محمد خرّوب
لم يكن التوقيت الذي اختارته حكومة الفاشيين الصهاينة, لإغتيال نائب رئيس حركة حماس/صالح العاروري محض صدفة, سواء في «المكان» الذي تم اختياره لتنفيذ عملية الإغتيال/ضاحية بيروت الجنوبية, أم خصوصاً في الإشارات والرسائل والمواقف «المُستجِدة» التي إتخذتها إدارة الرئيس الأميركي بايدن, عندما تم الإعلان عن «عودة» أكبر وأقوى حاملة طائرات أميركية/جيرالد فورد إلى مرفأ رسوّها في الولايات المتحدة. أضف إلى ذلك ما هو أكثر دلالة, وهو إعلان رئيس الدبلوماسية الأميركية/انتوني بلينكن «تأجيل» جولته «الرابعة» في المنطقة, بعد أن كانت مُقررة هذا الأسبوع.

وإذ وقع كثيرون في فخ الظن (وكل ظنونهم إثم) بأن إدارة بايدن, في طريقها إلى «رفع الغطاء الذي وفّرته, لحرب الابادة الجماعية الصهيواميركية على قطاع غزة، خاصة بعد «رفض» نتنياهو - كما أُشيع ورُوِّج له - التجاوب مع المطلب الأميركي بـِ«بحث اليوم التالي» للحرب على غزة. لكن المؤشرات تشي بأن ذلك لم يكن سوى ضوء أخضر جديداً لحكومة نتنياهو الفاشية, كي تمضي قُدماً في جرائمها, عندما قال نتنياهو كما مجرم الحرب وزير دفاعه/غالنت, بأن العام الجديد 2024 سيكون امتداداً للحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي.

ما يعني من بين أمور أخرى «توسيع دائرة الصراع»، وهو الذي زعمت إدارة بايدن انها حشدتْ أساطيلها وقوات النُخبة في جيوشها, كي تردع كل دولة أو تنظيم تحاول لتوسيع الصراع وخاصة في لبنان.

ليس مُفاجئاً والحال هذه أن تُسارع إدارة بايدن كما وسائل الإعلام الصهيواميركية, للقول كذباً أن نتنياهو, لم يُبلغ سيد البيت الأبيض الأميركي بعملية اغتيال العاروري إلا عند حدوثها. وهو أمر يصعب تصديقه ليس فقط لان جنرالات البنتاغون كما القيادة المركزية الأميركية (Centcom) وقادة الأسطول السادس, يشاركون في اجتماعات حكومة الحرب، كما فعل بايدن نفسه ووزير خارجيته بلينكن, ووزير دفاعه/اوستن ومستشار الأمن القومي/جيك سوليفان, إضافة إلى وليام بيرنز مدير وكالة الاستخبارات المركزية CIA.

فهل يمكن تصديق رواية مَغسولة كهذه؟.
زد على ذلك الدعوات التي انطلقت في عواصم أوروبيبة عديدة مباشرة بعد جريمة الإغتيال, خاصة تلك التي تنطّح الرئيس الفرنسي ماكرون لإطلاقها, عندما اتصل بمجرم الحرب/بيني غانتس طالباً منه «عدم التصعيد» خاصة في لبنان!!, دون ان يعترِض/ماكرون أو يحتجّ او ينتقد أو يُندد بعملية اغتيال العاروري. كونها تتعارض مع قرار مجلس الأمن 1701, الذي «ناضل» ماكرون شخصياً كما وزيرة خارجيته/ كاترين كولونا, وخصوصاً مبعوثه الى لبنان وزير الخارجية السابق/ لودريان، كي «يُحذروا» حكومة لبنان من مغبة توسيع الصراع, ناهيك عن عملهم الدؤوب والمثير للشكوك من أجل تطبيق قرار مجلس الامن 1701 الذي يعني – في نظرهم – إبعاد قوات حزب الله وخصوصاً قوات النخبة لديه/قوات الرضوان, الى شمال نهر الليطاني, تحت طائلة التهديد بان اسرائيل ستُوجه ضربة غير مسبوقة للبنان.

واذ اعلن حزب الله ان «جريمة كهذه لن تمر ابدا من دون ردًّ وعقاب»، على ما جاء حرفيا في بيانه الذي صدر بعد عملية الاغتيال، فقد كان لافتا التصريح الذي ادلى به مستشار نتنياهو الاعلامي مارك ريغيف لمحطة MSNBC الأميركية, اذ قال: نحن «لم نعلن مسؤوليتنا عن هجوم بيروت، وهو - اضاف ريغيف - لم يستهدف الحكومة اللبنانية ولا حزب الله»، مستطردا في ما يستبِطن اعترافا بالمسؤولية عن العملية: «نحن أوضحا ان كل من تورّط في مذبحة 7 أكتوبر هو إرهابي وهدف مشروع».

في حين نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤولين صهاينة قولهم: إن «عملية اغتيال العاروري نوعية وعالية الجودة»، فيما رأى وزير المالية الفاشي/سموتريتش أن «كل أعداء إسرائيل مصيرهم إلى الهلاك». أما عضو الكنيست عن حزب الليكود/ داني دنون، فقد «هنّأ» أجهزة الأمن الصهيونية باغتيال العاروري، واصفاً عملية الإغتيال بـ«الناجحة».

أما الكاتب في صحيفة «معاريف» والمُقرّب من أجهزة الإستخبارات الصهيونية/ يوسي ميلمان، فكشف ان اغتيال العاروري جاء عبر عملية استخبارية مشتركة بين «الموساد» وجيش العدو عبر طائرة مسيرة، واصِفاً العاروري بأنه أهم شخصية يتم اغتيالها من 7 أكتوبر الماضي. علماً أن رونين بار رئيس جهاز الأمن الداخلي/الشاباك، رونين بار، كان «هدّد» في الشهر الماضي, بالقول: إن إسرائيل ستُلاحق قادة حركة «حماس» في قطر وتركيا ولبنان، حتى لو استغرق الأمر سنوات.

يمكن القول إن نتنياهو «نجحَ» بالفعل في «خلط أوراق» منطقة, كانت وما تزال تقف على حافة الهاوية، في ظل أوضاع مُتدحرجة مفتوحة على احتمالات شتى, إن لجهة انخراط أطراف «غربية» أخرى فيها، تسعى لمنع تفكك الائتلاف الفاشي الذي يقوده مجرم الحرب/نتنياهو, وخصوصاً لمنع انفراط عقد مجلس الحرب بانسحاب غانتس وأيزنكوت منها, أو ــ وهذا احتمال آخر ــ «تمرد» نتنياهو على سيده الأميركي, وذهابه بعيدا عبر ارسال مقاتلاته لضرب «المفاعلات النووية»... الإيرانية.
* المقال مقتبس من صحيفة الرأي ويعبر عن رأي كاتبه