نوعية التعليم ومخرجاته

20/01/2007

أزمات تربوية تواجه النظام التربوي في المملكة رغم التغيرات التي شهدتها العملية التربوية، والتطورات الفنية والتقنية التي انتهجتها وزارتا التربية والتعليم، والتعليم العالي.... والجهود الكبيرة تجاه المناهج وتدريب وتأهيل المعلمين وتوفير الجو الدراسي من خلال الأبنية المدرسية والوسائل التعليمية الحديثة ووضع الاستراتجيات القصيرة المدى وتحديث قانون التربية والتعليم لمواكبة حركة التعليم حرية ونهجاً وأسلوبا وحداثة لوضع مخرجات التعليم ضمن محور الاستراتيجية وملاءمتها لمتطلبات السوق، وضمان الجودة، مع التركيز على البحث العلمي وتطوير المدارس لتلبي هذه الحاجات، علما بان القانون المعدل لقانون التربية والتعليم رقم (3) لسنة 1994 وتعديلاته مطروح على مجلس الأمة لمناقشته بعد التئام مجلس الأمة الخامس عشر أواخر السنة الحالية.

مركز الرأي للدراسات استضاف نخبة من كبار المسئولين والخبراء للحديث حول نوعية التعليم ومستخرجاته ومواءمته مع متطلبات سوق العمل المحلي والإقليمي للحد من ظاهرة بطالة الخريجين التي يشكو منها هذا القطاع من خلال محاور متعددة تلبي الأسئلة الكبيرة المطروحة تجاه هذا الموضوع الهام والحيوي.

ادار الندوة : هادي الشوبكي

21/1/2007

كفاءة النظام التربوي

قال الدكتور تيسير النعيمي -أمين عام وزارة التربية والتعليم - ان الواقع التعليمي يقرأ على ضوء مجموعة من المعطيات والمؤشرات.. ومايرافقها من تساؤلات اساسية أولها هل يفي النظام التربوي بحاجات المتعلمين كماً ونوعاً .

ثانيا - هل النظام التربوي الأردني كفؤ من حيث قدرته على استغلال الموارد المتاحة له أي بمعنى قدرته على تحقيق أعلى عائد من الاستثمار في التعليم او أعلى مردود من الاستثمار في التعليم .

حقيقة معروفة ان مسيرة التعليم في الأردن تكاد تكون قد مرت في اربع مراحل:.

المرحلة الأولى كانت موجهة نحو توفير حاجات التعلم الأساسية وهذه كانت في الخمسينيات الى السبعينيات من القرن الماضي وكان الاهتمام والسياسيات الحكومية تتمحور حول نشر التعليم في جميع المناطق .

المرحلة الثانية تتعلق بتنوع التعليم حيث شهدنا ذلك في منتصف السبعينات وحتى الثمانينيات بالتركيز على التعليم المهني والتعليم التقني باعتبار ان ذلك مطلب لحاجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

المرحلة الثالثة امتدت منذ منتصف الثمانينيات حيث ان السياسات التعليمية كانت مركزة على نوعية التعليم وذلك إدراكا منا لمستوى التعليم المطلوب وثانيا ان الانظمة التربوية الحديثة هي في حقيقة الأمرتتعلق بنوعية الخدمات التعليمية التي تقدمها.

وفي المرحلة الرابعة ازدادت وتيرة التركيز على نوعية التعليم مع نهاية التسعينيات ليزداد زخم التركيز على النوعية والموائمة والتي برزت منذ نهاية التسعينيات ولغاية الآن.

في ضوء هذا الأمرفإن حقيقة الواقع التعليمي في ضوء مؤشرات التعليم فان الأردن حقق سبقا وتقدما هائلا في نشر التعليم ويكاد يكون من الدول العربية القليلة التي حققت أهداف التعليم للجميع عندما يتعلق الأمر بنشر التعليم وتوفيره للطلبة .

ووفق تقرير الرصد العالمي لليونسكو حقق الأردن والبحرين الهدف المتعلق بنشر التعليم لمن هم في سن هذا التعليم وبالتالي لا إشكالية مطلقا لدينا فيما يتعلق باستيعاب الطلبة وقبولهم.

وبالنسبة لكفاءة النظام التربوي نستطيع القول بأن هذا النظام كفؤ الى حد كبير، اذ يبلغ معامل كفاءة النظام الداخلي حوالي 90% ، ورغم ان هذا النظام يتعلق بوصول الطلبة واحتفاظهم بالتعليم لسنوات طويلة إلا ان هناك بعض مظاهر الهدر الموجودة ووزارة التربية والتعليم وتسعى الى الارتقاء بكفاءة هذا النظام.

واضاف الان التحدي الكبير أمام النظام التربوي الأردني يكمن في النوعية فحينما نتحدث عن النوعية يجب ان نعرف بأن هذا المفهوم غامض ويتعلق بمدخلات ومخرجات التعليم، وهنا لدينا عدة مؤشرات أولها نتائج الاختبارات الوطنية التي تجريها وزارة التربية والتعليم وتحدد في ضوئها حاجات الطلبة . وقد كشفت هذه الإختبارات في الغالب عن أن نسبة الطلبة الذين لا يتقنون مهارات التعلم الأساسية قد بلغت 20% .

اما المؤشر الآخر فهو يتمثل في الدراسات الدولية، حيث شارك الأردن في الكثير من هذه الدراسات، وقد أشارت النتائج في دراسة اجريت في العام 2003 الى ان الأردن الدولة العربية الوحيدة التي تمكن طلبتها من اجتياز المتوسط العالمي في مادة العلوم لطلاب الصف الثامن،ودون المتوسط الدولي في الرياضيات مع لبنان.

وفي دراسة حول برنامج قياس الطالب الدولي والنتائج الأولية تبين ان طلبة الأردن كان مستواهم جيدا قياسا بصعوبة هذه الدراسة خاصة وأنها تبنى على ما يتوقع من شخص عمره 16 عاما من كفاءات تتعلق بتوظيف المعرفة ودمجها وما الى ذلك.

اما على صعيد الأنفاق الأردني فقد بلغ ما ينفق على التعليم بشقيه العام والعالي حوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي منها 4% على الإنفاق العام و1% على التعليم العالي وتشكل موازنة وزارة التربية حوالي 5,12% من موازنة الحكومة.

اما بالنسبة للسلطات التعليمية ـ فهناك حوالي 70% من المدارس تتبع لوزارة التربية وحوالي 20% تتبع القطاع الخاص والباقي يتبع لوكالة الغوث الدولية.

وفيما يتعلق بالواقع التعليمي في الجامعات فهناك حوالي 200 ألف في الجامعات و26 ألفاً في كليات المجتمع و15 الفاً في الدراسات العليا وهذا يشير الى ان الأردن من الدول المتقدمة في مجال توفير التعليم الجامعي. فحوالي 34% من الفئة العمرية من 19-22 ملتحقة بالتعليم العالي وهذا ما يجعلنا ضمن اطارالمؤشر العالمي المعتمد في هذا الجانب.

ويقدر الدعم الحكومي للجامعات بحوالي 70مليون دينار، على أن النقطة الأهم التي أود الإشارة اليها هي أن عدد الإناث الملتحقات بالجامعات اكثر من الذكور وبهذا نكون قد حققنا معادلة مهمة في منح الإناث فرصتهن من التعليم.

ومن جانب آخر لدينا إشكالية تتعلق بفرص التعليم العالي لا سيما ما يتعلق منها بقلة عدد الملتحقين ببرامج التعليم العليا وخاصة في تخصصات العلوم والتكنولوجيا قياسا بعدد طلاب البكالوريوس، اضافة الى هناك إشكالية قلة عدد الملتحقين بالبرامج الجامعية العلمية مقارنة بطلاب التخصصات التربوية بصورة عامة، مما يجعلنا امام حقيقة ضرورة بذل مزيد من الجهود في سبيل المواءمة ما بين القطاع التربوي وسوق العمل حيث يجب علينا ان نتوقف عندها بحذرونسأل هنا ما هو دور التعليم؟ حيث ان التعليم حقيقة هو تمكين للأفراد في المجتمع حتى يقوموا بممارسة أدوارهم.

وعليه فالمواءمة لها ثلاثة جوانب هي: المواءمة الكمية وهذا الجانب قد انتهى في المقاييس العالمية، أما الجانب الآخر فهو المواءمة النوعية والتنوعية في التخصصات والى حد ما يمكن القول بأن هناك مواءمة لسوق العمل من قبل النظام التربوي.

لكن من استقراء معدلات البطالة فإنه يمكن القول بأن هناك خللا واضحا فيما يتعلق بنوعية المهارات من خلال دراسات أجريت على أصحاب العمل وأيضا الإطار الضيق وغير المرن للتخصصات التي تقدمها الجامعات .

استراتيجية التعليم العالي

من جانبه قال الاستاذ الدكتور تركي عبيدات o امين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي: اعتقد بان التعليم العام والعالي يدوران في دائرة متكاملة حيث ان مخرجات التعليم هي العام مدخلات التعليم العالي وعلى هذا الأساس يأتي الدور الهام لقطاع التعليم العالي في مسيرة التنمية الأردنية وهذا ما يفسر توجهات واهتمام جلالة الملك بضرورة تطوير إستراتيجية للنهوض بقطاع التعليم العالي والبحث العلمي للسنوات الخمس القادمة، حيث تم تشكيل فريق وطني لوضع استراتيجية لتطوير هذا القطاع. وبالفعل تم الانتهاء من المسودة الختامية لهذه الإستراتجية وقد رفعت لجلالة الملك حتى يتسنى إشهارها.

وتتلخص هذه الإستراتيجية حول محاور سبعة، عبر رؤية واضحة للوصول الى تعليم عال بجودة عالية قادرة على تأمين كوادر مؤهلة لسوق العمل المحلي والعربي والعالمي. والمحاور السبعة هي: الاول - الإدارة الجامعية والحاكمية : وفي هذا المحور تم التركيز على أهمية استقلال الجامعات اداريا وماليا وإعطاء صلاحيات اكبر لمجالس الأمناء، ويندرج تحت هذا المحور: 1- إعادة تأهيل القيادات الإدارية والأكاديمية في الجامعات الحكومية والخاصة.

2- تفعيل الإداء المؤسسي ووضع أسس للمساءلة والشفافية في الجامعات.

الثاني -أسس القبول : التركيز في الإستراتجية على التنافسية من خلال تخصيص حوالي20% للعسكرين العاملين والمتقاعدين و5% للعاملين والمتقاعدين في التربية والتعليم و10% للأقل حظا. ولابد من حصص معينة لأبناء الألوية ال37 في المملكة و5% للطلبة المغتربين و5% لطلبة الثانوية العامة للسنوات السابقة فلا نستطيع بالمجمل ان نلغي هذه الكوتات فالبيئة في المدارس الأقل حظا لا يمكن مقارنتها بالمدارس في بعض مناطق عمان.

من جهة أخرى سيتم إلغاء البرنامج المسائي والدولي وسيتم التركيز على البرنامج الموازي الذي سيكون القبول فيه على أساس تنافسي حيث يعتبر هذا البرنامج اهم مصادر التحويل الجامعي أما بالنسبة للطلبة خارج الكوتات فسيتم أعطاء هؤلاء الطلبة مساقات استدراكية لتطوير أدائهم وتحصيلهم الأكاديمي.

الثالث - اعتماد ضمان الجودة: حيث سيتم تطبيق معايير الاعتماد العام على الجامعات الرسمية ابتداء من هذا العام الدراسي وستعطى هذه الجامعات مدة اربع سنوات لتطبيق هذه المعايير وحتى تلبي الجامعات ذلك فهي بحاجة لدعم حكومي.

الرابع - البحث العلمي وتطوير الدراسات العليا: وفي هذا المجال تم سن قانون ونظام صندوق دعم البحث العلمي، ومن أهم اهداف هذا الصندوق دعم البحث العلمي ودعم الملكية الفكرية وبراءات الاختراع.

وتعتبر نسبة 1% من صافي أرباح الشركات العامة المساهمة والتي تصل الى خمسة ملايين سنويا المصدر الرئيس لتمويل هذا الصندوق وسيباشر الصندوق عمله مع بداية عام 2008 ويتوقع أن يعزز باعتقادي دور البحث والنشاط العلمي في الأردن.

الخامس - التعليم الفني ( التقني التكنولوجي) : وفي هذا المجال هناك فجوة بين التعليم الفني والتعليم الأكاديمي وهناك طلب هائل على خريجي كليات المجتمع فعلى سبيل المثال هناك 2/1 مليون في سوق العمل يعملون في المجالات الفنية والتقنية من خارج الأردن، حيث سيتم التركيز في الإستراتجية الجديدة على التعليم الفني وسيكون هناك تخصص جامعي لهذا النوع من التعليم.

السادس - التمويل الجامعي : تحدث الدكتور تيسير عن هذا الموضوع وقال ان نصيب التعليم حوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي وأنا اعتقد أن هذه الحصة قليلة إذا ما قورنت بمثيلاتها في الدول الأوربية.

وفي الواقع اننا نطمح ان تصل النسبة الى أكثر من ذلك لأن تمويل الجامعات في الإستراتيجية مهم، وسنسعى الى إنشاء صندوق وسيتم التركيز على تحصيل النسب المتأتية من المواطنين لهذا الصندوق، واعتقد ان التمويل سيصل الى 100 مليون دينار سنويا ولم تغفل الاستراتيجية عن ضرورة البدء بتشجيع جلب التبرعات والدعم الخارجي للجامعات.

السابع - البيئة الجامعية: وهنا لا بد من تهيئة بيئة جامعية منسجمة ومحفزة للإبداع والتميز وتشجيع الإبداع والفكر الطلابي، ولا بد من تفعيل وإعادة تأهيل كوادر وأنظمة الأندية والنشاطات الجامعية ولا بد من توفير بيئة تعليمية وعلمية لا منهجية في هذه الجامعات.

مأسسة ضمان الجودة

وفي ورقته المقدمة عن مأسسة ''ضمان الجودة'' التي بدأها بالتساؤل عن حقيقة هل هناك ازمة في التعليم ؟ قال الاستاذ الدكتور عبد الرحيم الحنيطي-رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي انه لا يعتقد بان هناك أزمة في التعليم وانما يرى ان هناك تحديات منها : أولا: وجود توسع في عدد الجامعات يرافقه توسع في عدد الملتحقين في الدراسات الجامعية وهذه الزيادة أدت الى التوسع في التخصصات وأصبحت تمس النوعية نوعا مما أدى الى تدني في المستوى التعليمي للخريجين.

ثانيا: بدأت الجامعات الخاصة بطرح تخصصات بمسميات متعددة هدفها استقطاب الطلاب دون ان يكون هناك فواصل بين هذه التخصصات وهذا ما خلق مشكلة لدى مؤسسات التوظيف وديوان الخدمة المدنية لاستيعاب هؤلاء الخريجين، مما يعني السعي لضبط مسميات تلك التخصصات.

ثانيا: مشكلة التمويل حيث تعاني الجامعات من نقص في التمويل وهذا ما جعل الجامعات تلجأ للتوسع في البرنامج الموازي مما اوجد كثيرا من الطلبة المقبولين في هذه البرامج بمستوى تحصيلي متدني، مما يعني ان التوسع في البرنامج الموازي للحصول على التمويل يؤثر سلبا على النوعية.

وقال يجب أن نعترف بأن التعليم العالي في الأردن مميز على مستوى الإقليم حسب الشهادة التي نعتز فيها، ولكن هناك مشكلات نوعية بدأت تظهر من الدراسة حيث بلغت نسبة الأستاذ الى عدد الطلاب في التخصصات العلمية التي عددها 213 تخصصا في المعدل العام الى 1-40% مقارنة مع 1-11 مع النسب العالمية وبخصوص استعارات الكتب من الجامعات نجد ان كل طالب في الاردن يستعير كتابا كل فصل دراسي في الجامعة مقابل الى استعارة خمسة الى ستة كتب في الجامعات الامريكية كل فصل وهذا يدل على الضعف الذي وصلنا اليه .

واضاف الحنيطي بدأنا بتطبيق امتحان الكفاءة للخريجين للمقارنة بين طلاب الجامعات الأردنية والمقارنة مع النسب الدولية بحسب تقرير مؤسسة سشء ظهرت النتائج اقل من المستوى العالمي وهذا مؤشر يجعلنا نركزعلى نوعية التعليم . وأكد اننا نواجه مشكلة في نوعية الخريجين الأردنيين نأمل في معالجتها.

جودة البحث العلمي

وحول محور البحث العلمي والجودة قال الاستاذ الدكتور ذياب البداينة: نائب رئيس جامعة الحسين بن طلال للشؤون الإدارية إن واقع البحث العلمي في الوطن العربي عامة واقع مؤلم، وهذا الواقع قد أثر في مجمل برامج التنمية البشرية وفي الوضع الاقتصادي وفي المشكلات الاجتماعية مثل الفقر والبطالة والأمية التي يعاني منها المجتمع العربي، وتعتبر المعرفة من أهم ثلاثة نواقص يعاني منها الوطن العربي، فالانفاق على البحث العلمي يقع في اسفل سلم الترتيب الدولي، والاستثمار في البحث العلمي ضعيف، والربط بين مؤسسات البحث العلمي والتطوير وقطاعات الانتاج غير موجود ناهيك عن نوعية النشر العلمي وكميته المتدنية، واذا نظرنا الى وضعه في مؤسسات البحث العلمي والتي أهمها الجامعات لنجد ان الوضع قريب من الوضع العام له في المجتمع، حيث ان نفقات البحث والتطوير في موازنة الجامعات اقل من 10% من موازنتها وان نسبة تمويل البحث العلمي من الناتح القومي الاجمالي اقل من 0,5% وأن عدد البحوث المدعومة لاتزال متواضعاً سواء كان الدعم داخلياً أو خارجياً.

وهذا الوضع المؤسف للبحث العلمي انعكس على الانتاجية العلمية عامة وعلى معدل النشر العلمي والترجمة، حيث لم يتجاوز (0,5) بحث لكل باحث.

لقد اصبحت الدول تصنف عالمياً وفقاً لمكانتها العلمية ولأهتمامها بالبحث العلمي، فهناك دول تحتل المرتبة الأعلى في التقدم العلمي وتمتلك ناحية البحث العلمي والتطوير كالولايات المتحدة وهناك دول تمتلك عناصر التقدم العلمي كروسيا وهناك دول تعمل على ادخال التقنيات العلمية وتسعى للتطوير كالدول العربية، وهناك دول لا تقدم شيئا ولا تفعل ما يكفي في وضعها العلمي.

ان حل مشكلات المجتمع مرتبط بالتطور العلمي فيه، فالتقدم العلمي اساس للتنمية البشرية وداعم للأمن الانساني وعصر واقتصاد المعلومات يعتمد على التطور العلمي وعلى دعم البحث العلمي، وتمتع الانسان بالحياة الصحية وبالعمر الطويل مرهون بالتقدم العلمي في مكافحة المرض وتعزيز شروط الصحة، فالبحث ساهم في زيادة عمر الانسان عن المتوسط العام بحوالي (30) سنة في فترة o2000 - 1900a.

يستخلص من هذا الوضع ان البحث العلمي في ازمة حقيقية من حيث المنتج العلمي، ونوعية المنتج، وجودته، وفي سوء التشريعات الحاكمة له، إضافة إلى أزمات في تمويل البحث العلمي، والنشر العلمي، والترجمة، وأخرى في أخلاقيات ونتائج تطبيق البحث العلمي في التنمية البشرية، والأمن الإنساني وفي مجالات الحياة المختلفة.

هناك استجابة على المستوى السياسي والحكومي لهذا الوضع تمثل في بناء البنى التحتية اللازمة في الجامعات والمدارس، وفي تأسيس صندوق دعم البحث العلمي وفي بناء البرامج الداعمة للبحث العلمي، والشراكة الداخلية والخارجية ووضع حوافز مثل جوائز تشجيع البحث العلمي الذي تقدمه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، إلا ان الحاجة لا زالت قائمة لنشر ثقافة جودة البحث العلمي ومأسسته .

وإذا كانت الجودة تعني فيما تعني النوعية والأصالة والرضا التام للعميل والمطابقة مع المتطلبات ودقة الاستخدام وفق ما يراه المستخدم، والخدمة وفق توقعات العميل والسبق في الاستجابة لمتطلبات العميل والاتقان في العمل، فان كل هذه المعاني أساسية في البحث العلمي سواء كان العميل الداعم للبحث العلمي او المؤسسة البحثية او المجتمع عامة . إن تطبيق الجودة الشاملة في البحث العلمي وفي الاداء العام للجامعة أمر ملح وهام وضرورة لابد من تحقيقها في هذا العصر، وهذا يتطلب العمل البحثي الجماعي وتكوين فرق البحث والمراجعة والاستجابة لمتطلبات البحث العلمي، واعادة تشكيل ثقافة المؤسسة والتعليم والتدريب، والاستعانة بالخبراء، والتشيجع والتحفيز.

كما ولابد من توفير البيئة المناسبة للبحث والتطوير والإدارة القادة على التكيف مع التغيرات السريعة في العالم، وادارة فاعلة وذات فعالية عالية، قادرة على تحديد اولويات المجتمع البحثية، وإنتاج بحوث ذات صلة بالمجتمع ومشكلاته، قادرة ايضاً على التشابك مع مؤسسات القطاع الخاص والتشارك معه، ناهيك عن الحاجة لحاضنات البحث العلمي وتطوير معايير البحث العلمي وتحفيزه على مستوى الدولة.

والخلاصة ان تطبيق ادارة الجودة الشاملة مطلب أساسي في كثير من المؤسسات وحاجة ملحة أكثر من أي وقت في قطاع البحث العلمي، حيث ان تطبيق الجودة الشاملة يؤدي الى خفض كلفة البحث العلمي، وتقليل الوقت اللازم لانجاز البحوث، ناهيك عن الحاجة الى منتج علمي ذي نوعية عالية، قابل للتطبيق مع تعزيز المشاركة والتشارك مع القطاع الخاص.

ان الاستجابة المثلى لازمة البحث العلمي الراهنة والمخرج الأفضل هو اعتماد تطبيق الجودة الشاملة في البحث العلمي بكافة أسسها ومجالاتها، وإعادة النظر في النظم الراهنة التي تحكم البحث العلمي وتقيده.

ضمان الجودة في المدارس

وحول محور ضمان الجودة في المدارس قال الاستاذ الدكتوراحمد بطاح امين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون الإدارية والمالية : ان الأمر يتعلق بالنظرية وتبني وزارة التربية والتعليم لإدارة الجودة.

و هنا لا بد من الإشارة الى ان وزارة التربية والتعليم قد سعت دوما وتاريخيا لتحقيق الجودة وفي هذا السياق يمكن الإشارة الى'' مشروعي التطوير التربوي الاول عام 1987 والذي استمر لمدة عشر سنوات''، '' والثاني مشروع تطوير التعليم نحوالاقتصاد المعرفي من عام 2003 الى 2008 '' ،ومن المفترض ان تؤدي مكونات المشروع إلى مخرجات تربوية وتعليمية عالية الجودة، ومن ابرز محاور المشروع الأخير الإستراتجية الوطنية التي تحدثنا عنها وتطوير المناهج والكتب المدرسية وحوسبتها وتطوير الأبنية المدرسية الآمنة.

واضاف الدكتور بطاح انه لابد من الإشارة الى تبنى وزارة التربية لموضوع ''رياض الأطفال'' وما تقدمه الوزارة من تدريب وتأهيل للعاملين في هذه الرياض حيث شملت المناطق النائية والفقيره التي كانت محرومة منها تقليدياً - كانت سابقاً في المدن الرئيسية - .

وأشار الدكتور بطاح الى مشروع إدارة الجودة في وزارة التربية وانها اول وزارة في الأردن والعالم العربي حصلت على شهادة الأيزو للعامين 2002 و2004 وهذا يشير الى جودة التعليم ومطابقته للمواصفات والمقاييس الدولية ومتطلبات العميل واذا ما أردنا الحديث عن خصائص المنتج، علماً بان التطبيق بدأ في مركز الوزارة ثم في مديريات التربية والتعليم وهو الان يطبق على عينة من المدراس، حيث بلغ المجموع للان 16 مدرسة وهي مسؤولة عن مركزها، ونقوم الان بتطوير وتطبيق وتوسعة هذا النظام، من حيث توفير المباني والكوادر والأنظمة المناسبة .

وفيما يتعلق بضمان الجودة في المدارس لدى الوزارة منظومة واسعة لتطبيق وقياس فاعلية هذا النظام منها ''الاختبارات الوطنية''، ففي العام الماضي قسنا حصيلة التعلم القرائي والكتابي على جميع طلبة الصف الرابع في المملكة بالإضافة الى اختبارات جماعية، ومردوده يصب مباشرة في جودة التعليم ويعطي صاحب القرار إشارة الى أي مدى وصلت حال العملية التربوية في الأردن.

ازمات النظم التربوية

وأكدت الاستاذة الدكتورة شاديه التل - استاذة علم النفس التربوي جامعة اليرموك - ان النظم التربوية تواجه أزمات حادة منذ بداية الألفية الثالثة، جراء التغيرات غير المسبوقة في كافة الميادين المعرفية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والتكنولوجية، وقد كشفت توصيات المؤتمرات المحلية والعربية والدولية عدم كفاية المؤسسات التربوية التقليدية في مواجهة هذه التغيرات والتحديات، كالزيادة غير المسبوقة في إعداد الطلبة الملتحقين بالتعليم العالي مثلاً، والمنافسة الخارجية وتدني مستوى الخريجين، وتدني نوعية التعليم وغيرها... واستجابة للتوجيهات الملكية المتعلقة بإعادة النظر في مخرجات القطاع التربوي لتحديد مدى مواءمتها مع متطلبات سوق العمل الوطني الإقليمي والدولي، كان لا بد من إجراء مراجعة شاملة وتعديل لسير المنظومة في المؤسسات التربوية، بغية تحقيق أعلى جودة في مخرجاتها وبأقل جهد وكلفة، وبما يدفع مسيرة التنمية الوطنية الشاملة. ولا بد أن تشمل هذه المواجهة كافة عناصر المنظومة التربوية، على أن تنطلق (هذه المراجعة) من تشخيص للمشكلات والتحديات التي تواجهها المؤسسات التربوية بالدقة والموضوعية المطلوبتين.

كما كشفت توصيات المؤتمرات ضرورة تحديد معايير ومؤشرات، كمية وكيفية، لقياس جودة المؤسسات التربوية من حيث الهيكل التنظيمي والمدخلات والعمليات والمخرجات وعلاقتها جمعياً بالبيئة المجتمعية، كما أكدت ضرورة إيجاد إدارة للمؤسسات التربوية تقوم على الاستقلالية والشفافية والمساءلة، وتضع تحقيق الجودة الشاملة في أولوية اهتماماتها، بحيث تكون قادرة على توجيه الموارد والعمليات نحو تحقيق الأهداف بأعلى درجة من الفاعلية، كما تقوم على ضرورة أخذ جميع عناصر الجودة في الاعتبار.

وهي عناصر العملية التعليمية من طلبة وأعضاء هيئة تدريس ومواد تعليمية وطرائق تدريس وتكنولوجيا التعلم وبيئة التعلم والإدارة التعليمية. إضافة إلى التقويم.

في ضوء ارتباطه بحاجات الطلبة ومعايير المؤسسة التربوية، ومتطلبات التغذية الراجعة، إذ لا بد من إجراء التعديلات وبصورة دورية للمنظومة التربوية ككل متماسك العناصر.

وقد حظيت عملية الإصلاح التربوي باهتمام واسع على الصعيد الدولي، ونالت الجودة الشاملة قسطاً وافراً من هذا الاهتمام إلى الحد الذي أمكن فيه القول بأن العصر الحالي هو عصر الجودة بوصفها مفصلاً هاماً لنموذج الإدارة المعاصرة الذي تولد للتكيف مع المتغيرات والمستجدات، وقد أصبح المجتمع المعاصر ينظر إلى الجودة الشاملة، والإصلاح التربوي على أنهما وجهين لعملة واحدة.

وعندما نتحدث عن إدارة الجودة الشاملة فإننا نشير إلى فلسفة إدارية حديثة شاملة للفكر والقيم والمعتقدات التنظيمية، وأسلوب القيادة الإدارية، والمهارات الفنية المتخصصة والأداء والتقويم، وتهدف هذه الفلسفة إلى إحدث تغيرات جذرية ايجابية في كل ما ينضوي داخل المؤسسة، عن طريق التحسن المستمر في كافة الجوانب، بغية الارتقاء بمستوى الأداء المؤسسي، والحصول على رضا الطلبة والعاملين فيها. كما يمكن النظر إلى إدارة الجودة الشاملة على أنها نظام يتم من خلاله تفاعل المدخلات التعليمية لتحقيق مستوى عال من الجودة في المخرجات التي تتعلق بنوعية الخريج، والكفايات المعرفية والمهنية التي اكتسبها، وقدرته على التكيف مع المستجدات، كما تقتضي تحقيق مكانة مادية، اجتماعية مناسبة لم تكفل التطور المستمر لأدائه في مجتمع متغير، وإقامة حوافز تساعد على العمل ضمن فريق متعدد التخصصات، أي انها أي اداة الجودة الشاملة تمثل استراتيحيات وموجهة لنحو التميز في الأداء.

ويمكن القول بأن نظام ادارة الجودة الشاملة، يمثل استجابة معاصرة للتغيرات غير المسبوقة على كافة الصعد المحلية والاقليمية والدولية. وما من شك بأن اعتماد هذا النظام الاداري في المؤسسات التربوية سيكفل الولوج الآمن لهذه المؤسسات الى القرن الحادي والعشرين.

ومن الجدير بالذكر ان ادارة الجودة الشاملة فلسفة قبل ان تكون ممارسة، الأمر الذي يقتضي تحليل واقع العمل التربوي، وتحديد الاستراتيجيات والطرائق المساعدة على تطبيق مبادئ الجودة الشاملة، والمرونة في وضع البرامج وأولويات العمل والاساليب الفعالة الوقائية، وما يتعلق منها بتنمية المجتمع المحلي، واحترام انسانية الانسان وقدراته، وتعزيز الثقة به وتلبية حاجاته وتوقعاته، وتعميق التواصل الايجابي الذي يتلازم مع المتعة، والفائدة لدى الطلبة والعاملين، وترسيخ العمل الجماعي التعاوني المنتظم، والعمل بروح الفريق، والمنافسة في تحقيق الجودة والابداع، وتأكيد أهمية العلاقات الأنسانية، وتبني ثقافة التغيير، وترسيخ قيم اتقان العمل، وتنمية اداء اعضاء هيئة التدريس، والمصداقية والواقعية في العمل، والمتابعة الدورية والتقويم المستمر للأدلاء، وإدارة الوقت بالفاعلية المطلوبة.

وعليه، ولتحقيق الجودة الشاملة، لابد من نشر ثقافتها لدى العاملين في المؤسسة التربوية، من خلال توعيتهم بمفهومها وأهميتها ومعاييرها ومتطلبات تطبيقها، كما لابد من تحفيزهم للمشاركة في تحقيق أهداف الجودة بالمنظور الشمولي كل وفق مهامه، وعلى الرغم من توفر الارادة الصادقة لدى الهيئات التربوية للنهوض بأداء المؤسسة التربوية ورفع انتاجيتها التعليمية، وتلمس افضل السبل لإدخال الاصلاحات والبنى القادرة على إحداث التغيير المنشود في إدارتها، إلا ان الصراع لا يزال قائماً بين بعض الهيئات التربوية المحافظة على الأساليب التقليدية في الأدارة، والتدريس بين قوى تعمل على نشر ثقافة جديدة، بغية الوصول الى الجودة المنشودة، الأمرالذي يقتضي توفير قاعدة اتفاق وتوحيد الرؤية، بالإقناع والحوار وفيما يلي عرض للتوجهات التربوية في ادارة الجودة الشاملة في المجالات الرئيسية للعملة التربوية(المدخلات والعمليات والمخرجات): ففيما يتعلق بالمتعلم، وهو الزبون المباشر للتعليم العالي، فينبغي تزويده بالمعرفة والمهارة بما يسمح له بالتوسع فيها عن طريق التعلم الذاتي والمستمر، وتنمية روح الابداع والنقد، وبما يمكنه من الاندماج في سوق العمل، ومن تحقيق ذاته، والتكيف مع المستجدات والانفتاح على العالم. هذا الى جانب التأكيد على صلة الخريج بالمجتمع وبما يلبي حاجاته ويحقق النمو الاقتصادي والاجتماعي له. وقد استحث مبدأ ديمقراطية التعلم ضمان تكافؤ فرص النجاح بين الطلبة، وتحقيق النجاح لأعلى نسبة من الطلبة فضلاً عن ضمان حق قبولهم في الجامعة على أساس مبدأ الاستحقاق، وبناء على القدرة والاستعداد.

ويتولد عن الزيادة غير المسبوقة للطلبة على التعليم الجامعة مشكلة تأمين أعضاء هيئة تدريس بأعداد متزايدة، الأمر الذي يطرح مشكلة اختيار المدرس الذي يتسم بالكفاءة العالية، وقد بأن هذا الموضوع هاجس القائمين على المؤسسات التربوية، مما أسهم في البحث عن أساليب جديدة لضمان تأمين الكفاءات التدريسية وتنميتهم مهنياً. وتوجه إدارة الجودة الشاملة العملية التعليمية نحو المتعلم، وتجعله محور هذه العملية، الأمر الذي يقتضي إحداث التغير المطلوب في ذهنية كل من المعلم والمتعلم، بحيث يصبح المعلم محفزاً وميسراً للتعلم، لا ناقلاً او ملقناً، ولابد من الاشارة هنا الى تحسين النوعية من خلال الحراك امام الطلبة وهيئة التدريس بغية تحقيق الفائدة القصوى من اشتغال الجامعات المنتمية الى فضاء اقليمي معين، وتعزيز التعاون والاندماج الاجتماعي والثقافي، هذا فضلاً عن النهوش بنوعية التعليم، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم، والتأكيد على التعلم الذاتي والابداعي عن طريق حل المشكلات، والتعلم عن بعد، في مواجهة الثورة المعرفية والتقنية.

إن تطبيق الجودة الشاملة في التعليم العام والعالي ليس مشروعاً طوباوياً بقدر ما هو مشروع من شأنه تحسين الخدمات وتخفيض كلفتها وزيادة الولاء للمؤسسة ومضاعفة قدرتها على المنافسة والابداع، وتطوير أداء العاملين فيها، ويحتاج ذلك الى عمل وطني صادق دؤوب سيتحقق -باذن الله- على أيدي الكفاءات الواعية لمسؤولياتها المدركة لأولوياتها الوطنية.

وختاماً يمكن القول بأن الاصلاح التربوي وتطبيق إدارة الجودة الشاملة يستدعيان إعادة النظر في رسالة المؤسسة التربوية وأهدافها واستراتيجياتها ومعايير واجراءات التقويم المعمتدة فيها، والتعرف الى حاجات الطلبة والإعداد التربوي لتحقيق تلك الحاجات، وإعادة النظر في استثمار الموارد البشرية وتوظيفها بكفاءة عالية، وإعادة هيكلية النظام التربوي على نحو يتواءم مع واقع المناهج التعليمية التي لابد من مراجعتها دورياً، وتقصي مستوى جودة محتواها وأهدافها وإمكانية تحقيقها وتماشيها مع متطلبات الحياة العصرية وحاجات المجتمع.

وما من شك بأن اعتماد المؤسسة التربوية على معايير الجودة يؤدي الى رفع مستوى أدائها وزيادة قدرتها على المنافسة وبناء علاقات اتصال داخلية وخارجية متينة، ومنح العاملين فيها الشعور بالثقة، ورفع الروح المعنوية لهم.

جودة التعليم العالي

من جانبه قال الاستاذ الدكتور راتب السعود - رئيس مجلس أمناء جامعة الزرقاء الخاصة وزير التعليم السابق - في مداخلة له ليس من شك أن قطاع التعليم العالي يلعب دوراً مميزاً في عملية التنمية بمفهومها الشامل، والذي يتعلق بقطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والأعمال والصحة وغيرها من الخدمات الإنسانية والاجتماعية. على أن درجة تميز هذا الدور لقطاع التعليم العالي يعتمد على مستوى جودة هذا التعليم. ومن هنا بدأت خطوات تطوير قطاع التعليم العالي في الأردن منذ بواكير ولادة هذا القطاع، ولكنها قد أخذت منحى مجتمعياً شاملاً مع قرار ''إقرار الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي لعام 2007'' قبل عدة شهور، وذلك بهدف الوصول إلى نظام تعليم عالٍ أردني ذي جودة عالية، قادر على إعداد أطر بشرية تتمتع بشخصية مصقولة متكاملة، تتميز بالحس بمسؤولية المواطنة، والانتماء الأصلي لأمتها، قادرة على مواكبة تطورات المعرفة في حقول تخصصها العلمي، وقادرة على المنافسة الإقليمية والدولية.

لقد اشتملت تلك الإستراتيجية على ثمانية محاور، كان احدها محور ''ضمان الجودة''، بهدف ضمان مستوى أداء مؤسسات التعليم العالي من خلال معايير ضبط الجودة النوعية في مختلف مكونات نظام التعليم العالي وجميع مراحله.

إن جودة التعليم العالي تستلزم إعادة النظر في مدخلات وعمليات هذا النظام. ولعل أهم مدخلات نظام التعليم العالي (وهي كثيرة جداً) الطالب والأستاذ الجامعي والمناهج والمكتبة والمختبرات. في حين أن أهم جوانب عمليات هذا النظام تشتمل على عملية التدريس الجامعي بما فيها من تفاعل صفي، والانخراط في النشاطات المنهجية واللامنهجية وعمليات تقييم الأداء.

متابعة الدراسات العليا

وحول الواقع التعليمي العام ومخرجاته والاستراتيجية الوطنية للتعليم العام ومأسسة ضمان الجودة تساءلت الزميلة إيمان النجارعن المواد الاستدراكية التي ستطبق على طلبة الثانوية العامة التي تقل معدلاتهم عن 65% لتأهيلهم للتخصصات التي سيتابعون فيها دراسة البكالوريس فهل سيطبق هذا النظام أيضا على طلاب البكالوريس الذين انهوا دراستهم بمعدل مقبول أو درسوا عن طريق الانتساب لإعطائهم الفرصة لمتابعة الدراسات العليا .

ومن جهة أخرى نتحدث عن تعليمات منع خريجي الانتساب والمقبول من متابعة الدراسات العليا وهذه التعليمات تم تنفيذها بأثر رجعي حيث طبقت على طلاب البكالوريس الذين درسوا بحسب التعليمات القديمة ولم يكن إتمامهم الدراسات العليا ممنوع في ذلك الوقت فكان الأجدى تطبيق التعليمات من تاريخه دون إلحاق الغبن بالدارسين وفق التعليمات التي تم تغييرها دون ذنب يذكر لهم.

وعندما نتحدث عن الدراسات العليا التي يجب أن يكون هدفها البحث العلمي بعيدا عن البحث عن الوظيفة التي تكون مطمح خريجي البكالوريوس فلماذا لا تعطى الفرصة للجميع بمن فيهم خريجو الانتساب والمقبول بعد تأهيلهم عن طريق الدبلوم العالي حيث لا يجوز أن نحكم مسبقا عليهم بعدم القدرة على متابعة الدراسة ونسلبهم حق التعليم المكفول للجميع.

كوتات في الاستراتيجية

وتساءل الزميل عبدالله العتوم عن الكوتات التي ضمتها الإستراتيجية وصعوبة جعل استراتيجية لكل جامعة؟.

تعليمات الاندية الطلابية

ومن جانبه قال الزميل الدكتور خالد الشقران ان ما ذكره الدكتورعبيدات حول إعادة النظر بالأنظمة والتعليمات للأندية الطلابية يجعلنا نتساءل هل هذا يعني انه سيكون هناك مزيداً من الديمقراطية والحرية ام سيستمر تقييدها ؟ مثلما نتساءل ايضاً عن حقيقة ما يقوله البعض من ان نظام التعليم الخاص في بعض المدارس يتخذ الطابع الغربي،الأمرالذي قد يؤدي الى فقدان الطلبة ثقافتهم وقيمهم العربية والإسلامية؟

صلاحيات مجالس امناء الجامعات الخاصة

وقال الدكتور علي القضاة o وزارة التعليم العالي -في الحقيقة ان هناك تخوفاً من إعطاء صلاحيات اكبر لمجالس الأمناء وخاصة في الجامعات الخاصة، لأن الجامعات الخاصة هي شركات استثمارية تتجه نحو البورصة وهذا ما قد يؤثر على نوعية التعليم؟ واضاف ان ما نريده هو الإصلاح الحقيقي ،وتغيير ثقافتنا من بيوتنا الى المؤسسات التربية فنحن بحاجة الى الإصلاح المبنى على المساءلة والشفافية.

وحول ذلك كله قال الدكتورعبيدات : ان الطلبة الذين يقبلون خارج دائرة القبول الموحد ( الأقل حظا) يكون لديهم برامج معينة مثل إعطائهم مساقات استدراكية في مجال تخصصاتهم، أما بالنسبة لموضوع الماجستير، نحن نعلم ان الدرجات العلمية العالية تكون لغايات البحث العلمي، وعلى هذا الأساس إذا أردنا بحثا علميا جيدا لا بد من وجود شروط وضوابط للحصول على الدرجات العلمية المتقدمة ( الماجستير او الدكتوراه) وفي ظل وجود جامعات عديدة تمنح درجات الماجستير والدكتوراه لا بد من وجود شروط أكثر من الشروط المطبقة على البكالوريوس لضمان التمييز.

وبالنسبة للجمعيات والأندية الطلابية فقد تركنا هذا الموضوع للجامعات وهذا يرتبط بموضوع الاستراتجية الخاصة بكل جامعة وأنا أعتقد ان كل جامعة استطاعت وضع إستراتجية خاصة بها.

وقال لدي تعليق على القضايا المطروحة أنا اعتقد بأننا أمام طريق طويل طالما أننا مازلنا نتحدث ضمن اطر الإستراتجية والنوعية والموائمة وكل هذا بمعزل عن المدخلات. فاليوم الجامعات تتحدث عن استراتجيات، ومازلنا نتحدث عن البحث العلمي في الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن نتائج البحث العلمي واريد ان الفت الانتباه الى اننا نتحدث هنا عن النوعية.

فالنوعية يجب ان ندعو من خلالها الى التحول الحقيقي وليس الشكلي والدكتور تيسير تحدث عن نسب وقال اننا من اكثر الدول الذين نصرف على التعليم وأن نسبة الإناث تفوق الذكور في التعليم رغم إننا من اقل الدول عملا للنساء ما بعد التعليم وهذا يطرح سؤال لماذا نفعل ذلك؟ اليوم الإرادة الحقيقية للإصلاح تتطلب نظاما كاملا من المساءلة والشفافية وانا برأيي ان وزارة التربية والتعليم عملت وطورت الكثير في نظامها ولكننا أيضا امام طريق طويل فيما يتعلق بالتشكيل الثقافي.

وحول ما ذكر عن الاصلاح قال الدكتور النعيمي: لدينا ارادة حقيقية للإصلاح. لإن سيد البلاد وضع التعليم في سلم الأولويات وهذا من عوامل النجاح الأساسية، بالاضافة لذلك لدينا برنامج استثماري محدد في التعليم العالي وآليات للمراقبة والتنظيم وهناك التزام حكومي بالتحويل والتطوير.

وأضاف ما هو المقصود بتغيير الثقافة؟ المقصود تغيير آليات العمل وتوجهاته بصورة مؤسسية تبتعد عن شخصنة الأمور.

وحول التعليم في المدارس الخاصة وارتفاع الرسوم قال النعيمي أن وزارة التربية والتعليم فخورة بأداء التعليم الخاص ونحن نشجع هذا التعليم، فليس صحيحا ان المؤسسات التعليمية الخاصة تعمل على محو الهوية الوطنية إضافة الى أن هذه المؤسسات مضبوطة بقانون التربية والتعليم.

أما بالنسبة لشكاوى الأهالي من ارتفاع الرسوم في هذا القطاع قال نعمل الآن على تصنيف المؤسسات الخاصة بما يحدد سقف الرسوم، الا انه من يشكو من ذلك بامكانه نقل ابنه الى المدارس الحكومية.

وقال الدكتور النعيمي حول قضية تأثير زيادة عدد الكتب التي يحملها الطلاب في الحقيبة o حسب طلب المدرسة لهم o خاصة في المراحل الاساسية على صحة قوام وعظام الاطفال : ليس هذا ما تريده المدرسة، انما هناك برنامج يومي للمواد ولكن الطلبة يلجأون الى ذلك من باب الجهد الأقل فيحملون كل كتبهم دائما، وعلى اية حال هناك خطة لإعادة توزيع البرنامج المدرسي اليومي لتقليل تنوع المواد اليومي مما يقلل من العبء على الطلاب.

وحول حوسبة الجامعات قال الدكتور البداينة ان قضايا التعلم الإلكتروني ومحو أمية الحاسوب من القضايا الهامة جدا والآن هناك ضغط من الجامعات باتجاه التعلم الإلكتروني وهذا يستدعي التنوع في طرق التدريس باستخدام الغرف الصفية المجهزة الكترونيا مثلا وهذا يستلزم التغيير في اساليب التقييم.

وبين الدكتور البطاح انه رغم وجود ظاهرة التلقين في النظام التعليمي الا ان هناك مبالغة حول حجم هذه الظاهرة وهنا يجدر بنا التأكيد على ضرورة التفريق بين حفظ الحد الأدنى من المعلومات الأساسية والتلقين .

وفيما يتعلق بالمناهج والخطط والبرامج والنشاطات والعمليات التدريسية فهي الأخرى مهمة جداً وبحاجة إلى مراجعة في ظل الثورات العلمية التي يشهدها العلم اليوم.

والخلاصة أعطني طالباً جامعياً ذا دافعية عالية وقدرات متميزة، وأعطني أستاذاً جامعياً متميزاً أعطيك جامعة متميزة، توفر للمجتمع أرقى الكوادر البشرية في شتى الحقول.

وفيما يتعلق بقضايا التلقين في المدارس والجامعات والشكوى من صعوبة المناهج خاصة اللغة الانجليزية ونشر ثقافة القراءة في جميع المراحل قال الدكتور النعيمي: إن قضية التلقين هي تاريخية وتتعلق بالتوقعات المجتمعية من المدرسة واسلوب تدريس المعلم وهذا يعتمد على الدراسات والمقاربات ونحن لدينا مقاربات جادة للحد من التلقين ومنها التنويع في اسلوب تقييم الطلبة والتنوع في موارد المدرسة نفسها فلم يعد الكتاب فقط هو المورد الوحيد للدراسة.

وفيما يتعلق بقضايا التلقين في المدارس والجامعات والشكوى من صعوبة المناهج خاصة اللغة الانجليزية ونشر ثقافة القراءة في جميع المراحل قال الدكتور النعيمي: إن قضية التلقين هي تاريخية وتتعلق بالتوقعات المجتمعية من المدرسة واسلوب تدريس المعلم وهذا يعتمد على الدراسات والمقاربات ونحن لدينا مقاربات جادة للحد من التلقين ومنها التنويع في اسلوب تقييم الطلبة والتنوع في موارد المدرسة نفسها فلم يعد الكتاب فقط هو المورد الوحيد للدراسة.