الإبادة الجماعية متواصلة: ضوء «أميركي» وتواطؤ «أوروبي»

03/12/2023

محمد خرّوب
من السذاجة تجاوز دبلوماسية الغش والخداع التي انتهجتها الإدارة الأميركية في اليوم الأخير من التهدئة, التي وُصفتْ زوراً أنها «هدنة انسانية»، فيما كانت مُجرّد فخ «مرحلي» تم الإتفاق عليه بين واشنطن وتل أبيب, ليس فقط لتخفيف موجة الضغوط الشعبية وبعض الرسمية في دول الغرب الإستعماري خصوصاً، بل وأيضاً لشراء مزيد من الوقت لحكومة الفاشيين والقتلة التي يقودهم النازي نتنياهو.(بالمناسبة كان افيغدور ليبرمان/ رئيس حزب «يسرائيل بتينو», كان شبّه نتنياهو بالنازي الألماني غوبلز، مُعتبراً/ ليبرمان أن «الحملة التي يديرها نتنياهو ضده وضد حزبه, تُشبه الدعاية التي كان يديرها غوبلز. حدث هذا في 21 أيلول 2022).

خاصّة ان بلينكن عندما حطّ في تل أبيب عشيّة انتهاء الهدنة الإنسانية, كان صرّح (مُراوغاً بالطبع) ان سيسعى الى تمديد الهدنة، لكن وسائل الإعلام الصهيونية نفسها فضحته, عندما نشرموقع «واللاّ» الإسرائيلي، أن بلينكن لم يبحث هذه المسألة عند حضوره إجتماع » كابينت الحرب», وكل ما حفِلت به «مداخلته» كان جملة تساؤلات،بعد ان أعطى «الضوء الأخضر» للمضي قدماً في الحرب على وسط وجنوب القطاع, عن «المدة» التي قد تستغرِقها الجولة الثانية وربما الأخيرة على القطاع, بما في ذلك المنطقة الشمالية التي لم يبسط جيش العدو السيطرة عليها. هنا - وفق موقع «واللاّ» تدخل رئيس الأركان الصهيوني/هبرتسي هليفي, الذي قال أن الحرب على غزّة «غير مُقيدة بعنصر الوقت», وأنه العمليات - أضافَ - في شمال وجنوب القطاع قد تستمر لمدّة » تزيد عن بضعة أسابيع أخرى».

وكي تتواصل لعبة الغش والخداع الأميركية, التي قادها مَن تفاخرَ بـ «يهوديته» عند زيارة «التضامنية» الأولى لإسرائيل, زُعِم ان بلينكن قال: انه «لن يكون بمقدوركم الإستمرار بالعملية العسكرية لأشهر ». وإذا عُدنا الى ما كان قاله بايدن وبلينكن وسوليفان وكيربي عند بدء «الجولة الأولى» التي سبقت أيام الهدنة السبعة/ القصف الجوي المكثف والإجتياح البرّي, عندما روّج الأميركيون بأن بايدن قال لنتنياهو: ان «الضوء الأخضر الممنوح لكم لن يدوم طويلاً, وأنه سيتحول الى ضوء أحمر». وهو أمر لم يحدث أبداً ويبدو أنه لن يحدث. خاصّة ان إدارة بايدن ورئيس دبلوماسيتها/ بلينكن, إتهم حركة حماس بأنها هي التي خرقت الهدنة, وأنها رفضت كل العروض التي قُدّمتْ لها, لمواصلة تبادل الأسرى/ المختطفين وفق المصطلح الصهيوأميركي, رغم ان الحقيقة تقول عكس ذلك، إذ تريد حكومة نتنياهو وإدارة بايدن مواصلة الإبتزاز واستدراج حماس الى إطلاق «المُجنّدات» بذريعة أنهن «نساء» إستمراراً للمبادلات السابقة, رغم انخراطهن الرسمي والميداني في العمل العسكري.

واصلَ بلينكن وفريقه تسريب المزيد من الأخبار/ الأكاذيب, بزعم نه قال لأعضاء كابينت الحرب ان إدارة بايدن تشعر بـ «القلق», من ان استمرار عمليات الجيش الإسرائيلي في غزّة، خاصّة بـ«الحجم والكثافة التي تجري بها حاليّاً»، سيزيد بشكل كبير «من الضغوط الدولية على اسرائيل والولايات المتحدة».. في الوقت ذاته الذي أبدى فيه دعمه للجولة الثانية من حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الفاشية الصهيوني على جنوب القطاع (الذي قيل للنازحين من شمال ووسط القطاع انه منطقة آمنة, تتوفر فيها كل أسباب الحياة من ماء ووقود وكهرباء وغذاء واستشفاء).
فإنه/بلينكن كرّر العبارة الأميركة المغسولة المعروفة طالباً من الكابينيت «اتخاذ المزيد من الإجراءات لضمان ألاّ تُؤدي العملية في جنوب القطاع الى أضرار جسيمة بالمدنيين».

كان لافتاً تطابق » الرواية المُسربة » في وسائل الإعلام الصهيوني المختلفة, حول حدوث «مُشادّة» (!!) بين بلينكن وأعضاء الكابنيت، تمحورت/ المشادّة «حول استمرار القتال واليوم التالي للحرب», وهو ما التقت عنده القناة/12 مع موقع «واللاّ», لكن التدقيق في ما زُعمَ ان بلينكن قاله, يكشف ان ليس هناك خلافاً جوهريّاً بين الطرفين (إن جاز إعتبارهما طرفان), حول مواصلة حرب الإبادة الجماعية التي يتولاها جيش القتلة في قطاع غزّة. إذ قالت القناة/12 أنه/ بلينكن شدّد على أنه «سيتعين على إسرائيل تغيير طريقة الهجوم وعدم تكرار ما فعلته في شمال قطاع غزة»، مطالبا إسرائيل «بتجنب العمل حيث يتركز السكان والنازحين وإجلاء عدد أقل من السكان, وتنفيذ هجمات أكثر دقة لتجنب الإضرار بالمدنيين وعدم الإضرار بمنشآت الأمم المتحدة».

ما يقارفه جيش العدو من جرائم وارتكابات, وعدد الشهداء والنازحين والدمار الذي تخلفه طائرات ومدافع جيش النازية الصهيونية, أميركية الصنع والتسليح, يكشف بوضوح ان إدارة بايدن شريكة في العدوان وليس وسيطا. في ظل صمت أوروبي مُطبق يعكس من بين أمور اخرى, ان سيناريوهات التهجير ورسم خرائط جديدة للمنطقة وليس للقطاع المنكوب وحده, لم تسقط عن جدول الأعمال الصهيوأميركي/الأوروبي.
* المقال مقتبس من صحيفة الرأي ويعبر عن رأي كاتبه