واشنطن تُلوِّح بـ«عقوبات» على «إسرائيل».. أتُصدِّقون؟

17/10/2024

محمد خرّوب
kharroub@jpf.com.jo
مَن يصدق كل هذا الهراء الأميركي, المحمول على فائض من النفاق وفيض من التواطؤ؟, خاصة ان «التلويح» بعقوبات بتعليق الأسلحة, يصدر عن إدارة مُفلسة سياسيا وأخلاقيا, بازدرائها الطويل والممتد للقانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي, ما بالك ان تهديدا فارغا كهذا, يأتي في وقت فقدَ فيه الرئيس الأميركي/ جوزيف بايدن, كل تأثيره بل واحترامه, من قِبل مجرم الحرب المُتغطرس/ نتنياهو, الذي لم يعُد يولي أهمية لأي تصريحات او تلويح بعقوبات على الكيان الصهيوني, يكون مصدرها البيت الأبيض او البنتاغون, بل حتى من وزارة الخارجية التي يقودها المُتفاخِر بـ«يهوديته» بائع الأوهام أنتوني بلينكن, حتى لو شملت «تعليق» تسليم الأسلحة.
ما بالك بعدما «غُصّتْ» مخازن جيش الفاشية الصهيونية, بكل أنواع وأحدث العتاد والأسلحة الأميركية, وجاءه بايدن مؤخرا ببطارية دفاع جوي و«100» جندي أميركي (وربما أكثر من بطارية واحدة), من أحدث طراز في ترسانة الدفاع الجوي الأميركية من طراز THAAD, كي تحمي وتُدافع عن أجواء الكيان النازي. استكمالا بل استمرارا وانخراطاً في الحرب الصهيوأميركية, على الشعب الفسطيني.. إبادة وتهجيراً. كما إمتدت وما تزال أيدي المُستعمِرين الصهاينة والأميركان, الى لبنان الشقيق.. قتلا وتهجيرا وتدميرا ونزوحا, طاولت كل شيء في بلاد الأرز, على النحو الذي قارفته آلة القتل الأميركية في أفغانستان وبعده العراق, بعد أحداث 11 ايلول 2001.
ما الذي يدفع البيت الأبيض للتلويح بعقوبات على أقرب حلفائها, بعد عام من أسوا حروب الإبادة والتهجير والتجويع في التاريخ.. قديمه والحديث. اللهم «سوى» حرب الإبادة الجماعية الأبشع, التي قارفها المُستعمِرون البيض, ضد السكان الأصليين/الهنود الحمر, في قارة اميركا الشمالية؟
هنا تحضر تجليات النفاق والتواطؤ الاميركي المشين, الذي تابعه العالم أجمع منذ السابع من أكتوبر 2023, بعدما منحت إدارة بايدن الضوء الأخضر, لجيش النازية الصهيونية لاجتياح قطاع غزة المحاصر, كما ساندتها معظم دول الغرب الاستعماري في أوروبا, إضافة الى اليابان وتايوان وبعض دول آسيا وإفريقيا, بذريعة «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها». واصفة ــ أضافوا كذبا وتزويرا ــ ان ما تم في 7 أكتوبر, هو الأسوا في تاريخ «اليهود» منذ «أسطورة» الهولوكوست.
ما يستدعي بالضرورة التوقف عند «أصل» الخبر, الذي جاء اول أمس/الثلاثاء من صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية. وما أدراك ما هي هذه الصحيفة وارتباطاتها, وخصوصا «التسريبات» التي تقوم بنشرها, بين حين وآخر ــ على لسان «مَصادر مُطّلعة», تكون في معظمها مُجرد بالونات اختبار», لا يلبث ان يقع في «فخاخها» رهط كبير من الزعماء والقادة والدول والمنظمات والتنظيمات», ومن أسف ان غالبية الذين «يقعون».. هم من المنطقة العربية.
إذ كشفت (إقرأ زعمت) الصحيفة الأميركية، اول من امس/الثلاثاء، أن إدارة بايدن «كثفتْ الضغط «على إسرائيل، هذا الأسبوع، لـ«تحسين الأوضاع المأساوية للمدنيين في قطاع غزة». مضيفة ـ في زعمها ــ هذا ان «كبار» المسؤولين «حذّروا» من أنهم سيلجأون إلى (إجراءات عقابية)، «ربما» تشمل تعليق المساعدات العسكرية، إذا لم تتم زيادة تدفقات المساعدات الإنسانية في غضون شهر.
الطريف ان «الواشنطن بوست» لا تلبث ان تنسب «بقية» الخبر الى مسؤولين اميركيين «كبار», وليس للبيت الأبيض, كما بدأت خبرها. إذ تابعتْ على لسان هؤلاء الـ«كبار», أنه في رسالة بتاريخ 13 أكتوبر الجاري, موجهة إلى كبار المسؤولين الإسرائيليين، طالبَ وزير الدفاع/أوستن ووزير الخارجية/بلينكن, باتخاذ خطوات عاجلة لــ«ضمان حصول المدنيين على الغذاء والضروريات الأخرى». مُردِفة/ الصحيفة » ان المسؤولين الأميركيين ألقوّا بـ«اللوم» على الإجراءات التي تتخذها حكومة نتنياهو, وحالة الفوضى والخروج عن القانون في غزة, في التدهور الأخير للأوضاع هناك. «مُحذّرين» أنه في حال عدم حدوث تغيير، ستكون الإدارة «مُجبرة على اتخاذ خطوات», منصوص عليها في السياسات التي تربط الامتثال لقوانين الحرب، بما في ذلك «حماية المدنيين وتسهيل المساعدات الإنسانية أثناء الحروب»، بتقديم الأسلحة والمساعدات العسكرية الأميركية. مُختتمة خبرها المثير واللافت بل المشكوك في صدقيته بزعم «آخر» مفاده واشنطن «منحت» حكومة نتنياهو «شهراً» واحداً لـ«الامتثال» لطلبها هذا.
وكي تبدو الأمور أكثر وضوحا بل وتشكيكا في مضامين الرسالة المزعومة, التي قيل ان الجنرال اوستن وأنتوني بلينكن وجّهاها لحكومة الفاشي نتنياهو, الإشارة الى ان الرسالة «لم تطلب» من جيش الفاشية الصهيونية, وقف المحرقة التي يُشعلها في أجساد وخِيَم نازحي وأهالي بيت لاهيا وجباليا البلد والمخيم, وكامل محافظة شمال غزة, بل والاحتجاج ــ مُجرد احتجاج ـ على «خطة الجنرلاات» التي بدأ جيش العدو تنفيذها, لتهجير سكان محافظة شمال غزة, وفصلها عن مدينة غزة. ناهيك عن الاحتمال الماثل لتطبيق «خطة الجنرالات» هذه على باقي القطاع. حال «نجحَ» تطبيقها في محافظة شمال غزة. دون إهمال حقيقة ان «مهلة الشهر» التي مُنحت لحكومة نتنياهو ستنتهي «بعد» انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية, ومعرفة ساكن البيت الأبيض الجديد, سواء كانت امرأة مُلونة؟ أم رجلاً عنصرياً أبيض, يفيض رعونة؟.