حكومة نتنياهو «تشرعِن».. «جرائم القتل» في مناطق فلسطينيي الداخل؟؟

03/10/2023

محمد خرّوب

في وقت تتواصل فيه جرائم القتل في مدن وبلدات فلسطينيي الداخل, على نحو زاد على 190 ضحية منذ بداية العام الحالي (28 ضحية في شهر ايلول الماضي وحده). كانت أكثرها عدداً وبشاعة سقوط «خمسة» قتلى من عائلة واحدة في بلدة «بسمة طبعون» الأربعاء الماضي. كان لافتاً فيها استخدام القتلة «طائرة مُسيّرة».

نقول: في سياق مشهد دموي كهذا يفرض نفسه على فلسطينيي الداخل, تقف فيه حكومات العدو موقف اللامبالاة, الأقرب إلى توفير المناخات الملائمة للمجرمين بمواصلة مجازرهم, عبر صرف أنظار الشرطة وأجهزة إنفاذ القانون الصهيونية عن الإنخراط الجاد فيه, وتفعيل دورها لوقف مسلسل جرائم القتل التي تقارفها العصابات الإجرامية. فيما تمنح حكومات العدو وشرطتها وأجهزتها «أولوية» مُطلقة لكبح الجريمة في «الوسط اليهودي».عبر مطاردة زعماء عصابات العالَم السُفلي اليهودي. كشف موقع صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» في تقرير بثّه السبت الماضي, ان حكومة نتنياهو «أوقفتْ» برنامج «منع الجريمة في الوسط العربي», المعروف باسم «المسار الآمن», الذي كانت أطلقته الحكومة السابقة برئاسة/يائير لبيد. ما عكس من بين أمور أخرى «الارتفاع غير المسبوق في الجريمة منذ بداية العام الحالي, وتحديداً بعد تشكيل الائتلاف اليمين الفاشي برئاسة نتنياهو.

البرنامج الذي أوقفه نتنياهو, كان مُقرراً ان يستمر لأربع سنوات مقبلات (إعتباراً من نهاية عام/2022), لكن تسلّم العنصري الأرعن/بن غفير وزارة الأمن القومي, التي تم ضمّ مسؤولية الأمن في الوسط العربي إليها, وجّه ضربة قاصمة لـ«المسار الآمن", إلى ان تم وقفه رسمياً. وكان قد قيل في وصف هذا المسار إبان حكومة لابيد, ان الغرض الرئيسي منه, هو «تحديد وإدانة ذوي التأثير الأكبر على عالم الجريمة, وفق نهج شامل لتكثيف الضغوط على المجرمين وخاصة في الجانب المالي», ووضع حدٍ «لشعورهم بالإفلات من العقاب, من خلال جعلهم يفهمون ان قواعد اللعبة قد تغيّرت».

وإذ من المعروف بديهياّ وعلى نطاق عالمي وليس فقط في دولة العدو, ان منع الجريمة هو من صميم مسؤولية الحكومات وأجهزة الشرطة والسلطات المالية, ما يعني أن السلطات المحلية/ البلديات.. لا تستطيع كبح الجرائم التي تقف خلفها عصابات مُنظمة, ناهيك عن تواضع إمكانات وصلاحيات سلطات كهذه, فإن إقدام حكومة نتنياهو على وقف برنامج «المسار الأمن», يُشكّل رسالة «طمّأنة» لهذه المنظمات, وأن على قادتها ان لا يقلقوا بعد ان تم إغلاق المسار الآمن. مسارٌ كان قادة سلطات عربية في الداخل الفلسطيني أكدوا «أثبت فاعلية العام الماضي, وأصاب نجاحاً ملحوظاً خلال الأشهر الستة الأولى من البرنامج», إذ وجّهت الشرطة ــ أضافوا ــ 188 تهمة إبتزاز عن طريق التهديد, بزيادة قدرها 90% مقارنة بالعام السابق, كما تم مصادرة أسلحة إضافية بنسبة 40%.

دون إهمال ما تحفل به «بعض» وسائل الإعلام الصهيونية, من تعليقات ودعوات إلى وضع حد لعربدة المنظمات الإجرامية في الوسط العربي, على النحو ــ كمثال ــ الذي كتبه أهارون إكسول في صحيفة «إسرائيل اليوم» بعنوان «على الحكومة ان تُعلن حالة طوارئ» جاء فيها: لا بد من اعلان حالة طوارئ وتصعيد الصدام بين الشرطة وأجهزة انفاذ القانون ومراكز الجريمة المنظمة,قتل فظيع وقاس آخر في المجتمع العربي، عائلة أخرى دفعت ثمناً باهظاً – امرأة وابناها واثنان من عائلتها. مرة أخرى ــ أضافَ ــ سنرى الاتهامات إياها مثلما رأينا في السنوات الأخيرة. مرة أخرى سيبدأ السياسيون من كل الاتجاهات يتهمون الواحد الاخر بالقصور في معالجة الجريمة في المجتمع الاسرائيلي - العربي. ومع ذلك، وللحقيقة ــ واصَل ــ في القصور في معالجة المجتمع الإسرائيلي العربي, مُذنبة كل حكومات إسرائيل في العقود الأخيرة. على الدولة ــ ختمَ أكسول ــ أن تعرف بأن هذه حالة طوارئ. تعريف حالة كهذه, يُلزم بشكل مُوحد عموم الوزارات الحكومية، سلطات جهاز انفاذ القانون واعداد الخطط للعمل الفوري, بِلا كًل اللجان التي لا تُحصى.

أما النائب السابق في الكنيست ورئيس التجمّع الوطني/سامي ابو شحادة, كتبَ في مقالة له في «هآرتس» تحت عنوان: «ألفا مُواطن عربي قُتلوا، مطلوب عصيان مدني عربي الآن»...: إن العنصرية والتمييز اللذيْن تتعامل بهما الشرطة واجهزة الدولة مع الاقلية العربية الفلسطينية, يقتضي القيام بعصيان مدني من اجل تحقيق حق اساسي للمواطن، وهو الحق في الحياة، مُضيفاً:» حوالي 2000 مواطن عربي قتلوا منذ بداية العام 2000 في دولة اسرائيل. غالبيتهم الساحقة على يد عصابات الجريمة المنظمة في المجتمع العربي الفلسطيني. في الدولة ــإستطرد ــ التي كلها اذرع أمن وتمتد على مساحة جغرافية صغيرة نسبيا، نحن نشاهد ظاهرة واضحة ومُدمرة.نفس هذه الدولة، مع الاجهزة الامنية والشرطية، يمكنها توفير الأمن لمعظم مواطنيها اليهود الذين يشكلون 80% من اجمالي سكانها، وتحرِم المجتمع العربي من الامن، الذي يشكل20 % من اجمالي سكانها».

* المقال مقتبس من صحيفة الرأي ويعبر عن رأي كاتبه