محمد خرّوب
بعدما زعمَ وزير الدفاع مُجرم الحرب/ يوآف غالانت, ان جيش الفاشية الصهيونية نجحَ في تفكيك «كتيبة حماس» في مدينة خان يونس, مدعياً أننا (نُحقق مُهمتنا في خان يونس، وسنصل أيضاً إلى «رفح»، ونقضي على العناصر «الإرهابية» التي تُهددنا, مشدّداً على أنه علينا الوصول إلى رفح لحسم الحرب على حماس). في إشارة إلى المدينة الفلسطينية الواقعة على حدود غزة مع مصر, والتي تعجّ بمئات آلاف المقيمين والنازحين.
وإذ تُواصل آلة القتل الصهيوأميركية قصف «رفح», في محاولة يائسة للوصول الى «الأسرى الصهاينة» دون دفع «ثمن» تحريرهم, والمسارعة الى «إعلان النصر», ضاربة عُرض الحائط بمحاولات التوصّل الى هدنة طويلة الأمد نسبيا, على ما أشاعت اوساط الدول الأربع التي شاركَ قادة أجهزتها الإستخبارية في إجتماع باريس الأسبوع الماضي, فإن «المجزرة» التي يستعد العدو لإقترافها في «رفح», ستكون «ذروة» حرب الإبادة الجماعية التي بدأها النازيون الصهاينة بمشاركة أميركية ميدانية واسعة الأبعاد والمهمات، على نحو سيرفع عدد الشهداء والمُصابين والمفقودين الى «ربع مليون», (عدد الضحايا الآن يتجاوز الـ«100» الف). كون المدينة تحتضِن الآن ما يزيد على «1,7» مليون نسمة بين مُقيم ونازح.
مشهد مُرعب كهذا.. دفع بأمين عام الأمم المتحدة/غوتيرش للإعراب عن «قلقِه البالِغ» (هل يملك غير القلق), إزاء التوسّع المحتمل للهجوم العسكري الإسرائيلي, المستمر على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة. إذ قال مُتحدث الأمم المتحدة/ ستيفان دوجاريك: «رأينا بالفعل تأثير الأعمال التي وقعتْ في خانيونس, على المدنيّين من ناحية, وعلى منشآتنا عندما ُقُصف مُجمّعنا من ناحية أخرى». مُضيفاً: «من الواضح أنه منذ بداية العمليات الإسرائيلية العسكرية البرية، كان هناك تحرّك للسكان باتجاه الجنوب». مُرجِعاً/دوجاريك سبب «قلق غوتيريش البالغ»، إلى أن «هناك كثافة سُكانية كبيرة في الجنوب (يقصِد في رفح)، ويعيش الناس في ظروف قاسية هناك، لذا فإن الأمر مُقلق للغاية بالفعل».
لكن كان لافتا ايضا الـ«تحذير» الذي وجّهته وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك لـ«إسرائيل», من «شنّ هجوم عسكري على مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة», على ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية». وقالت السياسية المنتمية إلى «حزب الخضر», في تصريحات إعلامية اول امس/السبت، إن «التحرّك الآن في رفح، آخر مكان والأكثر ازدحاما، كما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي،...» ببساطة لن يكون مُبرراً». مضيفة/بيربوك أن «أغلبية الضحايا هم من النساء والأطفال. دعونا نتخيّل أنهم أطفالنا».
وإذ برزت المانيا من بين أكثر الدول الغربية دعما لإسرائيل سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا, تسليحا وتبريرا لجرائمها وارتكاباتها الوحشية عبر رفضها دعوات وقف الحرب الصهيوأميركية على القطاع الفلسطيني, حدا وصل بها إعلان «الإنضمام» الى «الراوية الصهيونية» في محكمة العدل الدولية, فإن تحذير السيدة بيربوك يكتسب أهمية إضافية, إذا ما وعندما تتطابق الأقوال مع الأفعال ويتم ترجمة ما قالته مع خطوات عملية/ميدانية, ناهيك عن ان ما حدث من جرائم وحشية صهيونية, في خان يونس ومدينة غزة ومحافظة شمال غزة, فضلا عن تدمير المشافي والجامعات والمدارس والمساجد والكنائس, ذلك كله لم يُثِر غضب رئيسة الدبلوماسية الألمانية ولا المستشار شولتس, وبالتأكيد أيضا لم يُثِر غضب نواب البوندستاغ الألماني. حيث رفعوا/جميعهم شعار «التزام المانيا الأبدي بالتكفير عن الهولوكوست», فيما يصرِفون النظر عن «المحرقة » التي يرتكبها ألصهاينة/النازيّون الجُدد بحق الشعب الفلسطيني.
أين من هنا؟
بصرف النظر عما إذا كان مجرم الحرب/غالانت, أطلق تهديده بمواصلة حرب الإبادة نحو مدينة رفح, بهدف دفع «حماس» للقبول بما هو معروض أمامها مِن قبل «رباعية باريس», أو قصدَ فعلاً المُضيّ قُدما للوصول الى الحدود الفلسطينية ــ المصرية, تمهيدا لإقتحام محور «فيلادلفي» الواصل بين رفح/ الفلسطينية ورفح/ المصرية, بكل المخاطر والتداعيات التي ستُعكِسه خطوة إسرائلية حمقاء كهذه, على العلاقات بين القاهرة وتل أبيب, فإن أصحاب الرؤوس الحامية في تل أبيب من ساسة/ على رأسهم نتنياهو وجنرالات/ يتقدمهم غالانت ورئيس الأركان/هليفي, لن يعدموا أي وسيلة لإحباط محاولات التوقّف على تخوم خان يونس وعدم الذهاب الى رفح, بل سيُصرّون على إجتياح رفح, علّهم يستنقذِون بعض «كراماتهم» المهدورة, والعار الذي ألحقته بهم معركة «طوفان الأقصى». كون «المحاكِم» تنتظرهم والسجن أو فقدان الوظائف أيضاٍ.
** إستدراك:
كتبتْ عنات مطرفي في هآرتس يوم الجمعة 2/2/2024 تقول: تدمير الجامعات في القطاع بدأ بقصف «الجامعة الإسلامية» في غزة في الأسبوع الأول للحرب، واستمر بتدمير «جامعة الأزهر» بالقصف من الجو في 4 تشرين الثاني. بعد ذلك تم تدمير «جميع المؤسسات الأكاديمية» في غزة، والكثير من المدارس والمكتبات والأرشيفات ومؤسسات تعليم وثقافة أخرى. من المهم الإشارة إلى التدمير الكامل لـ«الأرشيفات الرئيسية لبلدية غزة» بكل ما فيها من الوثائق التاريخية، وتدمير (مكتبة البلدية وفرعين لـ «مكتبة إدوارد سعيد») مع الكتب الموجودة فيها باللغة الإنجليزية، في بيت لاهيا وفي مدينة غزة. فضلاً عن تدمير «مبان تاريخية ومواقع أثرية» جراء قصفها، وفقدان كل محتوياتها.
أما مؤسسات «الأكاديميا الإسرائيلية» فلا تتطّرّق بشكل عام إلى هذا التدمير وتأثيره على مستقبل المجتمع الفلسطيني والمجتمع الإسرائيلي على حد سواء. بالعكس ـ تُضيف الكاتبة ــ جميع الإعلانات التي يتم نشرها باسمهم، «تُبارك وتُشجع» على أعمال الجيش في الحرب، بدون أي تشكيك في «عدالة وطريقة إدارة هذه الحرب».
* المقال مقتبس من صحيفة الرأي ويعبر عن رأي كاتبه