الساعة

"قانون الانتخاب المقبل"

26/02/2014

لم تجد الجلسة التي نظمها مركز "الرأي" للدراسات حول "قانون الانتخاب المقبل" رابطاً بين الحديث عن رغبة الحكومة في تعديل قانون الانتخاب في هذه الفترة وبين "خطة كيري" رغم أن المشاركين دعوا إلى التنبّه للأخطار والمؤامرات المحدقة بالأردن في هذه المرحلة.

يمكن ربط مخرجات الجلسة التي حضرَ جانباً منها رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية الأردنية (الرأي) سميح المعايطة، بـ"غضبة" جلالة الملك لتكرار الحديث عن "الوطن البديل" والذي وصفه بـ"الفتنة"، حاسماً بذلك مواصفات القانون القادم.

واتفق المشاركون على أن من مصلحة الأردن أن تكون الانتخابات حقيقية وحرّة، لافتين إلى أن تقسيم الشعب والولاءات أمر في "غاية الخطورة".

وخلصت الجلسة إلى أهمية "توحيد قوة الصوت الانتخابي"، داعين إلى أن تمرّ صياغة أي قانون مقبل للانتخاب عبر حوار وطني كبير، وأن يكون هذا القانون "عصرياً" يقوم على أساس الكفاءة وتحقيق العدالة في تمثيل شرائح المجتمع كافة، وأن يكون عدد المقاعد محدداً مع الابتعاد عن فكرة المحاصصة.

تالياً أبرز المداخلات في الجلسة التي شارك فيها: د.عبداللطيف عربيات، وسلامة حمّاد، ود.ممدوح العبادي، والمهندس مروان الفاعوري، والعميد المتقاعد د.علي الحباشنة، ود.نظام بركات.

أدارها: د.خالد الشقران

حرّرها وأعدها للنشر: هادي الشوبكي وجعفر العقيلي

شباط 2014

• توافق حول قانون الانتخاب القادم

قال النائب السابق د.ممدوح العبادي إن هناك هجمة ضد قانون الصوت الواحد منذ العام 1993 تقودها جماعة الإخوان المسلمين، لافتاً إلى أن هذا القانون وُضع لإعطاء "الإخوان" وزنهم الحقيقي في مجلس النواب.

وأضاف أن كل طرف يحاول الدفع باتجاه قانون انتخابي يخدم مصلحته، ولكن هناك توافقات وحلول وسط في النهاية ورأى العبادي أن رغبة الحكومة في إقرار قانون الانتخاب في الفترة المقبلة، سببها أن يكون القانون الجديد جاهزاً في حال تم حلّ مجلس النواب اليوم كي تُجرى الانتخابات بناءً عليه، لأنه لا قوانين مؤقتة بعد التعديلات الدستورية.

ولم يجد العبادي رابطاً بين استعجال الحكومة في إقرار القانون وبين "خطة كيري"، رغم إشارته إلى أن الشك والحذر من دون أن يعني ذلك الخضوع لعقلية المؤامرة.

وبشأن الأولويات، قال العبادي إن قانون الانتخاب "ليس محله هذه الدورة البرلمانية مطلقاً"، وإنه لا بد من منح النواب فرصة سنة أخرى قبل التفكير بإقرار قانون جديد.

ولفت العبادي إلى أن التشريع مهم، ولكن النزاهة هي الأهم كما تكشف الممارسات التي شهدتها انتخابات البرلمان منذ 2007.

وبيّن العبادي أن القوانين تختلف من بلد لآخر، فالقوائم النسبية في قانون الانتخاب غير موجودة في أميركا أو بريطانيا، لكن هذا لا يعني أنها "سيئة"، فلكلّ بلد ظروفه الخاصة.

وحول مواقف التنظيمات السياسية من قانون الصوت الواحد، قال العبادي إن تنظيم الإخوان المسلمين ضد القانون ويريد تطبيق فكرة القائمة النسبية 100%، لأن الأردن ليس فيه إلا حزب واحد على أرض الواقع يمثلّه "الإخوان"، وهو الحزب الوحيد القوي الذي يستطيع أن يحصل على مقاعد أكثر نظراً لتنظيمه.

وتابع العبادي بقوله إن قانون الصوت الواحد وُضع لإعطاء الجميع حقوقاً متساوية، ففي تطبيق القائمة النسبية غالباً ما يرفض مؤيّدو أيّ مرشّح التصويت لمرشح آخر ينافسه، فيكتفون بكتابة اسم واحد على ورقة الاقتراع، أما "الإخوان" فيكتبون على ورقة الاقتراع أسماء جميع مرشحيهم، بمعنى ان الذي يصوّت لـ"الإخوان" له قوة هي أضعاف قوّة المصوّت العادي.

ورأى العبادي أن المخرج في حال تطبيق القائمة النسبية، أن تُلغى الورقة التي لا تكون مملوءة بالكامل، بحيث يصبح للجميع الحقوق نفسها وبشكل متساوٍ، ويكون للناس القدرة التصويتية نفسها في الدائرة نفسها.

وتوقف العبادي عند المبادرة التي أطلقها أحد النواب، قائلاً إن المطالب بمنح الجنسية لأبناء الأردنيات ليست جديدة، لكنها حق يراد بها باطل.

• نزاهة الانتخابات

بدأ وزير الداخلية الأسبق سلامة حماد مداخلته بقوله إن الانتخابات هي عصب العمل السياسي، وإن أي بلد يقوم بـ"تفصيل ثوب" يلبسه وفقاً لظروفه.

وأضاف أن انتخابات 1989 كانت نزيهة، ثم جرت انتخابات 1993 وفقاً لقانون الصوت الواحد (المعدل لقانون الانتخاب الذي أقرّ سنة 1986)، ثم تشكلت لجنة الحوار الوطني برئاسة طاهر المصري في العام 2011 وكان من مهماتها إدارة حوار وطني مكثف حول التشريعات المختلفة التي تتعلق بمنظومة العمل السياسي ومراجعتها، وقد وضعت تلك اللجنة مقترحات لكنها لم ترَ النور.

وأوضح حمّاد أن القانون الذي جرت انتخابات 1989 على أساسه كان قانوناً قديماً، جرت عليه تعديلات، وكانت أول انتخابات بعد احتلال الضفة الغربية، وكانت المسألة هي إدارة الانتخابات وأكثر من كونها عملاً سياسياً، ولم يحدث تغيير على الدوائر الانتخابية وكانت الانتخابات نزيهة، وعلى إثرها استقر البلد وأصبح هناك مناخ ديمقراطي، وأُلغيت الأحكام العرفية، وتمت صياغة الميثاق الوطني، وأُقر قانون الأحزاب.

وقال حمّاد إن دراسة حول قانون 1989 خلصت إلى أن هناك مشكلة رئيسية، تتمثّل في عدم تحقيق المساواة بين المواطنين، ففي دائرة بدو الوسط يحقّ للمواطن التصويت لمرشحين اثنين فقط، بينما المواطن في الكرك يمكن أن يصّوت لتسعة مرشحين.

ومن مشكلات قانون الانتخاب القديم بحسب حمّاد أن الدائرة التي يمثلها نائبان (مثل بدو الوسط) تكون فيها عشيرة كبيرة من حيث أصوات الناخبين، فلو ترشّح اثنان، ولن يفوز أي مرشح من العشائر الأخرى.

وأوضح حمّاد أن الدائرة الخامسة (من ناعور إلى ابو نصير)كان لـ"الإخوان المسلمين" نحو 5 آلاف صوت، ما استدعى إعادة النظر لكي لا يكون هناك احتكار لحزب معين أو عشيرة معينة. وبيّن أن هناك قوى ضغطت باتجاه تبنّي قانون الانتخاب المتّبع في ألمانيا الذي يتضمن مبدأ "الكوتا"، والذي يسمح لتلك القوى وتنظيماتها الحصول على مقاعد أكثر من سواها.

وقال حمّاد إن توجّهاً لتأجيل الانتخابات ظهرَ في سنة 1993، إلا أنه بوصفه وزيراً للداخلية حينئذ، تمسك بإجراء الانتخابات انطلاقاً من أنها التجربة الثانية بعد انتخابات 1989، وأن إجراءها في موعدها يُظهر جدية الحكومة في العودة إلى الحياة الديمقراطية. كما أن الدولة ركزت في انتخابات 1989 على إدارة العملية الانتخابية وليس الاشتغال بالسياسة. وكان أن جرت انتخابات 1993 في موعدها وفق قانون جديد (الصوت الواحد) الذي يراعي التوزيع الجغرافي والأطراف والمركز والكثافة السكانية.

ورأى حماد أن تجربة القائمة الوطنية "أخفقت"، داعياً إلى وضع قانون انتخاب يتلاءم مع واقعنا، فلدينا مدن ذات كثافة سكانية كبيرة، ومناطق أخرى ذات كثافة أقلّ، ويجب أن نضمن التمثيل للجميع، وأن نضمن النزاهة أيضاً.

وأكد حماد مقولة: "أنا أردني بالنسبة للأردن وفلسطيني بالنسبة للقضية الفلسطينية"، مضيفاً: "إذا كان هناك ضرر يقع على هذا البلد فهو يقع على الأردني والفلسطيني معاً، ونحن كشعب عربي مسلم اتّحدنا منذ أن جاء عمر بن الخطاب إلى القدس، وأصبحنا دولة إسلامية واحدة، قبل أن يتم تقسيمنا في (سايكس بيكو)".

وختم حماد مداخلته بقوله إن هدفنا الأول والأخير ينبغي أن يكون الحفاظ على وحدتنا وعدم مسّها بسوء.

 

• المحاصصة مرفوضة

قال رئيس الدائرة السياسية في حزب الوسط الإسلامي المهندس مروان الفاعوري، إن ما سادَ المشهد السياسي من تردد حكومي في طرح قانون جديد للانتخاب، بالإضافة إلى موضوعَي "أراضي معان" وجوازات سفر أبناء الأردنيات -وهي قضايا "أرعبت الأردنيين وأثارت بواعث القلق على الهوية والمستقبل" بحسب تعبيره- كل ذلك لا يجعل الحديث عن قانون الانتخاب حديثاً "بريئاً علمياً واضحاً يتعلق بأجندة إصلاحية".

وتابع الفاعوري: الجميع يتحدثون عن قانون الانتخاب منذ إقرار قانون الصوت الواحد الذي "فُصّل" لمواجهة تيار الإسلام السياسي بحجّة "إعطائه حجمه الطبيعي".. والمطلوب هو توفير حياة سياسية لجميع المكونات في المشهد الحزبي، وليس وضع قانون لتحجيم حزب أو تيار معين.

ورأى الفاعوري أن الحديث عن إعطاء قانون الأحزاب أولوية مهم، لكنه لا يتعارض مع السير في إقرار قانون الانتخاب شريطة أن ترجع الحكومة إلى الصيغ المنتجة التي طرحتها لجنة الحوار الوطني لقانون الأحزاب وقانون الانتخاب.

وشدّد على أن النزاهة "عنصر أساس" في عملية الانتخابات، مبدياً أسفه أن الانتخابات التي جرت في دورات سابقة كان "يشوبها العبث بارادة الناخبين"، باستثناء انتخابات العام 1989، التي كان جلالة الملك "يريد أن يعرف من خلالها الواقع السياسي".

 

واستعرض الفاعوري مجموعة من الضوابط التي رأى أنه لا بد من الحديث عنها "بصراحة"، أولها إبقاء الوجه الأردني للبرلمان وعدم الاستمرار في الخط الذي بدأ في القانون الذي جرت على أساسه انتخابات 1993 و1997 و2010، ثم قانون 2012 الذي تم فيه تجاوز مخرجات لجنة الحوار الوطني وإضعاف حضور المحافظات لحساب المعيار السكاني فقط.

وشدّد الفاعوري على أن "المحاصصة" مرفوضة، ذاهباً إلى أن هناك "جهوداً لقوى الشد العكسي" لتغيير وجه الأردن والعبث بما دعاه "الخريطة الجينية للدولة الأردنية"، وهذا بحسْبه أمر خطير لا يخدم إلا المشروع الصهيوني ومن خلال الضغوط والمشاريع التي تُطرح في ظل حالة الضعف والانشغال العربي.

وأكد الفاعوري أن الجميع مع الإصلاح السياسي ومع وجود قوائم حزبية تخوض الانتخابات، لكن لا يراد أن يكون "الإصلاح" كلمة حق يراد بها باطل.. وحذّر من أن تُمرّر تحت عباءة الإصلاح مخططاتٌ لتغيير وجه الأردن وتزرع فتنة حقيقية ويكون نتيجتها أن تضيع فلسطين وبعدها الأردن في النهاية.

ودعا إلى الصراحة والوضوح عند المحددات الخاصة بأعداد المقاعد لكل مدينة أو مخيّم، فالمناطق الجغرافية التي تتكون منها الدولة الأردنية، يجب أن يكون لها "حقوق محفوظة" بحسب تعبيره، وألاّ يتم التفريط بحقوق المناطق الأخرى، عبر المحافظة على حقوق عمّان والزرقاء فقط وزيادة عدد النواب فيهما، كما حصل في القانونين الأخيرين اللذين جرت الانتخابات على أساسهما.

وأيّد الفاعوري فكرة مشاركة الأحزاب السياسية، أسوة ببقية الديمقراطيات في العالم، وأن يكون هناك 50% للقوائم الوطنية و50% للقوائم الحزبية، داعياً إلى تفعيل المشاركة الشعبية من خلال إلزام المواطنين بالمشاركة في الانتخابات،كما هو معمول به في كندا وعدد من دول الغرب، إذ يجب على المواطن أن يشارك في ممارسة حقه الانتخابي، كما أن على الدولة تسهيل عملية الاقتراع إما بالتصويت الالكتروني أو بتيسير حصول الناخب على بطاقته الانتخابية.

أما عن ملامح قانون الانتخاب المأمول، فاقترح الفاعوري تخفيض عدد أعضاء مجلس النواب إلى مائة بدلاً من مائة وخمسين، وأن يكون للناخب ثلاثة أصوات: واحد للقائمة المفتوحة، وثانٍ داخل القائمة، وثالث للمحافظة. وهو ما رأى أنه يشكل أعلى درجات التوافق الوطني الذي من شأنه تمتين الصف الداخلي في مواجهة "الضغوط الخارجية والمشاريع الوافدة".

وشدّد على أن مصلحة الأردن أن تكون الانتخابات "حقيقية وحرة ونزيهة"، لافتاً إلى أن تقسيم الشعب والولاءات هو أمر "في غاية الخطورة"، وداعياً إلى أن توضع صيغة قانون الانتخاب الجديد عبر حوار وطني كبير يؤخد على محمل الجد تكون له نتائج عملية، لا أن تكون بمشروع حكومي يُرسل للبرلمان، مستذكراً لجنة الحوار الوطني ولجنة الأردن أولاً اللتين قدّمتا مقترحات وُضعت في "الخُرج" على حد تعبيره.

وأكد الفاعوري أن العمل الحزبي البرامجي هو الأساس لقيام كتل حزبية تؤسس لتشكيل حكومات برلمانية تتنافس مع المعارضة العلمية الواعية والناضجة المبنية في إطار البرلمان ومؤسسات الدولة لتقديم الأفضل والأمثل للمواطن تشريعاً ورقابةً وقرارات.

أما الحياة الحزبية فإنها بحسب الفاعوري ما زالت تعاني خطاباً مزدوجاً من الدولة؛ فهناك ترحيب إعلامي كبير بالأحزاب، وفي الوقت نفسه هناك عوائق كبيرة في طريق الأحزاب أبرزها الإرث السلبي والثقافة المجتمعية وعدم الاعتراف بأن الأحزاب مكون أساس من مكونات الدولة، والاكتفاء بالنظر إليها على أنها "أشتال زينة وديكور يزيّن واجهات الحكومات".

وحول آليات إخراج القانونين (الانتخاب والأحزاب)، أكد الفاعوري على ضرورة إطلاق حوار تحت مظلة البرلمان مع القوى الوطنية والحزبية للوصول إلى الصيغ النهائية لهذين القانونين، لأن الأحزاب تملك تصوراً دقيقاً عنهما.

وحذر الفاعوري من نكوص الحكومة وتراجعها عن النتائج التي يمكن أن يفضي لها الحوار في البرلمان، ومن أن يكون شعارها: "قولوا ما شئتم وأنا أفعل ما أريد"، ما يعني العودة إلى مربع الإملاءات والشروط والقناعات المسبقة.

ولفت الفاعوري إلى أهمية أن يكون القانون المقبل "سهلاً إصلاحياً عصرياً"، يعكس ثقل المحافظات الأردنية الأصيلة، ولا يضعف قوتها التصويتية لحساب التجمعات السكانية الأكبر في عمّان والزرقاء، فالجغرافيا كما أوضح، "معيار أصيل معمول به في كل دول العالم المتقدم".. وفي هذا إشارة إلى "أصالة الدولة واحترامها للمكون الأساس الذي بنى الوطن واستقبل المؤسس رحمه الله ودافع عن سيادة الدولة وبذل في سبيلها الغالي والرخيص".

ورفض الفاعوري فكرة أن الحديث عن قانون الانتخاب هو "بمثابة سيف مصلت على رقاب النواب لدفعهم إلى بيت الطاعة وتخويفهم من حل البرلمان"، وقال إن الإصلاح السياسي مصلحة للجميع، والبدء به اليوم أفضل من تأخيره بحجة طمأنة النواب.

كما طالب النوابَ قبول فكرة طرح القانون للنقاش والحوار العام، فأمر المجلس بيد الملك الذي أكد أن المجلس باقٍ ما دام الشعب راضٍ عنه، فالعلاقة محكومة بما يقدمه المجلس النيابي من إنجاز، ومن هذا الإنجاز قانونا الانتخاب والأحزاب.

• الصوت المجزوء

قال رئيس مجلس النواب الأسبق والقيادي في جبهة العمل الإسلامي عبد اللطيف عربيات إن الحديث عن قانون الانتخاب يتطلب الحديث عن التاريخ والجغرافيا ومقترحات كيري، وأضاف أن الأردن هو البلد الوحيد في المنطقة الذي يشهد استقراراً نسبياً ونمواً، وهاتان صفتان مهمتان للبناء. وتابع أنه لم يكن هناك خلاف على قانون الانتخاب قبل 1989، فالناخب ينتخب العدد المقرر له من النواب في دائرته الانتخابية، وتم تقسيم الدوائر إلى 23 دائرة ولكل دائرة عدد نواب تبعاً لحجم هذه الدائرة.

وأشار عربيات إلى أن انتخابات عام 1956 جرت على هذا الأساس، وفقاً لدستور 1952، وتم تشكيل حكومة برلمانية، بعد انتخابات حرة ونزيهة حصل فيها حزب البعث والحزب الوطني الاشتراكي على 23 مقعداً فشكّلوا ائتلافاً يحقق لهم الأغلبية، فكلف جلالة الملك سليمان النابلسي (الذي ترشح عن عمان ولم ينجح، رغم أنه كان رئيس الحزب الوطني الاشتراكي) بتشكيل الحكومة فكان ذلك تعبيراً عن رقيّ في تطبيق الديموقراطية.

وقال عربيات: "لقد حققنا في هذا البلد شيئاً كبيراً، وبعد ذلك تم تصغيرنا"، مستذكراً أن قانون الاجتماعات العامة مثلاً أُقر بعد سنة 1952 وبقي حيّاً حتى 2003، وقانون نقابة المعلمين أُقرّ في سنة 1954 قبل العودة في وقت لاحق وإلغاء النقابات.

وأكد عربيات أن الأصل أن ينتخب الناخب العدد المقرر في دائرته الانتخابية، أما اذا كان لدى المواطن 10 أصوات وتتيح له أن ينتخب واحداً فقط فهذا هو "الصوت المجزوء". وأوضح أن الهدف من هذا القانون هو تقليل فرص نجاح الإخوان المسلمين.

وقال عربيات: "نريد العدالة والحفاظ على كرامة الشعب"، وأضاف: "طلب منا مضر بدران المشاركة في الحكومة بعد 1989، فقررنا بالأغلبية عدم الموافقة إلا بشروط، ووافق عليها أمام المجلس وتجاوز الأردن أخطر فترة في تاريخه، شهدت حرب الخليج وقطع النفط، ووقف الملك الحسين شامخاً، وبقي رأس الأردن مرفوعاً وهو يتخذ موقفه رافضاً المشاركة في "حفر الباطن"، وألغيت الأحكام العرفية والمحاكم العسكرية وأصبحت أحكام محكمة أمن الدولة قابلة للتمييز.

ورأى عربيات أن انتخابات 1989 خدمت البلد ورفعته عالياً وجنبته أخطاراً. واستذكر أن جلالة الملك الحسين أراد إجراء استفتاء على الميثاق الوطني، فقالوا له إن عقد مؤتمر وطني هو الأفضل.

وعرّج عربيات على اللجنة الملكية للأجندة الوطنية سنة 2005 التي استمرت أعمالها 8 شهور حتى وضعت تصوراً عن قانون الانتخاب: 50% للدوائر و50% للقوائم الوطنية، لكن ما تمّ بعد ذلك أنهم أقرّوا 10% للوطن و90% للدوائر.

• توحيد قوة الصوت الانتخابي

تساءل العميد المتقاعد د.علي الحباشنة عن مدى أولوية وضع قانون انتخاب جديد في ظل الظروف المحيطة في الإقليم ومقترحات كيري والمؤامرات التي تحاك ضد الأردن. موضحاً أن مثل هذا القانون ينبغي أن يراعي الحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية، وعلى تركيبة الدولة القائمة على العشائر، مع أخذ "البعد الجغرافي" وليس "الديمغرافي" في الحسبان.

وأوضح الحباشنة في هذا السياق: "لا يجوز أن محافظة مساحتها أكثر من 30 ألف كم 2 يُخصص لها عدد مقاعد مساوٍ لعدد تلك المخصصة لمنطقة سكنية مساحتها لا تتجاوز 2 كم مربع، رغم أن الأولى تتوافر على نسبة كبيرة من الثروات الوطنية التي تعتمد الدولة عليها".

ودعا الحباشنة إلى المحافظة على الهوية الوطنية الأردنية وكذلك الهوية الوطنية الفلسطينية، والابتعاد عن المحاصصة.

وبيّن أنه كان من داعمي فكرة القائمة الوطنية في لجنة الحوار الوطني، وذلك بهدف خلق قيادات حقيقية على مستوى الأردن.

وقال الحباشنة: "يجب أن يكون عدد المقاعد في أي قانون انتخاب مقبل، محدداً وبعيداً عن المحاصصة"، داعياً بعد ذلك إلى تبنّي القائمة المفتوحة على مستوى المحافظة وعلى مستوى الوطن ممثلاً بالأقاليم (الشمال والوسط والجنوب)، وبحيث يتم توحيد قوة الصوت ليتساوى فيه الناخبون في المحافظات، وتخفيض عدد النواب إلى 80، وزيادة 10 مقاعد للمحافظات وخاصة إربد، ولمناطق مثل الرمثا، وأن يكون هناك 30 مقعداً للقائمة الوطنية، حتى يكون هناك تمثيل لكل محافظة في القائمة الوطنية.

• الكفاءة والعدالة.. أساس القانون

قال أستاذ العلوم السياسية نظام بركات، إن الحديث عن أن القانون الذي جرت انتخابات 1993 على أساسه (الصوت الواحد) وحّد قوة الصوت، "منافٍ للواقع"، فكيف تتحقق المساواة إذا كان الناخب بحسب هذا القانون ينتخب مرشحاً واحداً مهما كان عدد المقاعد المخصص لدائرته، في ظل اختلاف عدد المقاعد في الدوائر الانتخابية.

وتابع بركات: إذا أردنا أن تتساوى قوة الصوت، يجب وضع قانون انتخاب "عصريّ ومناسب"، يقوم على أساس الكفاءة وتحقيق العدالة في تمثيل شرائح المجتمع كافة.

ورأى أن التمثيل في البرلمان هو للسكان أساساً وليس للثروات الطبيعة أو المساحات أو البعد الجغرافي، مستدركاً أنه يمكن الأخذ بتجارب دول متقدمة تأخذ التمثيل الجغرافي والمساحة معاً في الحسبان، بحيث أعطيت مناطق الأسكيمو مثلاً (وهي تغطي مساحة كبيرة) خصوصيةً في بلدها بوصف ذلك استثناءً وليس قاعدة.

وأوضح بركات الدوائر الانتخابية كلما صَغُرت كان التمثيل في البرلمان لمرشحين محليين قد تكون علاقتهم بالناس وثيقة، ولكن الكفاءة ترتبط بمسألة توسّع الدائرة الانتخابية، فكلما كبرت المساحة كان تمثيل الكفاءات أكبر.

وبيّن بركات أن نظام الصوت الواحد كشف عن "عيب" في قانون الانتخاب، حين فاز النواب مجتمعين بأقل من 17% من مجموع الأصوات، بمعنى أن 83% صوّتوا لمرشحين لم يفوزوا. ودعا في هذا السياق إلى أن يراعي قانون الانتخاب المقبل "نسبة الهدر في الأصوات".

ولفت إلى أن نظام "الصوت الواحد" كرّس العمل الفردي، مشدداً على أن العمل الجماعي أساسه الاحزاب، وأن الديمقراطيات وُجدت في العالم من خلال العمل الحزبي. وأضاف أن مشكلتنا في الأردن هي أن جميع الأحزاب معارضة، بينما المفترض وجود أحزاب تحكم وأخرى تعارض.

وبيّن أن لجنة الحوار الوطني اقترحت أن يكون 50% للقوائم الحزبية أو الوطنية، و50% من المقاعد للدوائر الصغيرة، انطلاقاً من أن المجتمع الأردني يميل إلى انتخاب المرشح المحلي لأنه يعبّر عن عن هموم الناس في محيطه ومشاكلهم، وحتى لو كان أقل كفاءة من المرشح الحزبي الذي يُنتخب على مستوى الوطن، فإنه لا يمكن أن ينجح إلا إذا كان مميزاً أو مجتهداً، وبالتالي تكون هناك مواءمة بين التمثيل المحلي (كأن تقدم كل عشيرة مرشحاً)، والتمثيل على مستوى الوطن لتشجيع العمل الجماعي والحزبي.

وبشأن المشاركة في الانتخابات، قال بركات إن تحسين نسبتها يرتبط بالإجراءات بما في ذلك الحصول على البطاقة الانتخابية والوصول إلى مراكز الاقتراع.

• عربيات: الأردن هو البلد الوحيد الذي يشهد استقراراً نسبياً ونمواً في المنطقة.. وهاتان صفتان مهمتان للبناء.

• حمّاد: تجربة القائمة الوطنية "أخفقت".. وأيّ قانون انتخاب مقبل يجب أن يضمن النزاهة وتمثيل الجميع.

• العبادي: إلغاء ورقة التصويت غير المملوءة بالكامل، أمر لا بد منه عند تطبيق القائمة النسبية.

• الفاعوري: هناك جهود لقوى الشد العكسي لتغيير وجه الأردن والعبث بـ "الخريطة الجينية" للدولة.

• الحباشنة: قانون الانتخاب ينبغي أن يراعي الحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية.

• بركات: التمثيل في البرلمان هو للسكان أساساً، وليس للثروات الطبيعة أو المساحات أو البعد الجغرافي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لم تجد الجلسة التي نظمها مركز "الرأي" للدراسات حول "قانون الانتخاب المقبل" رابطاً بين الحديث عن رغبة الحكومة في تعديل قانون الانتخاب في هذه الفترة وبين "خطة كيري" رغم أن المشاركين دعوا إلى التنبّه للأخطار والمؤامرات المحدقة بالأردن في هذه المرحلة.

يمكن ربط مخرجات الجلسة التي حضرَ جانباً منها رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية الأردنية (الرأي) سميح المعايطة، بـ"غضبة" جلالة الملك لتكرار الحديث عن "الوطن البديل" والذي وصفه بـ"الفتنة"، حاسماً بذلك مواصفات القانون القادم.

واتفق المشاركون على أن من مصلحة الأردن أن تكون الانتخابات حقيقية وحرّة، لافتين إلى أن تقسيم الشعب والولاءات أمر في "غاية الخطورة".

وخلصت الجلسة إلى أهمية "توحيد قوة الصوت الانتخابي"، داعين إلى أن تمرّ صياغة أي قانون مقبل للانتخاب عبر حوار وطني كبير، وأن يكون هذا القانون "عصرياً" يقوم على أساس الكفاءة وتحقيق العدالة في تمثيل شرائح المجتمع كافة، وأن يكون عدد المقاعد محدداً مع الابتعاد عن فكرة المحاصصة.

تالياً أبرز المداخلات في الجلسة التي شارك فيها: د.عبداللطيف عربيات، وسلامة حمّاد، ود.ممدوح العبادي، والمهندس مروان الفاعوري، والعميد المتقاعد د.علي الحباشنة، ود.نظام بركات.

أدارها: د.خالد الشقران

حرّرها وأعدها للنشر: هادي الشوبكي وجعفر العقيلي

شباط 2014

• توافق حول قانون الانتخاب القادم

قال النائب السابق د.ممدوح العبادي إن هناك هجمة ضد قانون الصوت الواحد منذ العام 1993 تقودها جماعة الإخوان المسلمين، لافتاً إلى أن هذا القانون وُضع لإعطاء "الإخوان" وزنهم الحقيقي في مجلس النواب.

وأضاف أن كل طرف يحاول الدفع باتجاه قانون انتخابي يخدم مصلحته، ولكن هناك توافقات وحلول وسط في النهاية ورأى العبادي أن رغبة الحكومة في إقرار قانون الانتخاب في الفترة المقبلة، سببها أن يكون القانون الجديد جاهزاً في حال تم حلّ مجلس النواب اليوم كي تُجرى الانتخابات بناءً عليه، لأنه لا قوانين مؤقتة بعد التعديلات الدستورية.

ولم يجد العبادي رابطاً بين استعجال الحكومة في إقرار القانون وبين "خطة كيري"، رغم إشارته إلى أن الشك والحذر من دون أن يعني ذلك الخضوع لعقلية المؤامرة.

وبشأن الأولويات، قال العبادي إن قانون الانتخاب "ليس محله هذه الدورة البرلمانية مطلقاً"، وإنه لا بد من منح النواب فرصة سنة أخرى قبل التفكير بإقرار قانون جديد.

ولفت العبادي إلى أن التشريع مهم، ولكن النزاهة هي الأهم كما تكشف الممارسات التي شهدتها انتخابات البرلمان منذ 2007.

وبيّن العبادي أن القوانين تختلف من بلد لآخر، فالقوائم النسبية في قانون الانتخاب غير موجودة في أميركا أو بريطانيا، لكن هذا لا يعني أنها "سيئة"، فلكلّ بلد ظروفه الخاصة.

وحول مواقف التنظيمات السياسية من قانون الصوت الواحد، قال العبادي إن تنظيم الإخوان المسلمين ضد القانون ويريد تطبيق فكرة القائمة النسبية 100%، لأن الأردن ليس فيه إلا حزب واحد على أرض الواقع يمثلّه "الإخوان"، وهو الحزب الوحيد القوي الذي يستطيع أن يحصل على مقاعد أكثر نظراً لتنظيمه.

وتابع العبادي بقوله إن قانون الصوت الواحد وُضع لإعطاء الجميع حقوقاً متساوية، ففي تطبيق القائمة النسبية غالباً ما يرفض مؤيّدو أيّ مرشّح التصويت لمرشح آخر ينافسه، فيكتفون بكتابة اسم واحد على ورقة الاقتراع، أما "الإخوان" فيكتبون على ورقة الاقتراع أسماء جميع مرشحيهم، بمعنى ان الذي يصوّت لـ"الإخوان" له قوة هي أضعاف قوّة المصوّت العادي.

ورأى العبادي أن المخرج في حال تطبيق القائمة النسبية، أن تُلغى الورقة التي لا تكون مملوءة بالكامل، بحيث يصبح للجميع الحقوق نفسها وبشكل متساوٍ، ويكون للناس القدرة التصويتية نفسها في الدائرة نفسها.

وتوقف العبادي عند المبادرة التي أطلقها أحد النواب، قائلاً إن المطالب بمنح الجنسية لأبناء الأردنيات ليست جديدة، لكنها حق يراد بها باطل.

• نزاهة الانتخابات

بدأ وزير الداخلية الأسبق سلامة حماد مداخلته بقوله إن الانتخابات هي عصب العمل السياسي، وإن أي بلد يقوم بـ"تفصيل ثوب" يلبسه وفقاً لظروفه.

وأضاف أن انتخابات 1989 كانت نزيهة، ثم جرت انتخابات 1993 وفقاً لقانون الصوت الواحد (المعدل لقانون الانتخاب الذي أقرّ سنة 1986)، ثم تشكلت لجنة الحوار الوطني برئاسة طاهر المصري في العام 2011 وكان من مهماتها إدارة حوار وطني مكثف حول التشريعات المختلفة التي تتعلق بمنظومة العمل السياسي ومراجعتها، وقد وضعت تلك اللجنة مقترحات لكنها لم ترَ النور.

وأوضح حمّاد أن القانون الذي جرت انتخابات 1989 على أساسه كان قانوناً قديماً، جرت عليه تعديلات، وكانت أول انتخابات بعد احتلال الضفة الغربية، وكانت المسألة هي إدارة الانتخابات وأكثر من كونها عملاً سياسياً، ولم يحدث تغيير على الدوائر الانتخابية وكانت الانتخابات نزيهة، وعلى إثرها استقر البلد وأصبح هناك مناخ ديمقراطي، وأُلغيت الأحكام العرفية، وتمت صياغة الميثاق الوطني، وأُقر قانون الأحزاب.

وقال حمّاد إن دراسة حول قانون 1989 خلصت إلى أن هناك مشكلة رئيسية، تتمثّل في عدم تحقيق المساواة بين المواطنين، ففي دائرة بدو الوسط يحقّ للمواطن التصويت لمرشحين اثنين فقط، بينما المواطن في الكرك يمكن أن يصّوت لتسعة مرشحين.

ومن مشكلات قانون الانتخاب القديم بحسب حمّاد أن الدائرة التي يمثلها نائبان (مثل بدو الوسط) تكون فيها عشيرة كبيرة من حيث أصوات الناخبين، فلو ترشّح اثنان، ولن يفوز أي مرشح من العشائر الأخرى.

وأوضح حمّاد أن الدائرة الخامسة (من ناعور إلى ابو نصير)كان لـ"الإخوان المسلمين" نحو 5 آلاف صوت، ما استدعى إعادة النظر لكي لا يكون هناك احتكار لحزب معين أو عشيرة معينة. وبيّن أن هناك قوى ضغطت باتجاه تبنّي قانون الانتخاب المتّبع في ألمانيا الذي يتضمن مبدأ "الكوتا"، والذي يسمح لتلك القوى وتنظيماتها الحصول على مقاعد أكثر من سواها.

وقال حمّاد إن توجّهاً لتأجيل الانتخابات ظهرَ في سنة 1993، إلا أنه بوصفه وزيراً للداخلية حينئذ، تمسك بإجراء الانتخابات انطلاقاً من أنها التجربة الثانية بعد انتخابات 1989، وأن إجراءها في موعدها يُظهر جدية الحكومة في العودة إلى الحياة الديمقراطية. كما أن الدولة ركزت في انتخابات 1989 على إدارة العملية الانتخابية وليس الاشتغال بالسياسة. وكان أن جرت انتخابات 1993 في موعدها وفق قانون جديد (الصوت الواحد) الذي يراعي التوزيع الجغرافي والأطراف والمركز والكثافة السكانية.

ورأى حماد أن تجربة القائمة الوطنية "أخفقت"، داعياً إلى وضع قانون انتخاب يتلاءم مع واقعنا، فلدينا مدن ذات كثافة سكانية كبيرة، ومناطق أخرى ذات كثافة أقلّ، ويجب أن نضمن التمثيل للجميع، وأن نضمن النزاهة أيضاً.

وأكد حماد مقولة: "أنا أردني بالنسبة للأردن وفلسطيني بالنسبة للقضية الفلسطينية"، مضيفاً: "إذا كان هناك ضرر يقع على هذا البلد فهو يقع على الأردني والفلسطيني معاً، ونحن كشعب عربي مسلم اتّحدنا منذ أن جاء عمر بن الخطاب إلى القدس، وأصبحنا دولة إسلامية واحدة، قبل أن يتم تقسيمنا في (سايكس بيكو)".

وختم حماد مداخلته بقوله إن هدفنا الأول والأخير ينبغي أن يكون الحفاظ على وحدتنا وعدم مسّها بسوء.

 

• المحاصصة مرفوضة

قال رئيس الدائرة السياسية في حزب الوسط الإسلامي المهندس مروان الفاعوري، إن ما سادَ المشهد السياسي من تردد حكومي في طرح قانون جديد للانتخاب، بالإضافة إلى موضوعَي "أراضي معان" وجوازات سفر أبناء الأردنيات -وهي قضايا "أرعبت الأردنيين وأثارت بواعث القلق على الهوية والمستقبل" بحسب تعبيره- كل ذلك لا يجعل الحديث عن قانون الانتخاب حديثاً "بريئاً علمياً واضحاً يتعلق بأجندة إصلاحية".

وتابع الفاعوري: الجميع يتحدثون عن قانون الانتخاب منذ إقرار قانون الصوت الواحد الذي "فُصّل" لمواجهة تيار الإسلام السياسي بحجّة "إعطائه حجمه الطبيعي".. والمطلوب هو توفير حياة سياسية لجميع المكونات في المشهد الحزبي، وليس وضع قانون لتحجيم حزب أو تيار معين.

ورأى الفاعوري أن الحديث عن إعطاء قانون الأحزاب أولوية مهم، لكنه لا يتعارض مع السير في إقرار قانون الانتخاب شريطة أن ترجع الحكومة إلى الصيغ المنتجة التي طرحتها لجنة الحوار الوطني لقانون الأحزاب وقانون الانتخاب.

وشدّد على أن النزاهة "عنصر أساس" في عملية الانتخابات، مبدياً أسفه أن الانتخابات التي جرت في دورات سابقة كان "يشوبها العبث بارادة الناخبين"، باستثناء انتخابات العام 1989، التي كان جلالة الملك "يريد أن يعرف من خلالها الواقع السياسي".

 

واستعرض الفاعوري مجموعة من الضوابط التي رأى أنه لا بد من الحديث عنها "بصراحة"، أولها إبقاء الوجه الأردني للبرلمان وعدم الاستمرار في الخط الذي بدأ في القانون الذي جرت على أساسه انتخابات 1993 و1997 و2010، ثم قانون 2012 الذي تم فيه تجاوز مخرجات لجنة الحوار الوطني وإضعاف حضور المحافظات لحساب المعيار السكاني فقط.

وشدّد الفاعوري على أن "المحاصصة" مرفوضة، ذاهباً إلى أن هناك "جهوداً لقوى الشد العكسي" لتغيير وجه الأردن والعبث بما دعاه "الخريطة الجينية للدولة الأردنية"، وهذا بحسْبه أمر خطير لا يخدم إلا المشروع الصهيوني ومن خلال الضغوط والمشاريع التي تُطرح في ظل حالة الضعف والانشغال العربي.

وأكد الفاعوري أن الجميع مع الإصلاح السياسي ومع وجود قوائم حزبية تخوض الانتخابات، لكن لا يراد أن يكون "الإصلاح" كلمة حق يراد بها باطل.. وحذّر من أن تُمرّر تحت عباءة الإصلاح مخططاتٌ لتغيير وجه الأردن وتزرع فتنة حقيقية ويكون نتيجتها أن تضيع فلسطين وبعدها الأردن في النهاية.

ودعا إلى الصراحة والوضوح عند المحددات الخاصة بأعداد المقاعد لكل مدينة أو مخيّم، فالمناطق الجغرافية التي تتكون منها الدولة الأردنية، يجب أن يكون لها "حقوق محفوظة" بحسب تعبيره، وألاّ يتم التفريط بحقوق المناطق الأخرى، عبر المحافظة على حقوق عمّان والزرقاء فقط وزيادة عدد النواب فيهما، كما حصل في القانونين الأخيرين اللذين جرت الانتخابات على أساسهما.

وأيّد الفاعوري فكرة مشاركة الأحزاب السياسية، أسوة ببقية الديمقراطيات في العالم، وأن يكون هناك 50% للقوائم الوطنية و50% للقوائم الحزبية، داعياً إلى تفعيل المشاركة الشعبية من خلال إلزام المواطنين بالمشاركة في الانتخابات،كما هو معمول به في كندا وعدد من دول الغرب، إذ يجب على المواطن أن يشارك في ممارسة حقه الانتخابي، كما أن على الدولة تسهيل عملية الاقتراع إما بالتصويت الالكتروني أو بتيسير حصول الناخب على بطاقته الانتخابية.

أما عن ملامح قانون الانتخاب المأمول، فاقترح الفاعوري تخفيض عدد أعضاء مجلس النواب إلى مائة بدلاً من مائة وخمسين، وأن يكون للناخب ثلاثة أصوات: واحد للقائمة المفتوحة، وثانٍ داخل القائمة، وثالث للمحافظة. وهو ما رأى أنه يشكل أعلى درجات التوافق الوطني الذي من شأنه تمتين الصف الداخلي في مواجهة "الضغوط الخارجية والمشاريع الوافدة".

وشدّد على أن مصلحة الأردن أن تكون الانتخابات "حقيقية وحرة ونزيهة"، لافتاً إلى أن تقسيم الشعب والولاءات هو أمر "في غاية الخطورة"، وداعياً إلى أن توضع صيغة قانون الانتخاب الجديد عبر حوار وطني كبير يؤخد على محمل الجد تكون له نتائج عملية، لا أن تكون بمشروع حكومي يُرسل للبرلمان، مستذكراً لجنة الحوار الوطني ولجنة الأردن أولاً اللتين قدّمتا مقترحات وُضعت في "الخُرج" على حد تعبيره.

وأكد الفاعوري أن العمل الحزبي البرامجي هو الأساس لقيام كتل حزبية تؤسس لتشكيل حكومات برلمانية تتنافس مع المعارضة العلمية الواعية والناضجة المبنية في إطار البرلمان ومؤسسات الدولة لتقديم الأفضل والأمثل للمواطن تشريعاً ورقابةً وقرارات.

أما الحياة الحزبية فإنها بحسب الفاعوري ما زالت تعاني خطاباً مزدوجاً من الدولة؛ فهناك ترحيب إعلامي كبير بالأحزاب، وفي الوقت نفسه هناك عوائق كبيرة في طريق الأحزاب أبرزها الإرث السلبي والثقافة المجتمعية وعدم الاعتراف بأن الأحزاب مكون أساس من مكونات الدولة، والاكتفاء بالنظر إليها على أنها "أشتال زينة وديكور يزيّن واجهات الحكومات".

وحول آليات إخراج القانونين (الانتخاب والأحزاب)، أكد الفاعوري على ضرورة إطلاق حوار تحت مظلة البرلمان مع القوى الوطنية والحزبية للوصول إلى الصيغ النهائية لهذين القانونين، لأن الأحزاب تملك تصوراً دقيقاً عنهما.

وحذر الفاعوري من نكوص الحكومة وتراجعها عن النتائج التي يمكن أن يفضي لها الحوار في البرلمان، ومن أن يكون شعارها: "قولوا ما شئتم وأنا أفعل ما أريد"، ما يعني العودة إلى مربع الإملاءات والشروط والقناعات المسبقة.

ولفت الفاعوري إلى أهمية أن يكون القانون المقبل "سهلاً إصلاحياً عصرياً"، يعكس ثقل المحافظات الأردنية الأصيلة، ولا يضعف قوتها التصويتية لحساب التجمعات السكانية الأكبر في عمّان والزرقاء، فالجغرافيا كما أوضح، "معيار أصيل معمول به في كل دول العالم المتقدم".. وفي هذا إشارة إلى "أصالة الدولة واحترامها للمكون الأساس الذي بنى الوطن واستقبل المؤسس رحمه الله ودافع عن سيادة الدولة وبذل في سبيلها الغالي والرخيص".

ورفض الفاعوري فكرة أن الحديث عن قانون الانتخاب هو "بمثابة سيف مصلت على رقاب النواب لدفعهم إلى بيت الطاعة وتخويفهم من حل البرلمان"، وقال إن الإصلاح السياسي مصلحة للجميع، والبدء به اليوم أفضل من تأخيره بحجة طمأنة النواب.

كما طالب النوابَ قبول فكرة طرح القانون للنقاش والحوار العام، فأمر المجلس بيد الملك الذي أكد أن المجلس باقٍ ما دام الشعب راضٍ عنه، فالعلاقة محكومة بما يقدمه المجلس النيابي من إنجاز، ومن هذا الإنجاز قانونا الانتخاب والأحزاب.

• الصوت المجزوء

قال رئيس مجلس النواب الأسبق والقيادي في جبهة العمل الإسلامي عبد اللطيف عربيات إن الحديث عن قانون الانتخاب يتطلب الحديث عن التاريخ والجغرافيا ومقترحات كيري، وأضاف أن الأردن هو البلد الوحيد في المنطقة الذي يشهد استقراراً نسبياً ونمواً، وهاتان صفتان مهمتان للبناء. وتابع أنه لم يكن هناك خلاف على قانون الانتخاب قبل 1989، فالناخب ينتخب العدد المقرر له من النواب في دائرته الانتخابية، وتم تقسيم الدوائر إلى 23 دائرة ولكل دائرة عدد نواب تبعاً لحجم هذه الدائرة.

وأشار عربيات إلى أن انتخابات عام 1956 جرت على هذا الأساس، وفقاً لدستور 1952، وتم تشكيل حكومة برلمانية، بعد انتخابات حرة ونزيهة حصل فيها حزب البعث والحزب الوطني الاشتراكي على 23 مقعداً فشكّلوا ائتلافاً يحقق لهم الأغلبية، فكلف جلالة الملك سليمان النابلسي (الذي ترشح عن عمان ولم ينجح، رغم أنه كان رئيس الحزب الوطني الاشتراكي) بتشكيل الحكومة فكان ذلك تعبيراً عن رقيّ في تطبيق الديموقراطية.

وقال عربيات: "لقد حققنا في هذا البلد شيئاً كبيراً، وبعد ذلك تم تصغيرنا"، مستذكراً أن قانون الاجتماعات العامة مثلاً أُقر بعد سنة 1952 وبقي حيّاً حتى 2003، وقانون نقابة المعلمين أُقرّ في سنة 1954 قبل العودة في وقت لاحق وإلغاء النقابات.

وأكد عربيات أن الأصل أن ينتخب الناخب العدد المقرر في دائرته الانتخابية، أما اذا كان لدى المواطن 10 أصوات وتتيح له أن ينتخب واحداً فقط فهذا هو "الصوت المجزوء". وأوضح أن الهدف من هذا القانون هو تقليل فرص نجاح الإخوان المسلمين.

وقال عربيات: "نريد العدالة والحفاظ على كرامة الشعب"، وأضاف: "طلب منا مضر بدران المشاركة في الحكومة بعد 1989، فقررنا بالأغلبية عدم الموافقة إلا بشروط، ووافق عليها أمام المجلس وتجاوز الأردن أخطر فترة في تاريخه، شهدت حرب الخليج وقطع النفط، ووقف الملك الحسين شامخاً، وبقي رأس الأردن مرفوعاً وهو يتخذ موقفه رافضاً المشاركة في "حفر الباطن"، وألغيت الأحكام العرفية والمحاكم العسكرية وأصبحت أحكام محكمة أمن الدولة قابلة للتمييز.

ورأى عربيات أن انتخابات 1989 خدمت البلد ورفعته عالياً وجنبته أخطاراً. واستذكر أن جلالة الملك الحسين أراد إجراء استفتاء على الميثاق الوطني، فقالوا له إن عقد مؤتمر وطني هو الأفضل.

وعرّج عربيات على اللجنة الملكية للأجندة الوطنية سنة 2005 التي استمرت أعمالها 8 شهور حتى وضعت تصوراً عن قانون الانتخاب: 50% للدوائر و50% للقوائم الوطنية، لكن ما تمّ بعد ذلك أنهم أقرّوا 10% للوطن و90% للدوائر.

• توحيد قوة الصوت الانتخابي

تساءل العميد المتقاعد د.علي الحباشنة عن مدى أولوية وضع قانون انتخاب جديد في ظل الظروف المحيطة في الإقليم ومقترحات كيري والمؤامرات التي تحاك ضد الأردن. موضحاً أن مثل هذا القانون ينبغي أن يراعي الحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية، وعلى تركيبة الدولة القائمة على العشائر، مع أخذ "البعد الجغرافي" وليس "الديمغرافي" في الحسبان.

وأوضح الحباشنة في هذا السياق: "لا يجوز أن محافظة مساحتها أكثر من 30 ألف كم 2 يُخصص لها عدد مقاعد مساوٍ لعدد تلك المخصصة لمنطقة سكنية مساحتها لا تتجاوز 2 كم مربع، رغم أن الأولى تتوافر على نسبة كبيرة من الثروات الوطنية التي تعتمد الدولة عليها".

ودعا الحباشنة إلى المحافظة على الهوية الوطنية الأردنية وكذلك الهوية الوطنية الفلسطينية، والابتعاد عن المحاصصة.

وبيّن أنه كان من داعمي فكرة القائمة الوطنية في لجنة الحوار الوطني، وذلك بهدف خلق قيادات حقيقية على مستوى الأردن.

وقال الحباشنة: "يجب أن يكون عدد المقاعد في أي قانون انتخاب مقبل، محدداً وبعيداً عن المحاصصة"، داعياً بعد ذلك إلى تبنّي القائمة المفتوحة على مستوى المحافظة وعلى مستوى الوطن ممثلاً بالأقاليم (الشمال والوسط والجنوب)، وبحيث يتم توحيد قوة الصوت ليتساوى فيه الناخبون في المحافظات، وتخفيض عدد النواب إلى 80، وزيادة 10 مقاعد للمحافظات وخاصة إربد، ولمناطق مثل الرمثا، وأن يكون هناك 30 مقعداً للقائمة الوطنية، حتى يكون هناك تمثيل لكل محافظة في القائمة الوطنية.

• الكفاءة والعدالة.. أساس القانون

قال أستاذ العلوم السياسية نظام بركات، إن الحديث عن أن القانون الذي جرت انتخابات 1993 على أساسه (الصوت الواحد) وحّد قوة الصوت، "منافٍ للواقع"، فكيف تتحقق المساواة إذا كان الناخب بحسب هذا القانون ينتخب مرشحاً واحداً مهما كان عدد المقاعد المخصص لدائرته، في ظل اختلاف عدد المقاعد في الدوائر الانتخابية.

وتابع بركات: إذا أردنا أن تتساوى قوة الصوت، يجب وضع قانون انتخاب "عصريّ ومناسب"، يقوم على أساس الكفاءة وتحقيق العدالة في تمثيل شرائح المجتمع كافة.

ورأى أن التمثيل في البرلمان هو للسكان أساساً وليس للثروات الطبيعة أو المساحات أو البعد الجغرافي، مستدركاً أنه يمكن الأخذ بتجارب دول متقدمة تأخذ التمثيل الجغرافي والمساحة معاً في الحسبان، بحيث أعطيت مناطق الأسكيمو مثلاً (وهي تغطي مساحة كبيرة) خصوصيةً في بلدها بوصف ذلك استثناءً وليس قاعدة.

وأوضح بركات الدوائر الانتخابية كلما صَغُرت كان التمثيل في البرلمان لمرشحين محليين قد تكون علاقتهم بالناس وثيقة، ولكن الكفاءة ترتبط بمسألة توسّع الدائرة الانتخابية، فكلما كبرت المساحة كان تمثيل الكفاءات أكبر.

وبيّن بركات أن نظام الصوت الواحد كشف عن "عيب" في قانون الانتخاب، حين فاز النواب مجتمعين بأقل من 17% من مجموع الأصوات، بمعنى أن 83% صوّتوا لمرشحين لم يفوزوا. ودعا في هذا السياق إلى أن يراعي قانون الانتخاب المقبل "نسبة الهدر في الأصوات".

ولفت إلى أن نظام "الصوت الواحد" كرّس العمل الفردي، مشدداً على أن العمل الجماعي أساسه الاحزاب، وأن الديمقراطيات وُجدت في العالم من خلال العمل الحزبي. وأضاف أن مشكلتنا في الأردن هي أن جميع الأحزاب معارضة، بينما المفترض وجود أحزاب تحكم وأخرى تعارض.

وبيّن أن لجنة الحوار الوطني اقترحت أن يكون 50% للقوائم الحزبية أو الوطنية، و50% من المقاعد للدوائر الصغيرة، انطلاقاً من أن المجتمع الأردني يميل إلى انتخاب المرشح المحلي لأنه يعبّر عن عن هموم الناس في محيطه ومشاكلهم، وحتى لو كان أقل كفاءة من المرشح الحزبي الذي يُنتخب على مستوى الوطن، فإنه لا يمكن أن ينجح إلا إذا كان مميزاً أو مجتهداً، وبالتالي تكون هناك مواءمة بين التمثيل المحلي (كأن تقدم كل عشيرة مرشحاً)، والتمثيل على مستوى الوطن لتشجيع العمل الجماعي والحزبي.

وبشأن المشاركة في الانتخابات، قال بركات إن تحسين نسبتها يرتبط بالإجراءات بما في ذلك الحصول على البطاقة الانتخابية والوصول إلى مراكز الاقتراع.

• عربيات: الأردن هو البلد الوحيد الذي يشهد استقراراً نسبياً ونمواً في المنطقة.. وهاتان صفتان مهمتان للبناء.

• حمّاد: تجربة القائمة الوطنية "أخفقت".. وأيّ قانون انتخاب مقبل يجب أن يضمن النزاهة وتمثيل الجميع.

• العبادي: إلغاء ورقة التصويت غير المملوءة بالكامل، أمر لا بد منه عند تطبيق القائمة النسبية.

• الفاعوري: هناك جهود لقوى الشد العكسي لتغيير وجه الأردن والعبث بـ "الخريطة الجينية" للدولة.

• الحباشنة: قانون الانتخاب ينبغي أن يراعي الحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية.

• بركات: التمثيل في البرلمان هو للسكان أساساً، وليس للثروات الطبيعة أو المساحات أو البعد الجغرافي.

 لم تجد الجلسة التي نظمها مركز "الرأي" للدراسات حول "قانون الانتخاب المقبل" رابطاً بين الحديث عن رغبة الحكومة في تعديل قانون الانتخاب في هذه الفترة وبين "خطة كيري" رغم أن المشاركين دعوا إلى التنبّه للأخطار والمؤامرات المحدقة بالأردن في هذه المرحلة.

يمكن ربط مخرجات الجلسة التي حضرَ جانباً منها رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية الأردنية (الرأي) سميح المعايطة، بـ"غضبة" جلالة الملك لتكرار الحديث عن "الوطن البديل" والذي وصفه بـ"الفتنة"، حاسماً بذلك مواصفات القانون القادم.

واتفق المشاركون على أن من مصلحة الأردن أن تكون الانتخابات حقيقية وحرّة، لافتين إلى أن تقسيم الشعب والولاءات أمر في "غاية الخطورة".

وخلصت الجلسة إلى أهمية "توحيد قوة الصوت الانتخابي"، داعين إلى أن تمرّ صياغة أي قانون مقبل للانتخاب عبر حوار وطني كبير، وأن يكون هذا القانون "عصرياً" يقوم على أساس الكفاءة وتحقيق العدالة في تمثيل شرائح المجتمع كافة، وأن يكون عدد المقاعد محدداً مع الابتعاد عن فكرة المحاصصة.

تالياً أبرز المداخلات في الجلسة التي شارك فيها: د.عبداللطيف عربيات، وسلامة حمّاد، ود.ممدوح العبادي، والمهندس مروان الفاعوري، والعميد المتقاعد د.علي الحباشنة، ود.نظام بركات.

أدارها: د.خالد الشقران

حرّرها وأعدها للنشر: هادي الشوبكي وجعفر العقيلي

شباط 2014

• توافق حول قانون الانتخاب القادم

قال النائب السابق د.ممدوح العبادي إن هناك هجمة ضد قانون الصوت الواحد منذ العام 1993 تقودها جماعة الإخوان المسلمين، لافتاً إلى أن هذا القانون وُضع لإعطاء "الإخوان" وزنهم الحقيقي في مجلس النواب.

وأضاف أن كل طرف يحاول الدفع باتجاه قانون انتخابي يخدم مصلحته، ولكن هناك توافقات وحلول وسط في النهاية ورأى العبادي أن رغبة الحكومة في إقرار قانون الانتخاب في الفترة المقبلة، سببها أن يكون القانون الجديد جاهزاً في حال تم حلّ مجلس النواب اليوم كي تُجرى الانتخابات بناءً عليه، لأنه لا قوانين مؤقتة بعد التعديلات الدستورية.

ولم يجد العبادي رابطاً بين استعجال الحكومة في إقرار القانون وبين "خطة كيري"، رغم إشارته إلى أن الشك والحذر من دون أن يعني ذلك الخضوع لعقلية المؤامرة.

وبشأن الأولويات، قال العبادي إن قانون الانتخاب "ليس محله هذه الدورة البرلمانية مطلقاً"، وإنه لا بد من منح النواب فرصة سنة أخرى قبل التفكير بإقرار قانون جديد.

ولفت العبادي إلى أن التشريع مهم، ولكن النزاهة هي الأهم كما تكشف الممارسات التي شهدتها انتخابات البرلمان منذ 2007.

وبيّن العبادي أن القوانين تختلف من بلد لآخر، فالقوائم النسبية في قانون الانتخاب غير موجودة في أميركا أو بريطانيا، لكن هذا لا يعني أنها "سيئة"، فلكلّ بلد ظروفه الخاصة.

وحول مواقف التنظيمات السياسية من قانون الصوت الواحد، قال العبادي إن تنظيم الإخوان المسلمين ضد القانون ويريد تطبيق فكرة القائمة النسبية 100%، لأن الأردن ليس فيه إلا حزب واحد على أرض الواقع يمثلّه "الإخوان"، وهو الحزب الوحيد القوي الذي يستطيع أن يحصل على مقاعد أكثر نظراً لتنظيمه.

وتابع العبادي بقوله إن قانون الصوت الواحد وُضع لإعطاء الجميع حقوقاً متساوية، ففي تطبيق القائمة النسبية غالباً ما يرفض مؤيّدو أيّ مرشّح التصويت لمرشح آخر ينافسه، فيكتفون بكتابة اسم واحد على ورقة الاقتراع، أما "الإخوان" فيكتبون على ورقة الاقتراع أسماء جميع مرشحيهم، بمعنى ان الذي يصوّت لـ"الإخوان" له قوة هي أضعاف قوّة المصوّت العادي.

ورأى العبادي أن المخرج في حال تطبيق القائمة النسبية، أن تُلغى الورقة التي لا تكون مملوءة بالكامل، بحيث يصبح للجميع الحقوق نفسها وبشكل متساوٍ، ويكون للناس القدرة التصويتية نفسها في الدائرة نفسها.

وتوقف العبادي عند المبادرة التي أطلقها أحد النواب، قائلاً إن المطالب بمنح الجنسية لأبناء الأردنيات ليست جديدة، لكنها حق يراد بها باطل.

• نزاهة الانتخابات

بدأ وزير الداخلية الأسبق سلامة حماد مداخلته بقوله إن الانتخابات هي عصب العمل السياسي، وإن أي بلد يقوم بـ"تفصيل ثوب" يلبسه وفقاً لظروفه.

وأضاف أن انتخابات 1989 كانت نزيهة، ثم جرت انتخابات 1993 وفقاً لقانون الصوت الواحد (المعدل لقانون الانتخاب الذي أقرّ سنة 1986)، ثم تشكلت لجنة الحوار الوطني برئاسة طاهر المصري في العام 2011 وكان من مهماتها إدارة حوار وطني مكثف حول التشريعات المختلفة التي تتعلق بمنظومة العمل السياسي ومراجعتها، وقد وضعت تلك اللجنة مقترحات لكنها لم ترَ النور.

وأوضح حمّاد أن القانون الذي جرت انتخابات 1989 على أساسه كان قانوناً قديماً، جرت عليه تعديلات، وكانت أول انتخابات بعد احتلال الضفة الغربية، وكانت المسألة هي إدارة الانتخابات وأكثر من كونها عملاً سياسياً، ولم يحدث تغيير على الدوائر الانتخابية وكانت الانتخابات نزيهة، وعلى إثرها استقر البلد وأصبح هناك مناخ ديمقراطي، وأُلغيت الأحكام العرفية، وتمت صياغة الميثاق الوطني، وأُقر قانون الأحزاب.

وقال حمّاد إن دراسة حول قانون 1989 خلصت إلى أن هناك مشكلة رئيسية، تتمثّل في عدم تحقيق المساواة بين المواطنين، ففي دائرة بدو الوسط يحقّ للمواطن التصويت لمرشحين اثنين فقط، بينما المواطن في الكرك يمكن أن يصّوت لتسعة مرشحين.

ومن مشكلات قانون الانتخاب القديم بحسب حمّاد أن الدائرة التي يمثلها نائبان (مثل بدو الوسط) تكون فيها عشيرة كبيرة من حيث أصوات الناخبين، فلو ترشّح اثنان، ولن يفوز أي مرشح من العشائر الأخرى.

وأوضح حمّاد أن الدائرة الخامسة (من ناعور إلى ابو نصير)كان لـ"الإخوان المسلمين" نحو 5 آلاف صوت، ما استدعى إعادة النظر لكي لا يكون هناك احتكار لحزب معين أو عشيرة معينة. وبيّن أن هناك قوى ضغطت باتجاه تبنّي قانون الانتخاب المتّبع في ألمانيا الذي يتضمن مبدأ "الكوتا"، والذي يسمح لتلك القوى وتنظيماتها الحصول على مقاعد أكثر من سواها.

وقال حمّاد إن توجّهاً لتأجيل الانتخابات ظهرَ في سنة 1993، إلا أنه بوصفه وزيراً للداخلية حينئذ، تمسك بإجراء الانتخابات انطلاقاً من أنها التجربة الثانية بعد انتخابات 1989، وأن إجراءها في موعدها يُظهر جدية الحكومة في العودة إلى الحياة الديمقراطية. كما أن الدولة ركزت في انتخابات 1989 على إدارة العملية الانتخابية وليس الاشتغال بالسياسة. وكان أن جرت انتخابات 1993 في موعدها وفق قانون جديد (الصوت الواحد) الذي يراعي التوزيع الجغرافي والأطراف والمركز والكثافة السكانية.

ورأى حماد أن تجربة القائمة الوطنية "أخفقت"، داعياً إلى وضع قانون انتخاب يتلاءم مع واقعنا، فلدينا مدن ذات كثافة سكانية كبيرة، ومناطق أخرى ذات كثافة أقلّ، ويجب أن نضمن التمثيل للجميع، وأن نضمن النزاهة أيضاً.

وأكد حماد مقولة: "أنا أردني بالنسبة للأردن وفلسطيني بالنسبة للقضية الفلسطينية"، مضيفاً: "إذا كان هناك ضرر يقع على هذا البلد فهو يقع على الأردني والفلسطيني معاً، ونحن كشعب عربي مسلم اتّحدنا منذ أن جاء عمر بن الخطاب إلى القدس، وأصبحنا دولة إسلامية واحدة، قبل أن يتم تقسيمنا في (سايكس بيكو)".

وختم حماد مداخلته بقوله إن هدفنا الأول والأخير ينبغي أن يكون الحفاظ على وحدتنا وعدم مسّها بسوء.

 

• المحاصصة مرفوضة

قال رئيس الدائرة السياسية في حزب الوسط الإسلامي المهندس مروان الفاعوري، إن ما سادَ المشهد السياسي من تردد حكومي في طرح قانون جديد للانتخاب، بالإضافة إلى موضوعَي "أراضي معان" وجوازات سفر أبناء الأردنيات -وهي قضايا "أرعبت الأردنيين وأثارت بواعث القلق على الهوية والمستقبل" بحسب تعبيره- كل ذلك لا يجعل الحديث عن قانون الانتخاب حديثاً "بريئاً علمياً واضحاً يتعلق بأجندة إصلاحية".

وتابع الفاعوري: الجميع يتحدثون عن قانون الانتخاب منذ إقرار قانون الصوت الواحد الذي "فُصّل" لمواجهة تيار الإسلام السياسي بحجّة "إعطائه حجمه الطبيعي".. والمطلوب هو توفير حياة سياسية لجميع المكونات في المشهد الحزبي، وليس وضع قانون لتحجيم حزب أو تيار معين.

ورأى الفاعوري أن الحديث عن إعطاء قانون الأحزاب أولوية مهم، لكنه لا يتعارض مع السير في إقرار قانون الانتخاب شريطة أن ترجع الحكومة إلى الصيغ المنتجة التي طرحتها لجنة الحوار الوطني لقانون الأحزاب وقانون الانتخاب.

وشدّد على أن النزاهة "عنصر أساس" في عملية الانتخابات، مبدياً أسفه أن الانتخابات التي جرت في دورات سابقة كان "يشوبها العبث بارادة الناخبين"، باستثناء انتخابات العام 1989، التي كان جلالة الملك "يريد أن يعرف من خلالها الواقع السياسي".

 

واستعرض الفاعوري مجموعة من الضوابط التي رأى أنه لا بد من الحديث عنها "بصراحة"، أولها إبقاء الوجه الأردني للبرلمان وعدم الاستمرار في الخط الذي بدأ في القانون الذي جرت على أساسه انتخابات 1993 و1997 و2010، ثم قانون 2012 الذي تم فيه تجاوز مخرجات لجنة الحوار الوطني وإضعاف حضور المحافظات لحساب المعيار السكاني فقط.

وشدّد الفاعوري على أن "المحاصصة" مرفوضة، ذاهباً إلى أن هناك "جهوداً لقوى الشد العكسي" لتغيير وجه الأردن والعبث بما دعاه "الخريطة الجينية للدولة الأردنية"، وهذا بحسْبه أمر خطير لا يخدم إلا المشروع الصهيوني ومن خلال الضغوط والمشاريع التي تُطرح في ظل حالة الضعف والانشغال العربي.

وأكد الفاعوري أن الجميع مع الإصلاح السياسي ومع وجود قوائم حزبية تخوض الانتخابات، لكن لا يراد أن يكون "الإصلاح" كلمة حق يراد بها باطل.. وحذّر من أن تُمرّر تحت عباءة الإصلاح مخططاتٌ لتغيير وجه الأردن وتزرع فتنة حقيقية ويكون نتيجتها أن تضيع فلسطين وبعدها الأردن في النهاية.

ودعا إلى الصراحة والوضوح عند المحددات الخاصة بأعداد المقاعد لكل مدينة أو مخيّم، فالمناطق الجغرافية التي تتكون منها الدولة الأردنية، يجب أن يكون لها "حقوق محفوظة" بحسب تعبيره، وألاّ يتم التفريط بحقوق المناطق الأخرى، عبر المحافظة على حقوق عمّان والزرقاء فقط وزيادة عدد النواب فيهما، كما حصل في القانونين الأخيرين اللذين جرت الانتخابات على أساسهما.

وأيّد الفاعوري فكرة مشاركة الأحزاب السياسية، أسوة ببقية الديمقراطيات في العالم، وأن يكون هناك 50% للقوائم الوطنية و50% للقوائم الحزبية، داعياً إلى تفعيل المشاركة الشعبية من خلال إلزام المواطنين بالمشاركة في الانتخابات،كما هو معمول به في كندا وعدد من دول الغرب، إذ يجب على المواطن أن يشارك في ممارسة حقه الانتخابي، كما أن على الدولة تسهيل عملية الاقتراع إما بالتصويت الالكتروني أو بتيسير حصول الناخب على بطاقته الانتخابية.

أما عن ملامح قانون الانتخاب المأمول، فاقترح الفاعوري تخفيض عدد أعضاء مجلس النواب إلى مائة بدلاً من مائة وخمسين، وأن يكون للناخب ثلاثة أصوات: واحد للقائمة المفتوحة، وثانٍ داخل القائمة، وثالث للمحافظة. وهو ما رأى أنه يشكل أعلى درجات التوافق الوطني الذي من شأنه تمتين الصف الداخلي في مواجهة "الضغوط الخارجية والمشاريع الوافدة".

وشدّد على أن مصلحة الأردن أن تكون الانتخابات "حقيقية وحرة ونزيهة"، لافتاً إلى أن تقسيم الشعب والولاءات هو أمر "في غاية الخطورة"، وداعياً إلى أن توضع صيغة قانون الانتخاب الجديد عبر حوار وطني كبير يؤخد على محمل الجد تكون له نتائج عملية، لا أن تكون بمشروع حكومي يُرسل للبرلمان، مستذكراً لجنة الحوار الوطني ولجنة الأردن أولاً اللتين قدّمتا مقترحات وُضعت في "الخُرج" على حد تعبيره.

وأكد الفاعوري أن العمل الحزبي البرامجي هو الأساس لقيام كتل حزبية تؤسس لتشكيل حكومات برلمانية تتنافس مع المعارضة العلمية الواعية والناضجة المبنية في إطار البرلمان ومؤسسات الدولة لتقديم الأفضل والأمثل للمواطن تشريعاً ورقابةً وقرارات.

أما الحياة الحزبية فإنها بحسب الفاعوري ما زالت تعاني خطاباً مزدوجاً من الدولة؛ فهناك ترحيب إعلامي كبير بالأحزاب، وفي الوقت نفسه هناك عوائق كبيرة في طريق الأحزاب أبرزها الإرث السلبي والثقافة المجتمعية وعدم الاعتراف بأن الأحزاب مكون أساس من مكونات الدولة، والاكتفاء بالنظر إليها على أنها "أشتال زينة وديكور يزيّن واجهات الحكومات".

وحول آليات إخراج القانونين (الانتخاب والأحزاب)، أكد الفاعوري على ضرورة إطلاق حوار تحت مظلة البرلمان مع القوى الوطنية والحزبية للوصول إلى الصيغ النهائية لهذين القانونين، لأن الأحزاب تملك تصوراً دقيقاً عنهما.

وحذر الفاعوري من نكوص الحكومة وتراجعها عن النتائج التي يمكن أن يفضي لها الحوار في البرلمان، ومن أن يكون شعارها: "قولوا ما شئتم وأنا أفعل ما أريد"، ما يعني العودة إلى مربع الإملاءات والشروط والقناعات المسبقة.

ولفت الفاعوري إلى أهمية أن يكون القانون المقبل "سهلاً إصلاحياً عصرياً"، يعكس ثقل المحافظات الأردنية الأصيلة، ولا يضعف قوتها التصويتية لحساب التجمعات السكانية الأكبر في عمّان والزرقاء، فالجغرافيا كما أوضح، "معيار أصيل معمول به في كل دول العالم المتقدم".. وفي هذا إشارة إلى "أصالة الدولة واحترامها للمكون الأساس الذي بنى الوطن واستقبل المؤسس رحمه الله ودافع عن سيادة الدولة وبذل في سبيلها الغالي والرخيص".

ورفض الفاعوري فكرة أن الحديث عن قانون الانتخاب هو "بمثابة سيف مصلت على رقاب النواب لدفعهم إلى بيت الطاعة وتخويفهم من حل البرلمان"، وقال إن الإصلاح السياسي مصلحة للجميع، والبدء به اليوم أفضل من تأخيره بحجة طمأنة النواب.

كما طالب النوابَ قبول فكرة طرح القانون للنقاش والحوار العام، فأمر المجلس بيد الملك الذي أكد أن المجلس باقٍ ما دام الشعب راضٍ عنه، فالعلاقة محكومة بما يقدمه المجلس النيابي من إنجاز، ومن هذا الإنجاز قانونا الانتخاب والأحزاب.

• الصوت المجزوء

قال رئيس مجلس النواب الأسبق والقيادي في جبهة العمل الإسلامي عبد اللطيف عربيات إن الحديث عن قانون الانتخاب يتطلب الحديث عن التاريخ والجغرافيا ومقترحات كيري، وأضاف أن الأردن هو البلد الوحيد في المنطقة الذي يشهد استقراراً نسبياً ونمواً، وهاتان صفتان مهمتان للبناء. وتابع أنه لم يكن هناك خلاف على قانون الانتخاب قبل 1989، فالناخب ينتخب العدد المقرر له من النواب في دائرته الانتخابية، وتم تقسيم الدوائر إلى 23 دائرة ولكل دائرة عدد نواب تبعاً لحجم هذه الدائرة.

وأشار عربيات إلى أن انتخابات عام 1956 جرت على هذا الأساس، وفقاً لدستور 1952، وتم تشكيل حكومة برلمانية، بعد انتخابات حرة ونزيهة حصل فيها حزب البعث والحزب الوطني الاشتراكي على 23 مقعداً فشكّلوا ائتلافاً يحقق لهم الأغلبية، فكلف جلالة الملك سليمان النابلسي (الذي ترشح عن عمان ولم ينجح، رغم أنه كان رئيس الحزب الوطني الاشتراكي) بتشكيل الحكومة فكان ذلك تعبيراً عن رقيّ في تطبيق الديموقراطية.

وقال عربيات: "لقد حققنا في هذا البلد شيئاً كبيراً، وبعد ذلك تم تصغيرنا"، مستذكراً أن قانون الاجتماعات العامة مثلاً أُقر بعد سنة 1952 وبقي حيّاً حتى 2003، وقانون نقابة المعلمين أُقرّ في سنة 1954 قبل العودة في وقت لاحق وإلغاء النقابات.

وأكد عربيات أن الأصل أن ينتخب الناخب العدد المقرر في دائرته الانتخابية، أما اذا كان لدى المواطن 10 أصوات وتتيح له أن ينتخب واحداً فقط فهذا هو "الصوت المجزوء". وأوضح أن الهدف من هذا القانون هو تقليل فرص نجاح الإخوان المسلمين.

وقال عربيات: "نريد العدالة والحفاظ على كرامة الشعب"، وأضاف: "طلب منا مضر بدران المشاركة في الحكومة بعد 1989، فقررنا بالأغلبية عدم الموافقة إلا بشروط، ووافق عليها أمام المجلس وتجاوز الأردن أخطر فترة في تاريخه، شهدت حرب الخليج وقطع النفط، ووقف الملك الحسين شامخاً، وبقي رأس الأردن مرفوعاً وهو يتخذ موقفه رافضاً المشاركة في "حفر الباطن"، وألغيت الأحكام العرفية والمحاكم العسكرية وأصبحت أحكام محكمة أمن الدولة قابلة للتمييز.

ورأى عربيات أن انتخابات 1989 خدمت البلد ورفعته عالياً وجنبته أخطاراً. واستذكر أن جلالة الملك الحسين أراد إجراء استفتاء على الميثاق الوطني، فقالوا له إن عقد مؤتمر وطني هو الأفضل.

وعرّج عربيات على اللجنة الملكية للأجندة الوطنية سنة 2005 التي استمرت أعمالها 8 شهور حتى وضعت تصوراً عن قانون الانتخاب: 50% للدوائر و50% للقوائم الوطنية، لكن ما تمّ بعد ذلك أنهم أقرّوا 10% للوطن و90% للدوائر.

• توحيد قوة الصوت الانتخابي

تساءل العميد المتقاعد د.علي الحباشنة عن مدى أولوية وضع قانون انتخاب جديد في ظل الظروف المحيطة في الإقليم ومقترحات كيري والمؤامرات التي تحاك ضد الأردن. موضحاً أن مثل هذا القانون ينبغي أن يراعي الحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية، وعلى تركيبة الدولة القائمة على العشائر، مع أخذ "البعد الجغرافي" وليس "الديمغرافي" في الحسبان.

وأوضح الحباشنة في هذا السياق: "لا يجوز أن محافظة مساحتها أكثر من 30 ألف كم 2 يُخصص لها عدد مقاعد مساوٍ لعدد تلك المخصصة لمنطقة سكنية مساحتها لا تتجاوز 2 كم مربع، رغم أن الأولى تتوافر على نسبة كبيرة من الثروات الوطنية التي تعتمد الدولة عليها".

ودعا الحباشنة إلى المحافظة على الهوية الوطنية الأردنية وكذلك الهوية الوطنية الفلسطينية، والابتعاد عن المحاصصة.

وبيّن أنه كان من داعمي فكرة القائمة الوطنية في لجنة الحوار الوطني، وذلك بهدف خلق قيادات حقيقية على مستوى الأردن.

وقال الحباشنة: "يجب أن يكون عدد المقاعد في أي قانون انتخاب مقبل، محدداً وبعيداً عن المحاصصة"، داعياً بعد ذلك إلى تبنّي القائمة المفتوحة على مستوى المحافظة وعلى مستوى الوطن ممثلاً بالأقاليم (الشمال والوسط والجنوب)، وبحيث يتم توحيد قوة الصوت ليتساوى فيه الناخبون في المحافظات، وتخفيض عدد النواب إلى 80، وزيادة 10 مقاعد للمحافظات وخاصة إربد، ولمناطق مثل الرمثا، وأن يكون هناك 30 مقعداً للقائمة الوطنية، حتى يكون هناك تمثيل لكل محافظة في القائمة الوطنية.

• الكفاءة والعدالة.. أساس القانون

قال أستاذ العلوم السياسية نظام بركات، إن الحديث عن أن القانون الذي جرت انتخابات 1993 على أساسه (الصوت الواحد) وحّد قوة الصوت، "منافٍ للواقع"، فكيف تتحقق المساواة إذا كان الناخب بحسب هذا القانون ينتخب مرشحاً واحداً مهما كان عدد المقاعد المخصص لدائرته، في ظل اختلاف عدد المقاعد في الدوائر الانتخابية.

وتابع بركات: إذا أردنا أن تتساوى قوة الصوت، يجب وضع قانون انتخاب "عصريّ ومناسب"، يقوم على أساس الكفاءة وتحقيق العدالة في تمثيل شرائح المجتمع كافة.

ورأى أن التمثيل في البرلمان هو للسكان أساساً وليس للثروات الطبيعة أو المساحات أو البعد الجغرافي، مستدركاً أنه يمكن الأخذ بتجارب دول متقدمة تأخذ التمثيل الجغرافي والمساحة معاً في الحسبان، بحيث أعطيت مناطق الأسكيمو مثلاً (وهي تغطي مساحة كبيرة) خصوصيةً في بلدها بوصف ذلك استثناءً وليس قاعدة.

وأوضح بركات الدوائر الانتخابية كلما صَغُرت كان التمثيل في البرلمان لمرشحين محليين قد تكون علاقتهم بالناس وثيقة، ولكن الكفاءة ترتبط بمسألة توسّع الدائرة الانتخابية، فكلما كبرت المساحة كان تمثيل الكفاءات أكبر.

وبيّن بركات أن نظام الصوت الواحد كشف عن "عيب" في قانون الانتخاب، حين فاز النواب مجتمعين بأقل من 17% من مجموع الأصوات، بمعنى أن 83% صوّتوا لمرشحين لم يفوزوا. ودعا في هذا السياق إلى أن يراعي قانون الانتخاب المقبل "نسبة الهدر في الأصوات".

ولفت إلى أن نظام "الصوت الواحد" كرّس العمل الفردي، مشدداً على أن العمل الجماعي أساسه الاحزاب، وأن الديمقراطيات وُجدت في العالم من خلال العمل الحزبي. وأضاف أن مشكلتنا في الأردن هي أن جميع الأحزاب معارضة، بينما المفترض وجود أحزاب تحكم وأخرى تعارض.

وبيّن أن لجنة الحوار الوطني اقترحت أن يكون 50% للقوائم الحزبية أو الوطنية، و50% من المقاعد للدوائر الصغيرة، انطلاقاً من أن المجتمع الأردني يميل إلى انتخاب المرشح المحلي لأنه يعبّر عن عن هموم الناس في محيطه ومشاكلهم، وحتى لو كان أقل كفاءة من المرشح الحزبي الذي يُنتخب على مستوى الوطن، فإنه لا يمكن أن ينجح إلا إذا كان مميزاً أو مجتهداً، وبالتالي تكون هناك مواءمة بين التمثيل المحلي (كأن تقدم كل عشيرة مرشحاً)، والتمثيل على مستوى الوطن لتشجيع العمل الجماعي والحزبي.

وبشأن المشاركة في الانتخابات، قال بركات إن تحسين نسبتها يرتبط بالإجراءات بما في ذلك الحصول على البطاقة الانتخابية والوصول إلى مراكز الاقتراع.

• عربيات: الأردن هو البلد الوحيد الذي يشهد استقراراً نسبياً ونمواً في المنطقة.. وهاتان صفتان مهمتان للبناء.

• حمّاد: تجربة القائمة الوطنية "أخفقت".. وأيّ قانون انتخاب مقبل يجب أن يضمن النزاهة وتمثيل الجميع.

• العبادي: إلغاء ورقة التصويت غير المملوءة بالكامل، أمر لا بد منه عند تطبيق القائمة النسبية.

• الفاعوري: هناك جهود لقوى الشد العكسي لتغيير وجه الأردن والعبث بـ "الخريطة الجينية" للدولة.

• الحباشنة: قانون الانتخاب ينبغي أن يراعي الحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية.

• بركات: التمثيل في البرلمان هو للسكان أساساً، وليس للثروات الطبيعة أو المساحات أو البعد الجغرافي.