بعد حظر «الأونروا»: هل ينجح نتنياهو في «دفن» ملف اللاجئين؟

30/10/2024

محمد خرّوب
kharroub@jpf.com.jo
قبل ان يُصادق كنيست العدو بالقراءتين الثانية والثالثة, على «قانونَيّ» حظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين, في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر, وإلغاء امتيازات وحصانات الأونروا. كذلك ــ نص القانون الثاني ــ على حظر أي اتصال بين الهيئات الحكومية الإسرائيلية والمسؤولين والأونروا، ومنع أي وجود للأونروا في إسرائيل». حيث أيّد 92 عضو كنيست مشروع قانون حظر"الأونروا» وأنشطتها في إسرائيل، وعارضه 10 أعضاء فقط. فيما أيّد 87 عضو كنيست مشروع قانون حظر الاتصالات مع الأونروا، مقابل 9 أعضاء عارضوه.
نقول: قبل إقرار القانونيْن الصهيونيّين بساعات معدودات, أصدر وزراء خارجية سبع دول منها أربع دول غربية هي: فرنسا, ألمانيا, كندا وبريطانيا, وثلاث دول آسيوية هي اليابان, أستراليا وكوريا الجنوبية (لاحظوا تغيّب وعدم مشاركة الولايات المتحدة وإيطاليا), أصدروا بياناً أعربوا فيه عن «قلقهم» بشأن نية حكومة نتنياهو, التصديق «النهائي» على حظر الأونروا, كما حثّ الوزراء السبعة حكومة العدو «على احترام التزاماتها الدولية، وعدم المساس بالامتيازات والحصانات المحفوظة للأونروا».
لكن حكومة نتنياهو, كما أعضاء الكنيست مُوالاة ومعارضة, لم يُعيروا أدنى إهتمام ببيان الوزراء السبعة (بينهم «خمسة» من مجموعة (G7). ليس فقط لأن إدارة الرئيس الصهيوني بايدن لم توقّع على البيان (النتيجة ذاتها «لو» وقّعت؟), بل التزاما بالقاعدة «الذهبية» التي أرساها الفاشي/ ديفيد بن غوريون, الذي قال عندما أخبره مساعدوه, ان الأمم المتحدة إتخذت قرارا بإدانة إسرائيل: ليس المُهم ــ قال بن غوريون ــ ما «يقوله» الغوييم/ الأغيار, بل ما «يفعله» اليهود.
مسلسل «شيطنة» الأونروا ومفوضها العام/ لازاريني, منذ الأيام الأولى لملحمة «طوفان الأقصى», بل وتشويه سمعة منظمة الأمم المتحدة وأمينها العام/غوتيرش, لم يتوقف حتى الآن ولا يلوح في الأفق انه سيتوقف, الا بعد ان ينجح نتنياهو وزمرة اليمين الفاشي العنصري, كما أغلبية الكنيست الحالي والمُقبل وما بعدهما, في دفن ملف اللاجئين/حق العودة, بصرف النظر عن كونهم مُعارضة الآن او في صفوف الموالاة لاحقا, حيث تتغير التحالفات والاصطفافات الحزبية, وما قد تُسفر عنه المواجهة المحتدمة بين أنصار نتنياهو واولئك الذي يتربصون له داخل الليكود, وفي الأحزاب المحسوبة على المعارضة الحالية, التي «تحالفت» معه أمس وصوتت لصالح حظر الأونروا ومنع التعامل معها.
دعونا نستعيد ذروة الإهانات التي وجّهها مجرم الحرب نتنياهو للأمم المتحدة, من على «منبر» المنظة الدولية ذاتها في ايلول الماضي, عندما وصفَ الأمم المتحدة (دون ذكر غويتريش) بأنها «مُستنقع من المرارة المُعادية للسامية»، ناعتا المنظمة الدولية التي يقودها غوتيريش بأنها (مؤسسة «كانت» مُحترمة) في السابق، لكنها أصبحت الآن «مُحتقرة» في نظر «الناس المحترمين» في كل مكان). مُضيفا في صلف ووقاحة: إن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هو «مجلس حقوق الإرهابيّين».
من المفيد ايضا التذكير بالإهانات الي وجهها نتنياهو وخصوصا وزير خارجيته العنصري سليط اللسان/يسرائيل كاتس لغوتيرش ولمفوض الأونروا العام/لازاريني, حيث تم اعتبار امين عام الأمم المتحدة بما ومَن يمثله, شخصاً «غير مرغوب فيه في إسرائيل». في حين تم منع لازاريني من دخول قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة, ثم أتبعها الفاشيون الصهاينة بعدم تجديد «تأشيرة» لازاريني. دون إهمال ما لحق بمؤسسات ومرافق الأونروا من دمار وتخريب وتجريف, وبخاصة مدارسها ومؤسساتها الصحية ومقرها الرئيس في قطاع غزة. فضلا عن استشهاد ما يقارب ثلاثمئة من كوادرها. وكانت التهمة الصهيو أميركية/الغربية جاهزة, بان «مئات» من موظفيها هم من كوادر حركة حماس, بل شاركوا في ملحمة طوفان الأقصى, فيما لجنة تحقيق دولية شكلها غوتيرش في شهر آب الماضي, وترأستها وزيرة خارجية فرنسا السابقة/ كاترين كولونا... خلُصت الى (اﻟﺘــﺰام الأوﻧــﺮوا ﻣﻨــﺬ ﻓﺘــﺮة ﻃﻮﻳﻠــﺔ, ﺑﺎﻟﺘﻤﺴــﻚ ﺑﻤﺒــﺪأ اﻟﺤﻴــﺎد الإﻧﺴــﺎﻧﻲ، والتأكيد على أن لدى اﻟﻮﻛﺎﻟــﺔ ﻧﻬــﺞاً ﺗﺠــﺎه اﻟﺤﻴﺎدﻳــﺔ, «أﻛﺜــﺮ ﺗﻄــﻮراً» ﻣــﻦ ﻛﻴﺎﻧــﺎت الأﻣــﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة أو اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت ﻏﻴﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﻤﻤﺎﺛﻠﺔ).
لكن ذلك لم يدفع حكومة الفاشيين في تل أبيب, للتراجع عن مخططاتها, الرامية دفن ملف اللاجئين وإهالة التراب على حق العودة, عبر حرب الإبادة الجماعية والتهجير والتطهير العِرقي, الذي مارسه تحالف الشر الصهيو أميركي وما يزال يقارفه في قطاع غزة المُحاصر والمنكوب.
فهل ثمة ما يمكن عمله عربيا او إسلاميا او دوليا, لإفشال القرار الصهيوني هذا, ودفعه للتراجع عنه او تجميده؟
من أسف علينا تذكُّر «مصير» القرار الذي صادق عليه كنيست العدو في تموز الماضي, برفض قيام دولة فلسطينية غربي نهر الأردن, حيث فشلت كل المحاولات (بافتراض جديتها), الرامية الى استصدار قرار «مضاد» للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة, الذي أيدته 123 دولة في الجمعية العامة للمنظمة الدولية, لكن «الفيتو» الأميركي أجهضه في مجلس الأمن.