الدور التركي والمتغيرات الاقليمية

13/07/2010

دولة الدكتور معروف البخيت يحاضر في مركز الرأي للدراسات حول :

الدور التركي والمتغيرات الاقليمية

ادارة : محمد خروبbakheet

تحرير : هادي الشوبكي

هنا المحيسن

13/7/2010

تجد الادارة التركية منذ صعود وزيادة نفوذ حزب العدالة والتنمية ان لا تبقى دولة طرفية في النظام الاوروبي وطرفية في النظام العربي او الشرق اوسطي ، لذا، بدأت بتصفير المشكلات و بتشكيل فضاء خاص بها.

هذا ما خرج به العين الدكتور معروف البخيت رئيس الوزراء الاسبق في محاضرته حول ((الدور التركي والمتغيرات الاقليمية )) التي نظمها مركز الرأي للدراسات الاسبوع الماضي بحضور جمع غفير من اعيان وسياسيين وخبراء في سبيل وصف وتفسير الدور التركي في المنطقة والتنبؤ بسياستها المستقبلية.

ونوه البخيت الى انه يجب ان لا يفهم من تقوية تركيا علاقاتها مع المحيط انها قد تخلت عن هدفها بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي بل بالعكس ترى تركيا ان من شأن تلك الاستراتيجية تعزيز فرصتها بالدخول الى الاتحاد الاوروبي، وان تكون بمثابة الجسر الواصل بين الشرق والغرب.

واكد البخيت على ان التحولات السياسية التركية تأتي في سياق الدفاع عن مصالحها وليس من اجل العرب. فتركيا ليست مكلفة بواجب الدفاع عن مصالح العرب ومواجهة اسرائيل، مع بقاء العرب في دور المتفرج، معتقدا بان ازمة العلاقات التركية الاسرائيلية الحالية هي بمثابة ازمة عابرة سيتم تجاوزها. ومع ذلك، فانه يمكن الاستفادة من هذه التحولات واستثمارها لا سيما وانها وفرت مناخات دولية ملائمة لتحرك الدبلوماسية العربية والمتابعة في سياق المواجهة مع اسرائيل. وخلص البخيت والمشاركون الى ضرورة الاستفادة من تلك التحولات والاخذ بالنموذج التركي الذي يمثل نموذجا لاعتدال الاسلام السياسي، والعمل في ظل معايير ديمقراطية.

وأوصى الدكتور فهد الفانك رئيس مجلس ادارة المؤسسة الصحفية بعد ترحيبه بالبخيت باعتبار هذه المحاضرة الغنية اول «كراس استراتيجي» لمركز الراي للدراسات.

وتاليا نص نقاشات الندوة التي ادارها الكاتب محمد خروب، الذي قال في مستهل حديثه ان اللقاء في مركز الرأي للدراسات يكاد أن يكون بلا أطر أو حواجز أي ان الحديث عن تركيا والجيوبولتيك محكوم بالتطورات العاصفة التي طرأت على الدور التركي الاقليمي وخصوصا بعد الأحداث التي عصفت بالعلاقات التركية الاسرائيلية ووضعت معادلة التحالفات والاصطفافات التقليدية التي اطمأنت اسرائيل الى ديمومتها كونها اقتربت من التحالف الاستراتيجي بفضل وفعل وجود الطرف الثالث الذي هو الولايات المتحدة الامريكية .

البخيت :مفهوم استراتيجي تركي بعد عام 2002

نظرة عامة

بدأ البخيت حديثه بنظرة عامة لتاريخ وجغرافية تركيا مؤكدا ان تركيا تعطي لمصطلح (الجيو استراتيجية) معناه الحقيقي فهي تقع بين القارتين الآسيوية والاوروبية، واغلبها شبه جزيرة تطل على البحر الابيض المتوسط وبحرايجه ومرمرة والاسود، بمجمل طول شواطئ يبلغ حوالي 7200كم، ومن جهة اخرى، تقع تركيا على حواف الجزيرة العربية وحوض قزوين حيث يوجد 70% من احتياطي العالم المثبت من البترول و40% من احتياطيات الغاز.

واشار الى ان لتركيا حدود برية مع ثماني دول (جورجيا، أرمينيا، اذربيجان، ايران، العراق, سورية اليونان، وبلغاريا) حيث هناك خلافات ونزاعات مزمنة بين تركيا وجميع جيرانها كانت احيانا ذات طبيعة تاريخية، ، اذ ان الاتراك كانوا مسيطرين على كافة هذه البلاد في مراحل زمنية معينة.واضاف البخيت ان تركيا الحديثة ورثت عن الامبراطورية العثمانية تركيبة سكانية تتعدد فيها الاعراق والمذاهب (25 عرقاً ومذهباً) (اتراكا، اكرادا، عربا، أرمنا، شركس، البان، تركمان وغيرهم) (سنة، شيعة، علويون، يزيديون، يهود، ومسيحيون).

واكد البخيت ان تركيا تمتلك كافة عناصر القوة التي تجعل منها قوة اقليمية: فالموقع ، والمساحة (562ر783كم2) والسكان (77 مليون نسمة ) والاقتصاد القوي (914 بليون GDP) وعقيدة وهوية ومهارات وموارد طبيعية ، الا انه لم يظهر ان لتركيا مفهوم استراتيجي خاص بها قبل مجيء الحكومة التركية الحالية 2002،ربما بسبب تشتت عناصر القوة في الدولة، وقال البخيت انه يمكن وصف السياسات التركية في تلك المرحلة في مواجهة القضايا الداخلية والاقليمية والدولية، بأنها، من جهة، سياسة ادارة التنوع او ادارة المتناقضات (Diversity Management) ومن جهة اخرى، سياسة ادارة ازمات (Crisis Management Politics).

واضاف البخيت انه وبعد مرور اكثر من ثمانية عقود على تأسيس الجمهورية التركية الحديثة على يد القائد كمال اتاتورك بمبادئه العلمانية، لم تحسم تركيا بشكل نهائي وواضح، لغاية الآن، تناقضات جوهرية في التكوين السياسي للأمة، ولا تزال تواجه معاضل ذات طبيعة استراتيجية تتعلق بهويتها وبنيتها ومستقبلها (entity & identity issues)ومن امثلة هذه التناقضات: الاستقطاب بين الاسلام السياسي والعلماني، التنافر بين الهويتين الجغرافية والثقافية، اوروبية / آسيوية، الحكم المدني، الحكم العسكري، الحداثة، الفكر التقليدي.

والحقيقة –حسب قول البخيت - ان الحكومة التركية الحالية (حزب العدالة والتنمية) ذات القاعدة شعبية بعكس كافة الحكومات السابقة في تاريخ تركيا الحديثة، والتي اتصفت بأنها حكومات نخب علمانية وقومية مدعومة من القوى العلمانية المؤثرة في الدولة وخاصة القوات المسلحة،تمتلك هذه الحكومة فرصاً اكبر في حسم التناقضات والخيارات الاستراتيجية لتركيا.

واضاف البخيت ان تركيا بدأت مؤخرا بتشكيل مفهوم استراتيجي خاص بها بحيث لا تبقى دولة طرفية في النظام الاوروبي وطرفية في النظام العربي او الشرق اوسطي ، لذا، بدأت بتشكيل فضاء خاص بها، تكون هي مركزه، وبطبيعة الحال، فقد تطلب هذا حل جميع نزاعاتها مع دول الجوار او ما يسمى بتصفير المشكلات.. وتقوية علاقاتها مع محيطها، على انه يجب ان لا يفهم من هذا، ان تركيا تخلت عن هدفها بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي، بل بالعكس ترى تركيا ان من شأن هكذا استراتيجية تعزيز فرصتها بالدخول الى الاتحاد الاوروبي، وان تكون بمثابة الجسر الواصل بين الشرق والغرب.

اهم التحديات التي تواجه تركيا

العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية

وشرح البخيت اهم التحديات التي تواجه تركيا واولها العلاقات مع الولايات المتحدة حيث اعتمدت العلاقات الاميركية التركية في مرحلة الحرب الباردةعلى المصالح الامنية للطرفين، وانحصرت غالباً في البعد العسكري بعد انضمام تركيا لحلف الناتو، ولم تخل مسيرة هذه العلاقات من توترات وخلافات، ادت احياناً الى فرض قيود اميركية على التسليح (بعد انزال القوات التركية في قبرص الشمالية)،وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لم تفقد تركيا اهميتها الاستراتيجية من المنظور الاميركي، اذ ظهر لها ادوار في آسيا الوسطى والشرق الاوسط ،ومن جهة اخرى تسعى اميركا الى تحويل الشراكة الاستراتيجية مع تركيا، من بعدها العسكري الى شراكة استراتيجية سياسية فترى الادارة الاميركية ان تركيا يمكن ان تلعب دوراً رئيسياً في استراتيجيتها لاحداث تغيير في الثقافة الصراعية في دول الشرق الاوسط الى ثقافة ديموقراطية مسالمة وتنسجم مع الثقافة الغربية ، وادركت تركيا من جانبها، ان الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة لا تكتمل الا بدعم الكونغرس والجاليات اليهودية في اميركا، ولذا بدأت بالتوجه لهذه المجموعات، اضافة الى تقوية علاقاتها مع اسرائيل، والتي تمر مؤخراً بأزمة حادة.

واكد البخيت ان هناك شكوكا عميقة تراود طرفي الشراكة حول بعض القضايا، فأميركا لا تثق تماماً بقدرة الحكومة التركية على اتخاذ قرارات حاسمة تلتقي مع التوجهات الاميركية، كما حدث في قرار البرلمان التركي الشهير في 1/3/2003 بعدم السماح للقوات الاميركية باستخدام الاراضي التركية في غزوها للعراق ، ويشك الاتراك من جانبهم، بالنوايا الاميركية تجاه اكراد العراق، اذ لم يوضح الاميركيون بشكل قاطع للاتراك ما هي نوع الفيدرالية التي يدعمونها، ويتناقض سعي تركيا لشراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة الى حد ما مع محاولتها الجادة للانضمام للاتحاد الاوروبي، فالعديد من الدول الاوروبية، لا ترغب في رؤية دول في منظومة الاتحاد الاوروبي تنفرد بشكل منفصل لعلاقات استراتيجية مع واشنطن، واجمالاً، على تركيا في المدى المنظور حسم قضية انتمائها استراتيجياً مع اميركا ومؤسسياً مع الاتحاد الاوروبي فتركيا ليست بريطانيا.

الانضمام للاتحاد الاوروبي

وثاني التحديات التي تواجه تركيا و حسب البخيت هو الانضمام للاتحاد الاوروبي: حيث تبنت الحكومات التركية المتعاقبة مجموعة رزم قوانين اصلاحية تنسجم مع معايير كوبنهاجن للاصلاح السياسي، تمهيداً للدخول في مفاوضات اقتصادية، ولعل اهم هذه الاصلاحات، هو ما يتعلق بدور مجلس الأمن القومي في تركيا، والذي كان يسيطر عليه العسكريون، ويعتبر اعلى مرجعية في البلاد ، ومن ناحيه اخرى ،ترسل دول الاتحاد الاوروبي رسائل متناقضة للاتراك، بعضها تأييد لضم تركيا، وبعضها الآخر معارضة، مما يؤدي الى ارباك الحكومة التركية، وانقسام موقف القوى الشعبية تجاه جهد الحكومة بهذا الخصوص وجدواه وتابع البخيت معتقدا ان الاتحاد الاوروبي سيؤخر بقدر ما يستطيع التزامه القاطع بضم تركيا، ويعود التردد الاوروبي (حسب البخيت) الى ما يلي:.

- شك بعض الدول الاوروبية في عدم نجاح تركيا في التحول بشكل نهائي الى دولة علمانية اوروبية، اذ ان هناك خوفاً من حدوث تطورات سلبية معاكسة (حدوث ارتداد في المسيرة) تؤدي الى تحول تركيا الى دولة اسلامية، بما لذلك من انعكاسات مباشرة على الأمن الاوروبي؛

- التكلفة المالية الباهظة على الاتحاد الاوروبي لايصال تركيا الى مستوى اقتصادي ومعيشي مماثل لدول الاتحاد الاوربي؛

- اعتبار تركيا مستودعاً بشرياً ضخماً (77 مليوناً) مقابل (74) مليوناً هم مجموع سكان عشر دول انضمت الى الاتحاد عام 2004، واذا لم يتحقق رفع مستوى الدخل الفردي في تركيا بسرعة، فسوف تتدفق عمالة تركية كبيرة على الدول الاوروبية، مضيفة اعباء مالية واجتماعية وثقافية عليها،

- واخيرا ،وجود قوى اوروبية عديدة تؤمن بأن قيام الاتحاد الاوروبي استند الى منظومة قيم وتراث مسيحي مشترك، وبعضها يدعو الى تعديل دستور الاتحاد لينص على هذا المفهوم، وتعارض هذه القوى ضم تركيا حفاظاً على هوية الاتحاد، و تجنباً لتكوين اقلية مسلمة كبيرة في اوروبا.

تركيا وقبرص

اما قبرص فانها تشكل التحدي الثالث لتركيا حيث اشار البخيت ان من شأن عدم ايجاد حل لقضية قبرص مع انضمام الجزء اليوناني للاتحاد الاوروبي عام 2004، يشكل ضغطاً على الحكومة التركية، كما انه يشكل عائقاً في وجه انضمام تركيا لاحقاً الى الاتحاد الاوروبي ، وقامت الحكومة التركية الحالية باتخاذ مبادرات شجاعة باتجاه حل القضية القبرصية، فوافقت على خطة عنان (سكرتير الامم المتحدة آنذاك) ودعمت التفاوض، ووافقت على قيام عنان بحسم المواضيع التي لا يتم الاتفاق عليها في موعد محدد، 1/4/2004، وعلى طرح الاتفاق على استفتاء شعبي في الجزيرة، وفي الاستفتاء رفض القبارصة اليونان الاتفاق فيما قبله الاتراك.

اما من حيث القضايا العالقة في المفاوضات فاشار البخيت الى اعداد اليونان المهاجرين الذين سيعودون الى الجزء التركي من الجزيرة، واعداد الاتراك المهاجرين الى قبرص بعد تقسيم الجزيرة، وخلاف على بعض الاراضي التي يطلب من الاتراك الانسحاب منها، وفيها مخزون مائي، وعدد القوات التركية التي ستبقى مرابطة في الجزيرة.

تركيا والعراق

والعراق حسب البخيت تشكل التحدي الرابع لتركيا حيث يدرك الاتراك ان اقامة دولة كردية في شمال العراق، سيؤدي في السياق التاريخي المستقبلي الى تقسيم تركيا وانضمام الاكراد في شرق البلاد الى الدولة الكردية. ويسعى الاتراك للتقارب مع دول الجوار بهدف تشكيل جبهة موحدة لرفض تقسيم العراق، والمحافظة على وحدة اراضيه، ويتبع الاتراك الآن سياسات توافقية وتصالحية وتعاونية مع دول وشعوب المنطقة، بما في ذلك العراق والاكراد، انتظاراً لاتضاح التطورات.

واشار البخيت الى ان عدم نجاح الاميركيين في العراق، او انسحابهم قبل استقرار العراق، سوف يملي على الاتراك الاستعداد سياسياً وعسكرياً للتدخل بالوسائل المناسبة، اذا ما ساءت الاحوال.

تركيا والاكراد

وقضية الاكراد تعتبر حسب البخيت خامس التحديات التي تواجه تركيا حيث تتفاوت تقديرات مجموع الاكراد في تركيا ما بين 12-15 مليوناً او ما نسبته 15-20% من مجمل السكان.

واتسمت السياسات التركية تجاه الاكراد، ومنذ نشوء الجمهورية، بانكار الهوية الكردية، وعدم التعامل معهم كأقلية لها خصوصية وحقوق. فقامت الحكومة التركية الحالية، وفي سياق الاصلاحات السياسية وفقاً لمعايير كوبنهاجن، ( الشرط الاولي لاعطاء تركيا موعداً للتفاوض لضمها الى الاتحاد الاوروبي) ، باستصدار قوانين عديدة تمنح الاقليات حقوقاً كانوا محرومين منها، ولكن بعضها يواجه مصاعب في التنفيذ ، كذلك قدمت الحكومة الحالية مؤخراً، الكثير من المبادرات تجاه اكراد تركيا وحزب العمال الكردستاني.

ومن جهة اخرى تدعم دول اوروبية عديدة حقوق الاكراد، وتأخذ بعضها موقفاً متشككاً بانتظار رؤية مدى جدية الحكومة التركية بتطبيق هذه القوانين الاصلاحية على ارض الواقع.

ونوه البخيت الى اقامة اسرائيل علاقات مع الاكراد منذ زمن طويل، وخاصة اكراد شمال العراق، حيث يتواجد في كردستان عناصر امنية وفنية اسرائيلية يعملون كمستشارين ومدربين.

تركيا وايران

اما العلاقات مع ايران فهي من التحديات الرئيسية لتركيا بحسب البخيت فبالرغم من بقاء العلاقات التركية الايرانية سلمية على مدى الـ 400 سنة الاخيرة، الا انه كان هناك دوماً صراع غير معلن بين البلدين حول زعامة المنطقة.

واضاف البخيت انه مع حدوث الثورة الاسلامية في ايران بزعامة الخميني عام 1979، تخوفت تركيا من امكانية تصدير الثورة الاسلامية اليها، وسرعان ما تبدد هذا القلق اثر نشوب الحرب العراقية – الايرانية، التي وقفت منها تركيا موقف الحياد، الامر الذي مكنها من الاستفادة اقتصادياً من كلا البلدين المتحاربين.

وفي العادة يتهم كل طرف الطرف الآخر باتباع سياسات معادية له، فتركيا اتهمت ايران بمحاولة اقامة تحالف ايراني – يوناني – ارمني لتطويق تركيا، وبدورها اتهمت ايران تركيا بأن التعاون التركي – الاسرائيلي موجهاً ضدها.

واشار البخيت الى ان تركيا تخشى من حصول ايران على سلاح نووي، بنفس الوقت الذي تخشى فيه من نشوب حرب في المنطقة لتداعياتها على المنطقة.

ويعتقد البخيت انه اذا تمكنت ايران من الوصول الى السلاح النووي، فان تركيا مجبرة على ان تصبح نووية، بالرغم من عضويتها في حلف الناتو.

واشار البخيت الى ان تركيا تلعب دور الوسيط بين المجتمع الدولي وايران، حيث تعاونت مع البرازيل للوصول الى اتفاق يتم فيه تخصيب اليورانيوم خارج ايران، الا ان الغرب تجاهل هذا الاتفاق، وتم فرض المزيد من العقوبات على ايران.

ورجح البخيت بقاء العلاقات بين تركيا وايران تعاونية في المدى المنظور، اذ ان تركيا تستورد الغاز من ايران، ومن غير المحتمل تطورها الى علاقات صراعية.

وبين البخيت ان هناك تخوفاً من بعض القوى العظمى من تعاون استراتيجي بين ايران وتركيا. فالصين والى درجة ما روسيا تخشى من تعاون تركي ايراني يجعل من منطقة (الاوروآسيا) منطقة نفوذ لهما.

تركيا ودول اسيا الوسطى

وتطرق البخيت الى العلاقات التركية مع دول آسيا الوسطى: (اذربيجان – تركمنستان – اوزبكستان – طاجيكستان – قيرغرستان – كازاخستان).

حيث تتحدث (5) من اصل (6) دول آسيا الوسطى الاسلامية ( التي استقلت عن الاتحاد السوفياتي) لغات تعود في جذورها الى اللغة التركية.

الا ان تركيا ابتعدت ولوقت طويل، عن التدخل في منطقة آسيا الوسطى تجنباً للدخول في نزاع مع روسيا، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي واستقلال هذه الجمهوريات، بدأت تركيا حملة قوية لتقوية علاقاتها معها الا ان هذه العلاقات بدأت بالتراجع بسبب التوقعات العالية لدى هذه الجمهوريات من استعداد تركيا وقدرتها الاقتصادية والتكنولوجية وخاصة في قدرتها على الاستثمار، والواقع ان اداء ايكا التركية (وكالة دعم الجمهوريات في آسيا الوسطى) بقي اقل من المستوى المطلوب، ومن جهة اخرى، فقد ابتعدت بعض هذه الجمهوريات عن تركيا لأنها رأت انها تحاول اخذ مكان الاتحاد السوفياتي السابق في ممارسة سياسة (الأخ الكبير).

ويعتقد البخيت بوجود تنافس اميركي روسي من جهة، وتركي وايراني من جهة اخرى، للسيطرة والنفوذ على هذه الجمهوريات وخاصة على مشاريع النفط والغاز، بينما تراقب الصين باهتمام وحذر تطور الأمور.

واشارالبخيت الى ان انفصال واستقلال هذه الدول عن الاتحاد السوفياتي، أظهر في بعض هذه الجمهوريات الاسلامية فراغ ايديولوجي، مكن بعض التنظيمات الاسلامية، ومنها المتطرفة، من التسلل الى هذه الجمهوريات، وملء بعض هذا الفراغ.

تركيا واليونان

اما حول تحديد العلاقات مع اليونان فاشار البخيت الى تأزم العلاقات التركية – اليونانية بين حين وآخر، بسبب الخلافات حول عشرات الجزر في بحر ايجه، التي يقع بعضها قرب الساحل التركي، التي تخلت تركيا عنها لليونان بموجب اتفاقية لوزان عام 1923م، شريطة عدم وضع اسلحة فيها مع ان تركيا عادت وسمحت لليونان بتسليح بعضها عام 1947، ولحلف الناتو فيما بعد، باقامة قواعد عسكرية في بعضها ، كذلك الخلافات حول السيادة والحدود والمياه الاقليمية والمجال الجوي في بحر ايجه ، اضافة الى الخلاف حول القضية القبرصية ، ودعم اليونان لحزب العمال الكردستاني، واقترابها احياناً ودعمها لايران ولآرمينيا.

وتابع البخيت قائلا هناك حالة انفراج في العلاقات التركية اليونانية خلال العقد الاخير، اذ تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات تشمل مجالات التعاون الأمني والاقتصادي والسياحي والتكنولوجي ، كما ان اليونان تدعم طلب تركيا الانضمام للاتحاد الاوروبي، ويتعاون البلدان في ايجاد حل للقضية القبرصية، وهناك زيارات مكثفة متبادلة لمسؤولي البلدين.

العلاقات العربية التركية

واسهب البخيت في الحديث عن العلاقات العربية التركية مؤكدا ان اهمية البحث في هذه العلاقات تنبع من التحولات الاستراتيجية في المنطقة ومن التطورات المتلاحقة في السياسات التركية، سيما في ظل الحكومة الحالية، فلا بد اذن، من محاولات جادة لتقييم وتحليل هذه العلاقات، وصولاً الى محاولة استشراف مستقبل هذه العلاقات، وهو مستقبل مطلوب من العرب والاتراك تحديد ملامحه وخططه بعقلانية ووضوح وصراحة مستفيدين من التجارب الماضية.

وتابع قائلا ان هذه العلاقات بقيت على مدار العقود الماضية فاترة، وفشلت محاولات اعادتها لمستوى يتناسب مع عوامل التاريخ والجغرافيا والثقافة المشتركة اضافة للمصالح الاقتصادية. وشكل انفصال ولايات الدولة العثمانية عن جسم الدولة نتيجة الهزيمة في الحرب العالمية الاولى، مفصلاً تاريخياً لشعوب المنطقة بأسرها. وبعد قيام الجمهورية التركية عام 1923، ووقوع معظم الدول العربية تحت الانتدابين البريطاني والفرنسي، ادارت تركيا اتاتورك ظهرها للعرب وتوجهت نحو الغرب، وكان لالغاء الخلافة عام 1924 وقضية المطالبة التركية بالحقوق في لواء الموصل التي خسرتها قانونياً عام 1926 امام المحكمة الدائمة للعدل ايام عصبة الأمم، وقضية لواء الاسكندرون الذي اقطعته فرنسا لتركيا عام 1939، كان لكل هذه الامور ان ابقت على توتر العلاقات العربية التركية، وتعمقت الخلافات والفرقة حين وقفت تركيا الى جانب اسرائيل عام 1948، ووقوف تركيا ضد استقلال بعض الدول العربية في المحافل الدولية.

واشار البخيت الى السبب الحقيقي لابتعاد تركيا عن الشرق الاوسط في الخمسينيات والستينيات وهو تعاظم مد التيار القومي في البلاد العربية، اذ ارتأت تركيا ان التيار القومي يهدد سياساتها، خاصة اذا كان مدعوماً من القوى الكبرى. اما في الثمانينيات والتسعينيات، فساءت علاقات تركيا مع بعض دول جوارها على ضوء بدء حزب العمال الكردستاني PKK بأعمال عسكرية ضد تركيا، وتصاعد قضايا خلافية مثل قضايا المياه والحدود والتعاون العسكري مع اسرائيل، ومطاردة القوات التركية لفلول حزب العمال الكردستاني داخل الاراضي العراقية.

والحقيقة حسب البخيت ان الاستثناء الوحيد في علاقة تركيا مع دول الشرق العربي، هي العلاقات مع الاردن التي بقيت متميزة منذ الاربعينيات الى هذا اليوم، حيث لعب الاردن دوراً هاماً في بعض المحطات في حل الخلافات التي كانت تنشب بين تركيا والدول العربية, ومثال ذلك الوساطة الاردنية لمنع تطور الخلاف التركي السوري عام 1997 الى نزاع مسلح.

واضاف الى ان بوادر التحسن في العلاقات لاحت عام 1995، حين فاز حزب الرفاه الاسلامي التوجه في الانتخابات العامة، حيث حاول نجم الدين اربكان تحسين العلاقات مع الدول العربية فغير خطابه السياسي نحوها وزار العديد من الدول العربية، على الرغم من توقيع الحكومة التركية في عهده على اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع اسرائيل عام 1996.

واجمل البخيت حديثه حول هذه العلاقات بالتأكيد على وجود محددات او قيود تحكم طبيعة العلاقات العربية التركية وتعيق تقدمها، الا ان هذه المحددات اصابها تغيير كبير، فكان المحدد الاول هو النظرة السلبية المتبادلة بين الجانبين، فانضمام تركيا الى حلف الناتو والتحالف مع الغرب، كان يفسر بأنه يستهدف حصار المد القومي العربي، فاتجهت الكثير من الدول العربية للتحالف مع المعسكر الشرقي، ووقف بعضها ضد تركيا حين حسنت علاقاتها مع اليونان، ودعم بعضها الآخر حزب العمال الكردستاني .

والمحدد الثاني وحسب البخيت كان تعزيز تركيا لعلاقاتها الاستراتيجية مع اسرائيل، واما المحدد الثالث فكان صراع الارادات المستمر بين النخب التركية والمؤسسة العسكرية التي تسهر على حماية العلمانية واهمية التوجه الغربي في سياسات تركيا.

الا ان جميع هذه المحددات اصابها تغيير كبير، فسياسة الاحلاف انتهت باختفاء المعسكر الشرقي ، و موضوع العلاقة التركية الاسرائيلية بعد بدء عملية السلام في الشرق الاوسط وانخراط معظم الدول العربية فيها وتوقيع اتفاقيات سلام بين اسرائيل وكل من مصر والاردن والسلطة الفلسطينية، بعد هذا اختفت حساسية الدول العربية تجاه العلاقة التركية الاسرائيلية بدرجة كبيرة، يضاف الى ذلك ان الخطاب السياسي للحكومة التركية الحالية يؤكد ان تركيا لا تقيم محوراً مع اسرائيل او حلفاً ضد العالم العربي، وانما تهدف هذه العلاقة لخدمة مصالح تركيا السياسية والاقتصادية والعسكرية، وانها تخدم الاستقرار والسلام في المنطقة، ويمكن توظيفها للوساطة بين الطرفين العربي والاسرائيلي، واما بخصوص العامل او المحدد الثالث الداخلي في تركيا، فقد خفف تأثير العسكر الاتراك واظهر الشعب التركي دعماً كبيراً لسياسات الحكومة التركية الحالية التي تحاول ايجاد توازن بين توجهاتها الى الغرب والى الشرق.

واكد البخيت ان الحكومة التركية الحالية عملت على توطيد التعاون مع الدول العربية، وان تقوم الصداقة على ربط المصالح المشتركة والتعايش على اساس المساواة والاحترام المتبادل، وترى تركيا ان تطوير علاقاتها مع الدول العربية بشكل فردي او جماعي لن يتم الا عن طريق توسيع مجال تبادل المنافع فهي اذن تهتم بالبعد الاقتصادي.

وبالفعل كما قال البخيت نجحت الحكومة الحالية في تجاوز مشاكلها مع دول جوارها العربية وزادت التعاون التجاري والاقتصادي مع العالم العربي بشكل ملحوظ، وبالرغم من ادراك تركيا لحساسية بعض دول المنطقة من تنامي الدور التركي، الا انها سعت لتكون عضواً مراقباً في جامعة الدول العربية.

وعلى صعيد آخر، دعمت تركيا جهود السلام في المنطقة، قوقفت الى جانب الشعب الفلسطيني وانتقدت اسرائيل وادانتها في مناسبات عديدة، ورعت مفاوضات غير مباشرة بين سوريا واسرائيل.

ادانت تركيا بقوة الهجوم الاسرائيلي على غزةـ، واستمرت المواقف التركية بنفس القوة نتيجة للاستيطان الاسرائيلي والاعتداءات على الاماكن المقدسة، الامر الذي انعكس ايجاباً على سمعة ومكانة تركيا في العالم العربي.

وجاءت حادثة الاعتداء على قافلة الحرية لكسر الحصار عن غزة، واستشهاد 9 من المدنيين الاتراك، ومواقف اردوغان الحازمة، لتثير الاعجاب في العالم العربي، فاختفت كل الحساسيات والاشكالات السابقة بين تركيا والعالم العربي، فمكانة تركيا اليوم ومكانة الزعماء الاتراك مكانة عظيمة.

وتابع البخيت قائلا انه يجب الا يفوتنا، انه قبل الحادث الاخير، وتزامناً مع توجه الحكومة التركية الحالية للعالم العربي، فقد شنت تركيا حملة ثقافية موجهة للعالم العربي من خلال المسلسلات الدرامية التركية التي تهدف الى التعريف بتركيا، اضافة الى اطلاق محطة تلفزيونية رسمية تركية ناطقة باللغة العربية.

العلاقات التركية – الاسرائيلية

واسهب البخيت ايضا في الحديث عن العلاقات التركية – الاسرائيلية قائلا ان اسرائيل سعت ومنذ قيامها عام 1948، الى الخروج من طوق العزلة حولها باقامة علاقات مع قوى اقليمية على اطراف دول النظام العربي، وتحديداً: ايران وتركيا واثيوبيا، وبالفعل كانت تركيا من اوائل الدول التي اعترفت باسرائيل، ولكن تركيا بقيت خلال فترة الحرب الباردة بعيدة عن الشرق الاوسط بما في ذلك اسرائيل. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، بدات تركيا واسرائيل بتوثيق علاقاتهما، على ضوء التحديات الامنية المستجدة لكليهما.

فمن وجهة نظر تركية وحسب البخيب تمثلت التهديدات المحتملة في عدم استقرار الدول المجاورة (النزاع الايراني العراقي، النزاع الآرمني الاذري) وضعف انظمة الحكم في دول جوارها من جهة ، ومن جهة اخرى تطور القضية الكردية، مع اشتداد هجمات حزب العمال الكردستاني، والتي ابتدأت عام 1984، وزادت في التصعيد مع وجود قاعدة آمنة لهم في شمال العراق نتيجة لفرض الحصار على العراق واعتبار منطقة شمال العراق منطقة آمنة (Safe Heaven) .واخيرا الخوف من تدني اهمية تركيا في حلف الناتو، بعد اختفاء حلف وارسو، وانشاء مجلس للتعاون بين الناتو وروسيا.

واستطرد البخيت قائلا انه بالتزامن مع بدء تركيا توثيق علاقاتها مع اسرائيل، بدأت ترى ان هناك حاجة لتطوير او ابتداع وسائل ردع، فابتداءً، تخلت عن نظرتها السابقة المتواضعة عن نفسها، وبدأت تنظر الى نفسها كلاعب هام في السياسة الدولية، و لجأت لتوظيف موقعها الاستراتيجي الهام، ومد نفوذها الى دول آسيا الوسطى، والحقيقة وحسب البخيت انه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، بدأ الاتراك بوضع رؤية او ملامح مفهوم خاص بهم يعتمد على مركزية تركيا كدولة ضامنة للاستقرار، وصمام امان في المنطقة، وممر لخطوط الطاقة من وسط آسيا وحوض قزوين الى اوروبا و اصبح هذا المفهوم اكثر وضوحاً بعد شيء من التعديل، مؤخراً، وبعد تطوير السياسات التركية.

في هذا الوقت، ونتيجة لانشاء سد اتاتورك، نشبت خلافات حول المياه مع سوريا والعراق، اضافة الى وجود المنطقة الآمنة للاكراد التي زادت من تعقيد قضية الاكراد، كل هذا جعل تركيا تجد نفسها مضطرة للاشتباك مع قضايا الشرق الاوسط والاقتراب اكثر من اسرائيل.

لذا شاركت تركيا في عملية السلام في الشرق الاوسط (اللجان المتعددة) وشاركت في القوات الدولية لمراقبة اتفاقية الخليل عام 1997، اضافة الى مشاركة قواتها في افغانستان.

واكد البخيت ان تركيا استفادت من ظروف عملية السلام، الايجابية في ذلك الوقت، وقامت بتوثيق علاقاتها مع اسرائيل، فوقعت معها عام 1994، اتفاقية ترقى الى مستوى العلاقات الاستراتيجية، فتم توقيع اتفاقية تدريب سلاح الجو بين البلدين (1995) واتفاقية لتحديد قضايا التعاون (1994) واتفاقية تعاون استخباري وتعاون استخباري الكتروني (1996).

اما على صعيد اتفاقيات الصناعة العسكرية، فتم عقد اتفاقية لتطوير 54 طائرة فانتوم (1996) وتحديث 48 طائرة ف – 5 التركية، كما وتم التعاقد على تحديث دبابات م 60 واتفاقية شراء صواريخ جو – ارض اسرائيلية، واجمالاً، تم عقد حوالي 183 اتفاقية بين تركيا واسرائيل في المجال العسكري.

اما على صعيد التعاون الاقتصادي فاشار البخيت الى تطور حجم التبادل التجاري بين اسرائيل وتركيا من 100 مليون دولار عام 1996 الى 1ر1 بليون دولار عام (2000) وصل الى 5ر2 بليون عام (2009) ويميل هذا الميزان التجاري لصالح تركيا.

اما على المستوى السياسي والاستراتيجي فاوضح البخيت انه تم تأسيس آلية للحوار الاستراتيجي الدوري بين البلدين وفي هذا المجال يمكن ملاحظة امرين: اولهما انه و نظراً للموقع الجيواستراتيجي لاسرائيل، فهي ترى ان البحر الابيض المتوسط يشكل عمقاً استراتيجياً لها، اذ يمكن لاسرائيل شن هجمات صاروخية على اهدافها من البحر، وهكذا يمكن ان تشكل الموانئ التركية العديدة قاعدة آمنة للسفن والغواصات الاسرائيلية.

اما الامر الثاني فهو ان دعم اسرائيل القوي لانضمام تركيا للاتحاد الاوروبي يعبر عن رغبتها في ابعاد تركيا عن محيطها الاسلامي والعربي اضافة لرؤية حدود الاتحاد الاوروبي قريباً منها جغرافياً .

وفي سياق التعاون السياسي والاستراتيجي بين تركيا واسرائيل، قام اللوبي اليهودي في واشنطن بدعم تركيا في عدة قضايا مثل: منع نشر صواريخ ارض – جو (s300) الروسية الصنع في قبرص اليونانية، ودعم انشاء خط الغاز باكو – جيهان، كما وساعد في رفع حظر التسلح عن اذربيجان القريبة من تركيا، وبالمقابل لم يدعم اللوبي الصهيوني رفع حظر تصدير السلاح الاميركي الى تركيا لخشيته من ان يكون هذا على حساب مشتريات تركيا للسلاح من اسرائيل، ومع نشوب الازمة في العلاقات التركية – الاسرائيلية مؤخراً، تجنب اللوبي اليهودي منع الكونغرس من اتخاذ قرار على مستوى النواب باعتبار ان ما تعرض له الآرمن عام 1915، في القتال مع الجيش العثماني يرقى الى مرتبة جرائم الابادة.

واجمل البخيت حديثه حول هذا الملف قائلا انه بالرغم من كثافة العلاقات التركية الاسرائيلية، فان تركيا لا تثق تماماً باسرائيل ونواياها، فهي ترصد التحركات الاسرائيلية في شمال العراق، وتنظر الى محاولة اسرائيل توثيق علاقتها بالاكراد، بعين الشك، كذلك لا ترتاح تركيا لبعض السياسات والاجراءات الاسرائيلية تجاه اليونان وقبرص، ومن جهة اخرى، تحاول تركيا الموازنة بين علاقاتها باسرائيل والعالم العربي، فالعلاقة بينهما تتناسب عكسياً حيث ان تقوية احدهما سيكون بالضرورة على حساب الآخر.

واضاف البخيت انه و مع انسداد الافق في عملية السلام، ومجيء حكومات يمينية متطرفة في اسرائيل والهجوم على غزة، دخلت العلاقات التركية الاسرائيلية في سلسلة من الازمات، بدأت بادانة تركيا القوية لاسرائيل وتصاعد الانتقادات بشكل غير مسبوق، واخيراً، جاءت حادثة اقتحام سفن قافلة الحرية واستشهاد مدنيين اتراك لتمثل تصعيداً حاداً في ازمة العلاقات بينهما.

وقال البخيت ان اسرائيل تعرضت لادانة دولية وازداد الضغط الدولي لرفع الحصار عن غزة حيث لفتت الحادثة الانظار الى حجم معاناة الفلسطينيين في غزة، ولكن اسرائيل استطاعت الالتفاف على كل هذا، بدون تقديم تنازلات حقيقية. واثر الحادثة، بدأت تركيا بشن حملة قوية دبلوماسية وقانونية واعلامية، وبالمقابل، استخدمت اسرائيل كل وسائلها المتاحة اللوبي والاعلام والكونغرس داخل اميركا لتشويه صورة تركيا وحكومتها واتهامها بدعم محور ايران – سوريا حزب الله – حماس، واثارة المتاعب لتركيا في مواقع عديدة اهمها تحريض وتحريك العناصر الكردية المناوئة.

ولا تزال المطالب التركية قائمة متمثلة في الاعتذار والتعويض وتشكيل هيئة التحقيق الدولية وهنا سارعت اسرائيل بتشكيل هيئة تحقيق محلية واضطرت لقبول مراقبين اجانب، فقامت اميركا بدعم هذه اللجنة، بينما لا تزال اسرائيل ترفض مطالب الاعتذار والتعويض، وباعتقاد البخيت فانه سيتم التوصل لحلول وسط حول هذه القضايا وربما بوساطة اميركية.

وذهب البخيت الى توصيف العلاقة التركية الاسرائيلية بالقول بأنها تتسم بكونها علاقة نفعية متبادلة وتكتيكية، تحتاجها تركيا لتحييد اللوبيات المعادية لها، ولكسب ود الكونغرس، ولتأمين نقل التكنولوجيا المتطور، وتحتاجها اسرائيل للخروج من طوق العزلة، وكبوابة مرور الى بلدان آسيا الوسطى.

الدور التركي الاقليمي

وحول الدور التركي قال البخيت ان المحللين والمراقبين والاعلام ومراكز الابحاث الاقليمية والدولية منهمكة بمناقشة وتحليل دوافع واسباب التحول الاستراتيجي في السياسات التركية عموماً، وخصوصاً، دوافع المواقف التركية، والحراك التركي المكثف تأييداً للقضية الفلسطينية ضد السياسات الاسرائيلية.

اما عربياً حسب البخيت فقد جاءت اغلب التقديرات لسبب التحرك التركي لتركز على فرضيتين: الاولى وجود مشاعر اسلامية لدى الحكومة التركية تدفعها لنصرة قضايا المسلمين، والثانية تطرح نظرية المؤامرة، بوجود طموحات للقادة الاتراك (العثمانيون الجدد) للعب دور اقليمي في العالم العربي والاسلامي رداً على الاتحاد الاوروبي الذي يرفض انضمام تركيا. وبعيداً عن منطق فهم التحولات بأبيض او اسود،

واكد البخيت ان النقاش الذي يدور في العالم العربي حول تركيا هو نقاش حول عجز العالم العربي بنفس الوقت، فالاهتمام بتركيا يطرح تلقائياً مشاكل العالم العربي وكيفية الخروج من هذه الحالة، فالتحولات في سياسة تركيا الخارجية تجاه المنطقة هي التي توفر السياقات التي تدور فيها هذه النقاشات، والحقيقة حسب البخيت ان فرضيات دوافع التحرك التركي تجاه المنطقة تبقى قاصرة، لأن هناك العديد من الاسئلة التي لا تزال تبحث عن اجابات من مثل: هل يستمر اشتباك تركيا مع قضايا المنطقة بعد حزب العدالة والتنمية؟ هل ستواصل تركيا شراكتها مع العالم العربي اذا اصبحت تركيا عضواً في الاتحاد الاوروبي؟ هل ترى تركيا العالم العربي بمنظور اقتصادي فحسب، وهكذا، فانه من المبكر الحكم على استدامة التحول التركي، اذ ان هذه الاستدامة تتوقف على مدى عمق هذا التحول وليس على عوامل ظرفية متغيرة.,

واضاف البخيت انه ومع التأكيد على القناعة بأن تركيا تمثل العمق الاستراتيجي للعالم العربي كما هو بالنسبة لها، شأنها في ذلك شأن ايران، وبأنها دول اصيلة في المنطقة، وتتشارك في التاريخ والجغرافيا والمستقبل، الا انه يمكن القول بان التحولات السياسية التركية تاتي في سياق الدفاع عن مصالحها وليس من اجل العرب. فتركيا ليست مكلفة بواجب الدفاع عن مصالح العرب ومواجهة اسرائيل، مع بقاء العرب في دور المتفرج.

ومع ذلك، فانه يمكن الاستفادة من هذه التحولات واستثمارها للتعلم من تركيا. وباختصار شديد، يقول البخيت ان تركيا وفرت مناخات دولية ملائمة لتحرك الدبلوماسية العربية والمتابعة في سياق المواجهة مع اسرائيل. والأهم الدرس الذي قدمته لنا تركيا، بان الدولة الواثقة بنفسها وبتاريخها وبقدراتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية هي القادرة على القيام بدور اقليمي مؤثر، يضاف الى ذلك ان التجربة التركية تقدم نموذجا لاعتدال الاسلام السياسي، باستعداد الحزب الحاكم ذو التوجه الاسلامي للعمل في ظل معايير ديمقراطية.

وفي سياق الازمة التركية الاسرائيلية الحالية، قال البخيت ان استمرارها او الوصول بها الى القطيعة التامة سيؤثر سلبا على استقرار المنطقة، ولا يخدم قضية السلام، كما انها ليست في مصلحة أي طرف من الاطراف. فاميركا ترى ان مصلحتها تكمن في الابقاء على علاقات تعاونية بين اهم حلفائها في المنطقة. اما اوروبا، فترى ان المواجهة بين تركيا واسرائيل تؤدي الى تعزيز القوى المتطرفة. وبما ان امن اوروبا يتقرر مصيره في جنوب وشرق القارة، فان لتركيا اهمية حاسمة للمصالح الامنية الاوروبية ولا تستطيع اوروبا تحمل تبعات القطيعة بينهما.

واضاف البخيت وعلى الصعيد العربي، انه بالرغم من ان المواجهة التركية الاسرائيلية وتداعياتها خلقت اجواء ايجابية، الا ان استمرار القطيعة بينهما تعني فقدان تركيا لقدرتها على الوساطة بين سوريا واسرائيل. وقد عبر الرئيس السوري بشار الاسد عن رغبته بعودة الامور الى مجاريها بين تركيا واسرائيل.

اما في الداخل التركي، فقد أدت تطورات الازمة مع اسرائيل الى جعل الحكومة تعمل تحت الضغط الشعبي بسبب رفع سقف التوقعات اولا، وثانيا، بسبب اثارة القوى المعارضة للكثير من الاسئلة حول توجهات الحكومة. يسألون الى اين نحن في تركيا سائرون؟

ويعتقد البخيت وبناء على ما تقدم بان ازمة العلاقات التركية الاسرائيلية الحالية هي بمثابة ازمة عابرة سيتم تجاوزها. وبالتالي فان هذه الازمة تعيد تأكيد الحقيقة المرة، بانه من الصعب ان تكون صديقا لاميركا وخصما لاسرائيل.

وتوقف البخيت في نهاية حديثه عند ملاحظتين :

الاولى: ان اتفاقية تركيا والبرازيل مع ايران بشأن تبادل الوقود النووي، كانت مبادرة دبلوماسية شجاعة ولكنها ليست محسوبة جيدا، ومثلت امتحانا قاسيا لقدرة قوى اقليمية بالتأثير على النظام العالمي حيث ثبت ان القوى الغربية التي تجاهلت الاتفاقية، لاتزال مهيمنة بشكل مطلق على النظام العالمي، ولو ان تركيا والبرازيل تعاونتا مع احدى الدول دائمة العضوية في مجلس الامن مثل روسيا او الصين لكان الوضع مختلفا.

واما الملاحظة الثانية: هي اننا كعرب واتراك وبقية الدول والمؤسسات المتضامنة ننجر لنعمل وفق قواعد اللعبة الاسرائيلية، فاسرائيل تعمل على تحويل الانظار عن احتلالها وضرورة انهاء الاحتلال وتحويل اقامة الدولة الفلسطينية الى قضية انسانية، كما ان الاعلام العربي والفضائيات تنساق الى قضايا فرعية مثل كسر الحصار عن غزة على اهميته، وكيفية ارسال المساعدات والسفن ومن يفتش السفن واين وكيف، واشغال العالم بتخفيف الحصار وتحضير قوائم السلع المسموح والممنوع دخولها. وهذا كله يصب في هدف اسرائيل في المماطلة وكسب الوقت مع استمرار الاستيطان وتهويد القدس.

خروب :ركائز الدور التركي

وقال محمد خروب انه حين ذهب «السفير»معروف البخيت الى انقره ، لم يكن السؤال ما اذا كان حزب العدالة والتنمية سيواصل صعوده ويحصد المزيد من المقاعد وانما متى يخرج العسكر ، بما هم قد انتدبوا انفسهم حراسا للعلمانية وارث اتاتورك ، كي يضعوا حدا لأنموذج يبدو اكثر خطورة من انموذج «المعلم» الذي خرجوا عليه أقصد نجم الدين اربكان ولكن هذه المرة بقفازات حريرية وخطاب منفتح والاكثر اثارة في رفض تصنيف انفسهم كحزب اسلامي بقدر ما رغبوا في ان يوصفوا بانهم اقرب الى «الليبرالية» و»الأوربة» منهم الى أي شي اخر .

واضاف خروب ان كون تركيا عضوا في حلف شمال الاطلسي واسرائيل شريك استراتيجي مع هذا الحلف تحضر المناورات العسكرية وهي ايضا تتلقى كل ما يمكن لدولة عضو في الأطلسي ان تحصل عليه من معلومات استخبارية وتعاون امني مما يعني ان مسألة العضوية لم تعد عقبة امام ارتقاء اسرائيل الى عضو شرف بكل ما للمفهوم هذا اجرائيا ولغويا من معاني ومترتبات ..

وقال خروب انه ليس بصدد المصادرة على مايود دولة الرئيس معروف البخيت الحديث فيه وعنه وبخاصة بعد ان بدت تركيا تحتل العناوين وتتقدم المحافل السياسية في دبلوماسية نشطة وبخطوات مدروسة تبدو في بعض الاحيان وكأنها تسعى لمزاحمة عواصم اقليمية دورها وفي بعضها الآخر وكأنها تملأ فراغا شاسعا يعلم الجميع أن الطبيعة ترفض الفراغ ولا تحتمل استحقاقاته ..والتي تجد تعبيراتها الراهنة في نظرية احمد داود اوغلو وزير الخارجية «تصفير المشاكل مع الجميع».

وعليه اكد خروب ان الدور التركي ينهض على ركائز ثلاث الأولى مستقبل حزب العدالة والتنمية السياسي والسلطوي ، الذي اثار كل هذا الضجيج الداخلي ببعده الخارجي كعضوية تركيا في الاتحاد الاوروبي الذي يتكئ عليه اردوغان وصحبه في تفتيت الصخرة الصلبة التي واصل العلمانيون الاختباء خلفها ومعهم المؤسسة العسكرية والجهاز القضائي الاكثر تجذراً.

اما الركيزة الثانية وحسب خروب فهي المدى الذي يمكن لواشنطن احتمال مواصلة انقره مشوار القطيعة مع تل ابيب بعد ان اعاد رجب طيب اردوغان شروط بلاده الثلاثة لإعادة تطبيع بلاده مع اسرائيل وهي الاعتذار والتعويض ورفع الحصار عن غزة،وجاء ذلك اثر صدور تقرير اللجنة العسكرية الاسرائيلية في مجزرة اسطول الحرية، التي خلصت الى نتيجة ان الناشطين الاتراك فتحوا النار على جنود الجيش الاسرائيلي .

اما الركيزة الأخيرة وحسب خروب هي مدى الاستعداد الذي تبديه العواصم العربية المعنية للتجاوب مع دور تركي لا يتعارض بالضرورة مع الدور الايراني المتزايد ولكن مع الاسف يزيد ارتباك وحيرة العالم العربي الذي يواصل التلعثم والانثناء .

ولفت خروب الى انقلاب الادوار فالرجل المريض الذي كان الجميع قبل قرن بالكامل يتسابق لانقسام ارثه وثروته ودوره ينهض من جديد فيما الذين امتلكوا العزيمة للثورة عليه وإعادة الاعتبار لامة فقدت بوصلتها تحت وطأة المؤامرات والتجهيل والتشرذم

البدور:حسم الصراع التركي العلماني والتركي المحافظ

اما الدكتور سليمان البدور من جامعة الحسين فقال اننا تحدثنا عن تركيا ونعلم ان في تركيا تيارين، تركيا العلمانية والتي امتدادها للغرب وتركيا الشرقية والمحافظة والتي امتدادها للشرق، هناك تناقض كبير وصراع قائم ومستمر وتساءل عن امكانية حسم الصراع في الوقت الحالي او في المستقبل القريب او انه يجب ان يحسم بين التيارين الثقافيين المختلفين وكلاهما يعلم ان امتدادها يختلف من منطقة لاخرى، ونعلم ان تركيا حتى الدولة نفسها هي دولة طارئة على نفسها منذ 700 عام، ولذلك هناك اختلاف ثقافي وشعور بالالتزام والامتداد الى الشرق فهل يحسم هذا الصراع قريباً ولصالح مَنْ؟

الربابعه : سيناريوهات الدور التركي الاقليمي

ومن جانبه بين استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاردنية الدكتور غازي ربابعه على ان اردوغان قال « ان عظام سليم الاول ومحمد الفاتح تتصكك في قبريهما ان لم نرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني»، وفي موقع آخر قال:» ان المساجد ثكناتنا وقباب المساجد خوذنا والمآذن حرابنا والمؤمنون اخواننا»، واشار في موقع آخر الى ان سجلات الطابو للفلسطينيين محفوظة في ارشيف الدولة العثمانية.

وهنا اشار الربابعه الى سيناريوهات محتملة حول الوضع الاقليمي ( التركي ) وما يهمنا «ماذا بعد»؟ وما هو الموقف التركي القادم؟

تركيا وضعت شروطاً لعودة العلاقات مع الكيان الصهيوني، وهي الاعتراف بجريمتها بالاعتداء على سفينة الحرية والقبول بتحقيق دولي او أي منهما اسرائيل رفضت وطلبت من تركيا الاعتذار نحن في عملية شد بين الطرفين ومن ينتصر في هذه اللعبة وماهي الا صراع ارادات.

واشار لوجود ثلاثة احتمالات اولها قطع العلاقات كاملة وهذا ما اشار اليه وزير الخارجية التركي ، اما الاحتمال الثاني: فهو عودة العلاقات الى سابق عهدها، والاحتمال الثالث: هو بقاء العلاقات بين شد وجذب. واعتقد المتحدث ان اسرائيل سينفذ منها الماء بعد اربعة اعوام حيث ان الماء الذي فيها لا يكفيها الا بنسبة 10% من حاجتها، وهي بامسّ الحاجة ان تأخذ الماء من نهر جيحون عبر مناطيد وبالونات وان تركيا هي ثاني اكبر قوة عسكرية في حلف شمال الاطلسي وبالتالي لا تريد الولايات المتحدة ان تخسر هذا الشريك الاستراتيجي، والذي يحكم اميركا هو اللوبي اليهودي، والذي يحكم تركيا هو بقايا فرقة الدولمة وهي المؤسسة العسكرية.

شقير :عملية السلام بعيدة المنال

اما اديب شقير فقال لقد طالعتنا الصحف قبل اسبوعين بأن الرئيس بشار الاسد قال ان قطع العلاقات بين تركيا واسرائيل سيؤثر على عملية السلام في المنطقة. ومن وجهة نظر الشقير فان عملية السلام بعيدة المنال وتدور في حلقة مفرغة، بسبب سياسة اسرائيل وعدوانيتها المفرطة، وهي ما تزال تقوم بمصادرة آلاف الدونمات من الاراضي وقامت بتهويد مدينة القدس وبناء الجدار العازل الذي قطع الضفة الغربية الى اجزاء واعتقلت آلاف الابرياء ووضعتهم في السجون.

من جهة اخرى شكر شقير تركيا على دورها الطليعي، التي لها تاريخها السياسي ووزنها كدولة ولها مواقف مشرفة تجاه القضايا العربية .واخيرا طالب الشقير المحاضر التعقيب على حديثه .

الدعجه: توظيف ازمة توتر العلاقات التركية – الاسرائيلية من قبل اميركا

ومن جانبه قال الدكتور هايل ودعان الدعجة ان التوتر في العلاقة التركية الاسرائيلية هو أزمة عابرة وتساءل ان كان من الممكن توظيف هذه الازمة من قبل الولايات المتحدة على الاقل لاخراجها من الحرج التي سببته القيادات الاسرائيلية لها .

اجوبة البخيت :استغلال الوضع القائم. وما هو القادم ؟

ورد البخيت على ذلك بقوله : ان الحكومة التركية الحالية تملك فرصة اكبر من غيرها بحسم الهوية التركية. والاستراتيجية الجديدة تدعو الى اعتبار تركيا انها تشكل مركز فضاء لوحدها، أي انها لا شرقية ولا غربية و لها وضع خاص والكل يدور في فلكها، وبالتالي بدأت في تصفير المشاكل مع الكل، ونحن في المركز.

وتابع قائلا انه بالنسبة لاقوال اردوغان التي سُجن عليها، عندما كان رئيس بلدية اسطنبول عام 1997، وبقي في السجن 8 اشهر، فقد كانت قصيدة لشاعر تركي الف النشيد الوطني فقالها في احد الاجتماعات الانتخابية.

وحول ما هو القادم؟ اعتقد البخيت أن اميركا ستتدخل بقوة وستصل الى تسويات وحلول وسط تكون مرضية للطرفين.

اما فيما يتعلق بقضية توظيف الازمة فقال ان لدى اميركا ادوات كثيرة تضغط بها على اسرائيل، فقط اذا ما حاولت استخدام تقرير غولدستون، ولدى اميركا اوراقاً ولكنها لا ترغب في استخدامها، والسؤال اين العرب؟

اما بخصوص عملية السلام، فقال ان هذا العام لا توجد حركة لعملية السلام، وفي ظل الحركة اليمينية المتطرفة التي تؤمن بخطة سلام اقتصادية للفلسطينيين يتلوها ايجاد ترتيبات لعيش الفلسطينيين كسكان للعيش على هذه الاراضي، وهذا لن يؤدي الى انفراج حقيقي وسلام في ظل هذه الحكومة.

العتوم : (عودة الوعي) عوده حقيقية وعقلانية

ومن جانبه قال الدكتور محمد العتوم / جامعة العلوم الاسلامية العالمية: ان برنارد لويس شيخ المؤرخين او المستشرقين في كتابه «الهويات المتعددة في الشرق الاوسط» يشير الى الدور الذي لعبته الدول الكبرى فظهر حزب الاتحاد والترقي القومي التركي المتطرف وبالمقابل، ظهرت حركة القومية العربية، وظهرت جمعية تركيا الفتاة، وبالمقابل ظهرت الجمعية العربية الفتاة، وهنا ظهرت اتفاقية سايكس بيكو، وبالمقابل ظهرت اتفاقية لوزان، وهنا ظهر مصطفى كمال اتاتورك والغى الخلافة وبالمقابل ظهر الشيخ الازهري علي عبدالرازق بأنه لا يوجد في الاسلام نظام حكم.

على ضوء هذه الخلفية التاريخية استعار العتوم قول توفيق الحكيم بعد موت عبدالناصر في كتابه (عودة الوعي) «ما يمر في منطقتا العربية والتركية هي عودة حقيقية وعقلانية وبرغماتية للوعي»، وقال العتوم مختلفاً مع البخيت انها بداية لعودة وعي عقلاني واساسه مشروع الشرق الاوسط الجديد، الذي طرحه شيمعون بيريز والمشروع الشرق الاوسطي الكبير الذي طرحه بوش لتجفيف الثقافة الاسلامية وليس انها ازمة عابرة، ولكن بدون تركيا لن تكون القوى الغربية قادرة على ايجاد مشروع شرق اوسطي جديد ومعتدل.

خطاب:الاستفادة من افعال تركيا الايجابية

وقال المهندس رائد خطاب انه في ظل عدم استفادة الدول العربية لمواقف وردود افعال تركيا الايجابية من ناحية الوطن العربي الاسلامي، فماذا تتوقع من الموقف العربي بالذات وخصوصاً في ظل آثار المتغيرات على صعيد منطقتنا المحيطة بفلسطين.

ابوغنيمه: «محمتشيك» بالتركي أي الجندي المحمدي

واشار زياد ابو غنيمة – خريج جامعة استنبول الى استمتاعه بالتحليل الرائع وقال معلقاً انه بالنسبة للعلاقة بين الكيان الصهيوني وتركيا فهنالك بعد تاريخي للعلاقات بين الشعبين، فالاتراك يعتبرون اليهود يتحملون المسؤولية الاولى في هدم خلافتهم، وهذا امر كل تركي لا ينساه ابداً.

وتابع ان ما جرى من اعتراف بدولة الكيان لم يكن من الشعب التركي وانما من حكومة «عصمت الينو» الذي كان رئيساً للجمهورية حيث شتم سفيره في الامم المتحدة لانه كان ثالث المعترفين ولم يكن الاول في الكيان الصهيوني، فهي علاقة من له علاقة باليهود وليست علاقة الشعب التركي بهذا الكيان، واكد ان الشعب التركي هو شعب اصيل بتمسكه بهويته الاسلامية، وبيّن ان المؤسسة الصناعية العسكرية التركية انتجت رشاشاً اطلقت عليه في حفل رسمي رعاه قائد الجيش اسم «محمد شيك» أي المدفع الرشاش المحمدي وهذا امر يدل على اصالة الهوية الاسلامية مبينا ان اسم الجندي التركي «محمتشيك» أي الجندي المحمدي، وحتى ايام العلمانية ما يزال هذا الاسم سائداً، منوهاً ان البخيت له تاريخ عسكري ومتابع لهذا الامور.

محادين:كراهية عربيه لتركيا

ومن جانبه طرح الكاتب خالد محادين سؤالا لا ينتظر الاجابة عليه وهو:

«هل توجد دولة عربية واحدة لا تحمل كراهية وحقدا على تركيا»؟

اجوبة البخيت : العلاقات العربية التركية وزعامة المنطقه

وعلق البخيت على ما ذُكر قائلا ان: كل الدول العربية تحب تركيا باستثناء وجود حساسيات، ونحن كأردنيين نلمس محبة لتركيا على المستويين الشعبي والرسمي، ومعيار آخر معيار السياحة لتركيا الذي هو في ازدياد.

وعبّر عن خشيته في ان تثير الحساسية الموجودة الى تنافس على زعامة المنطقة ما بين مصر والسعودية وتوجد حساسية لا ننكرها وهي تاريخية ولذلك توجد خشية عند هذه الدول ان أخذت تركيا دوراً كبيراً والنظام العربي كاملاً في حالة شلل.

واكد ان العلاقات العربية التركية مع بعض الدول العربية مميزة منذ القدم مشيراً الى العلاقات الاردنية التركية المتميزة منذ الاربعينيات فمنذ عام 1947 وجدت لنا سفارة في تركيا بعد وجود سفاراتنا في بريطانيا والقاهرة ودولة اخرى.

وتابع البخيت مستغرباً وصف بيرناند لويس كشيخ للمؤرخين وانما هو شيخ الفاسقين وشيخ الحاقدين (كما وصفه البخيت). مشيراً الى انه يعرفه عن قرب وكانت له معه نقاشات طويلة حيث ان لديه كماً كبيراً في الهجوم على الاسلام.

اما حول كيفية الخروج من الحالة، فقال البخيت: توجد دول قادرة على الفعل وهي غير راغبة ان تفعل ودول هاجرت التاريخ ودول تمر في حالة سبات.

واشار البخيت من خلال تجواله في تركيا ان الشعب التركي ينظر الى العرب على عكس التوقع انهم يبادلونهم بشيء من الجفاء. واضاف انهم يحبون الشعب الاردني.

وشكك البخيت في المبالغة حول دور يهود الدونما فلا شك انهم يهود جاءوا من اسبانيا واحتضنهم السلطان ولهم نفوذ مالي ولعبوا دوراً في حزب الاتحاد والترقي في ذلك الوقت، اما الآن (كما يقول البخيت) فانهم بدون نفوذ كنفوذ اللوبي الصهيوني.

هورما: (30 مليون كردي )

وتساءل مصطفى هورما عن قيام الدولة الكردية (30 مليون انسان) وان كلاً من تركيا وايران والعراق ستكون متضررة من مقاومتها لقيام تلك الدولة اكثر من تضررها من تأييد قيامها، وان المنتفع الوحيد هي اسرائيل مهما طال الزمن.

الزناتي :اعتقاد البعض ان تركيا ستحارب عنا

واكد الكاتب نمر الزناتي قائلاً ان كل هذه الضوضاء في عالمنا العربي في الصحافة هي كلها تفصيلات ولا تغني نهائياً، والحقيقة انه يوجد خطر داهم دائم قائم هو اسرائيل التي بدأت بمستعمرة اولى هي النبي يعقوب قرب حيفا – وقد لا تكون هي الاولى - .

ففي العام 1899 كتب الامير شكيب ارسلان حول سكن اليهود في فلسطين، وذكر ان الدولة العلية تدفع لكبار اليهود بمنعهم من زيارة الديار المقدسة، وكم تمنى ارسلان على الدولة العلية ان يقيموا قرية هنا وقرية هناك لكي يستفيد منها الشعب الفلسطيني وهذا الوعي او تلك الطبقة المستنيرة لم تُدرك الخطر الماثل بمستعمرة هنا وهناك الى ان اصبحت دولة، وتابع قائلاً ان نتحدث عن خطر تصرفات اسرائيل وهي تصرفات دولة امبراطورية، وليست تصرفات دولة عادية، وانما هي تصرفات دولة عدوانية بدون أي سلام، لا يمكن ان يكون هناك سلام مع اسرائيل.

وتابع قائلا « ان الأمة العربية وقعت بين عدوانين شريرين، احدهما الغرب والاستعمار وهديته لنا كانت اسرائيل، والآخر هو خطر داخلي وهو الاشد وهو اكثر خطراً على العرب، وهو واقع العرب انفسهم – حيث يعتقد البعض ان تركيا ستأتي لتحارب عنا، او تفك اسر غزة ومن زيارات متعددة لدول عربية، الناس (دايرة ظهرها) وهذه مسؤولية الحكام، وهذه بلاد الشام بلاد واحدة، حيث انه في 27 تشرين الثاني سنة 1950 حضر رئيس وزراء ووزير دفاع سوريا الزعيم فوزي سلو، واجتمعو مع الملك عبدالله الاول – رحمه الله وطيب ثراه - بالمقر في رغدان، وخطب فيهم قائلاً: «هذه البلاد بلادكم.. ونحن سوريون وان قلتم لا، اذهبوا واجتمعوا مع اخوانكم وزوروا كل البلاد وقرروا ان قررتم جمهورية فأنا بها قابل، وان قررتم الملكية فلا مانع لدي، وان قررتم الاتحاد الفيدرالي فاجمعوا وزراء الخارجية ووزراء المال، واتفقوا فيما بينكم، اما ان نبقى على هذا الحال فلن نقوى مستقبلاً لا واقعاً ولا اقتصاداً في مواجهة الاحتمالات، والعدو هو هناك وليس هنا».

اللحام:غياب الدور العربي الحقيقي

اما الصحفية ريم اللحام من جريدة القدس العربي، فقالت ان الموقف العربي الحالي لا يمكن ان يكون له دور حقيقي في تحديد دور العلاقات العربية التركية، وتبعياتها، كما انه غائب عن الساحة السياسية ولا يمكننا ان نتحدث عن المشاعر الاسلامية، لأن أي سلطة في العالم تتخذ شكل سياسي خاص بها، يتماشى مع مصالحها سواء اكان اسلامياً او شيوعياً او شيء آخر فالسلطة هي السلطة دائماً.

الحضرمي :عمل مؤتمرات عربية – عربية

واشار الدكتور عمر الحضرمي استاذ العلوم السياسية لوجود زوبعة في العلاقات العربية التركية مؤكداً على وجوب وجود دور اكبر للعرب في قضاياهم، وطالب بعمل مؤتمرات عربية عربية، لبناء العلاقات بينهما، وبعده يتم البحث في العلاقات التركية.

عبيدات:دور تركي تحكمه قضية الفاعل العقلاني

«هبة الحياة» عبيدات / راديو البلد، من جانبها اكدت ان الدور التركي في المنطقة تحكمه قضية الفاعل العقلاني حيث لا توجد دولة في هذا العالم تتصرف دون التفكير في مصالحها، داعيا الى الابتعاد عن التفكير بالعواطف والقول ان تركيا هي دولة اسلامية، تتصرف بناء على العمق الاسلامي والذي تحمله وتكنه للدول العربية، واضافت ان ما يحفز تركيا على القيام بهذا الدور في المنطقة، هو قضية العزف على القضية الفلسطينية، وهو امر عزفت عليه معظم الدول العربية سابقا، وقامت بتحقيق مصالحها بناء على هذا الموضوع، واستثنت من ذلك الاردن.

وتابعت قائلة ان تركيا لديها ميزات عديدة تجعلها تحتل موقعاً في الشرق الاوسط ومنها المشاريع المائية التي غاب ذكرها في هذه المحاضرة، فهي لاعب رئيسي في المنطقة في المنطقة.. والقضية العراقية، تعاني من فراغ سياسي، وهي بحاجة لأن يكون هناك دور تركي، واشارت الى قضية الوساطة التركية بين اسرائيل وسوريا.

اجوبة البخيت : اعادة قراءة العلاقات العربية التركيه

وفي هذا المجال اجاب د. البخيت معلقاً ان ما يتعلق بقضية الاكراد وحقوقهم، تاريخياً اقيمت دولة كردية لمدة يوم واحد، فتاريخياً المناطق بحدود العراق وايران وتركيا الحديثة، استقر الامر.

اما من حيث الاعتراف بهم وحفظ حقوقهم فهذا موضوع مختلف، والاكراد يعتبرون هذه القضية قضية حقوق.

اما بما يتعلق بالعدو الاول اسرائيل قال البخيت انه قرأ معظم مؤلفات الملك عبدالله وكتاباته، وانه يؤمن بفكره الذي قال ان الصهيونية كالسرطان، اذ لم تستطع ان تجتثه فعليك ان تحدده، فيوجد امكانية الوصول الى سلام لتحديد اسرائيل، اسرائيل العام 1948 بعد عام 1967، واذا ما تمكنا اقامة دولة فلسطينية، تصبح اسرائيل كسويسرا تعيش معنا.

اما بما يتعلق بالعلاقات العربية – التركية، فقال البخيت انه يحترم جميع الآراء ولكنه مع بحث العلاقات العربية – التركية. تركيا دولة اصيلة ويمكن ان نستفيد منها. كتبنا التاريخ معاً. ويمكن ان نرسم معالم المستقبل معاً، يوجد سوء فهم، ولهذا يجب الجلوس على الطاولة ووضع جميع المواضيع الحساسة بيننا وبين تركيا ونتحاور حولها ونغلق الملف وننظر الى الامام.

وتابع قائلاً: ان اميركا طارئة على المنطقة فهي تهيمن على الجميع ولكن اين ارادتنا؟ هؤلاء جيران وتوجد عوامل مشتركة بيننا وبينهم، ففي التاريخ الحديث يوجد تشويه مقصود لسمعة الاتراك عند العرب، ففي المناهج التركية يعطون سلبيات عن العرب، ونحن ايضاً - تذكرون قبل عشر سنوات - كانت توجد مسلسلات درامية عند بعض الجهات وليس في الاردن وتشوه الاتراك. يجب اعادة قراءة تاريخ العلاقات التركية العربية بما في ذلك العلاقات الحديثة والتركيز على المناهج.