"بريطانيا وقضايا الشرق الأوسط"

15/12/2014

قال السفير البريطاني لدى الأردن بيتر ميليت، إن التصويت الذي جرى مؤخراً في البرلمان البريطاني يكشف عن توجّه الرأي العام هناك نحو تغيير الموقف تجاه القضية الفلسطينية، بخاصة لجهة تأسيس الدولة الفلسطينية.

وأكد ميليت خلال جلسة حوارية نظمها مركز «الرأي» للدراسات حول «بريطانيا وقضايا المنطقة»، أن بلاده ضد أي محاولة لتغيير الوضع القائم في القدس، وأنه لا يمكن الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية من دون تدخل الولايات المتحدة الأميركية التي تشهد جهودها حالياً حالة من الجمود.

واستعرض السفير خلال الجلسة التي اشتملت على مداخلات لعدد من السياسيين والكتّاب والإعلاميين، مواقف المملكة المتحدة حيال قضايا المنطقة، مؤكداً أن هناك توافقاً في الموقف بين بريطانيا والأردن لجهة الدعوة لتأسيس دولة فلسطينية.

وبيّن أن الأزمة في كل من سوريا والعراق، وقضية «داعش»، وعملية السلام في الشرق الأوسط، هي على سلّم أولويات الخارجية البريطانية.

وطُرحت في الجلسة تساؤلات عن خطة بريطانيا لدفع مفاوضات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية إلى الأمام في ظل غطرسة الحكومة الإسرائيلية وتوجه المجتمع الإسرائيلي إلى مزيد من التطرف.

ودعا المشاركون في مداخلاتهم، إلى إعادة النظر في طريقة تنسيق وتقديم الدعم للاجئين السوريين، بحيث يوجَّه الدعم للبلديات بشكل مباشر كي تستطيع القيام بدورها الخدمي والإنساني. كما دعوا بريطانيا إلى تكثيف جهودها دولياً لمساعدة الأردن على تحمل أعباء اللاجئين، وإلى زيادة التعاون الثقافي بين البلدين، والتركيز على مواضيع المياه والبيئة والطاقة، ودعم المخترعين، بحيث يستفاد من الخبرات البريطانية عبر تبادل الخبراء والمختصين.

أدار الندوة: د.خالد الشقران

حررها وأعدها للنشر: جعفر العقيلي وبثينة جدعون


وتالياً أبرز ما تضمنته الجلسة:


المصالح البريطانية

قال السفير بيتر ميليت، إنه بالعودة إلى التاريخ المعروف للجميع من الحملات الصليبية والحقبة الاستعمارية التي امتدت لمئات السنين واتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور اللتين تُعدّان من مساهمات المملكة المتحدة في تاريخ هذه المنطقة، وقراءة العديد من الكتب التي درست تلك الفترة واهتمام المسؤولين البريطانيين بها، سيلاحظ المرء كيف أن مصالح بريطانيا واهتماماتها ونظرتها تجاه المنطقة قد تغيرت منذ ذلك الوقت وبشكل ملحوظ.

وأضاف ميليت أن بريطانيا في حقبة الأربعينات والخمسينات والستينات من القرن الماضي لم تعد هي الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، حيث بدأت فترة التحرر من الاستعمار بشكل عام وفي معظم المناطق، كما شهدت الفترة اللاحقة احتلال العراق للكويت عام 1991 ومن ثم الحرب على العراق عام 2003، مشيراً إلى أن جميع هذه الأحداث أصبحت الآن جزءاً من التاريخ الذي شاركت بريطانيا بصياغته في المنطقة والذي تعترف أنه لم يكن بمعظمه إيجابياً.

ورأى ميليت أن الاهتمام بما تفعله بريطانيا وما تنوي القيام به في الوقت الحاضر هو الأهم، موضحاً أن هناك ثلاث مستويات للاهتمام بالمصالح البريطانية في المنطقة في الوقت الحاضر، وأن السياسة الخارجية لأي دولة تقوم على رعاية مصالحها الخاصة، كما أن أمن المملكة المتحدة واستقرارها يعّد الأولوية الأولى للمسؤولين البريطانيين على المستوى السياسي، وهو ما يتطابق مع أولوية المسؤولين الأردنيين تجاه بلدهم، باستتباب الأمن والاستقرار في المنطقة ككل.

وأضاف: هناك حوالي 400-500 شخص بريطاني يحاربون الآن في سوريا والعراق، سيعودون يوماً ما إلى بريطانيا ويشكلون تهديداً للأمن هناك، كما سيفعل المقاتلون الأردنيون في سوريا والعراق عند عودتهم إلى الأردن، لذلك فإن الأولوية الأولى لدولته هي «الأمن»، بما يتناسب مع منظومته في المنطقة.

وقال ميليت إن المستوى الثاني يتمثل بالقضية الفلسطينية والحاجة لتأسيس دولة فلسطينية، مشيراً إلى أن التصويت في البرلمان البريطاني وتوجُّه الرأي العام البريطاني تغير اتجاه هذه القضية، مؤكداً أنه لا يمكن الوصول إلى حل لها من دون تدخل الولايات المتحدة الأميركية والتي تشهد جهودها حالياً حالة من الجمود. وأوضح ميليت أن هناك حاجه أكيده لرؤية هذه الجهود تنبعث من جديد، وستكون بريطانيا والاتحاد الأوروبي داعمين رئيسيين لإيجاد حل للقضية الفلسطينية وتأسيس دولة فلسطينية.

وتحدّث السفير عن الجانب الاقتصادي من منظور المصالح والرؤية البريطانية له، قائلاً إن العامل الاقتصادي مرتبط بالعامل السياسي المتمثل بالأمن والاستقرار، مشيراً إلى إيمان بريطانيا بالنظرية التي تقول إن الحرمان الاقتصادي يؤدي بالنتيجة إلى توليد القوى الراديكالية المتطرفة وتشجيعها.

ولفت إلى أن بريطانيا خرجت مؤخراً من فترة كساد قاسية، وأن الطريقة الفضلى لتشجيع الاقتصاد وتنميته وتطويره ودعمه هي توجيه الصادرات، وخلق فرص عمل جديدة، واستقطاب الاستثمارات، وتشجيع المشاريع والبرامج البريطانية ليس فقط في مجال العقارات، وأيضاً عبر المشاريع التي تخلق تنمية مستدامة، مبيناً أن جميع سفارات المملكة المتحدة عليها مهمة تشجيع الاستثمار، ومحاولة خلق علاقات عمل بين الشركات البريطانية ومثيلاتها في المنطقة، وجذب المزيد من الاستثمارات.

كما تحدث ميليت عن الجانب الاجتماعي، مشيراً إلى أن المملكة المتحدة ترغب باستقطاب عدد أكبر من الطلبة في هذه المنطقة من العالم للدراسة فيها، وبخاصة الطلبة الأردنيون الذين يتمتعون بسمعة جيدة في الجامعات البريطانية.

وأعلن أن برنامج المنح البريطانية المعروف باسم (شيفننج) الذي قُلِّصَ عدد منحه في الأردن من (12) إلى (7) سيعود في العام المقبل ليتقّدم (14) منحة للطلبة الأردنيين.

وأشار ميليت إلى ميزة يتمتع بها البريطانيون وهي «اللغة الإنجليزية»، مضيفاً أنهم يحاولون تعميم هذه اللغة باللكنة البريطانية عبر المجلس الثقافي البريطاني وعلاقاتهم مع المدارس والجامعات.

وقال السفير إن التعاون الاقتصادي بين المملكة المتحدة والأردن قد تطور بشكل ملحوظ خلال السنوات الأربع الأخيرة، إذ بلغت ميزانية المشاريع والبرامج في الأردن حوالي (100) مليون جنيه، كما قدمت بريطانيا (250) مليون دولار كدعم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مضيفاً أن معظم هذه المبالغ سيكرس لمساعدة اللاجئين السوريين عبر تقديم الدعم للمنظمات التي ترعاهم، إضافة إلى دعم المنظمات غير الحكومية.

وأضاف، أدركنا أن المشكلة لا تتعلّق باللاجئين السوريين فحسب، بل يجب تقديم الدعم للمجتمعات المحلية التي استضافتهم، لذلك قامت بريطانيا بزيادة الدعم المالي المقدم لمشاريع في مدينتي المفرق وإربد وسواهما من المدن التي تستضيف اللاجئين السوريين.

ولفت ميليت إلى أنهم خصّصوا (20) مليون جنيه لدعم البلديات في شراء الآليات الجديدة، وتحسين البنية التحتية، وتنظيف الشوارع العامة وإضاءتها، وقدموا (15) مليون جنيه للقطاع التعليمي، كما أنهم يقومون بدعم منظمات مثل «ميرسي كورب»، مشيراً إلى الاكتظاظ الذي تعانيه مدرسة البنات في قرية الزعتري التي زارها قبل أسبوعين، حيث قامت السفارة بالتبرع لبناء (4) غرف صفية جديدة، وملعب كرة قدم.

وأوضح ميليت أن جزءاً من المساعدات الاقتصادية للأردن يتم توجيهها لبرامج الإصلاح السياسية والاقتصادية، مؤكداً أنّ الأشارة إلى الإصلاح السياسي لا تعني أي محاولة من بريطانيا للتدخل في الشأن السياسي الأردني، فالإصلاح بشقيه السياسي والاقتصادي يعتمد بشكل أساسي على المواطن الأردني.

وأضاف أن بريطانيا ببرلمانها وحكومتها وخبرائها ليس لديها وصفة جاهزة للديمقراطية في الشرق الأوسط، إذ إنهم في بريطانيا ما زلوا يسيرون في طريق الإصلاح أيضاً، لافتاً إلى أن الاستفتاء على استقلال اسكوتلندا يعد جزءاً من خطتهم الإصلاحية.

وقال ميليت: «نحن في بريطانيا نعتقد أن الإصلاح الاقتصادي المرجو هنا يمكن أن نقوم بتقديم الدعم له، كوننا من الشركاء الرئيسيين في البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والعديد من المؤسسات المالية الاقتصادية العالمية، والتي يمكن عن طريق برامجهم المختلفة مساعدة وتطوير وتنمية القطاع الخاص في الأردن».

وأشار إلى أنهم قاموا بتقديم الدعم للعديد من المؤسسات والشركات والبرامج (مثل Oasis، «مهارات»، «شل»، «نمو»)، بمعنى آخر أنهم قاموا بدعم برامج الحكومة، ومحاولة ترجمة رؤية الملك الإصلاحية الواضحة، مضيفاً أن ترجمة الرؤية إلى عمل ليس بالأمر السهل، بخاصة في ظل الظروف الحالية من انقطاع الغاز المصري، وتدفق اللاجئين السوريين، والأزمتين في سوريا والعراق.

وتوقف ميليت عند موضوع «السياحة المتبادلة» بين الدولتين، مبيناً أن السياحة تُعَدّ فرصة لتحريك الاقتصاد وتنشيطه، وأشار إلى أن مدرب المنتخب الوطني الأردني بريطاني الجنسية، آملاً أن يزيد من انتشار ملابس لاعبي الأندية البريطانية في الأسواق الأردنية، أسوة بملابس الأندية الإسبانية، مما سيساعد على تمتين العلاقات والروابط بين الناس.

وشّدد على أهمية العلاقات بين الشعوب والأفراد، مشيراً إلى أنهم يودون إصدار تأشيرات سفر للجميع، واستقطاب الطلبة لزيارة بريطانيا، وأن أي إشكال إو تأخير في إصدار التأشيرة يكون سببه عدم تقديم الشخص المعني الوثائق المطلوبة.

وأكّد ميليت أن موضوع الأمن والاستقرار، هو على سلّم أولويات الحكومة البريطانية، إذ إنهم يطمحون لرؤية الأردن جزيرةً للأمن والاستقرار في المنطقة، لافتاً إلى أن بريطانيا والأردن جزء من التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم «داعش»، وإلى أن القوات الجوية البريطانية تشارك في توجيه ضربات جوية عسكرية داخل الأراضي العراقية، كما أنهم قاموا سابقاً بتدريب عدد كبير من العسكريين الأردنيين. وأشاد بالعلاقات العسكرية المتميزة بين البلدين، قائلاً إنهم ينظرون نظرة احترام وتقدير للجيش الأردني واحترافيته.

وعلى المستوى السياسي، قال ميليت: بما أن الأردن اليوم يشغل مقعداً في مجلس الأمن الدولي، فقد تطور الحوار الدبلوماسي بين كل من عَمّان ولندن ونيويورك، مشيراً إلى أن لقاءات الملك بجيمس كاميرون كشفت تطابق التحليل السياسي بين الدولتين لمعظم الأحداث، وأن إيجاد حلول للمشكلات والأزمات كان هماً مشتركاً، مما يعني إمكانية العمل والتنسيق المشترك على هذا الصعيد أيضاً.

المداخلات:

علاقات متينة

قال الخبير الاقتصادي د.خالد الوزني إنه يأمل ألا يأخذ الموقف البريطاني 30 سنة حتى يتم التفاعل بشكل حقيقي مع مسألة عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم (أقلها أراضي 1967)، مثلما أخذ وعد بلفور 30 عاماً لإقامة إسرائيل دولتها في فلسطين.

وأشار إلى أن المشروع الاقتصادي شهد تغيراً واضحاً خلال فترة تولي السفير ميليت حقيبته في الأردن، وبخاصة ذلك الجانب المتعلق بمؤسسات المجتمع المدني العاملة بالشأن الاقتصادي وبالأخص موضوع الاستثمارات البريطانية في الأردن، فقد أنشأت شركات بريطانية مراكز لها في الأردن وقامت مجموعة من الاستثمارات المشتركة.

وأوضح أن العلاقة القوية بين بريطانيا والأردن مستمرة منذ عهد الإمارة، ورأى الوزني أن الأردن كان يجب أن يحظى بدرجة الدولة الأَوْلى بالرعاية البريطانية، ضمن هذه العلاقة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

وقال إن قطاع الخدمات الأردني لا يستطيع الدخول إلى السوق البريطانية، كما هي الحال مع السوقين الفرنسية والرومانية مثلاً، كما أن توقيع اتفاقية (FTA) مع الولايات المتحدة لم تشمل قطاع الخدمات، في حين أن توقيع اتفاقية مع بريطانيا في هذا المجال سيخدم هذا القطاع.

ولفت الوزني إلى أن كلف التعليم في بريطانيا أصبحت أعلى مما سبق، داعياً أن يعامَل الطالب الأردني معاملة البريطاني في دفع الرسوم بحيث يكون ذلك ضمن تحسين قطاع الخدمات.

ودعا الوزني إلى إعادة النظر في طريقة تنسيق وتقديم الدعم للاجئين السوريين، مبيناً أن العديد من المؤسسات الدولية تعمل مباشرة إما مع البلديات أو مع مؤسسات المجتمع المدني بعيداً عن الحكومة، وهذا يخلق نوعاً من التكرار وعدم التنسيق، فهناك جمعيات حصلت على دعم من جهات عدة، وهناك جمعيات أخرى لم تحصل على أيّ دعم.

ولفت إلى أن البلديات عانت كثيراً من سوء إدارة الحكومة لملف اللاجئين السوريين، فقد حصلت الحكومة على مساعدات كثيرة لكنها لم تنعكس على البلديات، مشدداً على أهمية وجود مساعدات مباشرة للبلديات، وبشكل أكبر من السابق.

محاربة الإرهاب

قال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية مروان شحادة إن الغرب ما زال يمارس الدور الاستعماري البريطاني والصورة النمطية والسلبية نفسها تجاه هذه المنطقة، عبر تحيزه الواضح والفاضح للكيان الصهيوني.

وأضاف أن التحاف الغربي ضد ما يسمى «الإرهاب»، سيُعقّد المشهد أكثر فأكثر، إذ يتم التعامل مع التطرف والتشدد من دون البحث عن الأسباب الحقيقية وحلها جذرياً وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فالسماح لإسرائيل بالتغول على المؤسسات الدولية إضافة إلى سلوكها الإجرامي تجاه الشعب الفلسطيني، يعدُّ أحد الأسباب الرئيسية المُوَلّدَة لما يسمى «الإرهاب».

وأشار إلى أن دعم النظم السياسية القمعية والاستبدادية في منطقتنا العربية يعدّ مولّداً آخر للإرهاب، ناهيك عن أن الديمقراطية قد تكون حقيقية في أوروبا وبريطانيا وأميركا، أما في البلاد العربية فلا يوجد ديمقراطية، بل هناك تغول للمال. ورأى أن البيئة الحاضنة للقوانين الانتخابية والحزبية غير مؤهلة بعد في المنطقة العربية، مؤكداً أن محاربة التشدد والتطرف أو ما يسمى «الإرهاب» بحاجة لمقاربات موازية غير المقاربات الأمنية والعسكرية.

مشاريع الطاقة المتجددة

أكدت مديرة مركز الاستشارات والتعليم المستمر في جامعة الإسراء د.غيداء أبو رمّان على حاجة الأردن إلى الدعم البريطاني في مجال الطاقة المتجددة، وخاصة أن هناك شركات بريطانية رائدة عالمياً في هذا المجال، داعية إلى جلب استثماراتها إلى الأردن.

كما دعت إلى زيادة التعاون الثقافي غير الحكومي بين الأردن وبريطانيا، وأن يتم التركيز على مواضيع المياه والبيئة والطاقة، إضافة إلى دعم المخترعين الأردنيين، بحيث يتم الاستفادة من الخبرات البريطانية في المجالات العلمية المختلفة عبر تبادل الخبراء والمختصين.

بريطانيا والفلك الأميركي

تساءل المحلل المالي حامد الحاج حسن: «أما آن الأوان ليصحو الضمير البريطاني ويسدد دَيْنه للشعب الفلسطيني؟!». كما تساءل عن السبب وراء تناغم الدور البريطاني في أي قضية مع الموقف الأميركي، مضيفاً أن بريطانيا تدور في فلك الموقف الأميركي منذ حرب الخليج الأولى، مروراً بالعدوان على العراق، إلى الحرب على تنظيم داعش.

الدعم السياسي

قال أستاذ العلوم السياسية د.سعد أبو دية قال إنه تناول في كتابه «لورد الصحراء» نقاط القوة والضعف في العلاقات الأردنية البريطانية، واتفاق الجانبين على أهداف مشتركة عبر علاقتهما الطويلة.

وأضاف أن الموضوع الذي شكّل نقطة ضعف في العلاقات بين الجانبين هو «قضية فلسطين»، التي أسفرت عن هزّ مكانة «كلوب باشا» في الأردن، موضحاً أن ذلك استمر فترة من الزمن حتى آلت الأمور إلى إلغاء المعاهدة البريطانية الأردنية عام 1957، في الوقت الذي كانت فيه بريطانيا تمول موازنة الأردن، وتبع ذلك على الفور حالة من عدم الاستقرار السياسي بعد انقطاع المساعدات البريطانية، وغياب الدعم المالي للأردن من بعض الدول العربية.

وبيّن أبو دية أن الأردن استفاد في ذلك الوقت من مبدأ أيزنهاور (الرئيس الأميركي) في موضوع المساعدات، وأن المغفور له الملك الحسين أقرّ أن العامين 1957-1958 هما أشد الأعوام عسرةً في حياته كله.

وختم أبو دية مداخلته بقوله إن المصالح الأردنية اقتضت أن يستفيد الأردن من مبدأ أيزنهاور في قضية المساعدات المالية، ومن بريطانيا في قضايا الدعم السياسي.

النظرة إلى الإسلاميين

قال الكاتب عمر كلاّب إن أمام بريطانيا مهمة صعبة لتحسين صورتها في إقليم الشرق العربي، الذي يرى أن بريطانيا تمثّل استعماراً سيئاً، وقد انسحبت هذه الصورة على قضايا المنطقة، وبخاصة في موضوع الصراع العربي الإسرائيلي الذي هو بحاجة إلى حسم.

وأوضح أن هناك خطأ في التحليل الذي يرى أن الإرهاب ناتج عن القضية الفلسطينية والفقر والحرمان فقط، فالتنظيمات المتطرفة موجودة في الطبقة الوسطى والأعلى منها أيضاً، مشيراً إلى أن هناك أدوات تستخدمها هذه التنظيمات لا يمكن أن تتماشى مع بيئة الفقر.

ورأى أن هذا التحليل الخاطئ سيُفضي إلى نتائج معالجة خاطئة، كما أنه التفاف على أزمة غياب المواطنة في مجتمعات كثيرة، ومنها أوروبا والتي تُصَدّر إرهابيين للوطن العربي، من خلال انضمامهم إلى داعش وتنظيمات إرهابية أخرى.

وتساءل عن السبب وراء كون التنظيمات الإسلامية المتطرفة كافة منتَج بريطاني وتُقيم في بريطانيا، ابتداءً من الإخوان المسلمين وقيادات حزب التحرير إلى قيادات داعش، في حين أن التنظيمات الدينية التي خرجت من فرنسا كانت «أكثر لطفاً» أمثال: الغنوشي والإمام الخميني.

كما تساءل عما إذا كان لبريطانيا دور في صناعة هذا المشهد، بالنظر إلى المهارات الحربية العالية التي يملكها مقاتلو هذه التنظيمات.

حق اللاجئ الفلسطيني

قال الكاتب الصحفي حمادة فراعنة إن هناك خلافاً جوهرياً بين المصالح الوطنية الأردنية ومصالح بريطانيا التي سببّت أزمة كبيرة -وما تزال- بسبب طرد العدد الأكبر من الفلسطينيين من بلدهم ولجوئهم إلى الأردن، الأمر الذي أدى إلى بروز أزمة اقتصادية وأمنية وسياسية فيه.

وأوضح أن صراعه كفلسطيني، هو مع المشروع الاستعماري الإسرائيلي، وأن لا حل إلا بعودة اللاجئين الفلسطينيين، وإعطاء أولوية العودة إلى سكان مناطق الاحتلال الأولى عام 48 أولاً، وإقامة الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين.

وتساءل عما إذا كان ميليت مع حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى بلادهم بحسب قرار الأمم المتحدة 194؟

محاربة الإرهاب

وجهت النائبة د.رولى الحروب تساؤلات للسفير ميليت منها: ما هي استراتيجية بريطانيا في محاربة الإرهاب؟ بمعنى ما هي الأهداف والجدول الزمني والوسائل التي ستطبّق لتحقيقها؟ وهل هناك قرار دولي الآن باعتبار الإخوان المسلمين جزءاً من هذه الحرب في ضوء القرارات التي اتخذت مؤخراً في السعودية والإمارات والأردن ومصر؟

وتساءلت عن خطة بريطانيا لدفع مفاوضات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية إلى الأمام في ظل أن المجتمع الإسرائيلي يزداد تطرفاً ويمينية ورفضاً للآخر، والحكومة الإسرائيلية تزداد غطرسة وعدواناً وتمضي قدماً في خلق واقع جديد يجعل قيام دولة فلسطينية مستحيلاً على أرض الواقع.

كما تساءلت عن التحليل البريطاني لما يجري في سوريا والعراق، وعما إذا كانت الضربات الموجهة إلى «داعش» مفيدة أم إنها هدر كبير للأموال والمصادر، والتي لو وجهت باتجاه التنمية في المنطقة لقضينا على جذور الإرهاب والتطرف بدلاً من الانشغال بمحاربة مظاهره السطحية.

وأضافت الحروب أن الفقر والبطالة يمثلان شبحاً يهدد الشباب العربي في هذه المنطقة، ويهدد استقرار الأردن في الظرف الحالي، متسائلة عن الجهود البريطانية المبذولة في مجال مساعدة الأردن والإقليم على النمو؟

وأشارت إلى أن الطاقة تستنزف الموازنة الأردنية، متسائلة عما فعلته بريطانيا لمساعدة الأردن لإيجاد حلول مستدامة لهذه الأزمة، كالاستثمار في الطاقة المتجددة والصخر الزيتي؟

تقديم العون للأردن

دعا النائب حازم قشّوع بريطانيا إلى حثّ المجتمع الدولي على تقديم العون الملائم للأردن ومساعدته في موضوع اللاجئين السوريين، مشيراًً إلى دور الأردن في حفظ امن واستقرار المنطقة بما فيها إسرائيل، مضيفاً أن «التسخين غير المبرر» الذي تقوم به حكومة نتنياهو لا يخدم أمن إسرائيل.

ودعا قشّوع إلى مزيد من الحوارات والتوأمة بين الأحزاب الليبرالية والديمقراطية في كل من الأردن وبريطانيا، مضيفاً أن النموذج البريطاني ليس بعيداً في رؤاه عن النموذج الأردني الذي نتطلع للوصول إليه.

وأوضح أن موضوع اللامركزية بحاجة لمشاريع ذات بعد رأسمالي، إذ كيف تُعطى الطفيلة مثلاً حكماً محلياً من دون وجود مشاريع إنتاجية فيها، مضيفاً أن القصة ليست تتعدى تقديم المعونة، إلى إنشاء مصانع لتشغيل الأيدي العاملة وتقديم الحوافز.

وتساءل عن موقف بريطانيا مما يحصل في المنطقة، وبخاصة في العراق وسوريا، من محاولات تقسيم باستخدام أدوات جديدة يمثلها تنظيم داعش وسواه من التنظيمات.

«يهودية» إسرائيل

وتساءل الصحفي عماد عبد الرحمن، مدير تحرير دائرة المحافظات في «الرأي»، عن رؤية ميليت لمستقبل المنطقة في ظل التداخلات والتطورات الحاصلة خصوصاً فيما يتعلق بالسلام، وعما إذا كان هناك أمل في إعادة الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى طاولة المفاوضات.

كما تساءل عن موقف بريطانيا من إعلان إسرائيل مشروع «يهودية الدولة».

قرار التدخل العسكري

وقال مدير وحدة الدراسات في مركز الرأي» هادي الشوبكي: من المعلوم أن الدور البريطاني تراجع منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي لحساب الدور الأميركي، إذ إن العلاقات الدولية مبنية على نظرية المصالح، متسائلاً عن السبب وراء تعطيل مجلس العموم البريطاني قرار التدخل العسكري في سوريا.

القدس

تساءل حبيب شوامرة (طالب جامعي يدْرُس العلاقات الدولية) عن الخطوات التي ستتخذها بريطانيا في مواجهة خطوات الكيان الصهيوني أحادية الجانب في موضوع القدس وفلسطين، وترسيخ سياسة الأمر الواقع لمحو حل الدولتين.

مواجهة سياسة الأمر الواقع

وتساءل مدير مركز «الرأي» د.خالد الشقران، عن المخفي في الموضوع السوري، في ظل الأعداد المتزايدة من اللاجئين والقتلى والمعتقلين في السجون السورية.

ودعا الشقران بريطانيا لتكثيف جهودها دولياً لمساعدة الأردن على تحمل أعباء اللاجئين، في ظل تخلي العالم عنه في هذا الموضوع، كما دعا إلى مساعدة كل من الأردن ولبنان بإعادة اللاجئين إلى بلادهم.

ردود السفير

قال السفير ميليت إن الوصول للسوق الأوروبية ليس موضوعاً أردنياً بريطانياً، بل هو مسألة أردنية أوروبية، وذلك لأن بريطانيا عضو في الاتحاد الأوروبي، والتبادل التجاري معها يخضع لأسس ومعايير وضعها الاتحاد، مشيراً إلى أن هناك مفاوضات تجرى حالياً لمحاولة الوصول إلى تعاون أكبر وأعمق، مؤكداً على تفهمه لوجهة النظر الأردنية، والرغبة بفتح أسواق جديدة لها.

وبشأن الوصول لاتفاقية تبادل تجاري مفتوح مع بريطانيا، قال إن هذا الموضوع مرتبط بما يعرف بـ «قواعد المنشأ»، أي أن معظم الدول الأوروبية لا ترحب بفكرة التبادل التجاري الحر التي تقوم بها بريطانيا، التي يكون موقفها دائماً الأضعف حين تتفاوض ضمن الاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن بريطانيا تدفع باتجاه تبني سياسة التبادل التجاري الحر، وفتح الأسواق الأوروبية أمام المنتجات الأردنية، وأنها تقدّر أهمية هذه العملية وأثرها على الاقتصاد الأردني بالرغم من بطئها.

وقال ميليت إن برنامج مساعدة اللاجئين السوريين والبلديات يشرف عليه البنك الدولي بالإضافة إلى كل من بريطانيا وسويسرا وكندا، وتقدر قيمة البرنامج بـ 50 مليون دولار، فهو يقوم بالتركيز على دعم 9 بلديات معظمها في شمال المملكة، مضيفاً أنهم مع التوجه نحو توزيع هذا الدعم بشكل أوسع، كما أنهم يطمحون لجذب مانحين جدد.

وبخصوص موضوع التحالف والديمقراطية، دعا ميليت إلى عدم النظر إلى القتال ضد تنظيم داعش على أنه حرب بين الغرب والإسلام أو أنه «حرب دينية»، مؤكداً على أهمية ما أشار إليه الملك عبدالله الثاني من أن هذا الصراع هو داخل الإسلام بين المعتدلين والمتطرفين، وأن يتضح أن الدول العربية هي التي تقود هذا التحرك، وأن الدول الغربية تقوم بتقديم الدعم فقط.

وأكد أن بريطانيا لا يمكن أن تكون مؤيدة لـ»داعش» بأي حال من الأحوال، مضيفاً أن ما يقال في إطار «نظرية المؤامرة» لا أساس له من الصحة، إذ إن هدف دول التحالف هو تقديم المساعدة والدعم لدول المنطقة.

ولفت ميليت إلى أن المسلمين يمثلون 3% من سكان بريطانيا، وأغلبيتهم مواطنون جيدون ومسالمون يتصفون بالاعتدال، لكن أقلية بسيطة جداً تشعر بالتهميش تم استقطابها للقتال في سوريا والعراق، مؤكداً أن هذا الأمر يشكل تهديداً لبريطانيا، ولهذا السبب يحتاجون لدعم ومساعدة دول المنطقة -وبخاصة الأردن- للتعامل مع هذه المشكلة.

وشدّد ميليت على أهمية الاستثمار في موضوع الطاقة الشمسية كونه موضوعاً حيوياً، مبدياً استعداد السفارة لمناقشة الموضوع بإسهاب مع المختصين، ومحاولة جذب الشركات البريطانية المهتمة بهذا المجال للعمل في الأردن.

وفي مجال التعاون الثقافي، قال ميليت إن المجلس الثقافي البريطاني يقوم بواجبه في تغطية هذا المجال، عبر تشجيع تعليم الإنجليزية، والتبادل الطلابي بين البلدين، وبرامج الإصلاح التربوي.

وأضاف أنهم يقدرون أهمية الإصلاح فيما يتعلق بالمناهج وتأهيل المعلمين وامتحان التوجيهي، مؤكداً أن السفارة مستعدة لتقديم الدعم، وبذل الجهود ليستفيد الأردن من الخبرات البريطانية في هذا المجال.

وأكد ميليت على أهمية موضوع القدس وفلسطين، وقال إنه يعرف جيداً وجهة النظر التي ترى أن بريطانيا قامت بدور سلبي في المنطقة، مضيفاً أنهم يشتركون مع الحكومة الأردنية في موقفها تجاه القدس وفلسطين، وذلك بالمطالبة بقيام الدولة فلسطينية، وبحل مبني على قيام الدولتين (دولة فلسطينية ضمن حدود 1967)، إضافة إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين.

وأضاف أن هناك من يطالب بـ»حق العودة»، وهذا يتأتى من خلال المفاوضات، لافتاً إلى أنهم يريدون أن يتم احترام قرارات الأمم المتحدة وتنفيذها، فالتفاصيل ليست مرتبطة ببريطانيا، بل بالأطراف المتفاوضة.

وبيّن ميليت أن الحكومة البريطانية تدرك تماماً موضوع مدينة «القدس» وما يشكله الحرم القدسي الشريف من أهمية، مشيراً إلى نشاط السفير البريطاني في تل أبيب وإلى الاتصالات التي أجرتها حكومة بلاده حول هذا الموضوع، إذ إنها لا ترغب برؤية أي تصعيدات للموقف هناك، كما أنها ترغب بعودة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للمفاوضات.

وقال ميليت إن بريطانيا ترى أنه لا يمكن الوصول لحل من دون المشاركة الفاعلة للولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب دور الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن هناك تغييراً كبيراً في الرأي العام الأوروبي باتجاه الإقرار بعدم شرعية بناء المستوطنات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة، مضيفاً أن هذا يعدُّ مثالاً جيداً على أن السياسة البريطانية مختلفة عن مثيلتها الأميركية.

وأضاف مذكّراً أن بريطانيا قامت بالتصويت في مجلس الأمن قبل نحو 4 سنوات لصالح مسودة قرار تدين المستوطنات الإسرائيلية وتعدّها غير شرعية، في حين أن الولايات المتحدة صوتت ضد هذا القرار، لافتاً إلى أن بريطانيا كانت دائماً تدين وجود هذه المستوطنات، التي تعيق الوصول إلى حل.

وقال ميليت إنه لا يمكن الوصول إلى حل من دون مفاوضات، مؤكداً على رغبة بريطانيا بمساعدة السلطة الفلسطينية عبر تقديم الدعم المالي الكبير لها لتستطيع القيام بخدماتها للفلسطينيين وتطوير مؤسساتها.

وأشار إلى أن المملكة المتحدة من المتبرعين الرئيسيين لـ «الاونروا»، حيث منحتها مئات الملايين من الدولارات خلال السنوات الأربع الأخيرة، إضافة إلى محاولة أنها تحاول باستمرار مساعدة اللاجئين الذين ينتظرون حلاً لمشكلتهم.

وأوضح ميليت أن الخلاف بين بريطانيا والأردن كان قبل عقود متعلقاً بالقضية الفلسطينية فقط، متمنياً في المستقبل القريب أن تكون السياسات المتبعة في البلدين «تحالفية»، وأن يتعمق التنسيق بينهما وعلى كل المستويات.

وقال إنه شخصياً يقر بفكرة أن «الفقر ليس هو مصدر الفكر»، مشيراً بذلك إلى الفكر التكفيري الذي بدأ ينتشر الآن، مضيفاً أنه يدرك بأن ما يحدث في مدينة القدس مصدر للغضب ونمو التطرف، مبدياً قلقه من الجيل الجديد من الشباب الذين يحملون مشاعر الغضب ويبحثون لأنفسهم عن مكان للتنفيس عنه، وبالتالي يتم جذبهم واستدراجهم بسهولة لأفكار مثل أفكار داعش.

وأضاف أن الشباب الذين يأتون من المملكة المتحدة إلى العراق وسوريا ليسوا قادمين بسبب أفكار أيديولوجية بالضرورة، علماً أن مفهوم «الخلافة الأسلامية» يعدّ مفهوماً جذاباً وقوياً، لافتاً إلى أن معظم الشباب البريطانيين الذين يذهبون للعراق وسوريا هم من أصول باكستانية أو يمنية أو صومالية، ولم يشعروا بالتكيف أو الانسجام مع المجتمع البريطاني، ويبحثون عن مكان أو شيء جديد يقومون به، وبالتالي هم ليسوا (راديكاليين أو متطرفين فكرياً) ولكنهم عندما يعودون لبريطانيا سيعودون بفكر متطرف، مما سيسبب مشكلة في بريطانيا كما في الأردن.

وأشار ميليت إلى أن هناك تنسيقاً وتبادلاً للخبرات في التعامل مع الذين عادوا من القتال في سوريا والعراق من الأردنيين.

قال ميليت إن حكومته تقوم حالياً بمراجعة وإعادة صياغة موقفها حيال جماعة الإخوان المسلمين، وهو بانتظار ما يستجد، مضيفاً أنهم يدركون أن الإخوان المسلمين جزء من النسيج السياسي للمجتمع الأردني، وأن هناك العديد من الجمعيات والهيئات الإسلامية التي تعمل في بريطانيا في مجال تقديم الإغاثة والمساعدة والخدمات للمجتمع المدني بحكم وجود الكثير من التجمعات للمواطنين المسلمين.

واتفق ميليت مع وجهة النظر التي ترى أن الحكومة الإسرائيلية أصبحت أكثر يمينية وتطرفاً، مبدياً قلقه من إقرار الحكومة والكنيست الإسرائيلي لقانون «يهودية الدولة»، إذ إنه يجب أن ينظر باحترام للحقوق المتساوية لجميع السكان أي الحقوق المدنية والديمقراطية الاقتصادية)، متسائلاً عما إذا كان يجب أن يُنظر لإسرائيل كدولة يهودية، مضيفاً أنه مهما كان التعريف الذي يريدونه فهذا شأنهم.

وبخصوص موضوع البطالة وقطاع الطاقة، قال إن هناك العديد من المشاريع والبرامج التي تقوم السفارة البريطانية بتمويلها ودعمها مثل Oasis 500 وبرنامج «مهارات»، مضيفاً أنهم طلبوا من مركز تطوير الأعمال أن يقوم بافتتاح مراكز له في الكرك والطفيلة وإربد ومعان لتشجيع الشباب على العمل بالمشاريع الجديدة والتوسع فيها.

وفي ما يتعلق بموضوع الطاقة، أوضح ميليت أن شركة BP قامت بإنفاق ما قيمته 350 مليون جنيه للتنقيب واستخراج الغاز في الأردن، إضافة إلى قيام شركة Shell بعمل استثمارات هائلة في مجال البترول هنا بالرغم من أنه لم يكن بكميات تجارية، علماً أن مثل هذه المشاريع طويلة المدى تستغرق 20 سنة، كما أن هناك العديد من الشركات البريطانية التي تعمل مع مثيلاتها الأردنية في مجالي التكنولوجيا والاقتصاد.

وأكد ميليت أنه يشعر بالقلق من فكرة «استنزاف الداعمين» للاجئين السوريين، بمعنى أن كميات الدعم والتمويل لم تكن كما يجب خلال السنوات الثلاث الماضية، لافتاً إلى أن بريطانيا تنوي الاستمرار بالتمويل، فهي تعدُّ من المساهمين الرئيسيين في تقديم الدعم، مضيفاً أن هناك هدفاً للاتحاد الأوروبي بتحويل ما قيمته (7%) من قيمة ميزانيته للدول عبر البحار، وهم يطمحون حالياً إلى الوصول لهذه النسبة، ولكنهم في الوقت نفسه يحتاجون إلى تشجيع المزيد من الداعمين والممولين وخاصة دول الخليج العربي.

وعلى صعيد الإصلاح البرلماني أمل ميليت بإيجاد مزيد من التعاون بين المؤسسات البرلمانية والحزبية في البلدين.

وأكد ميليت أنه لا يوجد مؤامرة على المنطقة، كما أن تقسيمها حالياً ليس من مخططات بريطانيا ولم يكن أبداً، مضيفاً أنه ليس لديهم القدرة للقيام بهذا المشروع الذي يعود القرار فيه لمواطني المنطقة وسكانها، وهذا هو الفرق بين التاريخ وما يحدث الآن.

وأضاف أن بريطانيا تدخلت في ليبيا بناء على طلب دول المنطقة، وتدخلت في العراق بناء على طلب الحكومة العراقية.

وأوضح أن موضوع التصويت في البرلمان حالياً يعكس مدى الديمقراطية في بريطانيا، فعندما قرر البرلمان البريطاني عدم التدخل في سوريا (2013) كان ذلك بناءاً على ممارسة ديمقراطية، وعندما رأت الحكومة البريطانية أنه يجب التدخل في العراق عادت للبرلمان للحصول على موافقته.

وفي ما يتعلق بالمشاعر التي يكنّها الناس لبريطانيا بسبب الحقبة الاستعمارية الماضية، أكد ميليت التزام بريطانيا بحل مشكلة الدولة الفلسطينية وقضية الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن سلم أولويات وزارة الخارجية البريطانية الآن هو الأزمة في سوريا والعراق وداعش وعملية السلام في الشرق الأوسط.

وعن السياسة البريطانية تجاه داعش قال ميليت: «إننا نقف ضد تنظيم داعش، ونعمل مع الأردن والعراق وبقية دول المنطقة في تحالف ضد هذا التنظيم».

وأضاف إن بريطانيا ترى أن نظام الأسد يجب أن ينتهي، «فلا مجال لاستمرار هذا النظام الذي قتل وتسبب بقتل مئات الألوف من شعبه بالحكم».

وأشار إلى أن إقرار منطقة حظر للطيران تعد من المواضيع الحساسة جداً، وتنفيذ مثل هذه المشروع يحتاج لقرار مجلس الأمن، مضيفاً أن بريطانيا حاولت في السنوات الماضية استصدار العديد من القرارات ضد النظام السوري، لكن الفيتو الروسي والصيني كانا لها بالمرصاد.