اللغة العربية بين تجني العامية وأصالة الفصحى

24/06/2007

 هي لغة القرآن التي هدانا الخالق بها ومن خلالها إلى الايمان، عبر إعجاز لغوي علمي لا ينفذ نبع تأويل كلماته أو يحاط بمحكمه ، وفيها ومنها خرج الشعر والنثر وحسن البيان، ادركت بديعها مختلف الأمم والشعوب حتى وصفها البعض بأنها لغة الحكمة، ولكنها ظلت والى حد كبير خاصة في العصر الحالي بعيدة عن اهتمام أصحابها حيث استبدلها بعضهم بلغة اجنبية، انها اللغة العربية التي يكاد لسان حالها يرثي ما آل اليه وضعها عند اهلها بالقول " أضاعوني وأي لغة اضاعوا" .

بعيداً عن السياسة والاقتصاد هناك من يقول بأن اللغة مرآة للواقع، وهناك آخرون يؤمنوا بأن للغة دور في تشكيل الفكر ورأي ثالث يعتقد اصحابه بأن للفكر دور في تشكيل اللغة، وفي خضم هذه الآراء ثمة من يطرح مجموعة من التساؤلات التي يجزم بأنها باتت ملحة ولا مناص من طرحها ومن اهمها ما المقصود بالعامية؟ واين يكمن موقع استخدامها في حياتنا؟ وهل هناك فعلا تجني على الفصحى بميل المجتمعات العربية بشكل عام والمجتمع الاردني بشكل خاص الى استخدم العامية بدلا منها؟ وما هو تأثير ذلك على المعرفة لدى هذه المجتمعات؟ وهل يمكن ان يؤدي ذلك الى خلق جيل لا علاقة له بلغته الأم؟ ولماذا تتجه وسائل الاعلام العربية والاردنية نحو استخدام العامية؟ وهل يجد كتابنا في العامية وسيلة سهلة للتواصل مع القارىء؟ وما هو تأثير ذلك كله على التذوق العام للغة العربية بكل ما فيها من نواحي بلاغية وجمالية؟ وكيف تعاملت الحكومات ومؤسسات التعليم المختلفة في الاردن مع هذه القضية؟ وما هو دور الجامعات واقسام اللغة العربية في هذا المجال؟ وماهي المشكلات او المعيقات التي تعرقل تحقيق تعريب التدريس في الجامعات ؟وما هو المطلوب من الإعلام؟ وكيف يمكن لنا تحسين أداء ومسائل الإع
لام فيما يتعلق بإفادة الناس من اللغة؟ .

كل هذه التساؤلات وغيرها طرحها مركز الرأي للدراسات برسم الإجابة على ضيوفه في هذه الندوة التي حاول خلالها الوقوف على مسألة غاية في الأهمية تمس بشكل مباشر ثقافتنا وهويتنا العربية، نتلمس عبر نقاشاتها بعض الاسباب التي ادت إلى غلبة اللهجة العامة على الفصحى في الإعلام والأدب والشعر وكثير من المسميات التي نستعملها في الحياة العامة، علنا نتمكن من استشراف بعض الجوانب التي يمكن من خلالها إعادة بعض الاعتبار في استخدامنا لهذه اللغة التي لم يشهد تاريخ البشرية مثل بديع الفاضها وحسن تصويرها وبلاغتها، معتمدين في ذلك على تحفيز فكري لنصل الى الهدف المنشود.

ادار الندوة : د.خالد الشقران

24/6/2007

د. السعدي: اقتحمت العامية حصون الفصحى بشكل سافر

وفي بداية الندوة قالت الدكتورة فاطمة السعدي الأستاذة المساعدة في كلية العلوم التربوية في الجامعة الأردنية يطيب لنا الاجتماع في هذه الندوة لنكون فريق تعنيه الفصحى ويدافع عنها وأن نجلس لنتلمس تجني العامة على الفصحى إذا صح التعبير واحتلاله مساحة كبيرة من كتاباتنا لجهة العامية، حيث اقتحمت العامية حصون الفصحى بشكل سافر ومتسارع ولو أن العامية بقيت لغة العامة لهان الأمر لكنها أصبحت تنافس الفصحى في الكتابة، على ان الهدف من لقائنا أن نستجلي طبيعة القضية والظاهرة وهي طبيعة اللغة العربية وليس تجني العامة وأصالة الفصحى، وأن نتلمس مسوغات منهجية لبحثها وتتبع تاريخ القول فيها وموقفنا منها، ثم محاولة وضع حلول ممكنة للتصحيح .

واضافت السعدي ان المتأمل لوضع اللغة في أيامنا هذه يدرك أن العامية تمتد على أنحاء ومجالات تداول متعددة حيث اقتحمت حمى الكتابة المتعددة مثل الإعلانات فأصبحنا نشاهد إعلاناً مكتوباً عليه ( اشبك انترنت ) أو انترنت خالي من الفيروسات و( صفحة 2) ، مضيفة ان من الضروري ان نسأل لماذا اقتحمت العامية حمى الفصحى وغزتها في عقر دارها؟ وكذلك الأسباب التي تدفع الكاتب أن تكون مقالته زاخرة بالعامية أو التي تدفع صاحب السلعة للإعلان عنها بالعامية؟ ولماذا انتشرت ظاهرة الرسائل عبر الهواتف النقالة بالعامية وامتاز الإنترنت بالعامية وأصبحت برامج التلفاز ولإذاعة بالعامية؟!... هل هي أسباب نفسية ، اجتماعية ، سياسية ، أنا لا أعلم فلعلكم تساعدونني بتلمس هذه الأسباب ودراسة الظاهرة حتى نخدم لغتنا الفصحى لتعود سليمة ونحن بذلك نخدم القرآن الكريم وتراثنا، وأن شاء الله نخرج بتوصيات فعالة تخرج عن إطار النظرية للتطبيق.

خليفة : هناك محاولات لإقصاء اللغة العربية من لغة العلم

من جانبه قال الأستاذ الدكتور عبد الكريم خليفة رئيس مجمع اللغة العربية: لقد استمعت للكلمة المتميزة للدكتورة فاطمة السعدي حيث أثارت كلمتها الكثير من القضايا وأود البداية القول هل نحن في هذه الندوة نناقش السياسة اللغوية ام نناقش اللغة، فإذا كنا نناقش اللغة؛ فاللغة العربية السلمية كما أحب أن اسميها لأنها لغة ثابتة فهي لغة الوحي التي تختلف عن جميع اللغات الأخرى في أصولها النحوية والصرفية، وهي لغة نامية ومتطورة من حيث أساليبها ومفرداتها ومصطلحاتها، ولذلك نجد أنها عبر القرون استطاعت استيعاب حصيلة الفكر العالمي والحضارات العالمية وان تحمل لواء فكر إبداعي جديد، وقد مرت بتجربة تاريخية فكانت لغة العلم والفكر في العالم، واضاف خليفه بأننا لسنا أمام لغة مازلنا نسأل إذا كانت تستطيع استيعاب العلم الحديث أولا، القضية الأخرى هل حقيقة أن هناك عداء وتناقض بين العامة والفصحى .

لنتفق منذ البداية ان نفرق بين اللغة المحكية والعامة واللهجات ، فبالنسبة للغة المحكية كل لغة في العالم لها لغة محكية وغير صحيح ما يقوله أساتذتنا بأن الإنجليزي والفرنسي يكتب كما يقرأ، وهكذا جميع اللغات فاللغة المحكية لا تعني أنها عامية ولكن لها أصول فهل نتصور، الجاحظ عندما كان يشتري الباذنجان يقول للبائع "بكم تبيع الباذنجان ايها الرجل"، لا فهناك لغة محكية تساعد في الإشارة واللهجة، إنما اللغة العامية واللهجات موجودة عندنا في تراثنا فقبل أيام قرأت ديوان ابن الرومي وكان يعيب على أهل الكوفة أنهم يقولون نحني ونقول نحن، والصحيح ان هذه لهجات ولا يمكن توحيد اللهجات، وإنما العامية هي توازي تقدم الأمة وتأخرها، فكلما تقدمت الأمة اقتربت من اللغة السليمة ، وكلما انهارت تزداد اللغة العامية لأنها لغة الجهل .

واستطرد خليفة بالقول أننا أمام قضية لغوية لم نكن نشعر في سابق الأيام بهذه المعركة المصطنعة التي تشن على لغة الأمة العربية الجامعة الموحدة وعلى لغة القرآن الكريم والعقيدة لأنهما صنوان، وهذه قضية مختلفة عن قضية العلاقة بين العامية والفصحى ، إذا نحن امام سياسة موادها صناعة قوميات مختلفة بلغات مختلفة وكان بودهم صناعة قومية أردنية واخرى كويتية وثالثه مصريه..الخ، وبهذا الشكل يتضح ان القضية الأساسية موجهه لوحدة هذه الأمة العربية ووحدة لغتها التي تصبغ هوية هذه الأمة وهي اللغة الجامعة، فهذا التوقيت للهجوم الشرس على اللغة العربية هو في الواقع مرتبط بما نسميه العولمة بمفهومها الأمريكي بكل ما يحمل هذا المفهوم من مضامين تعزز هيمنة وسيادة قطب ولغة واحدة، ومن هنا علينا ان ندرك بأن هناك ومن خلال هذا المفهوم العولمة استهداف للثقافة، وان هذا الهجوم على الثقافة يصاحبه هجوم مختلف الجوانب المتعلقة بحياتنا سواء في السياسه او الاقتصاد .... الخ

واضاف ان اللغة عندما تسير بقوانينها الطبيعية نجد انه لا خلاف او عداء بين العامية والفصحى، فمثلاً في تجربتنا التربوية في الأردن لم يكن أستاذ الابتدائي يدرس باللغة العامية، هكذا كان التعليم لكن الان نجد الهجوم الشرس يستهدف إقصاء اللغة العربية من لغة العلم وهذه سياسة فعلية منفذه، وأيضا تقصى اللغة العربية الفصحى ويحل محلها اللغة العامية وهذا موجود في الأدب والإعلام.

واختتم خليفة حديثه بالقول يجب التفريق بين قضية لغوية وسياسة لغوية، حيث أن الأمم المتقدمة لا تسمح لأي معلم أو مسئول إلا أن يعلم ويخطب باللغة الفصحى، نحن نحتار فأنتم تجعلون هذا نموذج لكم ثم تتجهون اتجاه آخر للتفريق بين سياسة لغوية تفرض فرضاً، والأردن جزءاً من هذه الأمة، فحينما تفرض اللغة الأجنبية بالتعليم منذ الابتدائية فإن ذلك يقوم إلى موت الشعور بالمسؤولية تجاه اللغة العربية عند الطالب عندما يشعر أن اللغة العربية لا قيمة لها في التعلم وفي العمل .

العناني: الدفاع عن اللغة بلسان المقال واغتيالها بلسان الحال

من جانبها قالت القاصة خولة العناني ان اللغة العامية لجأ إليها الكثير من الأدباء كنوع من الترويج أولا والتنفيس من الضغوطات التي تحيط بالمواطن والهروب من تعلم اللغة العربية الصحيحة، فأي كاتب يريد التعبير عن لغته وذاته حتى يكون له كيان في أمته .

واضافت ان هناك بعض الممارسات للأدباء والكتاب وغيرهم في استعمال العامية لعدم المعرفة الحقيقية بهويتهم ولم يبحثوا عن بدائل صحيحة، فهذه الممارسات كلنا نمارسها من خلال الرسائل المرسلة عبر الخلويات مثلاً، والخلويات الآن فيها رسائل هي بمثابة أغتيال للغة العربية الرائعة خاصة وأن هذا استخدام يومي مجبرون عليه، ولكن نعوذ بالله ان نكون ممن يدافعون عن اللغة بلسان المقال ثم نغتالها بلسان الحال من خلال أستخدام العامية دون ان ندري.

عايش: لن تسود العربية الفصحى إلا إذا تحولت الى معرفة لا معلومات.

الكاتب والباحث الأستاذ حسني عايش قال في مداخلته كنت أعتقد ان هناك أسئلة وإشكالات ولكنها سجالات، والسؤال الحقيقي هل يمكن تكريس سيادة اللغة العربية الفصيحة كما يطالب الدكتور ناصر الأسد ومجمع اللغة العربية في الأسرة و المدرسة والشارع ؟ فهل يمكن تحقيق ذلك ؟ لا اعتقد ان ذلك ممكن ، فاللغة الفصحى كانت قبل الإسلام ودخول أقوام أخرى في الإسلام ، لأن الشكل اللغوي الفصيح في التعبير- كان الشكل الوحيد المعروف، ثم جاء الاسلام ودخلت اقوام اخرى فيه وبقي الطفل العربي يتكلم بأي لغة يخاطب بها سواء كانت فصيحة او عامية، ان المشلكة لدينا تكمن في ان المجتمع يتعامل مع الطفل منذ ولادته بالعامية ، علما بان قدرة الطفل على التعلم غير محدودة، وإذا عومل منذ الصغر بالعامية اوالفصحى وتفاعل معها فإنه بالتأكيد سيتقنها، فهو ينشأ لغويا وفقا لطبيعة البيئة اللغوية المحيطة به.

واضاف عايش أنه لا يوجد لدى الطفل في أية لغة جهاز لغوي خاص بها بل يوجد جهاز واحد قادر على تعلم جميع اللغات مما يؤكد مرة اخرى ان المشكلة ليست في الطفل ولكن في المجتمع، فقد نشأ منذ مئات السنين ما يسمى باللغة العامية ولا يستطيع احد إنكار هذه العامية وعدم التعامل معها، ومشكلة الطفل العربي الآن انه عندما يذهب للمدرسة يواجه باللغة الفصيحة في درس اللغة فيصبح امام تعلم لغتين، وتزيد المشكلة عندما يقصر تعلم الفصحى على يد معلم اللغة العربية وهذا خطأ كبير، والمشكلة تقتصر بقيام ملعلمي اللغة العربية بالتكلم بالعامية ومع وجود هذا الصنف من المعلمين من الصعب أن تسود الفصحى، في ظل هذه الضروف فإنه اذا سافر الطفل العربي الى أقطار عربية اخرى ان يجد صعوبه في التعامل باللغة الفصحى، فعندما تتصفح كتابا في أي بلد عربي تجد انه لا يتطابق مع كتاب مماثل في الفيزياء او الكيماء بسبب اختلاف المصطلحات وهذا يزيد في الصعوبه.

وبين عايش انهم في البلاد المتقدمة يركزون على اللغة الام ، ففي الولايات المتحده مثلا يركزون في الإمتحانات على مادتين احداهما دوما اللغة الإنجليزية الأمريكية ، وبعكس ما يحدث عندنا حيث نعامل اللغة العربية كأي مادة، لذلك يتعلم الطلاب معلومات لغوية تنعكس على ضعف معرفتنا للغتنا الفصحى، لاننا نتعلم اللغة في المدرسة كمعلومات وليس كمعرفة .

وفي هذا المجال استشهد بنص لعبد الملك بن مروان الذي قال " اللحن في الكلام اقبح من الجدري في الوجه"، فاللغة عندما تتحول عند الانسان الى معرفه تتحول مع الممارسة الى سليقة وأنا لا اعتبر نفسي من السليقيين، فاللغة العربية الفصحى في المدرسه مجرد حصص ومعلومات ليس لها معنى ولا تفيد الطفل أو الطالب بشيء طالما انها لم تتحول الى معرفه، فعصر المعلومات هذا يجب ان لا يكون اسمه عصر المعلومات وانما عصر المعرفة، ولذلك اقول كان الله في عون الاطفال اللذين يطلب منهم معلومات يحفظونها ولا يعرفونها.

واضاف عايش انه قد يكتب كثيرون باللغة العربية التي يرونها سليمة لغوياً ولكنها قبيحة فصاحة وقد اطلعت على كتاب اسمه "القصص الأخرى للسيدات" طبع بدعم من أحدى الدوائر التي تعنى بالثقافه لا يوجد فيه جملة فصيحة، وهنا اقول ليست كل لغة سليمة فصيحة أو فصحى.

واختتم عايش حديثه بالقول ان المطلوب بالدرجة الأولي ضبط لغة التعليم والإعلام، فالإعلام مدرسة اقوى من المدرسة الرسيمة ولكن لغتها في كثير من الأحيان غير سليمةوغي فصيحة، وكذلك لغة الإعلان مشكلة يجب ضبطها، على ان المشكلة الأخرى في هذا المجال تكمن في انه وبسبب العولمة أصبح الأردن مفتوحاً على العالم فأصبح المصنع يكتب على منتجاته باللغة الإنجليزية حتى يبيع هذ المنتجات في امريكا مثلاً، فيما وصلت الموضة في الأردن الى عدم توظيف أي شخص ليس لديه معرفة باللغة الإنجليزية ولا نستبعد ان تنتشر هذه الموضة لتطال عمال النظافة ، لذلك تسود الآن اللغة الإنجليزية للآسف على حساب سيادة اللغة العربية!.

حدادين: الأسماء الأجنبية أكثر رواجا

من جانبها قالت السيده رولا حدادين مسجلة الاسماء التجارية في وزارة الصناعة والتجاره: بأن التحدي الأكبر الذي يواجهنا في وزارة الصناعة والتجارة هو استخدام اللغة الأجنبية بدل العربية فنحن مشكلتنا أكبر من المشكلة المطروحة في هذه الندوة، حيث ان قانون تسجيل الأسماء التجارية ابتداء قانون قديم منذ عام 1953 وهو لا يمنع استخدام اللغة الأجنبية في الاسماء التجارية ، وربما يعود السبب إلى انه في تلك الفترة لم يكن الكثير من المحلات والشركات التجارية ، ولم يكن هناك اصلا طلب على الأسماء الأجنبية كما يجرى الآن .

واضافت بدأت المشكلة تظهر مع مطلع الثمانينات، حيث أصبح هناك عزوفاً عن استخدام اللغة الفصيحة بالأسماء التجارية، ورغم أصدار مجلس الوزراء لعدة بلاغات تحث على استخدام اللغة العربية ورغم ان هذه البلاغات تعتبر بمثابة قرارات ترقى لمستوى التشريع ولكن الأمر حتى عهد قريب كان يتم التعامل معه بجهل في غياب نص قانوني واضح وصريح، وقد وجدنا في وزارة الصناعة والتجاره ان هناك ضرورة ملحة لتعديل قانون الأسماء التجارية وصدر قانون عام 2003 الذي اشتمل على بند صريح في المادة السادسة منه ينص على وجوب أن يكون الاسم باللغة العربية إلا في الحالات التي يكون فيها مالك الاسم شخص أجنبي .

وبينت حدادين بأن فرض هذا النص لم يكن امراً سهلا لا سيما واننا الآن في عصر العلامات التجارية وهي عبارة عن إشارات تميز البضائع والخدمات عن غيرها العلامات التجارية ويسمح القانون بان تسجل بأي لغة لأنها تمثل أي سلعة تنساب بالأسواق العالمية ولا يعقل أن نتشدد فيها دونا عن دول العام، ولكن عندما نأتي للواقع فعندما يأتينا التاجر او المستثمر نعلمة بأنه لا يجوز تسجيل أي اسم الا باللغة العربية، ورغم استياء البعض من هذا الامر الا اننا نفرض ارداتنا التي هي مدعومة بقانون، لنكتشف فيما بعد في كثير من الحالات قيام بعضهم بترجمة هذا الاسم ووضعه باللغة المترجمة (غير العربية) على لافته محلة التجاري رغم توقيعه على تعهد بأن استخدام الاسم يجب ان يكون باللغة العربية وانه بخلاف ذلك يقع تحت طائلة المساءلة القانونية.

وتابعت حدادين : وامام هذا الواقع واذا كانت الوزارة اصلا تناضل من اجل استخدام اللغة العربية بدلا من اللغات الاخرى، فأعتقد انه ليس من السهل علينا مواصلة النضال من اجل تكريس اللغة الفصحى، ومن هذا الباب نسمح باستخدام اللغة العامية خصوصا ان هناك محالات وشركات يبحث أصحابها عن الطرفة في التسمية حتى تكون تسمية جذابة للجمهور، فهذا هو الواقع فلدى الحكومة رغبة حقيقية في أن يستخدم الناس اللغة العربية، فاستخدام اللغة يحتاج إلى إرادة سياسية من أعلى المستويات وأنا اعتقد أن هذا غير موجود او انه موجود ولا يجد طريقه إلى التطبيق، وأسباب ذلك تعود إلى أننا متأخرون حضاريا وبالتالي تتأخر لغتنا معنا وان الدول الناهضة أصبحت تفرض علينا لغتها وثقافتها وهذا شيء طبيعي ، فعندما كان العرب هم الناهضون فرضوا لغتهم في تلك الفترة، ولكن ذلك لا يعني بأي حال من أحوال أن نتخلى عن لغتنا، وهنا لابد من التأكيد على ضرورة إعادة النظر في الشق المتعلق باللغة العربية في مجالات التعليم كافة، كما واستغرب كذلك من اشتراط اللغة الإنجليزية في الوظائف مع ان الاصل ان نسأل عن إجادة اللغة العربية لأنها باعتقادي الأهم.

د. صابر : اللغة وسيلة للتفكير والتواصل مع النفس والآخر

وفي مداخلته قال د.عمر صابر من الجامعة الاردنية : أود ان اتحدث في نقطتين مهمتين وهما اللغة العربية في الجامعات، بأثر الشبكة الحاسوبية على الطلبة، وهنا اريد ان التقط جملة مما تفضل به الدكتور عبد الكريم "من ان اللغة العربية اقصيت كي لا تكون لغة للعلم "، سأتكلم عن الانفصام الواقع في ذهن الطالب ولو اخذنا حالة مادة الأحياء فيكف يتحرك من قاعة يدرس فيها الأحياء الى قاعة أخرى ليدرس مادة لغة عربية ، هو هنا يأخذها على انها مادة وليست على انها ذات او انها لغة تفكير ، فاللغة ليست وسيلة تواصل مع الآخر ولكنها وسيلة تواصل مع النفس اولا ووسيلة تفكير ، بدونها لا يستطيع الطالب تكوين منظومة فكرية متكاملة ، وهذه قضية نلحظها في طريقة حديث أبناءنا حيث ان نصف كلامهم عربي والنصف الآخر انجليزي وعادة ما يهرب للعامية وكأنما العامية تريحه نوعا ما لما فيها من تساهل .

وأضاف أن المسألة الأخرى تتعلق بانعكاس بعض المصطلحات التي يستخدمها الطالب في اللغة الإنجليزية ولا يستطيع الوصول للمصطلح اللغوي المقابل ليس نتيجة لقصور من مجامع اللغة ولكن نتيجة عدم تسويق ، فهو عندما يسمع المصطلحات كلها سرداً واحدا من أستاذة بلغة أجنبية فهو لم ولن يتعلم ما المعنى المقابل بلغته ألام، وهنا أود أن أقدم الحادثة التاليه في إحدى المرات كلفت طلبتي بتحضير شرح المعلقات السبع فأحضر لي احد الطلبة شرحاً آخر ليس له علاقة بالمعلقات ولا يمت لها بأي صله وعندما سألته عن هذا الشرح الذي احضره بنفسه تبين انه لم يقرأ ما هو مطلوب ، وفي الوقع انني أردت من خلال هذا المثال ان أقول مسألة مهمة أننا قليلا ما نعود الطلبه على العودة لمقدمة الكتاب التي فيها أصول النظر في الكتاب التالي مع انه حتى في أي لغة اخرى يعتبر من المهم جداً ان يقرأ الطالب مقدمة الكتاب، اضافة الى مسألة التعاطي بلغتين في الجامعة وربما بثلاث إذا أردنا اعتبار العامية لغة وهي من المسائل التي يمكن ان تعمق من المشكلة التي نحن بصددها.

وتابع أما المحور الآخر فيتعلق بطغيان الشبكة الحاسوبية، فمنذ عدة أيام وأنا اجمع ملحوظات مهمة وقد وجدت ان الشبكة الحاسوبية فرضت نفسها بقوة، وفرضت معها على الجميع أربعة اعتبارات من شأنها ان تزيد تعقيد المشكله بين اللغة الفصيحة والعامية وهي:

1. مسألة طغيان اللغات الأجنبية في تناول الموضوعات العامة، وهذا بلا شك بسبب غياب العمل العربي الجاد الذي يمكن ان يتيح المعلومات المتعلقه بهذه الموضوعات بشكل موثق وجيد . وهناك سيادة اللغات الأخرى التي يمكن ان تؤدي الى ادخال أنماط لغوية جديدة تقود لعملية إزاحة وخصوصا في دماغ الناشئة للمعلومات الأساسية في اللغة خاصة مع غياب مساحة اللغة العربية الفصحية .

2. مواقع التحدث ( الشات) وهي اما أن تكون بلغة أجنبية او بالعربية غير الفصيحة وأخطر من ذلك ان من يديرونها غالباً اناس ليس لديهم خلق، وعندما يجلس الشاب أو الطالب أمام الحاسوب فان المنظر الخارجي له انه يتعلم مع انه في الحقيقة يرزخ تحت وطأة التجيهل المبرمج وهذا للأسف ليس في مسألة اللغة فقط ولكن في مسألة الذائقه المجتمعيه.

3. المواقع المرئية على الحاسوب بقسميها المصور والمكتوب، ويكمن اثر ذلك على اللغة العربية لدى اليافع، في انه هناك لدينا مجموعة كبيرة من الطلبة أبناء منطقتنا الذين يتمتعون بمستوى غير بسيط من الذكاء الامر الذي يجعلهم يتعلموا بسهوله ما يمكن ان نطلق عليه اللغة العربية الحاسوبية ويستغرقوا فيها استغراق تام بحيث تبدأ تتكون في اذهانهم منظومة ثالثة موازية فيصبح لديهم اللغة الفصيحة من جهة والمحكية من جهة أخرى والمنظومة المتعلقة بلغة البرمجيات الحاسوبية من جهة ثالثه، ومن ملاحظتي يبدأ عندها لدى الشاب ما يسمى بالانحسار فيخشى التعامل الاجتماعي باللغة الفصحية خوفا من ان يفقد الطلاقة التي يتقنها ، فهو عندما يتحدث مع زملاءه حاسوبيا يكون سلس ومرن، ولكن عندما يأتي ليعبر عن ذاته بطريقة عربية سليمة يجد ان الطلاقة تخونه فيبدا بالتراجع قليلا قليلا وينحسر . وهذا يؤدي الى عدم تكيف لغوي وهذه مسألة خطيرة .

4. عدم وجود مواقع مدعومة بشكل جيد لنشر العربية الفصيحة، فالجميع يعلم ان أبناءنا يعرفون المواقع الأجنبية لانهم لا يجدون ما يريدون من معلومات في اغلب المواقع العربية، وهذا ربما مرتبط الى حد كبير الرهبة من مسألة الحاسوب التي للأسف لا زالت تظهر بوضوح لدى كثير من المؤسسات العربية البحثية، والى غياب التعاون العربي المشترك في هذا المجال حيث لا يستطيع جهد واحد ان ينشىء موقع متخصص قوي ليعد مرجعية لأبنائنا .

واختتم د. صابر حديثه بالقول انه يجب ان تتظافر الجهود بشكل اكبر من مجامع اللغة العربية ومن كليات الآداب والمراكز البحثية المتخصصة ومواقع المجلات المحكمة لتكوين مواقع تعنى وتتعامل باللغة العربية ورفدها بالمعلومات المختلفه وتحديثها بإستمرار وبشكل شبه يومي .

المعايطه: كيف يمكن ان نقي ثقافتنا ومعتقداتنا من العولمة الجارفة

ان عنوان الندوة كما فهمت اللغة العربية بين تجني العامية واصالة الفصحى "وكنت أتمنى لوكان العنوان" اللغة العربية بين تجني العولمة واصالة الفصحى، حيث ان العولمة هي السبب الاساسي فيما بتنا نعاني منه صغاراً وكبارا، لأننا أصبحنا نحن ولغتنا تحت رحمة الأعلام المرئي فقط .

وأضاف وفي ظل البيئة السائدة فإن ما اود طرحه هو ان الدراسات والأبحاث أثبتت ان 90% مما نتلقاه من معلومات كأفراد ودول يأتي عبر وسائل الإعلام المرئي وهذا المؤشر الخطير يعني بداية اننا بالفعل تحت رحمة الأعلام المرئي ، فالإعلام المسموع او المقروء أصبح يشكل عبء على المواطن في عصر العولمة والتكنولوجيا المتسارعة، على ان الشريحة الأكبر المستقطبة لهذه الفضائيات اعتقد هي شريحة الشباب اللذين يشكلون القاعدة الرياضية ( نصف الحاضر وكل المستقبل) والسؤال هنا كيف تتعامل هذه الفضائيات مع من سيكونوا قيادات واعدة في المستقبل مدنية ، عسكرية ، سياسية ، ....الخ .

وقال ان النقطة الأخرى في هذا المجال تتعلق باحد مكونات عناصر قوة الدولة وهي الثقافة التي تشكل الخصائص النوعية للسكان ، من تعليم وصحة، فاليابان مثلا لا تملك موارد طبيعية لكنها تمتلك عناصر قوة تتمثل بالخصائص النوعية للسكان كالتعليم المثابر والقوة والجلد والثقافة، وهذه جعلتها تتفوق أقتصادياً.

وأضاف ان علينا ان نقي ثقافتنا ومعتقداتنا من العولمة الجارفة التي غيرت الدنيا وغيرت كل أنماط الحياه والسلوك متسائلاً عن وما هي خطوط الدفاع ضد العولمة وضد التجني على لغتنا.

وقال ان الخط الأول ونقطة البدء تكمن في النفس ومن ثم في (البيت ، الروضة ، المدرسة ، الجامعة) ويستمرهذا الخط حتى يصل الإنسان الى مرحلة يتمكن فيها من لغته وثقافته، فالخط الأول متصل في قدرتها على الخطاط الخصائص النوعية والثقافية، وبينما يقع الخط الثاني على عاتق الإعلام ودوره، اما الخط الثالث فهو من مسؤولية الدول العربية، فلونظرنا للدول العربية وسألنا كم عدد الفضائيات فيها ؟ وكم من الفضائيات العربية مخصصة للأطفال ؟ سنجد ان الجواب غير منطقي، واذكر هنا انه في الثمانينيات كان لدينا برامج تلفزيونية مثل المناهل كذلك كان هناك برنامج عربي خليجي اسمه افتح يا سمسم ولكن الآن للاسف تفتقد شاشاتنا العربية الى مثل هذه البرامج، واخيرا اقول علينا الاهتمام باعادة النظر في كيفية فلترة التعليم ونحن هنا نتكلم عن عمليات متحركة ديناميكة ومتغيرة .

واختتم المعايطه بالقول عندما نتكلم عن الأمية فمن وجهة نظري ان هناك ثلاثة انواع من الأمية ( الهجائية والثقافية والتكنولوجية)، أين نحن من هذه التعريفات ؟

اعتقد بأننا في الأردن نعاني من الأمية الثقافية ، فالبرامج التلفزيونية هي وسيلة والهدف هو المواطن فهل تأخذ هذه البرامج بالبعد الثقافي او التعليمي او الاستهلاكي وهل مجتمعنا مستهلك للمعرفة ام منتج للمعرفة وهل نحن مشاركون ام متفرجون.

سليمان: الصحف آية هذا الزمان

بدوره قال الكاتب والأديب يوسف سليمان : بداية اود ان أشيد وانوه بدور جلالة الملك حيث أمر بإخراج مشروع قانون اللغة العربية الذي كان حبيس أدراج وأسير بيروقراط كما اخبرني بذلك استاذي الدكتور عبد الكريم، وأيضا أستاذي إبراهيم العجلوني، ثم أعود على ماذكره الأستاذ حسني عايش حول قضية الصحافة والأدب وهذا يذكرني بالكتاب الصغير الذي وضعة الشيخ ابراهيم اليازجي وكلنا يعلم أن الشيخ ابراهيم هو ابن الشيخ ناصيف اليازجي وكان من أخواننا المسحيين ومع ذلك كان القرآن يبدو على اطراف لسانه وكان يجري في دمه وعرقه مع الحنين للقومية العربية، فوضع كتاب وسمه "بلغة الجرائد" واشار فيه الى جملة من الأخطاء التي دفعت الصحف من حيث فيه الى الى الابتعاد عن دورها كناشر للثقافة وحارس للقومية العربية، واذكر انه صدر كتاب ( لكل زمان آية وآية هذا الزمان الصحف).

الأمر الثاني ويتعلق بقضية العامي الفصيح وهذه مسألة تحدث بها الأولون منذ زمن بعيد وهم كما تعلمون الشيخ الخفاجي والأستاذ علي الطنطاوي وله كتاب في العامية الفصيح، وقد كنت قد كتبت مقالة بعنوان " حرفة الأدب والحمى المستباح" وفيها قلت " نحن أمة العرب أمة بيان وفصاحة وقد جادت لغتنا العربية بما حوته من أدب وبلاغة على أقلام الكتاب وألسنة المتكلمين وقصائد الشعراء بيانا يأخذ منه الناس بما قدر لهم من رزق مقسم على على خلقه، فمقل ومستكثر، إلا غرضا وغاية يشتد الناس في طلبها ويلجأ اليه بما نقل من الكلام وصياغته والحكم على الأثر العلمي وأقلام الأدباء حقهم من التقديم والتأخير، ومن ثم كان البيان وتعديل العبارة أمرين ملزمين لكل كاتب ومفكر؛ فقد كان الأدب ولا يزال خير سبيل لقصد المعرفة وسرعة انسيابها بالسمع وتحضرها للقلب فاستيلاءه على النفس، فحسن البيان على الماء كالنور.

وأضاف أن من نظر الى الحياة الأدبية اسف من قلة القائمين عليها وقلة الأسماء التي ركبت على القابها تركيبا مزجا على خطأ وفساد، فأن اكثر المعالجين اليوم لصناعة القلم متطفلين عليها ، فترى احدهم يدفع بالكلام من على رأسه الى اسفل القلم الى اسفل القرطاس ليترجم به عن نفسه غير مكترث لما يقول، فكذلك يخرج الكلام متخاذلا ومفككا .

وأخيرا اكد سليمان أن هذه العامية الأدبية التي تقاسيه بلاغ الحديث لا يمكن أن تكون مذهبا من مذاهب القول يقوى فيها على الجدل ويفضل على النقد وإنما هي دربا من مدارب الشيوعية الأدبية تصدر ملافظتها الحقيقة عن الفاقد عن الوعي وحقد العاجز على القادر وسخط الضعيف على القوي.

السعدون: اللغة جزء مكون للثقافة

من جانب آخر قال الباحث شوكت سعدون ارى ان مسألة اللغة لها ترابطات عديدة بين الإجتماعية والثقافي والاقتصادي والسياسي والتاريخي، وهذه الحلقات يجب التعامل معها بما نراه من التفاعل والتأثير بين هذه الحلقات، كما انه يجب التعامل والنظر الى اللغة الفصحى من منظار قوة الهوية وضعفها، وهنا اشار الدكتور صالح الى مسألة علاقة الهوية بقوة الدولة وفي شكلين هنا القوة المادية والمعنوية واللغة جزءا من القوة المعنوية، ولكن بالمقابل ما اريد الإشارة له انه عندما نتكلم عن علاقة قوة الهوية بقوة الدولة هذا يقودنا لمسألة مهمة في الجانب الاستراتجي فعندما يتحدث جلالة الملك عن قوننة استخدام اللغة وعندما يصدر مجلس الوزراء قراراً باستخدام اللغة العربية في الأسماء التجارية فإن ذلك يعني ان هناك استراتجيات مدعمة بقرارات عليا، وكون هذه القضية تتعلق بالإستراتجية العليا نجد أنفسنا مضطرين للتعامل مع قضية الأمن الوطني وخصوصا اننا نعيش في ظروف العولمة وسيادة نظام القطب الواحد وغيرها مما يشكل الملامح الرئيسية لمحتوى العلاقات الدولية وشكل النظام العالمي القائم هي مهددات، وعادة الأمن الوطني القومي يتعامل مع مهددات وهذه المهددات في ميدان اللغة هي مه
ددات ثقافية وحضارية لآن هناك توجه لإجتثاث الهوية كون اللغة جزء مكون للثقافة .

وأضاف السعدون بأننا نواجه إشكالية ما بين القومي والقطري وهنا تطرق الأخوان الى مسألة اللهجات داخل الوطن الواحد، وهذا في الواقع مما يحتاج لضبط وهذه مهمة اللغويين لكن بدءا من ستينيات القرن الماضي ظهرت مدرسة الاقتصاد السياسي وبعضهم سماها مدرسة الاقتصاد السياسي للتخلف الذي تفرع عنه ما يسمى بمدارس التبعية، حيث ان هناك نهج لتنمية التخلف وتعميق التبعية للمراكز الرأسمالية في الغرب وتحديدا الأوروبية والأمريكية، وعلاقة هذا بمسألة اللغة الفصحى وعلاقة اللغة العامية إذا جاز الآن استخدام المنهج المقارن وربطة بمسألة تطور اللغة اذا اعتبرنا ان اللغة شيء متطور نقارن بين اللغة العربية واللغات الأوروبية كون المركزية الأوربية صبغت تفكير العالم لفترات طويلة وهذا يقودنا للجانب الإقتصادي الذي تحدث عنه في تشكل وتطور اللغة، فاوروبا عندما اصبحت كيان موحد وما تبعه من عصر التنوير وسقوط الإقطاع .....الخ كان للصناعة دور رئيسي في ظهور اللغة والدولة والقومية الحديثة وسبق ظهور الصناعة عصر التنوير وبهذا استندت الدولة واللغات الحدثية على قاعدة فكرية عريضة كما عبر عنها في عصر النهضة .

وأضاف أن ظهور الدولة القومية الحديثة المستندة على معطيات عصر التنوير وما صاحبه من تراث فكري نهضوي أدى الى تحول معظم اللغات السائدة آنذاك ( كاللاتينية) الى ظهور اللغات الحديثة كالأسبانية، فهل نحن نتجه لهذا الاتجاه بحكم ان لدينا لهجة مصرية كويتية وشامية وخليجية وغيرها مع الأخذ بعين الإعتبار اختلاف ظروف المنطقة .

هذا يقودنا لمسألة الدقة في اللغة، وبتصوري كان للصناعة دور وكان لمراحل النهضة دور أيضا وامام هذا يأتي دور التربية والتعليم والفيلسوف فيشتي له كتاب مشهور بعنوان خطابات للأمة الألمانية وهو مجموعة محاضرات في فترة الاحتلال الفرنسي الألماني ويركز فيه على التربية بمحتواها الوطني وليست تربية التكرار والتعليق ، وهذا يقودنا الى ان مسألة اللغة هي مسألة وعي وتنشأ اجتماعية وأتصور ان اللغة جزءا من البناء القومي للمجتمع، ايضا هناك جانب قانوني للغة فعندما نتحدث ان هناك قرارات إستراتجية عليا صدرت فهذا يعني ان هناك جانب قانوني ويطال هذا الجانب القانوني حتى قرار الأمم المتحدة الذي اعتبر اللغة العربية لغة معترف فيها على المستوى العالمي .

واخيرا اقول لماذا لا تكون هناك محاور لبحث اثر العلاقات الدولية في اللغة واثر الإستراتجيات العليا في اللغة واثر الإقتصاد والتأهيل السياسي على اللغة وكذلك علاقة اللغة بالهوية، لكن للأسف نحن في العالم العربي وكعادتنا دوما نغرق في التكتيك وننسى الإستراتجية .

الرجبي: اطفالنا يشعرون بغربة اللغة

القاصة والروائية جهاد الرجبي قالت في مداخلتها: في الحقيقة انني آخر المتحدثين ، وشعرت انني محظوظة لأنني أصغيت لكم جميعا، وكل ما سأفعله انني سآخذ خيط من هنا وخيط من هناك لأحمل نسيجي الذي أتمنى ان يكون نسيجا جمعيا، وربما سأهتم بالجانب النفسي كوني متخصصة بهذا الجانب وأود وأن اجيب كذلك بشكل او وبآخر عن سؤال لماذا يسعى الكاتب لاستخدام العامية؟... ربما عندما اقرأ نصوص أدبية اشعر ان الأديب بدأ يستخدم العامية في النص وهذا وليس جديد فقد ظهرت العامية في نصوص ( نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس) ، وبما ان هناك جانب نفسي لاستخدام العامية ودعني اعود للأخت رولا عندما تحدثت عن اللافتات وتسائلت لماذا تستخدم العامية، قديما كنا نستخدم الفصحى بشكل اكبر، حدثيا وكتابة ولكن دهشة العامية قديما كانت تلفت الإنتباه وخاصة في العناوين التجارية والآن الجميع يستخدم العامية بمعني أن الجميع أصبحوا يتبعون التقليد ولكن بسبب الكثرة أصبح استخدام العامة شيء عادي ولم تعد تصاب بالدهشة، حتى اصبحنا كمهتمين باللغة نشعر بخطورة تفشي الظاهرة .

وأضافت ان العامية تهاجم الفصحى وكأنها حرب وانا اشعر بأن المسألة ليست هكذا فلو كان هنالك هجوم بهذا المعنى لكانت قد تحركت غرائزنا اكثر للدفاع عن لغتنا، صحيح ان العامية تتسلل الينا ولكنها تتحرك ببطء، وتحدثنا عن شبكة الإنترنت وعن المسجات وإيضا عن دور الإعلام ، وللحق الأصل في كل هذه الأمور هو القلم فنحن يجب ان نهتم بمن يكتبون ، اما بالنسبة لمن يكتب بالعامية فبعضهم بدافع الواقعية حيث يريد ان يكون قريب من القارىء بتعبير اصدق، وايضا انا اضم صوتي لفكرة القومية العربية وأرى انها في تراجع لأنني ارى نصوصا تختلف في لهجتها وهنا اود ان اشير لما يحدث من رواج اللهجة المصرية وهذه اللهجة قد تكون بديلا عن الفصحى لآن جميع العرب يستطيعون فهم هذه اللهجة وأريد ان أشير هنا الى مدى خطورة الإعلام والدراما عندما يروجون للهجة معينة ولماذا لا يكون هذا الترويج للعربية الفصيحة، كذلك ما شار له الأستاذ من السخرية فيما اعتقد ان هناك بعض المواد التلفزيونية التي اظهرت من يتحدث باللغة الفصحى بمظهر غير لائق وهناك صور في أذهاننا غريبة لمن يتحدث بالفصحى تجعلنا لا نحب ان نتحدث بالفصحى .

وحول دور المؤسسات الثقافية قالت الرجبي ان الكثير منها تشجع الشعر بالعامية، اما فيما يتعلق بالاطفال فالأطفال ينشؤون وهم يشعرون بغربة عن العربية الفصحى وأول ما يواجههم من اللغة أفلام الكرتون التي تكون على الاغلب بالعامية، فهناك برامج تقدم بلهجات مختلفة مما يسوق ويزيد من الترويج لهذه اللهجات وخاصة اللبنانية والمصرية.

واختتمت الرجبي حديثها بالقول يجب إقناع القارىء العربي بارتباط اللغة الفصحى بالهوية وكذلك يجب ان ننشىء الأطفال على الفصحى حتى لا يشعروا ان هذه اللغة غريبة عنهم عندما يكبرون.

العتوم: هل يعقل ان تكون عبارة " الحكي النا" اسماً لبرنامج في تلفزيون وطني!!!

الأستاذ عبدالله العتوم قال: منذ فتره ذهبت الى المجلس الوطني الفلسطيني وكان الدكتور احمد صدقي الدجاني قبل دخولنا الى المجلس ذكر لي طرفة مفادها انه قام بزيارة صديق له فاستقبلته ابنه صديقة وهي صغيرة في السن، فسألها عن والدها بالفصحى، وعندما عاد والدها قالت له ( بابا اجا صاحبك اللي بحكي زي الكتاب وسأل عنك ).

الملاحظة الثانية كنت أتمنى على زملائي مدير محطة التفلزيون ومدير محطة الإذاعة ان يحضروا هذه الندوة ولكنهم لم يفعلوا ، "الحكي النا وشبابيك" هذه البرامج تعرض على التلفزيون الأردني خاصة وأن الشريحة العظمى من المواطنين لا يتاح لهم سوى رؤية تلفزيوننا!!.

حوارات وملاحظات

وفي معرض رده على مداخلات الحضور قال د. عبد الكريم خليفة : أود بداية أن أشيد بأفكاركم جميعا ولكننا جميعا ننطلق من منطلق واحد وهو وحدة هذه الأمة ولغتها لأن اللغة تشكل فكر هذه الأمة مثلما أعطت للأمة الهوية العربية.

وقد أشار الجميع إلى تفتت اللغة اللاتينية، وان اللغة العربية كانت ستواجه نفس مصير جميع اللغات القديمه التي ما لبثت ان تفتت للغات عدة أو ربما تنقرض، ولكن قدر الله للغة العرب ان تصبح لغة الوحي الإلهي ولغة القرآن أصبحت الأمر الذي جعلها بامتياز لغة ثابتة في نحوها وصرفها ومتطورة، في قدرتها على أستيعاب الجديد .

وأضاف اذا نحن امام هذه اللغة التي تتميز بوضعها هذا واعتقد ان هذا هو المنطلق السليم الذي ننطلق منه، فقد تعرض اخواني لقضايا مهمة بالنسبة لاقتحام العاميات واللغات الأجنبية، وهذا في الواقع انما هو سياسة ونتيجة للغزو الذي يواجه أمتنا ومن اهم وسائله الثقافية.

وأشار الى التجربة اليابانية، لقد جاء وفد ياباني سنة 1834 الى مصر وقد فرضت الدولة المصرية آنذاك ان تكون اللغة العربية هي لغة التدريس فجاؤا من اليابان لدراسة التجربة المصرية واستخدامهم للغة القومية في التدريس، وتشاهدون اين اصبحت اليابان وكيف اصبحنا نحن لأنه عندما احتل الإنجليز مصر كان من أوائل أعمالهم استبدال اللغة العربية في المدارس باللغة الإنجليزية، وعندما استسلمت اليابان في الحرب العالمية الثانية وركزت الدولة المحتلة – الولايات المتحدة- على العامل الثقافي فبعثوا حاكما عاما لليابان وشكلوا حكومة في واشنطن لإدارة اليابان، ووضعوا سياسة عامة لتبديل او تعديل المناهج فبعثوا للحاكم العام الخطوط العريضة للتغيرات وعندها بعث الحاكم العام للولايات المتحدة برسالة يقول فيها : "فكروا بكل شيء وتجنبوا قضيتان اللغة اليابانية والميكادو"، الآن اللغة اليابانية لم تمنع من ان تصبح اليابان دولة متقدمة .

وأضاف واما فيما يتعلق بوضع الإعلام الأردني كجزء من الإعلام العربي فهنا أود أن أشير بأن هناك دلاله على ان الإعلام العربي بمجمله على ما يبدو يستقي من مصدر واحد ويتفق على هدف واحد وهو أبعاد وازاحة اللغة العربية، هذه اللغة الجامعة عن ان تكون لغة العلم من ناحية، ومن ناحية اخرى تشجيع المحليات على أن تكون لغات وعلى كل حال اذا اراد عدوك عمل شيء ولم يجد مقاومة لا بد انه سيستطيع تحقيق احد أهدافه . وهذا يدلل اننا امام قضية سياسة لغوية ذات هدف محدد بوضوح.

واشار د. خليفة الى انه قام منذ أكثر من عشر سنوات بإعداد بحث متواضع حول برنامج التلفزيون الأردني لستة اشهر وكانت النتيجة ان 82% من البرامج باللغة العامية والباقي النشرات الإخبارية والقرآن الكريم والأحاديث النبوية والأحاديث الدينية، اما الآن فبالتأكيد اختلف الموضوع كثيرا نحو الاسوأ .

وتابع في عام 1986 اجتمع مجلس وزراء الصحة العرب في دمشق وتقرر في هذا الاجتماع ان تكون اللغة العربية بحلول عام 2000 هي لغة التدريس في جميع كليات الطب في الوطن العربي، ثم نجد بعد ذلك وبحلول سنة 2000 ان اللغة الأجنبية هي اللغة السائدة ونأتي لأوائل القرن الواحد والعشرين ونجد بأن الأمور قد تخطت حتى الكليات التي كانت تدرس في جامعتنا بالعربية وأصبحت تدرس باللغة الإنجليزية الى المدارس الخاصة التي أصبحت تدرس ومنذ الروضة باللغة الإنجليزية، ثم ننتقل الى مرحلة اخرى تتعلق بتأسيس المؤسسات والجامعات الأجنبية بالوطن العربي وهذه في غاية الخطورة، فهناك فرق بين ان نبعث ابناءنا الى جامعات أجنبية في اوطانها ونختار الموضوع الذي يودون دراسته وبين ان نؤسس هذه الجامعات في اوطاننا.

وأضاف اما بالنسبة لقانون اللغة العربية فينص الدستور الأردني في مادته الثانية على ان الإسلام دين الدولة ولغتها العربية ، وينص قانون الجامعة الأردنية على ان التدريس باللغة العربية، ويجوز استعمال الإنجليزية عند الضرورة لكن مع الأسف أصبح الجواز هو القاعدة، وهذا كله في الواقع ينبىء عن مخالفة دستورية حيث قالت إحدى زميلاتنا بأن العامية المصرية واللبنانية لها وقع وانا اقول هنالك فرق بين توحيد اللغة وتوحيد اللهجات وكل هذه قضايا مهمة .

وفيما يتعلق بالخوف من ان تصبح العامية لغة للإعلام المقروء والمرئي والمسموع، اقول انا أعلم ان عددا من المجلات الخليجية تتجاوز الثلاثين تصدر باللغة العامية وقد سُئلت في أحدى الاجتماعات لماذا انتم في مجمع اللغة العربية ضد الشعر النبطي ؟ فأجبت بأن الشعر النبطي أصيل يعبر عن ذات الإنسان والشاعر ولكن حدود تأثيره هو حدود الجمهور الذي يستطيع تذوق اللهجة في حين أن الشعر بالفصيحة يكون موجه للوطن العربي بأكمله، واذكر مثلا عندما كنت رئيسا للجامعة الأردنية جاءني السفير الياباني ومعة هدية من الكتب وقال : لماذا لا تعلمون اللغة الأردنية، فأجبت بأن مصلحة كل أجنبي ان يتعلم اللغة السليمة فمن خلالها يستطيع ان يتصل لجميع البلاد العربية في حين لو درس اللهجة الأردنية مثلا لن يستطيع التفاهم مع الناس في بقية الأقطار العربية، ومع ذلك اقول لنا مصلحة ان نقدم تراثنا ونقدم لغتنا بأحسن صورة، ولكن وبمجمل هذا الموضوع فإن القضية تبقى قضية سياسية تحتاج لقرار سياسي لأن الفضائيات والإعلام الأردني لا يأتون ولن يأتون طوعا لمجمع اللغة العربية .

وذكّر بأن مجمع اللغة العربية تقدم عام 1991 لرئاسة الوزراء بمشروع قانون اللغة العربية وهو يعالج جميع هذه الأسئلة التي طرحت، وأرسل هذا القانون ونوقش بحضور رئيس المجمع في اللجان الوزارية وفي دائرة التشريع وقد أقر هذا القانون منذ ذلك الحين وأحيل لرئاسة الوزراء لكي يرسل للمجلس النيابي حتى يصدر قانوناً، ومنذ ذلك الوقت لم يجد طريقه للمجلس النيابي ونحن نذكر فيه كلما جاء رئيس وزراء جديد ونبعث بمذكره وآخرها ما قرره جلالة الملك بأن يصدر هذا القانون .

وتابع ونحن نحتار كيف ان لتوانيا التي لا يتجاوز عدد سكانها الثلاث ملايين تدرس جميع تخصاصتها باللغة اللتوانية ، وتدرس فلندا باللغة الفلندية بينما لا زلنا نحن في الوطن العربي ندرس باللغات الأخرى . وهنا اود ان اؤكد على انه كلما انتشر التعليم ضمن قواعد سليمة كلما ارتفعت اللغة المحكية وتهذبت لتصل للغة السليمة، وهنا اعارض اخي الأستاذ حسني الذي تحدث عن السليقة فليس هناك لغة على وجه الأرض تحكى بالسليقة وكل لغة تعلم تعليما، فاللغة الفرنسية مثلا هي لهجة باريس وفرضت على جميع المقاطعات، والإنجليزية لغة لندن فرضت بسياسة محددة وواضحة على جميع المدن والولايات .

وفي معرض إجابتها على بعض المداخلات قالت السيدة رولا حدادين في الحقيقة هنالك عدة عناصر لابد ان تتحد لانجاز تقدم حقيقي في هذا المجال منها الإرادة السياسية والثقافية السائدة ومن دون ذلك لن نستطيع ان نعيد الاعتبار لهذه اللغة حتى لو وضعنا تشريعات مختلفة، فلن يكون هناك قبول ورواج لهذه الفكرة وخصوصا عند فئة الشباب الا وكما تفضل الدكتور عبد الكريم بعد تحسين البيئة الثقافية وهذا سيجعل الفكرة تتغير تلقائيا حول استخدام اللغة الفصحى في الأسماء التجارية، ثم يبدأ الإنسان المثقف بإستخدام اللغة الفصحى نوعا ما وهكذا ستنهض اللغة تلقائيا اذا هيأنا لها البيئة والمناخ، ورغم ان الحكومات لا تصنع ثقافة ولكنها تصنع بيئة محابية لنشر هذه الثقافة.

د. صالح في الحقيقة اود ان اطرح سؤالاً مهماً وهو الى أي مدى نريد ان نمد ظل العربية ونحصر العامية؟ في رأيي ان تحليل المشكلة مهم فاللغة هي رسالة والرسالة تقسم الى ثلاثة أقسام (مرسل ووسيط ومستقبل)، فمن الذي يرسل اللغة؟ الكاتب ام المتكلم ام وسائل الإعلام، وهنا آتي للقضية التي يتحدث عنها الأستاذ عبد الله فإذا أحسنا ضبط مخرجات اللغة نكون قد حللنا ثلث المسألة اما بالنسبة للوسيط الذي يحمل اللغة فهل هو نقي ام مشوش ؟ بمعنى كيفية إخراج اللغة للمتلقي ثم المتلقي نفسه الى أي مدى يستطيع ان يفهم ما يقال؟ كما قال ذلك الرجل لأبي تمام عندما رد عليه لا تفهم ما يقال، فالدكتور عبد الكريم عندما تحدث عن محدودية البيئة التي تستقبل الشعر النبطي تحصره اذا لمن نكتب ولمن نقول وهنا يجب ان نتعاون جميعا إعلاميون وكتاب وغيرهم حتى يكون الأمر هين .

القضية الأخرى بحسب الدكتور عمر هي اختيار النموذج عبر الصحف، فأنا غير متيم بمسألة المؤامرة لكن المؤامرة موجودة فالنموذج العربي يصار لاغتياله في أكثر من طريقه ومناسبه ويختار نموذج البطل القادم من وراء البحار، واخيرا هل نحن في قضايا اللغة نعاني من الإستراتجية الأمريكية الحالية التي تقول بالفوضى الخلاقة؟ وهذا ينقلنا هذا لمسألة المناهج فهل لدينا ثوابت ام فوضى بالمناهج بجميع أشكالها؟ في الواقع ان هذه المسألة خطيرة وليست مسألة عبارة .

من جانبه قال الأستاذ حسني عايش بالنسبة للسليقة فأنا أقول بأن السليقة الآن أصبحت تترجم بالمعرفة واللغة جزء من المعرفة وليست مجرد معلومات وانا اتحدى أي معلم ان يتحدث مع صف رابع او خامس ابتدائي بالفصحى إذا لم يرد عليه بالفصحى، لكن دعونا نكون صريحين فمصلحة الأردن تكمن في تعلم ابناءه اللغة الإنجليزية أيضا لانها لغة البزنس، فما هو الحل ؟ وكيف هو الحال كان الناس يلجأون الى للغة العامية لآنها اقل كلفة طاقة من اللغة الفصحى

و لاضرر من استخدامها، لأن اغلب الناس يعرفونها، عندما اردت ان اكتب مقال قبل عدة ايام عن تسريح الموظفين بالجملة وتطفيشهم بالمفرق لان كلمة تطفيش يجب ان تفهم اولا لتقرأ لان الكلمة من ثلاثة حروف يمكن ان تقرأ بتسعة اشكال ، في ضوء ذلك ما هي الطريقة لتبسيط فهم العربية كتابةً ولفظاً ؟ ففي بلاد الغرب عندما تستخدم الكلمة او المصطلح لمدة خمس سنوات يرفع للغة الفصيحة وتعتمد وتخضع لقواعدها، اما نحن فلا نهتم بهذا الموضوع، فالناس في العالم العربي يبتكرون كلمات ومفردات نتيجة للتحديات العلمية والتكنولوجية، المشكلة الاخرى هي ان اللغة تأخذ شكل اهلها ومرحتلين فعندما كانت اللغة العربية سيدة اللغات في العصور الوسطى كانت لغة مبتكرة، لذلك اقول لان العرب متخلفون سياسيا وعلميا واقتصاديا فإن لغتهم تأخذ شكلهم، في العالم الغربي يظهر هنالك (60) مصطلحاً جديداً لذلك نحن بحاجة شديدة الى الابداع والابتكار لترتقي اللة وتتطور.

وفي هذا المجال قال المستشرق المشهور lando لقد استقرت الحكمة في ثلاث : عقول الفرنجة وأيدي الصينيين وفي السنة العرب ، ولكن يبدو ان اللسان العربي لم يعد فيه حكمة نتيجة إهمال اللغة العربية، على أن الخطر الأكبر الذي يواجهنا الآن يكمن في تقدم علم الحاسوب حيث سيصبح الناس معهم دكتواره وهم أميون .

أما الأستاذ يوسف سليمان فقال: الفصحى لغة الكتاب لا لغة الخطاب لكن الآن أصبحت لا لغة كتاب ولا لغة خطاب، حيث حلت العامية محل الفصحى في الكتابة وخير دليل على ذلك ما ذكرناه من إعلانات وشعر وقصص ...الخ، ونتوجه اليوم لحل مشكلة لغوية قائمة نريد بدائل لها نختارها عن وعي ونحاول وضع خطة غير آنية جل مستمرة تنتظم نسقا من التشكيل وتسير مجموعة الجهود الضرورية لتحقق الغاية المنشودة آخذين بعين الاعتبار الحقائق الاجتماعية وعلاقتها بالمتغيرات الاقتصادية والسياسية والسكانية حتى تكون هذه الخطة مضمونه النتائج ولو بعد زمن .