العلاقات العربيّة- الأوروبيّة بين مقاربات التنمية وتحديات التطرف والهجرة

04/05/2016

 

بين التحوّط والتقارب، وطيّ صفحة الماضي ومواجهة الإرهاب، هل يمكن للعلاقات العربيّة- الأوروبيّة أن تتأطّر باعتراف كلا الطرفين بجملة ما بينهما من مصالح؛ خصوصاً بعد أن دخل متغيّر اللجوء السوري على النموذج، وقلب كثيراً من الأوراق، مطمئنّاً مرّةً إلى المنطلقات الأوروبيّة وثوابتها المبدئيّة في احترام حقوق الإنسان، ومتهيّباً مرةً أخرى من النظرة إلى اللاجئين أغراباً لا يحملون غير الإرهاب؟!

وما مدى احتفاظ الذهنيّة العربيّة بمفردة (المؤامرة) واستدعائها الموضوعي لـ(سايكس بيكو)، المعاهدة التي احتلت بسببها فلسطين، تحت مسمّى الانتداب وإنفاذ وعد بلفور؟!.. وكيف يقرأ الفكر الأوروبي الأثر التاريخي الذي أحدثته (الحروب الصليبيّة) في نفوس دول لوّحت بالنفط سلاحاً عام سبعةٍ وستين؟!

تلك وأسئلة ذات علاقة كانت محاور المستديرة التي نظّمها مركز الرأي للدراسات تحت عنوان (العلاقات العربيّة- الأوروبيّة بين مقاربات التنمية وتحديات التطرف والهجرة)،وأدارها رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية الأردنية الزميل رمضان الرواشدة، وناقش فيها سياسيّون وخبراء ما يمكن أن تؤديه النخب العربيّة السياسيّة في أوروبا ودول البلقان، باستثمار التعاطف الأوروبي أمام (مظلوميّة) الشعب الفلسطيني، والبحث عن قنوات مشتركة لتعزيز الحوار والتواصل وإقامة المشاريع التنمويّة للشباب للحد من قوافل اللاجئين، بعيداً عن النظرة إلى العرب مصدراً للتجارة أو النفط.

الندوة، التي شارك فيها متحدثاً رئيساً الخبير الدبلوماسي الدكتور ياسين الرواشدة، أكّدت أهميّة أن يتخلى العرب عن الصورة النمطيّة تجاه الأوروبيين، وأن يتفهّموا العقليّة الأوروبيّة الأمنيّة أو التقليدية المتوجّسة من العرب والمسلمين مع ظهور الحركات المتطرفة وحالة القلق التي كانت أعقبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

كما انطلقت من ضرورة أن يتعاون الجار الأوروبيّ والعربيّ في مستقبلٍ مشرقٍ ينبني على مدى النجاح في مواجهة خطر الإرهاب. وفي الجانب الثقافي اهتمت الندوة بالإشعاع الحضاري العربي للأندلس وقرطاج في دول أوروبا، وهو الإشعاع الذي يؤكّد أنّ الأمّة العربية مؤهّلةٌ اليوم للتعاون الحضاريّ المأمول.

حررها - إبراهيم السواعير وبثينة جدعون

نيسان 2016

الرواشدة: المهاد التاريخي

 

وصف الخبير في العلاقات العربية-الأوروبية الدبلوماسي الدكتور ياسين الرواشدة العلاقات العربية-الأوروبية بأنّها تتسم بالحذر والشك، معللاً هذا الشك بأنّه يستند إلى دوافع وأصول ومبررات على مر التاريخ.

وعاد الرواشدة إلى غزو الاسكندر المقدوني الأوروبي للشرق والمنطقة، كما عاد إلى القرن الثالث قبل الميلاد بمجيء هنيبعل إلى روما واستيطانه في جنوب فرنسا وإسبانيا.

وتحدث عن دور أهل المنطقة في نشر الديانة الشرقية المسيحية في أوروبا عبر المبشرين بطرس وبولس، متناولاً حالة الخوف والحذر التي قوبلت بها الأفكار المسيحية لهؤلاء المبشرين في أوروبا، شارحاً أنّ الدعوة المسيحية التبشيرية واجهت نوعاً من الغضب، مدللاً بكثير من الدعاة والمبشرين والأنبياء الذين كسروا كثيراً من الحواجز، وخصوصاً السياسية منها والأنظمة الحاكمة في ذلك الوقت.

كما تحدث عن الدولة البيزنطية والرومانية ومجيئهم المنطقة في مرحلة لاحقة، مؤكّداً أن تبادل الغزوات عبر التاريخ إنّما كان لأسباب اقتصادية وسياسية مختلفة، مشيراً إلى محطة مهمة في تاريخ علاقات هذه المنطقة مع أوروبا، وهي الحروب الصليبية التي خلقت مفهوماً مهماً جداً عن العرب والأوروبيين، موضّحاً أنّ لهذه الحروب شعاراً دينيّاً، عدا أنها أسست لهذا الحذر الشديد، كون الحروب الصليبية وغزواتها كافة كانت تتصف بالدموية ضد الشرق.

المسيحيون العرب

 

ونبّه الرواشدة إلى أن المسيحيين العرب واجهوا المصير الدموي نفسه الذي واجهه المسلمون، مبيناً أن بداية الفكر اللاتيني في المسيحية جاء مع الحروب الصليبية، كما أنّ الكثير من الكنائس الشرقية في الأردن قبلت الكاثوليكية إما مرغمة أو بالترغيب على إثر الحروب الصليبية ومؤثراتها.

ورأى أنّ هذه الحروب جاءت في مرحلة قاتمة بعد سقوط الدولة العباسية والفاطمية والمماليك الذين ردّوا الصليبيين إلى حد كبير، ناقلاً، ومن قراءاته واتصالاته مع بعض المفكرين الأوروبيين، النقد الذي واجهته هذه الحروب داخل الفكر الأوروبي، لأنها غير مبررة وغير مفيدة بل وعدوانية، متمثلاً بوصف الفيلسوف الفرنسي الشهير فولتير لها وصفاً سلبياً، لافتاً إلى نظرة أحادية للحروب الصليبية على أنها حرب دينية باسم الصليب نحو الشرق لإخضاعه.وتحدث الرواشدة عن الفكر الأوروبي المتحرر بعد الثورة الصناعية والثورة الفرنسية التي حررت الفكر الأوروبي وساعدت في ظهور المدارس الفلسفية التي أطلقت العنان للتفكير الحر، إذ ما تزال الحروب الصليبية في الذهنية العربية نقطة سوداء حتى اليوم. كما تحدث عن الغزوات التي قامت بها الإمبراطوريات البريطانية والفرنسية للمنطقة لأغراضٍ استعمارية بحتة، لافتاً إلى عدم خلّوها من التدمير والقتل الذي أعاد للأذهان الحروب الصليبية والفكر الصليبي، مشيراً إلى المجاهدين في شمال أفريقيا، وتحديداً من السكان المسلمين، الذين اخذوا العامل الديني مؤشراً للنضال للتحرر من الاستعمار الفرنسي، ذاكراً عبد القادر الجزائري مثالاً على ذلك.

وأضاف الرواشدة أن الوطن العربي ووفقاً للتاريخ الحديث ما يزال يعاني إلى الآن من المؤامرات الأوروبية التي بدأت من اتفاقية سايكس بيكو، وكان بإمكان العرب أن يتخطوها، فلا يقبلوا بها.

ورأى أنّ الدور الوطني يغيب دائماً في الذهنية العربية، كما أننا نلغيه في مواجهة هذه المؤامرات الأوروبية ولا نتحدث عن وظيفتنا أو دورنا، لافتاً إلى أننا إذا أردنا أن نقاوم فإنّ المسؤوليّة تقع علينا بالتأكيد.

وانطلق الرواشدة من أنّ كارثة فلسطين التي حصلت هي نتيجة أوروبية، سواء من خلال الانتداب البريطاني أو التآمر الأوروبي للتخلص من اليهود بطريقة أو بأخرى، ودفعهم لهذه المنطقة، وهي الكارثة التي ما نزال نعيش نتائجها السلبية والخطيرة.

ودعا إلى أن نتحدث عن مساوىء مسؤوليتنا كعرب في فلسطين، لافتاً إلى أننا لا نتحدث دائماً بشكل نقدي عن المسؤولية العربية، مهتماً بوقفة الجيش الأردني المشرّفة بـ4000 جندي بسلاح بسيط وخفيف ومتوسط.

واستعاد الرواشدة فترة ما بعد العدوان الثلاثي ومرور المنطقة بمرحلة استقطاب سوفيتي-أميركي، الأمر الذي أحدث انشطاراً داخل الوطن العربي، ما أدى إلى تفاعل وخلافات وقيام حروب عربية عربية.

وتحدث عن معطيات جديدة في حرب 67 ، ذاكراً موقف العرب الحازم والمعنوي عبر إيقاف النفط عن أوروبا، متناولاً فترة احتلال إسرائيل باقي الأراضي العربية الفلسطينية والجولان وسيناء، وتهديدها الواضح، مؤكّداً على تغيرّ وجهة النظر الأوروبية من النخب الثقافية، مدللاً بانّ إغلاق صمامات وأنابيب النفط لعب دوراً أوروبياً، فبدأ الحديث عن حوار عربي-أوروبي عام 74، وهو الحوار الذي يعود تعثّره في الدرجة الأولى إلى الأوروبيين أنفسهم، وإلى الضعف العربي والخلافات العربية.

وأكد الرواشدة أن العلاقات العربية الأوروبية لم تكن منظمة بشكل كافٍ باستثناء الاتحاد الاوروبي الذي عمل اتفاقية مع اتحاد دول الخليج العربي نظّمت معه العلاقات السياسية وخاصة الاقتصادية، في حين ظلّت بقية الوطن العربي خارج هذه المعادلات المنتظمة، بخلاف الاتفاقيات الثنائية التي كانت بين المغرب وتونس، مشيراً إلى أنّ جميع المبادرات التي حصلت بحوار عربي أوروبي تعطّلت وفق اشتغالات صهيونيّة، ولم تقم الدبلوماسية العربية بدورها في تفعيل هذه العلاقات وتنظيمها وتطويرها على أسس صحيحة.

ورأى أنّ أوروبا ليس لها موقف موحد من القضايا العربية، فهناك مواقف عامة واختلاف في وجهات النظر، لافتاً إلى السنوات الأخيرة وما حملته من تفاهم عربي-أوروبي، خاصة مع دول أوروبا الغربية، بخلاف دول أوروبا الشرقية التي كانت صديقة للعرب وأصبحت الآن أكثر عداوة لهم لأسباب كثيرة.

الأزمة السورية

 

كما رأى أنّ الأزمة السورية لعبت دوراً كبيراً في هذه العلاقة، ودوراً ربما أكثر أهمية في الوضع الأمني، خصوصاً مع ظهور الحركات المتطرفة، مهتمّاً بالعقلية الأوروبية الأمنية أو التقليدية المتوجسة من العرب والمسلمين، وتحديداً بعد "أحداث سبتمبر" التي أوجدت حالة من التوتر والقلق الشديدين، حيث الميزانية الأوروبية أصبحت تنفق أكثر على قضايا الأمن والدفاع على حساب قضايا التعليم والصحة والخدمات التي تعدّ مهمة بالنسبة إلى المواطن الأوروبي، الأمر الذي يُقلق الأوروبي، مستنتجاً عودة تلك العلاقات إلى الحذر، خصوصاً بعد ظهور منظمات عربية داخل المجتمعات الأوروبية من العرب الذين حصلوا على الجنسيات الأوروبية ومارسوا أفعالاً مشينة.

وقال إن منطقة البلقان مرشحة لأن تلعب دوراً مهماً في تجسير الثغرة الكبيرة بين العرب وأوروبا، وتحديداً في ظل وجود كثافة واسعة من المسلمين المتواجدين هناك، خصوصاً وأن نسبة كبيرة منهم هم من المعتدلين.

وأكد الرواشدة أنّ اللاجئين استقبلوا بسبب النظرة الإنسانية، انطلاقاً من أنّ القوانين الأوروبية تتضمّن استقبال أي شخص يتعرض للقتل في بلده، فهي قضية دستورية، بالإضافة إلى الثقافة الانسانية التي تُدرّس في المدارس والمناهج وتدعو إلى مساعدة الآخرين.

وأشار الرواشدة إلى أن تركيا وألمانيا تعدان أكثر دولتين أسهمتا بشكل إيجابي في معالجة اللاجئين السوريين، في حين أننا لاحظنا بالمقابل أنّ دول أوروبا الشرقية قامت بدور إعلامي سلبي تجاه اللاجئين السوريين، كونهم أجانب ومن الأغراب المرشحين لأن يكونوا إرهابيين.

ورأى أنّ العقلية الأوروبية ليست موحّدة، وأنّ هناك شبه إجماع في أوروبا على أنّ الشعب الفلسطيني مظلوم، وأنّه يجب عليه أن يأخذ حقه من أجل الدولة، مؤكداً أن الأحداث الأمنية الأخيرة أثّرت سلباً في القضية الفلسطينية. ومن ذلك دعا الحكومات العربية إلى ألاّ تنظر إلى أوروبا نظرة موحدة نمطيّة.

وأوضح أن إيرلندا مثلاً لها مواقف قريبة جداً من القضايا العربية، كما أنه يوجد هناك تفاهم داخل فرنسا وداخل كل دولة أوروبية، مثلما أنّ هناك نواباً ومنظمات مجتمع مدني، وبالتالي فهناك تفاوت في النظرة الأوروبية للعرب، في حين أن غالبية العرب ينظرون للأوروبيين نظرة موحدة على أنّهم خصوم وأعداء تاريخيون. وقال: (تاريخياً هم جيراننا، فأوروبا شبه جزيرة آسيا وامتداد للفتوحات والتوسع الاقتصادي).

وذكر الرواشدة أنّ الاقتصاد العربي يوازي نصف اقتصاد اليابان، داعياً العرب أن يضعوا أنفسهم في المكان الصحيح، ويقيّموا إمكاناتهم ووضعهم بشكل صحيح، مضيفاً أننا ومن خلال المعلومات والتقييم الصحيح نستطيع أن نتجه إلى المعالجة، إذ لا يمكن للعلاقات العربية الأوروبية إلا أن تكون علاقات طيبة لمصلحة الطرفين، كما أنه لا بد من حوار.

وأضاف أنّ بيننا وبين أوروبا حواراً يجب التعامل معه، مبيّناً أنّ هذا التفاهم موجود في أوروبا، فهناك نخب سياسية كثيرة وعرب مهمون في أوروبا، مشيراً إلى أنه لا توجد حكومة في الدول الأوروبية المهمة إلا وبها نواب ووزراء من أصول عربية، خالصاً إلى أنّ هنالك تأثيراً من العرب ولكنّه غير مؤطر.

ودعا الرواشدة إلى أن نستخدم كعرب دول البلقان، بوصفها دولاً صديقة وفيها كثافة سكانية من المسلمين، همزة وصل في تأطير العلاقات وتطويرها مع أوروبا، مثلما يمكننا الاستعانة بالعرب الموجودين في أوروبا، وتحديداً السياسيين منهم.

كما أكد على أهمية إيجاد قنوات مشتركة بين الطرفين وتعزيز هذه العلاقات العربية-الأوروبية بعيداً عن النظرة الأوروبية للعرب كونهم مصدراً للنفط والسوق التجاري، وإنما عبر قنوات أخرى كالحوار والتواصل ومد الجسور وإقامة مشاريع تنموية للشباب للحد من ذهاب اللاجئين إلى أوروبا.

الفواز: عدم التكافؤ

 

قال أمين عام حزب الإصلاح الأردني الدكتور كليب الفوّاز إنّ العلاقات الأوروبية العربية بدأت مع بداية الحروب الصليبية، إذ مرت بثلاث مراحل وكان أساسها الدين، مشيراً إلى الاجتماع الأول في جنوب فرنسا في نهاية القرن العاشر، ذاكراً باليان وبداية الحروب الصليبية والامتداد بعد ذلك.

وأضاف أن المرحلة الثانية كانت بعد الحرب العالمية الأولى، إذ كانت هناك 3 دول مؤثرة هي: بريطانيا وفرنسا وروسيا الشيوعية، مشيراً إلى أنّ بريطانيا طرحت مفهوم القومية التي تقوم على مهاجمة الأساس الديني والسياسي للعالم العربي، وبذلك الوقت لم يكن لدى العرب قومية أو نهضة، فقد كانت لديهم دولة مسلمة وكان يحكمهم العثمانيون.

وتابع الفوّاز أن هذه الدول الثلاث هاجمت الأساس السياسي لهذه المنطقة، فبريطانيا جاءت بالقومية العلمانية في فصل الدين عن الدولة، وفرنسا جاءت بدعوتها إلى الطائفية، ثم روسيا الشيوعية التي جاءت بالفكر الشيوعي غير المعترف بالدين.

وأشار إلى أن المرحلة الحالية هي الثالثة وأساسها الدين، وذلك باتهامنا بالتطرف الذي جاء من الإسلام، وأننا نريد ان نهاجم الدول الغربية ونقضي على الفكر التحرري الأوروبي. وأكّد الفوّاز أنّ الاسلام في حقيقته بعيد عن ذلك.

وأوضح أنه ونتيجة لهذه المراحل الثلاث، أصبح العالم العربي تابعاً كما أنّ الأوروبيين باتوا يفرضون ما يريدون، مشيراً إلى اتفاقية سايكس بيكو التي وقعتها فرنسا وبريطانيا عام 1916، مضيفاً أنهم الآن يتحدثون عن تقسيم جديد وكأنه لا يوجد لدينا أي دور، بل وكأن هذا الدور لا يعنينا.

وأضاف أن الأساس في العلاقات أن تكون متكافئة، واجداً أنّ علاقاتنا غير متكافئة، إذ يفرضون شروطهم ويريدون تقسيمنا وكأنه ليس لدينا علاقة بالمستقبل الخاصّ بنا.

عبيدات: تعاون الحضارات

 

قال السفير السابق الدكتور خالد عبيدات إن الله استصفى العالم العربي عن غيره من بقاع الكرة الأرضية منزلاً فيه الديانات السماوية الثلاث، وهذه دلالة ربانية تدعونا لفهم أهمية هذه المنطقة التي اكتسبت أهمية ربانية واستراتيجية تتنامى باستمار على مدى الزمن.

وأضاف أنّ كل دولة في العالم تحلم بأن يكون لها مكانة في المجتمع الدولي، وتسعى لأن يكون لها موضع قدم في العالم العربي، وأن هذه نظرة العالم المستمرة للعالم العربين ولذلك فهنالك تدخلات مستمرة في المنطقة سواءً كانت هذه المنطقة تتمتع بالقوى الذاتية أو كانت ضعيفة، شارحاً أنّ التدخلات لم تتوقف على الإطلاق، منذ اليونان والرومان وحتى العصر الحديث الذي جاء بعد إمبراطورية الإسلام، مشيراً إلى المراحل التي أبدعت فيها هذه المنطقة حين بعثت الحياة في الحضارة الغربية التي أصيبت بالجمود والصدى، فالعالم الأوروبي مَدين للعالم العربي بذلك.

وأكد عبيدات أنّ الحضارات تتعاون ولا تتصارع، فالعالم العربي هو أقرب جار للعالم الأوروبي، وتبقى العلاقة باستمرار علاقة جيرة، مضيفاً أنه كلما كان الجار أكثر وعياً كانت العلاقة أكثر استقراراً، لافتاً إلى أن الوعي وخاصة لدى الطرف الأوروبي غلبت عليه في كثير من الأحيان الأنانية والطمع، فدول البرتغال وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا مثلاً أصبحت دولاً استعمارية، والعالم العربي كان دائماً في موقع الهدف بالنسبة لجميع الإمبراطوريات الاستعمارية الأوروبية.

وقال إنه في مرحلة الحروب الصليبية التي أسماها "حروب الإفرنج"، وصلت المنطقة العربية إلى مرحلة الاستعمار الأوروبي ثم التحرر الذي تلته مرحلة الاستقرار، مضيفاً أننا الآن في مرحلة ما بعد الاستقرار، إذ اتسمت العلاقة العربية-الأوروبية بالقلق الكبير، وبأنها متطورة جداً، ومتابعتها لا يمكن أن توحي بأنها تتجه في الاتجاه الصحيح أو الخاطىء، مشيراً إلى أن هناك أموراً شائكة في العلاقات العربية-الأوروبية.

وانطلق عبيدات من أننا الآن في مرحلة هيمنة الإرهاب على العالم كافة وليس فقط على المنطقة العربية، فأوروبا والعالم العربي الآن يداهمهما خطر هائل يتمثل بالإرهاب الذي لا يميز بين عربيّ أو أوروبي، وبالتالي فقد بدأ الانفتاح من جديد بين العالمين العربي والأوروبي على أسس سليمة للوقوف ضد الإرهاب.

ولفت إلى أن العالم ليس مقتصراً على عرب وأوروبيين، فهناك الأميركيون واليابانيون ودول آسيا، الأمر الذي يشير إلى أنه لا يمكن أن تكون العلاقة فقط عربية أوروبية بمعزل عن المجتمع الدولي عامة.

وأكد عبيدات أن التعاون أصبح ينصبّ على موضوع الإرهاب وكيفية الوقوف ضده، فقد تجاوز موضوع العلاقات الاقتصادية والثقافية، موضّحاً أنّ العالمين العربي والأوروبي كليهما يعانيان من الإرهاب الذي نهش الوطن العربي فحول أجزاءً كبيرةً منه إلى ما يشبه الرماد. وساق عبيدات الوضع في سوريا والعراق وليبيا واليمن، مشيراً إلى أن الأمل الآن يتمثّل في الأردن الذي يمثل الحلقة المشرقة المتينة لإحياء العلاقات العربية الأوروبية، والدليل على ذلك المكانة المحبوبة والمرحب بها التي يحتلها الأردن في الدوائر الأوروبية والأميركية، والتي يتربع من خلالها على مكانة جيدة للتفاهم ومخاطبة العقل لمكافحة الإرهاب.

وراى أنه هناك توازناً ومصلحة مشتركة اليوم بين الأوروبيين والدول العربية الواعية للقضاء على الإرهاب، مضيفاً أنه ومن هذه الزاوية بدأت العلاقات تنمو وتعود بشكلٍ صافٍ، لأن هناك مصلحة مشتركة أعلى من المصالح الاقتصادية والثقافية، وهي في الوقوف ضد العدو الماثل الذي هو الإرهاب، لافتاً إلى أن مستقبل العلاقات العربية الأوروبية يتوقف على مدى النجاح الذي يمكن أن يتحقق في محاربة الارهاب.

رواشدة: أثر الإرهاب

 

ذكر رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية الأردنية رمضان الرواشدة إننا كعرب ومسلمين موجودين في أوروبا، وبحسب الإحصاءات فإن نسبة المسلمين في أوروبا خلال السنوات القادمة ستكون أكثر من 20%، فهناك وزراء من أصول عربية في مختلف الحكومات الأوروبية.

وأشار إلى أننا ذهبنا لهذه الدول الأوروبية من أجل العيش بأمان وبدلاً من ذلك عطّلنا عليهم، مشيراً بذلك إلى أن الشباب الذين قاموا بالعمليات الإرهابية في فرنسا ولدوا فيها، واحتضنتهم أوروبا، متسائلاً: ما ذنب أوروبا لكي تحتضن هؤلاء فنورّد لهم الارهاب؟.

وأكد الرواشدة أننا لا نريد تغيير أوروبا، بل أن نتعاون معها وأن لا نذهب عندهم بهدف تغيير دينهم وثقافتهم، فهناك جانب مظلم ظهر مؤخراً في بلجيكا وغيرها.

الطويل: الرؤية الأردنيّة

 

قال السفير السابق فالح الطويل إنه وعبر القرن الأخير قامت أزمة في العلاقات العربية-الأوروبية، وهي أزمة مستمرة لها أشكال مختلفة شكّلت اتفاقية سايكس بيكو مرحلة مهمة منها عبر تقسيم المنطقة العربية والسيطرة عليها واستمرت مع ترتيبات معينة لم تغير من طبيعة العلاقة حتى قيام إسرائيل.

وأضاف أن الرواية الإسرائيلية أصبحت عاملاً مهماً في تحديد العلاقات الأوروبية نحو العرب، ومثّلت عقبة كبيرة في تشكيل الخلفية الأساسية التي تحدد كثيراً من المواقف الأوروبية سواء على المستويين الحكومي والشعبي.

وأشار الطويل إلى مرحلة أخرى تتمثل في انقسام الشرق الأوسط على طرفي الخط العمودي الفاصل بين الشرق والغرب في الحرب الباردة، مضيفاً أنها مرحلة مهمة جداً، لأنها كانت المنطلق الذي قامت له حروب عربية-عربية في الداخل، وكانت هناك محافظة على الاستقلال في الوقت ذاته.

كما أشار إلى مرحلة الوضع الحالي وكشف كذب الرواية الإسرائيلية، مبيناً أننا الآن أمام وضع أوروبي ومجتمع مدني أوروبي مختلف يؤمن بأن إسرائيل، وخاصة بعد سقوط نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، نظام عنصري من الدرجة الأولى، وهو مرفوضٌ لديهم على مستوى الشعب، إضافة إلى أن برلمانات أوروبا قررت التوصية للحكومات بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، مشيراً إلى دور منظمة ""BBS التي أصبح لها أثر في كل "مول" في أوروبا.

وأكد الطويل أن أوروبا انقلبت على المستوى المدني، وستنقلب شيئاً فشيئاً على مستوى الحكومات، فهناك انكفاء نحو الخلف في أوروبا بعيداً عن القبول برواية إسرائيل. ورأى أن الشيء الواحد الثابت في مرحلة ما بعد الربيع العربي، هو الرواية الأردنية والموقف الأردني العقلاني القائم على رعاية المصالح المشروعة لكل دول العالم في الشرق الأوسط والاعتراف بها، مشيراً إلى أنها استمرت لدرجة أصبحت فيها عمّان عاصمة المشاورات العالمية في ما يتعلق بكل قضايا الشرق الأوسط.

وقال الطويل إن الأردن وصل بعد الربيع العربي إلى أن يصبح المثل في التكاتف الوطني الداخلي بين قيادته وجيشه وأمنه وشعبه.

ورأى أننا لا تستطيع تنظيم العلاقات العربية الأوروبية تنظيماً حقيقياً على أسس حديثة ما لم تعمم التجربة الأردنية على البلاد العربية.

 

العمايرة: الشراكة القويّة

 

قال رئيس المرصد الديمقراطي الأردني الدكتور مالك العمايرة إنّ الحديث عن التعايش والعلاقات الطيبة مع الأوروبيين يتزامن مع ما تمر به أوروبا من إرهاب وتشدد، مشيراً بذلك إلى التفجيرات التي وقعت في فرنسا.

وأضاف أن مادة المتشددين هي هذا الصراع الذي بيننا وبين أوروبا أو بمعنى آخر بين الروم والمسلمين، أو الظلم الذي يقع على الشرق من الغرب وبالتالي كان الرد عليه بهذه الطريقة من التشدد وهذه الأحكام غير الصحيحة التي تظلم الإسلام.

وأشار العمايرة إلى أن اللجوء يأتي في أجواء تستقبل فيها أوروبا المهاجرين من منطلق إنساني، إضافة إلى عامل آخر هو أن أوروبا تعيش في مرحلة صعود التطرف اليميني، فهم معتقدون أنّ هذه القضية تؤثر على التوازن السكاني فيها، وأن المسلمين قادمون وسيشكلوا ما نسبته 20% من عدد السكان.

وأكّد أننا نعيش في عصر تحولات سياسية واستراتيجية كبيرة في العالم العربي، مشيراً إلى ما ورد في التقرير الذي صدر العام الماضي عن معهد "راند" من أنه خلال 10 سنوات لن نرى الاتحاد الأوروبي، وستختفي بعض الحدود بين الدول الأوروبية، وستتغير هذه الصورة، مضيفاً أن أوروبا مقبلة على مرحلة من التغييرات السياسية وفقاً لهذا التقرير، فهناك تغيرات بالمنطقة، كما عدّ العمايرة ذلك فرصة إيجابية لإعادة النظر في العلاقات بين الشرق والغرب.

وبيّن العمايرة أنّ منطقتنا العربية منطقة متوسطة في العالم، بوصفها منطقة متحدرة خدمها طريق الحرير الذي يربط بين الشرق والغرب ويمر بالأردن، وهو طريق تجاري قديم ويحمل الخيرات لكل البلدان والمناطق المارة فيه، مضيفاً أن الشرق عاش طوال التاريخ مرحلة من الرخاء الاقتصادي والحضاري بسبب الحركة التجارية التي تمر به، مرجّحاً أن يكون هذا هو السبب وراء نزول الأديان في هذه المنطقة وانتشارها إلى باقي العالم.

وأضاف أنّ أوروبا بالمقابل كانت تعيش مرحلة من الفقر، فالزراعة كانت تزدهر بها صيفاً فيما كانت أوروبا باردة ومتجمدة بقية السنة، كمل كانت خيراتها قليلة، لذلك كان الأوروبيون مشهورين كمحاربين يقومون بغزواتهم من أجل الحصول على الغذاء.

وقال إنّ الأوروبيين اتجهوا بحروبهم نحو الشرق رغبة بالدفء والخيرات والنفط والطاقة، كما أن هناك رغبة لديهم بالطاقة الشمسية الموجودة لدينا، فالأوروبيون يضعون الخطط لاستغلال الأراضي العربية في شمال أفريقيا بهدف استغلال الطاقة الشمسية بطريقة استعمارية.

ورأى أنّه لا بد من وجود شراكة تتسم بالتكافؤ لقيام علاقة عربية أوروبية، منوّها إلى أنّ التكافؤ لا يكون مع الضعيف، فالضعف هو ضعف الإرادة الوطنية، مضيفاً أننا عندما نكون ضعيفي الإرادة الوطنية فإننا لا نسعى لمصالحنا، بل نضع المصالح خلف ظهرنا، وأشار العمايرة إلى أن الدولة الوطنية العربية لا تحافظ على المصالح الوطنية العربية إنما تحافظ على الكراسي دائماً بعيداً عن أولويات الأوطان.

وشدّد العمايرة على أهمية وجود إرادة وطنية عربية تظهر للعالم أن لدينا مصالح وندافع عنها، وبالتالي يقبلوننا كشريك، وعلى ألا نغفل عن دور المثقفين الأوروبيين بالتخويف من الشرق ومن الحضارة العربية والإسلامية عبر استحضار التاريخ العثماني والأندلسي، مشيراً إلى وجود قوى داخل المجتمع الأوروبي تخوّف من العرب وتحاول أن تجيش الجيوش وتضغط على السياسيين ليتم تقسيمنا أكثر.

العدوان: عبء اللجوء

 

رأى أمين عام حزب الاتجاه الوطني الدكتور حسين العدوان أنّ كلمة الإرهاب والتطرف مرتبطة دائماً بالعرب، داعياً إلى تغيير هذه الفكرة في علاقاتنا مع الدول الأوربية.

وتساءل عن الدور الغربي والأوروبي في مساعدة الأردن لحل مشكلة اللاجئين، انطلاقاً من أنّ الأردن تحمل العبء الأكبر مقارنة مع غيره من الدول وبخاصة أوروبا.

خليل: التنوير العربي

 

رأى رئيس تحرير وكالة شيما برس ناجح خليل أنّ فهم الواقع الراهن لعلاقة أوروبا بالعرب يتطلب منا أن نستقرىء التاريخ جيداً، فهناك محطات تاريخية أهمها العلاقة مع حضارة قرطاج التي كانت تتحكم في الملاحة بالبحر المتوسط لفترة طويلة بروما، مضيفاً أنه عندما كانت قرطاج في القمة كانت روما قرية صغيرة لا قيمة لها، لكنّ روما استطاعت بطريقة القراصنة الاستيلاء على أحد السفن القرطاجية، ومن ثمّ بناء أسطول لمهاجمة قرطاج.

ولفت إلى الأثر الذي أحدثته الأندلس بثقافتها وحضارتها وقيمتها في أوروبا، حين كانت تشع تنويراً لدى الأوروبيين.

كما أشار إلى ما أحدثته الحروب الصليبية من نتائج على المنطقة العربية، فمن المعلوم أنهم جاءوا بدعوى أن هناك أيديولوجيا دينية يحاولون خدمتها، ليتضح أن القضية لها علاقة بالنفوذ والتجارة ونهب خيرات الشرق العربي.

وأكد خليل أنّ هذه محطات لا تغطي تاريخية العلاقة بين العرب والأوروبيين، مضيفاً أننا لو أسقطنا هذا الواقع على ما نعيشه الآن في المنطقة العربية برؤيتنا للأوروبيين ورؤيتهم لنا لاكتشفنا أن الرؤية الأوروبية لنا ذات طابع فوقي، فهم ينظرون للعالم العربي والشرق بشكل عام وكأنه ملحق بالحضارة حديثاً، ويتناسون الحضارة الاسلامية والدول التي بُنيت في هذه المنطقة واستطاعت أن تشع في العالم كله.

وأضاف أنهم وحتى عندما أقاموا علاقات سياسية معنا أقاموها بمنطق وعد بلفور وسايكس بيكو فتجاهلوا سياسيينا وحضارتنا وديننا ومصالحنا التي ألحقت بمصالحهم.

ولفت خليل إلى أننا حتى هذه اللحظة لم نرَ أية تجربة أوروبية تحاول أن تقيم علاقة متكافئة مع الطرف العربي، فالرؤى دائماً فوقية، مضيفاً أننا نستطيع تغيير هذه النظرة عبر تغيير لغتنا في التعامل معهم، إذ يجب أن يفهموا أنّ هناك تاريخاً يربطنا بأوروبا وبدأنا فيه بالإشعاع عندما كانت أوروبا مظلمة، وبالتالي يجب عليهم عندما يريدون أن يشعّوا في العالم العربي أن يحترموا مصالح هذا العالم وواقعه الاقتصادي والسياسي والديني.

وأضاف أننا لو استقرأنا الإرهاب لاكتشفنا أن هناك أيدي غربية تلعب بهذا الموضوع بما يخدم مصالحها، وأنه أيضاً ببعض جوانبه يصب في المصالح الأوروبية والأميركية، مؤكداً أنّ علينا أن نتغير في نظرتنا للأوروبيين حتى نسهم بتغيير نظرتهم لنا، فالالتحاق بهم لا يعطي إلا نتائج سلبية، كما أنّ علينا أن نُعلِمهم ونوضح لهم أن مصالحنا تأتي أولاً ثم بعد ذلك تأتي مصالحهم.

حمزة: الاقتصاد الصعب

 

أشار الوزير الأسبق الكاتب الدكتور زيد حمزة إلى قرارات مؤتمر لندن للدول المانحة بدعم الأردن لتشغيل عدد معين من اللاجئين السوريين، مؤكداً أن علاقاتنا بأوروبا تبلورت عن هذا الوضع العملي الذي نواجهه.

وتحدث عن الوضع الأردني الصعب أمام مشكلة تشغيل اللاجئين السوريين، بين مقدرتهم على الإنتاج من جهة وتشغيل الأردنيين، ناقلاً وجهة النظر الأوروبيّة أو الدول المانحة باستثمارهم في موضوع التنمية والإنتاج في الأردن. كما نقل حمزة وجهة النظر التي تتخوّف من التوطين وتبعاته.

مؤتمر لندن

 

قال فالح الطويل إن ما فهمناه من المبادرة الأردنية لمؤتمر لندن هو أن الأردن لا يستطيع رسمياً أن يتحمل هذا العدد من اللاجئين الذي يتوقع أن يستمر وجوده لـ 17 سنة قادمة، مضيفاً أن المطلوب من الدول المانحة المساعدة لكي يتحمل الشعب الأردني جزءاً من هذه المسؤولية مع الإدارة الرسمية، وذلك عبر القيام بالمشاريع المشتركة الإنمائية والصناعية والزراعية والخدمية التكنولوجية لتحمل هؤلاء اللاجئين مع شرط واحد، وهو أنّ هذا العدد لن تستطيع الأردن تحمله ما لم تكتمل هذه المشاريع وبسرعة.

الشقران: تحديات الهجرة

 

رأى رئيس مركز «الرأي» للدراسات الدكتور خالد الشقران أنه وفي ضوء العلاقة التاريخية بين الشمال والجنوب كانت ثمة مشكلة واضحة في موضوع المقاربة مقابل الهجرة التي خرجوا بها حتى يخففوا من الهجرة بين الجنوب والشمال عبر دعم عمليات التنمية في دول العالم الثالث وتحديداً في الجنوب.

وأضاف أننا اليوم نتحدث عن ثلاثية في العلاقة العربية-الأوروبية (الهجرة، التنمية والتطرف)، مشيراً إلى أنّ أوروبا لديها تخوفاتها أمام مصالحها وحماية شعوبها، وبالمقابل فنحن في الشرق أو في الجنوب لدينا تحديات تتعلق بموجات الهجرة وضعف عمليات التنمية أو عدم اكتمال عملياتها في بلدان العالم الثالث وتحديداً في المنطقة العربية، بالرغم من الطفرة النفطية التي مرت علينا لأكثر من خمسين عاماً ولم نستطع أن نوظفها بحيث تنعكس على البنى التنموية وعلى الناس في منطقة الشرق الأوسط.

وأشار الشقران إلى أنه وفي ضوء هذا الواقع فإن أوروبا تبحث عن حل لتخفيف موجات الهجرة وكذلك تخفيف مدى المخاطر المتعلقة بالإرهاب، مؤكداً أنها وهي تفكر في هذا الموضوع وتضعه في دائرة اهتمامها، فإنّ بعض دول منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها الأردن متعاون مع الأطراف كافة، كما أنّه في مقدمة الدول التي تحارب الإرهاب.

وفي ما يتعلق بموضوع اللاجئين، قال إنّ الأردن يمكنه أن يساعد ويسهم في تخفيف تدفق اللاجئين إلى أوروبا، لكنه بالمقابل لديه مشكلة في عملية التنمية، مشيراً إلى أن جلالة الملك خلال زياراته العديدة طرح فكرة الاستثمارات بالمشروعات الكبرى والاستثمارات المدعومة من دول أوروبا على تنوعها وبشكل محدد عن Mega Project والتي هي مناطق في الشمال والجنوب تهدف إلى خلق فرص عمل سواء لسوريين أو أردنيين، وتولّد في النهاية صناعات صغيرة تدخل في هذه المشروعات الكبرى.

العدو المشترك

 

قال خالد عبيدات إنّ العلاقة العربية - الأوروبية يمكن وضعها الآن تحت إطار مكافحة ومواجهة الإرهاب، حيث أنّ كل ما هو تاريخي الآن يصب في هذا الإطار، مضيفاً أن على كلا الطرفين أن ينسيا ما كان فيه بعض بذور الخلاف والصراع، مؤكداً أن بيننا جميعاً عدواً مشتركاً هو الإرهاب، وإن لم نتغلب عليه معاً فالخطر سيحيط بجميع الأطراف.

الخطاب الإعلامي

 

أكّد الدكتور ياسين الرواشدة قناعته بأنّ هناك أرضية وعوامل وهموماً مشتركة أوروبية عربية، وبخاصة في ما يتعلق بالإرهاب اليوم ، فالأوروبي الآن يشعر أن هذا اللاجىء الذي يأتي إليه ربما يشكل لديه مشكلة اقتصادية واجتماعية وأمنية.

كما ناقش فرصة الأردن في أن يكون شريكاً سياسياً جدياً ومقبولاً أوروبياً، وفي الوقت نفسه يعالج القضايا والمشكلات الداخلية التنموية في الأردن.

وأوضح الرواشدة أنه من خلال اتصالاته اليومي مع الجهات الأوروبية وسفره ولقاءاته مع المسؤولين الأوروبيين وجد أن العالم العربي مقصر بعلاقاته، فهناك نخب سياسية لا تتكلم، في حين أن الحديث في أوروبا مجاله واسع، مشيراً إلى أنه لم يلتقِ مع شخص أوروبي إلا وتحدث معه عن القضية الفلسطينية وأقنعه بها لأنها قضية سهلة والحجة فيها قوية.

وأكد أننا مقصرون في هذا الجانب إذ لا يوجد خطاب إعلامي، فنحن نخاطب أنفسنا ونضع مشاكلنا على الآخر، ولا نتحدث بلغة صحيحة، ولا نصل للأوروبي الذي هو مهم في العالم لنتحدث إليه.

وأشار الرواشدة إلى عدم وجود خطاب عربي موحد، أو موقف عربي موحد، كما أنه لا توجد جامعة عربية، مضيفاً أن الدولة الأردنية واجهة صحيحة صادقة وناصعة تمثل الوجه العربي الصحيح، ولكنها مع البنية التحتية الدبلوماسية ربما لا تستطيع أن تغطي هذه الجوانب كافة.

ودعا إلى عدم النظر إلى أوروبا من خلال الماضي والحروب الصليبية، فهذا ماضٍ لا نستطيع تغييره، بل يجب علينا أن نتجه إليهم على أنهم شريك لنا ويجب أن يسهم بهذه الشراكة، وأنه يجب أن يقدم جزءاً من رأس المال، إذ لا تتم الشراكة إن لم تكن مصالح الطرفين متساوية ومعترف بها.