل في اعادة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل والضغط العربي عليه، بحيث تُسلم السلطة الى الجهات المستقلة من التكنوقراط والسياسيين بحيث تعيد وحدة الوطن الفلسطيني وتسير في مسار المفاوضات وتدعم المقاومة السلمية.

وعقب البخيت على ذلك بالتأكيد على اهمية السيناريو، وهو احتمال ومشهد ممكن ان يحصل، إلا انه لا يرى َ مؤشرات للذهاب في هذا التوجه وقضية التنازل عن غزة، فحماس لن تتنازل عن غزة واجدها بعيدة المنال، والسلطة تتنازل عن حكم السلطة وتسلمها للتكنوقراط، هو احتمال.

الخيارات السياسية والورقه التركيه

وتساءل هايل ودعان الدعجة عن امكانية ان يطور الاردن الخيارات السياسية امامه بدون دعم، وامكانية استفادة العرب من الورقة التركية ؟

اجاب البخيت ان الاردن دائم الحركة في الخيارات السياسية، ويلبسها لباساً عربياً، فهو مبادر في تقديم المبادرات الى العرب لاهمية ان تخرج من جهة ذات ثقل.

وحول موضوع تركيا اكد على انه «في غاية الاهمية» مشيرا الى أن مؤتمر القمة العربي للبرلمانيين العرب قرر اعادة الحوار العربي التركي، مؤكدا اهمية تركيا في المنطقة ولاسباب وعوامل تاريخية وجغرافيه والعوامل المشتركة الكثيرة التي يجب اخذها بعين الاعتبار.

ولفت الى أن العلاقات بين الاردن وتركيا دائماً حسنة ولم تشهد أي توتر، حتى مباشرة بعد قيام جمهورية تركيا الحديثة، واعلان انتهاء الخلافة.

دولة فلسطينية العام المقبل

وعلق البخيت على مداخلة اديب شقير حول تصريحات رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، التي اشارت الى قيام دولة فلسطينية في شهر اب من العام المقبل، بالقول إن فياض الى ان المؤسسات تم تطويرها وبناؤها واصبحت مؤسسات قادرة على تحمل قيام دولة، توجد تدريب، كفاءة ربما بهذا المعنى هو يشير، لأنه قال خلال عامين، معنى ذلك انه توجد خطة لتحضير المؤسسات في حال اعلن دولة فلسطينية، ان تستمر المؤسسات وتكون قادرة على حمل عمل الدولة.

توقعات ضرب المنشآت الايرانية

وطرح الدكتور مهدي العلمي سؤال حول، ماذا لو قررت اسرائيل من اجل ان تخرج من الأزمة التي هي بها الآن، سياسياً ان تضرب المنشآت النووية الايرانية على غرار ما قامت به من ضرب المنشآت النووية العراقية في وقت سابق، وما هي النتائج المتوقعة اذا قامت بهذه الخطوة؟

شكك البخيت من ناحية عسكرية في ان تحقق الضربة لو حصلت اهدافها، لان المفاعل العراقي كان مفاعلاً واحداً خارج بغداد، والمفاعل لم يكن قد بدأ العمل، لا توجد مخاطر من ضربه، ولم يكن محصناً بما فيه الكفاية.

بينما الحالة في ايران، مختلفة، فهي واسعة المساحة وان الاهداف منتشرة وموجودة في تحصينات جيدة في المناطق الجبلية فهي ليست مكشوفة كما كان المفاعل العراقي.

ورأى انه توجد مجازفة كبرى بضربهم لأنهم لن يحققوا الاهداف العسكرية، وقد يتسبب في احراج بالغ للقوات الاميركية وقد يسبب خسائر مباشرة، لاحتمالية توجيه ضربات صاروخية للقوات الاميركية والاسرائيلية.

الى جانب انه اذا تم توجيه الخلايا النائمة والقوى القوات الاميركية او في السعودية او افغانستان او بعض المناطق ومناطق اخرى.

وقال ان لجوء اسرائيل لهذا الخيار سيكون «سيناريو كارثي» مستبعدا ان تفقد الولايات المتحدة عقلها اذا اسرائيل فقدت عقلها وقامت بهذا الاجراء، الذي لن تقوم به دون اخذ الضوء الاخضر من امريكا.

دور الرأي العام العربي

وفي رده على سؤال للصحفي هاني الهزايمة عن قبول الشعوب للحلول التي تقدم بها البخيت في محاضرته خاصة وان للشعوب دور وتأثير على العملية السياسية، قال ان قيام الشعوب بمقاومة سلمية وشغب عام، امر محتمل في حال اختلاف القيادة الفلسطينية، وتمادي اسرائيل في الاماكن المقدسة.

فشل تاريخي مركب

وعقّب وزير الإعلام الاسبق نصوح المجالي على ما طرحه البخيت بالقول «إن الحال الذي وصلت إليه القضية الفلسطينية محصلة لفشل مركب حدث على عدة محاور عربية ودولية».

وأضاف: أن العرب فشلوا في الخيار العسكري عام 1967 وما زالوا غير قادرين على تحقيق تسوية سياسية حتى الآن والولايات المتحدة الأمريكية التي احتكرت رعاية السلام اعتبرت الأولوية الأولى في استراتيجيتها حماية السلام، ولكنها فشلت في تحقيق السلام والأمم المتحدة استبعدت وتم تعطيل قراراتها الدولية وإسرائيل فشلت في التقاط الفرصة لإنهاء الصراع بالوسائل السلمية وفضلت التوسع والتطرف والحرب على السلام.

وفي هذا الإطار أشار إلى فشل المجتمع الدولي في الضغط على إسرائيل او الانتصار للحق الفلسطيني ومثالاً على ذلك موقف الرباعية الدولية الضعيف. وزاد بالقول: كذلك فشل الفلسطينيون في رفع ثمن الاحتلال على اسرائيل وزادهم اخفاقاً انقسامهم الى فريقين متصارعين، وهذا كله يمثل فشلاً مركباً على كل المستويات.

وفي رده قال البخيت: اتفق مع تعقيب المجالي في الفشل والمحطات التي ذكرها، والانقسام الفلسطيني، وكلامه صحيح، وملاحظته أشرت لها ولكني لم أحبذ التركيز عليها كثيراً، فأشرت انه توجد بداية حالة تشخيص حقيقية، وأقول ان التشخيص السليم يؤدي الى ثلاثة ارباع الحل، كما هو في الطب.

اخطار وتهديدات اسرائلية للاردن

ولاحظ الكاتب خالد المحادين «ان البخيت تحدث عن الوطن العربي وهو شبه يائس من الشعوب وكأن عدد سكانه 22 زعيماً».داعياً إلى طرح الخيار العسكري الذي لم يشر له المحاضر لمواجهة الخطر الصهيوني،وهذا مطلب شبابي .ولا اريد الحديث عن بلدان اخرى ولكني سأتحدث عن بلدي.

نحن عملنا معاهدة وادي عربة، وانا سمعت المغفور له جلالة الملك حسين يقول» انا عندي عيلة مكونة من خمسة ملايين ونصف،وعلي ان اقبل اموراً كثيرة» منها معاهدة السلام وحسب محادين فانها لم تستعد الضفة الغربية لانها كانت اراض اردنية وكل قرارات الامم المتحدة 242و338 تتحدث عن ذلك ،ليفني قالت قبل شهور «لمن نعيد الضفة الغربية فالأردن تخلى عنها لمنظمة التحرير الفلسطينية»،وطالب باعادة التجنيد الاجباري للشباب الاردني .

وتابع: نحن نواجه في الأردن تحديداً خطراً كبيراً، لاكثر من سبب، نحن لدينا شعب واع يتطلع لتحرير فلسطين.

وتساءل هل انتهت اخطار اسرائيل وتهديداتها للاردن، واستطاعت المعاهدة ان تلغي الفكر الصهيوني التوسعي؟

وحول الخيار العسكري الذي طرحه المحادين قال البخيت ان كل الدول العربية قد تخلت عنه حتى سوريا والدول الممانعة واضاف ان الكل يتحدث عن المبادرات السلمية والسلام سلام.

وبين البخيت انه تقرر البدء بالتجنيد الاجباري في 1-7-2007 بعد مباركة جلالة الملك عبدالله البدء فيه، وقال: ان جلالة الملك عبدالله الثاني بارك فكرة اعادة التجنيد لنعيد زراعة «منظومة قيمية جديدة» منها قيم الانضباط والجدية وروح اتقان العمل خلال التدريب العسكري التي فقدناه الآن حسب قوله.

وحول قضية المعاهدة الاردنية واستعادة اراضينا والضفة الغربية، اكد ان كل الدول العربية ضغطت على جلالة المغفور له الملك حسين بن طلال وباصرار من منظمة التحرير بعد مؤتمر الرباط الذي كاد ان يعود منه لآخر لحظة قرر فك الارتباط ووجه كلمة للشعب الاردني ويا ليت نستعيدها حيث قال المغفور له ان «التاريخ سيبين مدى صحة هذا القرار ومدى تأثيره على القضية الفلسطينية، فالحكم متروك للتاريخ»، فتأكيدا على ذلك لا نقول ان الارض اردنية وتخلينا عنها لان العرب بالاجماع اعطوا المسؤولية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وتابع البخيت مؤكداً «اننا حافظنا ضمن المستطاع على حقوق واراضي الاردن».

تركيا لاعب رئيسي في المنطقة

وفي تعقيب لعميد كلية الدراسات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد المصالحة أكد ان تركيا بثقلها الجغرافي والاقتصادي والسكاني وموقعها وخلفيتها الاسلامية لاعب أصيل في المنطقة، وهي تدير نصف ظهرها للغرب واوروبا في هذه المرحلة، ومن خلال ثلاثة مواقف برزت فيها في مؤتمر دافوس وفي حرب غزة وفي القمة العربية، بما ظهر في موقفها السياسي من الدعم والتأييد وانحيازها للجانب العربي يجب ان نسعى اليه، ويعتقد البخيت ان الاردن مضافاً الى بعض الدول العربية يمكن ان يلعب هذا الدور، ومن المهم ان يمد العرب ايديهم لتركيا كما يمد بعض العرب ايديهم لايران لان اسطنبول لا تريد ان تبقى ايران هي الجهة التي تتنفذ في المنطقة، ولها نفس الحق ان تكون موجودة كلاعب، ونفس المصالح القومية الخاصة بأمنها.

وحول ما طرحه المصالحة قال البخيت: تواجه تركيا صعوبات لدخولها الاتحاد الاوروبي تنجم عن:

اولاً: انها دولة كثيرة السكان حوالي 72 مليوناً، وتتذكرون ان الاتحاد الاوروبي كان 15 دولة، في عام 2004 ادخلوا 10 دول، وبعدها بفترة ادخلوا أيضاً دولتين، اصبح الاتحاد الاوروبي 27 دولة، مجمل عدد السكان للعشر الدول الاخيرة 76 مليوناً؛ يعني بقدر عدد سكان تركيا، فهذا الأمر، نتطلع له من زاوية اقتصادية ومالية، فمن زاوية اقتصادية، سيعملون على رفع سوية مستوى الدخل الفردي في تركيا ليماثل الغربي، والا ستحدث هجرة فورية عمالية من تركيا تتدفق على الغرب.

الأمر الآخر أن بعض الدول تريد لهذا النادي الاوروبي ان يبقى بهوية مسيحية، يوجد مسلمون اقلية من البانيا والبوسنة ولكن ان تضيف لهم فجأة 72 مليوناً وتعلمون ان 99% من تركيا مسلمون. وهل تعلمون انه في تركيا 25 مجموعة اثنية وعرقية ومذهبية، اي شيء تسميه موجود في تركيا، ولكن بنسب قليلة، يوجد لديهم آرمن، شركس، اكراد، شيشان، البان، عرب، ايرانيون فرس، ويوجد يهود ومسلمون وسنة وشيعة ويزيديون، فتركيا بلد بها تنوع هائل ولكن الغالبية العظمى مسلمون.

وأضاف: تبذل تركيا جهداً واستفاد الحزب المعتدل القائم الحالي من واقع الحال تقليم اظافر العسكر، كل الاستحقاقات المطلوبة للدخول في الاتحاد الاوروبي نفذوها، والحقيقة كانت مدخلاً لتقليم اظافر العسكر، فهي مطلوبة للحكم المدني بدلاً من الحكم العسكري. الآن، وزير الخارجية الحالي احمد داود اوغلو، واعرفه معرفة جيدة, وبدأ مستشاراً لعبدالله غول وبعد ذلك اردوغان والآن مستشاراً للحزب، ومع انه ليس منهم، الآن هو وزير الخارجية، انه يؤمن بنظرية، اذا اردنا ان نقنع الغرب اننا مؤهلون، نستمر في النهج في آن واحد، نهج الدخول في الاتحاد الاوروبي، لكن ايضاً ان نخلق فضاءً خاصاً بنا، نحن المركز، وكانت طريقته لذلك تصفير كل المشاكل، المشاكل المزمنة التاريخية، يوجد مصطلح امريكي وغربي في تركيا اسمه (الخوف التركي) في يوم ما كانت كل الدول المحيطة بتركيا محتلة من قبلها، ولها مشاكل حدودية مزمنة، تركيا لها ثمانية جيران، وكانت قد احتلت الثمانية جيران، وحلت مشاكلها مع ارمينيا وسوريا وبلغاريا واليونان وقبرص وجورجيا، بالنسبة كسوق عربي، نحن مهمون جداً لتركيا كسوق اقتصادي.

وأشار البخيت إلى أنه في عام 2002 كان حجم صادرات تركيا 20 مليار دولار، مع لحظة دخول هذا الحزب الجاد والمعتدل والعقلاني لغاية عام 2006 وصل الرقم الى 100 مليار دولار، بسبب الجدية ومضاعفة الانتاج والبحث عن اسواق، والاسواق ليست تقليدية غربية كما هي في اوروبا القديمة، ولذلك غزت كل اسواق الدول العربية، من حلويات وشوكولاته وملابس، وبضائع، وبسكويت، فهي جار استراتيجي ومهم كما هي ايران، فهي عمق استراتيجي لنا ونحن عمق استراتيجي لهم. ولا بد من الحوار والتوصل اليه.

المنطقة العربية تمر بأسوأ الاوضاع

ومن جانبه أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة مؤتة الدكتور محمد القطاطشة إلى أن المدرسة الواقعية هي السائدة اليوم والتي تؤكد «ان كل منطقة رخوة تندفع اليها القوى الاقليمية»، ونحن اليوم منطقة رخوة، ولم تمر المنطقة العربية بأسوأ من هذه الاوضاع.

واعتبر ملف المفاوضات كما شأن كل الملفات الاخرى داخل الدولة، هو جزء من الملفات السياسة الخارجية.

وأكد وجود خرق للأمن الدولي باتجاه كل الدول العربية، عازياً السبب إلى «عدم وجود إصلاح سياسي حقيقي».

واضاف اننا امام معضلة حقيقية لان الشعب الاسرائيلي الآن غالبيته ينزع نحو اليمين والتطرف وبالتالي اي حكومة حسب السيناريوهات التي تحدث عنها البخيت ستكون آتية من اليمين، ومهما قلنا فان احزاب شاس واسرائيل بيتنا، كلها تذهب الى اكبر من ذلك، على العكس فان نتنياهو احيانا يكبح جماح تطرف هؤلاء.

ولفت القطاطشة إلى ان اوباما الذي استقبل نتنياهو ممثل الحكومة الائتلافية والشعب الاسرائيلي بحفاوة يعلم علم اليقين ان مدى الضغط على نتنياهو محدود.

واكد اننا بحاجة الى ترتيب البيت الداخلي في كل الدول العربية، لأنه يوجد ثلاث دول عربية مرشحة للانقسام.

وأيد البخيت ما عرضه القطاطشة عن قوى السلام والمتطرفين، وقال: سأخبرك شيئاً لو قمت بعمل استطلاع لاسرائيل اليوم، اكثر من نصف الشعب الاسرائيلي يؤمن بالسلام ويؤمن باقامة دولة فلسطينية لغاية الآن، ان هؤلاء المتطرفين صوتهم عالي، والاغلبية الصامتة ساكتة في اسرائيل، المزاج الاسرائيلي ينقلب كما هو مزاج الشارع العربي. فاذا ما بدأت مفاوضات وبعث اي امل سيتحول الشارع الاسرائيلي.

اؤيدك ان البيت العربي يحتاج الى ترتيب.. وهذا كلام غير معقول، والمجتمعات العربية في اضعف حالاتها.

تحضيرات وقائية تجاه الاحداث

وقال الخبير العسكري الفريق فاضل علي فهيد: أنا متتبع للدراسات الاستراتيجية في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي صدرت استراتيجية اسرائيلية مدعومة من الصهيونية العالمية، ورد فيها اهداف كثيرة جل هذه الاهداف نُفذ وما تبقى في طريقه الى التنفيذ واذا ما بقيت الاوضاع على ما هي عليه، وعلى ما يبدو انها اسوأ مما هي عليه. الحقيقة نحن بلغة العسكر، استمعنا الى الموقف العام، والاحتمالات المتاحة، سؤالي ينحصر في الموقف الخاص، باتجاه الاحتمالات المفتوحة والتي للاردن علاقة بأي حل يتجه بأي تجاه، ما هي تحضيراتنا الوقائية وموقفنا تجاه ما يمكن ان يحدث؟

فشل السياسة العربية في الدفاع عن القضايا المصيرية

ولاحظ الخبير السياسي خالد الخريشا ان مؤتمرات القمة مثل مؤتمر القمة الاول وحتى الآن، تأتي اما لتضميد جراح ضربة اسرائيلية لدولة عربية او للشعب الفلسطيني، او لامتصاص الغضب من الشارع العام، ومنذ تحويل مياه نهرالاردن الى عدوان 67 والى غزة والى مؤتمر دعم صمود القدس، ومن ثم تنتهي المؤتمرات في بيانات وصندوق وتبرعات، لكنها لم تقدم شيئاً ملموساً، وفعلياً ومؤثراً في القضية الفلسطينية. ولم تثنِ اسرائيل عن مشروعها العدواني التوسعي الصهيوني، ولم تُرجع اوروبا واميركا عن دعمها المتواصل لاسرائيل، لماذا لا نكسب الدول الاقليمية القوية التي حولنا مثل تركيا وايران لنستفيد منها في دعم مواقفنا وفي دعم قضيتنا، ونجد ان هذا الشيء ضروري وان الظروف الآن تلح علينا هذا الموقف.

تأطير الشعوب العربية

وقال الناشط الشبابي صدام حسين الخوالدة: اوجه سؤالاً من خلال السيناريوهات التي طرحتها ان هناك الخاسر الوحيد وهي القضية العربية وتحديداً القضية الفلسطينية، يعني عندما يحكم اميركا يمين متطرف يكون في اسرائيل اقل تطرفاً، وعندما يكون في اسرائيل حكم متطرف يكون في اميركاً حكماً ديمقراطياً، وكأن هناك يداً تحرك هذه الامور حتى تبقى القضية العربية هي الخاسرة، كشاب لا اريد ان انظر بنظرة تشاؤم الى المواقف العربية ولا ان انظر الى القرارات في القمة العربية الاخيرة في سرت، ولكن أوجه سؤالاً من خلال تجربتكم السياسية، بالنسبة للشعوب العربية وهي بمعزل تماماً عن القرارات السياسية والانظمة، كيف يمكن للشعوب العربية ان تشكل عامل ضغط على هذه الانظمة لتشكل رأياً عاماً قد يثير حراكاً ربما يضغط على هذه الدول؟.

معارضة عملية السلام

وقال الناشط الشبابي فلاح الخلايلة: نعلم أن القضية الفلسطينية من وقت ما ذهب المصريون الى السلام دُمرت، وعندما اكملتها الاردن قضي عليها، الذي ألاحظه ان موقف من فاوض بالسلام الدولة الاردنية وكذاـ الآن اصبح في هذه الايام موقفها مطابق لكل من عارض السلام، لا اقول احزاب المعارضة، لانه يوجد كثير من الاردنيين لم يدخلوا احزاب معارضة وانا واحد منهم، الآن اصبح الموقف والمحاضرة التي سمعناها من دولتكم وصاروا قريبين جداً من المعارضة الاردنية وهل كانت المعارضة على حق، ونحن كنا على خطأ.

ورد البخيت قائلاً: انا لم اكن في دور مباشر في عملية السلام، وكنت العب دوراً داعماً من خلف الستار عن طريق تقدير مواقف، وكنت رئيساً للجنة الاردنية المتعددة التي انبثقت عن اللجنة المتعددة للأمن والحد من التسليح.

وفي رده على فهيد قال ان التحضيرات الاردنية لها احتمالات: سؤال هام وكبير وانا لست بموقع مسؤولية الآن ان اخوض في هذا الواقع، في مراحل سابقة كنت استطيع ان اجيبك عن كل احتمال، ما سأقوله قد يكون اجتهاداً فردياً، واهيب بالمسؤولين الآن ان تكون لديهم هذه الاجابات وهذه الاستعدادات لاتخاذ قرارات على ضوء معطيات تدار دوماً، ان سيدنا استخدم تعبيراً غير مسبوق، في موضوع الوطن البديل، فهذا خيار انتحاري، هل يُعقل انسان ان يعمل على الانتحار، وأنا شخصياً مع جلالة الملك في هذا التوجه فلا يعقل ان يجيء الضغط علينا وكأننا دولة كرتونية، وبدون شعب، واقسم بالله اميركا بعظمتها، وروسيا معها، واذا ارادت ان تفرض شيئاً على الاردن ووقفنا جميعنا في صف واحد على قلب واحد لافشال اي قضية فاننا نستطيع افشالها.

واقول لو انهم توصلوا الى اتفاقية سلام، بين الاسرائيليين والفلسطينيين والعالم كله والاردن لم يتعاون معهم فوالله لن تنجح، المهم ان يوجد صدق ووقفة واحدة، اردنيون متماسكون، كلنا فلسطينيون من اجل فلسطين، وكلنا اردنيون من اجل الاردن، يجب ان نقف خلف جلالة الملك تحت هذا الشعار. الحقيقة نحن اقوياء، وادعو معك المسؤولين ان يبقوا منتبهين.

أكد البخيت في رده على الخرشا أن اليهود تجربتهم التاريخية في فلسطين وعاشوا وانشأوا دولة لمدة قصيرة وليست طويلة، وقصة ادعائهم أنهم بنوا القدس مثلما يكذب نتنياهو فهي ليست صحيحة، وتستطيعون تاريخيا، ان تسألوا المؤرخين من بنى القدس؟.

وأضاف: مرة كنت في حوار مع رجل اسرائيلي يميني، وعندما اردنا ان نفترق اسمه دوري غور، واعتقد انكم تعرفونه كان مندوب اسرائيل في الامم المتحدة، فقلت له تجربتكم الماضية في اقامة مملكة 70 عاماً في القدس، والمرة الحالية التجربة التاريخية كم ستطول، فبهت ولم يتوقع هذا الكلام مني، فطول الليل كان كلامنا جدياً.

وقال: أرى شخصياً في السياق التاريخي بعيد المدى، ليس في حياتي وحياة الموجودين، اما ان اسرائيل تعيش كدولة محايدة كسويسرا، في منطقتنا وتم الاعتراف بها ممكن ان تعيش، واذا بقيت هكذا لن تعيش اسرائيل لفترات طويلة, يجب ان يدركوا هذا الامر، ان تكون قلعة وتحصر نفسك فيها، ان تكون «بوز امامي» للاستعمار الغربي فمر علينا في منطقتنا العربية قادة اقوى، مثل هولاكو والحملات الصليبية ومرت علينا الحضارات الكبيرة، فكانت تهضم هذه الحضارات ولا تُهضم، يوجد قلق. ففي السياق التاريخي اذا بقيت اسرائيل هكذا ستذوب. فهي لماذا تخشى السلام، لانها ستذوب.

تركيا وايران وان لا ننسى انه في لحظة الضعف ان نزيد ضعفنا باللجوء للآخرين، وهذا احساس، لماذا نريد ان نلجأ الى تركيا وايران، بالمناسبة لاحظ القوى الاقليمية القوية في الشرق الاوسط، واحدة في قلب النظام العربي الا وهي اسرائيل، واثنتان على اطراف النظام العربي، تركيا وايران، ولو قلت قبل عشرين عاماً لقلت لك الحبشة كانت قوية.

وأضاف: الثلاثة كلها مشاريع في السياق التاريخي، اسرائيل حلم قيام الدولة والارض الموعودة، ايران كمشروع ولاية الفقيه، وتركيا تجربة دولة بثقافة شرقية، اعادة انتاجها بدولة غربية، بمعنى مشروع علماني بدولة اسلامية، كلها في السياق التاريخي مشاريع، الى متى ستبقى هذه المشاريع، بالمناسبة هذه القوى هي اقوى صناعياً وعلمياً واقتصادياً وعسكرياً من كل الدول العربية، ومستوى الدخل الفردي اعلى حتى من الدول النفطية، باستثناء قطر الدخل الفردي اعلى، وهذه تشكل خطراً حقيقياً على الامن القومي العربي كما هي الآن، فنحن نستطيع ان نتعاون معهم من مركز قوة وليس من مركز ضعف، وهذا ينسجم مع تخوفات وحساسيات مصرية وسعودية، والحقيقة كما اراها يجب ان يكون العالم العربي قوياً بالحوار معهم، وحتى المصالح تكون معقولة، مبنية على تفاهمات تراعي مصالح الجانبين.

وحول ماطرحه الخوالده عن الرأي العام العربي الضاغط،اوضح البخيت ان الدول العربية لن تستمر بنفس هذا الانقسام واذا ما سأتكلم عن الجامعة العربية والنظام العربي فالحديث سيطول، ولكني اتأمل في السياق التاريخي ان تتحسن وتتقدم ويصبح بشيء من العقلانية في العلاقات العربية العربية، والعودة الى القوة.

معاهدات السلام، ليست وحدها التي افقدت او ضيعت الفلسطينيين هم اضاعوا انفسهم بأنفسهم، فأخي فلاح هل تعتقد ان حماس ستتنازل عن السلطة، ولن يكون ذلك الا بالقوة ولا يوجد طوعاً، فهذا الانقسام والشرذمة الداخلية ونفس الكلام ينطبق على السلطة، من يجلس على كرسي وثير هل سينزل عنه الا على القبر.

النتائج

وتوصلت المحاضرة الى نتائج ان لا أمن لاسرائيل من غير دولة فلسطينية ولاتستطيع ان تحصل على الارض والامن معا والارجح ان يختار نتنياهو مرونة في شكل الضغوط الامريكية لا في المضمون . واما خيارت العرب فمحدودة ، وتدور حول الترحيل والتأجيل . ومن التوصيات ان نكون كلنا فلسطينيون من اجل فلسطين، وكلنا اردنيون من اجل الاردن والمطالبة بتجهيزات سياسية وغير سياسية ووقائية اردنية لتداعيات المرحلة الحالية والمقبلة .