واشنطن لـِ«اللبنانيين: «استعِدوا» لمرحلة..ما بعد «حزب الله»؟

13/10/2024

محمد خرّوب
kharroub@jpf.com.jo
قضايا
هذا ما قالته السفيرة الأميركية في لبنان/ليزا جونسون, خلال لقاءاتها مع قوى سياسية ونواب مُستقلين, على ما نشرته وناقشته وسائل إعلام لبنانية.. مرئية ومكتوبة قبل يومين. مُضيفة (السفيرة الأميركية): «لم يعد مسموحا استمرار سطوة حزب الله على الدولة ومؤسساتها، ولا على معابر الدولة الحدودية»، وأن الحزب ــ تابعت ليزا جونسون ــ باتَ ضعيفا جداً بعد الضربات التي وُجّهت إليه، واستهدفت قادته وقتلت أمينه العام، ومن ثم «لم يعُد بإمكانه فرض ما يريد». لافنة الى أن «هناك مرحلة سياسية جديدة سيشهدها البلد قريبا ليس للحزب مكان فيها».
كلام كهذا يصدر عن سفيرة دولة توصف في لبنان وخارجه بأنها دولة عظمى, لا راد لإرادتها حد التلويح باستخدام آلتها العسكرية المهولة, فضلا عن «وفائها» وقدرتها على «خدمة» أصدقائها. ناهيك عن نفوذها الكبير والمؤثر في المنطقة وبخاصة في لبنان. حيث لها حلفاء «خُلَّص", لا يتوقفون عن الإشادة بها والمجاهرة بصداقتها بوجود (18) طائفة تتقاسم السلطة والنفوذ بنِسب متفاوتة وفق صيغة ثبت فشلها. بل اقتربت في محطات عديدة من الانهيار, وخصوصا بعد بروز دعوات الى تقسيم البلاد, التي لا تزيد مساحتها على 10452 كم2,... تقسيما طائفيا. وحيث هناك مَن طالبَ وما يزال بتطبيق «الفيدرالية», ورفعَ بعضهم راية «الكونفدرالية» في مزايدة وتطرّف.
اللافت في ردود الفعل على ما قالته السفيرة الأميركية, هو «صمت» معظم القوى السياسية والنيابية والحزبية, وبخاصة الفريق الذي يَصِف نفسه بـ"السيادي", يرى في تلك التصريحات, تدخلا فظاً في الشؤون الداخلية اللبنانية, ومسّا بالسيادة الوطنية, وخاصة بالأعراف الدبلوماسية, ما يستدعي التوقف عند مرامي وأبعاد ما ذهبت الية ليزا جونسون, وما إستبطنه «السيادِيّون» اللبنانيّون المزعومون.
وإذا كانت سنوات الحرب الأهلية اللبنانية, الكارثية والمُدمرة, والتي ما تزال آثارها السياسية والاجتماعية والنفسية, تترك آثارها واستحقاقاتها والشكوك المُتبادَلة, على العلاقات بين الطوائف الـ"18", خاصة في عقم وخطورة وفشل اللجوء الى «عزلِ» او استبعاد أي طائفة, من فسيفساء الطوائف اللبنانية, فإن الحكمة تفرض على الجميع استخلاص دروس وعِبر ماضي الحرب الأهلية التي إستطالت لـ"15» عاما, ولمّا تزال نارها مُتقدة تحت رمادها, مُرشحة للتجدّد والاشتعال, إذا ما وعندما أصرَّ الفريق الذي تُراهن عليه واشنطن وتل أبيب وبعض دول الإقليم, على المضي قدما في الإستجابة أو التجاوب مع تصريحات السفيرة الأميركية باستبعاد حزب الله, بذريعة ضعف مزعوم بات يلفّه, او هكذا يظن.
صحيح ان ضربات موجعة, قاسية وصعبة وربما يصّح وصفها بغير المسبوقة, تلقاها حزب الله, على نحو مسّ بمكانته ودوره الداخلي, وخصوصا ان تلك الضربات منحت خصومه وبخاصة خصمه حتى لا نقول «عدوّه» سمير جعجع, رئيس حزب القوات اللبنانية الانعزالي, ورقة ثمينة طالما خطّطَ وسعى لامتلاكها بهذا الأسلوب التحريضي المُتربص او ذاك. بهدف تعبيد الطريق أمامه كي يطرح نفسه رئيسا لموقع رئيس الجمهمورية الشاغر منذ عامين. وربما يفكر في قرارة نفسه بتكرار السيناريو الذي حدث في ايلول عام/1982 عندما جيء بأمير الحرب الأهلية الانعزالي/بشير الجميّل, رئيسا للبنان, بوجود ومساعدة قوات العدو الصهيوني التي إحتلت بيروت كـ"أول» عاصمة عربية, وطأتها أقدام الغزاة الصهاية في ذلك العام.
سارعَ جعجع الى دعوة أحزاب ونواب «المُعارضة» اللبنانية, للالتقاء في قلعته الحصينة «أمنِياً» في قصره المنيف, تحت عنوان «إنقاذ لبنان». دعوة لقيت تجاوب البعض ومُقاطعة غيرهم, وبخاصة الثنائي الشيعي (الذي لم يُدعَ أصلاً), إضافة الى معُارضة نواب «اللقاء الديمقراطي", الذي يتزعمه النائب تيمور جنبلاط, نجل رئيس الحزب السابق وليد جنبلاط, الذي هاجم دعوة جعجع ورأى فيها خطورة على أمن لبنان ومستقبله, وخصوصا على نسيجه الاجتماعي الطائفي, الذي يحلو للبنانيّين وصفه بـ» العيش المُشترك». ما رأى فيه البعض نزع الغطاء «الدرزي» عن لقاء كهذا, في وقت يروج فيه بأن نواباً «سُنّة» سيُقاطعون أيضا.
أين مِن هناك؟.
تدعو الولايات المتحدة والعدو الصهيوني الى تطبيق قرارات مجلس الأمن, وبخاصة القرار1701 الذي إتُخذَ في 11 آب/2006, لكنها تُصر أيضا كما تل أبيب, على تطبيق القرار 1559 اولا الصادر في 2 أيلول/2004, وهو أمر تتماهى معه دعوة جعجع للقاء معراب. فما نصّ القرار 1559؟. لعل أبرز بنوده هو البند الذي يدعو الى «نزعِ» اي سلاح خارج إطار السلاح الذي تملكه قوى الدولة اللبنانية المسلحة ذات الصلة. اي بصريح العبارة نزع سلاح حزب الله, الذي بات ضعيفا ــ الآن، كما قالت السفيرة الأميركية وكما أعلن وأصر جعجع مؤخرا وسابقا. فهل نحن أمام «حرب أهلية» جديدة, بدا للبعض ان ظروفها وتوقيتها.. قد «نضَجا"؟
الأيام ستروي.